المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(الكناية) الكناية: لفظ أريد به لازم معناه، مع جواز إرادته معه؛ - عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح - جـ ٢

[السبكي، بهاء الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الفنّ الثانى علم البيان

- ‌التشبيه

- ‌أركان التشبيه

- ‌(الغرض من التشبيه)

- ‌وقد يعود إلى المشبّه به، وهو ضربان:

- ‌وهو باعتبار طرفيه:

- ‌وباعتبار وجهه:

- ‌وباعتبار الغرض:

- ‌خاتمة

- ‌الحقيقة والمجاز

- ‌الحقيقة:

- ‌والمجاز: مفرد، ومركّب:

- ‌المجاز والمرسل

- ‌الاستعارة

- ‌وباعتبار آخر ثلاثة أقسام:

- ‌المجاز المركّب

- ‌[فصل [إخماد التشبيه في النفس]

- ‌فصل [تعريف السكاكي للحقيقة اللغوية]

- ‌فصل [حسن كل من التحقيقية والتمثيل]

- ‌فصل [قد يطلق المجاز على كلمة تغيّر حكم إعرابها بحذف لفظ أو زيادة لفظ]

- ‌(الكناية)

- ‌وهى ثلاثة أقسام:

- ‌الأولى: المطلوب بها غير صفة ولا نسبة:

- ‌والثانية: المطلوب بها صفة:

- ‌الثالثة: المطلوب بها نسبة؛ كقولهم [من الكامل]:

- ‌فصل [المجاز والكناية افضل من الحقيقة والتصريح]

- ‌الفنّ الثالث علم البديع

- ‌وهى ضربان: معنوىّ، ولفظى:

- ‌المحسّنات المعنويّة

- ‌الطباق ضربان:

- ‌المقابلة

- ‌مراعاة النظير

- ‌الإرصاد

- ‌المشاكلة

- ‌المزاوجة

- ‌العكس

- ‌الرجوع

- ‌التورية

- ‌الاستخدام

- ‌اللف والنشر

- ‌الجمع

- ‌التفريق

- ‌التقسيم

- ‌الجمع مع التفريق

- ‌الجمع مع التقسيم

- ‌الجمع مع التفريق والتقسيم

- ‌التجريد

- ‌المبالغة

- ‌المذهب الكلامى

- ‌حسن التعليل

- ‌تأكيد المدح بما يشبه الذم

- ‌الإدماج

- ‌الهزل يراد به الجد

- ‌تجاهل العارف

- ‌القول بالموجب

- ‌الاطراد

- ‌المحسنات اللفظية

- ‌[الجناس]

- ‌رد العجز على الصدر

- ‌السجع

- ‌الموازنة

- ‌القلب

- ‌التشريع

- ‌لزوم ما لا يلزم

- ‌خاتمة: فى السّرقات الشّعريّة

- ‌الاقتباس

- ‌التضمين

- ‌العقد

- ‌الحلّ

- ‌التلميح

- ‌فصل [ما ينبغى للمتكلم المتأنق فيه]

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌ ‌(الكناية) الكناية: لفظ أريد به لازم معناه، مع جواز إرادته معه؛

(الكناية)

الكناية: لفظ أريد به لازم معناه، مع جواز إرادته معه؛ فظهر أنها تخالف المجاز من جهة إرادة المعنى الحقيقى للّفظ مع إرادة لازمه. وفرّق: بأن الانتقال فيها من اللازم، وفيه من الملزوم: وردّ: بأنّ اللازم ما لم يكن ملزوما لم ينتقل منه؛ وحينئذ: يكون الانتقال من الملزوم [إلى اللازم](1).

ــ

لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ (2) فلا توصف الكلمة بالمجاز قلت: إذا كان المعنى بالمجاز تغيير الكلام عما كان عليه إلى نقص أو زيادة، فأى فرق بين تغيير حكم الإعراب وبقائه، ثم لا نسلم أن حكم الإعراب لم يتغير فى" كصيب" فإن صيبا لولا الحذف لكان مجرورا بالمحذوف فصار مجرورا فى اللفظ بالكاف، ومن الناس من جعل مجاز الزيادة والنقص من مجاز التركيب، لا من مجاز الإفراد، والجمهور على خلافه، والحق معهم ومحل التجوز هو الكلمة التى قامت مقام المحذوف فى الإعراب، والكلمة التى باشرتها الزيادة، لا ما اقتضاه كلام المصنف من أن المجاز هو الكلمة المزيد عليها، وشرط السكاكى فى مجاز الزيادة أن يكون الكلام مستغنيا عن تلك الكلمة استغناء واضحا، كالباء فى بحسبك ونحو:" كفى بالله" دون" ليس زيد بمنطلق" أو" ما زيد بقائم".

وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

ص: (الكناية).

(ش): تقدم أن مقاصد هذا العلم التشبيه والاستعارة والكناية وقد تقدم الأول والثانى وهذا القسم الثالث قال: (الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه) اعلم أن تحقيق معنى الكناية قدمناه فى أول هذا العلم بما يغنى عن إعادته، وحاصله أن الكناية لفظ استعمل فى لازم معناه مرادا باستعماله فيه إفادة ملزومه، وبذلك تعلم أن قول المصنف: الكناية لفظ أريد به لازم معناه، أى أريد إفادة لازم اللفظ، وقد تقدم الاعتراض عليه فى ذلك، وأن الكناية فى الغالب أريد بها إفادة ملزوم معناها لا لازمه، وقد يكون الأمر بالعكس، وقوله:" مع جواز إرادته معه" أى مع جواز أن يريد معناه مع إرادة اللازم، فإذا قلت:" زيد كثير الرماد" فالمراد كرمه، ولا يمنع مع ذلك أن تريد إفادة كثرة الرماد حقيقة؛ لتكون أردت بالإفادة اللازم والملزوم معا، وقد تقدم أنه

(1) من شروح التلخيص.

(2)

سورة الحديد: 29.

ص: 206

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يتخيل أن ذلك جمع بين حقيقة ومجاز ولا بين حقيقتين؛ لأن التعدد هنا ليس فى إرادة الاستعمال بل فى إرادة الإفادة، واللفظ لم يستعمل إلا فى موضوعه، وقد يستعمل اللفظ فى معنى ويقصد به إفادة، معان كثيرة قال:(فظهر أنها تخالف المجاز من جهة إرادة المعنى) أى من جهة جواز إرادة إفادة المعنى الذى هو موضوع اللفظ مع إرادة لازمه. قلت: هذا يقتضى أن الكناية أريد بها اللازم والملزوم معا، وهو مخالف لقوله قبيله:" إن الكناية أريد فيها اللازم مع جواز إرادة الموضوع"، وما ذكره فيما سبق هو الصواب، والذى ذكره هنا ليس بشئ، وسيأتى ما يوافقه فى آخر الباب، قال:

(بخلاف إرادة المجاز) فإن إرادته تنافى إرادة الحقيقة لأن المجاز ملزوم قرينة معاندة لإرادة الحقيقة وملزوم معاند الشئ معاند لذلك الشئ، كذا قال المصنف. قلت: لا يمتنع استعمال اللفظ فى حقيقته ومجازه. وإلى ذلك ذهب كثير منهم الشافعى، والقاضيان: أبو بكر وعبد الجبار، وأبو على الجبائى، والغزالى، وأبو الحسين، وسائر المعتزلة فمنهم من قال:" يصح مجازا" ومنهم من قال:" يصح حقيقة" وما ذكره من أن القرينة معاندة لإرادة الحقيقة إن أراد من إرادتها فقط فمسلم، ولا ينتج مقصوده، وإن أراد أن القرينة مانعة من أن تراد الحقيقة مطلقا، فممنوع بل القرينة تدل على إرادة المجاز ولا تمنع إرادة الحقيقة معه، وليس من شرط القرينة أن تكون ذكر وصف لا يصلح معه إرادة الحقيقة، فقد تكون قرينة حالية لإرادة المجاز لا لنفى الحقيقة. ثم إذا جوزنا الجمع بين

الحقيقة والمجاز فقلنا: إنه مجاز فلا بد له من قرينة تصرف إلى الجمع بينهما، وبذلك يتضح عدم المنافاة، ثم نقول: الكناية - أيضا - وإن كانت حقيقة - لا بد لها من قرينة تصرف إليها كما أن المجاز لا بد له من قرينة، فلم جعلت القرينة الصارفة إلى المجاز مانعة من إرادة الحقيقة، ولم تجعل القرينة الصارفة إلى الكناية مانعة من إرادة معنى الكلمة؟ ومما يدل على أن الكناية لا بد لها من قرينة كلام المصنف فى آخر هذا الفصل، يدل عليه أيضا قول الجرجانى فى دلائل الإعجاز:

" المكنى عنه لا يعلم من اللفظ بل من غيره ألا ترى أن كثير الرماد لم يعلم منه الكرم من اللفظ؛ بل لأنه كلام جاء عندهم فى المدح، ولا معنى للمدح بكثرة الرماد، وكذلك و" لا أبتاع إلا قريبة للأجل (1) " لا معنى كثير رماده فهذا الكلام صريح فى أن

(1) فى دلائل الإعجاز ص: 431: ولا أبتاع إلا قريبة الأجل وهو الصواب.

ص: 207

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصارف إلى الكناية القرينة، وكيف لا والكناية على خلاف الأصل؛ لأن الأصل فى الكلام أن يراد به ما استعمل فيه وكل خلاف الأصل محتاج إلى القرينة، وقال الزمخشرى فى قوله تعالى: وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ (1) فى سورة آل عمران وهو مجاز عن الاستهانة بهم، تقول:" فلان لا ينظر إلى فلان" تريد نفى الاعتداد به، فإن قلت: أى فرق بين استعماله فيمن يجوز عليه النظر وفيمن لا يجوز عليه؟ قلت: أصله فيمن يجوز عليه النظر الكناية، فإن من اعتد بإنسان أعاره نظره ثم كثر حتى صار عبارة عن الاعتداد، والإحسان وإن لم يكن ثم نظر، ثم جاء فيمن لا يجوز عليه النظر مجردا لمعنى الإحسان مجازا عما وقع كناية عنه فيمن يجوز عليه النظر انتهى. فجعله الزمخشرى فى حق من لا يجوز عليه النظر مجازا وفى غيره أصله كناية، ثم كثر فصار مجازا، فدل على أنه حيث تمكن الحقيقة تصح الكناية، والمجاز جميعا بحسب الإرادة، فإن أردت نفى النظر ليدل على نفى الاعتداد فكناية، وإن استعملته فى نفى الإحسان كان مجازا، وأشار الزمخشرى فى كلامه السابق إلى أن الكناية، والمجاز قد يجتمعان؛ لأنه جعله فى حق من يجوز عليه النظر أصله الكناية، ثم صار مجازا، واعلم أن هذا الكلام من الزمخشرى يوهم أن الكناية قد تكون مجازا، وقد صرح بذلك، قال فى قوله: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ (2) الكناية أن تذكر الشئ بغير لفظه الموضوع، والتعريض أن تذكر شيئا تدل به على شئ لم تذكره، وهذا مخالف لما يقتضيه كلام غيره، وقد يقال: إن الكناية قسمان تارة يراد بها المعنى الحقيقى ليدل بها على المعنى المجازى فيكون حقيقة، وتارة

يراد بها المعنى المجازى لدلالة المعنى الحقيقى الذى هو موضوع اللفظ عليه فيكون من أقسام المجاز، وقول من قال:" الكناية لا تنافى المجاز" يريد أنها قد تأتى كذلك لمجئ بعض أقسامها عليه فهى إما مجاز خاص، أو حقيقة خاصة، وتريد بقولنا:" خاص" أن الحقيقة والمجاز يراد بهما معناهما من حيث هما هما، والكناية يراد بها المعنى الحقيقى من حيث كونه دالا، والمعنى المجازى من حيث كونه مدلولا، ولعله المراد من إطلاق الفقهاء الكناية على المعنى المجازى، وسنتكلم عليه - إن شاء الله تعالى - ومما يشهد أن الكناية قد تكون نوعا من المجاز قول عبد اللطيف فى قوانين البلاغة:" وقيل: المجاز اسم جنس تحته أنواع: الاستعارة، والتمثيل،

(1) سورة آل عمران: 77.

(2)

سورة البقرة: 235.

ص: 208

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والكناية" وتقرير مذهب الشافعى رحمه الله فى هذه المسألة قررناه فى شرح مختصر ابن الحاجب، وكان المصنف مستغنيا عن التكلف لهذا الفرق بأن يفرق بأن المجاز مستعمل فى غير موضوعه، بخلاف الحقيقة فقد قررنا فيما سبق أن الكناية حقيقة خلافا للمصنف فى زعمه أنها خارجة عن الحقيقة والمجاز. قوله: (وفرق) إشارة إلى فرق بينهما ذكره السكاكى، وغيره، وهو أن مبنى الكناية على الانتقال من اللازم إلى الملزوم، ومبنى المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللازم. قال: وفيه نظر؛ لأن اللازم ما لم يكن ملزوما يمتنع أن ينتقل منه إلى الملزوم، لأن اللازم إذا لم يكن ملزوما لملزوم كان أعم منه ولا بد أن يكون أخص فى اللزوم الكلى، وإلا للزم وجود الملزوم من حيث هو ملزوم بدون اللازم، وإذا كان أعم منه فالأعم لا يستلزم الأخص، وإذا لم يستلزمه امتنع فهمه منه فيمتنع انتقال الذهن إليه. قال فى الإيضاح:" ولو قيل: اللزوم من الطرفين من خواص الكناية دون المجاز، أو شرط لها دونه اندفع هذا الاعتراض، لكن اتجه منع الاختصاص والاشتراط" (1) وأجاب الخطيبى بأن الأعم وإن لم يستلزم الأخص، لكن لا يمتنع انتقال الذهن إليه بقرينة. قلت:

لا شك أن المصنف يريد بقوله:" اللازم ما لم يكن ملزوما ما لم يكن لازما مساويا"، وحينئذ لا يتجه السؤال من أصله، لأنا نقول: إنما كلامنا فى اللازم والمساوى، وقد أوضحت هذا فيما سبق، ولا يلزم من كونه لازما مساويا أن يكون ملزوما؛ لأنا نريد باللازم فى هذا الباب ما كان معروضا لغيره، فقد ثبت أن الكناية ينتقل فيها من اللازم إلى الملزوم، والمجاز ينتقل فيه من الملزوم إلى اللازم، وقد قدمنا فى أول هذا العلم تفصيلا فى هذا الانتقال، أنه

يصح فى كل من الكناية والمجاز أن يقال: حصل الانتقال من اللازم إلى الملزوم وعكسه باعتبارين مختلفين. فليراجع ذلك منه، وحاصله أن المصنف والسكاكى لا خلاف بينهما إلا فى التسمية، فإنهما متفقان على أن ذهن السامع لقولنا:" كثير الرماد" ينتقل ذهنه من كثرة الرماد إلى الكرم، غير أن السكاكى يسمى كثرة الرماد لازما، وهو الحق؛ لأن اللازم إن كان مشاركا فهو الغرض القائم، والملزوم عكسه، ويكفى إطباق أهل العلم على قولهم:" لازم مساو"، ولا يقولون:" ملزوم الكناية" والمصنف لما تقرر عنده أن اللازم لا ينتقل الذهن فيه إلى الملزوم سماه ملزوما، وجعل الذهن ينتقل منه.

(1) الإيضاح بتحقيقى ص: 286.

ص: 209