المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(39) - (1402) - باب فضل الذكر - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كِتَابُ الأدب

- ‌(1) - (1364) - بَابُ الْمُصَافَحَةِ

- ‌فائدة في بيان أن السنة في المصافحة أن تكون باليد الواحدة

- ‌(2) - (1365) - بَابُ الرَّجُلِ يُقَبِّلُ يَدَ الرَّجُلِ

- ‌فائدة

- ‌(3) - (1366) - بَابُ الاسْتِئْذَانِ

- ‌(4) - (1367) - بَابُ الرَّجُلِ يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ

- ‌(5) - (1368) - بَابٌ: إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ .. فَأَكْرِمُوهُ

- ‌(6) - (1369) - بَابُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ

- ‌(7) - (1370) - بَابُ إِكْرَامِ الرَّجُلِ جَلِيسَهُ

- ‌(8) - (1371) - بَابُ: مَنْ قَامَ عَنْ مَجْلِسٍ فَرَجَعَ .. فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ

- ‌(9) - (1372) - بَابُ الْمَعَاذِيرِ

- ‌(10) - (1373) - بَابُ الْمِزَاحِ

- ‌فائدة مستلحقة

- ‌(11) - (1374) - بَابُ نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌(12) - (1375) - بَابُ الْجُلُوسِ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ

- ‌(13) - (1376) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الاضْطِجَاعِ عَلَى الْوَجْهِ

- ‌(14) - (1377) - بَابُ تَعَلُّمِ النُّجُومِ

- ‌(15) - (1378) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الرِّيحِ

- ‌(16) - (1379) - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْأَسْمَاءِ

- ‌(17) - (1380) - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ

- ‌(18) - (1381) - بَابُ تَغْيِيرِ الْأَسْمَاءِ

- ‌(19) - (1382) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ اسْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكُنْيَتِهِ

- ‌فائدةٌ مُذَيَّلَةٌ

- ‌(20) - (1383) - بَابُ الرَّجُلِ يُكَنَّى قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ

- ‌تنبيه

- ‌(21) - (1384) - بَابُ الْأَلْقَابِ

- ‌(22) - (1385) - بَابُ الْمَدْحِ

- ‌(23) - (1386) - بَابٌ: الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ

- ‌(24) - (1387) - بَابُ دُخُولِ الْحَمَّامِ

- ‌(25) - (1388) - بَابُ الاطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ

- ‌(26) - (1389) - بَابُ الْقَصَصِ

- ‌(27) - (1390) - بَابُ الشِّعْرِ

- ‌(28) - (1391) - بَابُ مَا كُرِهَ مِنَ الشِّعْرِ

- ‌(29) - (1392) - بَابُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ

- ‌(30) - (1393) - بَابُ اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ

- ‌(31) - (1394) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْوَحْدَةِ

- ‌(32) - (1395) - بَابُ إِطْفَاءِ النَّارِ عِنْدَ الْمَبِيتِ

- ‌فائدة

- ‌(33) - (1396) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النُّزُولِ عَلَى الطَّرِيقِ

- ‌(34) - (1397) - بَابُ رُكُوبِ ثَلَاثَةٍ عَلَي دَابَّةٍ

- ‌(35) - (1398) - بَابُ تَتْرِيبِ الكِتَابِ

- ‌(36) - (1399) - بَابٌ: لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ

- ‌(37) - (1400) - بَابٌ: مَنْ كَانَ مَعَهُ سِهَامٌ .. فَلْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا

- ‌(38) - (1401) - بَابُ ثَوَابِ الْقُرآنِ

- ‌(39) - (1402) - بَابُ فَضْلِ الذِّكْرِ

- ‌(40) - (1403) - بَابُ فَضْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

- ‌(41) - (1404) - بَابُ فَضْلِ الْحَامِدِينَ

- ‌(42) - (1405) - بَابُ فَضْلِ التَّسْبِيحِ

- ‌(43) - (1406) - بَابُ الاسْتِغْفَارِ

- ‌(44) - (1407) - بَابُ فَضْلِ الْعَمَلِ

- ‌(45) - (1408) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ

- ‌كتابُ الدُّعاء

- ‌(46) - (1409) - بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ

- ‌(47) - (1410) - بَابُ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(48) - (1411) - بَابُ مَا تَعَوَّذَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌(39) - (1402) - باب فضل الذكر

(39) - (1402) - بَابُ فَضْلِ الذِّكْرِ

(89)

- 3733 - (1) حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ،

===

(39)

- (1402) - (باب فضل الذكر)

(89)

- 3733 - (1)(حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب) المدني نزيل مكة، صدوق ربما وهم، من العاشرة، مات سنة أربعين أو إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن) بن الحارث بن عبد الله بن عياش - بتحتانية ومعجمة - ابن أبي ربيعة المخزومي أبو هشام المدني، صدوق فقيه كان يهم، من الثامنة، مات سنة ست أو ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه (خ د س ق).

(عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند) الفزاري مولاهم أبي بكر المدني، صدوق ربما وهم، من السادسة، مات في سنة بضع وأربعين ومئة (143 هـ)، وقيل: عاش بعد ذلك. يروي عنه: (ع).

(عن زياد بن أبي زياد) ميسرة المخزومي المدني (مولى) عبد الله (بن عياش) بن أبي ربيعة، قدم دمشق، ثقة عابد، من الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين ومئة (135 هـ). يروي عنه:(م ت ق).

(عن أبي بحرية) - بفتح الموحدة وسكون المهملة وتشديد التحتانية - عبد الله بن قيس الكندي السكوني التراغمي - بمثناة ثم معجمة - حمصي مشهور بكنيته مخضرم، ثقة، من الثانية، مات سنة سبع وسبعين (77 هـ). يروي عنه:(عم).

ص: 256

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَرْضاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِق، وَمِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ "،

===

(عن أبي الدرداء) عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري مختلف في اسم أبيه، وأما هو .. فمشهور بكنيته، وقيل: اسمه عامر، وعويمر لقبه، الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، أول مشاهده أحد، وكان عابدًا، مات في أواخر خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه، وقيل: عاش بعد ذلك. يروي عنه: (ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا) حرف استفتاح وتنبيه؛ أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم أيتها الأمة (أنبئكم) وأخبركم (بخير أعمالكم) وأفضلها وأنفعها لكم في الدنيا والآخرة (وأرضاها) أي: أرضى أعمالكم وأحبها (عند مليككم) وخالقكم جل وعلا؛ أي: أكثرها أجرًا لكم عنده تعالى (وأرفعها) أي: أكثرها رفعًا لكم (في درجاتكم) عنده تعالى (و) بـ (خير) أعمال الكم) أي: وأخبركم بأعمال هي خير وأنفع لكم في الدنيا والآخرة (من إعطاء) وإنفاق (الذهب والورق) - بكسر الراء ويسكن - أي: الفضة في الخيرات (ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ ).

قال الطيبي: قوله: (وخير) مجرور عطفًا على (خير أعمالكم) من حيث المعنى؛ لأن المعنى: ألا أنبئكم بما هو خير لكم من بذل أموالكم وأنفسكم في سبيل الله. انتهى.

وقيل: عطف على (خير أعمالكم) عطف خاص على عام؛ لأن الأول خير

ص: 257

قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "ذِكْرُ اللهِ"،

===

الأعمال مطلقًا، وهذا خير من بذل الأنفس والأموال، أو عطف مغاير بأن يراد بالأعمال: الأعمال اللسانية، فيكون هذا من الأعمال الفعلية؛ لأن بذل الأموال والأنفس من الأعمال الفعلية.

(قالوا) أي: قال الحاضرون من أصحابه صلى الله عليه وسلم: (وما ذاك) أي: وما الذي هو خير لنا من أعمالنا (يا رسول الله؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك الذي هو خير لكم من جميع أعمالكم (ذكر الله) تعالى بأنواع الذكر تسبيحًا وتكبيرًا وتهليلًا، وإطلاق الذكر يشمل القليل والكثير مع المداومة وعدمها، قاله السندي.

قال شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام في "قواعده": هذا الحديث مما يدل على أن الثواب لا يترتب على قدر النصب في جميع العبادات، بل قد يأجر الله تعالى على قليل الأعمال أكثر مما يأجر على كثيرها، فإذًا يترتب الثواب على تفاوت الرتب في الشرف. انتهى.

وحديث أبي الدرداء هذا أخرجه أيضًا مالك في "الموطأ"، وأحمد في "المسند"، وابن ماجه، والحاكم في "المستدرك"، والطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وابن شاهين في "الترغيب في الذكر" كلهم من حديث أبي الدرداء، إلا أن مالكًا في "الموطأ" أوقفه عليه، وقد صححه الحاكم في "المستدرك". انتهى من "تحفة الأحوذي".

قال السندي: أحاديث أفضل الأعمال مختلفة، وقد ذكر العلماء في توفيقها وجوهًا؛ من جملتها: إن الاختلاف بالنظر إلى اختلاف أحوال المخاطبين؛ فمنهم من يكون الأفضل له الاشتغال بعمل، ومنهم من يكون الأفضل له الاشتغال بآخر، والله أعلم.

ص: 258

وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: مَا عَمِلَ امْرُؤٌ بِعَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ عز وجل مِنْ ذِكْرِ اللهِ.

===

(وقال معاذ بن جبل) بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه من أعيان الصحابة، شهد بدرًا وما بعدها، وكان إليه المنتهى في العلم بالأحكام والقرآن، مات بالشام سنة ثماني عشرة (18 هـ) ورفعه:(ما عمل امرؤ) مسلم (بعمل أنجى له من عذاب الله عز وجل من ذكر الله) تعالى.

(من (الأولى: صلة (أنجى) والثانية: تفضيلية.

اعلم: أن قوله: (قال معاذ بن جبل) متصل بما قبله؛ ففي "الموطأ": روى مالك عن زياد بن أبي زياد قال: قال أبو الدرداء: (ألا أخبركم بخير أعمالكم وأرفعها في درجاتكم

) إلى قوله: (قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى).

قال زياد بن أبي زياد: وقال أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل: (ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله).

وروى أحمد والبيهقي وابن عبد البر قول معاذ هذا مرفوعًا. انتهى من "التحفة".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي مرفوعًا في كتاب الدعوات، باب منه رقم (6)، ومالك في كتاب القرآن (7)، باب ما جاء في ذكر الله تعالى.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ص: 259

(90)

- 3734 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ يَشْهَدَانِ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

===

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي الدرداء بحديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فقال:

(90)

- 3734 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الكوفي أبو زكريا، مولى بني أمية، ثقة حافظ فاضل، من كبار التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عمار بن رزيق) - بتقديم الراء على الزاي مصغرًا - الضبي أو التميمي أبي الأحوص الكوفي، لا بأس به، من الثامنة، مات سنة تسع وخمسين ومئة (159 هـ). يروي عنه:(م د س ق).

(عن أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله الهمداني، ثقة مكثر عابد، من الثالثة، اختلط بأخرة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن الأغر أبي مسلم) الخدري المدني نزيل الكوفة، ثقة، من الثالثة، وهو غير سلمان الذي يكنى أبا عبد الله، وقد قلبه الطبراني، وقال: اسمه مسلم، ويكنى أبا عبد الله. يروي عنه:(م عم).

(عن أبي هريرة وأبي سعيد) الخدري رضي الله تعالى عنهما، وهذا ظاهر على أنه سمعه منهما، قال ابن التن: أراد بهذا اللفظ: التأكيد للرواية. انتهى.

حالة كونهما (يشهدان به) أي: بهذا الحديث الآتي (على النبي صلى الله عليه وسلم أنه (قال): ما جلس

إلى آخره.

ص: 260

"مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا يَذْكُرُونَ اللهَ فِيهِ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ".

===

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

أي: يشهدان على أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ما جلس قوم) من المسلمين (مجلسًا) للذكر حالة كونهم (يذكرون الله) تعالى (فيه) أي: في ذلك المجلس بأي نوع من الذكر تسبيحًا كان أو غيره، قال في "المرقاة": إن أريد بالجلوس ضد القيام .. ففيه إشارة إلى أنه أحسن هيئات الذكر؛ لدلالته على جمعية الحواس الظاهرة والباطنة، وإن كان كناية عن الاستمرار .. ففيه إيماء إلى مداومة الأذكار.

وقال ابن حجر: التعبير به جريٌ على الغالب؛ كما هو ظاهر؛ لأن المقصود حبس النفس على ذكر الله تعالى مع الدخول في عداد الذاكرين؛ لتعود عليه بركةُ أنفاسِهم، ولَحْظِ إِيناسهم. انتهى.

فلا ينافيه قيامُه لطاعة؛ كطواف وزيارة وصلاة جنازة وطلب علم وسماع موعظة. انتهى.

(إلا حفتهم الملائكة) وأحاطت بهم (وغشيتهم الرحمة)، وفي نسخة:(وتغشتهم الرحمة) أي: غطتهم رحمة الله وإحسانه وإنعامه عليهم من كل الجهات (وتنزلت عليهم السكينة) أي: الوقار والطمأنينة بنور الإيمان؛ بسبب ذكرهم (وذكرهم الله) تعالى (فيمن عنده) من الملأ الأعلى والملائكة المقربين؛ أي: أثنى عليهم عندهم، وأظهر فضلهم بينهم.

وقوله أيضًا: "إلا حفت بهم الملائكة" أي: أحاطت بهم الملائكة الذين يطوفون في الطريق يلتمسون أهل الذكر.

ص: 261

(91)

- 3735 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ،

===

قوله: "ونزلت عليهم السكينة" أي: الطمأنينة والوقار؛ لقوله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (1)، ومنه قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} (2).

وقوله: "وذكرهم الله فيمن عنده" أي: ذكر الله تعالى مباهاةً وافتخارًا بهم بالثناء الجميل عليهم، وبوعد الجزاء الجزيل لهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في القوم يجلسون فيذكرون الله، وأحمد وأبو داوود الطيالسي وعبد بن حميد وأبو يعلى الموصلي وابن حبان وابن أبي شيبة.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي الدرداء بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(91)

- 3735 - (3)(حدثنا أبو بكر) ابن أبي شيبة، (حدثنا محمد بن مصعب) بن صدقة القرقساني - بقافين مضمومتين ومهملة - صدوق كثير الغلط، من صغار التاسعة، مات سنة ثمان ومئتين (208 هـ). يروي عنه:(ت ق)، قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: لا بأس به، وقال ابن قانع: ثقة.

(1) سورة الرعد: (28).

(2)

سورة الفتح: (4).

ص: 262

عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ الله، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ: أَنَا مَعَ عَبْدِي إِذَا هُوَ ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ".

===

(عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي أَبِي عمرو الفقيه الفاضل، ثقة ثبت إمام، من السابعة، مات سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن إسماعيل بن عبيد الله) بن أبي المهاجر، اسمه أقرم المخزومي مولاهم الدمشقي، أبي عبد الحميد، ثقة، من الرابعة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(عن أم الدرداء) زوج أبي الدرداء الصغرى، اسمها: هجيمة أو جهيمة بنت يحيى الأوصابية الدمشقية، وأما الكبرى .. فاسمها خيرة، لا رواية لها في الكتب الستة، ثقة فقيهة، من الثالثة، ماتت سنة إحدى وثمانين (81 هـ). يروي عنها:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه، (عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه محمد بن مصعب، وهو مختلف فيه.

(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي) أي: عونًا ونصرًا وتأييدًا وتوفيقًا وتحصيلًا لمرامه (إذا هو) أي: عبدي (ذكرني) بقلبه (وتحركت بي) أي: باسمي (شفثاه) أي: لسانه.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به.

ص: 263

(92)

- 3736 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَاب، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ

===

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي الدرداء بحديث عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(92)

- 3736 - (4)(حدثنا أبو بكر) ابن أبي شيبة، (حدثنا زيد بن الحباب) - بضم المهملة وموحدتين - أبو الحسن العكلي - بضم المهملة وسكون الكاف - الكوفي، صدوق يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(م عم).

(أخبرني معاوية بن صالح) بن حدير - بالمهملة مصغرًا - الحضرمي أبو عمرو الحمصي قاضي الأندلس، صدوق له أوهام، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل بعد السبعين. يروي عنه:(م عم).

(أخبرني عمرو بن قيس) بن ثور بن مازن (الكندي) أبو ثور الحمصي، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربعين ومئة (140 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن عبد الله بن بسر) - بضم الموحدة وسكون المهملة - المازني الصغير رضي الله تعالى عنه، ولأبيه صحبة رضي الله تعالى عنهما، مات سنة ثمان وثمانين (88 هـ)، وقيل: ست وتسعين (96 هـ) وله مئة سنة، وهو آخر من مات بالشام من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن أعرابيًّا) أي: رجلًا من سكان البوادي، ولم أر من ذكر اسمه (قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شرائع الإسلام)؛ أي: إن الأحكام المشروعة

ص: 264

قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ؛ أَتَشَبَّثُ بِهِ قَالَ:"لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ عز وجل".

===

في دين الإسلام من فرائضها وسننها (قد كثرت علي) فلا أقدر على الإتيان بكلها في أول الأمر.

قال الطيبي: الشريعة: الإبل المورودة على الماء الجاري؛ والمراد: ما شرع الله وأظهره لعباده من الفرائض والسنن. انتهى.

قال القاري: الظاهر أن المراد بها هنا: النوافل؛ لقوله: (قد كثرت علي) - بضم المثلثة وبفتح - أي: غلبت علي بالكثرة حتى عجزت عنها؛ لضعفي (فأنبئني) من الإنباء؛ أي: فأخبرني (منها بشيء) قال الطيبي: التنكير في قوله: (بشيء) للتقليل المتضمن لمعنى التعظيم؛ كقوله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} (1).

ومعناه: أخبرني بشيء يسير، مستجلب لثواب كثير، قال القاري: والأظهر أن التنوين لمجرد التنكير. انتهى.

قلت: بل الأظهر هو ما قال الطيبي، فتأمل.

(أتشبث به) من التشبث - بالشين المعجمة بعد التاء والثاء المثلثة أخيرًا - أي: أتعلق به واستمسك، ولم يرد: أنه يترك شرائع الإسلام رأسًا، بل طلب ما يتشبث به - بالشين المعجمة - بعد الفرائض من سائر ما لم يفترض عليه، قاله الطيبي.

فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الأعرابي: الذي ينبغي لك التشبث به هو أنه (لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله عز وجل أي: طريًا مُشْغَلًا قريب العهد منه، وهو كناية عن المداومة على الذكر.

(1) سورة التوبة: (72).

ص: 265

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في فضل الذكر، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وابن حبان في "الموارد" في كتاب الأذكار، باب فضل الذكر والذاكرين، والحاكم في "المستدرك" في كتاب الدعاء والتكبير والتهليل، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي في "التلخيص"، وأحمد والبيهقي في "الكبرى"، وغيرهم.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 266