المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(20) - (1493) - باب الحياء - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب الفتن (2)

- ‌(1) - (1474) - بَابُ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ

- ‌فائدة

- ‌(2) - (1475) - بَابُ الْمَلَاحِمِ

- ‌ملحقة

- ‌(3) - (1476) - بَابُ التُّرْكِ

- ‌كتاب الزهد

- ‌(4) - (1477) - بَابُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا

- ‌(5) - (1478) - بَابُ الْهَمِّ بِالدُّنْيَا

- ‌(6) - (1479) - بَابُ مَثَلِ الدُّنْيَا

- ‌(7) - (1480) - بَابُ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ

- ‌(8) - (1481) - بَابُ فَضْلِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(9) - (1482) - بَابُ مَنْزِلَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(10) - (1483) - بَابُ مُجَالَسَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌(11) - (1484) - بَابٌ: فِي الْمُكْثِرِينَ

- ‌فائدة

- ‌بشارة عظيمة

- ‌(12) - (1485) - بَابُ الْقَنَاعَةِ

- ‌(13) - (1486) - بَابُ مَعِيشَةِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌(14) - (1487) - بَابُ ضِجَاعِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌(15) - (1488) - بَابُ مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(16) - (1489) - بَابٌ: فِي الْبِنَاءِ وَالْخَرَابِ

- ‌ملحقة

- ‌(17) - (1490) - بَابُ التَّوَكُّلِ وَالْيَقِينِ

- ‌(18) - (1491) - بَابُ الْحِكْمَةِ

- ‌ملحقة

- ‌(19) - (1492) - بَابُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْكِبْر، وَالتَّوَاضُعِ

- ‌(20) - (1493) - بَابُ الْحَيَاءِ

- ‌(21) - (1494) - بَابُ الْحِلْمِ

- ‌(22) - (1495) - بَابُ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ

- ‌(23) - (1496) - بَابُ التَّوَقِّي عَلَى الْعَمَلِ

- ‌(24) - (1497) - بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ

- ‌(25) - (1498) - بَابُ الْحَسَدِ

الفصل: ‌(20) - (1493) - باب الحياء

(20) - (1493) - بَابُ الْحَيَاءِ

(99)

- 4123 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ مَوْلىً لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،

===

(20)

- (1493) - (باب الحياء)

(99)

- 4123 - (1)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي البصري، ثقة إمام في الجرح والتعديل، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(وعبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة حافظ عارف بالرجال، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

كلاهما (قالا: حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري، ثقة حجة إمام أئمة الجرح والتعديل، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن قتادة) بن دعامة بن قتادة السدوسي البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن أبي عتبة) البصري (مولىً لأنس بن مالك) ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البزار: ثقة مشهور، وقال الحافظ: ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(خ م ق).

ص: 313

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ عَذْرَاءَ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا .. رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ.

===

(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أبو سعيد: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من عذراء) محبوسة (في خدرها) أي: في خدر أهلها وستارتهم؛ والعذراء: هي الجارية البكر؛ والخدر: ستر يجعل لها في جنب البيت.

(وكان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كره شيئًا) لا يوافقه .. (رئي ذلك) أي: أَثَرُ كراهتِه لذلك الشيء (في وجهه) الشريف بتغير لونه من البياض إلى الحمرة؛ أي: ما كان يتكلَّمُ به؛ لحيائه، بل يتغير وجهه، فنعرف نحن معاشر الصحابة كراهيته لذلك الشيء من وجهه، وهذا إذا لم تَقْتَضِ حاجةُ التبليغ تكَلُّمَه، أما إذا اقتضت ذلك .. فكان ربما يتكلَّمُ بأسلوب حكيم.

قوله: (رئي ذلك في وجهه) - بالبناء للمفعول - أي: أنه لا يظهر كراهيته بالتكلم حياءً، بل يظهر آثار كراهيته في الوجه، فيعرف بها أنه كرهه. انتهى "س".

قوله: (أشد حياء) قال بعض العلماء: الحياء: هو انقباض النفس خشية ارتكاب ما يكره، أعم من أن يكون شرعيًا أو عقليًا أو عرفيًا، ومقابل الأول: فاسق، والثاني: مجنون، والثالث: أبله.

وقال بعضهم: إن كان الحياء في محرم .. فهو واجب، وإن كان في مكروه .. فهو مندوب، وإن كان في مباح .. فهو العرفي، وهو المراد بقوله:"الحياء لا يأتي إلا بخير".

ويجمع كل ذلك: أن المباح إنما هو ما يقع على وفق الشرع إثباتًا ونفيًا.

ص: 314

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال القرطبي: الحياء المكتسب: هو الذي جعله الشارع من الإيمان، وهو المكلف به دون الغريزي، غير أن من كان فيه غريزة منه .. فإنها تعينه على المكتسب، وقد ينطبع بالمكتسب حتى يصير غريزيًا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع له النوعان، فكان في الغريزي أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان في الحياء المكتسب في الذروة العلياء، حكاه الحافظ في "الفتح"(1/ 75)(1/ 522).

قال في "الشفاء": والحياء: رقة تعتري وجه الإنسان عند فعل ما يتوقع كراهته، أو: ما يكون تركه خيرًا من فعله. انتهى.

وفي الحديث: فضيلة الحياء، وهو من شعب الإيمان، وهو خير كله، ولا يأتي إلا بخير، وهو محثوث عليه ما لم ينته إلى حد الضعف والنخو. انتهى "نووي"، والمراد: أنه لا يتكلم إذا لم يكن ذلك في حدود الله وحقوقه، فلا يواجه أحدًا بما يكره، كذا في "نسيم الرياض".

وقد تقدم بسط الكلام على الحياء في كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الأيمان، فراجعه إن شئت.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي "الأدب المفرد" في باب الحياء، ومسلم في كتاب الفضائل، بابُ كثرةِ حيائه صلى الله عليه وسلم، وأحمد في "المسند".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ص: 315

(100)

- 4124 - (2) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ

===

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي سعيد الخدري بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(100)

- 4124 - (2)(حدثنا إسماعيل بن عبد الله) بن خالد بن يزيد أبو عبد الله، أو أبو الحسن (الرقي) السكري، قاضي دمشق، صدوق، نسب إلى رأي جهم، من العاشرة، مات بعد الأربعين ومئتين. يروي عنه:(ق).

(حدثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السَّبِيعي - بفتح المهملة وكسر الموحدة - أخو إسرائيل بن يونس الكوفي، نزل الشام مرابطًا، ثقة مأمون، من الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل: سنة إحدى وتسعين ومئة. يروي عنه: (ع).

(عن معاوية بن يحيى) الطَّرَابُلسِيِّ أبي مطيع، أَصْلُه من دمشق أو حمص، صدوق له أوهام، وغَلِطَ مَنْ خَلَطَه بمعاوية بن يحيى الصَّدَفي الدمشقي؛ لأن ذاك ضعيف، قال ابن معين وأبو حاتم وغيرهما: الطرابلسي أقوى من الصدفي، وعكس الدارقطني، وهو صدودق، من السابعة. يروي عنه:(س ق).

(عن الزهري) محمد بن مسلم المدني، ثقة، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).

(عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل) أهل (دين

ص: 316

خُلُقًا، وإِنَّ خُلُقَ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ".

(101)

- 4125 - (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ،

===

خلقًا) - بضمتين أو بسكون الثاني - أي: خلقًا يختص بأهل ذلك الدين، وبه يعرف من كان كاملًا في ذلك الدين؛ وهو السجية يحصل بها حسن المعاملة مع الخالق والخلائق.

(وإن خلق) أهل (الإسلام الحياء) قال الطيبي (9/ 244): معناه: الغالب على أهل كل دين سجية سوى الحياء، والغالب على ديننا الحياء؛ لأنه متمم لمكارم الأخلاق التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" عن محمد بن عبد الله الأنطاكي عن عيسى بن يونس به، وأورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية" من طريق معاوية بن يحيى الصدفي، وضعف الحديث، وله شاهد من حديث ركانة، رواه مالك في "الموطأ"، وابن أبي حاتم في "علل الحديث" والطبراني في "المعجم الصغير"، وأبو نعيم في "الحلية"، والقضاعي في "مسند الشهاب".

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده؛ كما مر آنفًا، ولأن له شواهد؛ كما بيناها، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(101)

- 4125 - (3)(حدثنا عبد الله بن سعيد) بن حصين الكندي أبو سعيد الأشج الكوفي، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة سبع وخمسين ومئتين (257 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 317

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ

===

(حدثنا سعيد بن محمد الوراق) الثقفي أبو الحسن الكوفي، نزيل بغداد، ضعيف، من صغار الثامنة. يروي عنه:(ت ق).

قلت: ضعفه الجمهور، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: روى عن الأعمش، وقال الحاكم: ثقة، فهو مختلف فيه.

(حدثنا صالح بن حسان) - بالمهملتين المفتوحتين مع تشديد السين المهملة، وفي بعض النسخ: بالحاء المهملة وتشديد التحتانية، وهو تحريف من النساخ - النَّضَري؛ نسبة إلى بني النضير، من حلفاء الأوس، أبو الحارث المدني، نزيل البصرة. روى عن محمد بن كعب القرظي، ويروي عنه: سعيد بن محمد الوراق، وقد أجمعوا على ضعفه، وقال الحافظ: متروك، من السابعة. يروي عنه:(ت ق).

(عن محمد بن كعب) بن سليم بن أسد أبي حمزة (القرظي) نسبة إلى بني قريظة المدني، وكان قد نزل الكوفة مدةً، ثقة عالم، من الثالثة، ولد سنة أربعين على الصحيح، ووهم من قال: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد قال البخاري: إن أباه كان ممن لم ينبت من سبي بني قريظة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه صالح بن حسان، وهو مجمع على ضعفه، وفيه سعيد الوراق، وهو مختلف فيه.

(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل) أهل

ص: 318

دِينٍ خُلُقًا، وَإِنَّ خُلُقَ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ".

(102)

- 4126 - (4) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ

===

(دين خلقًا) أي: سجية مختصة بهم (وإن خلق) أهل (الإسلام الحياء).

وقد تقدم هذا الحديث في الحديث الذي قبله، فهو مثله لفظًا ومعنىً، فراجعه.

ودرجته: أنه ضعيف السند؛ لما تقدم آنفًا، صحيح المتن بما قبله، وغرضه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي سعيد بحديث أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(102)

- 4126 - (4)(حدثنا عمرو بن رافع) بن الفرات القزويني أبو حُجْر - بضم المهملة وسكون الجيم - ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قُرْط الضَّبِّي الكوفي، ثقة، من الثامنة، صحيح الكتاب، مات سنة ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتَّاب - بمثناة مشددة - الكوفي، ثقة ثبت، من طبقة الأعمش؛ يعني: من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ربعي بن حراش) - بكسر المهملة آخره معجمة - أبي مريم العبسي الكوفي، ثقة عابد مخضرم، من الثانية، مات سنة مئة (100 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن عقبة بن عمرو) بن ثعلبة الأنصاري (أبي مسعود) البدري الصحابي

ص: 319

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ .. فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ".

===

الفاضل رضي الله تعالى عنه، مات قبل الأربعين أو بعدها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو مسعود: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مما أدرك الناس) أي: أهل الجاهلية والناس يجوز فيه الرفع، والعائد على (ما) محذوف، ويجوز النصب، والعائد: ضمير الفاعل، و (أدرك) بمعنى: بلغ.

و(إذا لم تستح) اسم (إن) محكي بتقدير القول (من كلام النبوة الأولى) قال العزيزي: هي نبوة آدم، وقال القاري:(من) تبعيضية؛ والمعنى: إن من جملة أخبار أصحاب النبوة السابقة من الأنبياء والمرسلين؛ تقديره: إن قولهم: إذا لم تستح .. فاصنع ما شئت .. كائن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى.

قال الخطابي في "المعالم": معناه: أن الحياء لم يزل أمره ثابتًا، واستعماله واجبًا مذ زمان النبوة الأولى؛ فإنه ما من نبي إلا وقد ندب إلى الحياء وبعث عليه، وأنه لم ينسخ مع ما نسخ من شرائعهم؛ وذلك أنه أمر قد علم صوابه، وبان فضله، واتفقت العقول على حسنه، وما كانت هذه صفته .. لم يجر عليه النسخ والتبديل (إذا لم تستحي) بسكون الحاء وكسر الياء وحذف الياء الثانية؛ للجازم .. (فاصنع ما شئت).

قال في "شرح السنة": فيه أقاويل:

أحدها: أن معناه: الخبر وإن كان لفظه الأمر؛ كأن يقول: إذا لم يمنعك الحياء .. فعلت ما شئت مما تدعوك إليه نفسك من القبيح، وإلى هذا المعنى ذهب أبو عبيد.

ص: 320

(103)

- 4127 - (5) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ،

===

وثانيها: أن معناه: الوعيد؛ كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40](1)؛ أي: إن صنعت ما شئت .. فإن الله يجازيك، وإليه ذهب أبو العباس.

وثالثها: معناه: ينبغي أن تنظر إلى ما تريد أن تفعله؛ فإن كان ذلك مما لا يستحيا منه .. فافعله، وإن كان مما يستحيا منه .. فدعه، وإليه ذهب أبو إسحاق المروزي. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان، وفي كتاب الأدب، باب إذا لم تستح

إلى آخره، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب في الحياء، وأحمد في "المسند".

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث أبي سعيد بحديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(103)

- 4127 - (5)(حدثنا إسماعيل بن موسى) الفزاري أبو محمد الكوفي نسيب السدي، أو ابن بنته، أو ابن أخته، صدوق يخطئ رمي بالرفض، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(دت ق).

(حدثنا هشيم) بن بشير - بوزن عظيم - بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، من السابعة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ). يروي عنه:(ع).

(1) سورة فصلت: (40).

ص: 321

عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَن، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَان، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّة،

===

(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتاب الكوفي، ثقة ثبت، من الخامسة، وكان لا يدلس، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الحسن) بن أبي الحسن البصري، واسم أبيه: يسار الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرًا ويدلس، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي بكرة) الثقفي - بزيادة هاء التأنيث - الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، نفيع بن الحارث بن كلدة - بفتحتين - ابن عمرو نزيل البصرة، ومات بها سنة إحدى وخمسين (51 هـ) أو اثنتين وخمسين. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

فإن قال معترض: الحسن لم يسمع من أبي بكرة، فالسند منقطع، فلا يصح.

أجيب عنه: بأن البخاري احتج في "صحيحه" برواية الحسن عن أبي بكرة في أربعة أحاديث، وفي "مسند أحمد" و"المعجم الكبير" للطبراني .. التصريح بسماعه من أبي بكرة في عدة أحاديث؛ منها:"إِنَّ ابْنِي هذا سَيِّدُ شباب أهل الجنة"، والمثبت مقدم على النافي، فثبت سماعه منه، فاندفع الاعتراض، فلله الحمد.

(قال) أبو بكرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحياء) شعبة (من) شُعَب (الإيمان) قال الزمخشري: جعله كالبَعْضِ منه؛ لمناسبتِه له في أنه يمنع من المعاصي؛ كما يمنع الإيمانُ منها (والإيمانُ في الجنة) أي: مُوصِل إلى الجنة، ولفظةُ:(في) بمعنى: (إلى).

ص: 322

وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاء، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ".

(104)

- 4128 - (6) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق،

===

(والبذاء) - بالمد -: هو الفحش من القول (من الجفاء) - بالمد -: وهو الطردُ والإِعراض وتَرْكُ الصلةِ والبر.

(والجفاءُ) أي: أصحابُه (في النار) أو يوصل إلى النارِ والعذاب، يفسره قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر:"وهَلْ يكُبُّ الناس في النار إلا حصائدُ ألسنتهم".

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث ابن عمر، رواه الترمذي في "الجامع وصححه" قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعن أبي أمامة وأبي بكرة.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد.

ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث آخر لأنس رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(104)

- 4128 - (6)(حدثنا الحسن بن علي) بن محمد الهذلي أبو علي (الخلال) الحلواني - بضم المهملة - نزيل مكة، ثقة حافظ له تصانيف، من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(خ م د ت ق).

(حدثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري مولاهم، أبو بكر الصنعاني، ثقة حافظ مصنف شهير، عَمِيَ في آخر عمره فتغيَّر وكان يتشيَّع،

ص: 323

أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ،

===

من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).

(أنبأنا معمر) بن راشد الأزدي مولاهم أبو عروة البصري، نزيل اليمن، ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وعاصم بن أبي النجود وهشام بن عروة .. شيئًا، وكذا فيما حدث به بالبصرة، من كبار السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ثابت) بن أسلم البناني أبي محمد البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما كان الفحش) قال في "النهاية": الفحش: هو كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي، وكثيرًا ما ترد الفاحشة بمعنى: الزنا، وكل خصلة قبيحة من الأقوال والأفعال، وقال في "القاموس": الفاحشة: هي الزنا وما يشتد قبحه من الذنوب، وكل ما نهى الله عنه عز وجل، وقد فحش - ككرم - فحشًا؛ والفحش: عدوان الجواب، ومنه قوله: صلى الله عليه وسلم لعائشة: "لا تكوني فاحشة".

أي: ما كان الفحش؛ أي: ما اشتد قبحه من الكلام (في شيء) من الأشياء سواء كان ذلك الشيء فعلًا أو قولًا (قط) ظرف مستغرق لما مضى من الزمان يلازم النفي؛ أي: في زمن من الأزمنة الماضية؛ أي: ما كان الشيء القبيح من الكلام في شيء من الأشياء، سواء كان من الأقوال أو الأفعال في زمن من الأزمنة الماضية .. (إلا شانه) أي: إلا عيَّبَ ذلك الكلامُ الفاحشُ ذلك الشيءَ الذي وقع فيه.

وقيل: المراد بالفحش: العُنْفُ؛ لِما في روايةِ عبد بن حميد والضياء عن

ص: 324

وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ قَطُّ .. إِلَّا زَانَهُ".

===

أنس أيضًا: (ما كان الرفقُ في شيء .. إلا زَانَه، ولا نُزِعَ من شيء .. إلا شانه).

(وما كان الحياءُ في شيءٍ قطُّ .. إلا زانه) أي: زيَّن الحياءُ ذلك الشيءَ الذي وقع فيه وحَسَّنه وجمَّله.

قال الطيبي: قوله: "في شيء" فيه: مبالغة لإفادته العموم؛ أي: لو قدر أن يكون الفحش أو الحياء في جماد .. لزانه، أو شانه، فكيف في الإنسان؟ !

ويمكن أن يكون المراد بـ (شيء): شيء يتصور فيه الفحش والحياء، فكأنه قال: ما كان في أحد. انتهى من "تحفة الأحوذي".

قوله: "ما كان الفحش" - بضم الفاء وسكون الحاء المهملة - اسم مصدر؛ من الإفحاش، قال في "شرح الترمذي": هو الكلام بما يكره سماعه مما يتعلق بالدين.

(في شيء) أي: في أمر من الأمور .. (إلا شانه) أي: عيبه الفحش.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الفحش والتفحش، ورواه البخاري في "الأدب المفرد"، وأحمد في "المسند"، وابن حبان في "صحيحه".

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ستة أحاديث:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 325