المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خاتمة: فى السرقات الشعرية - عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح - جـ ٢

[السبكي، بهاء الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الفنّ الثانى علم البيان

- ‌التشبيه

- ‌أركان التشبيه

- ‌(الغرض من التشبيه)

- ‌وقد يعود إلى المشبّه به، وهو ضربان:

- ‌وهو باعتبار طرفيه:

- ‌وباعتبار وجهه:

- ‌وباعتبار الغرض:

- ‌خاتمة

- ‌الحقيقة والمجاز

- ‌الحقيقة:

- ‌والمجاز: مفرد، ومركّب:

- ‌المجاز والمرسل

- ‌الاستعارة

- ‌وباعتبار آخر ثلاثة أقسام:

- ‌المجاز المركّب

- ‌[فصل [إخماد التشبيه في النفس]

- ‌فصل [تعريف السكاكي للحقيقة اللغوية]

- ‌فصل [حسن كل من التحقيقية والتمثيل]

- ‌فصل [قد يطلق المجاز على كلمة تغيّر حكم إعرابها بحذف لفظ أو زيادة لفظ]

- ‌(الكناية)

- ‌وهى ثلاثة أقسام:

- ‌الأولى: المطلوب بها غير صفة ولا نسبة:

- ‌والثانية: المطلوب بها صفة:

- ‌الثالثة: المطلوب بها نسبة؛ كقولهم [من الكامل]:

- ‌فصل [المجاز والكناية افضل من الحقيقة والتصريح]

- ‌الفنّ الثالث علم البديع

- ‌وهى ضربان: معنوىّ، ولفظى:

- ‌المحسّنات المعنويّة

- ‌الطباق ضربان:

- ‌المقابلة

- ‌مراعاة النظير

- ‌الإرصاد

- ‌المشاكلة

- ‌المزاوجة

- ‌العكس

- ‌الرجوع

- ‌التورية

- ‌الاستخدام

- ‌اللف والنشر

- ‌الجمع

- ‌التفريق

- ‌التقسيم

- ‌الجمع مع التفريق

- ‌الجمع مع التقسيم

- ‌الجمع مع التفريق والتقسيم

- ‌التجريد

- ‌المبالغة

- ‌المذهب الكلامى

- ‌حسن التعليل

- ‌تأكيد المدح بما يشبه الذم

- ‌الإدماج

- ‌الهزل يراد به الجد

- ‌تجاهل العارف

- ‌القول بالموجب

- ‌الاطراد

- ‌المحسنات اللفظية

- ‌[الجناس]

- ‌رد العجز على الصدر

- ‌السجع

- ‌الموازنة

- ‌القلب

- ‌التشريع

- ‌لزوم ما لا يلزم

- ‌خاتمة: فى السّرقات الشّعريّة

- ‌الاقتباس

- ‌التضمين

- ‌العقد

- ‌الحلّ

- ‌التلميح

- ‌فصل [ما ينبغى للمتكلم المتأنق فيه]

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌خاتمة: فى السرقات الشعرية

‌خاتمة: فى السّرقات الشّعريّة

، وما يتّصل بها، وغير ذلك:

اتفاق القائلين إن كان فى الغرض على العموم - كالوصف بالشجاعة، والسخاء، ونحو ذلك - فلا يعدّ سرقة؛ لتقرّره فى العقول والعادات. وإن كان فى وجه الدّلالة؛ كالتشبيه، والمجاز، والكناية، وكذكر هيئات تدلّ على الصفة؛ لاختصاصها بمن هى له - كوصف الجواد بالتهلّل عند ورود العفاة، والبخيل بالعبوس مع سعة ذات اليد -:

فإن اشترك الناس فى معرفته لاستقراره فيهما (1)؛ كتشبيه الشجاع بالأسد، والجواد بالبحر، فهو كالأول؛ وإلّا جاز أن يدّعى فيه السبق والزيادة.

وهو (2) ضربان؛ خاصّىّ فى نفسه غريب، وعامى تصرّف فيه بما أخرجه من الابتذال إلى الغرابة؛ كما مر.

ــ

خاتمة فى السرقات الشعرية وما يتصل بها وغير ذلك

أما ما يتعلق بالسرقات الشعرية وأنواعها، فلا شك أن القائلين إذا اتفقا، فإما أن يكون اتفاقهما فيما يشترك الناس فيه، وهو المراد بقوله:" فى الغرض على العموم" كالوصف بالشجاعة والسخاء والبلادة والذكاء، فذلك لا يسمى سرقة. قوله:(فلا يعد) فيه نظر، لإدخال" الفاء" على" لا" يعد سرقة، وهو جواب شرط لا يدخل على مثله" الفاء". ثم يصير معناه اتفاق القائلين لا يعد سرقة، وهو فاسد، فإن الاتفاق لا يمكن أن يكون سرقة، بل السرقة أخذ أحدهما من الآخر (لتقرره) أى مثل ذلك (فى العقول والعادات) يشترك فيها الفصيح والأعجم (وإن كان) أى الاتفاق (فى وجه الدلالة) فذلك أقسام: منها التشبيه بما توجد الصفة فيه، على الوجه البليغ، على ما سبق فى البيان، ومنها ذكر هيئات تدل على الصفة، لاختصاصها بمن هى له، هذه عبارة المصنف، وصوابه العكس، وهو أن يقال: لاختصاص من هى له (كوصف الجواد بالتهلل عند ورود العفاة)

عليه (والبخيل بالعبوس، مع سعة ذات اليد، فإن اشترك الناس فى معرفته لاستقراره فيها) أى فى العقول (كتشبيه الشجاع بالأسد، والجواد بالبحر) والبليد بالحمار (فهو كالأول) وإن كان مما لا ينال إلا بفكر، ولا يصل إليه كل أحد، فهذا هو الذى يجوز أن يدعى فيه سبق المتقدم المتأخر، وزيادة المتأخر على المتقدم، وهو ضربان: أحدهما - ما كان خاصيا غريبا فى أصله - والثانى - عامى تصرف فيه بما أخرجه من الابتداء والظهور والسذاجة، إلى خلاف ذلك من الغرابة، كما مرت أمثلة القسمين فى التشبيه والاستعارة، إذا عرف ذلك.

(1) أى فى العقول والعادات، وقد تصحفت إلى (فيها).

(2)

يعنى النوع الذى لم يشترك الناس فى معرفته.

ص: 321

فالسرقة والأخذ نوعان: ظاهر، وغير ظاهر.

أما الظاهر: فهو أن يؤخذ المعنى كلّه، إمّا مع اللفظ كلّه، أو بعضه، أو وحده:

فإن أخذ اللفظ كلّه من غير تغيير لنظمه: فهو مذموم؛ لأنه سرقة محضة، ويسمى نسخا وانتحالا؛ كما حكى عن عبد الله بن الزبير أنه فعل ذلك بقول معن بن أوس (1) [من الطويل]:

إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته

على طرف الهجران إن كان يعقل

ويركب حدّ السّيف من أن تضيمه

إذا لم يكن عن شفرة السّيف مزحل

ــ

فالأخذ والسرقة نوعان: ظاهر، وغير ظاهر الأخذ الظاهر.

الأخذ الظاهر: أما الظاهر، فأن يؤخذ المعنى كله إما مع اللفظ كله أو بعضه، أو وحده. (فإن أخذ اللفظ كله من غير تغيير لنظمه، فهو مذموم، لأنه سرقة محضة، ويسمى نسخا وانتحالا) ومغالبة، كما حكى أن عبد الله بن الزبير دخل على معاوية، فأنشد قول أبى نواس:

إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته

على طرف الهجران إن كان يعقل (2)

ويركب حدّ السيف من أن تضيمه

إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل

فقال له معاوية: لقد شعرت بعدى، ولم يفارق عبد الله المجلس، حتى دخل معن ابن أوس، فأنشده كلمته التى أولها:

لعمرك ما أدرى وإنى لأوجل

على أينا تعدو المنية أول (3)

(1) حكى أن عبد الله بن الزبير دخل على معاوية فأنشده هذين البيتين، فقال له معاوية: لقد شعرت بعدى يا أبا بكر، ولم يفارق عبد الله

المجلس حتى دخل معن بن أوس المزنى، فأنشد قصيدته التى أولها:

لعمرك وما أدرى وإنى لأوجل على أينا تعدو المنية أول

حتى أتمها، وفيها هذان البيتان، فأقبل معاوية على ابن الزبير وقال: ألم تخبرنى أنهما لك فقال:

اللفظ له والمعنى لى، وبعد فهو أخى من الرضاعة، وأنا أحق بشعره.

(2)

البيتان من الطويل، وهما من إنشاد عبد الله بن الزبير وإنشاد ابن أوس فى شرح عقود الجمان (2/ 178)، والإشارة (ص 306).

(3)

البيت من الطويل، وهو لمعن بن أوس فى شرحه (ص 39)، وخزانة الأدب (8/ 244، 245، 289، 294)، وشرح التصريح (2/ 51)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى (ص 1126)، ولسان العرب (كبر)، (وجل)، والمقاصد النحوية (3/ 493)، وتاج العروس (وجل)، وشرح عقود الجمان (2/ 178) وفيه (لا) بدلا من (ما).

ص: 322

وفى معناه: أن يبدل بالكلمات كلّها أو بعضها ما يرادفها.

وإن كان مع تغيير لنظمه أو أخذ بعض اللفظ، سمّى: إغارة ومسخا.

فإن كان الثانى أبلغ؛ لاختصاصه بفضيلة: فممدوح؛ كقول بشّار [من البسيط]:

من راقب النّاس لم يظفر بحاجته

وفاز بالطّيّبات الفاتك اللهج

ــ

حتى أنشده ما أنشده عبد الله، فأقبل معاوية على عبد الله، وقال: ألم تخبرنى أنهما لك؟ فقال: المعنى لى واللفظ له، وبعد فهو أخى من الرضاعة وأنا أحق بشعره. قلت: والذى يتفق له ذلك إن ادعى أن هذا النظم له كان كاذبا، وإن لم يدع، فهذا ليس بسرقة بالكلية (وفى معناه) أى معنى ما أخذ اللفظ كله مع المعنى وكان مذموما (أن يبدل بالكلمات، أو بعضها ما يرادفها) لأن المترادفين كاللفظ الواحد، كقول امرئ القيس:

وقوفا بها صحبى علىّ مطيّهم

يقولون: لا تهلك أسى وتجمّل (1)

وقول طرفة:

وقوفا بها صحبى علىّ مطيّهم

يقولون: لا تهلك أسى وتجلّد (2)

قلت: وفى تسميته سرقة نظر، فإن الظاهر أن هذا من تطابق الخواطر والتوارد، إلا أن ابن السكيت عده فى السرقات. قوله:(وإن كان) أى ذلك الأخذ (مع تغيير لنظمه أو أخذ) المعنى مع (بعض اللفظ سمى) ذلك اللفظ (إغارة ومسخا)، ومنهم من جعل المسخ إعارة الصورة الحسنة قبيحة، والمشهور الأول وإذا قلنا به (ف) ذلك قسمان:

(إن كان الثانى) أى كلام السارق (أبلغ) من الأول، أى المسروق منه (لاختصاصه) أى اختصاص الثانى (بفضيلة) كالإيضاح، أو الاختصار، أو حسن السبك أو زيادة معنى، (ف) هو (ممدوح) أى مقبول (كقول بشار) أولا:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته

وفاز بالطيبات الفاتك اللهج (3)

(1) البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه (ص 111 / الكتب العلمية)، وشرح المعلقات السبع (ص 5)، وشرح المعلقات العشر (ص 58)، وبلا نسبة فى رصف المبانى (ص 268)، والطراز (3/ 191).

(2)

البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد فى معلقته، المعلقات السبع (ص 35)، والمعلقات العشر (ص 69)، والطراز (3/ 191).

(3)

البيت من البسيط، وهو لبشار بن برد فى الأغانى (3/ 196)، (19/ 278، 279، 280)، وشرح عقود الجمان (2/ 178)، والإشارات (ص 309).

ص: 323

وقول سلم [من مخلّع البسيط]:

من راقب النّاس مات غمّا

وفاز باللذة الجسور

وإن كان دونه: فمذموم، كقول أبى تمّام [من الكامل]:

هيهات لا يأتى الزّمان بمثله

إنّ الزّمان بمثله لبخيل

وقول أبى الطيب [من الكامل]:

أعدى الزّمان سخاؤه فسخا به

ولقد يكون به الزّمان بخيلا

ــ

(وقول سلم) ثانيا:

من راقب الناس مات غمّا

وفاز باللذّة الجسور (1)

فإن الثانى أجود سبكا، وأوجز (وإن كان) الثانى (دونه) أى دون الأول (فهو مذموم) مردود، كقول أبى تمام:

هيهات لا يأتى الزمان بمثله

إنّ الزّمان بمثله لبخيل (2)

وقول أبى الطيب بعده:

أعدى الزّمان سخاءه فسخا به

ولقد يكون به الزّمان بخيلا (3)

أى تعلم الزمان منه السخاء، فجاد بأن أخرجه من العدم إلى الوجود، ولولا سخاؤه الذى استفاد منه لبخل به الزمان على أهل الدنيا، واستبقاء لنفسه، فبيت أبى تمام أجود سبكا، لأن بيت أبى الطيب احتاج فيه إلى أن وضع" يكون" موضع" كان"، وأجيب بجواز أن يريد أن الزمان قد يكون بخيلا به، فلا يوافق على هلاكه، ورد عليه بأن الزمان بعد

أن سمح به لم يبق له فيه تصرف. وفيه نظر؛ لجواز أن يكون جاد بإبرازه

(1) البيت من مخلع البسيط، وهو لسلم الخاسر فى الأغانى (3/ 196)، (7/ 72)، (19/ 278، 279، 280)، وشرح عقود الجمان (2/ 178)، والإشارات (ص 309)

(2)

البيت من الكامل (وهو لأبى تمام فى شرح ديوانه (ص 363)، والإشارات (ص 309)، وشرح عقود الجمان (2/ 179)، وفيه (أن يأتى).

(3)

فى ديوانه 1/ 190 من قصيدة مطلعها:

فى الخد أن عزم الخليط رحيلا

مطر تزيد به الخدود محولا.

ص: 324

وإن كان مثله: فأبعد عن الذّم، والفضل للأوّل؛ كقول أبى تمام [من الكامل]:

لو حار مرتاد المنيّة لم يجد

إلّا الفراق على النّفوس دليلا

وقول أبى الطيب [من البسيط]:

لولا مفارقة الأحباب ما وجدت

لها المنايا إلى أرواحنا سبلا

ــ

ولم يسمح بعد ذلك بهلاكه. (وإن كان مثله) أى إن كان الثانى مثل الأول فى البلاغة والفضل (فأبعد من الذم) مما قبله، ولكن الفضل للسابق، كقول أبى تمام:

لو حار مرتاد المنيّة لم يجد

إلا الفراق على النفوس دليلا (1)

فإنه مثل قول أبى الطيب بعده:

لولا مفارقة الأحباب ما وجدت

لها المنايا إلى أرواحنا سبلا (2)

كذا قالوه، والذى يظهر أن بيت أبى الطيب أحسن، لأنه أصرح فى المراد. قال فى الإيضاح: ومن هذا الضرب ما هو قبيح جدا، وهو ما يدل على السرقة باتفاق الوزن والقافية، كقول أبى تمام:

مقيم الظن عندك والأمانى

وإن قلقت ركابى فى البلاد

ولا سافرت فى الآفاق إلّا

ومن جدواك راحلتى وزادى (3)

وقول أبى الطيب:

وإنى عنك بعد غد لغاد

وقلبى عن فنائك غير غاد

محبّك حيثما اتّجهت ركابى

وضيفك حيث كنت من البلاد (4)

(1) البيت من الكامل، وهو لأبى تمام بلفظه فى عقود الجمان (2/ 179)، وشرح ديوانه (ص 228)، ولكن فيه (لو جاء)، بدلا من (لو حار).

(2)

البيت من البسيط، وهو لأبى الطيب المتنبى فى شرح ديوانه (1/ 59)، وشرح عقود الجمان (2/ 179).

(3)

البيتان من الوافر، وهما لأبى تمام فى شرح ديوانه (ص 80)، بتقديم الثانى على الأول، وفيه (وما سافرت)، وشرح عقود الجمان (2/ 179)، والإشارات (ص 310).

(4)

البيتان من الوافر، وهما لأبى الطيب المتنبى فى شرح ديوانه (1/ 133)، وشرح عقود الجمان (2/ 179)، وفيه:(وقلبى فى فتائك)، والإشارات (ص 311).

ص: 325

وإن أخذ المعنى وحده سمى: إلماما وسلخا، وهو ثلاثة أقسام كذلك:

أولها: كقول أبى تمام [من الطويل]:

هو الصّنع إن يعجل فخير وإن يرث

فللرّيث فى بعض المواضع أنفع

وقول أبى الطيب [من الخفيف]:

ومن الخير بطء سيبك عنّى

أسرع السّحب فى المسير الجهام

وثانيها: كقول البحترى [من الكامل]:

وإذا تألّق فى النّدىّ كلامه ال

مصقول خلت لسانه من عضبه (1)

ــ

قوله: (وإن أخذ المعنى وحده) أى، ولم يؤخذ شئ من اللفظ (سمى إلماما وسلخا) من الإلمام، وهو اقتراف الصغائر أو مقاربة المعصية من غير وقوعها (وهو ثلاثة أقسام كذلك: أولها) أن يكون الثانى أبلغ بالفضل (كقول أبى تمام):

هو الصنع إن يعجل فخير وإن يرث

فللريث فى بعض المواضع أنفع (2)

فخير منه (قول أبى الطيب:

ومن الخير بطء سيبك عنى

أسرع السّحب فى المسير الجهام) (3)

فإنه اشتمل على زيادة التشبيه بالسحب، وأن السحب أسرعها جهام لا ماء فيه، (وثانيها) وهو ما كان الأول فيه أحسن (كقول البحترى:

وإذا تألق فى الندى كلامه الم

صقول خلت لسانه من عضبه) (4)

(1) العضب: السيف القاطع.

(2)

البيت من الطويل، وهو لأبى تمام فى عقود الجمان (2/ 179)، بلفظه ولكن فيه (تعجل)، و (ترث)، وهو فى شرح ديوانه (ص 181)، ولكن لفظه فيه:

هو الصنع إن يعجل فنفع وإن ترث

فللريث فى بعض المواطن أسرع

(3)

البيت من الخفيف، وهو لأبى الطيب المتنبى فى شرح ديوانه (1/ 210)، وشرح عقود الجمان (2/ 179).

(4)

البيت من الكامل، وهو للبحترى فى عقود الجمان (2/ 179).

ص: 326

وقول أبى الطيب [من البسيط]:

كأنّ ألسنهم فى النّطق قد جعلت

على رماحهم فى الطّعن خرصانا (1)

وثالثها: كقول الأعرابي [من الوافر]:

ولم يك أكثر الفتيان مالا

ولكن كان أرحبهم ذراعا

وقول أشجع [من المتقارب]:

وليس بأوسعهم فى الغنى

ولكن معروفه أوسع

وأما غير الظاهر: فمنه أن يتشابه المعنيان؛

ــ

فإنه خير من قول أبى الطيب:

كأنّ ألسنهم فى النّطق قد جعلت

على رماحهم فى الطّعن خرصانا (2)

فإن أبا الطيب فاته ما أفاده البحترى بقوله:" تألق" وقوله:" المصقول" من الترشيح (وثالثها) وهو ما كان الثانى فيه مثل الأول (كقول الأعرابى:

ولم يك أكثر الفتيان مالا

ولكن كان أرحبهم ذراعا) (3)

فإنه مثل (قول أشجع:

وليس بأوسعهم فى الغنى

ولكن معروفه أوسع) (4)

كذا قال المصنف، وقد يقال: الأول أحسن لسلامته من حذف المفضل عليه، والاستعارة للأرحب فيه، هذه أنواع الأخذ الظاهر.

الأخذ غير الظاهر: ص: (وأما غير الظاهر إلخ).

(ش): الأخذ غير الظاهر أنواع (فمنه أن يتشابه المعنيان) أى المعنى الأول، والمعنى الثانى (كقول جرير:

(1) جمع خرص بالضم والكسر، وهو السنان.

(2)

البيت من البسيط، وهو لأبى الطيب المتنبى فى شرح ديوانه (1/ 228)، وشرح عقود الجمان (2/ 179).

(3)

البيت من الوافر، وهو لأبى زياد الأعرابى فى شرح عقود الجمان (2/ 179)، الإشارات (ص 312) وصدره فيها:

وما إن كان أكثرهم سواما.

(4)

البيت من المتقارب، وهو لأشجع بن عمرو السلمى فى الأغانى (18/ 233)، وشرح عقود الجمان (2/ 179)، والإشارات (ص 312).

ص: 327

كقول جرير [من الوافر]:

فلا يمنعك من أرب لحاهم

سواء ذو العمامة والخمار

وقول أبى الطيب [من الوافر]:

ومن فى كفّه منهم قناة

كمن فى كفّه منهم خضاب (1)

ومنه: النقل؛ وهو: أن ينقل المعنى إلى معنى آخر؛ كقول البحترى [من الكامل]

سلبوا وأشرقت الدّماء عليهم

محمرّة فكأنّهم لم يسلبوا

وقول أبى الطيب [من الكامل]:

يبس النّجيع عليه وهو مجرّد

من غمده فكأنّما هو مغمد

ــ

فلا يمنعك من أرب لحاهم

سواء ذو العمامة والخمار (2)

وقول أبى الطيب:

ومن فى كفّه منهم قناة

كمن فى كفّه منهم خضاب) (3)

فكل من البيتين يدل على عدم المبالاة بالرجال، إلا أنهما مختلفان، لأن الأول دل على مساواة النساء للرجال، والثانى دل على تشبيه الرجال بالنساء، فهو معنى غير الأول والأول أبلغ منه، لما تقدم من أن التشابه وهو التساوى أبلغ من التشبيه، الذى هو إلحاق الناقص بالزائد. (ومنه أن ينقل المعنى إلى محل آخر) كقول البحترى:

سلبوا وأشرقت الدماء عليهم

محمرة فكأنهم لم يسلبوا (4)

وقول أبى الطيب:

يبس النجيع عليه وهو مجرد

من غمده فكأنما هو مغمد (5)

(1) القناة: الرمح.

(2)

البيت من الوافر، وهو لجرير فى شرح ديوان جرير (ص 147)، ومطلعه" ولا تمنعك"، وشرح عقود الجمان (2/ 180).

(3)

البيت من الوافر، وهو لأبى الطيب المتنبى فى شرح ديوانه (2/ 137)، وشرح عقود الجمان (2/ 180).

(4)

انظر عقود الجمان (ص 2/ 180)، وهو للبحترى والتنبيهات، والإشارات 2/ 313.

(5)

الإشارات والتنبيهات/ 313، والبيت لأبى الطيب المتنبى، وشرح عقود الجمان (ص 2/ 180)، وبلفظ" ليس" بدلا من" يبس".

ص: 328

ومنه: أن يكون الثانى أشمل؛ كقول جرير [من الوافر]:

إذا غضبت عليك بنو تميم

وجدت النّاس كلّهم غضابا

وقول أبى نواس [من السريع]:

وليس على الله بمستنكر

أن يجمع العالم فى واحد

ومنه: القلب؛ وهو أن يكون معنى الثانى نقيض معنى الأوّل؛ كقول أبى الشّيص [من الكامل]:

أجد الملامة فى هواك لذيذة

حبّا لذكرك فليلمنى اللّوّم

ــ

فإنه أخذ معنى بيت البحترى ونقله إلى السيف (ومنه) أى من غير الظاهر (أن يكون معنى الثانى أشمل) من الأول (كقول جرير:

إذا غضبت عليك بنو تميم

وجدت النّاس كلّهم غضابا (1)

وقول أبى نواس:

وليس على الله بمستنكر

أن يجمع العالم فى واحد) (2)

فالثانى أشمل، لأن الأول دل على الاختصاص بحالة الغضب كذا قيل، وفيه نظر لأنهم إذا كانوا هم جميع الناس فى حال الغضب، كانوا جميع الناس فى كل حال.

وقيل: لأن الأول خاص ببنى تميم، والثانى شامل لهم ولغيرهم، وهو فاسد، لأن المراد بالواحد فى الثانى واحد معين خاص، والأحسن أن يقال: الثانى شامل، لأن العالم أشمل من الناس، لأنه كل موجود حادث، والذى يظهر أن يقال: الثانى أبلغ، باعتبار أنه صريح فى أن الناس كلهم ذلك الواحد، بخلاف الأول، فإنه لا يلزم من غضب الناس كلهم لغضب بنى تميم، أن يكونوا هم جميع الناس؛ لجواز أن يريد أن الناس تبع لهم، يغضبون لغضبهم، لكن التعبير عن هذا بأنه أشمل فيه تعسف.

ومنه - أيضا - القلب، هو أن يكون المعنى الثانى نقيض المعنى الأول، لقلب المعنى إلى نقيضه، فهو مأخوذ من

نقيضه، كقول أبى الشيص:

أجد الملامة فى هواك لذيذة

حبا لذكرك فليلمنى اللّوّم (3)

(1) البيت من الوافر انظر ديوانه ص 62، والإشارات والتنبيهات ص 313، وشرح عقود الجمان (ص 2/ 180).

(2)

البيت من المديد لأبى الشيص، انظر الإشارات والتنبيهات/ 314، وشرح عقود الجمان (2/ 180).

(3)

البيت من الكامل لأبى الشيص انظر شرح عقود الجمان (ص 2/ 180)، والإشارات والتنبيهات/ 314.

ص: 329

وقول أبى الطيب [من الكامل]:

أأحبّه وأحبّ فيه ملامة

إنّ الملامة فيه من أعدائه

ومنه: أن يؤخذ بعض المعنى، ويضاف إليه ما يحسّنه؛ كقول الأفوه [من الرمل]:

وترى الطّير على آثارنا

رأى عين ثقة أن ستمار

وقول أبى تمام [من الطويل]:

وقد ظلّلت عقبان أعلامه ضحى

بعقبان طير فى الدّماء نواهل

أقامت مع الرّايات حتّى كأنّها

من الجيش إلّا أنّها لم تقاتل

ــ

وقول أبى الطيب:

أأحبّه وأحبّ فيه ملامة

إنّ الملامة فيه من أعدائه (1)

فبيت المتنبى وأبى الشيص متناقضان، لأن أبا الشيص صرح بحب الملامة، والمتنبى نفى حبها بهمزة الإنكار بقوله:" أأحبه وأحب فيه ملامة" وقد يقال: المنكر بهمزة الإنكار ما وليها، والذى وليها حبه وهو غير منكر، وجوابه أن المعنى: أأجمع بين الأمرين مثل: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ (2) أو يقال: التقدير:" وأنا أحب" ويكون جملة حالية، وإنما قدرنا" أنا" لأن المضارع المثبت لا يقع حالا بالواو.

(ومنه أن يؤخذ بعض المعنى السابق، ويضاف إليه (ما) يحسنه، كقول الأفوه:

وترى الطّير على آثارنا

رأى عين ثقة أن ستمار (3)

وقول أبى تمام (4):

وقد ظلّلت عقبان أعلامه ضحى

بعقبان طير فى الدماء نواهل

أقامت مع الرّايات حتّى كأنّها

من الجيش إلا أنّها لم تقاتل

(1) البيت من الكامل لأبى الطيب، الإشارات ص 314، وشرح عقود الجمان (ص 2/ 180).

(2)

سورة البقرة: 44.

(3)

البيت من الكامل للأفوه انظر الإشارات والتنبيهات ص 314، وشرح عقود الجمان (2/ 180).

(4)

البيت من الطويل لأبى تمام ص 233، والإشارات والتنبيهات ص 314، وشرح عقود الجمان (2/ 180).

ص: 330

فإنّ أبا تمّام لم يلمّ بشئ من معنى قول الأفوه: رأى عين خ خ، وقوله: ثقة أن ستمار خ خ، ولكن زاد عليه بقوله: إلا أنها لم تقاتل خ خ، وبقوله: فى الدماء نواهل خ خ، وبإقامتها مع الرايات حتى كأنها من الجيش، وبها يتمّ حسن الأول.

وأكثر هذه الأنواع ونحوها مقبولة، بل منها ما يخرجه حسن التصرّف من قبيل الاتّباع إلى حيّز الابتداع، وكلّما كان أشدّ خفاء كان أقرب إلى القبول.

هذا كلّه إذا علم أن الثانى أخذ من الأوّل؛ لجواز أن يكون الاتفاق من قبيل توارد الخواطر، أى: مجيئه على سبيل الاتفاق من غير قصد للأخذ.

فإذا لم يعلم، قيل: قال فلان كذا، وسبقه إليه فلان، فقال كذا.

وما يتصل بهذا: القول فى الاقتباس، والتضمين، والعقد، والحلّ، والتلميح:

ــ

فإن أبا تمام) أسقط بعض معنى بيت الأفوه ف (لم يلم بشئ من معنى قوله: رأى عين) الدال على قربها (ولا من) معنى (قوله: ثقة أن ستمار) الدال على التأكيد (لكن زاد عليه بقوله: إلا أنها لم تقاتل) الدال على أن لها قدرة على القتال (وبقوله: فى الدماء نواهل وبإقامتها مع الرايات حتى كأنها من الجيش وبها) أى بهذه الزيادات (يتم حسن) المعنى (الأول) المأخوذ أو بها يتم حسن قوله: إلا أنها لم تقاتل، ثم قال المصنف:

(وأكثر هذه الأنواع) وهى خمسة (ونحوها) مما فيه نكتة غير ما ذكره (مقبولة) أنثه باعتبار المعنى، أو بإضافة الأكثر للجمع، ومن نحوها الاحتذاء، وهو أن يبتدئ المتكلم أسلوبا، فيعمد غيره إلى ذلك الأسلوب، من غير أن يأخذ لفظا ولا معنى، كمن يقطع من الأديم نعلا على قياس نعل صاحبه. (بل منها ما يخرجه حسن التصرف من قبيل الاتباع) أى الأخذ (إلى حيز الابتداع) أى الاختراع (وكل ما كان أشد خفاء) من واحد من هذه الأنواع، ونحوها، (كان أقرب إلى القبول هذا كله) من أقسام الأخذ والسرقة بجميع أنواعها، إنما هو (إذا علم أن الثانى أخذ من الأول)،

ولا يعلم ذلك إلا بإقراره. وقوله: (لجواز) يتعلق بمحذوف، أى ولا يجوز الحكم بذلك ابتداء لجواز، (أن يكون الاتفاق) أى اتفاق القائلين فى اللفظ أو فى المعنى (من) قبيل (توارد الخواطر) أى مجيئه على سبيل الاتفاق من غير قصد إلى الأخذ، فإذا لم يعلم الأخذ قيل: قال فلان: كذا، وقد سبقه إليه فلان، فقال كذا.

ما يتصل بالسرقات: ص: (ومما يتصل بهذا إلخ).

(ش): أى مما يتصل بالكلام فى السرقات بمناسبة له (الاقتباس، والتضمين، والعقد، والحل، والتلميح.

ص: 331