الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 - بَاب: إِكْرَامِ الضَّيْفِ وَفَضْلِ إِيثَارِهِ
172 -
(2054) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ. فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ. فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى. فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ. حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ: لَا. وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ. فَقَالَ (مَنْ يُضِيفُ هَذَا، اللَّيْلَةَ، رحمه الله فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: أَنَا. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ. فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا. إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي. قَالَ: فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ. فَإِذَا دَخَلَ ضيفنا فأطفئي السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ. فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ. قَالَ: فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ. فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ (قَدْ عَجِبَ الله من صنيعكما بضيفكما الليلة).
(إني مجهود) أي أصابني الجهد وهو المشقة والحاجة وسوء العيش والجوع.
173 -
(2054) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ بَاتَ بِهِ ضَيْفٌ. فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا قُوتُهُ وَقُوتُ صِبْيَانِهِ. فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: نَوِّمِي الصبية وأطفئي السِّرَاجَ وَقَرِّبِي لِلضَّيْفِ مَا عِنْدَكِ. قَالَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [59 /الحشر /9].
(2054)
- وحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُضِيفَهُ. فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُضِيفُهُ. فَقَالَ (أَلَا رَجُلٌ يُضِيفُ هَذَا، رحمه الله فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ. فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ جَرِيرٍ. وَذَكَرَ فِيهِ نُزُولَ الْآيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ وَكِيعٌ.
174 -
(2055) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا شبابة بن سوار. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ الْمِقْدَادِ. قَالَ:
أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي. وَقَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنَ الْجَهْدِ. فَجَعَلْنَا نَعْرِضُ أَنْفُسَنَا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَقْبَلُنَا. فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى أَهْلِهِ. فَإِذَا ثَلَاثَةُ أَعْنُزٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (احْتَلِبُوا هَذَا اللَّبَنَ بَيْنَنَا). قَالَ: فَكُنَّا نَحْتَلِبُ فَيَشْرَبُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا نَصِيبَهُ. وَنَرْفَعُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَصِيبَهُ. قَالَ: فَيَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لَا يُوقِظُ نَائِمًا. وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ. قَال ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي. ثُمَّ يَأْتِي شَرَابَهُ فَيَشْرَبُ. فَأَتَانِي الشَّيْطَانُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَقَدْ شَرِبْتُ نَصِيبِي. فَقَالَ: مُحَمَّدٌ يَأْتِي الْأَنْصَارَ فَيُتْحِفُونَهُ، وَيُصِيبُ عِنْدَهُمْ. مَا بِهِ حَاجَةٌ إِلَى هَذِهِ الْجُرْعَةِ. فَأَتَيْتُهَا فَشَرِبْتُهَا. فَلَمَّا أَنْ وَغَلَتْ فِي بَطْنِي، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ. قَالَ نَدَّمَنِي الشَّيْطَانُ. فَقَالَ: وَيْحَكَ! مَا صَنَعْتَ؟ أَشَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ؟ فَيَجِيءُ فَلَا يَجِدُهُ فَيَدْعُو عَلَيْكَ فَتَهْلِكُ. فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ. وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ. إِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى قَدَمَيَّ خَرَجَ رَأْسِي، وَإِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى رَأْسِي خَرَجَ قَدَمَايَ. وَجَعَلَ لَا يَجِيئُنِي النَّوْمُ. وَأَمَّا صَاحِبَايَ فَنَامَا وَلَمْ يَصْنَعَا مَا صَنَعْتُ. قَالَ فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ. ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى. ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ فَكَشَفَ عَنْهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئًا. فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. فَقُلْتُ: الْآنَ يَدْعُو عَلَيَّ
⦗ص: 1626⦘
فَأَهْلِكُ. فَقَالَ (اللَّهُمَّ! أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي. وَأَسْقِ مَنْ أَسْقَانِي) قَالَ فَعَمَدْتُ إِلَى الشَّمْلَةِ فَشَدَدْتُهَا عَلَيَّ. وَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى الْأَعْنُزِ أَيُّهَا أَسْمَنُ فَأَذْبَحُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَإِذَا هِيَ حَافِلَةٌ. وَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ. فَعَمَدْتُ إِلَى إِنَاءٍ لِآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ما كانوا يطعمون أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ. قَالَ فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ رَغْوَةٌ. فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ (أَشَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللَّيْلَةَ؟) قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اشْرَبْ. فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اشْرَبْ. فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي. فَلَمَّا عَرَفْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَوِيَ، وَأَصَبْتُ دَعْوَتَهُ، ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الْأَرْضِ. قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (إِحْدَى سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَانَ مِنْ أَمْرِي كَذَا وَكَذَا. وَفَعَلْتُ كَذَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (مَا هَذِهِ إِلَّا رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ. أَفَلَا كُنْتَ آذَنْتَنِي، فَنُوقِظَ صَاحِبَيْنَا فَيُصِيبَانِ مِنْهَا) قَالَ فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! مَا أُبَالِي إِذَا أَصَبْتَهَا وأصبتها معك، من أصابها من الناس.
(الجهد) بفتح الجيم، هو الجوع والمشقة.
(فليس أحد منهم يقبلنا) هذا محمول على أن الذين عرضوا أنفسهم عليهم كانوا مقلين ليس عندهم شيء يواسون به.
(ما به حاجة إلى هذه الجرعة) هي بضم الجيم وفتحها، حكاهما ابن السكيت وغيره. والفعل منه جرعت.
(وغلت في بطني) أي دخلت وتمكنت منه.
(حافلة) الحفل في الأصل الاجتماع. قال في القاموس: الحفل والحفول والحفيل الاجتماع. يقال: حفل الماء واللبن حفلا وحفولا وحفيلا، إذا اجتمع. وكذلك يقال: حفله إذا جمعه. ويقال للضرع المملوء باللبن: ضرع حافل وجمعه حفل. ويطلق على الحيوان كثير اللبن، حافلة، بالتأنيث.
(رغوة) هي زبد اللبن الذي يعلوه. وهي بفتح الراء وضمها وكسرها، ثلاث لغات مشهورات. ورغاوة بكسر الراء، وحكي ضمها. ورغاية بالضم، وحكى الكسر. وارتغيت شربت الرغوة.
(فلما عرفت .. الخ) معناه أنه كان عنده حزن شديد خوفا من أن يدعو عليه النبي صلى الله عليه وسلم، لكونه أذهب نصيب النبي صلى الله عليه وسلم وتعرض لأذاه. فلما علم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ روي وأجيبت دعوته فرح وضحك حتى سقط إلى الأرض من كثرة ضحكه، لذهاب ما كان به من الحزن، وانقلابه مسرورا بشرب النبي صلى الله عليه وسلم وإجابة دعوته لمن أطعمه وسقاه، وجريان ذلك على يد المقداد، وظهور هذه المعجزة.
(إحدى سوءاتك) أي أنك فعلت سوأة من الفعلات فما هي.
(ما هذه إلا رحمة من الله) أي إحداث هذا اللبن في غير وقته وخلاف عادته، وإن كان الجميع من فضل الله.
(2055)
- وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
175 -
(2056) وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ
⦗ص: 1627⦘
عَبْدِ الْأَعْلَى. جَمِيعًا عَنْ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ مُعَاذ). حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِي عُثْمَانَ (وَحَدَّثَ أَيْضًا)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثِينَ وَمِائَةً. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟) فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ. فَعُجِنَ. ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ، مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (أَبَيْعٌ أَمْ عَطِيَّةٌ - أَوَ قَالَ - أَمْ هِبَةٌ؟) فَقَالَ: لَا. بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً. فَصُنِعَتْ. وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى. قَالَ: وَايْمُ اللَّهِ! مَا مِنَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ إِلَّا حَزَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُزَّةً حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا. إِنْ كَانَ شَاهِدًا، أَعْطَاهُ. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، خَبَأَ لَهُ.
قَالَ وَجَعَلَ قَصْعَتَيْنِ. فَأَكَلْنَا مِنْهُمَا أَجْمَعُونَ. وَشَبِعْنَا. وَفَضَلَ فِي الْقَصْعَتَيْنِ. فحملته على البعير. أو كما قال.
(مشعان) أي منتفش الشعر ومتفرقه.
(بسواد البطن) أي الكبد.
(حزة) الحزة هي القطعة من اللحم وغيره.
176 -
(2057) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ. كُلُّهُمْ عَنْ الْمُعْتَمِرِ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ مُعَاذٍ). حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ؛ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ؛
أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا نَاسًا فُقَرَاءَ. وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَرَّةً (مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ، فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثَةٍ. وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ، فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ، بِسَادِسٍ). أَوْ كَمَا قال: وإن أبا بكر جَاءَ بِثَلَاثَةٍ. وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ. وَأَبُو بَكْرٍ بِثَلَاثَةٍ. قَالَ فَهُوَ وَأَنَا وَأَبِي وَأُمِّي - وَلَا أَدْرِي هَلْ قَالَ: وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْتِ
⦗ص: 1628⦘
أَبِي بَكْرٍ - قَالَ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ. ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَجَاءَ بَعْدَمَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ. قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ، أَوْ قَالَتْ ضَيْفِكَ؟ قَالَ: أَوَ مَا عَشَّيْتِهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ. قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ. قَالَ فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ. وَقَالَ: يَا غُنْثَرُ! فَجَدَّعَ وَسَبَّ. وَقَالَ: كُلُوا. لَا هَنِيئًا. وَقَالَ: وَاللَّهِ! لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا. قَالَ فَايْمُ اللَّهِ! مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا. قَالَ حَتَّى شَبِعْنَا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ. فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ! مَا هَذَا؟ قَالَتْ: لَا. وَقُرَّةِ عَيْنِي! لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مِرَارٍ. قَالَ فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ. يَعْنِي يَمِينَهُ. ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً. ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ. قَالَ وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ فَمَضَى الْأَجَلُ. فَعَرَّفْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا. مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ. اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ. إِلَّا أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ. أَوْ كَمَا قال.
(فليذهب بثلاثة) هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم: فليذهب بثلاثة. ووقع في صحيح البخاري: فليذهب بثالث. قال القاضي: هذا الذي ذكره البخاري هو الصواب، وهو الموافق لسياق باقي الحديث. قلت (أي الإمام النووي): وللذي في مسلم أيضا وجه. وهو محمول على موافقة البخاري، وتقديره: فليذهب بمن يتم ثلاثة أو بتمام ثلاثة. كما قال الله تعالى: وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام. أي في تمام أربعة.
(يا غنثر! فجدع وسب) غنثر، بثاء مفتوحة ومضمومة، لغتان. هذه هي الرواية المشهورة في ضبطه. قالوا: وهو الثقيل الوخيم. وقيل: هو الجاهل. مأخوذ من الغثارة، وهي الجهل، والنون فيه زائدة. وقيل: هو السفيه مأخوذ من الغثر وهو اللؤم. وجدع أي دعا بالجدع وهو قطع الأنف وغيره من الأعضاء. والسب الشتم.
(كلوا. لا هنيئا) إنما قاله لما حصل له من الحرج والغيظ بتركهم العشاء بسببه. وقيل: إنه ليس بدعاء، إنما هو خبر، أي لم تتهيئوا به في وقته.
(لا. وقرة عيني) قال أهل اللغة: قرة العين يعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان ويوافقه. قيل: إنما قيل ذلك لأن عينه تقر لبلوغه أمنيته، فلا يستشرف لشيء، فيكون مأخوذا من القرار. وقيل: مأخوذ من القر، بالضم، وهو البرد. أي أن عينه باردة لسرورها وعدم مقلقها. قال الأصمعي وغيره: أقر الله عينه أي أبرد دمعته، لأن دمعة الفرح باردة ودمعة الحزن حارة. ولهذا يقال في ضده: أسخن الله عينه. ولا زائدة.
(فعرفنا) هكذا هو في معظم النسخ: فعرفنا، بالعين وتشديد الراء، أي جعلنا عرفاء. وفي كثير من النسخ: ففرقنا، من التفريق. أي جعل كل رجل من الاثني عشر مع فرقة. وهما صحيحان.
(اثنا عشر رجلا) هكذا هو في معظم النسخ: وفي نادر منها: اثني عشر. وكلاهما صحيح. والأول جار على لغة من جعل المثنى بالألف في الرفع والنصب والجر.
177 -
(2057) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ الْعَطَّارُ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ،
⦗ص: 1629⦘
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ:
نَزَلَ عَلَيْنَا أَضْيَافٌ لَنَا. قَالَ وَكَانَ أَبِي يَتَحَدَّثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ. قَالَ فَانْطَلَقَ وَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! افْرُغْ مِنْ أَضْيَافِكَ. قَالَ فَلَمَّا أَمْسَيْتُ جِئْنَا بِقِرَاهُمْ. قَالَ فَأَبَوْا. فَقَالُوا: حَتَّى يَجِيءَ أَبُو مَنْزِلِنَا فَيَطْعَمَ مَعَنَا. قَالَ فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّهُ رَجُلٌ حَدِيدٌ. وَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا خِفْتُ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ أَذًى. قَالَ فَأَبَوْا. فَلَمَّا جَاءَ لَمْ يَبْدَأْ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنْهُمْ. فَقَالَ: أَفَرَغْتُمْ مِنْ أَضْيَافِكُمْ؟ قَالَ قَالُوا: لَا. وَاللَّهِ! مَا فَرَغْنَا. قَالَ: أَلَمْ آمُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ وَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! قَالَ فَتَنَحَّيْتُ. قَالَ فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ! أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوْتِي إِلَّا جِئْتَ. قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ! مَا لِي ذَنْبٌ. هَؤُلَاءِ أَضْيَافُكَ فَسَلْهُمْ. قَدْ أَتَيْتُهُمْ بِقِرَاهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يَطْعَمُوا حَتَّى تَجِيءَ. قَالَ فقال: ما لكم! ألا تَقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ! قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ! لَا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ. قَالَ فَقَالُوا: فَوَاللَّهِ! لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ كَالشَّرِّ كَاللَّيْلَةِ قَطُّ. وَيْلَكُمْ! مَا لَكُمْ أَنْ لَا تَقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ؟ قَالَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا الْأُولَى فَمِنَ الشَّيْطَانِ. هَلُمُّوا قِرَاكُمْ. قَالَ فَجِيءَ بِالطَّعَامِ فَسَمَّى فَأَكَلَ وَأَكَلُوا. قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بَرُّوا وَحَنِثْتُ. قَالَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ (بَلْ أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَخْيَرُهُمْ).
⦗ص: 1630⦘
قال ولم تبلغني كفارة.
(افرغ من أضيافك) أي عشهم وقم بحقهم.
(بقراهم) هو ما يصنع للضيف من مأكول ومشروب.
(أبو منزلنا) أي صاحبه.
(إنه رجل حديد) أي فيه قوة وصلابة ويغضب لانتهاك الحرمات والتقصير في حق ضيفه، ونحو ذلك.
(ما لكم ألا تقبلوا عنا قراكم) قال القاضي عياض: قوله ألا، هو بتخفيف اللام على التحضيض واستفتاح الكلام. هكذا رواه الجمهور. قال: ورواه بعضهم بالتشديد، ومعناه مالكم لا تقبلوا قراكم وأي شيء منعكم ذلك وأحوجكم إلى تركه.
(أما الأولى فمن الشيطان) يعني يمينه. قال القاضي عياض: وقيل معناه أما اللقمة الأولى فلقمع الشيطان وإرغامه ومخالفته في مراده باليمين، وهو إيقاع الوحشة بينه وبين أضيافه، فأخزاه أبو بكر بالحنث الذي هو خير.
(بروا وحنثت قال فأخبره فقال .. ) معناه بروا في أيمانهم وحنثت في يميني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم با أنت أبرهم أي أكثرهم طاعة وخير منهم، لأنك حنثت في يمينك حنثا مندوبا إليه محثوثا عليه، فأنت أفضل منهم. وقوله: وأخيرهم. هكذا هو في جميع النسخ: وأخيرهم، بالألف. وهي لغة سبق بيانها مرات.
(ولم تبلغني كفارة) يعني لم يبلغني أنه كفر قبل الحنث. وأما وجوب الكفارة فلا خلاف فيه.