المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(23) - (1496) - باب التوقي على العمل - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب الفتن (2)

- ‌(1) - (1474) - بَابُ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ

- ‌فائدة

- ‌(2) - (1475) - بَابُ الْمَلَاحِمِ

- ‌ملحقة

- ‌(3) - (1476) - بَابُ التُّرْكِ

- ‌كتاب الزهد

- ‌(4) - (1477) - بَابُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا

- ‌(5) - (1478) - بَابُ الْهَمِّ بِالدُّنْيَا

- ‌(6) - (1479) - بَابُ مَثَلِ الدُّنْيَا

- ‌(7) - (1480) - بَابُ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ

- ‌(8) - (1481) - بَابُ فَضْلِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(9) - (1482) - بَابُ مَنْزِلَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(10) - (1483) - بَابُ مُجَالَسَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(11) - (1484) - بَابٌ: فِي الْمُكْثِرِينَ

- ‌فائدة

- ‌بشارة عظيمة

- ‌(12) - (1485) - بَابُ الْقَنَاعَةِ

- ‌(13) - (1486) - بَابُ مَعِيشَةِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌(14) - (1487) - بَابُ ضِجَاعِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌(15) - (1488) - بَابُ مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(16) - (1489) - بَابٌ: فِي الْبِنَاءِ وَالْخَرَابِ

- ‌ملحقة

- ‌(17) - (1490) - بَابُ التَّوَكُّلِ وَالْيَقِينِ

- ‌(18) - (1491) - بَابُ الْحِكْمَةِ

- ‌ملحقة

- ‌(19) - (1492) - بَابُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْكِبْر، وَالتَّوَاضُعِ

- ‌(20) - (1493) - بَابُ الْحَيَاءِ

- ‌(21) - (1494) - بَابُ الْحِلْمِ

- ‌(22) - (1495) - بَابُ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ

- ‌(23) - (1496) - بَابُ التَّوَقِّي عَلَى الْعَمَلِ

- ‌(24) - (1497) - بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ

- ‌(25) - (1498) - بَابُ الْحَسَدِ

الفصل: ‌(23) - (1496) - باب التوقي على العمل

(23) - (1496) - بَابُ التَّوَقِّي عَلَى الْعَمَلِ

(117)

- 4141 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيِّ،

===

(23)

- (1496) - (باب التوقي على العمل)

أي: التحفظ والمواظبة (على العمل) أي: على إيجاد شرط ما يقبل به العمل؛ كالإخلاص لله، واجتناب ما يحبطه؛ كالرياء والسمعة. انتهى.

* * *

(117)

- 4141 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن مالك بن مغول) - بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الواو - أبي عبد الله الكوفي، ثقة ثبت، من كبار السابعة، مات سنة تسع وخمسين ومئة (159 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الرحمن بن سعيد) ويقال: ابن سعد بن وهب (الهمداني) - بسكون الميم - الخيواني - بفتح المعجمة وسكون المثناة التحتية - نسبة إلى خيوان؛ بطن من همدان الكوفي. روى عن: أبيه، والشعبي، وأبي حازم سلمان الأشجعي، وعائشة ولم يدركها، ويروي عنه: مالك بن مغول، ومحمد بن عجلان، وشعبة.

قال أبو حاتم والنسائي: ثقة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، قال ابن سعد: كان قليل الحديث، ووقع عند مسلم في البيوع من طريق يعقوب بن عبد الرحمن القاري عن ابن عجلان عن عبد الرحمن بن سعيد - بالياء التحتية بعد العين - عن الشعبي عن النعمان بن بشير حديث:(الحلال بين).

ص: 358

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أَهُوَ الَّذِي يَزْنِي وَيَسْرِقُ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ؟ قَالَ: "لَا يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ يَا بِنْتَ الصِّدِّيق،

===

ووقع عند أبي عوانة في "صحيحه" وابن حبان من طريق عبد الله بن عياش القتباني عن ابن عجلان عن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني عن الشعبي، ورواه أبو عوانة أيضًا من طريق أبي ضمرة عن ابن عجلان عن عبد الله بن سعد عن الشعبي، فكأنه اختلف في اسم أبيه: هل هو سعيد أو سعد، وعلم مما ذكر أنه أرسل عن عائشة؛ لأنه لم يدركها، بل إنما روى عن الشعبي عن عائشة، وقال الحافظ: ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(م ت ق).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته؛ لأن عبد الرحمن لم يدرك عائشة، وحكمه: الحسن؛ لأن رجاله ثقات، ولكنه أرسل؛ لأن عبد الرحمن لم يدرك عائشة.

(قالت) عائشة: (قلت: يا رسول الله؛ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ}) أي: يفعلون ({مَا آتَوْا}) أي: ما فعلوا من الأفعال القبيحة في الجاهلية ({وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ})(1) أي: خائفة من المؤاخذة بتلك الأعمال القبيحة التي فعلوها في الجاهلية (أهو) أي: هل هذا الخائف هو (الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر) في الجاهلية، كأنها زعمت أن الخوف إنما يناسب الأفعال القبيحة دون الصالحة، فحملت قوله:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} ؛ أي: يؤدون ما يؤدون من الأعمال القبيحة في الجاهلية؛ أي: يفعلون على خوف من المؤاخذة بها.

فـ (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يا بنت أبي بكر، أو) قال لها: ليس الأمر كما زعمت (يا بنت الصديق) بالشك من الراوي؛ أي:

(1) سورة المؤمنون: (60).

ص: 359

وَلكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَيُصَلِّي وَهُوَ يَخَافُ أَلَّا يُتَقَبَّلَ مِنْهُ".

===

ليس الأمر كما زعمت من خوفهم على ما عملوا في الجاهلية من الأفعال القبيحة؛ كالزنا والسرقة؛ لأن الإسلام يَجُبُّ ما مضى (ولكنه) أي: ولكن الخوف المقصود هنا: خوف (الرجل) من عدم قبول عمله الصالح، فـ (يصوم) الصوم فرضًا كان أو نفلًا (ويتصدق) فرضًا كان أو نفلًا (ويصلي) كذلك (وهو) والحال أنه (يخاف ألا يتقبل منه) تلك الأعمال الصالحة؛ لعدم الإخلاص فيها.

والمعنى: ليس المراد في هذه الآية الذين يعملون الأعمال القبيحة في الجاهلية؛ من الزنا وغيره، ويخافون عند العرض على الله المؤاخذة بتلك الأعمال القبيحة، ولكن المراد بهم هنا: المؤمنون الذين يعملون الأعمال الصالحة بعد إيمانهم، ثم يخافون عند العرض على الله يوم القيامة عدم قبول أعمالهم الصالحة منهم؛ لوجود ما يحبطها فيها من الرياء والسمعة وعدم الإخلاص، وهذا المعنى هو الموافق للترجمة؛ أعني: قوله: (باب التوقي على العمل) أي: باب التحفظ والمداومة (على) إيجاد شرط (العمل) الصالح فيه من الإخلاص لله، واجتناب ما يحبطه من الرياء والسمعة.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: الترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة المؤمنون.

ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده منقطعًا، ولكن له شاهد من السند المرفوع؛ كما بيناه فيما نقلناه عن "التهذيب"، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهم، فقال:

ص: 360

(118)

- 4142 - (2) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِمْرَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ رَبٍّ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ كَالْوِعَاءِ؛ إِذَا طَابَ أَسْفَلُهُ

===

(118)

- 4142 - (2)(حدثنا عثمان بن إسماعيل بن عمران) الهذلي أبو محمد (الدمشقي) مقبول، من صغار العاشرة. يروي عنه:(ق).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الدمشقي، ثقة، من الثامنة، لكنه كثير التدليس والتسوية، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر) الأزدي أبو عتبة الشامي الداراني، ثقة، من السابعة، مات سنة بضع وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثني أبو عبد رب) الدمشقي الزاهد، ويقال: أبو عبد ربه أو عبد رب العزة، قيل: اسمه عبد الجبار، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: قسطنطين، وقيل: فلسطين، وهو غلط، مقبول، من الثالثة، مات سنة اثنتي عشرة ومئة (112 هـ). يروي عنه:(ق).

(قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان) الأموي الشامي رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه مقبولين؛ عثمان بن إسماعيل، وأبا عبد رب الدمشقيين.

(يقول) أي: معاوية: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال كالوعاء) - بكسر الواو - واحد الأوعية، يقال: أوعى الزاد والمتاع جعله في الوعاء، كذا في "الصحاح" وغيره؛ والمراد هنا: أن العمل شبيه بالإناء المملوءة (إذا طاب أسفله) أي: حسن وعذب أسفل ما فيه من نحو مائع، قال

ص: 361

طَابَ أَعْلَاهُ، وَإِذَا فَسَدَ أَسْفَلُهُ .. فَسَدَ أَعْلَاهُ".

(119)

- 4143 - (3) حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ،

===

السندي: كأنه إشارة إلى أن العبرة بالخواتيم .. (طاب أعلاه) الذي هو مشاهد مرئي.

(وإذا فسد أسفله .. فسد أعلاه) والقصد بالتشبيه: أن الظاهر عنوان الباطن، ومن طابت سريرته .. طابت علانيته، فإذا اقترن العمل بالإخلاص القلبي الذي هو شرط القبول .. أشرق ضياء الأنوار على الجوارح الظاهرة، وإذا اقترن برياء أو نحوه .. اكتسب ظلمة يدركها أصحاب البصائر وأرباب السرائر؛ إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم، فاتقوا فراسة المؤمن.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(119)

- 4143 - (3)(حدثنا كثير بن عبيد) بن نمير المذحجي أبو الحسن (الحمصي) الحذاء المقرئ، ثقة، من العاشرة، مات في حدود خمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا بقية) بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي أبو يحمد الحمصي، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، من الثامنة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(م عم)، فحديثه عن الثقات مقبول، وعن غيرهم ضعيف.

(عن ورقاء بن عمر) اليشكري أبي بشر الكوفي، نزيل المدائن، صدوق

ص: 362

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ ذَكْوَانَ أَبُو الزِّنَاد، عَنِ الْأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فِي الْعَلَانِيَةِ فَأَحْسَنَ، وَصَلَّى فِي السِّرِّ فَأَحْسَنَ .. قَالَ اللهُ عز وجل: هَذَا عَبْدِي حَقًّا".

===

في حديثه عن منصور لين، من السابعة، قال أحمد بن أبي مريم عن ابن معين: ورقاء ثقة، وقال الغلابي عن ابن معين: ورقاء وأشبل ثقتان، قال أبو حاتم: وكان شعبة يثني على ورقاء، وكان صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن شاهين في "الثقات": قال وكيع: ورقاء ثقة. يروي عنه: (ع).

(حدثنا عبد الله بن ذكوان أبو الزناد) الأموي المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة ثلاثين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الرحمن بن هرمز (الأعرج) الهاشمي مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لتدليس بقية وعنعنته.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا صلى في العلانية) أي: في الظاهر؛ أي: فيما يظهر للناس (فأحسن) بإتمام شروطه وأركانه وآدابه (وصلى في السر) أي: في الخلوة، (فأحسن) في حالة السر أيضًا .. (قال الله عز وجل لملائكته: انظروا إلى عبدي (هذا) فإنه (عبدي حقًّا) أي: عبوديةً حقةً صادقةً؛ لأنه يحسن صلاته بالإخلاص خلوةً؛ كما يحسنها جلوةً عند الناس؛ لكون صلاته مخلصةً عن الرياء والسمعة.

فهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه أبو بكر بن أبي شيبة في

ص: 363

(120)

- 4144 - (4) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى قَالَا: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنِ الْأَعْمَش،

===

"مسنده" عن العلاء بن منصورعن صدقة بن خالد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بإسناده ومتنه، ورواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" وإسناده جيد.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بما قبله وإن كان سنده ضعيفًا؛ لتدليس بقية بن الوليد، فهو: صحيح المتن بغيره، ضعيف السند؛ لما تقدم آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عائشة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(120)

- 4144 - (4)(حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة) الحضرمي مولاهم أبو محمد الكوفي، صدوق، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(م د ق).

(وإسماعيل بن موسى) الفزاري أبو محمد الكوفي نسيب السدي، أو ابن بنته، أو ابن أخته، صدوق يخطئ رمي بالرفض، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(د ت ق).

كلاهما (قالا: حدثنا شريك بن عبد الله) النخعي الكوفي القاضي أبو عبد الله، صدوق يخطئ كثيرًا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان فاضلًا عادلًا عابدًا، من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن) سليمان (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

ص: 364

عَنْ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَارِبُوا وَسَدِّدُوا؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِمُنْجِيهِ عَمَلُهُ"،

===

(عن أبي صالح) ذكوان السمان المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه شريك بن عبد الله، وهو مختلف فيه.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاربوا) الأكمل في كل الأمور (وسددوا) أي: داوموا على الوسط، واتركوا الغلو والمبالغة في كل الأمور، واجتنبوا التقصير على الأقل؛ أي: لازموا في فعل الأمور الوسط بين الإفراط والتفريط.

قال السندي: (قاربوا) الأكمل في فعل الأمور (وسددوا) أي: اقصدوا السداد والوسط في فعل الأمور، ولا تقتصروا على الأقل، ولا تجاوزوا إلى الأكمل؛ لأن خير العمل وسطه؛ أي: ما بين الإفراط والتفريط.

قال القسطلاني: قوله: (قاربوا) إلى الأكمل ولا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم في العبادة؛ لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا العمل بالكلية (وسددوا) أي: واظبوا وداوموا على فعل السداد والوسط؛ لأن خير الأمور وسطها.

قال ابن حزم: معنى الأمر بالمقاربة والسداد: أنه صلى الله عليه وسلم أشار بذلك إلى أنه بعث ميسرًا مسهلًا، فأمر أمته بأن يقصدوا في الأمور؛ لأن ذلك يقتضي الاستدامة غالبًا.

(فإنه) أي: فإن الشأن والحال (ليس أحد منكم) أيها المؤمنون (بمنجيه عمله) أي: ليس منجيًا إياه عمله من العذاب، والباء في قوله:(بمنجيه) زائدة

ص: 365

قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا أَنَا؛ إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ".

===

في خبر ليس، وعمله مرفوع بالوصف (قالوا) الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم:(ولا أنت) بمنجيك عملك (يا رسول الله؟ قال) في جواب سؤالهم: (ولا أنا) بمنج لي عملي من العذاب (إلا أن يتغمدني) أي: إلا أن يدخلني (الله) ويَغمسني ويَعُمَّني (برحمة) صادرة لي (منه) تعالى (وفضل) مزيد لي منه تعالى؛ ومقتضى هذا الاستثناء: أن العمل بلا رحمة منه تعالى لا ينجي، ومع الرحمة ينجي. انتهى "سندي".

قال الرافعي في "أماليه": لما كان أجر النبي صلى الله عليه وسلم في الطاعة أعظم، وعمله في العبادة أقوم .. قيل له: ولا أنت ينجيك عملك مع عظم قدرك؟ فقال: (لا) إلا برحمة من الله تعالى.

قال: وفيه أن العامل لا ينبغي له أن يتكل على عمله في طلب النجاة ونيل الدرجات؛ لأنه عمل بتوفيق الله، وإنما ترك المعصية بعصمة الله تعالى، فكل ذلك بفضله ورحمته.

قال النووي: اعلم: أن مذهب أهل السنة أنه لا يثبت بالعقل ثواب ولا عقاب، ولا إيجاب ولا تحريم، ولا غيرها من أنواع التكليف، ولا تثبت هذه كلها ولا غيرها إلا بالشرع.

ومذهب أهل السنة أيضًا: أن الله تعالى لا يجب عليه شيء تعالى الله عن ذلك، بل العالم كله والدنيا والآخرة في سلطانه، يفعل فيهما ما يشاء؛ فلو عذب المطيعين والصالحين وأدخلهم النار أجمعين .. كان عدلًا منه، وإذا أكرمهم ونعمهم وأدخلهم الجنة .. فهو فضل منه، ولو نعم الكافرين وأدخلهم الجنة .. كان له ذلك، ولكنه أخبر - وخبره صدق - أنه لا يفعل هذا، بل يغفر

ص: 366

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

للمؤمنين ويدخلهم الجنة برحمته، ويعذب الكافرين والمنافقين ويخلدهم في النار عدلًا منه تعالى.

وأما المعتزلة .. فيثبتون الأحكام بالعقل، ويوجبون ثواب الأعمال، ويوجبون الأصلح، ويمنعون خلاف هذا في خبط طويل لهم، تعالى الله عن اختراعاتهم الباطلة المنابذة لنصوص الشرع.

وفي ظاهر هذه الأحاديث دلالة لأهل الحق والسنة: أنه لا يستحق أحد الثواب والجنة بطاعته، وأما قوله تعالى:{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (1)، {تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (2)، ونحوهما من الآيات الدالة على أن الأعمال يدخل بها الجنة .. فلا يعارض هذه الأحاديث، بل معنى الآيات: أن دخول الجنة بسبب الأعمال، ثم التوفيق بالأعمال والهداية إلى الإخلاص فيها وقبولها برحمة الله تعالى وفضله، فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل، وهو مراد الأحاديث، ويصح أنه دخل بالأعمال؛ أي: بسببها، وهي من الرحمة، والله أعلم، كذا في "السراج الوهاج"(2/ 675).

وفي الحديث دلالة على أن الجنة لا يدخلها أحد بعمله، بل برحمة الله تعالى وفضله.

قلت: هذا الحديث لا يعارض بقوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ، وانظر أوجه الجمع بينهما مفصلًا في "فتح الباري"(11/ 295).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في الرقاق وفي المرضى، وفي "الأدب المفرد"، ومسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب لن يدخل

(1) سورة النحل: (32).

(2)

سورة الأعراف: (43).

ص: 367

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الجنة أحد بعمله بل برحمة الله تعالى، وأحمد في "المسند"، وأبو نعيم في "الحلية"، والبغوي في "شرح السنة"، وابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي في "السنن".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وإن كان سند المؤلف حسنًا؛ كما مر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 368