المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخطبةُ الثانية: أيُّها المسلمون: لقد أصبحَ الإسلامُ وعالَمُه -بعد أحداثِ الحادي - شعاع من المحراب - جـ ١٠

[سليمان بن حمد العودة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌الأخوَّة الإسلامية

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية

- ‌عظمةُ الخالقِ في خَلْقِه

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌مظاهرُ صيفية

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌سنة الله في تدمير الظالمين

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌من سنن الله في نصر المؤمنين

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌فكاك الأسير

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌عَشْرُ وَقَفاتٍ في الرؤيا والمُعبرين

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌الحِيلَ

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌الجَنَّةُ حينَ تُزيَّنُ في رمضان

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌رمضانُ مدرسةُ الأخلاق

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌هجمات (التتر) بين الماضي والحاضر

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌مصيبة الأمة ونقفور النصارى

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌أشجُّ بني أمية ومجيبها

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌مكر الأعداء في القرآن الكريم

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌النعمان وفتح الفتوح، والمستقبل للأمة

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌ظاهرةٌ، وموسم

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌وقفات للحجاج وغيرهم وعن الهدي والأضاحي والأيام الفاضلة

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌بشارتان وختام التوبة

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌نهاية العام موعظة وذكرى

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌الثلاثة الذين خلفوا

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌مسكنات في الأزمات

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌هجمة الغرب ونصرة المظلومين في العراق

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌لماذا وكيف ندفع الفتن

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الصلاة بين الأداء والإقامةوصايا وتنبيهات

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانيةُ:

- ‌حرارةُ الصيفِ ذكرَى وعِبرة

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌الإنسان قوة بين ضعفين

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانيةُ:

- ‌ولا تسرفوا

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

- ‌(2) الثلاثة الذين خلفوا

- ‌الخطبةُ الأولى:

- ‌الخطبةُ الثانية:

الفصل: ‌ ‌الخطبةُ الثانية: أيُّها المسلمون: لقد أصبحَ الإسلامُ وعالَمُه -بعد أحداثِ الحادي

‌الخطبةُ الثانية:

أيُّها المسلمون: لقد أصبحَ الإسلامُ وعالَمُه -بعد أحداثِ الحادي عشرَ من سبتمبر- مستهدَفًا من قِبَل الإدارةِ الأمريكيةِ والقُوى الصُّهيونية، وأصبح زعماؤُها يروِّجون لأنواعِ من الاستعمارِ الجديد والهيمنةِ على عددٍ من البُلدانِ الإسلامية، وها هيِ إسرائيلُ اليومَ تحاصرُ الفلسطينيين، بل تحاول أن تجتثَّهم من الوجود، تَهدِمُ بنيانَهم، وتقتلُ أبناءَهم، وتشرِّدُ أطفالَهم ونساءَهم وتستعمرُ أراضيَهم .. بل وفوقَ ذلك فهي تحلُمُ بإسرائيلَ الكبرى -من النيلِ إلى الفُرات- وإن تراجعَتْ هذه الأحلامُ في هذه الأيامِ على أيدي المجاهدين الفلسطينيين حيث باتَ اليهودُ لا يَأمَنون -وهم في داخلِ الأراضي المحتلَّة- على أنفسِهم، وأصبحوا يعيشونَ حالةً من الفزعِ والارتباكِ والوقوعِ في براثن الموت المُتَرصِّد لهم في كل مكان -في وسائلِ النقلِ العام، وفي الحدائقِ العامة، والمجمَّعات التجارية، بل وهم يأكلون أو يَلهُون في حال نومِهم أو يقظتِهم، وفي حال عملِهم أو عُطلتِهم.

وذلك مردودٌ إيجابيٌّ لحركةِ الجهادِ والعملياتِ البطوليةِ التي ينفِّذُها أبطالُ المقاومة.

أيها المؤمنون: إذا كان ما يصنعُه اليهود جِهارًا نهارًا في الأراضي المحتلّةِ في مقدَّساتِ المسلمين .. فطرَفُ الأفعى الأخرى يمثِّلُها النصارى الذين باتوا يتسلَّلون جِهارًا كذلك لبلادِ المسلمين.

وإن ما يجري في أفغانستانَ وفلسطينَ، واستهدافَ العراقِ والسودانَ، والإشارةَ إلى تقسيمِ بعضِ البلدان المجاورةِ وتهديدِها، ما هو إلا بعضُ ما ظهرَ من خفايا الإستراتيجيةِ الأمريكيةِ ونواياها تجاهَ البلدان الإسلامية، وما الهجومُ العنيفُ الذي يَشُنُّه الإعلامُ الأمريكيُّ -هذه الأيامَ- ومِن ورائِه القوى الصهيونيةُ

ص: 113

والنصرانيةُ واليمينية المتطرِّفةُ ضدَّ الإسلامِ ورسولِه صلى الله عليه وسلم وشعوبِ العالم الإسلاميِّ ودولِه -وفي مقدمتِهم المملكةُ العربيةُ السعودية- إلا فصلٌ من فصولِ تلك الهجمة الشرِسَة.

وإن إصرارَ الإدارةِ الأمريكيةِ على استخدام القوة والتعدِّي على دولِ المنطقةِ يعيد إلى الأذهانِ الحَمَلاتِ الصليبيةَ وحِقْبةَ الاستعمار.

أيها المسلمون: وإزاءَ ما يجري هذه الأيامَ وما يُخطَّط له في المستقبلِ لا بدَّ من التذكيرِ بالأمور التالية:

1 -

الشعور الواعي بما يُراد للأُمةِ المسلمةِ شعوبًا ودولًا، قيمًا واقتصادًا وسياسةً ومصيرًا مظلمًا.

2 -

ولا بدَّ من إدراكِ الدوافع وراءَ هذه الحَمَلات العسكرية والإعلامية، والعالمِون يقولون: إن من دوافعِ الإدارةِ الأمريكية لضربِ العراق والعَبَثِ بأمنِ المنطقة العربية، تدميرَ هُويةِ الأمة المسلمة ونشرَ الثقافةِ الغربية في المنطقة، والسيطرةَ على ثرواتِها من بترولٍ وغيرِه، والتغطيةَ على فشلِها في تحقيق أهدافِها التي أعلنَتْها في أفغانستان، وإشغالَ المنطقةِ بالمزيدِ من التوتُّرِ والقلاقل، والحيلولةَ دونَ التنمية، وحمايةَ أمنِ إسرائيل وضمانَ تفوُّقِها في المنطقة، والقضاءَ على الانتفاضةِ المبارَكة التي أقلقت أمنَ إسرائيل وضربتْ اقتصادَها في الصميم.

أيها المسلمون: ومن المفارَقاتِ العجيبةِ أن العدوَّ الغاشمَ لا يقيم وزنًا للجثث الهامدةِ من أبناءِ المسلمين، ولا يتورَّعُ عن ضربِ الأطفال الرضَّع والشيوخِ الركَّع السجَّد، والنساءِ الضعيفاتِ العُزَّل، في وقتٍ تقوم شعوبُهَ على تدليلِ الحيوانات والعنايةِ بها إلى حدِّ تقول معه التقاريرُ: يعيش أكثرُ من 60

ص: 114

مليون كلبٍ وقطة مدلَّلةٍ في بيوتِ الأمريكان، وهذا العددُ يقارب عددَ سكان الخليج بثلاثِ مرات.

وتقول لغةُ الأرقامِ كذلك: إن المبالغَ المصروفةَ على الكلاب بلغت في بعضِ دول أوروبا إلى 3.45 بلايين جُنيهٍ إسترليني، منها بليونا جنيهٍ ثمنُ طعامها فقط، وباقي المصروفاتِ توزَّعت على أجورِ الأطباء والترفيهِ والتأمينِ ضدَّ الأمراض الذي وصل وحدَه إلى 148 مليون جنيه إسترليني (1).

قارنوا بينَ ما تَحظَى به الكلابُ من نعيمٍ في بلادِ الغرب، وما تلقاه الشعوبُ المسلمةُ من نَكَالٍ وجحيمٍ على أيدي الغربِ أنفسِهم. تلك حضارتُهم وتلك نظرتُهم لشعوبنا وترفيهُهم لكلابهم؟

3 -

ولا بدَّ للعالَم الإسلاميِّ بشعوِبه وحكوماته -وبإزاءِ هذه الهجمةِ الشَّرِسة- من استشعارِ الخطر والتفكير الجادِّ في الحلول الصادقةِ بَدْءًا من استصلاحِ النفوس وصِدْقِ التوجُّه إلى الله على مستوى الأفرادِ ومرورًا بإعدادِ العُدَّة التي أمر اللهُ المؤمنين بها في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} (2) على مستوى الدول، ولا بدَّ على مستوى الأُمة من توحيدِ الكلمة وجمعِ الصفوف ونَبْذِ الفُرقةِ والخلافِ والتشرذُم، فتلك أدواءٌ يطربُ لها العدوُّ ويتسلَّل إلى المسلمينَ على جسورِها.

4 -

ولا بدَّ أن تدركَ الأمةُ المسلمةُ أن الجهادَ في سبيل الله قَدَرُها وسبيلُ عزَّتها وكرامتِها، وهو السبيلُ لمقاومةِ الغزو التتريِّ المعاصرِ كما كان من قبلُ سبيلَها لمقاومةِ الغزو التتريِّ في الماضي، لا بدَّ أن تَعِيَ الأمةُ المسلمةُ وصيةَ

(1) زمن الكلاب: فهد عامر الأحمدي، جريدة الرياض، الخميس 8/ 10/ 1423 هـ.

(2)

سورة الأنفال، الآية:60.

ص: 115

نبيِّها محمدٍ صلى الله عليه وسلم حيث قال: «وما تَرَكَ قومٌ الجهادَ في سبيلِ الله إلا ذَلّوا» .

5 -

ولا بدَّ للأُمة أن تتخلَّصَ من المنافقينَ والأدعياءِ وأدلَاءِ الطريق للعدوِّ .. فأولئك -هم العدوُّ- كما أخبرَ اللهُ، وأولئك لا يريدون للأمةِ إلا توهينَها وضعفَها، ولو خرجوا مع المجاهدينَ ما زادوهم إلا خبالًا ولأوضعوا خلالَهم يبغونَهُم الفتنةَ .. وكم غُزِيَت الأمةُ بالتعاونِ مع هؤلاء، وكم سُلِبت البلادُ بفعل خيانةِ هؤلاء.

6 -

ولا بدَّ للعلماءِ والدعاةِ والمفكرين أن يتقدموا الأُمةَ ويضعوا لها الحلولَ الشرعيةَ المناسبة، يُثبِّتَونها في المِحَن ويقودون مسيرتَها في جهادِ الكلمةِ الصادقة الناصحة أولًا، وجهادِ السِّنان وحربِ الأعداء ثانيًا، كما صنع أسلافُهم من قبلُ.

7 -

ولا بدَّ للقادةِ والحكام والأمراءِ والمسئولين من تعظيم المسئولية فيما استُؤمِنوا عليه من مسئولياتٍ ومراكزَ، وكلٌّ بحَسَبِه، فالخيانةُ فضيحةٌ في الدنيا -والتاريخ سِجِلٌّ حافظ- والفضيحةُ يومَ القيامة أدهى وأمرُّ حين يُعَرضُ الخلقُ لا تخفى منهم خافيةٌ {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1).

أيها المسلمون: اتقوا اللهَ جميعًا وتضرَّعوا إلى خالِقِكم بالنصرِ لكم ولإخوانكم، وجاهِدوا الكفارَ بألسنتِكم وأموالِكم وأنفسِكم، والإسلام اليومَ أمانةٌ في أعناقِنا، وما يَحِيقُ بالشعوبِ المسلمة من ويلاتٍ ومِحَن مسئوليتُنا جميعًا.

وما لم يُدفع العدوُّ اليومَ فسيتجاوز غيرَنا إلينا، كما تجاوَزْنا إلى غيرنا، والمؤمنون إخوةٌ والعدوُّ شرِس، والمخطَّط كبير، ومن جاهدَ فإنما يجاهدُ لنفسه.

(1) سورة النور، الآية:24.

ص: 116

أيها المسلمون: إن مما يَجرَحُ الفؤادَ ويُعظِّم من المُصاب أن المسلمين -وفي مقدمتهم العلماءُ والأمراءُ فضلًا عن العامة وسوادِ الناس- ورغمَ هذه النوازلِ المهدِّدة، والاستعدادِ للغزو والسيطرةِ، لم يُعْطوا الأمرَ ما يستحقُّه من العنايةِ والاهتمام، والتحذيرِ والاستعداد، وكم نحن بحاجةٍ اليومَ أكثرَ مما مضى إلى التعاونِ والمَشُورة وحمايةِ البلادِ والعبادِ من كيدِ الكائدين ومخطَّطات المستعمِرين .. وربُّنا يخبرُنا أن أعداءَنا لا يَرقُبون فينا إلًّا ولا ذِمّةً، وهُم إنْ يثقَفُونا يكونوا لنا أعداءً ويبسطوا إلينا أيديَهم وألسنتَهم بالسوء وودُّوا لو تكفرون.

إن التلاومَ حينَ خرابِ الديار لا يُجْدي، والتباكي حين يجوسُ العدوُّ خلالَ الديارِ لن يُنقِذ، وما لم يتحرَّكِ العقلاءُ في وقتِ الرخاءِ والمُهلة فلن يفلحوا إذا حَزَبَت الأمورُ وتوغَّل العدوُّ في الديارِ لا قَدَّرَ اللهُ، والأمةُ الواعية والشعوبُ الأبيّة هي التي تُحصِّنُ نفسَها بما استطاعت من قوةٍ، ثم هي تتوكلُ على بارئها في مقارعةِ المعتدين ومنازلةِ الغاصبين.

وإذا لم يكنْ إلا الأَسنَّةُ مَركَبًا

فما حِيلةُ المضطرِّ إلا ركوبُها

ومَن يتوكلَّ على الله فهو حَسْبُه .. ومن ينصرِ الله يَنصرْه، والعاقبةُ للتقوى، وجندُ الله هم الغالبون، والأرضُ لله يُورِثُها من يشاءُ من عباده، والله يُمْلي للظالمِ ولا يُهمِلُه، وكيدُ الكافرين في تَبَاب، ولكن لا بدَّ من تحقيقِ السُّنّة الربانية {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (1).

اللهم انصرْ دينَك وعبادَك المسلمين .. اللهم دَمِّرْ أعداءَ الدِّين واجعلْ كيدَهم في نحورِهم .. اللهم احفَظْ على المسلمين أَمْنَهم وإيمانَهم .. وصلِّ اللهم على نبيِّنا محمد.

(1) سورة الرعد، الآية:11.

ص: 117