المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأولمفهوم الاستقراء - طرق الكشف عن مقاصد الشارع

[نعمان جغيم]

فهرس الكتاب

- ‌شكر وتقدير

- ‌المقدمة

- ‌البَابُ الأَوّلاستخلاص المقاصد من منطوق النصوص ومفهومها

- ‌الفصل الأولتعريف مقاصد الشريعة وبيان أقسامها، وفائدة العلم بها

- ‌المبحث الأول: تعريف مقاصد الشريعة وبيان أقسامها

- ‌المطلب الأول: تعريف مقاصد الشريعة

- ‌المطلب الثانيأقسام المقاصد الشرعية

- ‌المبحث الثانيفائدة العلم بمقاصد الشارع

- ‌تمهيدبين أصول الفقه ومقاصد الشريعة

- ‌الفصل الثانياستخلاص المقاصد من ظواهر النصوص

- ‌تمهيدطرق إفادة الكلام

- ‌المبحث الأولاستخلاص المقاصد من ظواهر النصوص

- ‌المبحث الثانينماذج تطبيقية لإستخلاص المقاصد من ظواهر النصوص الشرعية

- ‌النموذج الأول: استخلاص المقاصد من النص والظاهر:

- ‌النموذج الثاني: دلالة الأمر والنهي:

- ‌النموذج الثالثدلالة العام

- ‌الفصل الثالثوظيفة السياق والمقام في تحديد المقصود من الخطاب الشرعي

- ‌تمهيدطبيعة النص الشرعي ومستويات فهمه

- ‌المبحث الأولالعناصر التي تتحكم في فهم الخطاب

- ‌المطلب الأوللغة الخطاب

- ‌المطلب الثانيالمخاطِب (المتكلّم)

- ‌المطلب الثالثالمخاطَب (السامع)

- ‌المطلب الرابعسياق الخطاب

- ‌نماذج تطبيقية

- ‌المبحث الثانينماذج تطبيقية على أهمية السياق والمقام في تحديد المقصود من الخطاب الشرعي

- ‌المطلب الأولأهمية القرائن في تحديد المقصود من الأوامر والنواهي

- ‌المطلب الثانيأهمية القرائن في تحديد المقصود من صيغ العموم

- ‌المطلب الثالثتخصيص الخطاب الشرعي بعادات المخاطَبين وأعرافهم

- ‌المطلب الرابعتخصيص العام بقول الصحابي

- ‌المطلب الخامسأهمية السياق في تحديد المقصود من النص

- ‌الفصل الرابعاستخلاص المقاصد من خلال معرفة علل الأحكام الشرعية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولتعليل الأحكام الشرعية وعلاقته بالكشف عن مقاصد الشريعة

- ‌المطلب الأولالتعليل بين القائلين به والرافضين له

- ‌المطلب الثانيتعليل العبادات

- ‌المبحث الثانيمسالك العلة ووظيفتها في الكشف عن مقاصد الشارع

- ‌الفَصْلُ الخَامَسِسكوت الشارع ودلالته على مقاصده

- ‌المبحث الأولأنواع سكوت الشارع

- ‌المبحث الثانيالفرق بين دلالة سكوت الشارع في العبادات وسكوته في المعاملات

- ‌المبحث الثالثعلاقة سكوت الشارع بمرتبة العفو

- ‌المبحث الرابعهل السكوت عن النقل نقل للسكوت (هل ترك النقل ينزل منزلة نقل الترك)

- ‌البَابُ الثَّانياستخلاص المقاصد من طريق الاستقراء

- ‌الفَصْلُ الأَوّلمفهوم الاستقراء وأنواعه

- ‌تَمْهِيد

- ‌المبحث الأولمفهوم الاستقراء

- ‌المبحث الثانيأنواع الاستقراء

- ‌أولًا: الاستقراء التام

- ‌ثانيًا: الاستقراء الناقص:

- ‌الفَصْل الثَّانِيالاستقراء في القرآن الكريم والعلوم الشرعية

- ‌المبحث الأولالاستقراء في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثانيالاستقراء في العلوم الشرعية

- ‌المطلب الأولالاستقراء عند الأصوليين

- ‌المطلب الثانيتطبيقات الاستقراء عند الفقهاء والأصوليين

- ‌الفَصْلِ الثَّالِثالاستقراء عند الإمام الشاطبي

- ‌تَمْهِيد

- ‌المبحث الأولتعريف الاستقراء عند الشاطبي وبيان الأساس الذي يقوم عليه

- ‌المبحث الثانيالاستقراء عند الإمام الشاطبي بين القطع والظن

- ‌المبحث الثالثحَلُّ الإمام الشاطبي لمشكلة الاستقراء الناقص

- ‌المبحث الرابعمجالات استخدام الشاطبي للإستقراء

- ‌الفَصْلُ الرَّابعِالاستقراء عند الإمام محمد الطاهر بن عاشور

- ‌تَمْهِيدٌ

- ‌المبحث الأولالاستقراء بين القطع والظن عند ابن عاشور

- ‌المبحث الثانيمجالات استخدام الاستقراء عند ابن عاشور

- ‌الفَصْل الخَامِسْدراسة تقييمية للإستدلال الإستقرائي

- ‌المبحث الأولالفرق بين الاستقراء العلمى والاستقراء في العلوم الإنسانية

- ‌المبحث الثانيإمكانية تحقيق الاستقراء وجدواه

- ‌المبحث الثالثنتيجة الاستقراء بين اليقين والظن

- ‌المبحث الرابعحل مشكلة الاستقراء الناقص في العلوم الشرعية

- ‌الفَصْلُ السَّادِسُدراسة تطبيقية لمسلك الاستقراء

- ‌تَمْهِيدٌ

- ‌المبحث الأولاستقراء علل الأحكام الضابطة لحكمة واحدة

- ‌المبحث الثانياستقراء أدلة أحكام اشتركت في علة واحدة

- ‌المبحث الثالثاستقراء مجموعة من النصوص الشرعية المشتركة في معنى واحد

- ‌الترغيب في التيسير على العموم:

- ‌العفو عن أهل الكتاب:

- ‌الأمر بالتيسير على ذوي الحاجات والأعذار في الصلاة:

- ‌الترغيب في أن يكون الإنسان سمحاً في معاملاته:

- ‌كفارة اليمين:

- ‌كفارة قتل الصيد في الحرم:

- ‌كفارة القتل الخطأ:

- ‌كفارة الظِّهار:

- ‌التيسير في المعاملات:

- ‌1 - شرع الشُّفْعة:

- ‌2 - الترخيص في الغرر اليسير والجهالة التي لا انفكاك عنها في الغالب

- ‌3 - شرع السَّلم:

- ‌4 - الترخيص في العرايا

- ‌5 - شرع القرض:

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المصادر

الفصل: ‌المبحث الأولمفهوم الاستقراء

‌المبحث الأول

مفهوم الاستقراء

تعريف الاستقراء لغةً:

الاستقراء لغة مأخوذ من الفعل الثلاثي "قرأ"، الذي من معانيه الجمع والضم. جاء في لسان العرب:"قرأت الشيء قرآناً: جمعته وضممت بعضه إلى بعض". (1)

والاستقراء على وزن الإستفعال، مصدر استفعل، وهو أحد أوزان الفعل الماضي الثلاثي المزيد فيه ثلاثة أحرف، ومن معانيه الطلب، نحو استرحمت الله تعالى، أي طلبت إليه الرحمة. (2)

وعلى هذا يكون الاستقراء مصدر استقرأ، أي طلبُ الجزئيات وتتبعها، وضمُّ

بعضها إلى بعض للحصول على نتيجة كلية.

تعريف الاستقراء اصطلاحاً:

يلاحظ الناظر في تعريف الاستقراء اصطلاحاً وجود اتجاهين في ذلك: اتجاه المنطق القديم الذي يجعل الإستدلال الإستقرائي موازيّاً أو قسيماً للإستدلال الإستنباطي بجعل الأول يسير من الجزئيات إلى الكليات، والثاني يسير في الإتجاه المعاكس، أي من الكليات إلى الحزئيات، أما الإتجاه الثاني فيتزعمه بعض رواد المنطق الحديث، وهو اتجاه يسعى إلى توسيع مفهوم الاستقراء ومجال تطبيقه.

أولاً: الاستقراء في اصطلاح المنطق اليوناني:

يمثِّل أرسطو المؤسس الفعلي للمنطق اليوناني، ومن ثَمَّ فإن أي تعريف بالاستقراء في المنطق اليوناني ينبغي أن يستند إلى أعماله. والناظر في أعمال أرسطو المنطقية يجد أنه لم يحتفِ بالاستقراء احتفاءه بالبرهان والقياس، ذلك أنه جعل الإستدلال

(1) ابن منظور الإفريقي: لسان العرب، (بيروت: دار صادر، د. ت)، ج 1، ص 128.

(2)

انظر: د. إميل بديع يعقوب، وميشال عاصي: المعجم المفصل في اللغة والأدب، (بيروت: دار العلم للملايين، ط 1، 1987 م)، ج 1، ص 95.

ص: 200

الإستقرائي استدلالًا ساذجًا يستعمل مع العوام، حيث يقول:"والاستقراء هو أكثر إقناعًا وأَبْيَن وأعرف في الحس، وهو مشترك للجمهور فأما القياس فهو أشد إلزامًا للحجة، وأبلغ عند المناقضين"، (1) ويقول:"وقد ينبغي أن فستعمل في الجدل: أما على الجدلين فنستعمل القياس أكثر من استعمالنا إياه مع العوام من الناس، ويجري الأمر في الاستقراء بالعكس: بأن نستعمله في أكثر الأحوال مع العوام". (2)

وقد عرَّف أرسطو بالاستقراء التام في كتاب "التحليلات الأولى" بجعله يتألف من علاقة قياسية بين حَدٍّ وآخر عن طريق الحدِّ الأوسط، حيث قال: "والاستقراء هو أن يبرهن بأحد الطرفين أن الطرف الآخر في الواسطة موجود، ومثال ذلك أن تكون واسطة (أ) و (ج) هي (ب)، وأن تبين بـ (ج) أن (أ) موجودة في (ب)

ومثال ذلك أن يكون (أ) طويل العمر و (ب) قليل المرارة، و (ج) الجزئيات الطويلة الأعمار كالإنسان، والفرس، والبغل. ف (أ) موجودة في كل (ج -)؛ لأن كل قليل المرارة فهو طويل العمر و (ب) -أي القليل المرارة - موجود في كل (ج) ". (3) وبيان هذا المثال في الشكل القياس الآتي:

1 -

الإنسان والحصان، والبغل

إلخ. طويلة العمر

2 -

الإنسان والحصان والبغل .... إلخ. هي كل الحيوانات قليلة المرارة.

3 -

كل الحيوانات قليلة المرارة طويلة العمر

ودليل كون المقصود بهذا النوع من الاستقراء هو الاستقراء التام أنه أشار بعد هذا المثال إلى ذلك، حيث قال:"وينبغي أن نفهم من (ج) جميع جزئيات الشيء العام، لأن الاستقراء لجميع جزئيات الشيء العام يبين النتيجة". (4)

(1) أرسطو: منطق أرسطو، حققه وقدم له الدكتور عبد الرحمن بدوي، (الكويت: وكالة المطبوعات/ بيروت: دار القلم، ط 1، 1980 م)، ج 2، ص 507.

(2)

نفس المصدر، ج 3، ص 734.

(3)

نفس المصدر، ج 1، ص 307.

(4)

أرسطو: منطق أرسطو، حققه وقدم له الدكتور عبد الرحمن بدوي.

ص: 201

وفي كتاب الجدل يقدم تعريفًا لما يمن اعتباره الاستقراء الناقص، حيث عرفه بأنه: الإنتقال من الجزئيات إلى الكليات، وذلك في قوله:"الطريق من الأمور الجزئية إلى الأمر الكلي. مثال ذلكُ أنه إن كان الربان الحاذق هو الأفضل، فالأمر كذلك في الفارس، فيصير بالجملة الحاذق في في كل واحد من الصنائع هو الأفضل"، (1) وقوله: "

أما في حال استعمالك الاستقراء فإنك تتدرج من الأشياء الجزئية إلى القضية الكلية، ومن الأشياء المعروفة إلى التي هي غير معروفة". (2) فهذا هو الاستقراء الناقص الذي هو انتقال من الجزئيات المعروفة، أي التي شملها الاستقراء، إلى القضية الكلية التي تشمل الجزئيات المعروفة والتي تشبهها مع عدم شمول الاستقراء لها.

ثانيًا: الاستقراء في اصطلاح علماء المسلمين:

الناظر في تعريفات المناطقة المسلمين للإستقراء يجد أنه لا يخرج عن الإطار العام الذي وضعه فيه المنطق اليوناني، وهو الإنتقال من الجزئيات إلى الكليات، لنصل إلى الحكم على الكلي بما وُجِد في الجزئيات. وليس هذا بالغريب إذ إن أعمال أكثر الفلاسفة المسلمين في المنطق هي ترجمات لأعمال أرسطو وشروح وتعليقات عليها. وإن كانت تلك الأعمال لم تخل من انتقادات وتعديلات، وبعض الإضافات، إلَّا أنها في إطارها العام تبقى دائرة في فلك المنطق اليوناني بصفة عامة، والأرسطي بصفة خاصة.

فقد عرفه ابن سينا بأنه: "الحكم على كل بما وُجِد في جزئياته الكثيرة، مثل حكمنا بأن كل حيوان يحرك عند المضغ فكه الأسفل استقراءً للناس، والدواب البرّية، والطير. (3)

وقريب من هذا التعريف تعريف أبي حامد الغزالي له بأنه: "أن تتصفح جزئيات كثيرة داخلة تحت معنى كل، حتى إذا وجدت حكمًا في تلك الجزئيات، حكم على

(1) نفس المصدر، ج 2، ص 507.

(2)

نفس المصدر، ج 3، ص 728.

(3)

ابن سينا: الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسي، تحقيق الدكتور سليمان دنيا، (القاهرة: دار المعارف، 1960 م)، ج 1، ص 418.

ص: 202

ذلك الكلي به". (1)

وهذه التعريفات -كما سيتبين فيما بعد- هي تعريفات لنوع واحد فقط من أنواع الاستقراء، وهو الاستقراء الناقص.

والملاحظ من خلال التعريفات السابقة سواء عند أرسطو أو عند الفلاسفة المسلمين أنها تمثل اتجاهًا واحدا، وهو الإتجاه الذي يقصر الاستقراء على السير بالإستدلال في جهة واحدة: مما هو أقل كلية إلى ما هو أكثر كلية، فهو ينطلق من دراسة جزئيات أو أفراد تجمعها خصائص مشتركة، وتنضوي تحت كلي واحد، ليصل من خلال ذلك إلى اكتشاف حكم مشترك تتم صياغته في شكل تعميم كلي يشملها ويشمل ما يُشبهها، ويشترك معها في الخوع أو الصنف.

ثالثًا: الاستقراء في اصطلاح المنطق الغربي الحديث:

يرى أصحاب هذا الإتجاه أن تعريفات المنطق اليوناني للإستقراء ناقصة، ولا تمثل إلَّا مرحلة من مراحل العملية الإستقرائية، والاستقراء في رأيهم عملية أوسع من ذلك. وفيما يأتي تعريفات لبعض أعلام هذا الإتجاه:

1 -

عرفه جون ستوارت ميل (J.S.Mill) بأنه: "عملية اكتشاف وبرهنة القضايا العامة". (2) وفي معناه

تريف ويليامز دونالد (Williams Donald) بأنه: "ذلك الضرب

من ضروب الإستدلال، الذي يكشف لنا عن قانون عام، أو يبرهن عليه". (3)

3 -

أما عند جون ديوي فـ "الاستقراء اسم يطلق على مجموعة طرائق تقرر بها عن حالة معينة أنها تمثل غيرها، وهي عملية يعبر عنها كونُ تلك الحالة المذكورة

(1) الغزالي، أبو حامدة معيار العلم في فن المنطق، شرح أحمد شمس الدين، (بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 1410 هـ / 1990 م)، ص 148.

(2)

جون ستوارت ميل (J.S.Mill) : منهج المنطق

(of Logic A System) نقلًا عن د. علي عبد المعطي محمد، ود. السيد نفادي: المنطق وفلسفة العلم، (الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1988 م)، ص 308.

(3)

Williams Donald: the Goound of Inducation

نقلًا عن الدكتور زكي نجيب عمود: المنطق الوضعي، (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، ط 4، 1966 م)، ج 2، ص 297.

ص: 203

نموذجًا أو عيِّنة". (1)

وينتقد جون ديوي المفهوم الشائع للإستقراء من كونه مجرد انتقال من الجزئيات إلى التعميمات الكلية عن طريق الملاحظة ويَسِمُه بالقصور ويراه موروثًا من المنطق القديم لم يَعُد مناسبًا للمناهج العلمية التي يتبناها المنطق الحديث.

فالمنطق القديم (اليوناني) في تطبيقه للمنهج الإستقرائي يكتفي بأخذ الأشياء وصفاتها "كما هي قائمة"(2) دون أن يُحدث فيها أي تغيير أي أنه يعتمد مجرد الملاحظة أما في المنطق الحديث فإن المستقرئ لا يكتفي بأخذ الأشياء على ما هي عليه، بل كثيرًا ما يتدخل في مرحلة التجربة بإجراء تحويرات تجريبية للأشياء وصفاتها يحوطا بها عن حالتها الطبيعية التي جاءتنا بها. (3) ويرى جون ديوي أن هذا التدخل عنصر أساس في عملية الاستقراء، وأن أي نظرية تهمل مثل هذه الإجراءات التحويرية نظرية معيبة من أصلها. (4)

يتبين من خلال تعريفات أصحاب هذا الإتجاه أن الاستقراء في مجال العلوم التجريبية يتم عبر مرحلتين متعاكستي الإتجاه، المرحلة الأولى: يتم فيها ملاحظة وتجميع الجزئيات على حالتها الطبيعية للخروج بفرضية، أو ما يمكن أن نسميه التعميم الإستقرائي، وهذه المرحلة يتم فيها الإنتقال من الجزئيات إلى الكليات، وهي متفقة مع مفهوم الاستقراء عند أصحاب الإتجاه الأول، أما المرحلة الثانية: فتجري في خط معاكس للأول، حيث تتم عملية إثبات التعميم المتوصل إليه في المرحلة الأولى بإجراء سلسلة من التجارب على جزئيات مُعَدَّة إعدادًا للبحث من خلال إخضاعها لظروف وشروط مختلفة، ويكون ذلك التعميم بمثابة الموجه لِمَا عسانا أن نقوم به في هذه المرحلة من مشاهدات وتجارب. وعلى هذا تصير الفروض التعميمات المتوصل إليها

(1) ديوي، جون: المنطق نظرية المبحث، ترجمة وتصدير وتعليق الدكتور زكي نجيب محمود، (القاهرة: دار المعارف، 1960 م)، ص 672.

(2)

انظر جون ديوي: المنطق نظرية المبحث، ص 656.

(3)

انظر جون ديوي: المنطق نظرية المبحث، ص 656.

(4)

انظر جون ديوي: المنطق نظرية المبحث، ص 658.

ص: 204

ليست غاية في ذاتها، بل وسائل إلى تحديد المفردات تحديَدًا تجريبيًّا باعتباره الغاية المتحققة بتلك الوسائل. وهذه المرحلة فيها نوع من السير من الكلي إلى الجزئي.

ويرى جون ديوي أن المرحلة الثانية هي الأهم في الإستدلال الإستقرائي، وهي التي تتمثل في إعادة تكوين المفردات التي كانت أساسًا للتعميم إعادة موجهة بغرض تقرير ما يحدث خلال التفاعل الذي يقع في الحالة المفردة الواحدة من خلال فحصها في ظروف متباينة، وتحت شروط متنوعة للوصول إلى الحالة الواحدة التي تمثل عيِّنة نموذجية لمجموعة من التفاعلات أو الإرتباطات، فكأن الاستقراء في هذه المرحلة يسعى إلى اكتشاف القانون العام من خلال عيِّنة نموذجية ليتم تعميمه بعد ذلك على الحالات المشابهة لها. (1) وهذا يشبه عملية تنقيح المناط في مسالك العلة.

وينبغي التنبيه هنا على أن الاستقراء بمفهومه عند أصحاب الإتجاه الثاني لا يمكن تطبيقه بكامل عناصره على القضايا التاريخية والتشريعية، إذ لا يمحن في مثل هذه الحالات التدخل في الجزئيات المندرجة تحت التعميم الإستقرائي لتوفير عينات معدة إعدادًا خاصًّا للبحث بإيجادها في ظروف مختلفة وتحت شروط معينة؛ إذ هي بالنسبة للحوادث التاريخية حوادث مضت وانقضت، ولا يمكن استرجاعها، وبالنسبة للشرائع، أحكامها ونصوصها قد صدرت، ولا يمكن استنزال نصوص جديدة، وإنما هو الإجتهاد فيها لإعطاء أحكام لما يستجدّ من أحداث، وغاية ما يمكن عمله في هذين المجالين هو تطبيق الاستقراء بمفهومه عند أصحاب الإتجاه الأول، أي استقراء الجزئيات الموجودة للخروج بنتيجة كلية.

وهنا يتبين أن الاستقراء بمفهومه الثاني هو استقراء خاص بالعلوم الطبيعية والتجريبية، ولا يصلح تطبيقه في العلوم الشرعية.

العلاقة بين الاستقراء والإستنباط.

يسلك العقل البشري في التعرف على الحقائق وإثباتها مسلك الإستدلال، ويتم

(1) انظر جون ديوي: المنطق نظرية المبحث، ص 663 - 678.

ص: 205

هذا الإستدلال وفقًا لأحد طريقين رئيسين: أحدهما الإستدلال الإستنباطي، والثاني الإستدلال الإستقرائي. وقبل الحديث عن العلاقة بين الاستقراء والإستنباط يحسن التعريف بالإستنباط، وتحديد مفهومه بداية لتسهل المقارنة بعد ذلك.

يُعرَّف الإستدلال الإستنباطي بأنه: "انتقال الذهن من قضية أو عدة قضايا هي المقدمات إلى قضية أخرى هي النتيجة وفق قواعد المنطق". (1)

فالسير الفكري في الإستدلال الإستنباطي يكون من الكلي إلى الجزئي، أو من العام إلى الخاص، ويلاحظ أن النتيجة فيه تكون عادة مستبطَنَة في المقدمات، لذلك فهي دائمًا إمَّا مساوية، أو أصغر من تلك المقدمات. ويمثل الإستدلال القياسي الصورة النموذجية للدليل الإستنباطي. (2)

وقد أُثِيرَت عدة اعتراضات على هذا التعريف الشائع للإستنباط، من كون سير الإستدلال فيه يكون دائمًا مِمَّا هو أعم إلى ما هو أقل تعميما. وليس هذا موضع مناقشة هذا التعريف ولا الاعترضات الواردة عليه، وتكفي الإشارة هنا إلى أن هذا التعريف ينطبق عادة على الإستنباط في قضايا العلوم الإجتماعية والإنسانية، لكنه ليس كذلك في موضوع الإستدلال الرياضي، الذي نجد فيه نتيجة الإستنباط قد تكون أضيق مفهومًا من المقدمات، وقد تكون مساوية لها، وقد تكون أوسع منها. (3)

أما عن العلاقة بين الاستقراء والإستنباط، فإن بينيما جملة من الفروق، منها أننا في الاستقراء ننتقل عادة من الجزئيات إلى القانون العام الذي يحكمها، في حين

(1) مجمع اللغة العربية: المعجم الفلسفي، (القاهرة: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 1399 هـ/ 1979 م)، ص 12.

(2)

انظر د. عبد الرحمن بدوي: موسوعة الفلسفة، ج 1، ص 145؛ والموسوعة الفلسفية، وضع لجنة من العلماء والأكاديميين السوفياتيين، بإشراف م. روزنتال، وب. يودين، ترجمة سمير كرم، (بيروت: دار الطليعة، ط 6، 1987 م)، ص 27 - 28.

(3)

انظر في مدى انطباق التعريف الشائع للإستنباط على الإستدلال الرياضي جون ديوي: المنطق نظرية المبحث، ص 652 - 653.

ص: 206

أننا في الإستنباط نسير سيرًا معاكسًا، أي من القوانين العامة إلى الجزئيات التي تندرج تحتها، وبناءً على هذا يرى البعض تحامل الاستقراء والإستنباط، حيث نقوم عن طريق استقراء المعطيات الجزئية باستنتاج قانون عام، ثم نقوم باختبار هذا القانون العام عن طريق استنباط معطيات منه؛ فإذا تمكَّنَّا من الإستنباط بدون عائق وبدون تناقضات تكون قد تمت البرهنة على صدق ذلك القانون، (1) وعلى ذلك يمكن أن يوصف منطق الاستقراء بأنه منطق الاكتشاف، ومنطق الإستنباط بأنه منطق البرهان.

ومنها أن نتيجة الاستقراء نصل إليها بعد القيام بسلسلة من الملاحظات والتجاوب، وبتعبير جون ديوي يمثل الاستقراء: الإجراءات التي تكون بها تعميمات وجودية، في حين يمثل الإستنباط الإجراءات المختصة بالعلاقات التي تربط القضايا الكلية المجردة في مجرى التفكير النظري. (2)

ومنها أن نتيجة الإستدلال الإستنباطي يُجزم عادة بصدقها منطقيًّا إذا صحت مقدماتها، ويحون التبرير المنطقي لذلك الجزم تأسيسًا على مبدأ عدم التناقض؛ ذلك أنه لما كانت النتيجة مستبطَنَة في المقدمات، وكانت مساوية لها أو أصغر منها، وجب أن ينتج عن صدقِ المقدمات صدقُ النتيجة ضرووة، لأن افتراض صدق المقدمات دون النتيجة يمثل تناقضًا منطقيّا طبقًا لمبدأ: صدق الكل يقتضي صدق أجزائه، وإلَّا كان ذلك تناقضًا، بخلاف نتيجة الاستقراء الناقص فإنه لا يمكن تبريرها وفق هذا المبدأ. (3)

ومهما يكن من فروق بين الاستقراء والإستنباط فإن ذلك لا يعني إقامة حد فاصل بينهما، وأن كلًّا منهما يعمل بمعزل عن الآخر بل هما منهجان متعاونان، وفي كثير من الأحيان يحتاج أحدهما للإستكمال بالآخر ويرى جون ديوي أن تكاملها

(1) انظر علي عبد المعطي محمد، والسيد نفادي: المنطق وفلسفة العلم، ص 310.

(2)

انظر جون ديوي: المنطق نظرية المبحث، ص 659.

(3)

انظر د. علي عبد المعطي محمد، ود. السيد نفادي: المنطق وفلسفة العلم، ص 313، ومحمد باقر الصدر: الأسس المنطقية للإستقراء، (بيروت: دار التعارف للمطبوعات، ط 5، 1456 هـ / 1986 م)، ص 7.

ص: 207

يتم على النحو الآتي:

يبدأ الباحث بالقيام بعملية الملاحظة وتجميع المعطيات للخروج ببعض الفروض الأولية، وهذه المرحلة استقرائية في طبيعتها، وبعد ذلك يتم تطوير معاني تلك الفروض عن طريق خطوات استنباطية تسير في تفكير نظري مرتب لخصل إلى تعميم استقرائي يمثل فرضية محتملة للصدق، وهذه المرحلة استنباطية في طبيعتها، ثم تأتي المرحلة الثالثة، وهي مرجلة استقرائية، حيث يتم إجراء تجارب عديدة على جزئيات مختلفة في ظروف وشروط مختلفة، منها ما يكون في حالته الطبيعية، ومنها ما يكون قد أدخلت عليه تحويلات تجعله مادة مُعدَّة للبحث. وهدف المرحلة الأخيرة هو اختبار مدى صحة النظرية (التعميم الإستقرائي) التي تم التوصل إليها من خلال المرحلتين الأولى والثانية. (1)

العلاقة بين الاستقراء والقياس المنطقي:

القياس المنطقي هو: "قول مؤلف، إذا سلم ما أورد فيه من القضايا، لزم عنه لذاته قول آخر اضطرارا". (2)

ويختلف الاستقراء عن القياس من ناحيتين: من حيث التكوين، ومن حيث الغاية.

أما من ناحية التكوين، فإننا في القياس نستخلص النتائج الجزئية من المقدمات الكلية، أما في الاستقراء فإننا نستخلص النتائج الكلية من الدراسة الإستقرائية للجزئيات.

وأما من حيث الغاية، فإن القياس -بكونه نوعًا من أنواع الإستدلال الإستنباطي- تكون نتائجه يقينية مطلقة إذا صححت المقدمات، أما الاستقراء

(1) انظر جون ديوي: المنطق نظرية المبحث، ص 659 - 662.

(2)

الغزالي: معيار العلم في فن المنطق، ص 111، وانظر: أبو نمر الفارابي: كتاب القياس، ضمن كتاب المنطق عند الفارابي، تحقيق وتقديم وتعليق د. رفيق العجم، (بيروت: دار المشرق، 1986 م)، ج 2، ص 19.

ص: 208

الناقص فتكون نتائجه عادة ظنية. (1)

ويرى المنطق الأرسطي أن هناك تعارضًا بين الاستقراء والقياس، حيث يقول أرسطو:"والاستقراء من جهة يعارض القياس، لأن القياس بالواسطة يبيّن وجود الطرف الأكبر في الأصغر، وأما بالاستقراء فيبيّن بالطرف الأصغر وجود الأكبر في الأوسط". (2)

وفي المثالين الآتيين توضيح للفرف بين طريقتي إنتاج كل من الاستقراء والقياس:

1 -

مثال القياس:

هذا الحجر مادة

الحد الأصغر

وكل مادة تتعرض للجاذبية

الحد الأوسط

إذًا فهذا الحجر يتعرض للجاذبية

الحد الأكبر

فالنتيجة هنا إثبات الحد الأكبر (التعرض للجاذبية) للحد الأصغر (الحجر).

3 -

مثال الاستقراء:

هذه الأفراد تتعرض للجاذبية .... الحد الأصغر

وهذه الأفراد هي كل أجزاء المادة

الحد الأوسط

إذًا فكل أجزاء المادة تتعرض للجاذبية .... الحد الأكبر

والنتيجة هنا إثبات الحد الأكبر (التعرض للجاذبية) للحد الأوسط (المادة).

تكامل الاستقراء والقياس:

مع ما يراه المنطق الأرسطي من تعارض بين الاستقراء والقياس، إلَّا أنه في الواقع تعارض في طريقة الإنتاج فقط، وليس معناه التعارض المطلق بينهما، بل هما

(1) انظر: الدكتور محمد فتحي الشنيطي: أسس المنطق والمنهج العلمي، (بيروت: دار النهضة العربية:، 1970 م)، ص 115.

(2)

أرسطو: منطق أرسطو، ج 1، ص 307 - 308.

ص: 209

منهجان -على ما بينهما من فروق- متكملان في الإستدلال، ولا يستغني الواحد منهما عن الآخر في عملية المبحث عن الحقيقة. فالقياس في حاجة إلى استقراء سابق لإثبات مقدماته الكلية، كما أن الاستقراء يحتاج في النهاية إلى عملية قياسية لإثبات النتيجة والتحقق من صدقها، ويتم تكاملهما في جانبين:

الأول: أن الاستقراء هو الذي يمدُّ القياس بمقدماته الكبرى، ومن هذه الناحية

يكون الاستقراء سابقًا للقياس.

وهذه الحقيقة أثارت مشكلة منطقية في نتيجة القياس، إذ المشهور عند المناطقة أن القياس يفيد عادة القطع واليقين إذا سلمت مقدماته، وأن الاستقراء الناقص لا يفيد إلَّا الظن، ولما كانت المقدمات الكبرى للقياس ناتجة في الغالب عن استقراء ناقص -وهي تفيد مجرد الظن- كان القول بإفادة القياس اليقين أمرًا غير مسلَّم، إذ كيف يُنْتج ما بُنِي على ظني يقينًا؟ وربماكان هذا هو الذي دفع ابن سينا إلى إنكار كون المقدمات الأولية للقياس ثابتة بالاستقراء، وإنما هي -في رأيه- ثابتة على أساس وضوحها الذاتي. (1) ولكن هذا المخرج غير مسلَّم، إذ مِنْ أين يأتي هذا الوضوح الذاتي؟ فمصدره في الحقيقة لا يعدو أن يكون إمَّا معارف عقلية قبلية أو بدهيات يسلم بها العقل، وإما أن يكون ناتجًا عن الخبرة التاريخية للإنسان الناتجة عن مشاهدة تكرر هذا الحادث (وهو الاستقراء) حتى صارت هذه القضية من باب المسلمات الواضحة ذاتيًّا، ولا يهم ما آلت إليه هذه القضية، إنما المهم أنها في أصلها نتيجة عملية استقرائية. ثم الواقع يدلنا على أن أصل أكثر مقدمات الأقيسة نتائج استقرائية وإن لم يصرح بذلك، بل هي نتائج استقراءات ناقصة.

وينبني التنبيه هنا على أنه مع كون أكثر المقدمات الكبرى للقياس المنطقي عمومات استقرائية ظنية، لأنها ناتجة عن استقراءات ناقصة، ومن ثم فإن نتيجة القياس ستكون تابعة لصدق هذه المقدمات، إلَّا أن الأمر مختلف في الأقيسة

(1) انظر د. جعفر آل ياسين: المنطق السينوي: عرض ودراسة للنظرية المنطقية عند ابن سينا، (بيروت: دار الآفاق الجديدة، ط 1، 1403 هـ / 1983 م)، ص 76.

ص: 210

الشرعية، إذ المقدمات الأولية للأقيسة الشرعية ليست كذلك، فمع كونها في بعض الأحيان عمومات وكليات، لكنها لم تثبت بالاستقراء، وإنما بحكم الشارع، فمثلا القياس الآتي:

كل مسكر خمر

مقدمة صغرى

كل خمر حرام

مقدمة كبرى

إذًا فكل مسكر حرام

النتيجة

إذ انظرنا في التعميمين: كل مسكر خمر وكل خمر حرام، نجد أن الشارع هو الذي سمى كل مسكر خمرا، وهو الذي حكم على كل خمر بالحرمة. (1)

الثاني: وهي الحالة التي يحتاج فيها الاستقراء إلى القياسي، الذي يأتي ليبني على ما وصل إليه الاستقراء، وليكمل مسيرته ليصل بالنتائج إلى مرحلة أكثر تقدُّمًا من حيث قوة الصدق واليقين. (2) وسيأتي مزيد بيان لهذا عند الحديث عن الفرق بين الاستقراء والتجربة.

العلاقة بين الاستقراء والتواتر:

ينطلق التواتر -كما هو الشأن في الاستقراء- من مصادرة تمثِّل تصديقًا أوليًّا مفاده امتناع تواطؤ عدد كبير من الناس على الكذب، وهو شبيه بما ينطلق منه الاستقراء من كون الإتفاق لا يكون دائمًا ولا مطردا. وهذا التصديق الذي ينطلق منه الإستدلال بالتواتر -باعتباره صرفة عقلية قبلية- هو في الحقيقة تصديق استقرائي وليس تصديقًا عقليًّا أوليّا. ومن هنا يتبين أن القضية المتواترة في الحقيقة ليست إلَّا قضية استقرائية تقوم على أساس المناهج الإستقرائية في الإستدلال. (3)

(1) أُخِذَ هذان التعميمان من حديث مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه ما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام". صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، (القاهرة: دار الحديث، ط 1، 1412 هـ/ 1991 م)، ج 3، ص، 1588.

(2)

انظر الغزالي: معيار العلم في فن المنطق، ص 152.

(3)

انظر محمد باقر الصدر: الأسس المنطقية للإستقراء، ص 387 - 388.

ص: 211

ومع كون التواتر يفيد القين في المنطق الأرسطي كما هو الشأن عند علماء الإِسلام، إلَّا أننا نجد علماء أصول الفقه لم يكتفوا بمطلق الشواتر الذي هو"تتابع الخبر عن جماعة مفيدًا للعلم بمخبره"، (1) بل قيدوه بشروط، هي:(2)

1 -

أن يكون كل واحد من المخبرين قد أخبر عن علم لا عن ظن.

3 -

أن يكون علمهم ضروريًّا مستندًا إلى محسوس.

3 -

أن يستوي طرفاه وواسِطته في هذه الصفات.

4 -

أن يتوافر في روايته العدد الذي توقن النفس عادة باستحالة تواطئهم على الكذب.

(1) الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق د. سيد الجميلي، (بيروت: دار الكتاب العربي، ط 2، 1406 هـ / 1986 م)، ج 2، ص 25.

(2)

انظر الغزالي: المستصفى من علم الأصول، ترتيب وضبط محمد عبد السلام عبد الشافي، (بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 1413 هـ / 1993 م)، ص 107

ص: 212