الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذهب الكلامى
ومنه: المذهب الكلامى؛ وهو إيراد حجة للمطلوب على طريق أهل الكلام؛ نحو: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (1)،
ــ
فيها؛ لأن المبالغة أن يثبت للشئ أكثر مما له، وصفات الله - تعالى - متناهية فى الكمال لا تمكن المبالغة فيها، والمبالغة - أيضا - تكون فى صفات تقبل الزيادة والنقص، وصفات الله - تعالى - منزهة عن ذلك، وعرضب (2) هذا الكلام على الوالد فاستحسنه، ولا شك أن هذا إنما يأتى تفريعا على أن هذه الأسماء صفات، فإن قلنا: علام؟ فلا يراد السؤال لأن العلم لا يقصد مدلوله الأصلى من مبالغة ولا غيرها، وسمعت بعض أهل العلم يقول: إنما لم يوجد لكثير من الشعراء المسلمين كثير من الشعر يمدحون به رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الشعر إنما يحسن بالمبالغة، وهى متعذرة فى حقه صلى الله عليه وسلم لأن المادحين - وإن بذلوا جهدهم - لا يصلون إلى قطرة من بحره، عليه أفضل الصلاة والسّلام.
المذهب الكلامى: ص: (ومنه المذهب الكلامى إلخ).
(ش): من البديع ما يسمى المذهب الكلامى، والجاحظ أول من ذكره، وأنكر وجوده فى القرآن (وهو أن يورد المتكلم حجة للمطلوب لما يدعيه على طريقة أهل الكلام) وينقسم إلى: قياس اقترانى، واستثنائى، واستقراء، وتمثيل وهو القياس المذكور فى الأصول وإنما لم يسموه المنطقى؛ لأن هذا المذهب أصله، كما ذكره ابن مالك عبارة عن نصب حجة صحيحة ما قطعية الاستلزام، فهو منطقى. أو ظنية فهى جدلية، غير أنه قد يقال - أيضا - أهل الكلام مطالبهم قطعية فكيف تسمى الحجة الظنية كلامية؟
وجوابه أنهم ربما يذكرون الحجة الظنية ليحصل من مجموعها القطع كقوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ
لَفَسَدَتا
فإن هذه مقدمة استثنائية ذكر فيها المقدمة الشرطية، وتقديره: لكنهما لم يفسدا، فلم يكن فيهما آلهة فالمقدمة الثانية استثناء نقيض التالى، فلازمه نقيض المقدم، (ومنه قوله) أى قول النابغة يعتذر إلى النعمان:
(1) سورة الأنبياء: 22.
(2)
هكذا فى الأصل. ولعلها وعرّض بهذا.
وقوله [من الطويل]:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
…
وليس وراء الله للمرء مطلب
لئن كنت قد بلّغت عنّى جناية
…
لمبلغك الواشى أغشّ وأكذب
ولكنّنى كنت امرأ لى جانب
…
من الأرض فيه مستراد ومذهب
ملوك وإخوان إذا ما مدحتهم
…
أحكّم فى أموالهم وأقرّب
كفعلك فى قوم أراك اصطفيتهم
…
فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا
ــ
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
…
وليس وراء الله للمرء مطلب
لئن كنت قد بلّغت عنّى خيانة
…
لمبلغك الواشى أغشّ وأكذب
ولكننى كنت امرأ لى جانب
…
من الأرض فيه مستراد ومذهب
ملوك وإخوان إذا ما مدحتهم
…
أحكّم فى أموالهم وأقرّب
كفعلك فى قوم أراك اصطنعتهم
…
فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا (1)
يقول: أنت أحسنت لقوم فمدحوك، وأنا أحسن إلى قوم فمدحتهم، فقوله: كفعلك، هو الإلزام وهذه الحجة تسمى تمثيلا، وهو القياس المذكور فى الأصول، وهو غاية إلزام فى القياس بوصف جامع وهو ظنى، وهو يرجع إلى الاقترانى، أو الاستثنائى إلا أن بعض مقدماته ظنية، وإن كان الاستلزام قطعيا، وفى هذه الأبيات إشكال على النابغة الناظم من وجهين: الأول، أنه ادعى أنه مدح أقواما فأحسنوا إليه، كما أن أقواما أحسن إليهم فمدحوه، وهذا عكس ما فعله هو وإنما يحصل الإلزام أن لو قال: ملوك حكمونى فى أموالهم فمدحتهم، وإلا فهو قد جعل مدحه لهؤلاء الملوك سابقا على إحسانهم، فلا يحصل الإلزام إذ لم يكن له داع إلى الابتداء بمدحهم. الثانى، فى قوله:
(1) الأبيات من الطويل، وهى للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص 72 - 73، والمصباح ص 207، والبيت الأول فى تهذيب اللغة 15/ 304، ورواية عجزه:" للمرء مذهب"، والبيت الثالث فى أساس البلاغة ص 184 (رويد).
ملوك: يقصد بهم غساسنة الشام. يشير به إلى حسن معاملتهم له، وعدم ترفعهم عليه، ويرد شطر البيت الأخير:"
…
أراك اصطفيتهم.".