المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(7) - (1480) - باب من لا يؤبه له - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب الفتن (2)

- ‌(1) - (1474) - بَابُ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ

- ‌فائدة

- ‌(2) - (1475) - بَابُ الْمَلَاحِمِ

- ‌ملحقة

- ‌(3) - (1476) - بَابُ التُّرْكِ

- ‌كتاب الزهد

- ‌(4) - (1477) - بَابُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا

- ‌(5) - (1478) - بَابُ الْهَمِّ بِالدُّنْيَا

- ‌(6) - (1479) - بَابُ مَثَلِ الدُّنْيَا

- ‌(7) - (1480) - بَابُ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ

- ‌(8) - (1481) - بَابُ فَضْلِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(9) - (1482) - بَابُ مَنْزِلَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(10) - (1483) - بَابُ مُجَالَسَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(11) - (1484) - بَابٌ: فِي الْمُكْثِرِينَ

- ‌فائدة

- ‌بشارة عظيمة

- ‌(12) - (1485) - بَابُ الْقَنَاعَةِ

- ‌(13) - (1486) - بَابُ مَعِيشَةِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌(14) - (1487) - بَابُ ضِجَاعِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌(15) - (1488) - بَابُ مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(16) - (1489) - بَابٌ: فِي الْبِنَاءِ وَالْخَرَابِ

- ‌ملحقة

- ‌(17) - (1490) - بَابُ التَّوَكُّلِ وَالْيَقِينِ

- ‌(18) - (1491) - بَابُ الْحِكْمَةِ

- ‌ملحقة

- ‌(19) - (1492) - بَابُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْكِبْر، وَالتَّوَاضُعِ

- ‌(20) - (1493) - بَابُ الْحَيَاءِ

- ‌(21) - (1494) - بَابُ الْحِلْمِ

- ‌(22) - (1495) - بَابُ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ

- ‌(23) - (1496) - بَابُ التَّوَقِّي عَلَى الْعَمَلِ

- ‌(24) - (1497) - بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ

- ‌(25) - (1498) - بَابُ الْحَسَدِ

الفصل: ‌(7) - (1480) - باب من لا يؤبه له

(7) - (1480) - بَابُ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ

(34)

- 4058 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ الله، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ،

===

(7)

- (1480) - (باب من لا يؤبه له) ولا يبالى به؛ لحقارة قدره عند الناس

(34)

- 4058 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير - بنون مصغرًا - السلمي الدمشقي الخطيب، صدوق مقرئ، كبر فصار يتلقن، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا سويد بن عبد العزيز) بن نمير السلمي مولاهم الدمشقي، وقيل: أصله حمصي، ضعيف جدًّا، من كبار التاسعة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه:(ت ق)، قال عثمان الدارمي عن دحيم: ثقة، وكانت له أحاديث، فقال علي بن حجر: أثنى عليه هشيم خيرًا، وضعفه الجمهور.

(عن زيد بن واقد) القرشي الدمشقي، ثقة، من السادسة. يروي عنه:(خ د س ق).

(عن بسر بن عبيد الله) الحضرمي الشامي، ثقة، حافظ، من الرابعة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي إدريس الخولاني) عائذ الله - بهمزة ومعجمة - ابن عبد الله الشامي، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وسمع من كبار

ص: 122

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُخْبِرُكَ عَنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ؟ "، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "رَجُلٌ ضَعِيفٌ مُسْتَضْعِفٌ ذُو طِمْرَيْنِ

===

الصحابة، ومات سنة ثمانين (80 هـ)، قال سعيد بن عبد العزيز: كان عالم الشام بعد أبي الدرداء. يروي عنه: (ع).

(عن معاذ بن جبل) بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبي عبد الرحمن الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، من أعيان الصحابة، شهد بدرًا وما بعدها، وكان إليه المنتهى في العلم بالأحكام، مات بالشام سنة ثماني عشرة (18 هـ).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه سويد بن عبد العزيز، وهو مختلف فيه.

(قال) معاذ: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا) أي: انتبه يا معاذ واستمع مني ما أقول لك (أخبرك) وأبين (عن) علامات وصفات (ملوك) وسلاطين أهل (الجنة) أي: عن سماتهم في الدنيا؟ قال معاذ: (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (بلى) أخبرني يا رسول الله عن سماتهم في الدنيا، فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان صفاتهم لي في الدنيا: هم كل (رجل) أو امرأة (ضعيف) في خلقه وخلقه؛ أي: ضعيف في ذاته؛ بألا يقدر على الاكتساب، لضعف جسمه، وفي خلقه؛ بأن كان سهل الأخلاق حتى لا يدافع عن نفسه من سبه أو ضربه، إلا أن يقول: اتق الله تعالى.

(مستضعف) - بكسر العين - أي: مبالغ في إظهار أسباب ضعفه؛ بترك أسباب طلب الرزق، وترك الاختلاط بأهل الدنيا بالاعتزال عنهم بذاته وبكلامه، إلا ذكر الله وما والاه (ذو طمرين) - بكسر أوله وسكون ثانيه - أي: صاحب

ص: 123

لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ .. لَأَبَرَّهُ".

===

ثوبين باليين خلقين إزار ورداء، أو إزار وقميص، لا يطلب الزيادة عليهما؛ تثنية طمر؛ والطمر - بكسر أوله وسكون ثانيه -: الثوب الخلق؛ لطول زمنه، أو الكساء البالي من غير الصوف.

والطمر - بضم أوله وسكون ثانيه -: هو الشخص الذي لا يملك شيئًا إلا ما على بدنه من الثياب الخلقة. انتهى من "القاموس".

(لا يؤبه له) أي: لا يقدر له عند الناس ولا يبالي به، حتى كأنه ليس بإنسان؛ إن تكلم .. لا يسمع كلامه، وإن جاء .. لا يوسع له في المجالس، ومع كون حاله كذلك خلْقًا وخلُقًا (لو أقسم) وحلف (على) فعل من أفعال (الله) تعالى؛ كأن قال: والله؛ لتمطرن السماء اليوم، أو ليموتن فلان اليوم، وهو صحيح غير مريض، أو ليقدمن الحاج اليوم من سفر الحج بلا وجود أسباب عصرية معه .. (لأبره) الله تعالى في قسمه؛ لكرامته وشرفه عنده تعالى؛ أي: لجعله الله تعالى بارًا صادقًا في قسمه غير حانث فيه وكاذب.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث حارثة بن وهب، رواه الشيخان، ورواه البخاري وغيره من حديث أنس، ورواه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، فله شواهد مما ذكروا من حديث حارثة المذكور بعده للمؤلف.

ودرجته: أنه صحيح المتن، وإن كان سنده حسنًا أو ضعيفًا، لأن له شاهدًا، فهو: صحيح المتن بغيره، حسن السند أو ضعيفه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، فهذا الحديث: ضعيف السند، صحيح المتن بغيره عند الجمهور.

ص: 124

(35)

- 4059 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَّنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ

===

ثم استشهد المؤلف لحديث معاذ بن جبل بحديث حارثة بن وهب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(35)

- 4059 - (2)(حدثا محمد بن بشار) العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن معبد بن خالد) بن مُرَيْنٍ - أي: مصغرًا - الجَدَليّ - بجيم ومهملة مفتوحتين - من جديلة، ثقة عابد، من الثالثة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ). يروي عنه:(ع).

(قال) معبد بن خالد: (سمعت حارثة بن وهب) أخا عبد الله بن عمر بن الخطاب لأمه، الخزاعي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، نزل الكوفة، وكان عمرُ بن الخطاب زوجَ أمِّه أم كلثوم بنت جَرْوَلَ الخُزاعيةِ. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) حارثة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا) أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم؛ وذلك أني (أنبئكم) أي: أخبركم (بـ) علامات (أهل الجنة) فتعرفونهم بها؟ هم في الدنيا (كل ضعيف) في خلقته وحاله؛ أي:

ص: 125

مُتَضَعَّفٍ، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ

===

ضعيف في نفسه؛ لتواضعه، وفي حاله في طلب الدُّنْيَا (مُتضَعَّف) أي: محقَّر عند الناس؛ لخمولِه في الدنيا.

قال النووي: ضبطوا (متضعف) بفتح العين وكسرها، والمشهور الفتح، ولم يذكر الأكثر غيره؛ ومعناه: يستضعفه الناس ويستحقرونه ويتجبَّرُون عليه؛ لضعف حاله في الدنيا؛ أي: لقلة ما في يده من المال؛ يقال: ضعفه واستضعفه، وفي رواية الإسماعيلي:(مستضعف) - بالسين - والمعنى واحد؛ كما في حديث معاذ بن جبل المذكور قبل هذا الحديث.

وأما رواية الكسر .. فمعناها: متواضع متذلل خامل واضع من نفسه.

قال القاضي: وقد يكون الضعف هنا بمعنى رقة القلوب ولينها وإخباتها للإيمان؛ والمراد: أن أغلب أهل الجنة هؤلاء؛ كما أن معظم أكثر أهل النار القسم الآخر، وليس المراد: الاستيعاب في الطرفين. انتهى "نووي".

وفي رواية مسلم: زيادة في حديث حارثة بن وهب؛ كما في حديث معاذ، وتلك الزيادة قوله:(لو أقسم على الله .. لأبره) أي: لو حلف على وقوع شيء لم يكن بعد باسم الله تعالى .. لأبره؛ أي: لأوقع الله ذلك الشيء؛ إكرامًا له وصيانةً له عن الحنث في يمينه؛ أي: لجعله الله سبحانه بارًا صادقًا في يمينه؛ يإيقاع ذلك الشيء الذي حلف عليه، ولو كان الناس يزعمونه ضعيفًا؛ وذلك لعلو منزلته عند الله تعالى.

وقيل: معناه: لو دعا .. لأجيب، وقيل: لو حلف يمينًا؛ طمعًا في إكرام الله تعالى له بإبراره .. لأبره. انتهى "سنوسي".

وفي رواية مسلم زيادة: (ثم قال) أي: ثم بعدما ذكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا) أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول؛ وذلك أني (أنبئكم)

ص: 126

بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ".

===

وأخبركم (بـ) علامات (أهل النار) وأصحابها في الدنيا؟

وفي رواية زيادة: (قالوا) أي: قال الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم: (أخبرنا) عن علامتهم يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم أي: أهل النار (كل عتل) - بضمتين وتشديد اللام - أي: كل فظ اللسان، شديد غليظ القلب، شديد الخصومة.

(جواظ) - بفتح الجيم وتشديد الواو - أي: جموع للمال، منوع عن صرفه في الخيرات، وقيل: معناه: كثير اللحم في جسمه؛ لسمنه، المختال؛ أي: كثير الكبر والخيلاء في قلبه، وقيل: القصير البطن.

(مستكبر) أي: متصف بالكبر؛ وهو بطر الحق وغمط الناس.

قوله: (عتل) - بضم العين والتاء مع تشديد اللام - وهو الفظ الشديد من كل شيء، وقال الفراء: الشديد الخصوم، وقيل: الجافي عن قبول الموعظة، وقال عبد الرزاق: العتل: الفاحش الآثم، وقال الخطابي: العتل: الغليظ العنيف.

وقال الداوودي: السمين العظيم العنق والبطن، وقال الهروي: العتل: الجموع المنوع، وقيل: القصير البطن، وجاء فيه حديث عند أحمد من طريق عبد الرحمن بن غنم - وهو مختلف في صحته - قال:(سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن العتل الزنيم، قال: هو الشديد الخلق المصحح، الأكول الشروب، الواجد للطعام والشراب، الظلوم للناس، الرحيب الجوف) كذا في "فتح الباري"(8/ 663).

قوله: هو الكثير اللحم المختال في مشيه، حكاه الخطابي، وقال ابن فارس: قيل: هو الأكول، وقيل: الفاجر.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في تفسير سورة القلم،

ص: 127

(36)

- 4060 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ،

===

باب قوله: (عتل بعد ذلك زنيم) وفي الأدب والإيمان والنذور وغير ذلك، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، والترمذي في كتاب صفة جهنم، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث معاذ بن جبل.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث معاذ بن جبل بحديث أبي أمامة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(36)

- 4060 - (3)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي النيسابوري، ثقة حافظ فاضل، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا عمرو بن أبي سلمة) التنّيسي - بمثناة ونون مشددة بعدها تحتانية ثم مهملة - أبو حفص الدمشقي مولى بني هاشم، صدوق له أوهام، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع). وثقه ابن يونس وابن حبان.

(عن صدقة بن عبد الله) السمين أبي معاوية الدمشقي، ضعيف، من

السابعة مات سنة ست وستين ومئة (166 هـ). يروي عنه: (ت س ق). وقال عثمان الدارمي عن دحيم: ثقة، وقال يعقوب بن سفيان عن دحيم: صدقة من شيوخنا، لا بأس به، وضعفه الجمهور.

(عن إبراهيم بن مرة) الشامي، صدوق، من الثامنة. يروي عنه:(س ق).

ص: 128

عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أَغْبَطَ النَّاسِ عِنْدِي مُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحَاذِ

===

يروي عن: أيوب بن سليمان، ويروي عنه: صدقة السمين، والأوزاعي، قال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن أيوب بن سليمان) الشامي، ضعيف، من الرابعة، روى عن أبي أمامة، ويروي عنه إبراهيم بن مرة، له عند ابن ماجه هذا الحديث.

قلت: قال أبو حاتم: وذكره ابن حبان في "الثقات". يروي عنه: (ق).

(عن أبي أمامة) صدي بن عجلان الباهلي الشامي رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عمرو بن أبي سلمة وهو مختلف فيه، وكذلك فيه صدقة بن عبد الله، وهو مختلف فيه أيضًا، وفيه أيوب بن سليمان، وهو مجهول.

(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) صلى الله عليه وسلم: (إن أغبط الناس) أي: إن أكثر الناس غبطةً له وتمنيًا وأحسنهم حالًا (عندي) وعند المؤمنين.

وقوله: رجل (مؤمن) بالله ورسوله، و (أغبط) اسم تفضيل مبني للمفعول؛ لأن المغبوط به حاله؛ أي: إن أحسن الناس وأفضلهم غبطةً لحاله (عندي) أي: في ديني ومذهبي .. رجل (مؤمن) بالرفع خبر إن المشددة، وما بعده صفات له، وهو صفة لموصوف محذوف؛ كما قدرناه في حلنا؛ أي: إن أفضل الناس الذي ينبغي الاغتباط والتمني لحاله؛ لكون حاله من مكارم

الأخلاق وأحاسنها .. رجل مؤمن بالله وبرسوله (خفيف الحاذ) - بتخفيف الذال المعجمة - وهو صفة أولى لـ (مؤمن) أي: خفيف الحاذ الذي هو المال؛ أي: قليل ماله ليس بغني ولا متوسط، وخفيف الظهر من حمولة العيال؛ أي:

ص: 129

ذُو حَظٍّ مِنْ صَلَاةٍ، غَامِضٌ فِي النَّاسِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ، كَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا وَصَبَرَ عَلَيْه، عَجِلَتْ مَنِيَّتُهُ،

===

قليل عياله ومن يمونه، فيمكن من السير في طريق الخالق بين الخلائق، ولا يمنعه شيء من العلائق والعوائق.

والمعنى: أحق أحبائي وأنصاري عندي بأن يغبط ويتمنى حاله .. رجل مؤمن موصوف بهذه الصفات المذكورة، كذا في "المرقاة"(9/ 43).

وقوله: (ذو حظ) صفة ثانية لـ (مؤمن) أي: صاحب حظ وفير، ونصيب كثير (من صلاة) النوافل؛ أي: كثير نوافل الصلاة ليلًا ونهارًا، مع الخشوع والتواضع والإخلاص.

والمعنى: أنه مع ذلك صاحب لذة وراحة من المناجاة مع الله والمراقبة واستغراق أوقاته في المشاهدة، ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم: "قرة عيني في الصلاة"، و"أرحنا بها يا بلال"، قاله القاري.

(غامض في الناس) صفة ثالثة؛ أي: مغموض مستور الذكر بين الناس، غير مشهور الصيت فيهم؛ أي: غير ممدوح بين الناس، ولا مذكور فيهم بالخصال الحميدة (لا يؤبه) أي: لا يقدر بين الناس، ولا احترام (له) ولا مقدار له بينهم (كان رزقه) وعيشه (كفافًا) - بفتح الكاف - أي: على قدر الحاجة لا يفضل عنها (وصبر) أي: والحال أنه قد صبر (عليه) أي: على ذلك الكفاف ولم يطلب الزيادة عليه ولم يطمع فيها (عجلت) أي: فَجِئَتْ (منيته) ولم يطلع عليها؛ أي: ما اطُّلِع على مرضه أيَّ مرضٍ، فإذا هو مات ودفن ليلًا ولم يطلع على مرضه وموته أحد، وهذا شأن موت من لم يتعارف بين الناس؛ فإنه وإن مرض كثيرًا .. قلّ من يعلم بمرضه. انتهى "س".

ص: 130

وَقَلَّ تُرَاثُهُ، وَقَلَّتْ بَوَاكِيهِ".

===

أي: يسلم نفسه سريعًا لِقلَّةِ تعلُّقِه بالدنيا، وشدة شوقه إلى الآخرة، أو أراد: أنه كان قليل مؤن الممات؛ كما أنه كان قليل مؤن الحياة، أو: كان قد قبض سريعًا.

(وقَلَّ تراثُهُ) أي: قلَّ ما تركه مِيراثًا لورثتهِ (وقلتْ بَواكيه) أي: قلَّ مَنْ يَبْكِي عليه إذا مات من الناس.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه أحمد في "المسند"، ورواه الترمذي في "جامعه" بلفظ أزيد من رواية ابن ماجه بسند آخر حسنه الترمذي؛ كما سنبينه، فيكون ذلك شاهدًا لحديث ابن ماجه.

قلت: فسند المؤلف ضعيف؛ لما قد مر آنفًا؛ ومتنه حسن بغيره، وهو حديث الترمذي المذكور قريبًا، وغرضه: الاستشهاد به ثانيًا لحديث معاذ بن جبل، فهذا الحديث: حسن المتن بغيره، ضعيف السند؛ لما تقدم.

ولفظ "الترمذي" مع شرحه "تحفة الأحوذي": (باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه) قال في "النهاية": الكفاف: هو الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه.

(حدثنا سويد بن نصر) بن سويد المروزي أبو الفضل، لقبه الشاه، راوية ابن المبارك، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(ت س).

(أخبرنا عبد الله بن المبارك) المروزي مولى بني حنظلة، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جمعت فيه جميع صفات الخير، من الثامنة، مات سنة إحدى وثمانين ومئة (181 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 131

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

(عن يحيى بن أيوب) الغافقي - بمعجمة ثم فاء وقاف - أبي العباس المصري، صدوق ربما أخطأ، من السابعة، مات سنة ثمان وستين ومئة (168 هـ). يروي عنه:(ع). وقال يحيى بن معين: ليس بثقة، وقال الآجري: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن عبيد الله بن زَحْر) - بفتح الزاي وسكون المهملة - الضمري مولاهم الأفريقي، صدوق يخطئ، من السادسة. يروي عنه:(عم). وقال أحمد بن صالح: عبيد الله بن زحر ثقة، وقال أبو زرعة: لا بأس به صدوق، وقال النسائي: ليس به بأس، ونقل الترمذي في "العلل" عن البخاري أنه وثقه.

(عن علي بن يزيد) بن أبي زياد الألهاني أبي عبد الملك الدمشقي، صاحب القاسم بن عبد الرحمن، ضعيف، من السادسة، مات سنة بضع عشرة ومئة (113 هـ). يروي عنه:(ت ق).

(عن القاسم) بن عبد الرحمن الشامي (أبي عبد الرحمن) الدمشقي مولى آل أبي سفيان بن حرب الأموي. روى عن: أبي أمامة الباهلي، ويروي عنه:(عم)، وعلي بن يزيد الألهاني، وقال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين: القاسم بن عبد الرحمن ثقة، والثقات تروي عنه، وقال العجلي: ثقة يكتب حديثه، وقال أبو إسحاق الحرشي: كان من ثقات المسلمين، وقال الحافظ: صدوق يغرب كثيرًا، من الثالثة، مات سنة اثنتي عشرة ومئة (112 هـ).

(عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه علي بن يزيد، وهو متفق على ضعفه.

قال الترمذي: هذا حديث حسن، وعلي بن يزيد يضعف في الحديث،

ص: 132

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولكن هذا الحديث يرتقي؛ لكثرة طرقه من درجة الضعف إلى درجة الحسن، ولذلك حسنه الترمذي، والله أعلم.

ولفظ "الترمذي مع شرحه": (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أغبط أوليائي عندي) أفعل تفضيل بني للمفعول؛ لأن المغبوط به حاله؛ أي: إن أحسنهم حالًا وأفضلهم مالًا (عندي) أي: في اعتقادي (لمؤمن) بفتح اللام الزائدة للتوكيد، أو هي لام الابتداء، أو المبتدأ محذوف؛ أي: لهو مؤمن (خفيف الحاذ) - بتخفيف الذال المعجمة - أي: خفيف الحال الذي يكون قليل المال، وخفيف الظهر من العيال.

قال الجزري: في "النهاية": الحاذ والحال واحد معنىً، وأصل الحاذ: طريقة المتن؛ وهو ما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس؛ أي: خفيف الظهر من العيال.

ومجمل المعنى: أي: أحق أحبائي وأنصاري عندي بأن يغبط ويتمنى حاله .. مؤمن موصوف بهذه الصفة (ذو حظ من الصلاة) أي: ومع هذا هو صاحب لذة وراحة من المناجاة مع الله والمراقبة، واستغراق في المشاهدة.

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "قرة عيني في الصلاة"، و"أرحنا بها يا بلال"، قاله القاري.

(أحسن عبادة ربه) هذا تعميم بعد تخصيص؛ والمراد: إجادتها بالإخلاص (وأطاعه في السر) كما أطاعه في العلانية، فهو من باب الاكتفاء والتخصيص؛ لما فيه من الاعتناء، قاله القاري.

وجعله الطيبي عطف تفسير على أحسن، وكذا المناوي.

(وكان غامضًا) أي: خاملًا خافيًا غير مشهور (في الناس) أي: فيما بينهم، (لا يشار إليه بالأصابع) بيان وتقرير لمعنى الغموض.

ص: 133

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

(وكان رزقه كفافًا) أي: بقدر الكفاية لا أزيد ولا أنقص (فصبر على ذلك) أي: على الرزق الكفاف، أو على الخمول والغموض، أو على ما ذكر، دلالة على أن ملاك الأمر: الصبر، وبه تقوى على الطاعة، قال تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} (1)، وقال تعالى:{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} (2).

(ثم نقر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بيديه) - بفتح النون والقاف وبالراء - ووقع في "المشكاة": (نقد) - بالدال المهملة بدل الراء - قال في "المجمع": ثم نقد بيده - بالدال - من نقدته بإصبعي واحدًا بعد واحد، وهو كالنقر - بالراء - ويروى به أيضًا؛ والمراد: ضرب الأنملة على الأنملة، أو على الأرض؛ كالمتقلل للشيء؛ أي: يقلل عمره، وعدد بواكيه، ومبلغ تراثه، وقيل: هو فعل المتعجب من الشيء، وقيل: للتنبيه على أن ما بعده مما يهتم به، (عُجِّلت) بصيغة المجهول؛ من التعجيل (ميتته) أي: موته، قال في "المجمع": أي: يسلم روحه سريعًا؛ لقلة تعلقه بالدنيا، وغلبة شوقه إلى الآخرة، أو أراد: أنه قليل مؤن الممات؛ كما كان قليل مؤن الحياة، أو كان قبض روحه سريعًا.

(قلت بواكيه) جمع باكية؛ أي: امرأة باكية تبكي على الميت.

(قل تراثه) أي: ميراثه وماله المؤخر عنه مما يورث؛ وتراث الرجل: ما يخلفه بعد موته من متاع الدنيا، وتاؤه بدل من الواو، وحديث أبي أمامة هذا أخرجه أحمد وابن ماجه.

وهذا الحديث وإن كان سنده ضعيفًا في "ابن ماجه" وفي "الترمذي" ..

(1) سورة البقرة: (45).

(2)

سورة الفرقان: (75).

ص: 134

(37)

- 4061 - (4) حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ،

===

فله شواهد من حديث عبد الله بن عمرو وحديث فضالة بن عبيد، أخرجهما الترمذي مختصرًا في "جامعه"، وقال: إنهما حديث حسن صحيح، وأخرجهما ابنُ حبان في "صحيحه" والحاكمُ.

قال المناوي في "شرح الجامع الصغير": قال الحاكم: على شرط مسلم، وأقروه.

ودرجة هذا الحديث في "ابن ماجه" وفي "الترمذي": حسن بغيره؛ كما صرح به الترمذي من الشواهد المذكورة، أو: صحيح بغيره؛ كما صرحوا به في حديث عبد الله بن عمرو وفضالة بن عبيد، وغرض ابن ماجه في سوقه: الاستشهاد به لحديث معاذ بن جبل كما ذكرناه، والله أعلم.

* * *

ثم استشهد المؤلفُ ثالثًا لحديث معاذ بن جبل بحديث أبي أمامة الحارثي رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(37)

- 4061 - (4)(حدثنا كثير بن عبيد) بن نمير المذحجي أبو الحسن (الحمصي) الحذاء المقرئ، ثقة، من العاشرة، مات في حدود الخمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا أيوب بن سويد) الرملي أبو مسعود الحميري السيباني - بفتح السين المهملة ثم تحتانية ساكنة ثم موحدة - نسبة إلى سيبان؛ بطن من حمير، صدوق يخطئ كثيرًا فضعفوه، من التاسعة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ)، وقيل: سنة اثنتين ومئتين. يروي عنه: (د ت ق).

(عن أسامة بن زيد) الليثي مولاهم أبي زيد المدني. روى عن: عبد الله بن

ص: 135

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ الْحَارِثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ"،

===

أبي أمامة البلوي، صدوق يهم، من السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(م عم). قال أبو يعلى الموصلي: ثقة صالح، وقال عثمان الدارمي: ليس به بأس، وقال الدوري وغيره: ثقة، زاد غيره: حجة، وقال العجلي: ثقة.

(عن عبد الله بن أبي أمامة) الأنصاري (الحارِثيِّ) حليفهم البلوي المدني، يقال: كنيته أبو رملة، صدوق، من الرابعة. يروي عنه:(د ق)، ذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن أبيه) أبي أمامة حليف بني حارثة، اسمه إياس، وقيل: عبد الله بن ثعلبة بن عبد الله، أو ثعلبة بن سهيل البلوي الأنصاري الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه. يروي عنه:(م عم).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه أيوب بن سويد، وهو متفق على ضعفه.

(قال) أبو أمامة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البذاذة) - بفتح الموحدة وذالين مخففتين بينهما ألف لينة - وهي التَّقَحُّل - بالقاف والحاء المهملة - وهو رثاثةُ الهيئة، وتركُ الترفهِ وإدامةِ التزين والتنعم في البدن والملبس؛ إيثارًا للخمول بين الناس، وقال في "النهاية": البذاذة: رثاثة الهيئة؛ أراد: التواضع في اللباس، وترك الافتخار به.

(من الإيمان) أي: من أخلاق أهل الإيمان إن قصد به تواضعًا وزهدًا وكفًّا للنفس من الفخر والتكبر، لا إن قصد إظهار الفقر وصيانة المال، وإلا .. فليس من الإيمان، بل عرض النعمة للكفران، وإعراض عن شكر المنعم المنان،

ص: 136

قَالَ: الْبَذَاذَةُ الْقَشَافَةُ؛ يَعْنِي: التَّقَشُّفَ.

===

فالحُسْنُ والقبحُ في أشباه هذا .. بحسب قصد القائم بها "إنما الأعمال بالنيات" كذا في "الفيض"(2/ 217).

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البذاذة: القشافة؛ يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بالقشافة: (التقشف) أي: رثاثة الهيئة في الملبس.

قال الخطابي: البذاذة: سوء الهيئة والتجوز في الثياب ونحوها، يقال: رجلٌ بَاذ الهيئةِ؛ إذا كان رث الهيئة واللباس.

وفي رواية أبي داوود: يعني (التقحل) - بقاف وحاء مهملة - هو تكلف اليبس والبِلَى؛ والمتقحِّلُ: الرجل اليابسُ الجَلدُ السيئ الحال. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الترجل، باب (1) رقم (4161)، والحاكم في "المستدرك"، في كتاب الإيمان، وأحمد في "الزهد"، والطحاوي في "مشكل الآثار"، باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله:"البذاذة من الإيمان"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والحميري في "مسنده"، والبخاري في "التاريخ الكبير"، فلمَّا رُوِيَ هذا الحديثُ من طرق مختلفة بأسانيد كثيرة .. ارتقى لكثرة طرقه إلى درجة الحسن.

فنقول درجة هذا الحديث: أنه حسن بغيره؛ لأن له شواهد كثيرة، فَبِكَثْرةِ طُرقه ارْتَقى إلى درجة الحسن، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث معاذ بن جبل، والله أعلم.

* * *

ص: 137

(38)

- 4062 - (5) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ،

===

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث معاذ بن جبل بحديث أسماء بنت يزيد رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(38)

- 4062 - (5)(حدثنا سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني، أبو محمد الأنباري، صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن، فأفحش القول فيه ابن معين حيث قال: إنه كذاب، من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م ق)، قال أحمد: إنه صالح أو ثقة، وقال البغوي: إنه من الحفاظ، وقال أبو حاتم: كان صدوقًا، وقال أبو داوود عن أحمد: أرجو أن يكون صدوقًا. انتهى من "التهذيب" فهو مختلف فيه.

(حدثنا يحيى بن سليم) - مصغرًا - القرشي الطائفي، سمي طائفيًّا؛ لاختلافه إلى الطائف، نزيل مكة. روى عن ابن خثيم، صدوق سيئ الحفظ، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع أو خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع). قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، قال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة خمس وتسعين ومئة، وهو مكي كان يختلف إلى الطائف فنسب إليه، وقال العجلي: ثقة، وقال يعقوب بن سفيان: رجلٌ سُنِّيٌّ صالحٌ صاحبُ كتاب.

(عن) عبد الله بن عثمان (بن خثيم) - مصغرًا - القاري المكي أبي عثمان، صدوق، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن شهر بن حوشب) الأشعري الشامي مولى أسماء بنت يزيد بن السكن، صدوق كثير الإرسال والأوهام، من الثالثة، مات سنة اثنتي عشرة ومئة (112 هـ).

ص: 138

عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟ "، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ:"خِيَارُكُمُ الَّذِينَ إِذَا رُؤُوا .. ذُكِرَ اللهُ عز وجل".

===

يروي عنه (م عم). قال الترمذي عن البخاري: شهر حسن الحديث، وقَوَّى أَمْرَهُ؛ وقال ابن أبي خيثمة ومعاوية بن صالح عن ابن معين: ثقة، وقال عباس الدوري عن ابن معين: ثقة ثبت، وقال العجلي: شامي تابعي ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة على أن بعضهم قد طعن فيه، فهو مختلف فيه.

(عن أسماء بنت يزيد) بن السكن الأنصارية، تُكنى أم سلمة، ويقال لها: أمُّ عامر، صحابية لها أحاديث رضي الله تعالى عنها. يروي عنها:(عم).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه سويد بن سعيد وشهر بن حوشب، وهما مختلف فيهما.

(أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقول: ألا) أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم: إني (أنبئكم) أي: أخبركم (بخياركم؟ ) أي: عن خياركم وأفاضلكم عند الله عز وجل، جمعُ خَيْرٍ؛ بمعنى خَيْرٍ (قالوا) أي: قال الحاضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بلى) أَخْبِرنَا (يا رسول الله) عن أفاضلنا عند الله عز وجل، فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم:(خياركم) وأفاضلكم عند الله تعالى: هم (الَّذين إذا رُؤُوا) بالبناء للمجهول، وكذا قوله: (ذُكِرَ اللهُ عز وجل أي: إذا رُؤوا وشُوهدوا للناس؛ أي: إذا رَآهم الناسُ .. ذُكِرَ اللهُ؛ أي: وصف الله بكل ما يليق به من صفات الجلال والجمال؛ أي: ذَكَرَ اللهَ تعالى كُلُّ من رآهم، فكان ذكرُهم الطبيعيُّ سببًا للذكر اللساني من الناس، فكانت قلُوبُهم لقلوب الناس كالحِرْبَاءِ يتلوَّنُ بلون مَنْ رآه.

ص: 139

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال السندي: والمعنى: أنهم من غلبة الخشية والخوف من الله تعالى، ومن كثرة ذكرهم لله عز وجل .. كانوا بحيث إن الناس يذكرون الله عند حضورهم.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه مسدد في "مسنده"، ورواه عبد بن حميد في "مسنده"، وعبد الرزاق في "مصنفه"، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" من طريق شهر بن حوشب، وأحمد في "مسنده".

ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ لما تقدم آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث معاذ بن جبل.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 140