الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهى ثلاثة أقسام:
الأولى: المطلوب بها غير صفة ولا نسبة:
فمنها: ما هى معنى واحد؛ كقوله [من الكامل]:
والطّاعنين مجامع الأضغان
ــ
(تنبيه): قيل فى الفرق بين المجاز والكناية: إن المجاز لا بد له من تناسب بين المحلين، وفى الكناية لا حاجة لذلك فإن العرب تكنى عن الحبس بأبى البيضاء، وعن الضرب بأبى العيناء، ولا اتصال بينهما، بل تضاد، وفيه نظر، فإن التناسب قد يكون بالتضاد كما تقدم أن التضاد علاقة معتبرة.
الكناية ثلاثة أقسام: ص: (وهى ثلاثة أقسام إلخ).
(ش): الكناية إما أن يكون المقصود بها أى المكنى عنه" صفة" أو" نسبة" أو غيرهما، وقد يقال:" إما أن يكون المكنى عنه الصفة أو الموصوف أو اختصاص الصفة بالموصوف الأول المطلوب بها أمر غير صفة" وليس المراد النعت بل الوصف المعنوى. قال الشيرازى:" والمراد بالوصف هنا ما هو أعم من الوصف النحوى كالجود والكرم" وفيه نظر، فإن المراد بالوصف هنا المعنى، والمراد بالوصف النحوى اللفظ التابع بشروط، فليس بينهما عموم وخصوص، وذلك نوعان: الأول أن يكون معنى واحدا، كقولك:
" المضياف"، كناية عن زيد كذا أطلقه المصنف، والصواب تقييده كما فعل فى المفتاح بأن يكون ذلك لعارض اقتضى الاختصاص به، ثم عبارة المفتاح لعارض اقتضى اختصاص" المضياف" بزيد أى لشهرته بذلك حتى
صار كاللازم وهو مقلوب، والصواب أن يقال:
لعارض اختصاص زيد" بالمضياف" فإن المراد اختصاص زيد بالمضياف ليفهم زيد من لفظ" المضياف" لا اختصاص" المضياف" بزيد وإلا لكانت الكناية ذكر الملزوم، والفرض أنها عنده ذكر اللازم والملزوم يختص باللازم، ولا يقال: يختص اللازم بالملزوم سواء أكان مساويا أم لا، وكذلك قوله كناية عن القلب:
الضّاربين بكلّ أبيض مخذم
…
والطّاعنين مجامع الأضغان (1)
(1) البيت فى معاهد التنصيص (260 بولاق)، الموازنة ص 279، وفيها ينسب لعمرو بن معد يكرب الزبيدى، وروى:
الضاربين بكل أبيض مرهف
…
والطاعنين مجامع الأضغان
ومنها: ما هو مجموع معان؛ كقولنا - كناية عن الإنسان -: حى مستوى القامة، عريض الأظفار خ خ.
وشرطهما الاختصاص بالمكنىّ عنه.
ــ
كنى بمجامع الأضغان عن القلوب، والأضغان جمع ضغن وهو الحقد، ونحوه قوله يذكر قتله للذئب:
فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها
…
بحيث يكون اللّبّ والرّعب والحقد (1)
فهذه ثلاث كنايات كل منها مستقل، والنوع الثانى أشار إليه بقوله:(ومنها ما هو) أى من الكناية ما فيه (مجموع معان) مطلوب بها غير صفة ولا نسبة (كقولنا فى الكناية عن الإنسان:" حى مستوى القامة عريض الأظفار") فإن كل واحد من هذه الأوصاف الثلاثة ليس كناية عن الإنسان، ومجموعها كناية عنه؛ لأنه لا يوجد فى غيره، فهى خاصة مركبة كقولنا فى رسم الخفاش:" طائر مركب" وبه يعلم أن قوله:" عدة معان" لا يريد أن تكون ثلاثة بل أكثر من واحد. قال الخطيبى:" ويظهر من هذا أن الرسوم إذا ذكرت مجردة عن الرسومات كانت كناية". وقال الخطيبى - أيضا - فى شرح المفتاح:" إن الحدود والرسوم كناية" قال:" وقد بينا أن دلالة المعرفات كلها على المعرفات دلالة التزام لا غير" وفيما قاله نظر لا نطيل بذكره، ثم قال:(وشرطها) أى شرط الكناية سواء أكانت معنى واحدا أم أكثر (الاختصاص بالمكنى عنه) أى لا يكون موجودا لغير المكنى عنه، وإلا لما انتقل الذهن فى الكناية إلى المكنى عنه لأن الأعم لا يشعر بالأخص، ولك أن تقول: كل كناية لا بد فيها من هذا الاختصاص، فكيف يشترطون ذلك فى هذا النوع فقط؟ وحينئذ فهذه العبارة مقلوبة، والصواب أن يقال:" شرطها اختصاص المكنى عنه بالمعنى أو بالمعانى".
قال المصنف: وجعل السكاكى الأولى قريبة، والثانية بعيدة، وفيه نظر، كأنه يريد أن دلالة الوصف الواحد على
الشئ ليست أبعد من دلالة الأوصاف بل ربما كان الحال بالعكس؛ فإن الرسم التام يفصح عن الحقيقة بما لا يفصح به الرسم الناقص، والتفصيل أوضح من الإجمال، وقد يجاب بأن مراد السكاكى أن الأولى قريبة من حيث التناول والاستعمال؛ لأن الأعم لا يشعر بالأخص. قلت: هذا القسم بجملته فى عدّه من الكناية نظر؛ لأن
(1) البيت للبحترى فى ديوانه (1/ 186)، الموازنة ص 279.