الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثانى: كقوله [من البسيط]:
قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم
…
أو حاولوا النّفع فى أشياعهم نفعوا
سجيّة تلك منهم غير محدثة
…
إنّ الخلائق - فاعلم - شرّها البدع
الجمع مع التفريق والتقسيم
ومنه: الجمع مع التفريق والتقسيم؛ كقوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (1)،
ــ
فأتى بالجمع فى الأول فى قوله: تشقى به الروم، ثم قسم ذلك بالبيت الثانى، والثانى كقوله، أى حسان:
قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم
…
أو حاولوا النّفع فى أشياعهم نفعوا (2)
سجيّة تلك منهم غير محدثة
…
إنّ الخلائق فاعلم شرّها البدع
قسم أولا صفة الممدوحين، ثم جمعها فى الثانى، وقد يقال - أيضا -: ليس هذا نوعا زائدا، بل نوعان مجتمعان، لا يقال: هلا جعل هذا النوع من اللف والنشر؟ بأن يبدأ بالنشر، ثم يأتى باللف كما بدأ بالتقسيم، ثم أتى بالجمع، إذ لا مانع أن تقول: اسكنوا وابتغوا من فضل الله بالليل والنهار، لأنا نقول: لم يتقدم هنا أيضا إلا اللف نعم يمكن أن يقال: هلا جعل القسم الثانى من اللف كذلك؟ كقولنا: دخول اليهود الجنة، ودخول النصارى الجنة قاله الكفار، وقد يقال هذا.
(ومنه الجمع مع التقسيم والتفريق كقوله تعالى: لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) فالجمع فى قوله تعالى: لا تكلم نفس، لأن النفس عامة، لأنها نكرة فى سياق النفى
(1) سورة هود: 105 - 108.
(2)
البيتان لحسان بن ثابت فى ديوانه ص 112 - 113، والطراز 3/ 144، والمصباح 249، ودلائل الإعجاز ص 94، ومعاهد التنصيص 1/ 250، ونهاية الإيجاز ص 296، ويروى:" تلك فيهم
…
".
وقد يطلق التقسيم على أمرين آخرين:
أحدهما: أن تذكر أحوال الشئ مضافا إلى كلّ ما يليق به؛ كقوله [من الطويل]:
سأطلب حقّى بالقنا ومشايخ
…
كأنّهم من طول ما التثموا مرد
ثقال إذا لاقوا خفاف إذا دعوا
…
كثير إذا شدّوا قليل إذا عدّوا
والثانى: استيفاء أقسام الشئ؛ كقوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً (1).
ــ
والتفريق فى قوله تعالى: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ والتقسيم فى قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا الآية ثم قال المصنف: (وقد يطلق التقسيم على أمرين آخرين أن تذكر أحوال الشئ مضافا إلى كل ما يليق به، كقوله) أى أبى الطيب:
سأطلب حقّى بالقنا ومشايخ
…
كأنّهم من طول ما التثموا مرد
ثقال إذا لاقوا خفاف إذا دعوا
…
كثير إذا شدّوا قليل إذا عدّوا (2)
والثانى استيفاء أقسام الشئ كقوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً وقد احتج بهذه الآية على انتفاء الخنثى المشكل، والحق وجوده، وقد اختلف فيه أصحابنا أهو قسم ثالث غير الذكر، والأنثى أو لا؟ والصحيح أنه لا يخرج عنهما، وهذه الآية لا تدل عليه، إذا كان المراد استيعاب الأقسام، إلا أن يقال: ترك الخنثى، لأنه نادر، والآية سيقت فى معرض الامتنان، فاقتصر فيها على الغالب، وقد جعل الطيبى من التقسيم الحاصر قوله تعالى: هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ (3) وأنكره شارح البزدوى نظرا إلى أنه ليس معه حصر، وادعى الطيبى التقسيم الحاصر فى: فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ (4) الآية وفيه نظر، لما سبق بخلاف: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (5) الآية فإنها اقتضت وقوع أحد هذه الأمور، فلو كان (6)، ثم قسم آخر لوقع فثبت الحصر، وأنشد البغدادى للتقسيم الحاصر قول الثقفى:
(1) سورة الشورى: 49 - 50.
(2)
البيتان لأبى الطيب المتنبى فى التبيان 1/ 257، والإيضاح بتحقيقى 317، وعقود الجمان 2/ 96.
(3)
سورة آل عمران: 7.
(4)
سورة فاطر: 32.
(5)
سورة الشورى: 49.
(6)
أى لوقوع أحد هذه الأمور.