المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في أن يكون الإنسان سمحا في معاملاته: - طرق الكشف عن مقاصد الشارع

[نعمان جغيم]

فهرس الكتاب

- ‌شكر وتقدير

- ‌المقدمة

- ‌البَابُ الأَوّلاستخلاص المقاصد من منطوق النصوص ومفهومها

- ‌الفصل الأولتعريف مقاصد الشريعة وبيان أقسامها، وفائدة العلم بها

- ‌المبحث الأول: تعريف مقاصد الشريعة وبيان أقسامها

- ‌المطلب الأول: تعريف مقاصد الشريعة

- ‌المطلب الثانيأقسام المقاصد الشرعية

- ‌المبحث الثانيفائدة العلم بمقاصد الشارع

- ‌تمهيدبين أصول الفقه ومقاصد الشريعة

- ‌الفصل الثانياستخلاص المقاصد من ظواهر النصوص

- ‌تمهيدطرق إفادة الكلام

- ‌المبحث الأولاستخلاص المقاصد من ظواهر النصوص

- ‌المبحث الثانينماذج تطبيقية لإستخلاص المقاصد من ظواهر النصوص الشرعية

- ‌النموذج الأول: استخلاص المقاصد من النص والظاهر:

- ‌النموذج الثاني: دلالة الأمر والنهي:

- ‌النموذج الثالثدلالة العام

- ‌الفصل الثالثوظيفة السياق والمقام في تحديد المقصود من الخطاب الشرعي

- ‌تمهيدطبيعة النص الشرعي ومستويات فهمه

- ‌المبحث الأولالعناصر التي تتحكم في فهم الخطاب

- ‌المطلب الأوللغة الخطاب

- ‌المطلب الثانيالمخاطِب (المتكلّم)

- ‌المطلب الثالثالمخاطَب (السامع)

- ‌المطلب الرابعسياق الخطاب

- ‌نماذج تطبيقية

- ‌المبحث الثانينماذج تطبيقية على أهمية السياق والمقام في تحديد المقصود من الخطاب الشرعي

- ‌المطلب الأولأهمية القرائن في تحديد المقصود من الأوامر والنواهي

- ‌المطلب الثانيأهمية القرائن في تحديد المقصود من صيغ العموم

- ‌المطلب الثالثتخصيص الخطاب الشرعي بعادات المخاطَبين وأعرافهم

- ‌المطلب الرابعتخصيص العام بقول الصحابي

- ‌المطلب الخامسأهمية السياق في تحديد المقصود من النص

- ‌الفصل الرابعاستخلاص المقاصد من خلال معرفة علل الأحكام الشرعية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولتعليل الأحكام الشرعية وعلاقته بالكشف عن مقاصد الشريعة

- ‌المطلب الأولالتعليل بين القائلين به والرافضين له

- ‌المطلب الثانيتعليل العبادات

- ‌المبحث الثانيمسالك العلة ووظيفتها في الكشف عن مقاصد الشارع

- ‌الفَصْلُ الخَامَسِسكوت الشارع ودلالته على مقاصده

- ‌المبحث الأولأنواع سكوت الشارع

- ‌المبحث الثانيالفرق بين دلالة سكوت الشارع في العبادات وسكوته في المعاملات

- ‌المبحث الثالثعلاقة سكوت الشارع بمرتبة العفو

- ‌المبحث الرابعهل السكوت عن النقل نقل للسكوت (هل ترك النقل ينزل منزلة نقل الترك)

- ‌البَابُ الثَّانياستخلاص المقاصد من طريق الاستقراء

- ‌الفَصْلُ الأَوّلمفهوم الاستقراء وأنواعه

- ‌تَمْهِيد

- ‌المبحث الأولمفهوم الاستقراء

- ‌المبحث الثانيأنواع الاستقراء

- ‌أولًا: الاستقراء التام

- ‌ثانيًا: الاستقراء الناقص:

- ‌الفَصْل الثَّانِيالاستقراء في القرآن الكريم والعلوم الشرعية

- ‌المبحث الأولالاستقراء في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثانيالاستقراء في العلوم الشرعية

- ‌المطلب الأولالاستقراء عند الأصوليين

- ‌المطلب الثانيتطبيقات الاستقراء عند الفقهاء والأصوليين

- ‌الفَصْلِ الثَّالِثالاستقراء عند الإمام الشاطبي

- ‌تَمْهِيد

- ‌المبحث الأولتعريف الاستقراء عند الشاطبي وبيان الأساس الذي يقوم عليه

- ‌المبحث الثانيالاستقراء عند الإمام الشاطبي بين القطع والظن

- ‌المبحث الثالثحَلُّ الإمام الشاطبي لمشكلة الاستقراء الناقص

- ‌المبحث الرابعمجالات استخدام الشاطبي للإستقراء

- ‌الفَصْلُ الرَّابعِالاستقراء عند الإمام محمد الطاهر بن عاشور

- ‌تَمْهِيدٌ

- ‌المبحث الأولالاستقراء بين القطع والظن عند ابن عاشور

- ‌المبحث الثانيمجالات استخدام الاستقراء عند ابن عاشور

- ‌الفَصْل الخَامِسْدراسة تقييمية للإستدلال الإستقرائي

- ‌المبحث الأولالفرق بين الاستقراء العلمى والاستقراء في العلوم الإنسانية

- ‌المبحث الثانيإمكانية تحقيق الاستقراء وجدواه

- ‌المبحث الثالثنتيجة الاستقراء بين اليقين والظن

- ‌المبحث الرابعحل مشكلة الاستقراء الناقص في العلوم الشرعية

- ‌الفَصْلُ السَّادِسُدراسة تطبيقية لمسلك الاستقراء

- ‌تَمْهِيدٌ

- ‌المبحث الأولاستقراء علل الأحكام الضابطة لحكمة واحدة

- ‌المبحث الثانياستقراء أدلة أحكام اشتركت في علة واحدة

- ‌المبحث الثالثاستقراء مجموعة من النصوص الشرعية المشتركة في معنى واحد

- ‌الترغيب في التيسير على العموم:

- ‌العفو عن أهل الكتاب:

- ‌الأمر بالتيسير على ذوي الحاجات والأعذار في الصلاة:

- ‌الترغيب في أن يكون الإنسان سمحاً في معاملاته:

- ‌كفارة اليمين:

- ‌كفارة قتل الصيد في الحرم:

- ‌كفارة القتل الخطأ:

- ‌كفارة الظِّهار:

- ‌التيسير في المعاملات:

- ‌1 - شرع الشُّفْعة:

- ‌2 - الترخيص في الغرر اليسير والجهالة التي لا انفكاك عنها في الغالب

- ‌3 - شرع السَّلم:

- ‌4 - الترخيص في العرايا

- ‌5 - شرع القرض:

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المصادر

الفصل: ‌الترغيب في أن يكون الإنسان سمحا في معاملاته:

‌الترغيب في أن يكون الإنسان سمحاً في معاملاته:

ومما ورد في ذلك:

- عن عُبَادةَ بْنَ الصَّامِتِ أنَّ رَجُلاً أنَّ أَتَي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يا نَبِيَّ الله أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ: "الإِيمَانُ بالله وَتَصْدِيقٌ بِهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ". قَالَ: أُرِيدُ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ الله. قَالَ: "السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ"، قَالَ: أُرِيدُ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ الله. قَالَ؛ "لَا تَتَّهِمِ الله تبارك وتعالى فِي شَيءٍ قَضَى لَكَ بِهِ". (1)

- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الله يُحِبُّ سَمْحَ الْبَيْعِ سَمحَ الشِّرَاءِ سَمحَ الْقَضَاءِ". (2)

8 -

تيسير سبيل المؤمنين

فقد وَعَدَ الله تعالى المؤمنين العاملين بتيسير أمورهم كلها، ووعدهم باليسر

بعدما يصيبهم من عُسْر، ومما ورد في ذلك:

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} [الليل: 5 - 7].

- {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4].

- {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)} [الطلاق: 7].

- {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} [الشرح: 5، 6].

- عَنِ ابْنِ عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يا غُلَامُ أَوْ يا غُلَيِّمُ أَلَا أُعَلمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ الله بِهِنَّ فَقُلْتُ بَلَى. فَقَالَ احْفَظِ الله يَخفَظْكَ احْفَظِ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعرًّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يعَرِفْكَ فِي الشّدَّةِ وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ الله وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كاَئِنٌ فَلَوْ أَنَّ الخلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ

(1) رواه أحمد: مسند الإمام أحمد، مسند الأنصار، ج 16، ص 401.

(2)

رواه الترمذي: سنن الترمذي، كتاب البيوع، باب (73)، ج 2، ص 390.

ص: 321

يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ الله عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ الله عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَأَنَّ النَّصرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا". (1)

9 -

النهي عن التشدد والتنطع في الدين:

ومِنْ حرصِ الإِسلام على التيسير، ولِمَا يعلمُه من شَطَطِ بعضِ النفوس، نجده يحذّر من التشديد على النفس بالسير في طريق الغلو والتنطع، لما يؤدي إليه ذلك من عنت وإرهاق للنفوس، وما قد ينتج عن ذلك من انقطاع في الطريق. ومما ورد في ذلك:

- عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ" قَالَهَا ثَلَاثًا. (2)

- عَنْ مِسْعَرٍ قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيَّ معنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كِتَابًا فَحَلَفَ لِي بالله إِنَّهُ

خَطُّ أَبِيهِ فَإِذَا فِيهِ قَالَ عَبْدُ الله: وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَلَى الْمُتَنَطِّعِينَ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ومَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِم مِنْ أَبِي بَكر وَإنِّي لأَرَى عُمَرَ كَانَ أَشَدَّ خَوْفًا عَلَيْهِم أَوْ لَهُمْ". (3)

- عن أَنَس بْن مَالك رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاِجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُم تَقَالُّوهَا فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ فَقَالَ: "أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُم كَذَا وَكَذَا أَمَّا والله إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لله وَأَتْقَاكم لَهُ لَكِنِّي أصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي". (4)

(1) رواه أحمد: مسند الإمام أحمد، مسند بني هاشم، ج 3، ص 244 - 246.

(2)

رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب العلم، باب (4)، ج 4، ص 205، الحديث (2670).

(3)

رواه الدارمي: سنن الدارمي، باب من هاب الفتيا وكره التنطع والتبدع، ج 1، ص 52.

(4)

رواه البخاري: صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب (1)، مج 3، ج 6، ص 437، الحديث (5063).

ص: 322

- عن أَنَس بْن مَالِكٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفقٍ"(1).

- عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعبَانَ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكَانَ يَقُولُ: "خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ الله لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا". (2)

- عن عُرْوَة بْن الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ أَنَّ الحَوْلَاءَ بِنْتَ تُوَيْتِ ابْنِ حَبِيبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى مَرَّتْ بِهَا وَعِنْدَها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: هذِهِ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتٍ وَزَعَمُوا أَنَّها لَا تَنَامُ اللَّيْلَ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: لَا تَنَامُ اللَّيْلَ!

خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَوَاللهِ لَا يَسْأَمُ الله حَتَّى تَسْأَمُوا". (3)

- عَنْ أنس قَالَ دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ وَحَبْلٌ مَمدُودٌ بَيْنَ سَارِبَتَيْنِ فَقَالَ: مَا هَذَا قَالُوا: لِزَيْنَبَ تُصَلِّي فَإِذَا كَسِلَتْ أَوْ فَتَرَتْ أَمسَكَتْ بِهِ فَقَالَ: حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ قَعَدَ". (4)

النهي عن الوِصَال في الصوم: فعَنْ هِشَامَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ قَالَ: "إِنِّي لَسْتُ كَهيْئَتِكُمْ إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي ويَسْقِينِ". (5)

النهي عن النَّذْر لما فيه من التشديد على النفس: فعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يَنْهَانَا عَنِ النَّذْرِ وَيَقُولُ: إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الشَّحِيحِ". (6)

(1) رواه أحمد: مسند الإمام أحمد، مسند المكثرين، ج 11، ص 77 - 78.

(2)

رواه البخاري: صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب (52)، مج 1، ج 2، ص 608، الحديث (1970).

(3)

رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب (31)، ج 1، ص 542، الحديث (785).

(4)

رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب (31)، ج 1، ص 542، (784).

(5)

رواه البخاري: صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب (48)، مج 1، ج 2، ص 606، الحديث (1964).

(6)

رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب النذر، باب (2)، ج 3، ص 1260 - 1261، (الحديث 1639).

ص: 323

10 -

وجود الرخص الشرعية:

لم يكتف الشارع بأن جعل أحكامه على العموم ميسَّرة، بل راعى ما يمكن أن يطرأ على المكلفين من ظروف قد تجعل التكاليف العادية عسيرة، فشرع الرخص لتلك الطوارئ. واستقرأ الفقهاء تلك الرخص فخوجوا منها بقاعدة فقهية تقضي بالترخيص في كلّ ما يؤدي إلى مشقة لا تُحتمل عادة، وهي قاعدة "المشقة تجلب التيسير"، ومما جاءت به الشريعة من الرخص:

الترخيص في العفو والتنازل عن القصاص: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} [البقرة: 178].

الإكتفاء بما تَيَسَّرَ في الهدي في الحج: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)} [البقرة: 196].

الإكتفاء بقراءة ما تيسر من القرآن الكريم في الصلاة: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)} [المزمل: 20].

الترخيص لذوي الأعذار في ترك الجهاد: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91)} [التوبة: 91].

الترخيص في دخول بيوت الأقارب والأصدقاء بآدابه الشرعية: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ

ص: 324

آبَائِكُمْ} [النور: 61]

الترخيص في التيمم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} [المائدة: 6].

الترخيص في الأكل من مال اليتيم بالمعروف: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 220].

استثناء الليل من الصيام: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]. وتفسير هذه الآية فيما رواه أبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاس في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] فَكانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّوُا الْعَتَمَةَ حَرُمَ عَلَيْهِمُ الطعَامُ وَالشَّرَابُ وَالنِّسَاءُ وَصَامُوا إِلَى الْقَابِلَةِ فَاخْتَانَ رَجُلٌ نَفْسَهُ فَجَامَعَ امْرَأَتَهُ وَقَد صَلَّى الْعِشَاءَ وَلَمْ يُفْطِر فَأَرَادَ الله عز وجل أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ يُسْرًا لِمَنْ بَقيَ وَرُخْصَةً ومَنْفَعَةً فَقَالَ سُبْحَانَهُ {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 187] الآيَةَ وَكانَ هذَا مِمَّا نَفَعَ الله بِهِ النَّاسَ وَرَخَّصَ لَهُمْ وَيَسَّرَ" (1)

الترخيص في الفطر لذوي الأعذار {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)} [البقرة: 184].

الترخيص في الجهاد: عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا

(1) رواه أبو داود: سنن أخبرنا داود، كتاب الصوم، باب (1)، ج 2، ص 736.

ص: 325

نَزَلَتْ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 65] شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِم أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحدٌ مِنْ عَشَرَة فَجَاءَ التخْفِيفُ فَقَالَ: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 66] قَالَ: فَلَمَّا خَفَّفَ الله عَنْهُم مِنَ الْعِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ" (1)

إنقاص عدد الصلوات من خمسين إلى خمس: فعن أنس بن مالك في حديث طويل عن الإسراء والمعراج أن الله تعالى أوحى فِيمَا أَوْحَى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمَ وَلَيْلَةٍ ثُمَّ هبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَاذَا عَهِدَ إِليْكَ رَبُّكَ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَالَ: إِنَّ أُمَّتكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَارجِع فَلْيُخَفِّف عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ فَأشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ فَعَلاً بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ فَقَالَ وَهُوَ مَكانَهُ: يا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فَإِنَّ أُمَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ هذَا فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسىَ فَاحتَبَسَهُ فَلَم يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ

". (2)

إسقاط عقوبة النجوى: عَنْ عَليِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12]، قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَا تَرَى دِينَارًا" قُلْتُ: لَا يُطِيقُونَهُ قَالَ: "فَنِصْفُ دِينَارٍ" قُلْتُ: لَا يُطِيقُونَهُ قَالَ: "فَكَمْ" ـ قُلْتُ: شَعِيرة:

قَالَ إِنَّكَ لَزَهِيدٌ قَالَ: فَنَزَلَتْ {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} [المجادلة: 13]، الآيَةَ قَالَ: فَبِي خَفَّفَ الله عَنْ هذِهِ الأُمَّةِ". وَمَعْنَى قَوْلِهِ شَعِيرَةٌ يَعْنِي وَزْنَ شَعِيرَة مِنْ ذَهبٍ. (3)

الترخيص في أكل المحرمات عند الضرورة: ومما ورد في ذلك:

- {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)} [الأنعام: 119].

(1) رواه البخاري: صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب (8)، مج 3، ج 5 ص 243 - 244، الحديث (4653).

(2)

رواه البخاري: صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب (37)، مج 4، ج 8، ص 567 - 569، الحديث (7517).

(3)

رواه الترمذي: سنن الترمذي، كتاب تفسير القرآن، تفسير سورة المجادلة، ج 5، ص 80 - 81.

ص: 326

- {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)} [البقرة: 173].

- {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)} [المائدة: 3].

- {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} [الأنعام: 145].

العفو عن اليمين اللغو {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)} [البقرة: 225].

رفع الخطأ والنسيان والإكراه: ومما ورد في ذلك:

- {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)} [الأحزاب: 5].

- {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)} [النور: 33]

- {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)} [النحل: 106].

- عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخْطَأَ

ص: 327

وَالنِّسيانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيهِ" (1)

- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النّبَي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الله وَضَعَ عَنْ أُمَّتي الجْطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ". (2)

11 -

التدرُّج في التَّشريع:

ومن مظاهر التيسير ما سلكه التشريع من تدرُّج في تحريم بعض العادات التي طُبِعت بها حياة العرب في الجاهلية، ويشقّ عليهم التخلي عنها مرة واحدة، ومن ذلك: التدرُّج في تحريم الربا:

{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)} [الروم: 39].

- {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)} [النساء: 160، 161]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)} [آل عمران: 130].

{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة: 275 - 279].

(1) رواه ابن ماجة: سنن ابن ماجة، أبواب الطلاق، باب (16)، ج 1، ص 377، الحديث (2043).

(2)

رواه ابن ماجة: سنن ابن ماجة، أبواب الطلاق، باب (16)، ج 1، ص 378، الحديث (2045).

ص: 328

التدرج في تحريم الخمر:

{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)} [النحل: 67]،

- {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)} [البقرة: 219].

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]

- {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة: 90، 91].

- التدرج في الدعوة: ومن ذلك التدرّج في الدعوة كما ورد في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل عندما أرسله إلى اليمن. ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً رضي الله عنه -على اليمن قال: "إِنَّكَ تَقْدم عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تدعُوهُم إِلَيْهِ عِبَادَةُ الله، فَإَذَا عَرَفُوا الله فَأَخْبِرهُم أَنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِم خَمْسَ صَلَواتٍ فِي يَوْمِهِم وَلَيْلَتِهِم، فَإِذَا فَعَلُوا الصَّلَاةَ فَأَخْبرهُم أَنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِم زَكاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِم وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِم، فَإِذَا أَطَاعُوا بِها فَخُذْ مِنْهُم، وَتَوّق كَرَائِمَ أَموَالِ النَّاسِ". (1)

12 -

شرع الكفارات

لما كان الإنسان مطبوعاً على الخطأ والتقصير، فإنه كثيراً ما يتجاوز حدود الله تعالى ويقع في المحرمات، وذلك يؤدي إلى استحقاق العاصي العقوبة، ووقوعه تحت وطأة آلام الندم على ما فَرَط منه، وتيسيراً عليه شُرعت الكفارات، والتوبة لرفع عقوبة ما وقع فيه المؤمن، ومن ذلك:

(1) رواه البخاري: صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب (43)، مج 1، ج 2، ص 449.

ص: 329