المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(2) - (1475) - باب الملاحم - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب الفتن (2)

- ‌(1) - (1474) - بَابُ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ

- ‌فائدة

- ‌(2) - (1475) - بَابُ الْمَلَاحِمِ

- ‌ملحقة

- ‌(3) - (1476) - بَابُ التُّرْكِ

- ‌كتاب الزهد

- ‌(4) - (1477) - بَابُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا

- ‌(5) - (1478) - بَابُ الْهَمِّ بِالدُّنْيَا

- ‌(6) - (1479) - بَابُ مَثَلِ الدُّنْيَا

- ‌(7) - (1480) - بَابُ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ

- ‌(8) - (1481) - بَابُ فَضْلِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(9) - (1482) - بَابُ مَنْزِلَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(10) - (1483) - بَابُ مُجَالَسَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(11) - (1484) - بَابٌ: فِي الْمُكْثِرِينَ

- ‌فائدة

- ‌بشارة عظيمة

- ‌(12) - (1485) - بَابُ الْقَنَاعَةِ

- ‌(13) - (1486) - بَابُ مَعِيشَةِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌(14) - (1487) - بَابُ ضِجَاعِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌(15) - (1488) - بَابُ مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(16) - (1489) - بَابٌ: فِي الْبِنَاءِ وَالْخَرَابِ

- ‌ملحقة

- ‌(17) - (1490) - بَابُ التَّوَكُّلِ وَالْيَقِينِ

- ‌(18) - (1491) - بَابُ الْحِكْمَةِ

- ‌ملحقة

- ‌(19) - (1492) - بَابُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْكِبْر، وَالتَّوَاضُعِ

- ‌(20) - (1493) - بَابُ الْحَيَاءِ

- ‌(21) - (1494) - بَابُ الْحِلْمِ

- ‌(22) - (1495) - بَابُ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ

- ‌(23) - (1496) - بَابُ التَّوَقِّي عَلَى الْعَمَلِ

- ‌(24) - (1497) - بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ

- ‌(25) - (1498) - بَابُ الْحَسَدِ

الفصل: ‌(2) - (1475) - باب الملاحم

(2) - (1475) - بَابُ الْمَلَاحِمِ

(8)

- 4032 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: مَالَ مَكْحُولٌ وَابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا إِلَى خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ

===

(2)

- (1475) - (باب الملاحم)

بفتح الميم وكسر الحاء المهملة، جمع الملحمة، بوزن المفعلة؛ وهي المقتلة، أو هي الواقعة العظيمة، وفي "النهاية": هي الحرب وموضع القتال؛ مأخوذ من اقتتال الناس؛ وهو اشتباكهم واختلاطهم في الحرب؛ كاشتباك لحمة الثوب بالسدى، وقيل: هي مأخوذة من: اللحم؛ لكثرة لحوم القتلى فيها.

* * *

(8)

- 4032 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي - بفتح المهملة وكسر الموحدة - أخو إسرائيل كوفي نزل الشام مرابطًا، ثقة مأمون، من الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل: سنة إحدى وتسعين ومئة (191 هـ). يروي عنه: (ع).

(عن) عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو أبي عمرو (الأوزاعي) الفقيه، ثقة فاضل من السابعة، مات سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن حسان بن عطية) المحاربي مولاهم أبي بكر الدمشقي، ثقة فقيه عابد، من الرابعة، مات بعد العشرين ومئة. يروي عنه:(ع).

(قال) حسان: (مال مكحول وابن أبي زكريا) أي: ذهبا (إلى خالد بن معدان).

أما مكحول .. فهو مكحول الشامي أبو عبد الله، ثقة فقيه كثير الإرسال

ص: 30

وَمِلْتُ مَعَهُمَا، فَحَدَّثَنَا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ لِي جُبَيْرٌ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مِخْبَرٍ

===

مشهور، من الخامسة، مات سنة بضع عشرة ومئة (113 هـ). يروي عنه:(م عم).

وأما ابن أبي زكريا .. فهو عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي أبو يحيى الشامي، واسم أبيه إياس، وقيل: زيد، ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة، من تابعي أهل الشام، وقال: كان ثقة قليل الحديث صاحب غزو، وقال الحافظ: ثقة فقيه عابد، من الرابعة، مات سنة تسع عشرة ومئة (119 هـ). يروي عنه:(د).

وأما خالد .. فهو خالد بن معدان الكلاعي الحمصي أبو عبد الله، ثقة عابد يرسل كثيرًا، من الثالثة، مات سنة ثلاث ومئة (103 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

أي: ذهبا إلى خالد بن معدان الكلاعي، قال حسان بن عطية:(وملت) أنا؛ أي: ذهبت (معهما) إلى خالد بن معدان (فحدثنا) معاشر الثلاثة خالد بن معدان (عن جبير بن نفير) - بالتصغير فيهما - ابن مالك بن عامر الحضرمي الحمصي، ثقة فاضل، من الثانية، مخضرم، ولأبيه صحبة، فكأنه هو ما وفد إلا في عهد عمر، مات سنة ثمانين، وقيل بعدها. يروي عنه:(م عم).

أي: قال حسان بن عطية: (وملت معهما) أي: وذهبت مع مكحول وابن أبي زكريا، وفي نسخة؛ (وملت معهم) بضمير الجمع، وهو تحريف من النساخ، إلى خالد بن معدان (فحدثنا) خالد (عن جبير بن نفير، قال) لنا خالد:

(قال) معطوف بعاطف مقدر على (حدثنا) عطف تفسير، فقال خالد في تحديثه لنا عن جبير:(قال لي جبير) عندما حدثني هذا الحديث: (انطلق) أي: اذهب يا خالد (بنا إلى ذي مخبر) الحبشي - بكسر أوله وسكون المعجمة

ص: 31

وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَسَأَلَهُ عَنِ الْهُدْنَة، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "سَتُصَالِحُكُمُ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا،

===

وفتح الموحدة - ابن أخي النجاشي، خادم النبي صلى الله عليه وسلم، سكن الشام، ومات بها رضي الله تعالى عنه. روى عنه: جبير بن نفير وغيره، يعد في الشاميين، ذكره مؤلف "المشكاة"، وفي "التهذيب": ويقال فيه: مخمر - بالميم بدل الموحدة - روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يخدمه، ويروي عنه:(د ق)، وجبير بن نفير، وخالد بن معدان (وكان) ذو مخبر (رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

قال خالد: (فانطلقت معهما) الصواب: (معه) بالإفراد؛ أي: ذهبت مع جبير بن نفير (فسأله) أي: فسأل جبير بن نفير ذا مخبر (عن الهدنة) - بضم الهاء وسكون الدال - أي: عن حكم الهدنة، هل يجوز أم لا؟ أي: عن حكم الصلح بين المسلمين على ترك المقاتلة بين الفريقين، وهل يجوز نقضه أم لا؟

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(فقال) ذو مخبر: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ستصالحكم) أيها المسلمون (الروم صلحًا آمنًا) أي: صلحًا ذا أمن بينكم وبينهم؛ أي: ستطلب منكم في زمن قريب قبيلة الروم صلح الموادعة والمتاركة، ويسمى بـ (الهدنة) أيضًا؛ وهو موافقة المسلمين مع الكفار على وقف الحرب بينهما صلحًا مطلقًا، أو مقيدًا بمدة عشر سنين، وتقع أيضًا بين كل متحاربين إذا ادعى كل من الفريقين أنه على الحق.

والروم: هم جيل معروف في بلاد واسعة، فتضاف إليهم، فيقال: بلاد الروم، واختلفوا في أصل نسبهم، وأما حدود بلادهم أيام الأكاسرة .. فمشارقهم

ص: 32

ثُمَّ تَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا فَتَنْتَصِرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَسْلَمُونَ، ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصَّلِيبِ الصَّلِيبَ

===

وشمالهم الترك، وجنوبهم الشام والإسكندرية، ومغاربهم البحر والأندلس.

وكانت الرقة والشامات كلها تعد في حدود الروم أيام الأكاسرة، وكانت دار الملك الأنطاكية، إلى أن نفاهم المسلمون إلى أقصى بلادهم.

وقوله: (صلحًا) مفعول مطلق لـ (تصالحكم) من غير بابه، أو على حذف الزوائد (آمنًا) أي: ذا أمن من الجانبين، وهذا اللفظ من أسماء النسب، أو جعل (آمنًا) للنسبة المجازية.

(ثم) بعد المصالحة بينكم وبينهم (تغزون) أي: تقاتلون (أنتم) أيها المسلمون (وهم) أي: الروم (عدوًا) آخرين بالمشاركة والاجتماع؛ بسبب الصلح الذي بينكم وبينهم؛ أو أنتم تغزون عدوكم، وهم يغزون عدوهم بالانفراد والاستقلال (فتنتصرون) أنتم وهم على أعدائكم، بصيغة الفعل المبنيِّ للمجهول، والأولى بناء الفعلين للفاعل، لأن (انتصر) من باب (افتعل) الخماسي اللازمِ فلا يُبنى للمجهول.

(وتغنمون) الأموال من أعدائكم (وتَسْلَمون) من السلامة؛ أي: تَسْلَمُون من القتل والجرح في القتال (ثُمَّ تنصرفون) أي: ترجعون أنتم وهم من الغزو (حتى تَنْزِلُوا) أنتم وأهل الروم (بِمَرْج) - بفتح فسكون آخره جيم - أي: حتَّى تَرْجِعُوا فتنزلوا في مرج؛ وهو الموضعُ الذي تُرْعَى فيه الدوابُّ، قاله السندي، وفي "النهاية": المَرْجُ: أرضٌ واسعة ذاتُ نبات كثيرة.

(ذي تُلُول) بالجر صفة لـ (مرج) والتُّلولُ - بضم التاء - جمعُ تَلٍّ - بفتحها -: وهو ما اجتمع من الأرض من تراب ورمل (فيَرفَعُ) حينئذ (رجل من أهل الصليب) أي: من عُبَّادهِ؛ وهم النصارى (الصليبَ) بالنصب مفعول لـ (يرفع)

ص: 33

فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَيَجْتَمِعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ".

(8)

- 4032 - (م) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ،

===

والصليب: خشبةٌ مربعة يَدَّعُون أن عيسى عليه السلام صُلِبَ على خشبةٍ كانت على تلك الصورة.

(فيقول) ذلك الرجل منهم؛ إغضابًا للمسلمين: (غلَبَ الصليبُ) أي: غلب أهله العدو؛ قصدًا لإبطال الصلح، أو لمجرد الافتخار وإيقاع المسلمين في الغيظ؛ كما قال:(فيَغْضَبُ رجلٌ من المسلمين، فيقوم إليه) أي: إلى الصليب (فيَدُقُّه) أي: فيدق المسلم الصليب ويكسره (فعند ذلك) أي: عندما كسر الرجل المسلم الصليب (تغدر) - بكسر الدال - أي: تنقض (الروم) أي: العَهْدَ؛ أي: عهد الصلح (ويجتمعون) أي: ويجتمع الروم (للملحمة) أي: لحرب المسلمين تحت ثمانين غاية؛ أي: رايةً.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود وأحمد في "مسنده"، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك"، والطبراني في "الكبير".

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

قال البوصيري: وليس لذي مخبر الحبشي عند ابن ماجه سوى هذا الحديث، وإسناده: حسن.

* * *

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث ذي مخبر رضي الله تعالى عنه، فقال:

(8)

- 4032 - (م)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم (الدمشقي) لقبه دحيم - مصغرًا - ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات

ص: 34

حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ:"فَيَجْتَمِعُونَ لِلْمَلْحَمَة، فَيَأْتُونَ حِينَئِذٍ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا".

===

سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه: (خ د س ق).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الدمشقي، ثقة كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الدمشقي، ثقة فقيه، من السابعة، مات سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن حسان بن عطية).

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لكون سنده صحيحًا، غرضه: بيان متابعة الوليد بن مسلم لعيسى بن يونس في رواية هذا الحديث عن الأوزاعي.

والضمير في قوله: (بإسناده) يعود إلى المتابع بصيغة اسم المفعول الذي هو عيسى بن يونس.

والجار والمجرور متعلق بـ (حدثنا الوليد) الذي هو العامل في المتابع، بصيغة اسم الفاعل؛ كما هو قاعدة المتابعة؛ والتقدير: حدثنا الوليد بن مسلم بإسناده، أي: بإسناد عيسى السابق، وهو ما بعد شيخ المتابع (نحوه) أي: بقريب حديث عيسى بن يونس (و) لكن (زاد) الوليد بن مسلم على عيسى (فيه) أي: في الحديث قوله: (فيجتمعون) أي: فيجتمع الروم (للملحمة) أي: لملحمة المسلمين وقتالهم (فيأتون) أي: فيأتي الروم (حينئذ) أي: حين إذا اجتمعوا لقتال المسلمين مجتمعين (تحت ثمانين غاية) أي: راية (تحت كل غاية) من تلك الرايات الثمانين (اثنا عشر ألفًا).

ص: 35

(9)

- 4033 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَة، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وَقَعَتِ الْمَلَاحِمُ

===

وحكم هذه المتابعة: الصحة؛ لصحة أصلها.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث ذي مخبر بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(9)

- 4033 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ خطيب، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الدمشقي، ثقة، من الثامنة، كثير التدليس والتسوية، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا عثمان بن أبي العاتكة) سليمان الأزدي أبو حفص الدمشقي القاص، صدوق ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني، من السابعة، مات سنة ثنتين وخمسين ومئة (152 هـ). يروي عنه:(د ق).

(عن سليمان بن حبيب المحاربي) أبي أيوب الداراني القاضي بدمشق، ثقة، من الثالثة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(خ د ق).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عثمان بن أبي العاتكة، وهو مختلف فيه.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وقعت الملاحم)

ص: 36

بَعَثَ اللهُ بَعْثًا مِنَ الْمَوَالِي هُمْ أَكْرَمُ الْعَرَبِ فَرَسًا، وَأَجْوَدُهُ سِلَاحًا، يُؤَيِّدُ اللهُ بِهِمُ الدِّينَ".

===

والحروب واختلطت وكثرت .. (بعث الله) عز وجل (بعثًا) أي: جيشًا؛ أي: أرسل الله تعالى لحلها جيشًا (من الموالي) أي: من السادات حسبًا بالسمع والطاعة الأشراف نسبًا؛ لكونهم من أشرف الأنساب (هم) أي: أولئك الجيشُ والبعثُ (أَكْرَمُ العربِ) أي: أشرفُ العرب (فرسًا) أي: أشرفُ العرب فُروسيَّةً؛ أي: من جهة تعلُّم الفروسية؛ أي: تعلم ركوب الفرس والمقابلة بها.

(وأجودُه) أي: أجود العرب (سِلاحًا) أي: من جهة تعلم المقاتلة بالسلاح في الرمي والضرب، والضمير في:(أجوده) يعود إلى العرب؛ بناءً على أن العرب مفرد لفظًا، جمعٌ مَعْنىً؛ لأنه اسم جنس؛ كقوم ورهط.

وفيه دلالة على أنهم من العرب، وفي الحديث أن كل مَنْ تَولَّى أمرًا وقام به .. فهو مولاه ووليُّه؛ يريد: أنَّ من امتُثِلَ أَمرُه واستُجيب نَهيه .. فهو وليُّه؛ ولعله أرَادَ بهم: المَهْدِيَّ وجَيْشَه، والله أعلم.

وقوله: (يؤيد الله) عز وجل (بهم) أي: بأولئك البَعْثِ هذا (الدِّينَ) الإسلاميَّ، وينصره إذا كان غريبًا.

والجملة الفعلية في محل النصب صفة ثانية لـ (بعثًا)، ولكنها سببية.

قوله: (من الموالي) جمع المولى؛ والمولى يطلق على الرب، والمالك، والسيد، والمنعم، والمعتق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والصهر، والمعتق - بلفظ اسم المفعول - والمنعم عليه.

وهذا الأخير هو المراد من الحديث.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن أخرجه الحاكم في "المستدرك" في كتاب الفتن والملاحم، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم

ص: 37

(10)

- 4034 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ،

===

يخرجاه، وقال الذهبي في "التلخيص": على شرط مسلم، وعزاه السيوطي للمصنف والحاكم وابن عساكر في "الدر المنثور".

ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ذي مخبر.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ذي مخبر بحديث نافع بن عتبة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(10)

- 4034 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(حدثنا الحسين بن علي) بن الوليد الجعفي الكوفي المقرئ، ثقة عابد، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن زائدة) بن قدامة الثقفي أبي الصلت الكوفي، ثقة ثبت صاحب سنة، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الملك بن عمير) بن سويد اللخمي، حليف بني عدي الكوفي، ويقال له: الفرسي؛ نسبة إلى فرس له سابق، ثقة فصيح عالم تغير حفظه وربما دلس، من الرابعة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ) وله مئة وثلاث سنين. يروي عنه:(ع).

(عن جابر بن سمرة) بن جنادة - بضم الجيم بعدها نون - السُّوَائِي - بضم المهملة والمد - الصحابي ابن الصحابي رضي الله تعالى عنهما، نزل الكوفة ومات بها بعد سنة سبعين. يروي عنه:(ع).

ص: 38

عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "سَتُقَاتِلُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ،

===

(عن نافع بن عتبة بن أبي وقاص) الزهري الصحابي الصغير رضي الله تعالى عنه، وهو ابن خال جابر بن سمرة، أسلم يوم الفتح، وهو أخو هاشمِ المِرْقال، مات أبوهما - وهو عتبة بن أبي وقاص - كافرًا قبل الفتح. يروي عنه:(م ق).

(عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا السندُ من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم (ستقاتلون جزيرة العرب) أي: تغزون أيتها الأمة جزيرة العرب (فيفتحها الله) تعالى عليكم؛ لأن الخطاب للمسلمين من حيث كونُهم أمةً، وليس للحاضرين فقط.

قال القرطبي: هذا الخطاب وإن كان لأولئك القوم الحاضرين .. فالمراد: هم ومن كان على مثل حالهم، من الصحابة والتابعين الذين فتحت بهم تلك الأقاليم المذكورة، ومن يكون بعدهم من أهل هذا الدين الذين يقاتلون في سبيل الله إلى يوم القيامة.

ويرجع معنى هذا الحديث إلى معنى الحديث الآخر الذي فيه: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين، لا يضرهم مَنْ خَذَلهم إلى قيام الساعة" أخرجه أحمد والترمذي. انتهى من "المفهم".

والحاصل: أن جزيرة العرب كلها ستفتح للمسلمين، ووقع الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ وجزيرة العرب: أرضهم التي نشؤوا فيها.

وسميت جزيرة؛ لأنها مجزورة بالبحار والأنهار؛ أي: مقطوعة بها؛ من الجزر؛ وهو القطع، وقيل: لأنها جزرت بالبحار التي أحدقت بها. انتهى

ص: 39

ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ"،

===

"مفهم"، قال في "المرقاة": وقد تقدم تفسيرها، ومجمله على ما حكي عن مالك: مكة والمدينة واليمامة واليمن.

والمعنى: تغزون بقية جزيرة العرب أو جميعها؛ بحيث لا يترك فيها كافر، والخطاب للصحابة أو للأمة. انتهى منه.

قال القاضي: قال الخليل: سميت جزيرة؛ لإحاطة البحار والأنهار بها، عن فارس، وبحر الحبشة، ودجلة، والفرات.

وقال الأصمعي: جزيرة العرب: ما لم يبلغه ملك فارس؛ من أقصى عدن إلى ريف العراق، وعرضها: من جدة إلى ساحل البحر إلى أطراف الشام.

وقال الشعبي: هي في الطول: ما بين قصر أبي موسى بالعراق إلى أقصى اليمن، وفي العرض: ما بين رمل قبرص إلى منقطع السماوة.

وعن مالك: هي المدينة، وعن المغيرة: هي مكة والمدينة واليمامة واليمن، وحكى إسماعيل القاضي عن مالك، وقال أيضًا: هي كل بلد لم تملكه الروم ولا فارس. انتهى من "الأبي".

(ثم تقاتلون) وتغزون (فارس، فيفتحها الله) تعالى لكم؛ كما في رواية مسلم (ثم تقاتلون) وتغزون (الروم، فيفتحها الله) عز وجل لكم؛ كما وقع ذلك حيث افتتح فارس والشام، في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وبقية بلاد الروم بعده (ثم تقاتلون) وتغزون (الدجال، فيفتحه الله) تعالى لكم؛ أي: فيفتح الدجال لكم.

ومعنى فتح الدجال لكم: قتله على يد عيسى عليه السلام، أما هذا الأمر الواقع .. فمنتظر إن شاء الله تعالى.

ص: 40

قَالَ جَابِرٌ: فَمَا يَخْرُجُ الدَّجَّالُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ.

(11)

- 4035 - (4) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ

===

(قال جابر) بن سمرة: فقال لي نافع بن عتبة: (فما يخرج الدجال) الآن (حتى تفتح الروم) للمسلمين؛ لأن أمره مؤخر مما ذكر قبله.

قوله: "فيفتحها الله" تعالى قال النووي: يروى بضمير المؤنث، فضمير المؤنث حينئذ يعود على مملكته بأرضه التي يغلب عليها، ويروى بضمير المذكر، فحينئذ يحتمل أن يعود على الدجال؛ ومعنى فتحه: قتله إياه على يد عيسى عليه السلام، ويحتمل أن يعود على ملكه. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ما يكون من فتوحات المسلمين قبل الدجال، وابن حبان في "الإحسان" والحاكم في كتاب الفتن والملاحم.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ذي مخبر.

* * *

ثم استأنس المؤلف للترجمة بحديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه، فقال:

(11)

- 4035 - (4)(حدثنا هشام بن عمار) السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الدمشقي، ثقة كثير التدليس، من الثامنة، مات في آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

ص: 41

وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُطَيْبٍ السَّكُونِيّ، وَقَالَ الْوَلِيدُ: يَزِيدُ بْنُ قُطْبَةَ، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ،

===

(وإسماعيل بن عياش) بن سليم العنسي - بالنون - أبو عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(عم).

كلاهما (قالا: حدثنا أبو بكر) بن عبد الله (بن أبي مريم) الغساني الشامي، وقد ينسب إلى جده، قيل: اسمه بكير، وقيل: عبد السلام، ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط، من السابعة، مات سنة ست وخمسين ومئة (156 هـ). يروي عنه:(د ت ق).

(عن الوليد بن سفيان بن أبي مريم) الغساني الشامي، مجهول، من السادسة. يروي عنه:(د ت ق).

(عن يزيد بن قطيب السكوني) هذا رواية ابن عياش (وقال الوليد) بن مسلم القرشي في روايته: حدثنا (يزيد بن قطبة) بدل قطيب - بموحدة مصغرًا - السكوني، مقبول، من السادسة. يروي عنه:(د ت ق). ذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن أبي بحرية) - بفتح الموحدة وسكون المهملة وتشديد التحتانية - حمصي مشهور بكنيته، مخضرم ثقة، من الثانية، مات سنة سبع وسبعين (77 هـ) اسمه عبد الله بن قيس الكندي السكوني، التُّراغمي - بمثناة ثم معجمة - يروي عنه:(عم).

(عن معاذ بن جبل) بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبي عبد الرحمن، مشهور من أعيان الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، شهد بدرًا وما

ص: 42

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى وَفَتْحُ الْقُسْطُنْطِينِيَّةِ وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ".

===

بعدها، وإليه المنتهى في العلم بالأحكام والقرآن، مات بالشام سنة ثماني عشرة (18 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف جدًّا؛ لأن فيه أبا بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف مخلط، وفيه الوليد بن سفيان، وهو مجهول.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الملحمة الكبرى) أي: الحرب العظيم (وفتح القسطنطينية) - بضم القاف وسكون المهملة وضم الطاء الأولى وقد تفتح وكسر الثانية بينهما نون ساكنة وبعد الطاء الثانية ياء ساكنة ثم نون - قال النووي: وهو المشهور، ونقله القاضي في "المشارق" عن المتقنين والأكثرين.

وعن بعضهم: زيادة ياء مشددة؛ وهي مدينة مشهورة من أعظم مدائن الروم؛ والمراد بالروم: النصارى، لأن أهل الروم كانوا يومئذ نصارى.

(وخروج الدجال في سبعة أشهر) أي: يكون ذلك كله في سبعة أشهر.

وقال في "القاموس": (قسطنطينية) - مشددة -: حصن بحدود أفريقية؛ دار ملك الروم، وفتحها: من أشراط الساعة، وتسمى بالرومية:(بوزنطيا)، ارتفاع سورها: أحد وعشرون ذراعًا، وكنيستها مستطيلة، وبجانبها عمود عال في دور أربعة أبواع تقريبًا، وفي رأسه فرس من نحاس وعليه فارس، وفي إحدى يديه كرة من ذهب، وقد فتح أصابع يده الأخرى مشيرًا بها، وهو صورة قسطنطين بانيها.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الملاحم، والترمذي في كتاب الفتن، باب علامات خروج الدجال.

ودرجته: أنه ضعيف؛ لضعف سنده، ولمعارضته ما بعده، وغرضه:

ص: 43

(12)

- 4036 - (5) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي بِلَالٍ،

===

الاستئناس به للترجمة، فهذا الحديث: ضعيف متنًا وسندًا (3)(413).

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث ذي مخبر بحديث عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(12)

- 4036 - (5)(حدثنا سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني - بفتح المهملة والمثلثة - أبو محمد، صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، فأفحش فيه ابن معين القول، من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م ق).

(حدثنا بقية) بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي، أبو محمد الميتمي الحمصي، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، من الثامنة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(م عم). فهو ضعيف فيما روى عن الضعفاء، ثقة فيما روى عن الثقات.

(عن بحير) - بكسر الحاء المهملة - (ابن سعد) السحولي - بمهملتين - أبي خالد الحمصي، ثقة ثبت، من السادسة، وقال دحيم وابن سعد والنسائي: ثقة، وقال العجلي: شامي ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات". يروي عنه:(عم).

(عن خالد) بن معدان الكلاعي الحمصي أبي عبد الله - وورد في النسخ (عن خالد بن أبي بلال)، وهو وهم -، ثقة عابد، من الثالثة، يرسل كثيرًا، مات سنة ثلاث ومئة (103 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

ص: 44

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَ الْمَلْحَمَةِ وَفَتْحِ الْمَدِينَةِ سِتُّ سِنِينَ، وَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي السَّابِعَةِ".

===

(عن ابن أبي بلال) اسمه عبد الله بن أبي بلال الخزاعي الشامي. روى عن: عبد الله بن بسر، ويروي عنه: خالد بن معدان، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ: مقبول، من الرابعة. يروي عنه:(عم).

(عن عبد الله بن بسر) - بضم الموحدة وسكون المهملة - المازني الصحابي الصغير، له ولأبيه صحبة رضي الله تعالى عنهما، مات سنة ثمان وثمانين (88 هـ)، وقيل: ست وتسعين، وله مئة سنة، وهو آخر من مات بالشام من الصحابة. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات ولا يقدح بقية في السند؛ لأنه روى هنا عن الثقات، فهو ثقة فيما روى عن الثقات؛ كما مر آنفًا.

(قال) عبد الله بن بسر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بين الملحمة) الكبرى (و) بين (فتح المدينة) أي: القسطنطينية (ست سنين، ويخرج الدجال في) السنة (السابعة).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الملاحم، باب في تواتر الملاحم.

فهذا الحديث درجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ذي مخبر.

فلا يقال: هذا الحديث الذي هو حديث عبد الله يعارض الحديث الذي قبله الذي هو حديث معاذ بن جبل؛ حيث قال في حديث معاذ: (والملحمة الكبرى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال في سبعة أشهر)، وقال في

ص: 45

(13)

- 4037 - (6) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْحُنَيْنِيُّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَدِّهِ

===

حديث ابن بسر: (بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين، ويخرج الدجال في السنة السابعة).

وبين الحديثين معارضة لا يمكن الجمع بينهما؛ فإن الأول وقع: (سبعة أشهر)، ووقع في الثاني:(سبع سنين).

قلت: إن الأول ضعيف؛ لضعف سنده، والثاني صحيح؛ لصحة سنده، وقد مر آنفًا ما قلنا في بقية بن الوليد آنفًا، فالضعيف لا يصلح لمعارضة الصحيح، فالمعتبر المعول عليه في الحكم هو الصحيح، والله أعلم، فليتأمل.

* * *

ثم استأنس المؤلف للترجمة ثانيًا بحديث عمرو بن عوف المزني رضي الله تعالى عنه، فقال:

(13)

- 4037 - (6)(حدثنا علي بن ميمون الرقي) العطار، ثقة، من العاشرة، مات سنة ست وأربعين ومئتين (246 هـ). يروي عنه:(س ق).

(حدثنا أبو يعقوب الحنيني) - مصغرًا - إسحاق بن إبراهيم المدني نزيل طرسوس، ضعيف، مات سنة ست عشرة ومئتين (216 هـ) من التاسعة. يروي عنه:(د ق).

(عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف) المزني المدني، ضعيف، من السابعة، أفرط من نسبه إلى الكذب. يروي عنه:(د ت ق).

(عن أبيه) أي: عن أبي كثير عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد المزني المدني والد كثير، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(د ت ق).

(عن جده) أي: عن جد كثير الذي هو عمرو بن عوف بن زيد بن ملحة

ص: 46

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ أَدْنَى مَسَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِبَوْلَاءَ"، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم:"يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ"،

===

- بكسر أوله وتسكين ثانيه وحاء مهملة - أبو عبد الله المزني الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، مات في ولاية معاوية. يروي عنه:(د ت ق).

والضميران في (أبيه) و (جده) كل منهما عائد إلى (كثير بن عبد الله).

(قال) جده عمرو بن عوف: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه أبا يعقوب الحنيني، وهو ضعيف، وفيه أيضًا كثير بن عبد الله، كذبه أبو داوود والشافعي.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تكون أدنى) وأقرب (مسالح المسلمين) نازلين (ببولاء) لحراسة الأعداء عن دخول بلاد المسلمين؛ وهو اسم موضع كان يسرق فيه الأعراب متاع الحجاج وزادهم؛ والمسالح - جمع مسلحة - وهم القوم الذين يحفظون الثغور من العدو، وسموا مسلحة: لأنهم يكونون ذوي سلاح، أو لأنهم يسكنون المسلحة؛ وهي كالثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدو؛ لئلا يطرقهم على غفلة، فإذا رأوه .. أعلموا أصحابهم؛ ليتأهبوا له. انتهى "سندي".

أي: حتى يكون أقرب حرسة بلاد المسلمين نازلين ببولاء؛ وهو اسم موضع في أطراف بلاد الشام.

(ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي) يريد: علي بن أبي طالب؛ أي: أقبل إلي (يا علي) أقبل إلي، (يا علي) أقبل إلي، كرره ثلاث مرات بقوله:(يا علي يا علي يا علي) مبالغةً في التأكيد.

ص: 47

قَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي، قَالَ: "إِنَّكُمْ سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ وَيُقَاتِلُهُمُ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِكُمْ، حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رُوقَةُ الْإِسْلَامِ أَهْلُ الْحِجَازِ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَيَفْتَتِحُونَ الْقُسْطُنْطينِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِير، فَيُصِيبُونَ غَنَائِمَ لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهَا حَتَّى يَقْتَسِمُوا بِالْأَتْرِسَة، وَيَأْتِي آتٍ فَيَقُولُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَرَجَ فِي بِلَادِكُمْ،

===

(قال) علي: أقبلت إليك يا رسول الله، فداءً لك (بأبي وأمي) أي: أفديك بأبي وأمي عن كل المكاره (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: (إنكم) أيها الأصحاب (ستقاتلون بني الأصفر) أي: الروم (ويقاتلهم) أي: ويقاتل بني الأصفر الأتباع (الذين من بعدكم) أي: أيها الأصحاب (حتى تخرج إليهم) أي: إلى بني الأصفر لقتالهم (روقة الإسلام) أي: خيار المسلمينَ وسراتُهم، جمع رائق؛ من راق الشيء؛ إذا صفا وخلص.

وقوله: (أهل الحجاز) بدل من (روقة) بدل كل من كل؛ أي: حتى يخرج إلى قتالهم خيار المسلمين وأشرافهم الذين هم أهل الحجاز (الذين لا يخافون في) حق (الله لومة لائم) وعذل عاذل (فيفتتحون القسطنطينية) أي: مدينتها، وهي أكبر مدائن الروم؛ كما مر؛ أي: يغلبون أهلها (بالتسبيح والتكبير، فيصيبون غنائم) أي: يأخذون غنائم كثيرة من أهلها (لم يصيبوا) أي: لم يأخذوا (مثلها) أي: مثل تلك الغنيمة قط في غزواتهم (حتى يقتسموا) ها لكثرتها (بالأترسة) أي: حتى يتقاسموا ذهبها وفضتها؛ لكثرتها بكيلها بالأترسة جمع ترس، وذكر قسمتها بالأترسة بيان لكثرتها، حتى لا يمكن تقاسمها بعد الدراهم والدنانير.

(ويأتي) إليهم (آت) أي: إنسان، وهم في مقاسمتها (فيقول) لهم:(إن المسيح) الدجال (قد خرج) من محبسه في جزيرة البحر، ودخل (في بلادكم)

ص: 48

أَلَا وَهِيَ كِذْبَةٌ؛ فَالْآخِذُ نَادِمٌ وَالتَّارِكُ نَادِمٌ".

(14)

- 4038 - (7) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَّنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ،

===

ومدنكم على النساء والولدان، فحيهلا على أولادكم ونسائكم (ألا) - بفتح الهمز - حرف استفتاح وتنبيه؛ أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (وهي) أي: وتلك الكلمة (كذبة) أي: كلمة كاذبة، ناداها إبليس؛ ليحرمهم عن الغنيمة و (الفاء) في قوله:(فالآخذ نادم) فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفتَ أن تلك المقالة كذبة، وعرفت أن منهم آخذًا منها، ومنهم تاركًا، وأردت بيان حالهم بعد ذلك .. (فـ) أقول لك:(الآخذ) منها (نادم) لظهورِ أنَّ تلك الكلمة كذبة (والتارك) لأخذها (نادم) أيضًا؛ لأن الدجال يخرج بعده بقريب، بحيث يرى التارك أنه لو تأهَّب له حين سمع ذلك القول .. كان أحسن له.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف؛ لضعف سنده، وقيل: هو موضوع، وغرضه: الاستئناس به للترجمة، فهذا الحديث: ضعيف متنًا وسندًا (4)(414).

* * *

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث ذي مخبر بحديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(14)

- 4038 - (7)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم الدمشقي أبو سعيد، لقبه دحيم - مصغرًا - ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الدمشقي، ثقة مدلس، من الثامنة،

ص: 49

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ الله، حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ هُدْنَةٌ، فَيَغْدِرُونَ بِكُمْ فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ فِي ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا".

===

مات في آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة. يروي عنه: (ع).

(حدثنا عبد الله بن العلاء) بن زبر - بفتح الزاي وسكون الموحدة - الدمشقي الربعي، ثقة، من السابعة، مات سنة أربع وستين ومئة (164 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثني بسر بن عبيد الله) الحضرمي الشامي، ثقة حافظ، من الرابعة. يروي عنه:(ع).

(حدثني أبو إدريس الخولاني) عائذ الله بن عبد الله، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسمع من كبار الصحابة، ومات سنة ثمانين (80 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثني عوف بن مالك الأشجعي) أبو حماد الدمشقي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، من مسلمة الفتح، مات سنة ثلاث وسبعين (73 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) عوف: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تكون بينكم) أيها المسلمون (وبين بني الأصفر هدنة) أي: مصالحة وموادعة على ترك المحاربة بينكم وبينهم (فيغدرون) أي: يخدعون (بكم، فيسيرون إليكم) للمحاربة (في) جيش ملتبسين بـ (ثمانين غاية) أي: راية (تحت كل غاية) أي: راية (اثنا عشر ألفًا) من الجنود.

ص: 50