الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(5) - (1478) - بَابُ الْهَمِّ بِالدُّنْيَا
(24)
- 4048 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِيهِ
===
(5)
- (1478) - (باب الهم بالدنيا)
أي: الاهتمام والاعتناء بشؤونها.
* * *
(24)
- 4048 - (1)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان، الملقب ببندار العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري ربيب شعبة، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا شعبة) بن حجاج بن الورد البصري العتكي، ثقة إمام من أئمة الجرح والتعديل، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عمر بن سليمان) بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ثقة، من السادسة. يروي عنه:(عم)، ويقال: اسمه عمرو.
(قال) عمر بن سليمان: (سمعت عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان) الأمويَّ المدني، ثقةٌ مُقِلٌّ عابد، من السادسة. يروي عنه:(عم).
(عن أبيه) أبان بن عثمان بن عفان الأموي أبي سعيد المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة خمس ومئة (105 هـ). يروي عنه:(م عم).
قَالَ: خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ بِنِصْفِ النَّهَار، قُلْتُ: مَا بَعَثَ إِلَيْهِ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا لِشَيْءٍ سَأَلَ عَنْهُ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: سَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ سَمِعْنَاهَا
===
(قال) أبان بن عثمان: (خرج زيد بن ثابت) بن الضحاك بن لوذان الأنصاري النجاري أبو سعيد وأبو خارجة صحابي مشهور كتب الوحي رضي الله تعالى عنه، قال مسروق: كان من الراسخين في العلم، مات سنة خمس أو ثمان وأربعين، وقيل: بعد الخمسين. يروي عنه: (ع).
أي: قال أبوه أبان بن عثمان: خرج يومًا زيد بن ثابت الصحابي المشهور (من عند مروان) بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أبي عبد الملك الأموي المدني، ولي الخلافة في آخر سنة أربع وستين، ومات سنة خمس في رمضان، وله ثلاث أو إحدى وستون سنة، لم تثبت له صحبة، من الثانية، قال عروة بن الزبير: مروان لا يتهم في الحديث. يروي عنه: (خ عم).
أي: خرج زيد بن ثابت من عند مروان (بنصف النهار) أي: في نصف النهار بعدما تحدث زيد مع مروان، والحال أن مروان في مجلسه، قال أبان بن عثمان:(قلت) في نفسي: (ما بعث) مروان وأرسل (إليه) أي: إلى زيد بن ثابت في (هذه الساعة) أي: في وسط النهار وقت شدة الشغل (إلا لشيء) أي: إلا لحاجة مهمة (سأل) مروان (عنه) أي: عن ذلك الشيء؛ أي: ما أرسل مروان إلى زيد في هذا الوقت الضيق ودعاه إلى مجلسه إلا لشيء مهم أشكل عليه، فأراد أن يـ (سأل عنه) أي: عن ذلك الشيء؛ أي: قلت في نفسي ذلك، وقصدت سؤال زيد عن ذلك، الشيء الذي سأله مروان.
(فسألته) أي: فسألت زيد بن ثابت عن ذلك الذي سأله مروان (فقال) لي زيد بن ثابت: (سألنا) مروان؛ أي: سألني مروان ومن حضر معي إليه (عن أشياء) أي: عن أشياء من أمور الدين أشكلت عليه (سمعناها) أي:
مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ .. فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْه، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ
===
سمعناها نحن معاشر الصحابة (من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
أي: قال أبان بن عثمان: فقال لي زيد بن ثابت حين سألته: عن أي شيء سألك مروان بن الحكم؟ فقال لي زيد: سألني مروان عن هم الناس، وقصده في عمل الخير، فقلت له في جواب سؤاله:(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كانت الدنيا) أي: تحصيلُ غرضٍ من أغراضها؛ فالدنيا بالرفع اسم كان، خبرها: قوله: (همه) بالنصب خبر كان، ولكن المعنى بالعكس؛ والمعنى حينئذ: أي: من جعل همه وقصده بعمل يعمله من أعمال البر؛ كالجهاد وتعلم العلم؛ كأن قصد بجهاده تحصيل الغنيمة وإظهار الشجاعة، وبعلمه المحمدة ورفع منزلته عند الناس والمجادلة به .. (فرق الله) سبحانه وشتت (عليه أمره) أي: باعد الله عنه آماله ومقاصده من الدنيا؛ أي: لم يحصل بعمله أغراضه من الدنيا؛ لأن أغراض الدنيا مكتوبة أزلًا، فلا يزاد له على ما كتب؛ وأما ثواب الآخرة .. فلا يحصل له شيء منه؛ لأنه قصد بعمله ثواب الدنيا.
(وجعل فقره) وحرمانه من مقاصد الدنيا هدفًا منصوبًا (بين عينيه) والمراد بجعل الفقر بين عينيه: لزوم الفقر له (ولم يأته من الدنيا) وآماله منها (إلا ما كتب) وقدر (له) أزلًا، وهو راغم كاره له، فلا يأتيه ما يطلبه من الزيادة (ومن كانت الآخرة) أي: ثوابها وأجرها (نيته) أي: قصده ومطلوبه بعمله ..
جَمَعَ اللهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِه، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ".
(25)
- 4049 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
===
(جمع الله له أمره) أي: آماله ومقاصده من أمور الدنيا والآخرة (وجعل غناه) وقناعته علمًا مركوزًا (في قلبه، وأتته) أي: جاءته أغراضه من (الدنيا) مقبلةً عليه من كل الجهات (وهي) أي: والحال أن الدنيا (راغمة) أي: مرغمة مكرهة على الإتيان إليه وعلى الإقبال عليه.
قوله: "وأتته الدنيا وهي راغمة" أي: مقهورة.
فالحاصل: أن ما كتب للعبد من الرزق يأتيه لا محالة إلا أنه من طلب الآخرة يأتيه بلا تعب، ومن طلب الدنيا .. يأتيه بتعب وشدة، فطالب الآخرة قد جمع بين الدنيا والآخرة؛ فإن المطلوب من جمع المال الراحة في الدنيا، وقد حصلت لطالب الآخرة، وطالب الدنيا قد خسر الدنيا والآخرة؛ لأنه في الدنيا في التعب الشديد في طلبها، فأي فائدة له في طلب المال إذا فاتته الراحة؟ !
وهذا الحديث انفرد به المؤلف، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وله شواهد من حديث أبي هريرة، رواه الترمذي في "الجامع"، وابن ماجه في المقدمة، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث زيد بن ثابت بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(25)
- 4049 - (2)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه:(ق).
(والحسين بن عبد الرحمن) أبو علي الجرجرائي؛ نسبة إلى جرجرايا، اسم
قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ النَّصْرِيِّ، عَنْ نَهْشَلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ،
===
بلدة بين بغداد وواسط، كذا في "القاموس" كما مر في "المقدمة". روى عن: عبد الله بن نمير، والوليد بن مسلم، ويروي عنه:(د س ق)، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: مجهول، وقال في "التقريب": مقبول، من العاشرة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئتين (253 هـ).
كلاهما (قالا: حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن معاوية) بن سلمة (النصري) - بالنون - أبي سلمة الكوفي، مقبول، من الثامنة. يروي عنه:(ق).
(عن نهشل) بن سعيد بن وردان الورداني أبي سعيد الخراساني، بصري الأصل. روى عن: الضحاك بن مزاحم الهلالي، وداوود بن أبي هند، ويروي عنه:(ق)، ومعاوية بن سلمة النصري، قال أبو داوود الطيالسي وإسحاق بن راهويه: كذاب، وقال ابن معين وأبو زرعة والدارقطني: ضعيف، وقال أبو حاتم والنسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يحل كتب حديثه إلا على وجه التعجب، وقال في "التقريب": متروك، من السابعة، وقال البخاري: روى عنه معاوية النصري أحاديث مناكير، وقال النقاش: روى عن الضحاك الموضوعات، وبالجملة: فهو ضعيف متروك كذاب وضاع.
(عن الضحاك) بن مزاحم الهلالي أبي محمد الخراساني، صدوق كثير الإرسال، من الخامسة، مات بعد المئة. يروي عنه:(عم)، ونهشل بن سعيد.
عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ الْمَعَادِ .. كَفَاهُ اللهُ هَمَّ دُنْيَاهُ،
===
(عن الأسود بن يزيد) بن قيس النخعي أبي عبد الرحمن الكوفي، ثقة مخضرم فقيه مكثر، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين. يروي عنه:(ع).
(قال) الأسود: (قال) لنا (عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه نهشل بن سعيد؛ فإنه كذاب وضاع.
قال ابن مسعود: (سمعت نبيكم) معاشر المؤمنين محمدًا صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقول: من جعل الهموم) المتفرقة في أنواع من المقاصد المجتمعة عليه (همًّا واحدًا) أي: من جَعَلَهَا همًّا واحدًا؛ وذلك أن يكون جهاده أولًا للعصبية والوطنية والمحمدة والرياء والسمعة، فجعله لوجه الله ورضاه لإعلاء كلمة الله.
وقوله: (هم المعاد) وزاد الآخرة .. بدل مما قبله، بدل كل من كل.
قال الطيبي: والخطاب في قوله: (نبيكم) لتوبيخ المخاطبين حيث خالفوا أمر نبيهم وسنته؛ أي: من جعل همه واحدًا موضع الهموم التي للناس، أو من كان له هموم متعددة، فتركها وجعل موضعها الهم الواحد الذي كان لله تعالى؛ كما مثلناه آنفًا.
(كفاه الله) سبحانه (هم دنياه) أي: من ترك هموم الدنيا المجتمعة عليه، وجعل همه في آخرته ودينه .. كفاه الله تعالى؛ أي: قضاه تعالى جميع همومه التي كانت في دنياه، وأعانه عليه، وقضاه له، ورزقه من حيث لا يحتسب، قال
وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا .. لَمْ يُبَالِ اللهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ".
===
(ومن تشعبت به) أي: ومن تجمعت عليه وتفرقت فيه (الهموم) أي: الآمال والمقاصد والحوائج التي كانت (في أحوال الدنيا) ومتاعها .. (لم يبال الله في أي أوديته) وفي بعض نسخ ابن ماجه: (أوديتها)(هلك) أي: في أي أودية الدنيا هلك؛ أي: لم يبال الله سبحانه هلاكه في أي واد من أوديتها.
وهذا كناية عن عدم كفايته وإعانته في أموره الدنيوية؛ لأنه لم يكتف بما قدره الله له، واعتمد على تدبير نفسه، واطمأن عليه.
قال السندي: والضمير في قوله: "في أي أوديته هلك" أَيْ: ضميرُ أَوْدِيَته لـ (مَنْ)، والكلامُ كنايةٌ عن كونه تعالى لا يُعِينهُ.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث أنس، أخرجه الترمذي في "الجامع" في رقم (2465)، وقد تقدم تخريجه للمؤلف بهذا السند الذي ذكره هنا في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل به رقم (23)، حديث رقم (255).
ودرجته: أنه حسن بغيره، وإن كان سنده ضعيفًا؛ لأن له شاهدًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث زيد بن ثابت.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث زيد بن ثابت بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما، فقال:
(1) سورة الطلاق: (2 - 3).
(26)
- 4050 - (3) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ دَاوُودَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَدْ رَفَعَهُ قَالَ:
===
(26)
- 4050 - (3)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان (الجهضمي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد الله بن داوود) بن عامر الهمداني أبو عبد الرحمن الخُرَيْبِيُّ - بمعجمة وموحدة مصغرًا - كوفي الأصل، ثقة عابد، من التاسعة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ)، وله سبع وثمانون سنة. يروي عنه:(خ عم).
(عن عمران بن زائدة) بن نشيط - بفتح النون وكسر المعجمة بعدها تحتانية ثم مهملة - الكوفي، ثقة، من السابعة. يروي عنه:(د ت ق).
(عن أبيه) زائدة بن نشيط الكوفي، مقبول، من السادسة. يروي عنه:(د ت ق). وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن أبي خالد الوالبي) - بموحدة قبلها كسرة - الكوفي، اسمه هرمز، ويقال: هرم، مقبول، من الثانية، وفد على عمر، وقيل: حديثه عنه مرسل، فيكون من الثالثة، والأصح: أنه ليس بمرسل، وذكره ابن حبان في "الثقات".
قلت: ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة، مات سنة مئة (100 هـ).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن في سنده مقبولين؛ وهما قدامة بن نشيط وأبو خالد.
(قال) أبو خالد الوالبي: (ولا أعلمه) أي: لا أعلم أبا هريرة (إلا قد رفعه) أي: رفع أبو هريرة هذا الحديث وأوصله إلى النبي صلى الله عليه وسلم (قال)
"يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: يَا بْنَ آدَمَ؛ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنىً وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ .. مَلَأْتُ صَدْرَكَ شُغُلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ".
===
أي: قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه: (يقول الله) عز وجل: (سبحانه: يا بن آدم؛ تفرغ لعبادتي) أي: تفرغ عن مهماتك لطاعتي؛ أي: كن فارغًا عن كل شيء لأجل العبادة، واصرف وقتك كله فيها .. (أملأ صدرك) أي: قلبك، يحتمل الجزم؛ على أنه جواب الأمر، والرفع؛ على الاستئناف.
(غنىً) والمراد بالغنى: غنى القلب (و) يا بن آدم؛ تفرغ لعبادتي (أسد فقرك) معطوف على (أملأ) على الوجهين؛ أي: تفرغ عن مهماتك لعبادتي .. أقض مهماتك وأغنك عن خلقي (وإن لم تفعل) ذلك التفرغ .. (ملأت صدرك شغلًا) بضم الشين وبضم الغين، وقد تسكن للتخفيف (ولم أسد فقرك) أي: وإن لم تتفرغ لذلك، واشتغلت بغيري .. لم أسد فقرك على الإطلاق، فتزيد فقرًا على فقرك.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق في (7/ 2584)، وقال أبو عيسى: هذا حسن غريب، وأخرجه أحمد والحاكم والبيهقي في كتاب الزهد، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال المناوي: وأقروه.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بغيره وإن كان سنده حسنًا؛ لأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به لحديث زيد بن ثابت.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم