المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(48) - (1411) - باب ما تعوذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كِتَابُ الأدب

- ‌(1) - (1364) - بَابُ الْمُصَافَحَةِ

- ‌فائدة في بيان أن السنة في المصافحة أن تكون باليد الواحدة

- ‌(2) - (1365) - بَابُ الرَّجُلِ يُقَبِّلُ يَدَ الرَّجُلِ

- ‌فائدة

- ‌(3) - (1366) - بَابُ الاسْتِئْذَانِ

- ‌(4) - (1367) - بَابُ الرَّجُلِ يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ

- ‌(5) - (1368) - بَابٌ: إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ .. فَأَكْرِمُوهُ

- ‌(6) - (1369) - بَابُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ

- ‌(7) - (1370) - بَابُ إِكْرَامِ الرَّجُلِ جَلِيسَهُ

- ‌(8) - (1371) - بَابُ: مَنْ قَامَ عَنْ مَجْلِسٍ فَرَجَعَ .. فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ

- ‌(9) - (1372) - بَابُ الْمَعَاذِيرِ

- ‌(10) - (1373) - بَابُ الْمِزَاحِ

- ‌فائدة مستلحقة

- ‌(11) - (1374) - بَابُ نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌(12) - (1375) - بَابُ الْجُلُوسِ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ

- ‌(13) - (1376) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الاضْطِجَاعِ عَلَى الْوَجْهِ

- ‌(14) - (1377) - بَابُ تَعَلُّمِ النُّجُومِ

- ‌(15) - (1378) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الرِّيحِ

- ‌(16) - (1379) - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْأَسْمَاءِ

- ‌(17) - (1380) - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ

- ‌(18) - (1381) - بَابُ تَغْيِيرِ الْأَسْمَاءِ

- ‌(19) - (1382) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ اسْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكُنْيَتِهِ

- ‌فائدةٌ مُذَيَّلَةٌ

- ‌(20) - (1383) - بَابُ الرَّجُلِ يُكَنَّى قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ

- ‌تنبيه

- ‌(21) - (1384) - بَابُ الْأَلْقَابِ

- ‌(22) - (1385) - بَابُ الْمَدْحِ

- ‌(23) - (1386) - بَابٌ: الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ

- ‌(24) - (1387) - بَابُ دُخُولِ الْحَمَّامِ

- ‌(25) - (1388) - بَابُ الاطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ

- ‌(26) - (1389) - بَابُ الْقَصَصِ

- ‌(27) - (1390) - بَابُ الشِّعْرِ

- ‌(28) - (1391) - بَابُ مَا كُرِهَ مِنَ الشِّعْرِ

- ‌(29) - (1392) - بَابُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ

- ‌(30) - (1393) - بَابُ اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ

- ‌(31) - (1394) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْوَحْدَةِ

- ‌(32) - (1395) - بَابُ إِطْفَاءِ النَّارِ عِنْدَ الْمَبِيتِ

- ‌فائدة

- ‌(33) - (1396) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النُّزُولِ عَلَى الطَّرِيقِ

- ‌(34) - (1397) - بَابُ رُكُوبِ ثَلَاثَةٍ عَلَي دَابَّةٍ

- ‌(35) - (1398) - بَابُ تَتْرِيبِ الكِتَابِ

- ‌(36) - (1399) - بَابٌ: لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ

- ‌(37) - (1400) - بَابٌ: مَنْ كَانَ مَعَهُ سِهَامٌ .. فَلْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا

- ‌(38) - (1401) - بَابُ ثَوَابِ الْقُرآنِ

- ‌(39) - (1402) - بَابُ فَضْلِ الذِّكْرِ

- ‌(40) - (1403) - بَابُ فَضْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

- ‌(41) - (1404) - بَابُ فَضْلِ الْحَامِدِينَ

- ‌(42) - (1405) - بَابُ فَضْلِ التَّسْبِيحِ

- ‌(43) - (1406) - بَابُ الاسْتِغْفَارِ

- ‌(44) - (1407) - بَابُ فَضْلِ الْعَمَلِ

- ‌(45) - (1408) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ

- ‌كتابُ الدُّعاء

- ‌(46) - (1409) - بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ

- ‌(47) - (1410) - بَابُ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(48) - (1411) - بَابُ مَا تَعَوَّذَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌(48) - (1411) - باب ما تعوذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

(48) - (1411) - بَابُ مَا تَعَوَّذَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(137)

- 3781 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ:

===

(48)

- (1411) - (باب ما تعوذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

(137)

- 3781 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة حافظ، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).

(ح وحدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع)، (جميعًا) أي: حالة كون كل من ابن نمير ووكيع مجتمعين على الرواية.

(عن هشام بن عروة) بن الزبير الأسدي المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) عروة بن الزبير، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذان السندانِ من خماسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات) أي: بهذه

ص: 385

"اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّار، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْر، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْر،

===

الدعوات الآتية المذكورة بقوله: (اللهم؛ إني أعوذ) أي: أتحصن (بك) أي: بعصمتك (من فتنة النار) قال القرطبي: (فتنة النار): الضلال الموصل إليها، وقال القسطلاني:(فتنة النار): سؤالُ الخزنة؛ أي: خزنة السؤال، على سبيل التوبيخ.

(وعذاب النار) أي: العقوبة فيها والتعذيب بها (ومن فتنة القبر) هي الضلال والخطأ عن الصواب في إجابة سؤال الملكين فيه؛ وهما منكر ونكير.

(و) من (عذاب القبر) وهو ضربُ من لم يوفَّق بالجواب الصحيح بمطارق الحديد، وتعذيبُه إلى يوم القيامة.

(ومن شر فتنة الغنى) هي الحرصُ على جمعِ المال وحَبْسِه حتى يكتسبه من غير حِلِّه، ويمنعه من واجبات إنفاقه وحقوقه، قال الأبي: جمعه من حله ليس بفتنة، وفي "المدارك": عن يحيى بن يحيى: جمع الدنيا من وجهها من الزهد فيها.

وفي "جامع المقدمات": ذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا زهد في الحلال، وإنما الزهد في الحرام؛ لأن العباد لم يؤمروا بالزهد فيما أحل لهم، بل يثابون على كسبه إذا تورعوا في كسبه. انتهى منه.

(و) من (شر فتنة الفقر) هي ألا يصحبه صبر ولا ورع؛ حتى يقع فيما لا يليق بأهل الدين والمروءة. انتهى "سنوسي".

قال القرطبي: يعني به: الفقر المُدْقِعُ الذي لا يصحبه صَبْرٌ ولا وَرَع حتى يتورَّطَ صاحبُه بسببه فيما لا يليق بأهل الأديان ولا بأهل المروءات، حتى لا يبالي بسبب فاقته على أي حرامٍ وَثَبَ، ولا في أي ركاكةٍ تَورَّط، وقيل: المُرادُ به: فقْر

ص: 386

وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال، اللَّهُمَّ؛ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَد،

===

النفس الذي لا يَردُّهُ مُلْكُ الدنيا بحذافيرها، وليس في شيء من هذه الأحاديث ما يَدُلُّ على أنَّ الغنى أفضلُ من الفقر، ولا أن الفقر أفضل من الغنى، لأنَّ الغنى والفقر المذكورين هنا مذمومان باتفاق العقلاء. انتهى من "المفهم".

قال النووي: قوله: "من شر فتنة الغنى، ومن شر فتنة الفقر" لأنهما حالتان تخشى الفتنة فيهما بالتسخُّطِ وقلة الصبر والوقوع في حرام أو شبهةٍ للحاجة.

ويخاف من الغنى: الأَشر والبَطر والبخل بحقوق المال، أو إنفاقُه في إسراف أو في باطل أو في مفاخر. انتهى.

(و) أعوذ بك (من شر فتنة المسيح الدجال) لأنه كان يَفْتِن الناسَ بالدعوة إلى الإقرار بألوهيته، ويعذب مَن أنكرها أو يقتله؛ كما سيأتي في بابه.

وإنما لُقِب الدجال بالمسيح؛ لأنه ممسوح العين، وقيل: لأن أحد شِقَّي وجهِه خلق ممسوحًا لا عين فيه ولا حاجب، وقيل: لأنه يمسح الأرض إذا خرج.

وأما عيسى عليه السلام .. فقد سمي بذلك، لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ، وقيل: لأنه خرج من بطن أمه ممسوحًا بالدهن، وقيل: لأن زكريا عليه السلام مسحه، وقيل: لأنه كان يمسح الأرض بسياحته، وقيل: لأن رجله كانت لا أخمص لها، وقيل: للبسه المُسوح، وقيل: هو بالعبرانية: ما شيخا، فعُزِبَ إلى المسيح.

(اللهم؛ اغسل) عني (خطاياي) وذنوبي (بماء الثلج) والثلج: الماء الذي تجمَّد لشدة برودته، قال العسقلاني: كأنه جعل الخطايا بمنزلة جهنم؛ لكونها مسببة عنها، فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل، وبالغ فيه باستعمال المياه الباردة غاية البرودة (و) بماء (البَرَدِ) - بفتحتين - حُبوب الغمام التي تنزل من السماء مع المطر، لأنه أنقى المياه أوساخًا.

ص: 387

وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَس، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِب، اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ".

===

(ونق قلبي من الخطايا) والذنوب (كما نقيت) وصفيت (الثوب الأبيض من الدنس) أي: من الوسخ؛ والمعنى: ونق قلبي من الخطايا الباطنية؛ وهي الأخلاق الذميمة والشمائل الرديئة.

قوله: (ونق) - بفتح النون وتشديد القاف - أمر من التنقية؛ من باب زكى وصلى.

(كما نقيت) بصيغة المعلوم المسند إلى المخاطب؛ أي: كما نقيت وصفيت (الثوب الأبيض) - بفتح المثناة الفوقية - وهو تأكيد للسابق، ومجاز عن إزالة الذنوب ومحو أثرها.

(وباعد) يا رب (بيني وبين خطاياي) وذنوبي، جمع خطيئة؛ أي: أبعد بيني وبينها (كما باعدت) أي: كتبعيدك (بين المشرق والمغرب) أي: حُلْ واحْجُزْ بيني وبينها حتى لا يبقى لها اقتراب مني بالكلية (اللهم؛ إني أعوذ بك من الكسل) وهو الفتور عن الشيء مع القدرة على عمله، إيثارًا لراحة البدن على التعب. انتهى "قسطلاني".

قال القرطبي: والكسل المتعوذ منه هو التكاسل عن الطاعات، وعن السعي في تحصيل المصالح الدينية والدنيوية.

(والهرم): وهو الزيادةُ في كبر السن، المُؤدِّيةُ إلى ضَعْف الأعضاء (و) من (المأثم) أي: من الإثم والذنب؛ والمراد به: مَا يوجب الإثم (و) من (المغرم) أي: الدين فيما لا يجوز.

قال القرطبي: والهرم المتعوذ منه هو المعبَّرُ عنه في الحديث الآخر بـ (أرذل

ص: 388

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

العمر) وهو ضعف القوى واختلال الحواس والعقل الذي يعود الكبير بسببه إلى أسوأ من حال الصغير، وهو الذي قال الله تعالى فيه:{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68)} (1).

قال النووي: والمراد بالاستعاذة من الهرم: الاستعاذة من الرد إلى أرذل العمر، وسبب ذلك ما فيه من الخرف واختلال العقل والحواس والضبط والفهم، وتشويه بعض المنظر منه، والعجز عن كثير من الطاعات والتساهل في بعضها. انتهى.

(و) أعوذ بك من (المأثم) أي: الإثم والذنب؛ والمراد: ما يوجب الذنب (والمغرم) أي: الدين فيما لا يحل؛ كشرب الدخان والخمر (والمأثم) - بفتح الميم والمثلثة بينهما همزة ساكنة - مصدر ميمي، وكذا (المغرم) مصدر بمعنى الغرم، وأما استعاذته صلى الله عليه وسلم من الغرم؛ وهو الدين .. فقد فسره صلى الله عليه وسلم في أحاديث "مسلم": أن الرجل إذا غرم .. حدث فكذب ووعد فأخلف، ولأنه قد يمطل المدين صاحب الدين، ولأنه قد يشتغل قلبه، وربما مات قبل وفائه فبقيت ذمته مرتهنة به. انتهى "نووي".

والمراد به: ما يستدان فيما لا يجوز وفيما يجوز ثم يعجز عن أدائه، ويحتمل أن يراد به: ما هو أعم من ذلك، وزاد البخاري في آخر هذا الحديث: فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم! فقال: "إن الرجل إذا غرم .. حدث فكذب، ووعد فأخلف". انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب الدعوات والتعوذ، وأخرجه البخاري من حديث علي رضي الله عنه في كتاب الدعوات، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب في الاستعاذة، والترمذي في

(1) سورة يس: (68).

ص: 389

(138)

- 3782 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ

===

كتاب الدعوات، باب رقم (87)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الطهارة، باب الغسل، وكتاب الغسل، وكتاب الافتتاح، وأحمد والدارمي.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث آخر لها رضي الله تعالى عنها، فقال:

(138)

- 3782 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي - بسكون الواو - أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، من الثامنة، مات سنة اثنتين وتسعين ومئة (192 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن حصين) بن عبد الرحمن السلمي أبي الهذيل الكوفي، ثقة تغير حفظه في الآخر، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ) وله ثلاث وتسعون سنة. يروي عنه:(ع).

(عن هلال) بن يِسَافٍ - بكسر التحتانية ثم مهملة ثم فاء - ويقال: ابنُ إِسَافٍ الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(م عم).

(عن فروة بن نوفل) الأشجعي الكوفي مختلف في صحبته، والصواب: أن الصحبة لأبيه، ثقة، من الثالثة، مات قبل المئة في خلافة معاوية. يروي عنه:(م عم).

ص: 390

قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ دُعَاءٍ كَانَ يَدْعُو بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ".

===

(قال) فروة: (سألْتُ عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة، لأن رجاله ثقات أثبات.

أي: قال فروة: سألت عائشة (عن دعاء كان يدعو به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم دائمًا (فقالت) عائشة في جواب سؤالي: (كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا (يقول) في دعائه لربه: (اللهم؛ إني أعوذ بك من) ضرر (شر ما عملْتُـ) ـهُ بيدي من الأعمال الصالحة؛ بأن أدخل فيها ما يحبط ثوابها؛ كالعجب والرياء والسمعة والمحمدة، فيعاقب عليه مع كونه عملًا صالحًا؛ لأنه شرك باطني (ومن شر ما لم أَعْمَلْ) أنا بنفسي وعَمِلَ غيري من المعاصي، قال تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (1). انتهى "مناوي".

ويحتمل أن يكون المراد منه: ترك العمل فيما كُلِّف فيه بالعمل، وهذا يمكن في حقه صلى الله عليه وسلم بالسهو أو النسيان؛ كما وقع منه صلى الله عليه وسلم في الصلاة عِدَّةَ مرات، ويمكن في حق غيره بالعمد والقصد أيضًا، ويمكن أن يكون مراد الدعاء: التعوذ من عمل مباح قصد به الخير، وكان في الباطن شرًا؛ والمراد من قوله صلى الله عليه وسلم:"ما لم أعمل" أي: ما لم أقصد. انتهى "تكملة".

قال القرطبي: هذا الدعاء كقوله في الحديث الآخر: "اللهم؛ إني أعوذ بك من كل شر" غير أنه نبه في هذا على معنىً زائد، وهو أنه قد يعمل الإنسان

(1) سورة الأنفال: (25).

ص: 391

(139)

- 3783 - (3) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سُلَيْمٍ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الْخَرَّاطُ،

===

العمل لا يقصد به إلا الخير، ويكون في باطن أمره شر لا يعلمه، فاستعاذ منه ويؤيد هذا أنه قد روي في غير "كتاب مسلم":(من شر ما علمت وما لم أعلم) ويحتمل أنه يريد به: ما عمل غيره فيما يظن أنه يقتدى به فيه. انتهى من "المفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب في الاستعاذة، والنسائي في كتاب الصلاة، باب التعوذ في الصلاة.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديثها الأول.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(139)

- 3783 - (3)(حدثنا إبراهيم بن المنذر) بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي (الحزامي) بالزاي، صدوق تكلَّم فيه أحمدُ لأجل القرآن، من العاشرة، مات سنة ست وثلاثين ومئتين (236 هـ). يروي عنه:(خ ت س ق).

(حدثنا بكر بن سليم) - مصغرًا - الصَّوَّافُ أبو سليمان الطائفي، سكن المدينة، مقبول، من الثامنة. يروي عنه:(ق).

(حدثنا حميدٌ) - مصغرًا - ابن زياد أبو صخر بن أبي المخارق (الخرَّاطُ) صاحبُ العباء مدني سكن البصرة، ويقال: هو حميد بن أبي مودود الخراط،

ص: 392

عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ: "اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ،

===

وقيل: إنهما اثنان، صدوق يهم، من السادسة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(م د ت ق).

(عن كريب) بن أبي مسلم الهاشمي مولاهم المدني أبي رشدين (مولى ابن عباس) ثقة، من الثالثة، مات سنة ثمان وتسعين (98 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن، لأن فيه بكر بن سليم وحميد الخراط، وهما مختلف فيهما.

(قال) ابن عباس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا) معاشر الصحابة (هذا الدعاء) الآتي (كما يعلمنا السورة من القرآن) فردًا فردًا، وفي رواية مسلم هنا زيادة:(يقول: قولوا: اللهم) أي: حالة كونه يقول في تعليمه لهم: قولوا يا معشر المؤمنين في صلاتكم أو بعد الفراغ منها: (اللهم؛ إني أعوذ) وألوذ وألتجئ (بك من عذاب جهنم) قدمه؛ لأنه أشد وأبقى (وأعوذ بك من عذاب القبر) فيه: رد على المنكرين لذلك من المعتزلة، والأحاديث في الباب متواترة.

قال في "المرقاة": فيه إشارة إلى أنه لا مخلص من عذابها إلا بالالتجاء إلى بارئها. انتهى.

(وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال) أي: من محنته، وأصل المحنة:

ص: 393

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ".

===

الامتحان والاختبار، استعيرت؛ لكشف ما يكره، والدجال: فعال من الدجل؛ وهو التغطية، سمي به؛ لأنه يغطي الحق بباطله. انتهى من "شرح الإحياء".

فإن قلت: كيف استعاذ من فتنة الدجال مع تحقق عدم إدراكه؟

أجيب: بأن فائدته تعليم أمته؛ لينتشر خبره بين الأمة جيلًا بعد جيل؛ بأنه كذاب مبطل ساع على وجه الأرض بالفساد؛ حتى لا يلتبس كفره عند خروجه على من أدركه. انتهى "قسطلاني".

(وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) مفعل من الحياة والموت، ويحتمل: إرادة زمنهما؛ لأن ما كان معتل العين من الثلاثي .. يأتي منه المصدر والزمان والمكان بلفظ واحد.

قال ابن دقيق: فتنة المحيا: ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأعظمها - والعياذ بالله تعالى - سوء الخاتمة عند الموت، وفتنة الممات يجوز أن يراد بها: الفتنة عند الموت، أضيفت إليه؛ لقربها منه، ويكون المراد على هذا بـ (فتنة المحيا): ما قبل ذلك.

ويجوز أن يراد: فتنة القبر، وقد صح أنهم يفتنون في قبورهم، وقيل: أراد بـ (فتنة المحيا): الابتلاء مع زوال الصبر والرضا بالقدر، وترك متابعة طريق الهدى، وبـ (فتنة الممات): السؤال في القبر مع الحيرة، كذا في "الفتح".

وقيل: شدة سكراته، وقيل: هي سوء الخاتمة، ولم يعين في هذا الحديث موضع هذا الدعاء، ولكن ذكره في حديث أبي هريرة المذكور في "الصحيحين" بلفظ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تشهد أحدكم .. فليستعذ بالله من أربع؛ يقول: اللهم؛ إني أعوذ بك من عذاب جهنم

" الحديث؛ أي: إذا فرغ أحدكم من التشهد في آخر صلاته مع ما

ص: 394

(140)

- 3784 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ،

===

بعده من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله .. فليستعذ من أربع أمور

إلى آخره.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الاستعاذة لكن بسند صحيح، فقال: عن أبي الزبير عن طاووس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب ما يقول بعد التشهد، لكن بسند صحيح أيضًا، فقال: عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس، والترمذي في كتاب الدعوات، باب رقم (77)، والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء بعد الذكر، ومالك، وأحمد.

ودرجته: أنه صحيح وإن كان سنده عند المؤلف حسنًا؛ لأن له شواهد رويت بأسانيد صحيحة، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عائشة الأول بحديث آخر لها رضي الله تعالى عنها، فقال:

(140)

- 3784 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي الهاشمي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري أبو عثمان المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن يحيى بن حبان) - بفتح المهملة وتشديد الموحدة -

ص: 395

عَنِ الْأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ فِرَاشِه، فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ

===

ابن منقذ الأنصاري المدني، ثقة فقيه، من الرابعة، مات سنة إحدى وعشرين ومئة (121 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة، عن عائشة) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قالت) عائشة: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة) أي: ليلة من الليالي، فلفظ:(ذات) مقحم، أو في ذات هي ليلة من الليالي، وذكرها لتأكيد الكلام (من فراشه) أي: من مرقده الذي كان ينام فيه.

وفي "العون": قوله: (فقدت) ضد صادفت؛ أي: طلبته فما وجدت (فالتمسته) أي: طلبته بيدي في نواحي مرقدي والحجرة يومئذ ظلام (فوقعت يدي) بالإفراد (على بطن قدميه) ولمستهما، قال المازري: قال قوم: لا ينقض اللمس؛ أي: لمس بشرتي الرجل والمرأة الوضوء، وحملوا اللمس في آية الوُضُوءِ على الجماع، وقال قوم: ينقض، وحملوا الآية على أنه باليد، ثم اختلف هؤلاء: فقال الشافعي: ينقض وإن لم يلتذ، وقال مالك: إنما ينقض إذا التذ، وقال أبو حنيفة: إذا انتشر. انتهى.

وقال النووي: استدل بهذا الحديث من يقول: لمس المرأة لا ينقض الوضوء، وهو مذهب أبي حنيفة وآخرين.

وقال مالك والشافعي وأحمد والأكثرون: ينقض، واختلفوا في تفصيل ذلك، وأجيب عن هذا الحديث بأن الملموس لا ينقض على قول الشافعي وغيره،

ص: 396

وَهُوَ فِي الْمَسْجَدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ".

===

وعلى قول من قال: ينتقض - وهو الراجح عند أصحابنا - يحمل هذا اللمس على أنه كان فوق حائل، فلا يضر. انتهى.

(وهو) أي: لمسته بيدي بطن قدميه، والحال أنه صلى الله عليه وسلم (في المَسْجَدِ) - بفتح الجيم - أي: كائن في السجود، فهو مصدر ميمي، أو في الموضع الذي كان يصلي فيه من حجرتي، فيكون ظرف مكان؛ لأن الفتح هو القياس فيه مطلقًا؛ أي: في مصدره وظرفه؛ لأنه من باب فعل يفعل؛ كنصر ينصر بالضم في عين مضارعه، وروي بكسرها على الشذوذ؛ كما بسطنا الكلام في هذا المقام في كتابنا:"مناهل الرجال ومراضع الأطفال" فراجعه إن أردت تحقيقه.

(وهما) أي: والحال أن قدميه المباركتين (منصوبتان) أي: قائمتان لا مفروشتان على الأرض؛ كما هو هيئة القدمين عند السجود (وهو) أي: والحال أنه صلى الله عليه وسلم (يقول) في سجوده: (اللهم؛ إني أعوذ) وأتحصن (برضاك من سخطك) أي: من غضبك (وبمعافاتك) أي: وأعوذ بأمنك من كل المكاره (من عقوبتك) وبلائك (وأعوذ بك) أي: بذاتك (منك) أي: من عقوبتك (لا أحصي ثناء عليك) أي: لا أطيق إحصاء ثناءٍ لك ولا أطيق معرفته (أنت كما أثنيت على نفسك) أي: أنت موصوف بالثناء الذي أثنيت به على نفسك قبل وجود الكائنات بقولك: نعم المولى، ونعم النصير، ونعم الوكيل.

قال القاضي رحمه الله تعالى: و (معافاته) و (عقوبته) من صفات أفعاله، فاستعاذ من المكروه منهما إلى المحبوب، ومن الشر إلى الخير.

ص: 397

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الشيخ ابن عرفة رحمه الله تعالى: ثم ترقى عن الأفعال إلى منشئ الأفعال، فقال:(وأعوذ بك) أي: أتحصن بذاتك (منك) أي: من عقوبتك مشاهدةً للحق، وغيبةً عن الخلق، وهذا محض المعرفة الذي لا يعبر عنه قولٌ، ولا تضبطه صفة؛ إذ لا يملك أحد معك شيئًا، فلا يعيذه منك إلا أنت الا أحصي ثناء عليك) أي: لا أطيق إحصاءه وضبطَه بالعَدّ، ولا أنتهي إلى غايته ولا أحيط بمعرفته، قال الطيبي: الأصل في الإحصاء: العدُّ بالحصى.

ورُوي عن مالك في معناه: لا أحصي نعمتك وإحسانك والثناء بها عليك وإن اجتهدت في الثناء عليك.

(أنت كما أثنيت)(الكاف) فيه بمعنى: الباء، و (ما) موصولة أو موصوفة والجار والمجرور متعلق بالخبر المحذوف؛ تقديره: وأنت يا إلهي موصوف بالثناء الذي أثنيت به (على نفسك) كقوله: نعم المولى، ونعم الوكيل، ونعم النصير.

ومعنى ذلك: اعتراف بالعجز عن أداء وفهم ما يريده الله تعالى من الثناء على نفسه، وبيانُ صمديَّتِه وقدوسيَّتِه وعظمته وكبريائه وجبروته مما لا يُنْتَهى إلى عَدِّه ولا يوصل إلى حده، ولا يحصله عقل، ولا يحيط به فكر، وعند الانتهاء إلى هذا المقام، انتهت معرفة الأنام، ولذلك قال الصديق الأكبر:(العجز عن درك الإدراك إدراك).

قال الخطابي: في هذا الكلام معنىً لطيف؛ وهو أنه قد استعاذ بالله، وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضا والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والمؤاخذاة بالعقوبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له؛ وهو الله سبحانه وتعالى .. استعاذ به منه لا غير؛ ومعنى

ص: 398

(141)

- 3785 - (5) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيّ،

===

ذلك: الاستغفار من التقصير بلوغ الواجب من حق عبادته والثناء عليه.

وقوله: "لا أحصي ثناء عليك" أي: لا أطيقه ولا أبلغه. انتهى.

قال النووي: في هذا الحديث دليل لأهل السنة في جواز إضافة الشر إليه تعالى كما يضاف الخير إليه؛ لقوله: (أعوذ بك من سخطك ومن عقوبتك)، والله أعلم. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الركوع والسجود، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء الوتر، قال: هذا حديث حسن غريب، والنسائي في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الرجل امرأته من غير شهوة.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث عائشة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(141)

- 3785 - (5)(حدثنا أبو بكر) ابن أبي شيبة، (حدثنا محمد بن مصعب) بن صدقة القرقساني - بقافين ومهملة - نزيل بغداد، صدوق كثير الغلط، من صغار التاسعة، مات سنة ثمان ومئتين (208 هـ). يروي عنه:(ت ق).

(عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الدمشقي الفقيه، ثقة فاضل من السابعة. يروي عنه:(ع)، مات سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ).

ص: 399

عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ

===

(عن إسحاق بن عبد الله) بن أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري النجاري أبي يحيى المدني، ثقة حجة، من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع) والأوزاعي.

(عن جعفر بن عياض) مدني، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(س ق). روى عن أبي هريرة في التعوذ من الفقر والقلة، ويروي عنه: إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أخرجا له هذا الحديث الواحد.

قلت: ذكره ابن حبان في "الثقات" وأخرج حديثه في "صحيحه".

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه محمد بن مصعب، وهو ضعيف، ولكن لم ينفرد به محمد بن مصعب، بل رواه حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله، وأيوب بن سويد أيضًا عن إسحاق بن عبد الله.

فالحديث صحيح بسند أبي داوود؛ لأنه رواه عن حماد عن إسحاق بن عبد الله، ورواه ابن حبان أيضًا في "صحيحه".

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعوذوا) يا معشر المؤمنين؛ أي: تحصنوا (بـ) فضل (الله) الكريم الجواد (من الفقر) أي: من ضيق الفقر؛ أي: من قلب حريص على جمع المال، أو من الذي يفضي بصاحبه إلى كفران النعمة في المال، ونسيان ذكر المنعم المتعال، وقال الطيبي: أراد فقر النفس؛ أعني: الشره الذي يُقابل غنى النفس، الذي هو قِنَاعُها.

(و) تعوذوا من (القِلَّة) في أبوابِ البر وخصالِ الخير؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يؤثر الإِقلال في الدنيا ويَكْرهُ الاستكثار من الأعراض الفانية.

ص: 400

وَالذِّلَّة، وَأَنْ تَظْلِمَ أَوْ تُظْلَمَ".

===

(و) تعوَّذوا من (الذِّلة) أي: ومن أن تكونوا ذليلين في أعين الناس بحيث يسْتَخِفُّونَ بكم ويُحقِّرون شأنكم، والأظهر: أنَّ المرادَ بها: الذلةُ الحاصلةُ من المعصية، أو التذلُّل للأغنياء على وجه المسكنة؛ والمراد بهذه الأدعية: تعليمُ الأمة، قال الطيبي: أصلُ الفقر: كَسْرُ فَقارِ الظهر.

والفقرُ يُستعمل على أربعة أوجه:

الأول: وجودُ الحالة الضرورية؛ وذلك عامٌّ للإنسان ما دام في الدنيا، بل عام في الموجودات كلِّها؛ وعليه قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} (1).

والثاني: عدمُ المقْتَنَياتِ؛ وهو المذكور في قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (2)، و {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} (3).

والثالثُ: فَقْرُ النفس؛ وهو المقابلُ بقوله: (الغِنَى غِنَى النفس).

والمعنيُّ بقولهم: من عدم القناعة .. لم يُفده المالُ غنىً.

والرابعُ: الفقر إلى الله المشار إليه بقوله: (اللهم؛ أغنني بالافتقار إليك، ولا تُفْقِرني بالاستغناءِ عنك) وإياه عَنَى اللهُ تعالى بقوله: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (4).

والمستعاذ منه في الحديث هو القسم الثالث، وإنما استعاذ صلى الله عليه وسلم من الفقر الذي هو فقر النفس لا قلة المال.

(و) تعوذوا من (أن تظلمـ) ـوا غيرَكم؛ بالبناء للمعلوم (أو) من أن (تظلمـ) ـوا

(1) سورة فاطر: (15).

(2)

سورة البقرة: (273).

(3)

سورة التوبة: (60).

(4)

سورة القصص: (24).

ص: 401

(142)

- 3786 - (6) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،

===

لغيركم؛ بالبناء للمجهول؛ والظلم: وضع الشيء في غير موضعه، أو التعدي في حق غيره.

و(أو) هنا للتنويعِ لا للشك.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب في الاستعاذة، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الذلة، والحاكم في كتاب الدعاء، وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في "التلخيص"، فقال: صحيح، ولكن أبو داوود رواه بسند صحيح، فقال:(حدثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي) ثقة، من العاشرة (حدثنا حماد بن سلمة) ثقة، من الثامنة (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري) ثقة حجة، من الرابعة (عن سعيد بن يسار المدني) ثقة متقن، من الثالثة (عن أبي هريرة)، وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات، ورواه ابن حبان في "صحيحه".

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح المتن بغيره؛ لأن له شواهد من الأسانيد الصحيحة؛ كسند أبي داوود المذكلور آنفًا، ضعيف السند؛ لأن سند المؤلف ضعيف؛ لما مر، فهذا الحديث: صحيح المتن بغيره، ضعيف السند؛ لما مر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

* * *

ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث عائشة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(142)

- 3786 - (6)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي

ص: 402

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "سَلُوا اللهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ".

===

الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي.

(عن أسامة بن زيد) الليثي مولاهم أبي زيد المدني صدوق يهم، من السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير - مصغرًا - التيمي المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، وأما أسامة بن زيد المدني .. فاحتج به مسلم في "صحيحه"، فلا يقدح في السند.

(قال) جابر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله) تعالى أيها المؤمنون (علمًا نافعًا) لكم في الدين والدنيا والآخرة (وتعوذوا بالله) أي: واسألوا الله أيها المؤمنون العياذة والسلامة (من علم لا ينفع) لكم في الدين والدنيا والآخرة؛ وهو العلم الذي لا يَعْمَلُ به صاحبه في دينه ولا في دنياه؛ لأنه يكون عليه وبالًا وعذابًا، أو قَرأَهُ رياء وسمعة مثلًا مما يُحبطه.

وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه، لكن رواه عبد بن حميد في "مسنده" وأبو يعلى الموصلي، وأصله في "صحيح مسلم" من حديث زيد بن أرقم.

ص: 403

(143)

- 3787 - (7) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجُبْن،

===

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف سادسًا لحديث عائشة بحديث عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(143)

- 3787 - (7)(حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، عن إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي، ثقة مكثر، من الثالثة، مات سنة تسع وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن عمرو بن ميمون) الأودي أَبي عبد الله الكوفي، ثقة عابد مخضرم مشهور، من الثانية، مات سنة أربع وسبعين (74 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ) ويتحصن من خمس؛ كما في رواية أبي داوود (من الجبن) - بضم الجيم وسكون الموحدة وتضم - وهو ضد الشجاعة؛ وهو الخوف من القتال، وقال الشوكاني: هي المهابة للأشياء والتأخر عن فعلها، وإنما تعوَّذ منه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يؤدي إلى عدم الوفاء

ص: 404

وَالْبُخْل، وَأَرْذَلِ الْعُمُر، وَعَذَابِ الْقَبْر، وَفِتْنَةِ الصَّدْر،

===

بفرض الجهاد، والصَدْعِ بالحق وإنكار المنكر، ويجر إلى الإخلال بكثير من الواجبات. انتهى من "العون".

(و) يتعوذ من (البخل) أي؛ ترك أداء الواجبات المالية؛ وهو - بضم الباء الموحدة وإسكان الخاء المعجمة، وبفتحهما، وبضمهما، وبفتح الباء وإسكان الخاء -: ضد الكرم، ذكَرَ معنى ذلك في "القاموس".

وقد قيده بعضهم في الحديث بـ (مَنْع ما يجبُ إخراجه من المال شرعًا أو عادةً) ولا وجه له؛ لأن البخل بما ليس بواجب من غرائز النقص المضادة للكمال، فالتعوذ منها حسن بلا شك، فالأولى تبقية الحديث على ظاهره وعمومه، وتركُ التعرض لتقييده بما لا دليل عليه.

(و) يتعوذ من (أرذل العمر) أي: ومن الرجوع إلى أخسه؛ وهو البلوغ إلى حد في الهرم؛ يعود معه كالطفل في سَخَف العقل وقلَّة الفهم وضعف القوة.

(و) يتعوذ من (عذاب القبر) وهو ضغطة القبر بحيث يتخالف الجنبان؛ كالشباك، وقيل: سُؤالُ الملكين، وفيه ردٌّ على من أنكره من المعتزلة، والأحاديث فيه متواترة؛ كما مر (و) يتعوَّذ من (فتنة الصدر) وضيق القلب.

قال ابن الجوزي في "جامع المسانيد": هي أن يموت غير تائب، وقال الأَشْرَفيُّ في"شرح المصابيح": قيل: هي موتهُ وفسادُه.

وقيل: هي ما ينطوي عليه الصدر من غل وحسد وخُلُق سيئ وعقيدةٍ غير مرضية، وقال الطيبي: هي الضيق المشار إليه بقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} (1). انتهى من "العون".

(1) سورة الأنعام: (125).

ص: 405

قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي: الرَّجُلَ يَمُوتُ عَلَى فِتْنَةٍ لَا يَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْهَا.

===

قال المؤلف بواسطة شيخه: (قال وكيع) في تفسير فتنة الصدر: (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بصاحب فتنة الصدر: (الرجل يموت على فتنة) ومعصية (لا يستغفر الله) عنها ولا يتوب (منها).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب الاستعاذة، وفي كتاب الحروف والقراءات، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من فتنة الدنيا.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: سبعة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا المجلد:

من الأبواب: ثمانية وأربعون بابًا.

ومن الأحاديث: مئة وأربعة وأربعون حديثًا، منها: تسعة عشر للاستئناس، وثلاثة وأربعون للاستدلال، وواحد للمتابعة، والباقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 406

إلى هنا انتهى المجلد الثاني والعشرون الذي سيكون قرة للعيون ويليه المجلد الثالث والعشرون من هذا السِّفر المأمون، وأوله: تتمة كتاب الدعاء

قال مؤلفه أعظم الله أجره وأعطاه سؤله: فرغت من تحبير هذا المجلد النفيس يوم السبت بتاريخ (15) رمضان (1435 هـ) وقت السحر، الموافق لـ (12) تموز يوليو سنة (2014 م).

وكان الرجوع لتسطير هذا الكتاب النافع يوم الأحد (10) شعبان من سنة (1435 هـ).

* * *

اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدًا ما أبقيتني، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني.

اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام، والعزة التي لا تُرام؛ أسألك يا ألله يا رحمان بجلالك، ونور وجهك: أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني.

اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام، والعزة التي لا ترام؛ أسألك يا ألله يا رحمان، بجلالك ونور وجهك: أن تنوِّر بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تُفرِّج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تغسل به بدني؛ فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتنيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

* * *

ص: 407