الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[البقرة: 278]، وقوله:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة: 279] نصوص في قصد الشارع إلى تحريم الربا وإلغائه من معاملات الناس.
وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} [المائدة: 38] وقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] نصان في قصد الشارع إلى معاقبة وإيلام اللصوص بقطع أيديهم، والزناة بجلدهم، وإن بدا في ذلك شدّة وصرامة، ولذلك عَقَّبَ الله تعالى على العقوبة الأولى بقوله:{نَكَالًا مِنَ اللهِ} [المائدة: 38]، وعلى الثانية بقوله:{وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2].
النموذج الثاني: دلالة الأمر والنهي:
تنقسم الأوامر والنواهي -باعتبار الصيغة- إلى قسمين:
1 -
الأوامر والنواهي الصريحة:
والأمر الصريح هو ما كان بصيغة فعل الأمر، مثل قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [آل عمران: 102].
والنهي الصريح هو ما كان بصيغة لا تفعل، مثل قوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 151]، وقوله:{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152].
والأمر الصريح والنهي الصريح كلاهما يفيد بظاهره قصد الشارع إلى امتثال ما ورد فيهما من أوامر ونواهي.
2 -
الأوامر والنواهي الضمنية: وهي على نوعين:
أ - ما كانت له صيغة: فالأوامر الضمنية هي ما كان بصيغة تتضمن أمرا، ولم تكن بصيغة فعل الأمر، ومن ذلك ما ورد بصيغة المضارع المقترن بلام الأمر، مثل قوله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، أو ما ورد منها مورد الإخبار عن تقرير الحكم مثل قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [البقرة: 183]، وقوله:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89]، أو ما جاء مجيء المدح، مثل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} [الحديد: 19]، أو الذم له أو لفاعله، مثل قوله تعالى:{يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)} [الأعراف: 31]، أو ترتيب الثواب والعقاب، مثل قوله تعالى:{تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)} [النساء: 13]، وقوله:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء: 14]، أو الإخبار بمحبة الله تعالى في الأوامر، مثل قوله تعالى:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} [آل عمران: 134]، {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7]، والكراهية أو عدم الحب في النواهي، مثل قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 77]، وقوله:{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7].
والنواهي الضمنية هي كلّ ما يجري مجرى النهي ولم يكن بصيغة "لا تفعل" مثل الأمر الدال على الكف كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)} [الجمعة: 9]، ومادة النهي كقوله تعالى:{وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]، وكما في الجمل الخبرية المستعملة في النهي كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [المائدة: 3]، وقوله تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} [البقرة: 229].
وهذه الصيغ تأخذ حكم الصريح في كونها ظاهرة في كون الشارع قاصدًا إلى
إيقاع ما يتعلق منها بالأوامر واجتناب ما يتعلق منها بالنواهي. (1)
ب - لازم الأمر والنهي: وهو ما يتوقف عليه كلّ منهما، أي هل الأمر بالشيء يلزم منه النهي عن ضده، ووجوب ما لا يَتِمُّ الواجب المأمور به إلّا بتحصيله مع كونه في قدرة المكلّف؟ والنهي عن الشيء هل يلزم منه الأمر بضده، والنهي عن الذرائع الموصلة إلى ذلك المنهي عنه؟ وهذا النوع فيه خلاف مشهور بين الأصوليين ليس هذا موضع تفصيله. (2)
وقد قيَّد الشاطبي الأوامر والنواهي التي يُعرف منها كون الشارع قاصدًا إلى إيقاع المأمور به واجتناب المنهي عنه بالأوامر والنواهي التصريحية الإبتدائية. وتقييدهما بقيد "التصريحية" إخراج للأوامر والنواهي الضمنية فإنها خفية في الدلالة على قصد الشارع؛ إذْ لا تفيده مجردة وإنما بما يحفّ بها من قرائن، أما تقييدها بكونها "ابتدائية" فلإخراج الأوامر والنواهي التي لم تُقصد بالقصد الأول، مثل: هل الأمر بالشيء نهي عن ضده؟ والنهي عن الشيء هل هو أمر بضده أم لا؟ ومسألة وجوب ما لا يتم الواجب إلّا به. (3)
ووجه إدراج صيغتي الأمر والنهي في باب استخلاص المقاصد من ظواهر النصوص أن كلًّا منهما إذا ورد مطلقًا ولم ترد أي قرائن تصرفه إلى معنى من المعاني التي يمكن أن يُصرف إليها كلّ منهما فإنه يفيد بظاهره قصد الشارع إلى وجوب امتثال ما أمر به ووجوب اجتناب ما نهى عنه، وهذا جريا على رأي الجمهور القائلين
(1) انظر الشاطبي: الموافقات، مج 2، ج 3، ص 117.
(2)
انظر الجويني: البرهان، ج 1، ص 179 - 185.
(3)
انظر الشاطبي: الموافقات، مج 1، ج 2، ص 298 - 299.
بأن الأمر حقيقة في الإيجاب والنهي حقيقة في التحريم ولا يصرفان عنهما إلّا بقرائن صارفة.
وقد استدلّ الشاطبي على كون الأمر الصريح والنهي الصريح يفيدان بظاهريهما قصدُ الشارع إلى إيقاع المأمور به، واجتناب المنهي عنه، أن الأمر والنهي كلاهما يستلزم أمرين:
الأول: الطلب، أي طلب فعل المأمور به، أو طلب ترك المنهي عنه.
الثاني: الإرادة (1)، أي إرادة إيقاع المأمور به، وإرادة عدم إيقاع المنهي عنه، والدليل على ذلك:
1 -
أن جوهر الأمر أو النهي ومقتضى كلّ منهما القصدُ إلى إيقاع المطلوب أو عدم إيقاع المنهي عنه، فالقول بعدم قصد الآمر أو الناهي مقتضى كلّ منهما تجريد لهما عن جوهرهما، وفي ذلك يقول:"الأمر بالمطلقات يستلزم قصد الشارع إلى إيقاعها، كما أن النهي يستلزم قصده لترك إيقاعها؛ وذلك أن معنى الأمر والنهي اقتضاء الفعل واقتضاء الترك، ومعنى الإقتضاء الطلب، والطلب يستلزم مطلوبًا والقصدَ لإيقاع ذلك المطلوب، ولا معنى للطلب إلّا هذا". (2)
2 -
كما أن تجريد الأمر أو النهي عن مقتضى كلّ منهما بِتَصَوُّرِ وُرُودِ أمرٍ مع تَصَوُّرِ القصد لعدم إيقاع المأمور به، وأن يَرِدَ نهي مع القصد لإيقاع المنهي عنه يُخْرِجُ الأمر عن كونه أمرًا، والنهي عن كونه نهيًا، ويُذهب لكلّ منهما خاصته التي تميزه عن غيره من صيغ التكليف ومراتبه، وبذلك يصح أن يصير الأمر نهيًا أو إباحة أو كراهة، وبالعكس، وهذا محال، فلزم المحافظة على مقتضى كلّ صيغة من صيغ
(1) الإرادة بوصفها صفة لله تعالى على نوعين: الإرادة الْخَلْقِيّة القدرية، وهي التي لا يخلف عنها مراد، فما أراد الله تعالى كونه كان، وما أراد أن لا يكون فلا سبيل إلى كونه، والإرادة الأمرية التشريعية المتعلقة بطلب إيقاع المأمور به وعدم إيقاع المنهي عنه، ومعناها أن الله تعالى يحبّ فعل ما أمر به ويرضاه، ويحب أن يفعله المأمور به ويرضاه منه من حيث هو مأمور به، وكذلك النهي يحب ترك المنهي عنه ويرضاه. انظر الشاطبي: الموافقات، مج 2، ج 3، ص 90 - 91. والمقصود هنا في الأوامر والنواهي النوع الثاني من الإرادة.
(2)
الشاطبي: الموافقات، مج 2، ج 3، ص 92؛ وانظر الجويني: البرهان، ج 1، ص 150.
التكليف. (1)
3 -
أن الأمر والنهي من غير قصد إلى إيقاع المأمور به وترك المنهي عنه كلام من لا يدري ما يقول كالساهي والمجنون، وذلك لا يُعدّ أمرًا ولا نهيا. (2)
دلالة ظاهر الأمر على الوجوب والنهي على التحريم:
اختلف الأصوليون في دلالة فعل الأمر إذا تجرد عن القرائن: هل يُستفاد من ظاهره الوجوب، أم الندب، أم الإباحة، أم أنه لا يدلّ على أيّ منها، ومن ثَمّ ينبغي التوقف فيه؟ على مذاهب أبرزها ما يأتي:
1 -
ذهب جمهور الأصوليين إلى أن الأمر حقيقة في الإيجاب، ولا يصرف عنه إلى غيره إلّا بقرينة، ومن ثَمّ فإن الأمر الذي تعرّى عن القرائن الصارفة يدلّ بظاهره على الوجوب، وصاغوا لذلك قاعدة "الأمر للوجوب ما لم يصرفه صارف". (3) واستدلّوا على مذهبهم هذا بموقف أهل اللغة والسلف من صيغ فعل الأمر المطلق بأخذها على ظاهرها وإجرائها على الوجوب، وباستقراء مجموعة من نصوص القرآن الكريم والسنّة النبوية التي يؤخذ منها ذلك. (4)
2 -
ذهب البعض إلى أن الأمر حقيقة في الندب، وهو منسوب إلى عامة المعتزلة، وبعض الفقهاء. (5)
3 -
ذهب فريق ثالث إلى التوقف في تعيين مدلول الأمر حقيقة، وذلك بناءً على كونه مشتركًا بين أكثر من معنى. ثم اختلفوا بعد ذلك: فمنهم من جعله مشتركًا بين
(1) انظر الشاطبي: الموافقات، مج 2، ج 3، ص 93.
(2)
انظر المصدر السابق، مج 2، ج 3، ص 93.
(3)
انظر الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، ج 2، ص 210، الجصاص، أحمد بن علي الرازي: أصول الفقه المسمى الفصول في الأصول، تحقيق عجيل جاسم النشمي، (الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإِسلامية، ط 1، 1405 هـ / 1985 م)، ج 1، ص 101 وما بعدها، الجويني: البرهان، ج 1، ص 159، 161.
(4)
انظر في تفصيل المسألة الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، ج 2، ص 212 - 216؛ محمد أديب صالح: تفسير النصوص في الفقه الإِسلامي، ج 2، ص 246 وما بعدها.
(5)
انظر محمد أديب صالح: تفسير النصوص في الفقه الإِسلامي، ج 2، ص 241.
الوجوب والندب، وهو قول الغزالي، ومنهم من جعله مشتركًا بين الوجوب والندب والإباحة، ومنهم من جعله مشتركًا بين الوجوب والندب والإباحة والتهديد. (1)
وقد نصر الإمام الشاطبي مذهب القائلين بالتوقف، حيث يرى أن دلالة الأمر والنهي المطلقين يُرجع فيهما إلى الدليل مما يحفّ بالصيغة من قرائن مقالية أو حالية. وما لم يظهر دليله، وهو الأمر المطلق أو النهي المطلق يصعب القول فيه بأنه للوجوب، أو الندب أو غيرهما، وأن أقرب الأقوال إلى الصواب قول الواقفية. واستدلّ على ذلك بأنه "ليس في كلام العرب ما يرشد إلى اعتبار جهة من تلك الجهات دون صاحبتها"، (2) وبقوله:"فالأوامر والنواهي من جهة اللفظ على تساوٍ في دلالة الإقتضاء، والتفرقة بين ما هو منها أمرُ وجوبٍ أو ندبٍ، وما هو نهيُ تحريمٍ أو كراهةٍ لا تُعلم من النصوص، وإن عُلِمَ منها بعض فالأكثر منها غير معلوم، وما حصل لنا الفرق بينها إلّا باتباع المعاني والنظر إلى المصالح، وفي أي مرتبة تقع؟ وبالاستقراء المعنوي، ولم نستند فيه لمجرد الصيغة، وإلَّا لزم في الأمر أن لا يكون في الشريعة إلّا على قسم واحد، لا على أقسام متعددة، والنهي كذلك أيضًا". (3)
فالأمر لكونه محتملاً للوجوب ولغيره ينبغي النظر فيه بداية من خلال ما يحفّ به من قرائن هل هو باق على ظاهره؟ أم أنه مصروف عنه؟ فإذا ثبت بقاؤه على ظاهره عُلِمَ أن قصد الشارع منه هو الإتيان بالمأمور به، وكذلك النهي.
وما قيل عن مذاهب العلماء في دلالة الأمر المطلق يقال عن دلالة النهي المطلق، فالمواقف نفسها، والأدلّة أيضًا نفسها.
وقد حدّد الشاطبي الطريق السليم لفهم المقصود - الشرعي من الأوامر والنواهي بالنظر في أمور ثلاثة: أحدها استقراء ما ورد في المسألة موضوع الأمر أو النهي من نصوص في الكتاب والسنّة لِيَتِمّ استخلاص المعنى المشترك بين جميع تلك النصوص.
(1) انظر الغزالي: المستصفى، ج 2، ص 5 - 6؛ والآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، ج 2، ص 210.
(2)
الشاطبي: الموافقات، مج 2، ج 3، ص 157.
(3)
المصدر السابق، مج 2، ج 3، ص 115.
والثاني النظر في القرائن الحالية والمقالية المصاحبة للأمر أو النهي. وثالثها محاولة استخلاص علّة ذلك الأمر أو النهي -إن وُجِدَت- ومن خلال هذه الخطوات الثلاث يتمّ تحديد المقصود الشرعي من الأمر أو النهي. (1)
(1) انظر المصدر السابق، مج 2، ج 3، ص 112 - 115.