الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والمنافق، ثم وصلت إلى أهلها، فهو المؤمن، فهو أحق بها من قائلها، من غير التفات إلى خساسة من وجدها عنده.
أو المعنى: أن الناس يتفاوتون في فهم المعاني واستنباط الحقائقِ المُحْتَجَبةِ فيها، واستكشافِ الأسرار المرموزة بها، فينبغي ألا يُنْكِرَ من قَصُر فهمه عن إدراك حقائق الآيات ودقائق الأحاديث على من رزق فهمًا بها، وألهم تحقيقًا؛ كما لا يُنَازعُ صاحبُ الضالة في ضالته إذا وجدها، أو كما أن الضالة إذا وجدت مُضَيَّعةً فلا تُترك، بل تُؤخذ ويُتفحَّص عن صاحبها حتى ترد عليه .. كذلك السامع إذا سمع كلامًا لا يفهم معناه ولا كُنْهَه فعليه ألا يضيعه، وأن يحمله إلى من هو أفقه منه، فلعله يفهم، أو يستنبط منها ما لا يفهمه ولا يستنبطه هو، أو كما أنه لا يَحِلُّ منعُ صاحب الضالة عنها؛ فإنه أحق بها .. كذلك العالم إذا سئل عن معنىً .. لا يحل له كِتْمانُهُ إذا رأى في السائل استعدادًا لِفَهْمه، كذا قاله زينُ العرب تبعًا للطيبي. انتهى "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب العلم، في آخر باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
ودرجته: أنه ضعيف (15)(425)؛ لضعف سنده جدًّا؛ كما مر آنفًا، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.
ملحقة
قال السندي: (الكلمة الحكمة) أي: ذات الحكمة المشتملة عليها (ضالة المؤمن) أي: مطلوبة له بأشد ما يتصور في الطلب؛ كما يطلب المؤمن ضالته، وليس المطلوب بهذا الكلام: الإخبار؛ إِذْ كَمْ مِن مؤمن ليس له طلب للحكمة
(89)
- 4113 - (2) حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:
===
أصلًا، بل المطلوب به الإرشاد؛ كالتعليم؛ أي: اللائق بحال المؤمن أن يكون مطلوبه: الكلمة الحكمة، حيثما وجدها؛ أَيْ: يَنْبَغِي أن يكون نظرُ المرء إلى القول لا إلى القائل. انتهى منه.
ثم استدل المؤلف على الترجمة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(89)
- 4113 - (2)(حدثنا العباس بن عبد العظيم) بن إسماعيل (العنبري) أبو الفضل البصري، ثقة حافظ من كبار الحادية عشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا صفوان بن عيسى) الزهري أبو محمد البصري القسام، ثقة، من التاسعة، مات سنة مئتين (200 هـ)، وقيل قبلها بقليل، أو بعدها. يروي عنه:(م عم).
(عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند) الفزاري مولاهم أبي بكر المدني، صدوق ربما وهم، من السادسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة (143 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) سعيد بن أبي هند الفزاري مولاهم، ثقة، من الثالثة، أرسل عن أبي موسى الأشعري، مات سنة ست عشرة ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(قال) سعيد بن أبي هند: (سمعت ابن عباس يقول) رضي الله تعالى عنهما.
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ".
===
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعمتان) مبتدأ أول، وسوغ الابتداء بالنكرة: قصد الجنس، وهي تثنية نعمة؛ وهي الحالة الحسنة، وقال الإمام فخر الدين: المنفعة المفعولة على جهة الإحسان إلى الغير.
وزاد الدارمي: من نعم الله (مغبون فيهما) أي: في النعمتين (كثير من الناس) مبتدأ ثان مؤخر عن خبره، وخبره:(مغبون) مقدمًا عليه، والجملة من المبتدأ وخبره خبر للمبتدأ الأول؛ وهو (نعمتان)، والرابط ضمير (فيهما) والتقدير: نعمتان كثير من الناس مغبون فيهما؛ وهما؛ أعني: النعمتين (الصحة) في البدن (والفراغ) من الشواغل بالمعاش المانع له عن العبادة.
والغبن - بفتح الغين المعجمة وسكون الموحدة -: النقص في البيع، وبتحريكها: في الرأي؛ أي: ضعف الرأي.
قال في "الكواكب": فكأنه قال: هذان الأمران إن لم يستعملا فيما ينبغي .. فقد غبن صاحبهما فيهما؛ أي: باعهما ببخس لا تحمد عاقبته، أو ليس له رأي في ذلك ألبتة؛ فقد يكون الإنسان صحيحًا، ولا يكون متفرغًا للعبادة؛ لاشتغاله بالمعاش، وبالعكس، فإذا اجتمع الصحة والفراغ، وقصر في نيل الفضائل .. فذلك الغبن كل الغبن؛ لأن الدنيا سوق الأرباح، ومزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة؛ فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة مولاه .. فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله .. فهو المغبون؛ لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم، ولو لم يكن إلا الهرم. انتهى "قسطلاني".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قوله: "مغبون فيهما كثير من الناس" قال السندي: أي: ذو خسران فيهما، قال ابن الخازن: النعمة: ما يتنعم به الإنسان ويستلذه.
والغبن: أن يشتري بأضعاف الثمن، أو يبيع بدون ثمن المثل؛ فمن صح بدنه وتفرغ من الأشغال العائقة، ولم يسع لصلاح آخرته .. فهو كالمغبون في البيع.
والمقصود: بيان أن غالب الناس لا ينتفعون بالصحة والفراغ، بل يصرفونهما في غير محالهما، فيصير كل منهما في حقه وبالًا بعد أن كان كل منهما لو صرفوه في محله .. لكان لهم خيرًا أي خير، فكانوا يتبدلون بذلك الخير هذا الوبال، والله أعلم بحقيقة الحال. انتهى منه.
قوله: "الصحةُ والفراغُ" قال الحافظ في "الفتح"(11/ 230): قال ابن بطال: معنى الحديث: أن المرء لا يكون فارغًا حتى يكون مكفيًا صحيح البدن، فمن حصل له ذلك .. فليحرص على ألا يغبن؛ بألا يترك شكر الله على ما أنعم به عليه، ومِن شكره: امتثالُ أوامره واجتناب نواهيه، فمن فرَّط في ذلك .. فهو مغبون، وأشار بقوله:"كثير من الناس" إلى أن الذي يوفق لذلك قليل.
وقال الطيبي في "شرح المشكاة": ضرب النبي صلى الله عليه وسلم للمكلف مثلًا بالتاجر الذي له رأس مال؛ فهو يبتغي الربح مع سلامة رأس المال، فطريقه في ذلك: أن يتحرَّى فيمَنْ يُعامله، ويلزمُ الصدق والحِذْقَ؛ لئلا يغبن، فالصحة والفراغ رأس المال، وينبغي له أن يُعامِلَ الله بالإِيمان ومجاهدةِ النفسِ وعدوِّ الدين؛ ليربح خَيْرَي الدنيا والآخرة، قريبٌ منه قولُه تعالى:{هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)} [الصف: 10] الآية (1).
(1) سورة الصف: (10).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وعليه أن يَجْتَنِبَ مطاوعةَ النفس ومعاملةَ الشيطان؛ لئلا يضيع رأسُ ماله مع الربح، وقوله في الحديث:"مغبونٌ فيهما كثير من الناس" نظيرُ قوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (1) فـ (الكثير) في الحديث في مقابلة (القليل) في الآية.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي: اختُلف في نعمة الله على العبد: فقيل: الإيمانُ، وقيل: الحياةُ، وقيل: الصحةُ، والأَول أَوْلى؛ فإِنَّه نعمةٌ مطلقة، وأما الحياة والصحة .. فإنهما نعمة دُنْيَوِيَّة، ولا تكون نعمةً حقيقةً، إلا إذا صاحبَتِ الإيمانَ، وحينئذ يغبن فيها كثير من الناس؛ أي: يذهب رِبْحُهم أو يَنْقص، فمن اسْتَرْسل مع نفسه الأمارة بالسوء الخالدة إلى الراحة، فترك المحافظة على الحدود والمواظبة على الطاعة .. فقد غُبِنَ، وكذلك إذا كان فارغًا؛ فإنَّ المشغول قد يكون له معذرة، بخلاف الفارغ؛ فإنه يرتفع عنه المعذرة، وتقوم عليه الحجة. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الرقاق، باب في الرقاق، والترمذي في كتاب الزهد، باب الصحة والفراغ نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، والنسائي في "الكبرى" في الرقاق، والحاكم.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عباس بحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(1) سورة سبأ: (13).
(90)
4114 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ
===
(90)
- 4114 - (3)(حدثنا محمد بن زياد) بن عبيد الله الزيادي أبو عبد الله البصري، يلقب بِيُؤْيُؤٍ - بتحتيتين مضمومتين - صدوق يخطئ، من العاشرة، مات في حدود الخمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(خ ق).
(حدثنا الفضيل بن سليمان) النميري - بالنون مصغرًا - أبو سليمان البصري، صدوق له خطأ كثير، من الثامنة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم) - بالمعجمة والمثلثة مصغرًا - القارئ المكي أبو عثمان، صدوق، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثني عثمان بن جُبير) الأنصاري مولاهم (مولى أبي أيوب) الأنصاري، روى عن أبي أيوب حديث: (صل صلاةَ مُودِّعٍ
…
) وهو هذا الحديث الحديث، وقيل: عن أبيه عن أبي أيوب، وقيل: عن أبيه عن جده عن أبي أيوب، ويروي عنه: عبد الله بن عثمان بن خثيم، ذكره ابن حبان في "الثقات"، قلت: في الطبقة الثالثة، وقال: روى عن أبيه بغير شك.
وقال في "التقريب": عثمان بن جبير مولى أبي أيوب، مقبول، من السادسة. يروي عنه:(ق)، فهو مختلف فيه.
(عن أبي أيوب) الأنصاري خالد بن زيد بن كُلَيْب - مصغرًا - من أكابر الصحابة، شهد بدرًا رضي الله تعالى عنه، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم عليه حين قدم المدينة، مات سنة خمسين (50 هـ)، وقيل بعدها غازيًا بالروم.
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ عَلِّمْنِي وَأَوْجِزْ، قَالَ:"إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ .. فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ، وَأَجْمِعِ الْيَأْسَ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ".
===
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عثمان بن جبير، وهو مختلف فيه.
(قال) أبو أيوب: (جاء رجل) من المسلمين، لم أر من ذكر اسمه (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال) له:(يا رسول الله؛ علمني) أمرًا من أمور الدين يقربني إلى ربي (وأوجز) أي: اقتصر على خلاصة ذلك الأمر؛ ليكون أسهل عليَّ في الضبط والحفظ، أو: أَدِّ ذلك العِلْمَ المطلوب لي بكلام مختصر موجز لفظًا، جامع للعلم الكثير معنىً، فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليم ذلك الأمر لي بكلام موجز:(إذا قمتَ في صلاتك .. فصلِّ صلاة مودع) اسم فاعل؛ من التوديع؛ أي: كن في صلاتك كأنك تصلي آخر صلاتك في الدنيا في الخشوع والتذلل لله، والإقبال عليه قلبًا وقالبًا (ولا تكلَّم بكلام تعتذر منه) أي: من ذلك الكلام بأنك جاهل بحرمته، أو ناس في تكلمك به، أو أنك لم تقصد به إيذاء أحد (وأَجمع اليأس) والقنوط في قلبك (عما في أيدي الناس) أي: عن سؤال ما في أيدي الناس من المال، ولو كانت بك خصاصة وجوع يلجئك إلى السؤال؛ أي: اعتقد واعزم بقلبك على ترك سؤال ما في أيدي الناس.
قال البوصيري: هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ عثمانُ بن جبير قال الذهبي في "الطبقات": مجهولٌ، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البخاري وأبو حاتم: روى عن أبيه عن جده عن أبي أيوب، وروى عنه أحمدُ بن منيع في "مسنده" فقال: حدثنا علي بن عاصم عن
(91)
- 4115 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
===
عبد الله بن عثمان بن خثيم، حدثنا عثمان بن جبير عن أبيه أو جده، شك عثمان عن أبي أيوب، فذكره بتمامه.
قال المحقق السندي - بعد أن نقل هذا الكلام عن الزوائد -: قلت: لكن كون الحديث من أوجز الكلمات وأجمعها للحكمة يدل على قربه للثبوت، فليتأمل.
قلت: والحديث وإن كان إسناده ضعيفًا .. فإنه لا يدل على ضعفه وعدم ثبوته في نفسه؛ لاحتمال أن له إسنادًا حسنًا أو صحيحًا، أو أن له شواهد يدل مجموعها على ثبوته، والواقع أن هذا الحديث كذلك؛ فإن له شواهد تدل على أن له أصلًا؛ فقد روي من حديث ابن عمر عند الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة " ومن حديث سعد بن أبي وقاص عند الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، والحديث حسن أخرجه أيضًا أحمد وأبو نعيم في "الحلية".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عباس.
ثم استأنس المؤلف للترجمة ثانيًا بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فقال:
(91)
- 4115 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م دس ق).
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ
===
(حدثنا الحسن بن موسى) الأشيب - بمعجمة ثم تحتانية - أبو علي البغدادي قاضي الموصل وغيرها، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع أو عشر ومئتين (210 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن حماد بن سلمة) بن دينار البصري أبي سلمة، ثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأَخَرَةٍ، من كبار الثامنة، مات سنة سبع وستين ومئة (167 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن علي بن زيد) بن عبد الله بن زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي البصري، وهو المعروف بعلي بن زيد بن جدعان، ينسب أبوه إلى جد جده، ضعيف، من الرابعة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(م عم).
قال: (عن أوس بن) أبي أوس (خالد) أبي الجوزاء الحجازي. روى عن: أبي هريرة، ويروي عنه: علي بن زيد ابن جدعان، ذكره البخاري في "الضعفاء"، وقال ابن القطان: مجهول الحال، له ثلاثة أحاديث منكرة، وذكره ابن حبان في "الثقات". يروي عنه:(ت ق).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه علي بن زيد، وهو ضعيف عند الجماهير، وفيه أوس بن خالد أبي الجوزاء، وهو مجهول عند الجماهير، والله أعلم.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل) أي: شِبْهُ
الَّذِي يَجْلِسُ يَسْمَعُ الْحِكْمَةَ ثُمَّ لَا يُحَدِّثُ عَنْ صَاحِبِهِ إِلَّا بِشَرِّ مَا يَسْمَعُ .. كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى رَاعِيًا فَقَالَ: يَا رَاعِي؛ أَجْزِرْنِي شَاةً مِنْ غَنَمِكَ، قَالَ: اذْهَبْ فَخُذْ بِأُذُنِ خَيْرِهَا، فَذَهَبَ فَأَخَذَ بِأُذُنِ كَلْبِ الْغَنَمِ".
===
الرجل (الذي يجلس) عند الحكيم حالة كونه (يسمع) أي: يستمع (الحكمة) أي: ينقلها عنه ليخبر الناس (ثم لا يحدث) تلك الحكمة (عن صاحبه) الحكيم للناس (إلا بشرِّ) وأقبح (ما يسمعـ) ـه منها؛ لأن صاحب الحكمة لا يخلو عن سهو ونسيان وخطأ، فالناقل إذا لم ينقل عنه إلا ما جرى فيه شيء من المذكورات؛ أي: من الخطأ والنسيان .. فمثله (كمثل رجل أتى راعي) غنم.
(فقال) ذلك الرجل الآتي إلى الراعي: (يا راعي) الغنم (أجزرني) - بجيم وزاي معجمة وراء مهملة - من أجزر الرباعي؛ أي: اذبح لي (شاة) نفيسة (من غنمك) فـ (قال) الراعي للرجل الآتي إليه يسأل شاة: (اذهب) إلى غنمي (فخذ) منها، وأمسك (بأُذُنِ خيرها) وأنفسها، فاذبحه لنفسك (فذهب) الرجل السائل إلى غنمه (فأخذ) وأمسك ذلك السائل (بأذن كلب الغنم) أي: بأذن كلب يرعى الغنم خطأً من غير تعمد للكلب، يقال: أجزرته؛ إذا أعطيته شاة يذبحها، قال السيوطي: شاة تصلح للذبح، فأخذ كلبًا خطأً لكونها سمينة تشبه الغنم.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه أبو داوود الطيالسي في "مسنده" عن حماد بن سلمة، فذكره بإسناده بلفظ: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يحدث بالحكمة فلا يحدث إلا بشر ما سمع .. كمثل الذي يقال له: ادخل الزَّرِبَ - مراحَ الغنم أو مَرْعَاها - فخذ أسمنَ شاة فيها، فخرج بالكلب يقودُه" ورواه أحمد بن منيع في "مسنده" حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلمة، فذكره كما رواه ابن ماجه.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ،
===
فدرجة هذا الحديث: أنه ضعيف (16)(426)؛ لضعف سنده؛ كما تقدم آنفًا، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.
(قال أبو الحسن) علي بن إبراهيم (بن سلمة) - نسب إلى جده؛ لشهرته به - ابن بحر القطان القزويني المتوفى سنة خمس وأربعين وثلاث مئة (345 هـ) من الطبقة الثالثة عشر، وهو من أشهر رواة هذا السنن، حتى قيل: إن رواية غيره قد اندرست قديمًا، والذي انتشر الآن من هذا السنن من روايته.
أي: قال أبو الحسن على سبيل التجريد البديعي، أو قال من روى عنه: قال أبو الحسن: (حدثناه)؛ أي: حدثنا هذا الحديث (إسماعيل بن إبراهيم) البالسي، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة ست وأربعين ومئتين (246 هـ) يروي عنه:(ق).
قوله: (حدثنا موسى) تحريف من النساخ، والصواب:(حدثنا عبيد الله بن موسى) بن أبي المختار (باذام) العبسي الكوفي أبو محمد، ثقة كان يتشيع، من التاسعة، قال أبو حاتم: كان أثبت في إسرائيل من أبي نعيم، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ) يروي عنه:(ع).
(حدثنا حماد) بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن أوس بن خالد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سباعياته، وغرضه: بيان متابعة عبيد الله بن موسى للحسن بن موسى في رواية هذا الحديث عن حماد بن سلمة.
وحكمه: الضعف؛ كالسند السابق؛ لأن مدار أسانيد هذا الحديث على علي بن زيد بن جدعان، وهو متفق على ضعفه عند الجماهير.
فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ فِيهِ: "بِأُذُنِ خَيْرِهَا شَاةً".
===
(فذكر) عبيد الله بن موسى (نحوه) أي: نحو حديث الحسن بن موسى (و) لكن (قال فيه) عبيد الله بن موسى: (بأذن خيرها شاة) فزاد عبيد الله بن موسى على الحسن بن موسى لفظة: (شاة) وهو منصوب على التمييز.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول والأخير منها للاستئناس، والثاني للاستدلال، والثالث للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم