الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
العناصر التي تتحكم في فهم الخطاب
من أجل بيان وظيفة السياق والمقام في تحديد المقصود من النصوص الشرعية لا بُدّ من الحديث عن العناصر التي تتحكم في فهم خطابٍ ما.
يمكن تحديد العناصر المتحكمة في فهم الخطاب وتحديد المقصود منه في أربعة عناصر، هي: الخطاب، أي نص الخطاب وهو راجع إلى طبيعة اللغة التي تَمَّ بها التخاطب، وحال المخاطِب، وحال المخاطَب، ومقام الخطاب. يقول الإمام الشاطبي: "
…
معرفة مقاصد كلام العرب إنما مداره على معرفة مقتضيات الأحوال: حال الخطاب من جهة نفس الخطاب، أو المخاطِب، أو المخاطَب، أو الجميع؛ إذ الكلام الواحد يختلف فهمه بحسب حالين، وبحسب مخاطَبين، وبحسب غير ذلك
…
". (1)
المطلب الأول
لغة الخطاب
العنصر الأول الذي يتحكّم في فهم المقصود من الخطاب هو نوع اللغة التي تَمّ بها الخطاب، من حيث مدى وضوحها أو غموضها. فكلّما كانت لغة الخطاب أكثر سهولة ووضوحًا كان إدراك المقصود منها أيسر، وبالعكس. ويتحكم في مدى وضوح لغة الخطاب أو غموضها عاملان:
الأول: نوع الكلمات التي يختارها المخاطِب والأسلوب الذي ينظمها فيه، ومدى قدرته على الإفصاح عن مقصوده بأيسر طريق، وسيتم الحديث عن هذا في العنصر الثاني من العناصر المتحكمة في فهم الخطاب، أي المخاطِب.
والثاني: هو طبيعة اللغة نفسها، فليست كلّ أساليب اللغة تدلّ دلالة واحدة لا تحتمل شكًّا في مقصود المتكلم من لفظه، بل الواقع أن دلالة اللفظ الواحد أو العبارة الواحدة تتفاوت تفاوتًا كبيرًا في تطرّق الإحتمال إلى المراد بها، فمنها ما يحتمل معنى
(1) الشاطبي: الموافقات، مج 2، ج 3، ص 258.
واحدًا (وهو المصطلح عليه في أصول الفقه بالنص)، ومنها ما يحتمل أكثر من معنى على التساوي (وهو المصطلح عليه بالمشترك)(1)، ومنها ما يحتمل أكثر من معنى بعضها أرجح من الآخر (وهو المصطلح عليه بالظاهر)، ومنها ما يُشْكِل المراد منه ويحتاج إلى بيان من المتكلم نفسه، (2) أو من خلال المبحث عن قرائن خارجية (3) كما هو مُبَيَّنٌ في مراتب دلالة الألفاظ من حيث الوضوح والخفاء في مباحث علم أصول الفقه. (4)
فهم اللغة على معهود العرب:
لَمّا كانت اللغة -سواء بمفرداتها أو بتراكيبها- تمثّل تواضع أصحاب اللغة على
(1) المشترك هو"اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين أو أكثر دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة". الزركشي: البحر المحيط، ج 2، ص 122.
(2)
مثل اللفظ المجمل، وهو"لفظ لا يُفهم المراد منه إلّا بالاستفسار من المُجْمِل وبيان من جهته يُعرف به المراد". السرخسي: أصول السرخسي، ج 1، ص 168.
(3)
مثل اللفظ الخفي والمشكل، والخفي هو: ما اشتبه معناه وخفي المراد منه بعارض في الصيغة يمنع نيل المراد بها إلَّا بالطلب. انظر أصول السرخسي، ج 1، ص 167. والمشكل هو:"اسم لما يشتبه المراد منه بدخوله في أشكاله على وجه لا يعرف المراد [منه] إلّا بدليل يتميز به من بين سائر الأشكال". أصول السرخسي، ج 1، ص 168. والفرق بين الخفي والمشكل أن الخفاء في الأول لا بسبب من ذات اللفظ، وإنما بسبب التطبيق من حيث شمول اللفظ، فالخفي يُعرف المراد منه ابتداء وإنما يجيء الخفاء في احتمال شموله لبعض عناصره مثل لفظ السارق هل يشمل النباش أم لا؟ وأما المشكل فالخفاء فيه يجيء من ذات اللفظ، ولا يُفهم المراد منه إلّا بدليل من الخارج. والفرق بين المشكل والمجمل هو أن المراد من المشكل قائم، وإنما الحاجة في تمييزه مِنْ أشكاله، أمّا المراد في المجمل فغير قائم، ولا يمكن معرفة تفصيله من ذات اللفظ، ولا بمجرد الإجتهاد الفقهي في التفسير، وإنما يكون معرفة المراد منه بالبيان والتفسير، وذلك البيان دليل آخر غير متصل بهذه الصيغة.
(4)
تنقسم الألفاظ من حيث دلالتها على المعنى على أساس الوضوح أو عدمه، إلى قسمين: ألفاظ واضحة الدلالة على معناها، وأخرى ليست واضحة الدلالة على معناها. وتتفاوت درجة الوضوح بين أنواع القسم الأول، كما تتباين مراتب الخفاء بين أنواع القسم الثاني. واللفظ الواضح الدلالة على معناه هو ما دلّ على المراد منه بنفس صيغته من غير توقف على أمر خارجي، وهو -عند الحنفية- على أربعة أنواع: أقواها وضوحًا المحكم، ثم المفسَّر، ثم النص، وآخرها الظاهر. أما عند الجمهور فهو على نوعين: النص، والظاهر. أما اللفظ غير الواضح الدلالة فهو الذي لا تدل صيغته على معناه ويُحتاج لفهم المراد منه إلى أمر خارجي. وهو -عند الحنفية- على أربعة أقسام أيضًا: أوضحها الخفي، ثم المشكل، ثم المجمل، وأكثرها خفاء المتشابه. أما عند الجمهور فينقسم إلى قسمين: المجمل، والمتشابه.
استعمال ألفاظ مخصوصة في معاني مخصوصة والتعبير عنها بتراكيب مخصوصة، وكان ذلك يختلف من لغة إلى أخرى، كان من اللازم فهم كلّ لغة على وفق معهود أصحابها. (1)
والقول بلزوم فهم النصوص الشرعية على معهود العرب في لغتها لا يكون فقط في معاني الألفاظ بأن لا تُحْمل على غير ما تعارف عليه العرب من معاني لها، بل في إدراك أساليب العرب في خطابها أيضًا. فمعرفة ما تواضعت عليه العرب من معاني للألفاظ يعين في الوصول إلى المعنى الإفرادي للألفاظ، ومعرفة ما تواضعت عليه العرب من أساليب في الخطاب يعين على تحديد المعنى التركيبي لنصوص القرآن الكريم والسنّة المطهرة. وقد اختلف اللغويون والأصوليون في دلالة الكلام المركّب: هل هي وضعيّة، بمعنى أن كلّ الصيغ التركيبية وضعها أهلُ اللغة ويجب الإلتزام بها، أم أنها عقلية، بمعنى أن تركيب الكلمات لأداء معنًى ما يتم بإدراك العقل وباختيار المتكلّم، لا بالنقل والسماع، والتحقيق هو ما ذهب إليه الزركشي من أن أنواع المركبات وضعية، أما جزئيات تلك الأنواع فهي عقلية يختار منها المتكلّم ما يناسب مقصوده. (2) والمقصود بأنواع المركبات أساليب التعبير والعلاقات السياقية (قرائن التعليق) مثل وضع باب الفعل لإسناد كلّ فعل إلى من صدر منه، وتقديم الفعل على المفعول به، وأساليب الإستفهام، والحصر، والتعجب، وغيرها.
ولمّا كان القرآن الكريم نزل بلغة العرب، وكان في غاية البيان واليسر لهم مصداقا لقوله تعالى:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} [الشعراء: 193 - 195]، وقوله:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)} [القمر: 17]، كان من اللازم أن يكون مفهومًا للعرب، ولا تفهمه العرب إلّا إذا كان على معهودها في التخاطب، فمن رَامَ فهمه على غير ذلك السَّنَنِ فقد شطّ.
(1) يقول الجويني: "
…
فإن إطلاقات الشرع لا تعرض على مأخذ الحقائق، وإنما تحمل على حكم العرف والتفاهم الظاهر، وهذا كإطلاق الشرع تحريم الخمر، وإنما المحرم تناولها، وكإطلاق المسلمين إضافة القتل إلى القاتل، مع القطع بأن إزهاق الأرواح من الأشباح من مقدورات الإله سبحانه وتعالى". البرهان، ج 1، ص 197.
(2)
انظر الزركشي: البحر المحيط، ج 2، ص 9 - 11.
ومعرفة معهود العرب في التخاطب مُهِمّ في فهم كثير من النصوص القرآنية، خاصة فيما يتعلق بالعموم والخصوص، والتقديم والتأخير والظهور والخفاء، والإضمار والحذف، والتأكيد والإستثناء، وغير ذلك. فَمِمّا عهدته العرب في خطابها -مثلاً- استعمال اللفظ العام وقصد الخصوص، واستعمال اللفظ العام وقصد الخصوص من وجه والعموم من وجه آخر، وغير ذلك مما أشار إليه الإمام الشافعي في رسالته، حيث يقول:
"فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها عك ما تعرف من معانيها، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها. وإن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عامًّا ظاهرًا يُراد به العام الظاهر ويُستغنى بأول هذا منه عن آخره. وعامًّا ظاهرًا يُراد به العام ويدخله الخاص، فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه. وعامًّا ظاهرًا يُراد به الخاص. وظاهرًا يُعرف في سياقه أنه يراد به غير ظاهره. فكلّ هذا موجودٌ عِلْمُه في أوّل الكلام أو وسطه أو آخره.
وتبتدئ الشيء من كلامها يُبِينُ أوّلُ لفظِها فيه عن آخره، وتبتدئ الشيء يُبِينُ
آخرُ لفظِها منه عن أوَّله.
وتكَلَّمُ بالشيء تُعرِّفُه بالمعنى دون الإيضاح باللفظ، كما تُعرِّفُ الإشارة، ثم يكون هذا عندها من أعلى كلامها، لانفراد أهل علمها به، دون أهل جهالتها.
وتسمي الشيء الواحد بالأسماء الكثيرة، وتسمي بالإسم الواحد المعاني الكثيرة.
وكانت هذه الوجوه التي وصفت اجتماعها في معرفة أهل العلم منها به -وإن اختلفت أسباب معرفتها- معرفةً واضحةً عندها، ومستنكرًا عند غيرها، ممن جهل هذا من لسانها، وبلسانها نزل الكتاب وجاءت السنة، فتكلّفَّ القولَ في علمها تكلُّفَ ما يجهَلُ بعضه. ومن تكلَّف ما جهل وما لم تُثْبِتْه معرفتُه: كانت موافقتُه للصواب -إنْ وافقه مِن حيث لا يعرفه- غير محمودة، والله أعلم، وكان بخطئه غيرَ
معذورٍ، إذْ ما نطق فيما لا يحيطُ علمهُ بالفرق بين الخطأ والصواب فيه". (1)
ومن هنا عُدَّ العلم باللغة العربية وثقافة أهلها شرطًا فيمن يتصدى لتفسير كلام الله تعالى وبيان المقصود منه، يقول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور: "إن القرآن الكريم كلام عربي فكانت قواعد اللغة العربية طريقًا لفهم معانيه، وبدون ذلك يقع الغلط وسوء الفهم
…
ونعني بقواعد العربية مجموع علوم اللسان العربي، وهي: متن اللغة، والتصريف، والنحو، والمعاني والبيان، ومن وراء ذلك استعمال العرب المُتَّبع من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وتراكيب بلغائهم، ويدخل في ذلك ما يجري مجرى التمثيل والاستئناس للتفسير من أفهام أهل اللسان أنفسهم لمعاني آيات غير واضحة الدلالة عند المولدين". (2)
والمقصود بكون القرآن الكريم عربيًّا أنه عربيٌّ لفظًا ومعنى، بمعنى أنه لا يمكن أن يؤخذ منه من المعاني إلّا ما يقتضيه كلام العرب؛ إذ المعنى تابع لِلَّفْظِ وهو مدلوله، ولا يوصف كلام بكونه عربيًّا لمجرد موافقة رسمه رسمَ الخط العربي. فالنسبة إنما هي رابط بين شيئين، فإذا انعدم الرابط صارت النسبة افتراء، ومن ثَمّ فإن كلّ معنى يُنسب إلى لفظ أو تركيب وهو لا يحتمله لا يكون أولى من نسبة ضده
(1) الشافعي: الرسالة، ص 51 - 53. وقد تم اختيار نقل هذا النص الطويل عن الإمام الشافعي لكونه من أهل اللسان العربي وحجة فيه. وقد أعاد الشاطبي صياغة كلام الشافعي هذا في كتابه الموافقات بما يزيده وضوحًا، حيث يقول:"فإن قلنا إن القرآن نزل بلسان العرب وإنه عربي وإنه لا عجمة فيه، فبمعنى أنه أنزل على لسان معهود العرب في ألفاظها الخاصة، وأساليب معانيها، وأنها فيما فطرت عليه من لسانها تخاطب بالعام يراد به ظاهره، وبالعام يراد به العام في وجه والخاص في وجه، وبالعام يراد به الخاص، والظاهر يراد به غير الظاهر - وكل ذلك يعرف من أول الكلام أو وسطه أو آخره، وتتكلم بالكلام ينبئ أوله عن آخره، أو آخره عن أوله؛ وتتكلم بالشيء يعرف بالمعنى كما يعرف بالإشارة؛ وتسمي الشيء الواحد بأسماء كثيرة، والأشياء الكثيرة باسم واحد، وكل هذا معروف عندها لا ترتاب في شيء منه هي ولا من تعلق بعلم كلامها. "فإذا كان كذلك فالقرآن في معانيه وأساليبه على هذا الترتيب. فكما أن لسان بعض الأعاجم لا يمكن أن يفهم من جهة لسان العرب، كذلك لا يمكن أن يفهم لسان العرب من جهة فهم لسان العجم؛ لإختلاف الأوضاع والأساليب". الشاطبي: الموافقات، مج 1، ج 2، ص 50 - 51.
(2)
ابن عاشور، محمد الطاهر: تفسير التحرير والتنوير، (تونس: دار سحنون للنشر والتوزيع، د. ط، د. ت)، ج 1، ص 18.
إليه. (1)
فلا يمكن أن يؤخذ من اللفظ معنى إلّا إذا كان ذلك المعنى مستعملاً عند العرب في مثل ذلك اللفظ. وقد مَثّل الشاطبي لذلك بقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]. فتفسير السُّكر بالسُّكر الحقيقي أو سُكْر النوم مقبول، لأن اللفظ مُسْتَعْمَل عند العرب في كليهما: في الأول بالحقيقة، وفي الثاني بالمجاز، أما لو فُسِّر على أنه سُكْر الغفلة والشهوة وحُبّ الدنيا لم يكن هذا التفسير مقبولا، وكذلك لو فُسِّر لفظ الجنابة هنا بالتدنس بالذنوب، ولفظ الإغتسال بالتوبة، فهو غير معتبر؛ "لأن العرب لم تستعمل مثله في مثل هذا الموضع ولا عهد لها به"(2) والقرآن أنزل بلسان
العرب.
وتتضح أهمية معرفة أساليب العرب في الخطاب في الإستعانة بذلك في الترجيح بين الإحتمالات الواردة في معنى نص من النصوص، ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات: 11]. فعطف {وَلَا نِسَاءٌ} على {قَوْمٌ} يحتمل أن يكون عطفَ مباين، أو عطفَ خاص على عامّ. وقد دعّم من رجّح كونه عطفَ مباين -أي كون "قوم" هنا خاصة بالرجال- مذهبه بقول زهير بن أبي سلمى:
وما أدري وسوف إِخَالُ أدري
…
أَقَوْمٌ آل حِصْن أم نساء (3)
وكذلك في بيان ما قد يشكل من ألفاظ، ومن ذلك أنه لما أشكل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه معنى "التخوّف" في قوله تعالى:{أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النحل: 47]، سأل الحضور من أهل اللسان فأجابه شيخ من هذيل قائلاً: هذه لغتنا،
(1) انظر الشاطبي: الموافقات، مج 2، ج 3، ص 295.
(2)
انظر الشاطبي: الموافقات، مج 2، ج 3، مج 2، ج 3، ص 40.
(3)
ديوان زهير بن أبي سلمى، (بيروت: دار صادر، د. ط، د. ت)، ص 12؛ وانظر الزمخشري، محمود بن عمر: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، (بيروت: دار المعرفة للطباعة والنشر، د. ط، د. ت)، ج 3، ص 565.