الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(22) - (1495) - بَابُ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ
(109)
- 4133 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ،
===
(22)
- (1495) - (باب الحزن والبكاء)
(109)
- 4133 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبيد الله بن موسى) بن أبي المختار باذام العبسي الكوفي أبو محمد، ثقة كان يتشيع، من التاسعة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ). يروي عنه:(ع).
(أنبأنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني أبو يوسف الكوفي، ثقة، من السابعة، تكلم فيه بلا حجة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ) وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن إبراهيم بن مهاجر) بن جابر البجلي الكوفي، صدوق لين الحفظ، من الخامسة. يروي عنه:(م عم)، وقال ابن سعد: ثقة؛ وقال يعقوب بن سفيان: له شرف، وفي حديثه لين، وقال الساجي: صدوق اختلفوا فيه، وقال الثوري وأحمد بن حنبل: لا بأس به، فهو مختلف فيه.
(عن مجاهد) بن جبر المخزومي مولاهم أبي الحجاج المكي، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، من الثالثة، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومئة (104 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن مورق) - بتشديد الراء المكسورة - ابن مُشَمْرِج - بضم أوله وفتح المعجمة وسكون الميم وكسر الراء بعدها جيم - ابن عبد الله (العجلي) أبي المعتمر البصري، ثقة عابد، من كبار الثالثة، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ؛ إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ
===
(عن أبي ذر) الغفاري جندب بن جنادة المدني ثم الربذي، من كبار الصحابة رضوان الله تعالى عليه وعليهم، أسلم قديمًا وهاجر أخيرًا فلم يشهد بدرًا، مات سنة اثنتين وثلاثين (32 هـ) في خلافة عثمان. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه إبراهيم بن المهاجر، وهو مختلف فيه.
(قال) أبو ذر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أرى ما لا ترون) أي: أبصر ما لا تبصرون؛ كالجنة والنار؛ بدليل قوله: (وأسمع ما لا تسمعون) كأطيط السماء وصوتها؛ لكثرة الملائكة عليها، واهتزاز العرش؛ لموت سعد بن عبادة.
(إن السماء أطت) - بفتح الهمزة والطاء المهملة المشددة - قال في "النهاية": الأطيط: صوت الأقتاب؛ وأطيط الإبل: أصواتها وحنينها؛ أي: إن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت، وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة وإن لم يكن ثم أطيط؛ فإنما هو كلامُ تقريب أريد به: تقرير عظمة الله تعالى. انتهى "سندي".
(وحق) بالبناء للمعلوم أو للمجهول؛ أي: ثبت (لها أن تئط) أي: تصوت؛ لأنها ثقلت بكثرة الملائكة الموجودة فيها، وإنما حق لها ذلك؛ لأنه (ما فيها) أي ليس في السماء؛ أي: في جنسها الشامل لكلها (موضع) أي: قدر (أربع أصابع)(موضع) بالرفع على الابتداء، والجار والمجرور قبله خبر مقدم عنه؛ لبطلان عمل (ما) الحجازية، بفقدان ترتيب معموليها.
إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِله، وَاللهِ؛ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ .. لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَات، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى
===
(إلا) أداة استثناء مفرغ (وملك) الواو: واو الحال، ملك: مبتدأ (واضع) خبره (جبهته) مفعولٌ لواضع (ساجدًا لله) حال من الضمير المستكن في واضع، والاستثناء من أعم الأحوال؛ والتقدير: وحق لها أن تئط؛ لأنه ما فيها موضع يسع أربع أصابع في حال من الأحوال إلا حالة كون ملك من الأملاك واضع فيه جبهته حالة كون ذلك الملك ساجدًا لله تعالى.
قال القاري في "المرقاة"(9/ 207): معنى قوله: "ساجدًا" أي: منقادًا لله؛ ليشمل ما قيل: إن بعضهم قيام، وبعضهم ركوع، وبعضهم سجود؛ كما قال تعالى حكايةً عنهم:{وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} (1).
وقيل: إنما خص ساجدًا باعتبار أغلبهم، أو هذا مختص بإحدى السماوات السبع، ثم اعلم أن (أربع أصابع) بغير (هاء) في "ابن ماجه" و"جامع الترمذي" ومع (الهاء) في "شرح السنة" وبعض نسخ "المصابيح".
قلت: سبب الاختلاف؛ لأن الإصبع يذكر ويؤنث.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله؛ لو تعلمون ما أعلم) من الأهوال والأحوال التي في الدنيا عند نزع الروح، وفي البرزخ من سؤال القبر وضغطته، وفي يوم القيامة.
(لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا) فيه من المحسنات البديعية: مقابلة الضحك بالبكاء، والقلة بالكثرة، (وما تلذذتم) أي: استمتعتم (بالنساء على الفرشات) جمع فرش وفراش (ولخرجتم) من بيوتكم ومنازلكم (إلى
(1) سورة الصافات: (164).
الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى الله، وَاللهِ؛ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ".
(110)
- 4134 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى،
===
الصعدات) - بضمتين - أي: إلى الطرق والشوارع جمع صعد، وصعد جمع صعيد؛ كطريق وطرق وطرقات، وقيل: جمع صعدة؛ كظلمة وظلمات؛ وهي فناء باب الدار وممر الناس بين يديه؛ أي: ولخرجتم إلى الصعدات، حالة كونكم (تجأرون) أي: ترفعون أصواتكم متضرعين (إلى الله) تعالى، ومتذللين بين يديه تعالى، وتستغيثون به تعالى في دفع البلاء عنكم (والله) الذي لا إله غيره (لوددت) وأحببت وتمنيت (أني كنت شجرة تعضد) بالبناء للمفعول؛ أي: تقطع وينتفع بها، لا إنسانًا حيًّا خلق لفتنة.
قال الحافظ: هذه الجملة الأخيرة؛ أعني قوله: "والله؛ لوددت" من كلام أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه مدرج في الحديث؛ كما قال الترمذي، ويروى من غير هذا الوجه أن أبا ذر قال: (والله؛ لوددت
…
) إلى آخره.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الزهد، باب قوله صلى الله عليه وسلم:"لو تعلمون ما أعلم .. لضحكتم قليلًا"، وقال: هذا حديث حسن غريب.
ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا لما مر آنفًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي ذر بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(110)
- 4134 - (2)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِث، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ .. لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا".
===
(حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث) بن سعيد العنبري مولاهم التنوري - بفتح المثناة الفوقية وتشديد النون المضمومة - أبو سهل البصري، صدوق ثبت في شعبة، من التاسعة، مات سنة سبع ومئتين (207 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا همام) بن يحيى بن دينار العوذي - بفتح المهملة وسكون الواو وكسر المعجمة - أبو عبد الله البصري، ثقة ربما وهم، من السابعة، مات سنة أربع أو خمس وستين ومئة (165 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون) أيها المؤمنون (ما أعلم) أي: من عقاب الله للعصاة وشدة المناقشة يوم الحساب .. (لضحكتم) جواب (لو) الشرطية؛ أي: لضحكتم ضحكًا (قليلًا) أو زمانًا قليلًا (ولبكيتم) بكاءً (كثيرًا) أو زمانًا كثيرًا؛ أي: من خشية الله؛ ترجيحًا للخوف على الرجاء، وخوفًا من سوء الخاتمة.
وقال الحافظ: والمراد بالعلم هنا: ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن عصاه والأهوال التي تقع عند النزع؛ أي: عند نزع الروح وقبضه والموت، وفي القبر وفي يوم القيامة.
(111)
- 4135 - (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ،
===
ومناسبة كثرة البكاء وقلة الضحك في هذا المقام .. واضحة؛ والمراد به: التخويف، وقد جاء لهذا الحديث سبب أخرجه سنيد في "تفسيره" بسند واه، والطبراني عن ابن عمر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فإذا بقوم يتحدثون ويضحكون، فقال: "والذي نفسي بيده
…
" فذكر هذا الحديث.
وعن حسن البصري: من علم أن الموت مورده، والقيامة موعده، والوقوف بين يدي الله مشهده .. فحقه أن يطول في الدنيا حزنه. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، ومسلم في كتاب الفضائل، وفي كتاب الزهد، باب في قوله صلى الله عليه وسلم:"لو تعلمون ما أعلم .. لضحكتم قليلًا".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي ذر.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي ذر بحديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(111)
- 4135 - (3)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم الدمشقي أبو سعيد، لقبه دحيم - مصغرًا - ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245). يروي عنه:(خ د س ق).
(حدثنا محمد) بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) - مصغرًا - اسمه
عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ إِسْلَامِهِمْ وَبَيْنَ أَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يُعَاتِبُهُمُ اللهُ بِهَا
===
دينار الديلي مولاهم المدني، ينسب إلى جد أبيه، صدوق، من صغار الثامنة، مات سنة مئتين (200 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(عن موسى بن يعقوب) بن عبد الله بن وهب بن زمعة المطلبي (الزمعي) أبي محمد المدني، صدوق سيئ الحفظ، من السابعة، مات بعد الأربعين ومئة (140 هـ). يروي عنه:(عم)، قال الدوري عن يحيى بن معين: ثقة، وقال علي ابن المديني: ضعيف الحديث منكر الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عدي: لا بأس به عندي، وقال ابن القطان: ثقة، فهو مختلف فيه.
(عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج التمار المدني، ثقة، من الخامسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(ع).
(أن عامر بن عبد الله بن الزبير) بن العوام الأسدي أبا الحارث المدني، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة إحدى وعشرين ومئة (121 هـ). يروي عنه:(ع).
(أخبره) أي: أخبر أبا حازم (أن أباه) عبد الله بن الزبير بن العوام الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنهما، قتله الحجاج الجائر.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن في رجاله: موسى بن يعقوب الزمعي، وهو مختلف فيه.
(أخبره) أي: أخبر عامر بن عبد الله (أنه) أي: أن الشأن والحال (لم يكن بين إسلامهم) أي: بين إسلام المسلمين (وبين أن نزلت هذه الآية) الآتية قريبًا حالةَ كون الشأن (يعاتبهم الله) تعالى (بها) أي: بتلك الآية
إِلَّا أرْبَعُ سِنِينَ {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} .
===
الآتية؛ أي: يعاتب المسلمين بتلك الآية ويلومهم (إلا أربع سنين) وتلك الآية قوله تعالى: ({وَلَا يَكُونُوا}) أيها المسلمون ({كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ})(1).
قوله: (لم يكن بين إسلامهم وبين أن نزلت هذه الآية) أن مصدرية، وجملة قوله:(يعاتبهم الله بها) حال من الآية؛ أي: حالة كون نزول الآية يعاتب الله بها المؤمنين؛ والمعنى: لم يكن بين إسلام المؤمنين وبين نزول هذه الآية، والحال أنه قد كان نزولها لمعاتبتهم؛ أي: لم يكن بين إسلامهم وبين نزول هذه الآية إلا أربع سنين.
و(الأمد) - محركة -: الغاية والمنتهى، كذا في "القاموس".
وللإنسان أمدان: مولده وموته؛ أي: تراخى عليهم زمان الموت، فوقعوا في انهماك لذات الدنيا.
قوله: {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ..... } إلى آخره: نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالذين أوتوا الكتاب من قبلهم من اليهود والنصارى، لما تطاول عليهم الأمد .. بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم، واشتروا ثمنًا قليلًا، ونبذوه وراء ظهورهم، وأقبلوا على الآراء المختلفة، والأقوال المؤتفكة، وقلدوا الرجال منهم في دين الله تعالى، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، فعند ذلك قست قلوبهم فلا يقبلون موعظةً، ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} أي: خارجون عن طاعة الله تعالى في أعمالهم، فقلوبهم فاسدة؛ وأعمالهم باطلة؛ كما قال تعالى في آية أخرى:
(1) سورة الحديد: (16).
(112)
- 4136 - (4) حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ،
===
{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} (1)؛ أي: فسدت قلوبهم، وصارت من سجيتهم تحريف الكلم عن مواضعه، وتركوا الأعمال التي أمروا بها، وارتكبوا ما نهوا عنه، ولهذا نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الشرعية الأصلية والفرعية، كذا قال ابن كثير في "تفسيره".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي ذر.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي ذر بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(112)
- 4136 - (4)(حدثنا بكر بن خلف) البصري ختن المقرئ أبو بشر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(حدثنا أبو بكر الحنفي) عبد الكبير بن عبد المجيد بن عبيد الله البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري، صدوق، رمي بالقدر وربما وهم، من السادسة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(م عم).
(1) سورة المائدة: (13).
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُكْثِرُوا الضَّحِكَ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ".
(113)
- 4137 - (5) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَص،
===
(عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين) الهاشمي مولاهم المدني أبي إسحاق، ثقة، من الثالثة، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكثروا الضحك) أيها المؤمنون؛ (فإن كثرة الضحك تميت القلب) أي: تجعله قاسيًا لا يتأثر بالمواعظ؛ كالميت؛ أي: تصيره مغمورًا في الظلمات بمنزلة الميت الذي لا ينفع نفسه بنافعة ولا يدفع عنها مكروهًا، وهذا من جوامع الكلم.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي ذر.
* * *
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث أبي ذر بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(113)
- 4137 - (5)(حدثنا هناد بن السري) بن مصعب التميمي أبو السري الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي مولاهم الكوفي، ثقة متقن
عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اقْرَأْ عَلَيَّ"، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ بِـ (سُورَةِ النِّسَاءِ) حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ
===
صاحب حديث، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبي عمران الكوفي الفقيه، ثقة، من الخامسة، إلا أنه يرسل كثيرًا ويدلس دون المئة، مات سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن علقمة) بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي، ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، مات بعد الستين، وقيل: بعد السبعين (70 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) عبد الله: (قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ) يا عبد الله (علي) القرآن، فقال عبد الله:(فقرأت عليه) صلى الله عليه وسلم (بسورة النساء) أي: من أولها كما في مسلم (حتى إذا بلغت) في قراءتها قوله تعالى: ({فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ}) أي: أحضرنا منهم شهيدًا يشهد عليهم بأعمالهم؛ وهو نبيهم، وهو استفهام توبيخ؛ أي: فكيف حال هؤلاء الكفار أو صنيعهم إذا جئنا من كل أمة بنبيهم يشهد على كفرهم، فكيف في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، والعامل في (إذا) هو هذا المقدر، أو في محل النصب
وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} .. فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ.
===
بفعل محذوف؛ أي: فكيف يكونون أو يصنعون، ويجري فيها الوجهان؛ النصب على التشبيه بالحال؛ كما هو مذهب سيبويه، أو على التشبيه بالظرفية؛ كما هو مذهب الأخفش، وهو العامل في (إذا) أيضًا، و (من كل أمة) متعلق بـ (جئنا).
والمعنى: أنه يؤتى بنبي كل أمة يشهد عليها أولها ({وَجِئْنَا بِكَ}) يا محمد ({عَلَى هَؤُلَاءِ}) أي: على أمتك ({شَهِيدًا})(1) حال؛ أي: شهيدًا لمن آمن بالإيمان، وشهيدًا على من كفر بالكفر، وعلى من نافق بالنفاق.
وقال أبو حيان: الأظهر: أن هذه الجملة في محل جر، عطفًا على (جئنا) الأول؛ أي: فكيف يصنعون في وقت المجيئين؟ !
قال ابن مسعود: (فنظرت إليه) أي: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإذا عيناه تدمعان) أي: تسيلان دمعًا، وفي رواية المؤلف اختصار للحديث؛ كما هو عادته.
وفي رواية "مسلم مع الكوكب": (قال) ابن مسعود: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ) يا عبد الله (علي القرآن) لأستمع منك (قال) عبد الله: (فقلت له) صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ أقرأ) عليك بصيغة المضارع المسند إلى المتكلم بتقدير همزة الاستفهام؛ أي: أأقرأ (عليك) القرآن، والحال أنه (عليك أنزل؟ ! قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إني أشتهي) وأحب (أن أسمعه) أي: أن أسمع القرآن (من غيري) هذا بيان لعلة أمره بالقراءة عليه، أو ليعلمه طريق الأداء والعرض، أو لأنه أبلغ في التفهم؛ لتفرغه من الشغل بالتلاوة، وتخصيصه صلى الله عليه وسلم ابن مسعود يحتمل أنه لم يحضر غيره، أو لم يَحْضُر أعلمُ منه. انتهى "أبي".
(1) سورة النساء: (41).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وعبارة القرطبي: قوله: "إني أشتهي أن أسمعه من غيري" أي: أستطيب ذلك؛ وذلك أن السامع قد يكون أحضر من القارئ؛ لاشتغال القارئ بالقراءة وكيفيتها، ويحتمل أن يكون أشتهي بمعنى: أُحبُّ، وفيه سنية قراءة الطالب على الشيخ. انتهى من "المفهم".
قوله: (وعليك أنزل) انظر ما الذي توهمه ابن مسعود حتى قال ذلك؛ فيحتمل أنه فهم أنه أراد بقرائته عليه: الاتعاظ، فكأنه قال: أتتعظ بقرائتي وعليك أنزل؟ ! لا أنه للتعلم. انتهى "أبي".
(قال) عبد الله: (فقرأت) عليه (من أول سورة النساء حتى إذا بلغت) قوله تعالى: (فَكَيْفَ) حال الكفار (إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةِ بِشَهِيدٍ) يشهد عليهم بعملهم وهو نبيهم (وَجِئْنَا بِكَ) يا محمد (عَلَى هَؤُلَاءِ) الكفرة (شَهِيدًا) تشهد عليهم بعملهم من الشرك (رفعت رأسي، أو) قال عبد الله: (غمزني) أي: طعنني (رجل) جالس (إلى جنبي) أي: إلى جانبي؛ لينبهني على حالى النبي صلى الله عليه وسلم، والشك من عبيدة بن عمرو (فرفعت رأسي) فالتفتُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فرأيت دموعه) صلى الله عليه وسلم (تسيل) وتجري على خديه وتفيض.
قال القاضي: وبكاؤه صلى الله عليه وسلم لما تضمنته الآية وما قبلها من قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} (1)، وما بعده من قوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ} أي: يوم المجيء بالشهداء {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ} أي أن {تُسَوَّى بِهِمُ} أي: تتسوى بهم {الْأَرْضُ} (2) بأن يكونوا ترابًا مثلها؛ لعظم هوله؛ كما
(1) سورة النساء: (40).
(2)
سورة النساء: (42).
(114)
- 4138 - (6) حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ،
===
في آية أخرى: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} (1)، {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} (2) عما عملوه في الدنيا. انتهى لفظ "مسلم مع شرحه".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ منها: في كتاب فضائل القرآن، باب من أحب أن يستمع القرآن من غيره، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظ للاستماع منه، والترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة النساء، والنسائي في كتاب التفسير.
وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي ذر.
* * *
ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث أبي ذر بحديث البراء رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(114)
- 4138 - (6)(حدثنا القاسم بن زكريا بن دينار) القرشي أبو محمد الكوفي الطحان، وربما نسب إلى جده، ثقة، من الحادية عشرة، مات في حدود الخمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(م ت س ق).
(حدثنا إسحاق بن منصور) السلولي مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق، من التاسعة مات سنة أربع ومئتين (204 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(1) سورة النبأ: (40).
(2)
سورة النساء: (42).
حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
===
(حدثنا أبو رجاء الخراساني) الهروي، اسمه عبد الله بن واقد بن الحارث بن أرقم بن ثعلبة بن الدؤلي الحنفي أبو رجاء الهروي الخراساني، روى عن محمد بن مالك، ويروي عنه: إسحاق بن منصور السلولي، و (ق)، ثقة موصوف بخصال من الخير، من السابعة، مات سنة بضع وستين ومئة (163 هـ). يروي عنه:(ق).
(عن محمد بن مالك) الجوزجاني أبي المغيرة مولى البراء، صدوق يخطئ كثيرًا، من الرابعة. يروي عنه:(ق). قال أبو حاتم: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: لم يسمع من البراء شيئًا، وذكره في "الضعفاء" أيضًا، وقال: كان يخطئ كثيرًا لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، روى له ابن ماجه حديثًا واحدًا وهو هذا الحديث.
قلت: روى له أحمد في "مسنده": قال: رأيت على البراء خاتمًا من ذهب، فقيل له: إنك تلبسه وقد نُهِيَ عنه، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر قصة، فهذا ينفي قول ابن حبان: إنه لم يسمع من البراء شيئًا، إلا أن يكون عنده غير صادق، فما كان ينبغي له أن يذكره في كتاب "الثقات". انتهى.
(عن البراء) بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي، صحابي ابن صحابي رضي الله تعالى عنهما، نزل الكوفة، استصغر يوم بدر، وكان هو وابن عمر لدة، مات سنة اثنتين وسبعين (72 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه محمد بن مالك، وهو مختلف فيه.
(قال): (كنا) معاشر الصحابة يومًا (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فِي جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْر، فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ:"يَا إِخْوَانِي؛ لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا".
(115)
- 4139 - (7) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ،
===
في) تجهيز (جنازة) ودفنها (فجلس) رسول الله صلى الله عليه وسلم (على شفير) وطرف فم (القبر، فبكى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (حتى بل) ورطب (الثرى) أي: التراب بدمعه السائل من عينيه؛ لكثرة ما بكى (ثم) بعدما بكى (قال) للحاضرين (يا إخواني؛ لمثل هذا) الدفن (فأعدوا) أي: استعدوا بالعمل الصالح وإكثار ذكر الله تعالى؛ فإنه يؤانسكم في قبوركم.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه حسن لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي ذر.
* * *
ثم استأنس المؤلف، للترجمة بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، فقال:
(115)
- 4139 - (7)(حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان) البهراني (الدمشقي) إمام الجامع المقرئ، صدوق متقدم في القراءة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(د ق).
(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الدمشقي، ثقة، من الثامنة، ولكنه كثير التدليس والتسوية، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا أبو رافع) إسماعيل بن رافع بن عويمر الأنصاري المدني، ويقال:
عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ابْكُوا؛ فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا .. فَتَبَاكَوْا".
===
المزني القاص نزيل البصرة، ضعيف الحفظ، من السابعة، مات في حدود الخمسين ومئة (150 هـ). يروي عنه:(ت ق)، وقال أحمد: ضعيف، وقال ابن المبارك: لم يكن به بأس، واتفق الجماهير على ضعفه.
(عن) عبد الله بن عبيد الله (ابن أبي مليكة) - بالتصغير - زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم التيمي أبي بكر المكي، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الرحمن بن السائب) بن أبي نهيك - بفتح النون - يقال: اسمه عبد الله المخزومي. روى عن: سعد بن أبي وقاص. ويروي عنه: ابن أبي مليكة، و (ق). مقبول، من الثالثة.
(عن سعد بن أبي وقاص) مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري أبي إسحاق المدني، أحد العشرة المبشرة بالجنة رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه أبا رافع الأنصاري، وهو متفق على ضعفه.
(قال) سعد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابكوا) كثيرًا؛ خوفًا من عذاب الآخرة وأهوال يوم القيامة (فإن لم تبكوا .. فتباكوا) أي: فتكلفوا بالبكاء يغفر لكم.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف (20)(430)؛ لضعف سنده، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
(116)
- 4140 - (8) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الزُّرَقِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيه،
===
ثم استأنس المؤلف للترجمة ثانيًا بحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، فقال:
(116)
- 4140 - (8)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم (الدمشقي) لقبه دحيم - مصغرًا - ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).
(وإبراهيم بن المنذر) بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي الحزامي - بالزاي - صدوق تكلم فيه؛ لأجل القرآن، من العاشرة، مات سنة ست وثلاثين ومئتين (236 هـ). يروي عنه:(خ ت س ق).
كلاهما: (قالا: حدثنا) محمد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) - بالفاء مصغرًا - اسمه دينار، الديلي مولاهم المدني أبو إسماعيل، من صغار الثامنة، مات سنة مئتين (200 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(حدثني حماد بن أبي حميد) إبراهيم الأنصاري (الزرقي) أبو إبراهيم المدني، هذا الراوي اسمه محمد، وحماد لقبه، وأبو حميد اسمه إبراهيم؛ كما ذكرناه آنفًا، ضعيف، من السابعة، اتفقوا على تضعيفه. يروي عنه:(ت ق).
(عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود) الهذلي أبي عبد الله الكوفي، ثقة عابد، من الرابعة، مات قبل سنة عشرين ومئة. يروي عنه:(م عم).
(عن أبيه) عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي ابن أخي عبد الله بن مسعود،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَخْرُجُ مِنْ عَيْنَيْهِ دُمُوعٌ وَإنْ كَانَ مِثْلَ رَأْسِ الذُّبَابِ؛ مِنْ خَشْيَةِ الله، ثُمَّ تُصِيبُ شَيْئًا مِنْ حُرِّ وَجْهِهِ .. إِلَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ".
===
ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ووثقه العجلي وجماعة، وهو من كبار الثانية، مات بعد السبعين. يروي عنه:(خ م د س ق)، وابناه عبيد الله، وعون، وهو يروي عن: عمه عبد الله بن مسعود الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه.
(عن عبد الله بن مسعود) الهذلي الصحابي الفاضل صاحب النعلين رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه حماد بن أبي حميد، متفق على ضعفه عند الجمهور.
(قال) ابن مسعود: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد مؤمن) من عباد الله (يخرج من عينيه) بالتثنية (دموع وإن كان) ذلك الدموع في القلة (مثل رأس الذباب) أي: يخرج منه (من خشية الله) عز وجل (ثم تصيب) تلك الدموع (شيئًا من حُرِّ وجهه) أي: من بشرة وجهه.
وحر الوجه - بضم المهملة وتشديد الراء -: هو ما أقبل عليك وبدا لك من الوجه.
(إلا حرمه الله على النار) أي: حرم ذلك العبد المؤمن، أو وجهه، أو حُرَّ وجهه، أو الشيء الذي أصابته الدموع منه، وأرجى الوجوه من رحمة الله هو الوجه الأول؛ والمراد بالتحريم على النار: منع النار من إحراقه لا التحريم الشرعي. انتهى "س".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف؛ لضعف سنده؛ لما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مر آنفًا، فالحديث: ضعيف متنًا وسندًا (21)(431)؛ لما مر آنفًا، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: ثمانية:
الأول للاستدلال، والخمسة التالية للاستشهاد، والأخيران للاستئناس.
والله سبحانه وتعالى أعلم