الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجَنَّةُ حينَ تُزيَّنُ في رمضان
(1)
الخطبةُ الأولى:
الحمدُ للهِ أورثَ عبادَه المؤمنين الجنةَ بما كانوا يعملون، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله، ندبَ عبادَه إلى المسارعةِ للخيراتِ، وادَّخرَ لهمُ الثوابَ ليومِ المَعَادِ، {فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (2)، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه كان أعلمَ الناسِ باللهِ وأخوفَهم له، وأكثرَهم له عبادةً حتى أتاه اليقينُ .. صلى اللهُ عليهِ وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين، ورضيَ اللهُ عن صحابتهِ أجمعينَ والتابعينَ ومنْ تبعهمْ بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
يتواصى المسلمونَ بالتقوى في كلِّ حين .. فكيفَ بالتقوى في شهرِ التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (3).
إخوةَ الإسلام: أهنِّؤكمْ ونفسي والمسلمينَ بحلولِ شهرِ رمضانَ، وأسألُهُ تعالى أن يجعلَه طريقًا موصِلًا إلى الجِنَانِ في الآخرةِ وسبيلًا لعزِّ المسلمينَ وتمكينهِم في الدنيا، وحُقّ لكلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ إذا ذكرتِ الجنةُ أن ترجفَ منهمُ الأفئدةُ، وترْتعدَ الفرائصُ وتسيلَ دموعُ العينِ رغبًا لها، وإذا ذُكرَ نعيمُها وبهجتُها وسرورُها كادوا أن يطيروا شوقًا إليها.
(1) ألقيت هذهالخطبةُ يوم الجمعة الموافق 3/ 9/ 1423 هـ.
(2)
سورة الأنبياء، الآية:47.
(3)
سورة البقرة، الآية:183.
يا أخا الإيمان: وشهرُ رمضانَ شهرُ القرآن، وشهرُ الصيام، وشهرٌ تتقوى فيه النفوسُ على فعلِ الخيراتِ والإحسان، شهرٌ يسارعُ المؤمنون فيهِ إلى مغفرةٍ منْ ربِّهمْ وجنةٍ عرضُها السماواتُ والأرضُ، البشارةُ للمؤمنين بالجنةِ حقٌ، وأنواعُ النعيم لا تُحدُّ ولا توصفُ {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (1).
إخوة الإيمان: وإذا كانَ حديثُ الجنةِ يطيبُ في كلِّ حينٍ فهوَ في شهرِ الصيامِ يطيبُ أكثرَ وأكثرَ، لماذا؟
وهنا وقفاتٌ عن الجنةِ وتذكيرٌ بالطرقِ إليها:
1 -
لأن في شهرِ رمضانَ يُزينُ اللهُ جنتَه كلَّ يوم، ويقولُ: يوشكُ عباديَ الصالحونَ أنْ يلقوا عنهمُ المئونةَ والأذى ثمَّ يصيروا إليك، فيا باغيَ الخيرِ أَقْبلْ. وأهلُ السنةِ والجماعةِ يؤمنونَ بأنَّ الجنةَ حقٌّ والنارَ حقٌّ، ويعتقدونَ أنَّ الجنةَ والنارَ مخلوقتان وموجودتان الآن، ولمْ يشذَّ عنْ ذلكَ إلا بعض المُبْتَدِعةِ.
2 -
ويؤمنونَ كذلكَ أنَّ منْ ماتَ قامتْ قيامتُه، ثم عُرضَ عليه مقعدُه من الجنةِ أو النار، وفي «الصحيحين» منْ حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ فَيُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (2).
وفي «المسند» وغيرِه منْ حديثِ البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا مَعَ
(1) سورة البقرة، الآية:25.
(2)
البخاري 1379، ومسلم 2866.
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ- فذكرَ الحديثَ بطوله، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا
…
الحديث (1).
3 -
ويُؤْمَنُونَ بل يُغْبَطُونَ منْ بشَّرهمْ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالجنةِ، وهمْ بعدُ في الدنيا .. وثمَّةَ عددٌ من الصحابةِ بُشِّروا بالجنة، بل رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قصورًا في الجنة لأعيانٍ من الصحابة، وعلى سبيل المثال لا الحصرِ أكتفي بنموذجٍ للرجال وآخرَ للنساء، فقَصْرُ عمرَ رضي الله عنه جاءَ في «صحيحِ مسلم» منْ حديثِ جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا قَصْرًا ودَارًا، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فقيل: لرجلٍ منْ قريش، فقيل: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ» قال: فَبَكَى عُمَرُ، وَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ أَوَ عَلَيْكَ يُغَارُ؟ ! (2).
أما خديجةُ رضي الله عنها، فالبشارةُ لها ببيتٍ في الجنةِ أتي بها جبريلُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ومعه السلامُ منْ ربِّها، وقال- كما في «صحيح البخاري» -:«هذهِ خديجةُ قدْ أتتْ معها إناءٌ فيه إدامٌ أو طعامٌ أو شرابٌ، فإذا هي أَتَتْكَ فاقرأْ عليها السلام من ربِّها ومنِّي، وبشِّرها ببيتٍ في الجنةِ منْ قَصَبٍ، لا صَخَبَ فيه ولا نَصَبَ» (3).
4 -
الجنةُ مغريةٌ والنارُ موحِشةٌ، ولكنْ أينَ لِجَامُ الشهواتِ والمَكَارِهِ؟
في «السنن» والمسند منْ حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ
(1) أحمد في «المسند» 4/ 187، والحاكم: المستدرك 1/ 37، 38.
(2)
مسلم 2394 في فضائل الصحابة باب من فضائل عمر رضي الله عنه.
(3)
البخاري، مناقب الأنصار، تزويج خديجة وفضلها ح 3820.
لِأَهْلِهَا فِيهَا، قَالَ: فَجَاءَهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ، قَالَ فَوَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَتْ بِالْمَكَارِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ. فقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ. قَالَ: اذْهَبْ إِلَى النَّارِ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعَ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، فَقَالَ: ارْجعْ إِلَيْهَا، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا» قالَ الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح (1).
ألا فجاهدْ نفسَك يا مسلمُ عنْ الشهواتِ المحرمةِ، وصبِّرْها على المكارهِ المصاحبةِ للطاعةِ فذاك رهانُ الجنة.
5 -
منْ نعيمِ الجنةِ كلُّ ما خطرَ ببالكَ وحلَّقَ إليهِ خيالُكَ، ففي الجنة أعظم من ذلك، عنْ أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2). وَفِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} (3). وَمَوْضِعُ سَوْطٍ من الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} (4)» رواهُ بهذا
(1) 2560، والمسند 2/ 333.
(2)
سورة السجدة، الآية:17.
(3)
سورة الواقعة، الآية:30.
(4)
سورة آل عمران، الآية:185.
السياقِ واللفظِ الترمذيُّ والنسائيُّ وابنُ ماجه، وصدرهُ في «الصحيحين» (1).
6 -
هل تُدخَلُ الجنةُ بالعملِ أمْ برحمةِ الله؟ المتقررُ شرعًا أنها تُدخلُ برحمةِ الله، كما قال صلى الله عليه وسلم:«لنْ يُدخِلَ أحدًا عَمَلُه الجنَّةَ» وفي لفظ: «لنْ يُنْجِي أحدًا منكمْ عَمَلُهُ» (2). ولكن العملَ سببٌ في دخول الجنة، كما قال تعالى:{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32].
قالَ العلماءُ: والجمعُ بين الآيةِ والحديث: أن النفيَ الذي في الحديثِ هو نفيُ المعاوضةِ التي يكونُ فيها أحدُ العوضينِ مقابلًا للآخر، والباءُ التي في الآيةِ هي باءُ السببيةِ التي تقتضي أنَّ العملَ سببٌ لدخولِ الجنة وإن لم يكنْ مستقلًّا بحصولِها (3).
إذًا لا بدَّ للجنةِ منْ عملٍ ابتداءً، ولكنَّ رحمةَ اللهِ بوابةٌ للدخولِ في النهاية.
7 -
ما هي موجباتُ دخولِ الجنة؟ هي كثيرةٌ وثابتةٌ في آياتِ الكتابِ وصحيحِ السنة، كالذِّكرِ والسُّننِ الرواتبِ والصدقةِ، والصومِ وحُسْنِ الخُلُق، والحجِّ والجهادِ وبرِّ الوالدين، والزيارة .. وقدْ أحصى بعضُهم ما يزيدُ على ستينَ موجبًا للجنةِ منْ صحيحِ السنة، وقال الشيخُ عبدُ الله الجعيثن في كتابهِ «موجباتُ الجنةِ في ضوء السنة» - وفقَّه اللهُ- تَنوُّعُ الأسبابِ الموجبةِ للجنةِ وكثرتُها رحمةٌ منَ اللهِ بعباده، فقد يتهيأُ لبعضِ المؤمنينَ بعضُ هذهِ الأسبابِ ويتعذرُ عليهمْ بقيتُها، وفدْ يوفَّقُ المؤمنُ ويفتحُ له في بعضُ هذهِ الأسبابِ ويتعذرُ عليهمْ بقيتُها، وفدْ يوفَّقُ المؤمنُ ويفتحُ له في بعضِ الأسبابِ وتتيسرُ له دونَ سواها، وعلى المسلمِ أنْ
(1) ابن القيم، حادي الأرواح 223.
(2)
متفق عليه، خ 5673، مثلًا 2816.
(3)
حادي الأرواح 61.
يغتنمَ الفرصةَ في أيِّ بابٍ فتحَ لهُ إلى الجنة، ويجتهدُ في تحقيقِ بقيةِ الأسباب (1).
قالَ أحدُ التابعين: إذا فُتحَ لأحدكمْ بابُ الخيرِ فليُسْرِعْ إليه، فإنهُ لا يدري متى يُغلَق عنه (2).
يا عبدَ الله: وإذا بلّغكَ اللهُ شهرَ رمضانَ وهوَ شهرُ الصيامِ والقرآن، والإحسانِ والصلاة، والدعاءِ .. ونحوِها منْ موجباتِ الجنة، فلا تَدَعِ الفرصةَ تضيعُ عليك وسارعْ وبادر، وأَنِبْ إلى ربِّك وأخبتْ له .. عسى أنْ تكونَ منَ المفلحين.
8 -
الغفلةُ صدودٌ عنِ الجنةِ .. والعجبُ كلُّ العجبِ ممنْ يَغْفلُ عنْ مصيرينِ لا يستويان، والعجبُ كذلكَ ممنْ تُسرعُ بهِ مطايا الليلِ والنهار، ولا يتفكرُ إلى أنْ يُحملَ ويُسارَ به أعظمَ منْ سيرِ البريد، ولا يدري إلى أيِّ الدارين يُنقلُ .. أجلْ، لقدْ نُوديَ إلى الجنةِ في سوقِ الكسادِ فما قَلَب هذا المسكينُ الغاقل- ولا اسْتام، وغيرُه قدْ شمَّرَ عنْ ساق .. فواعجبًا لها كيفَ نامَ طالبُها، وكيفَ لمْ يَسْمح بمهرِها خاطبُها، وكيفَ طابَ العيشُ في هذهِ الدارِ بعدَ سماعِ أخبارها، وكيفَ قرَّ للمشتاقِ القرارُ دونَ معانقةِ أبكارها؟ وكيفَ صدفتْ عنها قلوبُ أكثرِ العالمين؟ ! (3).
9 -
حُدَاء الجنة .. ودونكَ حُداءُ المشتاقينَ وحنينُ العارفين، يتغنونَ بالجنانِ وكأنهمْ يرونها .. ويدعونكَ للجدِّ والاجتهادِ في طلبها، وهمْ يصفونَ لكَ شيئًا منْ نعيمها ..
(1) د. عبد الله الجعيثن، موجبات الجنة في ضوء السنة/ 5.
(2)
رواه أحمد في «الزهد» ص 384، عن الجعيثن «موجبات الجنة» / 6.
(3)
ابن القيم، حادي الأرواح 26 - 28.
ويقولُ ابنُ القيم- رحمه الله منْ قصيدةٍ طويلةٍ وشعرٍ في وصفِ الجنة:
وما ذاكَ إلا غَيرةٌ أنْ ينالَها
…
سوى كُفْئِها والربُّ بالخَلْقِ أعلمُ
وإنْ حُجبتْ عنَّا بكلِّ كريهةٍ
…
وحُفَّتْ بما يؤذي النفوسَ ويؤلمُ
فللهِ ما في حشوِها منْ مَسَرَّةٍ
…
وأصنافِ لذاتٍ بها يُتنعَّمُ
وللهِ بَردُ العيشِ بينَ خيامِها
…
وروضاتِها، والثغرُ في الروضِ يَبسمُ
وللهِ واديها الذي هو موعدُ
…
المزيد لوفدِ الحبِّ لو كنتَ منهمُ
فيا لذةَ الأبصارِ إنْ هي أقبلتْ
…
ويا لَذَّةَ الأسماعِ حينَ تكلَّمُ
ويا خجلة الغصنِ الرطيبِ إذا انثنتْ
…
ويا خجلةَ الفجرينِ حينَ تبسَّمُ
عناقيدُ منْ كرمٍ وتفاحُ جنةٍ
…
ورمانُ أغصانٍ بهِ القلبُ مغرمُ
تَقَسَّمَ فيها الحسنُ في جمعِ واحدٍ
…
فيا عجبًا من واحدٍ يتقسَّمُ
فيا خاطبَ الحسناءِ إنْ كنتَ راغبًا
…
فهذا زمانُ المهرِ فهو المقدَّمُ
وصُمْ يومكَ الأدنى لعلكَ في غدٍ
…
تفوزُ بعيدِ الفطرِ والناسُ صُوَّمُ
وأقدمْ ولا تقنعْ بعيشٍ منغضٍ
…
فما فازَ باللذاتِ منْ ليسَ يقدمُ
فحيَّ على جناتِ عدنٍ فإنها
…
منازلكَ الأولى وفيها المخيمُ (1)
أما هاتفُ القرآنِ وأما دعوةُ الرحمن، فنقول لكلِّ مسلمٍ ومسلمة:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ
(1) حادي الأرواح، ص: 30 - 31.
الذُّنُوبَ إِلَاّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (1).
اللهمَّ انفعْا بهدىِ القرآنِ وسنةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
(1) سورة آل عمران، الآيات: 133 - 135.