المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(14) - (1487) - باب ضجاع آل محمد صلى الله عليه وسلم - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب الفتن (2)

- ‌(1) - (1474) - بَابُ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ

- ‌فائدة

- ‌(2) - (1475) - بَابُ الْمَلَاحِمِ

- ‌ملحقة

- ‌(3) - (1476) - بَابُ التُّرْكِ

- ‌كتاب الزهد

- ‌(4) - (1477) - بَابُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا

- ‌(5) - (1478) - بَابُ الْهَمِّ بِالدُّنْيَا

- ‌(6) - (1479) - بَابُ مَثَلِ الدُّنْيَا

- ‌(7) - (1480) - بَابُ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ

- ‌(8) - (1481) - بَابُ فَضْلِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(9) - (1482) - بَابُ مَنْزِلَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(10) - (1483) - بَابُ مُجَالَسَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(11) - (1484) - بَابٌ: فِي الْمُكْثِرِينَ

- ‌فائدة

- ‌بشارة عظيمة

- ‌(12) - (1485) - بَابُ الْقَنَاعَةِ

- ‌(13) - (1486) - بَابُ مَعِيشَةِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌(14) - (1487) - بَابُ ضِجَاعِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌(15) - (1488) - بَابُ مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(16) - (1489) - بَابٌ: فِي الْبِنَاءِ وَالْخَرَابِ

- ‌ملحقة

- ‌(17) - (1490) - بَابُ التَّوَكُّلِ وَالْيَقِينِ

- ‌(18) - (1491) - بَابُ الْحِكْمَةِ

- ‌ملحقة

- ‌(19) - (1492) - بَابُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْكِبْر، وَالتَّوَاضُعِ

- ‌(20) - (1493) - بَابُ الْحَيَاءِ

- ‌(21) - (1494) - بَابُ الْحِلْمِ

- ‌(22) - (1495) - بَابُ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ

- ‌(23) - (1496) - بَابُ التَّوَقِّي عَلَى الْعَمَلِ

- ‌(24) - (1497) - بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ

- ‌(25) - (1498) - بَابُ الْحَسَدِ

الفصل: ‌(14) - (1487) - باب ضجاع آل محمد صلى الله عليه وسلم

(14) - (1487) - بَابُ ضِجَاعِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

(70)

- 4094 - (1) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو خَالِدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ ضِجَاعُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

===

(14)

- (1487) - (بابُ ضِجاع آل محمد صلى الله عليه وسلم

والضجاع؛ كالفراش وزنًا ومعنىً.

* * *

(70)

- 4094 - (1)(حدثنا عبد الله بن سعيد) بن حصين الكندي أبو سعيد الأشج الكوفي، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة سبع وخمسين ومئتين (257 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).

(وأبو خالد) الأحمر سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق يخطئ، من الثامنة، مات سنة تسعين ومئة، أو قبلها. يروي عنه:(ع).

(عن هشام بن عروة) الأسدي المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) عروة بن الزبير، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله أثبات.

(قالت) عائشة: (كان ضجاع) أي: فراش (رسول الله صلى الله عليه وسلم)

ص: 231

أَدَمًا حَشْوُهُ لِيفٌ.

(71)

- 4095 - (2) حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ،

===

الذي ينام عليه (أدمًا) - بفتحتين - جمع أديم؛ وهو الجلد المدبوغ (حشوه) أي: محشوه (ليف) أي: قشر النخل، قاله النووي.

وفي الحديث: جواز اتخاذ الفرش والوسادة والنوم عليها والارتفاق بها.

قال القاري: الأظهر: أنه يقال فيه بالاستحباب؛ لمداومته عليه السلام على ذلك، ولأنه أكملُ للاستراحةِ الَّتِي قُصِدَتْ بالنومِ للقيامِ على النشاطِ للعبادة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الرقاق، ومسلم وأبو داوود في اللباس، والترمذي في اللباس، وفي صفة القيامة، وأحمد في "المسند".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث علي رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(71)

- 4095 - (2)(حدثنا واصل بن عبد الأعلى) بن هلال الأسدي أبو القاسم الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا محمد بن فضيل) بن غزوان - بفتح المعجمة وسكون الزاي - الضبي مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق عارف، رمي بالتشيع، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 232

عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَهُمَا فِي خَمِيلٍ لَهُمَا، وَالْخَمِيلُ: الْقَطِيفَةُ الْبَيْضَاءُ مِنَ الصُّوف، قَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَهَّزَهُمَا بِهَا، وَوِسَادَةٍ

===

(عن عطاء بن السائب) أبي محمد الثقفي الكوفي، صدوق اختلط، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(عن أبيه) السائب بن مالك، أو ابن زيد الثقفي الكوفي، ثقة، من الثانية. يروي عنه:(عم).

(عن علي) بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى عليًّا وفاطمة) في بيتهما (و) الحال أنـ (هما) مضطجعان (في خَمِيل) وبطانيةٍ كائنة (لهما) أي: لعلي وفاطمة.

وفسر بعض الرواة: الخميل بقوله: (والخميل: القطيفة البيضاء من الصوف) والقطيفة: هي كل ثوب عليه خمل من أي شيء كان، كذا في "النهاية".

(قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جهزهما) وزفهما وودعهما حين تسليم فاطمة لعلي (بها) أي: بتلك القطيفة (و) بـ (وسادة) أي: مخدة.

والوسادة - بكسر الواو - مشتق من وسدت الشيء؛ إذا جعلته تحت رأسك وسادةً.

قال السندي: قوله: (ووسادة) بالجر معطوف على الضمير المجرور، بلا إعادة الجار؛ وهو الباء في (بها) العائد على (القطيفة) على مذهب من جوز ذلك؛ أي: جهزهما بها وبوسادة.

ص: 233

مَحْشُوَّةٍ إِذْخِرًا وَقِرْبَةٍ.

(72)

- 4096 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ،

===

وقوله: (محشوةٍ) بالجر صفة لـ (وسادة) وهو اسم مفعول؛ من حشى الشيء في الشيء؛ إذا جعله حشوًا له؛ أي: مملوءة تلك الوسادة (إذخرًا) بالنصب مفعول ثان لـ (محشوة) وهو - بكسر الهمزة -: اسم حشيش طيب الرائحة يسقف بها أهل مكة (وقربةٍ) بالجر معطوف على (الوسادة) وهو إناء لما يستقى به الماء من الآبار، وهو نظير الأسطال العصرية، ولا يكون إلا من جلد الغنم.

والمعنى: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما القطيفة والوسادة المحشوة بالإذخر والقربة جهازًا عند زفافهما، والجهاز: أمتعة العروس.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب النكاح، باب جهاز الرجل ابنته، والبيهقي في "الدلائل"، والحاكم وأحمد وابن حبان وغيرهم.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة بحديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(72)

- 4096 - (3)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا عمر بن يونس) بن القاسم الحنفي اليمامي، قال ابن معين والنسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال في "التقريب": ثقة، من

ص: 234

حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاس، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَالَ: فَجَلَسْتُ فَإِذَا عَلَيْهِ إِزَارٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِه، وَإِذَا أَنَا بِقُبْضَةٍ

===

التاسعة. يروي عنه: (ع). مات سنة ست ومئتين (206 هـ).

(حدثنا عكرمة بن عمار) العجلي أبو عمار اليمامي، صدوق يغلط ولم يكن له كتاب، من الخامسة، مات قبيل الستين ومئة. يروي عنه:(م عم).

(حدثني سماك) بن الوليد (الحنفي أبو زميل) - بالزاي مصغرًا - اليمامي ثم الكوفي، ليس به بأس، من الثالثة. يروي عنه:(م عم).

(حدثني عبد الله بن العباس) الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهما، حبر الأمة، ترجمان القرآن.

(حدثني عمر بن الخطاب) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عكرمة بن عمار وهو مختلف فيه، وفيه أيضًا سماك بن الوليد، وهو مختلف فيه أيضًا.

(قال) عمر: (دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفته حين اعتزل نساءه (وهو) أي: والحال أنه صلى الله عليه وسلم مضطجع (على حصير) أي: على نسيج خوص النخل.

(قال) عمر: (فجلست) عنده صلى الله عليه وسلم في الغرفة التي اعتزل فيها حين آلى من نسائه (فإذا عليه) صلى الله عليه وسلم (إزار و) الحال أنه (ليس عليه غيره) أي: غير الإزار؛ والمعنى: ليس بين جسده الشريف وبين الحصير حائل غير الإزار (وإذا الحصير قد أثر) وأظهر (في جنبه) الشريف خيوطه، ونظرت بعيني في نواحي الغرفة (وإذا أنا) راء (بقبضة) - بفتح القاف

ص: 235

مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاع، وَقَرَظٍ فِي نَاحِية فِي الْغُرْفَة، وَإِذَا إِهَابٌ مُعَلَّقٌ، فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ فَقَالَ:"مَا يُبكِيكَ يَا بْنَ الْخَطَّابِ؟ "، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ؛ وَمَا لِيَ لَا أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ

===

أو ضمها، والضم أفصح - أي: بشيء قليل (من شعير نحو الصاع) أي: قدرها لَوْ كِيلَ.

قال الجوهري: القبضة - بالضم -: ما قبضت عليه من شيء، يقال: أعطاه قبضةً من سويق أو تمر أو شعير، أي: حفنةً من شعير.

(و) رأيت أيضًا بشيء قليل من (قرظ في ناحية) أخرى؛ أي: (في) جانب آخر من (الغرفة) ونظرت في جانب آخر من الغرفة: (وإذا إهاب) أي: جلد غير مدبوغ (معلق) بالجدار، أي: ونظرت إلى جانب آخر من الغرفة، ففاجأني رؤية إهاب معلق على الجدار (فـ) لما رأيت غرفته فارغة من الأمتعة التي تتزين بها البيت .. (ابتدرت عيناي) أي: سارعت عيناي بسيلان الدموع منهما، أي: فاضتا بالدموع الكثيرة.

(والقرظ) - بفتحتين -: ورق السلم يدبغ به الجلد.

قال أبو حنيفة: القرظ أجود ما يدبغ الأهب؛ أي: الجلود في أرض العرب، وهي تدبغ بورقه وثمره، وقد بسطنا الكلام على القرظ في كتابنا "البيان الصريح على بردة المديح" وكذا في "الكوكب على مسلم" نقلًا عن "تاج العروس".

(فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك يا بن الخطاب؟ ) أي: أي شيء هَيَّجَكَ على البكاء؟

(فقلت) له في جواب سؤاله: (يا نبي الله؛ وما لي لا أبكي) أي: وأيُّ شيء ثَبَتَ لي في ترك البكاء، وأي مانع منعني من البكاء، أو أي: شيء ثبت لي حالة كوني لا أبكي (و) الحال أن (هذا الحصير قد أثر) أي: قد ظهر

ص: 236

فِي جَنْبِكَ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لَا أَرَى فِيهَا إِلَّا مَا أَرَى، وَذَلِكَ كِسْرَى وَقَيْصَرُ فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَار، وَأَنْتَ نَبِيُّ اللهِ وَصَفْوَتُهُ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ،

===

أثر خيوطه (في جنبك) الشريف (وهذه) الغرفة الفارغة (خزانتك) أي: مخزن مالك ومتاعك النفيس، والحال أني (لا أرى) ولا أبصر (فيها) أي: في خزانتك (إلا ما أرى) وأبصر فيها من محقرات الأموال؛ أي: وأي مانع منعني من البكاء، والحال أن ترك الدنيا بلغ بك هذا الحد الذي أرى في جسمك وفي غُرْفَتِك هذه (وذلك) الذي هو عدو الله، وهو مبتدأ، وقوله:(كسرى) بدل من اسم الإشارة (وقيصر) معطوف على (كسرى).

وكسرى: لقب لكل من ملك الفرس، وقيصر: لقب لكل من ملك الروم.

أي: والحال أن أولئك الأعداء الذين هم كسرى وقيصر مترفون منعمون (في الثمار) اليانعة (والأنهار) الجارية (وأنت) يا رسول الله؛ أي: والحال أنك (نبي الله وصفوته) أي: مختاره (وهذه) الغرفة الفارغة (خزانتك) أي: مستوح نفائس أموالك.

وقوله: (في الثمار والأنهار) متعلق بمحذوف خبر المبتدأ؛ تقديره: وأي مانع منعني من البكاء، والحال أن أولئك الأعداء كسرى وقيصر متبسطون ومترفهون في الثمار اليانعة، والأنهار النابعة، وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته من خلقه ومختاره منهم في هذه الغرفة الفارغة التي هي خزانتك، ومستودع نفائس أموالك، فوجب بكائي تعجبًا من هذه القسمة العادلة والحكمة الباهرة.

قوله: (وصفوته) وصفوة الشيء - بتثليث الصاد المهملة -: خالصه وما صفا منه؛ كما في "القاموس" و"الصحاح".

قوله: (وهذه خزانتك) قال الحافظ: وفيه جواز نظر الإنسان في نواحي بيت

ص: 237

قَالَ: "يَا بْنَ الْخَطَّابِ؛ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ، وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟ "، قُلْتُ: بَلَى.

===

صاحبه وما فيه، إذا علم أنه لا يكره، وبهذا يجمع بين ما وقع لعمر وبين ما ورد من النهي عن فضول النظر، أشار إلى ذلك النووي.

ويحتمل أن يكون نظره في غرفة النبي صلى الله عليه وسلم وقع أولًا اتفاقًا، فرأى الشعير والقرظ مثلًا، فاستقله، فرفع رأسه لينظر هل هناك شيء أنفس منه، فلم ير إلا الأهب، فقال ما قال، ويكون النهي الوارد محمولًا على من تعمد النظر في ذلك والتفتيش ابتداء، كذا في "فتح الباري"(9/ 257).

فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر في جواب قوله: (يا بن الخطاب؛ ألا ترضى أن تكون لنا) معاشر المؤمنين (الآخرة) ونعيمها (و) تكون (لهم) أي: للكفار (الدنيا) وزخارفها؟ قال عمر: (قلت) له - صلى الله علية وسلم -: (بلى) رضيت ذلك يا رسول الله.

قوله: (قال ابن الخطاب) وفي رواية للبخاري في النكاح: (فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وكان متكئًا) أولًا (فقال: أو في هذا أنت يا بن الخطاب؟ ! ).

قال الحافظ: وهذا يشعر بأنه صلى الله عليه وسلم ظن أنه بكى من جهة الأمر الذي كان فيه؛ وهو غضب النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه حتى اعتزلهن، فلما ذكر أنه من أمر الدنيا .. أجابه بما أجابه.

وفي هذا الحديث من الفوائد:

توقير العالم ومهابته عن استفسار ما يخشى من تغييره عند ذكره.

وترقب خلوات العالم ليسأل عما لعله لو سئل عنه بحضرة الناس .. أنكره على السائل.

ص: 238

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفيه أن شدة الوطأة على النساء مذمومة.

وفيه تأديب الرجل ابنته بالقول؛ لأجل إصلاحها لزوجها.

وفيه البحث عن العلم في الطرقات والخلوات وفي حال القعود والمشي.

وفيه الصبر على الزوجات، والإغضاء عن خطاياهن، والصفح عما يقع منهن من ذلك في حق الزوج، دون ما يكون من حق الله تعالى.

وفيه التناوب في مجلس العلم، إذا لم تتيسر فيه المواظبة على حضوره لشاغل.

وفيه أن الأخبار التي تشاع - ولو كثر ناقلوها - إن لم يكن مرجعها إلى أمر حسي؛ من مشاهدة أو سماع .. لا تستلزم الصدق.

وفيه إيثار القناعة. انتهى منه.

وهذا الحديث أخرجه المؤلف مختصرًا، وقد أخرجه البخاري مختصرًا ومطولًا في كتاب العلم والمظالم وفي النكاح وفي تفسير سورة التحريم، وأخرجه مسلم مختصرًا ومطولًا في الطلاق، والنسائي في باب كم الشهر من الصوم، وفي "عمل اليوم والليلة"، والترمذي في تفسير سورة التحريم، وابن حبان وابن خزيمة في "صحيحيهما" والبيهقي وأحمد وغيرهم.

وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عائشة بحديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 239

(73)

- 4097 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْحَارِث،

===

(73)

- 4097 - (4)(حدثنا محمد بن طريف) بن خليفة البجلي أبو جعفر الكوفي، من صغار العاشرة، صدوق، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(م د ت ق).

(وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب) بن الشهيد الحبيبي أبو يعقوب البصري الشهيدي، ثقة، من العاشرة، مات سنة سبع وخمسين ومئتين (257 هـ). يروي عنه:(ت س ق).

(قالا: حدثنا محمد بن فضيل) بن غزوان - بفتح المعجمة وسكون الزاي - الضبي مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق عارف رمي بالتشيع، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن مجالد) - بضم أوله وتخفيف الجيم - ابن سعيد بن عمير الهمداني - بسكون الميم - أبي عمرو الكوفي، ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره، من صغار السادسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ). يروي عنه:(م عم)، وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثقه مرة، وقال ابن عدي: له عن الشعبي أحاديث صالحة، قال يعقوب بن أبي سفيان: تكلم فيه الناس، وهو صدوق، وقال العجلي: وهو جائز الحديث، وقال البخاري: وهو صدوق، بالجملة: فهو مختلف فيه.

(عن عامر) بن شراحيل الشعبي - بفتح المعجمة - أبي عمرو مشهور فقيه فاضل، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).

(عن الحارث) بن عبد الله الأعور الهمداني - بسكون الميم - الحوتي الكوفي أبي زهير صاحب علي، مات في خلافة ابن الزبير، كذبه الشعبي في رأيه، لا

ص: 240

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أُهْدِيَتِ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ، فَمَا كَانَ فِرَاشُنَا لَيْلَةَ أُهْدِيَتْ إِلَّا مَسْكَ كَبْشٍ.

===

في الحديث، ورمي بالرفض، وهو من الثانية، وقال الدوري عن ابن معين: ثقة، وقال ابن أبي داوود: كان الحارث أفقه الناس، وقال الدارقطني: الحارث ضعيف، وقال أحمد بن صالح المصري: الحارث ثقة ما أحفظه، وما أحسن ما روى عن عَليٍّ! وأثنى عليه، قيل له: فقد قال الشعبي: كان يَكْذبُ، قال: لم يكن يكذب في الحديث، وإنما كان كذبه في رأيه، وقرأت بخط الذهبي في "الميزان" والنسائي مع تعنته في الرجال قد احتج به، والجمهور على توهينه، مع روايتهم لحديثه في الأبواب، وهذا الشعبي يكذبه، ثم يروي عنه، والظاهر أنه يكذب في حكاياته لا في الحديث، وبالجملة: فهو مختلف فيه لا يرد السند. يروي عنه: (عم).

(عن علي) بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن في رجاله مجالد بن سعيد وهو مختلف فيه، والحارث الأعور فيه أيضًا، وهو مختلف فيه أيضًا، أَوْ حكمه: الضعف عند الجماهير إن نظرنا إلى الراويين المذكورين، والحسن عندهم إن نظرنا إلى شواهده؛ لأن له شواهد؛ كما في "مسلم".

(قال) علي رضي الله تعالى عنه: (أهديت) أي: أرسلت (ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي) ليلة الزواج (فما كان فراشنا) الذي رقدنا ونمنا عليه (ليلة أهديت) إليَّ (إلا مَسْك) - بفتح الميم وسكون السين المهملة - أي: إلا جلد (كبش) والكبش - بفتح الكاف وسكون الموحدة وشين معجمة في آخره -: فحل الضأن؛ أي: نمنا أول ليالي الزفاف على جلد كبش؛ لضيق معيشتهم.

ص: 241

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال صاحب "القاموس": المسك: هو الجلد الخاصة بالسخلة، وقال صاحب "المصباح": المسك: الجلد، والجمع مسوك؛ نظير فلس وفلوس.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه بهذا السند، ولكن له شاهد في "صحيح مسلم" من حديث عمر بن الخطاب وعائشة.

فدرجته: أنه صحيح المتن بغيره؛ لأن له شاهدًا مما ذكر، وحسن السند؛ لما تقدم آنفًا.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 242