الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(15) - (1488) - بَابُ مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
(74)
- 4098 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ
===
(15)
- (1488) - (باب معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
(74)
- 4098 - (1)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).
(وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومئتين (247 هـ). يروي عنه:(ع).
(قالا: حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن زائدة) بن قدامة الثقفي أبي الصلت الكوفي، ثقة ثبت صاحب حديث وسنة، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن) سليمان (الأعمش) الكاهلي الأسدي، ثقة، قارئ، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن شقيق) بن سلمة الأسدي أبي وائل الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. يروي عنه:(ع).
(عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري البدري الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالصَّدَقَة، فَيَنْطَلِقُ أَحَدُنَا يَتَحَامَلُ حَتَّى يَجِيءَ بِالْمُدِّ، وإِنَّ لِأَحَدِهِمُ الْيَوْمَ مِئَةَ أَلْفٍ،
===
(قال) أبو مسعود: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر) نا (بالصدقة) على المحاويج؛ لتكون وقايةً لنا من النار؛ والصدقة: صرف المال أو غيره للمحتاج؛ طلبًا للثواب الأخروي.
قال أبو مسعود: (فينطلق أحدنا) معاشر الصحابة؛ أي: يذهب إلى السوق حالة كونه (يتحامل) أي: يريد أن يحمل للناس المتاع، طلبًا للأجرة التي يتصدق بها؛ أي: يحمل على ظهره بالأجرة، يقال: حامل وتحامل بمعنى: حمل؛ كسافر قال الخطابي: يقال: تحامل: تكلف الحمل بالأجرة؛ ليكتسب ما يتصدق.
ويؤيده ما ورد في بعض الروايات: (انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل) أي: يطلب الحمل بالأجرة؛ والمحاملة: مفاعلة من الجانبين؛ وهي لا تكون إلا بين اثنين؛ والمراد: أن الحمل من أحدهما، والأجرة من الآخر؛ كالمساقاة والمزارعة. انتهى "فتح الملهم".
قوله (يتحامل) أي: يتكلف الحمل بالأجرة؛ ليكسب ما يتصدق به.
ففيه التحريض على الاعتناء بالصدقة، وأنه إذا لم يكن له مالٌ يتوصَّلُ إلى تحصيل ما يتصدَّق به من حملٍ بالأجرة أو غيره من الأسباب المباحة. انتهى "نووي".
(حتى يجيء بالمد) أي: يحمل المتاع بالأجرة؛ وهي مد من طعام، فيتصدق به على المحاويج (وإن لأحدهم) أي: لأحد الصحابة (اليوم) أي: في هذا الزمن الحاضر (مئة ألف) فلا يتصدق به؛ أشار بذلك إلى ما كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من قلة المال، وإلى ما صاروا إليه بعده من
قَالَ شَقِيقٌ: كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ.
(75)
- 4099 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
===
التوسع؛ لكثرة الفتوح، ومع ذلك فكانوا في العهد الأول يتصدقون بما يجدون مع قلة ولو جهدوا في تحصيله، والذين أشار إليهم آخرًا، بخلاف ذلك، كذا في "الفتح"(3/ 284).
(قال) أبو وائل: (شقيق) بن سلمة (كأنه) أي: كأن أبا مسعود (يعرض بنفسه) أي: يذكر نفسه تعريضًا لا تصريحًا بقوله: (وإن لأحدهم اليوم
…
) إلى آخره.
قال في "البارع": وعرَّضْتُ له وعرَّضْتُ به تعريضًا؛ إذا قلْتَ قولًا وأنت تعني نفسك، والتعريض خلاف التصريح من القول.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في الإجارة وفي الزكاة وفي التفسير، ومسلم في الزكاة، باب الحمل بأجرة يتصدق بها، والنسائي في كتاب الزكاة، باب جهد المقل، وابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي في "الكبرى"، وابن خزيمة في "صحيحه"، وأحمد والطبراني في "الكبير".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي مسعود بحديث عتبة بن غزوان رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(75)
- 4099 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ سَمِعَهُ مِنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ
===
(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي نعامة) عمرو بن عيسى بن سويد بن هبيرة العدوي البصري. روى عن: خالد بن عمير، ويروي عنه: وكيع، صدوق اختلط، من السابعة، قال الأثرم عن أحمد: ثقة إلا أنه اختلط قبل موته، وقال ابن معين والنسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه العجلي، وقال ابن سعد: كان ضعيفًا. يروي عنه: (م ق).
(سمعه) أي: سمع أبو نعامة هذا الحديث (من خالد بن عمير) العدوي البصري، مقبول، من الثانية، يقال: إنه مخضرم، ووهم من ذكره في الصحابة. يروي عنه:(م س ق). وذكره ابن حبان في "الثقات".
(قال) خالد بن عمير: (خطبنا عتبة) بضم العين وسكون التاء المثناة (ابن غزوان) - بفتح العين المعجمة وسكون الزاي - ابن جابر المازني حليف بني عبد شمس، وهو من السابقين الأولين رضي الله تعالى عنه، هاجر إلى الحبشة، ثم رجع مهاجرًا إلى المدينة، رفيقًا للمقداد بن الأسود، وشهد بدرًا وما بعدها وولاه عمر في الفتوح فاختط البصرة، وهو أول من اختط البصرة وفتح فتوحًا، وكان طويلًا جميلًا، قدم على عمر يستعفيه من الإمرة، فأبى فرجع فمات في الطريق بمعدن بني سليم سنة (17 هـ) وقيل: سنة عشرين (20 هـ)، وقيل قبل ذلك، وعاش سبعًا وخمسين سنة، ودعا الله، فمات، كذا في "الإصابة" (2/ 255). يروي عنه:(م ت س ق).
أي: خطبنا عتبة (على المنبر) أي: خطبنا على منبر البصرة؛ كما هو
فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَنَا طَعَامٌ نَأْكُلُهُ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا.
(76)
- 4100 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ،
===
مصرح به في رواية الترمذي؛ لأنه أميرها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(فقال) عتبة في خطبته: أقسم لكم بالإله الذي لا إله غيره (لقد رأيتني) أي: رأيت نفسي (سابع سبعة) أي: واحدًا من سبعة (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام) أي: قوت (نأكله إلا ورق الشجر) فأكلنا منه (حتى قرحت) - بكسر الراء - من باب فرح؛ أي: انقرحت وانجرحت (أشداقنا) أي: شقوق فمنا؛ أي: صار فيها قروح وجراح؛ من خشونة الورق الذي نأكله وحرارته.
والأشداق جمع شدق - بكسر الشين المعجمة -: وهو طرف الفم عند ملتقى الشفتين، والحديث في مسلم بتمامه، واختصره المؤلف، فراجعه.
وفي الحديث بيان زهد الصحابة، وعدم افتتانهم بالدنيا وإمارتها وزخارفها الفانية، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الزهد، والترمذي في كتاب صفة جهنم، باب ما جاء في صفة قعر جهنم.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي مسعود البدري.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي مسعود بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(76)
- 4100 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا غندر) لقب
عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبَّاس الْجُرَيْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ جُوعٌ وَهُمْ سبْعَةٌ قَالَ: فَأَعْطَانِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ تَمَرَاتٍ؛
===
محمد بن جعفر الهذلي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري، ثقة إمام متقن، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عباس) بن فَرُّوخ - بفتح الفاء وتشديد الراء آخره معجمة - وفي "القسطلاني": آخره جيم (الجريري) - بضم الجيم مصغرًا - أبو محمد البصري، وثقه أحمد والنسائي وابن معين، وقال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ: ثقة، من السادسة، مات قديمًا بعد العشرين ومئة. يروي عنه:(ع).
(قال) العباس: (سمعت أبا عثمان) اللهدي عبد الرحمن بن مل - بتثليث الميم وتشديد اللام - مشهور بكنيته، مخضرم من كبار الثانية، ثقة ثبت عابد، مات سنة خمس وتسعين (95 هـ)، وقيل بعدها، عاش مئة وثلاثين. يروي عنه:(ع).
أي: سمعته حال كونه (يحدث عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أنهم) أي: أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم (أصابهم جوع) شديد (وهم سبعة) أنفار، قال القاري: والظاهر أنهم في سفر بعيد، والظاهر أنهم أصحاب الصفة.
قلت: لم أجد رواية صحيحة تدل على أنهم أصحاب الصفة. انتهى.
(قال) أبو هريرة: (فأعطاني النبي صلى الله عليه وسلم سبع تمرات)
لِكُلِّ إِنْسَانٍ تَمْرَةٌ.
(77)
- 4101 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ،
===
(لكل إنسان)؛ أي: لكل واحد من السبعة رضي الله تعالى عنهم (تمرة).
ولفظ البخاري: (عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا بين أصحابه تمرًا، فأعطى كل إنسان منهم سبع تمرات، فأعطاني سبع تمرات إحداهن حشفةٌ) - بحاء مهملة ثم شين معجمة ثم فاءٍ مفتوحاتٍ - مِنْ أردأ التمر (فلم يكن فيهن تمرةٌ أعجبُ إِليَّ منها) أي: من تلك الحشفة (شَدَّتْ) بالشين المعجمة والدال المشددة المهملة المفتوحتين (في مضاغي) - بفتح الميم -: اسم لموضع يمضغ فيه الطعام، ولأبي ذر: بكسرها بعدها ضاد معجمة وبعد الألف غين معجمة؛ يحتمل أن يكون المراد به: ما يمضغ به الطعام وهو الأسنان، فيكون اسمَ آلة، ويحتمل أن يكون المراد به: المَضْغَ نَفْسَه، فيكون مصدرًا ميميًا.
وتمام الحديث هكذا في "صحيح البخاري"، وفي رواية ابن ماجه اختصار؛ كما هو عادته في أغلب الحديث رحمه الله تعالى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأطعمة، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، والنسائي في الوليمة.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي مسعود الأنصاري.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي سعيد بحديث الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(77)
- 4101 - (4)(حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني) مولدًا
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّام، عَنْ أَبِيهِ
===
المكي نزولًا، ويقال: إن أبا عمر كنية يحيى، فهما متحدان، صدوق، صنف "المسند" وكان لازم ابن عيينة، ولكن قال أبو حاتم: فيه غفلة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(م ت س ق).
(حدثنا سفيان بن عيينة) بن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه في آخر عمره، وكان ربما دلس، لكن عن الثقات، من رؤوس الطبقة الثامنة، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار، مات في رجب سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع)، وله إحدى وتسعون سنة، وحج سبعين حجة.
(عن محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب) بن أبي بلتعة أبي محمد المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن عبد الله بن الزبير بن العوام) القرشي الأسدي أبي بكر المكي، أول مولود في الإسلام بالمدينة، قتل في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين (73 هـ) رضي الله تعالى عنه. يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبي عبد الله القرشي الأسدي، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله تعالى عنه، قتل سنة ست وثلاثين (36 هـ) بعد منصرفه من وقعة الجمل. يروي عنه:(ع).
قَال: لَمَّا نَزَلَتْ {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} .. قَالَ الزُّبَيْرُ: وَأَيُّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ عَنْهُ؟ ! وَإِنَّمَا هُوَ الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، قَال:"أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ".
===
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) الزبير: (لما نزلت) آية: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (1)؛ أي: عن شكر ما أنعم الله به عليكم؛ من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك.
(قال الزبير) فيه التفات من التكلم إلى الغيبة؛ رعاية للأدب: (وأي نعيم نسأل عنه؟ ! وإنما هو) أي: إنما النعيم الذي عندنا (الأسودان) أي: إنما عندنا نعمتان ليستا مما نسأل عنه؛ لدنائتهما؛ وهما: الأسودان (التمر والماء) عَطْفُ بيانٍ لـ (الأسودان) أما التمر .. فأسود، وهو الغالب على تمر المدينة، فأضيف الماء إليه فنعت بنعته؛ إتباعًا، والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان، فيُسميان معًا باسم الأشهر منهما؛ كالقمرين والعمرين، كذا في "النهاية".
قال السندي: ويؤخذ من التقرير أن الضروري لا يسأل عنه. انتهى.
فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما) حرف تنبيه واستفتاح؛ أي: انتبه يا زبير واستمع ما أقول لك: (إنه سيكون) هذا يحتمل وجهين؛ أحدهما: أن النعيم الذي تسألون عنه سيكون لكم؛ أي: سيبسط عليكم، والثاني: أن السؤال سيكون عن الأسودين؛ فإنهما نعمتان عظيمتان من نعم الله تعالى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب التفسير، باب سورة التكاثر، وقال: هذا حديث حسن، وأخرجه أحمد وأبو حاتم.
(1) سورة التكاثر: (8).
(78)
- 4102 - (5) حَدَّثَنَا عُثمَانُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْب بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ ثَلَاثُ مِئَةٍ
===
قلت: ودرجته: أنه صحيح؛ لكون سنده صحيحًا، وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي مسعود.
* * *
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث أبي مسعود الأنصاري بحديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(78)
- 4102 - (5)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، أخو أبي بكر، أكبر منه بسنتين، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة تسع وثلاثين ومئتين (239 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي الكوفي، يقال: اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن هشام بن عروة) بن الزبير، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن وهب بن كيسان) القرشي مولاهم، أبي نعيم المدني المعلم، ثقة، من كبار الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) جابر: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ثلاث مئة)
نَحْمِلُ أَزْوَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا، فَفَنِيَ أَزْوَادُنَا
===
لمقابلة العدو، وتسمى تلك السرية: سرية الخبط، أو سرية سيف البحر؛ لما سيأتي، وذكرها ابن سعد في سنة ثمان، واعترض الحافظ عليه في "الفتح"(8/ 78) بأن تلك السنة كانت زمن الهدنة، ومال إلى أنها وقعت سنة ست أو قبلها، قبل صلح الحديبية.
وفي رواية زيادة: (وأمر علينا) من التأمير بوزن التفعيل؛ أي: جعل علينا (أبا عبيدة) بن الجراح القرشي الفهري عامر بن عبد الله بن الجراح رضي الله تعالى عنه؛ أي: جعله أميرًا علينا.
قال النووي: فيه أن الجيوش لا بد لها من أمير يضبطها وينقادون لأمره ونهيه، وأنه ينبغي أن يكون الأمير أفضلهم، أو من أفضلهم، ويستحب للرفقة من الناس وإن قلوا أن يؤمروا بعضهم عليهم وينقادوا له. انتهى.
وتأمير أبي عبيدة عليهم هو المحفوظ في أكثر الروايات، ووقع في رواية أبي حمزة الخولاني عند ابن أبي عاصم في الأطعمة:(تأمر علينا قيس بن سعد بن عبادة) في تلك الغزوة، وكأن أحد رواتها ظن من صنيع قيس بن سعد في تلك الغزوة ما صنع من نحر الإبل التي اشتراها .. أنه كان أمير السرية، كذا في "الفتح".
أي: بعثنا حالة كوننا (نحمل أزوادنا على رقابنا) والأزواد - جمع زاد - وهو طعام المسافر المتخذ لسفره، وحملهم لها كناية عن قلتها، حتى إذا كنا ببعض الطريق .. (ففني أزوادنا)، والفاء في قوله:(ففني) زائدة في جواب إذا المقدرة؛ أي: قربت إلى فنائها؛ أي: حتى إذا قرب فناؤها .. أمر أبو عبيدة أن يجمع بقيتها من كل أحد، فجعلها في المزود الذي زود لهم فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أبو عبيدة يقسمهم من ذلك المجموع قبضةً قبضةً فما دونها
حَتَّى كَانَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ مِنَّا تَمْرَةٌ، فَقِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؛ وَأَيْنَ تَقَعُ التَّمْرَةُ مِنَ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا، وَأَتَيْنَا الْبَحْرَ فَإِذَا نَحْنُ بِحُوتٍ قَدْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
===
(حتى كان يكون) فكان زائدة هنا؛ لتأكيد معنى الكلام؛ أي: فنقص نصيب المقسوم حتى يكون (للرجل منا) أي: حتى يكون نصيب الرجل منا (تمرة) واحدة؛ فأل في قوله: (للرجل) زائدة أو للاختصاص، وهو على تقدير مضاف للرجل (فقيل) أي: قال بعضنا لجابر بن عبد الله: (يا أبا عبد الله) وهو كنية جابر (وأين تقع) أي: تنفع (التمرة) الواحدة (من الرجل؟ ) أي: لا تسد من الجوع شيئًا، ولا تدفع عنه شيئًا (فقال) جابر في جواب السائل: والله (لقد وجدنا) وعلمنا (فقدها) بالكلية؛ أي: حَزِنَّا أو وجدناه مؤثرًا (حين فقدناها) أي: فعرفنا بذلك نفعها - أي: التمرة - حين فقد ناها (وأَتَيْنَا البحر) أي: مررنا على ساحله (فإذا نحنُ) راؤون مفاجأة (بحوتٍ) وسمكٍ (قد قذفه) ورماه (البحر) على سَاحِلهِ (فأكَلْنَا) نحن (منه) أي: من لحمه (ثمانية عشر يومًا) ونحن ثلاث مئة نفر، ورواية المؤلف مختصرة جدًّا، فلا يستفاد منها المراد إلا بتقدير ونظر دقيق.
وفي هذا الحديث: بيان ما كانت الصحابة عليه رضوان الله تعالى عليهم من الزهد في الدنيا والتقلل منها، والصبر على الجوع وخشونة العيش، وإقدامهم على الغزو مع هذا الحال.
ثم إن مدة أكلهم منها ثمانية عشر في رواية المؤلف، وفي رواية لمسلم:(أكلنا منها شهرًا)، وفي رواية عمرو بن دينار:(أكلنا منها نصف شهر)، قال النووي: طريق الجمع بين هذه الروايات: أن من روى: (شهرًا) .. هو الأصل ومعه زيادة علم، ومن روى دونه .. لم يَنْفِ الزيادةَ، ولو نفاها .. قدم المثبت،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وأن المشهور الصحيح عند الأصوليين أن مفهوم العدد لا حكم له؛ فلا يلزم منه نفي الزيادة، لو لم يعارضه إثبات الزيادة، كيف وقد عارضه؟ ! فوجب قبول الزيادة. انتهى.
وجمع القاضي بينها: بأن من قال: (نصف شهر) أو (ثمانية عشر) أكلوا منها تلك المدة طريًا، ومن قال:(شهرًا) أراد: أنهم قَدَّدُوه فأكلوا منه بقيةَ الشهر قديدًا، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الشركة في الطعام والنهد والعروض الحديث مطولًا، وفي كتاب الجهاد، باب حمل الزاد على الرقاب، وأخرجه أيضًا في كتاب المغازي، باب غزوة سيف البحر مطولًا، ومسلم في كتاب الصيد والذبائح، باب إباحة ميتات البحر، والترمذي في كتاب صفة القيامة، باب (34)، والنسائي في كتاب الصيد والذبائح، باب ميتة البحر.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لكونه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي مسعود الأنصاري.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:
الأول منها للاستدلال به على الترجمة، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم