الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
من ماله، ويجتهد في طلب من يأخذه، فإن لم يجد .. فلا حرج عليه.
وفيه: تقديم وفاء الدين على صدقة التطوع، وفيه: جواز الاستقراض، وفيه: الحث على وفاء الديون وأداء الأمانات.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث أبي ذر المذكور قبله أخرجه البخاري في الرقاق وفي الاستئذان، ومسلم في الزكاة، باب الترغيب في الصدقة مطولًا.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح المتن؛ لأن له شواهد، وإن كان حسن السند، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.
فائدة
بشارة عظيمة
حصلت لي بشارة عظيمة في أواخر الليلة التاسعة عشر من ربيع الآخر من تاريخ: (19/ 4/ 1436) من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلوات، وأزكى التحيات، وأعظم الصلات؛ أني مرضت ثلاثة أيام، وتأسفت منه خوفًا من اخترام المنية لي، ودعوت الله عز وجل في آخر الليل، فقلت فيه:(اللهم؛ إماتتي لا يزيد في ملكك، وحياتي لا ينقص في ملكك، فعمرني تعميرًا يقربني إليك، إلى أن أكمل هذا الكتاب، وأرَيْتَني انتفاعَ المسلمين به) فجاءني في المنام إبراهيمُ الخليل مع أولاده وهم قائمون فَوْقه؛ رعاية للتأدُّب معه، وجلس هو عندي، وهو حسن الهيئة والعِمَّة، فقال لي: (أبشر يا ولدي، ولا تتأسَّفْ؛ فإن الله عز وجل أجاب دعاءك، وسَيَتِمُّ لك فوق مرادك؛ فإنك في خدمة الإسلام والمسلمين؛ فإن عملك هذا مذكور في الملأ الأعلى، ودعاؤك مقبولٌ عند رَبك المولى، أبشر بقبول دعائك، ونيل
(52)
- 4076 - (5) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ،
===
مرادك) وذهبوا من عندي، وقد بشروني بشارات لا أقدر الآن وصفها، عليهم وعلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم منبع سعادتنا أفضل الصلوات، وأزكى التحيات، وإنما كتَبْتُها ها هنا؛ لتكون لي تذكرةً لها، وشكرًا للرب الكريم الذي بَشَّرني بها.
* * *
ثُمَّ نرجِعُ إلى المقصود الذي هو كتابة ما يكون مُذكِّرة للطُّلَّاب، وعونًا لأمثالي من المبتدئين، فنقول:
ثُمَّ اسْتَأْنسَ المؤلف للترجمة بحديث عمرو بن غيلان، فقال:
(52)
- 4076 - (5)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا صدقة بن خالد) الأموي مولاهم، أبو العباس الدمشقي، ثقة، من الثامنة، مات سنة إحدى وسبعين ومئتين (271 هـ) وقيل: ثمانين. يروي عنه: (خ د س ق).
(حدثنا يزيد بن أبي مريم) يقال: اسم أبيه ثابت، الأنصاري أبو عبد الله الدمشقي إمام الجامع، لا بأس به، من السادسة، مات سنة أربعين ومئة (140 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(خ عم)، ويقال في اسمه واسم ابنه: يزيد بن ثابت بن أبي مريم بن أبي عطاء، أبو عبد الله، مولى سهل بن الحنظلية الأنصاري، رأى واثلة بن الأسقع، وأرسل عن معاوية، وقال عثمان الدارمي: لا بأس به، وقال أبو حاتم: من ثقات أهل دمشق، وذكره ابن حبان في "الثقات"،
عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ مُسْلِمِ بْنِ مِشْكَمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ؛
===
وقال الدارقطني: ليس بذاك، وجزم ابن حبان أنه مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ).
(عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم) - بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الكاف - الخزاعي الدمشقي كاتب أبي الدرداء، ثقة مقرئ، من كبار الثالثة. يروي عنه:(د س ق).
(عن عمرو بن غيلان) بن سلمة (الثقفي) مختلف في صحبته. يروي عنه: (ق) له حديث واحد، قال البوصيري: ليس لعمرو بن غيلان عند ابن ماجه سوى هذا الحديث، وليس له رواية في شيء من الكتب الخمسة، وهو مختلف في صحبته، ذكره جماعة في الصحابة، وذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام، وعلى هذا فيكون الحديث مرسلًا.
وقال المزي في "التهذيب"، والذهبي في "الطبقات": لا تصح له صحبة، وقال ابن عبد البر: ليس إسناده بالقوي.
قلت: وأبو غيلان هو الذي أسلم وتحته عشر نسوة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعًا، ويفارق سائرهن، رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" عن يعلى بن منصور عن صدقة بإسناده ومتنه، والحديث أخرجه أيضًا الطبراني في "الكبير"(17/ 28).
والراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم هنا عمرو بن غيلان، لا أبو غيلان الصحابي، وعمرو ليس بصحابي قطعًا، فالحديث مرسل.
قلت: وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأنه منقطع مرسل.
(قال) عمرو بن غيلان: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم؛
مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي وَعَلِمَ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ .. فَأَقْلِلْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ وَعَجِّلْ لَهُ الْقَضَاءَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي وَلَمْ يُصَدِّقْنِي
===
من آمن بي) أي: صدق برسالتي (وصدقني) عطف مرادف على ما قبله (وعلم أن ما جئت به) من الأوامر والنواهي (هو الحق من عندك) بامتثال الأوامر واجتناب النواهي .. (فأقلل ماله وولده) لأن من كان مقلًّا منهما .. يسهل عليه التوسع في عمل الآخرة، والمتوسع في متاع الدنيا لا يمكنه التوسع في عمل الآخرة؛ لما بينهما من التباين والتضاد.
ومن ثم قال ابن مسهر: نعمةُ الله علينا فيما زوى عنا من الدنيا أعظمُ من نعمته فيما بسَطَ منها، والله سبحانه لم يرض الدنيا أهلًا لعقوبةِ أعدائه؛ كما لم يرضها أهلًا لإثابة أحبابه، وإن كانت معجلة؛ فقد تكون قساوةً في القلب، أو جمودًا في العين، أو تعويقًا عن طاعة الله، ووقوعًا في ذنب أو فترة في الهمة، أو سَلْبَ لذة خدمة.
وذهَبَ ابن العربي إلى أن المراد بإقلال ذلك وبإعدامه أو أخذه - كما في رواية أخرى -: أَخْذُ ذلك من قَلبه، مع وجوده عنده، وأنه يُؤثِر حُبَّ الله على حب هؤلاء، كذا في "فيض القدير"(2/ 129).
قال السندي: قوله: "فأقلل ماله وولده" أي: لا يفتتن بشيء منهما؛ فإن الكثرة فيهما لا تخلو من فتنة؛ أو لأن كثرة الأولاد عند قلة المال تؤدي إلى المعاصي وترك التمييز بين الحلال والحرام. انتهى منه.
(وحبب إليه لقاءك) أي: حبب إليه الموت ليلقاك، ومن أحب لقاء الله .. أحب الله لقاءه (وعجل له القضاء) أي: الموت؛ حتى لا يفتتن بطول العمر، أو حتى يخلص من تعب الدنيا (ومن لم يؤمن بي) أي: برسالتي (ولم يصدقني)
وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ .. فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ عُمْرَهُ".
(53)
- 4077 - (6) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ بُرْزِينَ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ،
===
فيما جئت به من الأوامر والنواهي (ولم يعلم) أي: ولم يوقن (أن ما جئت به) أنه (هو الحق) النازل (من عندك .. فأكثر ماله وولده، وأطل عمره) لتكثر عليه أسباب العقاب، والأولادُ والأموال والأهل، بل والأعضاء حتى العينُ التي هي أَعزُّها قد تكون سببًا لهلاك الإنسان في بعضِ الأحيان.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف السند؛ لانقطاعه وإرساله، وضعيف المتن؛ لضعف سنده بالإرسال، وغرضه: الاستئناس به للترجمة، فهو ضعيف متنًا وسندًا (11)(421).
* * *
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث نُقَادة الأسدي رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(53)
- 4077 - (6)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان) بن مسلم بن عبد الله الباهلي أبو عثمان الصفار البصري، ثقة ثبت، من كبار العاشرة، قال ابن معين: أنكرناه في صفر سنة تسع عشرة ومئتين ومات بعدها بيسير. يروي عنه: (ع).
(حدثنا غسان بن بُرْزِين) - بضم الموحدة وسكون الراء وكسر الزاي - الطَّهْوِيُّ أبو المقدام البصريُّ، صدوق ربما أخطأ، من السابعة، وثقه ابن معين العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان ممن يخطئ. يروي عنه: (ق).
(ح وحدثنا عبد الله بن معاوية) بن موسى (الجمحي) أبو جعفر البصري،
حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ بُرْزِينَ، حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ السَّلِيطِيِّ، عَنْ نُقَادَةَ الْأَسَدِيِّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ يَسْتَمْنِحُهُ نَاقَةً فَرَدَّهُ،
===
ثقة معمر، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ) وقد زاد على المئة. يروي عنه:(د ت ق).
(حدثنا غسان بن برزين) الطهوي البصري، صدوق، من السابعة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا سَيَّار بن سَلَامة) الرياحي - بالتحتانية - أبو المنهال البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن البراء السَّلِيطي) - بفتح المهملة - مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(ق).
(عن نقادة) - بضم النون بعدها قاف - ابن عبد الله (الأسدي) الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه يكنى أبا بُهَيْسة - بموحدة ومهملة مصغرًا - وكان يسكن البادية.
وهذان السندان: الأول منهما: من سداسياته، والثاني منهما: من خماسياته، وحكمهما: الحسن؛ لأن البراء السليطي فيهما مختلف فيه، ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الذهبي: مجهول، وباقي رجال الإسنادين ثقات.
(قال) نقادة: (بعثني رسول الله) أي: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل) من المسلمين من أرباب الأموال والمواشي، حالة كون رسول الله صلى الله عليه وسلم (يستمنحه) أي: يطلب من ذلك الرجل أن يمنحه ويعطيه صلى الله عليه وسلم منيحةَ (ناقة) أي: أن يعطيه ناقة للانتفاع بلبنها، ثم يردها إليه بعد انقطاع لبنها، لعلَّه صلى الله عليه وسلم طلب منيحة ناقة من ذلك الرجل للمحتاجينَ (فردَّه) أي: فرد ذلك الرجلُ المسؤولُ سُؤالَ
ثُمَّ بَعَثَنِي إِلَى رَجُلٍ آخَرَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِنَاقَةٍ، فَلَمَّا أَبْصَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. قَالَ:"اللَّهُمَّ؛ بَارِكْ فِيهَا وَفِيمَنْ بَعَثَ بِهَا"، قَالَ نُقَادَةُ: فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا، قَالَ:"وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا"، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُلِبَتْ فَدَرَّتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اللَّهُمَّ؛ أَكْثِرْ مَالَ فُلَانٍ"، لِلْمَانِعِ الْأَوَّل،
===
النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعطه المنيحةَ (ثم بعثني) رسول الله (إلى رجل آخر) غيرِ الأول يستمنحه ناقة ذات لبن (فأرسل) ذلك الرجل الثاني (إليه) صلى الله عليه وسلم (بناقة) ذات لبن؛ لِيَشْربَ لبَنَها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يردَّها إليه، ولم أر من ذكر اسم الرجلين.
(فلما أبصرها) أي: فلما أَبْصرَ ورأى (رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الناقة المرسلة إليه .. (قال: اللهم؛ بارك فيها) أي: في لبن هذه الناقة المرسلة لي (وفي) أموال (من بعث) وأرسل (بها) أي: بهذه الناقة إلي (قال نقادة) الراوي: (فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وقل يا رسول الله في الدعاء لي: (و) أنزل البركة (فيمن جاء بها) أي: بهذه المنيحة إليَّ من المالك، فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء لي:(و) أَنزِل البركةَ (فيمن جاء بها) إليَّ (ثم) بعدما دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمر بها) من عنده بِحَلْبِ تلك الناقة (فحُلبت) تلك الناقةُ (فدرَّت) أي: أخرجت لبنها كثيرًا.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم؛ أَكثِر مال فلان) يريدُ الدعاءَ (للمانع الأول) أي: الذي امتنع من إرسال المنحة له؛ فكأنه ردَّ سؤال النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقلَّةِ ماله، فطلب له بإكثار ماله؛ لينال بذلك فضيلة التصدق، أو أنه غضب عليه، فدعا له بإكثار المال له في الدنيا؛ لِيَقِلَّ به حَظُّه
"وَاجْعَلْ رِزْقَ فُلَانٍ يَوْمًا بِيَوْمٍ" لِلَّذِي بَعَثَ بِالنَّاقَةِ.
(54)
- 4078 - (7) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ،
===
في الآخرة، وهو الظاهر، لمقابلته بقوله في الدعاء للمهدي له بقوله:(واجعل رزق فلان يومًا بيوم) أي: بقدر الحاجة في الدعاء (للذي بعث) له (بالناقة) أي: المنيحة، إذ الظاهر أنه دعا له بذلك؛ لأنه رأى كثرةَ ماله، فخاف عليه الافتتانَ بذلك، فدعا له بتقليل المال، والله أعلم بحقيقة الحال.
وهذا الحديثُ انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه أبو داوود الطيالسيُّ في "مسنده" عن غسَّان به، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" من حديث نقادة أيضًا، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" بإسناده ومتنه، وليس لنقادة رواية في شيء من الأصول الخمسة.
ودرجته: أنه حسن، لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.
* * *
ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(54)
- 4078 - (7)(حدثنا الحسن بن حماد) بن كُسيب - بضم الكاف آخره موحدة مصغرًا - الحضرمي أبو علي البغدادي، يُلَقَّبُ بِسجَّادة، صدوق، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(د س ق).
(حدثنا أبو بكر بن عياش) - بتحتانية ومعجمة - ابن سالم الأسدي الكوفي المقرئ الحنَّاطُ - بمهملة ونون - مشهورٌ بكنيته، والأصح: أنها اسمه، وقيل: اسمه محمد أو عبد الله أو سالم أو شعبة أو رؤبة أومسلم أو خداش أو مطرف
عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَار،
===
أو حماد أو حبيب، عشرة أقوال، ثقة عابد إلا أنه لما كبر .. ساء حفظه، وكتابه صحيح، من السابعة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ)، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين، وقد قارب المئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي حصين) - مكبرًا - عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الكوفي، ثقة ثبت سُنِّي وربما دلس، من الرابعة، مات سنة سع وعشرين ومئة (127 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن أبي صالح) ذكوان السمان الزيات المدني، ثقة ثبت، من الثالثة، وكان يجلب الزيت من الشام إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تَعِسَ عبدُ الدينار) - بفتح المثناة الفوقية وكسر العين المهملة، ويجوز فَتْحُها - وهو ضدُّ سَعِدَ، تقول: تعس فلان؛ أي: شَقِيَ وخَسِرَ، وقيل: التعسُ: الكَبُّ على الوجه، قال الخليل: التعسُ: أن يَعْثِرَ فلا يفيق من عثرته، وقيل: التَّعَسُ: الشرُّ، وقيل: البعد عن الخير، وقيل: الهلاكُ، وقيل: التعسُ: أن يَخِر على وجهه، والنَّكْسُ: أن يَخِرَّ على رأسِه وظهرِه، وقيل: تَعِسَ: أخطأ حجته، كذا قال الحافظ في "الفتح"(6/ 82).
قال السندي: (تعس) - بالكسر وقد يفتح - أي: عثر وانكب على وجهه، دعاءٌ عليه (عبد الدينار) أي: خسر طالبه الحريص على جمعه، القائم على حفظه، فكأنه لذلك خادمه وعبده.
وَعَبْدُ الدِّرْهَم، وَعَبْدُ الْقَطِيفَة، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ؛ إِنْ أُعْطِيَ .. رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ .. لَمْ يَفِ".
===
قال الطيبي: خَصَّ العبد بالذكر؛ لِيُؤْذِنَ بانغماسه في محبة الدنيا وشهواتها؛ كالأسير الذي لا يجد خلاصًا، ولم يقل:(مالك الدينار) ولا (جامع الدينار) لأن المذموم من المِلْكِ والجمع: الزيادة على قدر الحاجة؛ كذا في "الفتح"(11/ 245).
قال السندي: قوله: "عبد الدينار" أي: الذي يصرف همته وأوقاته في تحصيل الدينار وغيره من المذكورات؛ كما يصرف طالب المولى همته في تحصيل مرضاته.
(وعبد الدرهم) أي: طالبه بحرص ورغبة فيه أشدَّ الرغبة، بحيث يجعل كل همته فيه.
(و) تعس (عبد القطيفة، وعبد الخميصة) أي: طالبُهما بهمة واعتناء بهما؛ والقطيفة: هي الثوب الذي له خَملٌ وهُدْبٌ؛ كالسجادة العصرية؛ والخميصةُ: الكساءُ المربعُ، جعله عبدًا لهما؛ لِشَغفهِ وحرصه عليهما، فمن كان عبدًا لِهَواه .. لم يَصْدُقْ في قوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (1).
(إن أعطي) - بالبناء للمفعول - أي: إن أعطي هواه المذكورَ .. (رضي) عن الإمام ووفَّى له عهدَه وبيعته السمع والطاعة (وإن لم يُعْطَ) هواه المذكور .. (لم يف) عهده وبيعته على السمع والطاعة، بل ينقض.
وشارك المؤلف في روايته لهذا الحديث: الإمام البخاري في كتاب الجهاد، وفي كتاب الرقاق، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وفي "دلائل النبوة"، وابن حبان، والبغوي في "شرح السنة"، والخطيب في "تاريخ بغداد".
(1) سورة الفاتحة: (5).
(55)
- 4079 - (8) حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ابْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
===
ودرجته: أنه صحيح، لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.
* * *
ثم استشهد المؤلف سادسًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(55)
- 4079 - (8)(حدثنا يعقوب بن حميد) بن كاسب المدني نزيل مكة، صدوق ربما وهم، من العاشرة، مات سنة أربعين أو إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا إسحاق) بن إبراهيم (بن سعيد) الصوَّاف المدني المزني مولاهم، ليِّن الحديث، من الثامنة. يروي عنه:(ق). روى عن: صفوان بن سُليم، ويروي عنه: يعقوب بن حميد، قال أبو حاتم: لين الحديث، وذكره ابن حبان في الطبقة الرابعة من "الثقات".
(عن صفوان) بن سليم المدني أَبِي عبد الله الزهري مولاهم، ثقة، مُفْتٍ عابد رُمي بالقدر، من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم؛ مولى ابن عمر أبي عبد الرحمن المدني، ثقة، من الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي صالح) ذكوان السَّمان، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَار، وَعَبْدُ الدِّرْهَم، وَعَبْدُ الْخَمِيصَة، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ .. فَلَا انْتَقَشَ".
===
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه إسحاق بن سعيد، وهو مختلف فيه.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، تعس) أي: هلك وخسر وانكب على وجهه وسقط؛ والمراد به هنا: الدعاء عليه بالهلاك (وانتكس) أي: سقط على رأسه، وهو دعاء عليه بالخيبة؛ لأن من انتكس في أمره .. فقد خاب وخسر (وإذا شيك) أي: دخلت عليه الشوكة .. (فلا انتقش) أي: فلا خرج منه الشوك.
قال في "النهاية": يقال: شيك الرجل فهو مشوك؛ من باب قال؛ إذا دخل في جسمه الشوك (فلا انتقش) أي: فلا أخرج الله منه ذلك الشوك؛ والمراد: أنه إذا أخذته مشكلة من المشاكل .. فلا فكَّ الله عنه تلك المشكلة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجهاد، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله.
ودرجته: أنه صحيح المتن، وإن كان سنده حسنًا، وهو مكرر مع ما قبله.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثمانية أحاديث:
الأول للاستدلال، والخامس للاستئناس، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم