الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وباعتبار وجهه:
إمّا تمثيل (1)، وهو ما وجهه منتزع من متعدّد؛ كما مر (2)، وقيده السكاكى بكونه غير حقيقى؛ كما فى تشبيه مثل اليهود بمثل الحمار
…
ــ
يعلّ به برد أنيابها
…
إذا طرب الطّائر المستحر (3)
وفيه نظر؛ لأن المدام وما عطف عليه مشبه به فى المعنى، لا فى اللفظ، وهو إنما يتكلم فى التشبيه اللفظى، وإنما قلنا: ليس مشبها به لفظا؛ لأن المدام وما عطف عليه هو اسم كأن، وهو المشبه لا المشبه به، والمعنى المدام، وما عطف عليه يشبه حال ما يعل به برد أنيابها، فهو كقولك: كأن زيدا يقوم فى أن حال زيد يشبه حال من يقوم، وإن كانت كأن هنا للشك، فليس من التشبيه اللفظى فى شئ.
ص: (وباعتبار وجهه إلى آخره).
(ش): شرع فى تقسيمات التشبيه باعتبار وجهه، فذكر ثلاث تقسيمات:
الأول: أنه ينقسم إلى تمثيل وغيره، فالتمثيل ما كان وجه الشبه فيه وصفا منتزعا من متعدد أمرين، أو أمور، وقيده السكاكى بكونه غير حقيقى، وكأن المصنف لا يرى هذا القيد، بل يكون تمثيلا، سواء أكان حقيقيا، أم لا. قال: كما فى تشبيه مثل اليهود بمثل الحمار، يشير إلى قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً (4) كما تقدم فى الوجه المركب العقلى أن وجه الشبه حرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع التعب فى استصحابه، وهو أمر غير حقيقى؛ لأنه ليس له تقرر فى ذات الموصوف، لأنه ليس فيه بالحقيقة إلا عدم العمل، بل هو أمر تصورى منتزع من أمور متعددة.
(1) السيد يعتبر التركيب فى طرفيه أيضا، والسعد لا يعتبر ذلك، والزمخشرىّ يجعل التمثيل مرادفا للتشبيه، وعبد القاهر يقيد التشبيه بالعقلى.
(2)
من تشبيه الثريا، وتشبيه مثار النقع مع الأسياف، وتشبيه الشمس بالمرآة فى كف الأشل.
(3)
البيت الأول لامرئ القيس فى ديوانه 157، ولسان العرب 4/ 351، (سحرا) 5/ 107 (قطر)، 206 (نشر)، 12/ 176 (خزم)، والتنبيه والإيضاح 2/ 191، 2/ 213، وجمهرة اللغة 511، 758، وتاج العروس 11/ 519 (سحر)، 13/ 445 (قطر)، 14/ 215 (نشر)، وللأعشى فى تاج العروس (خزم)، وليس فى ديوانه، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة 11/ 339، 16/ 215.
(4)
سورة الجمعة: 5.
وإمّا غير تمثيل، وهو بخلافه.
وأيضا: إمّا مجمل، وهو ما لم يذكر وجهه: فمنه: ما هو ظاهر يفهمه كلّ أحد؛ نحو: زيد كالأسد خ خ، ومنه: خفى لا يدركه إلا الخاصّة؛ كقول بعضهم: هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها؟! أى: هم متناسبون فى الشرف كما أنها متناسبة الأجزاء فى الصورة.
ــ
(قوله: وإما غير تمثيل، وهو ما لم يكن كذلك) وهو ما لم يكن وجهه منتزعا من متعدد على رأى المصنف، وعلى رأى السكاكى، ما لم يكن منتزعا أو كان وصفا حقيقيا.
التقسيم الثانى: باعتبار وجهه إلى: تشبيه مجمل، وتشبيه مفصل، فالمجمل ما لم يذكر وجهه بشئ، ويسمى مجملا لإجمال وجهه؛ وفيه نظر؛ لأن التشبيه حينئذ ليس مجملا، إنما المجمل وجهه؛ لكنه لا مانع من تسمية التشبيه أيضا مجملا؛ لأنه لخفاء وجهه، لا تتضح دلالته على المقصود منه، وهو إما أن يكون وجها ظاهرا يفهمه كل أحد، كقولك: زيد أسد - أى كالأسد؛ لأن كل أحد يعلم أن المراد فى الشجاعة، لكونه أشهر أوصاف الأسد، أو يكون خفيا لا يدركه إلا الخاصة، أى الذين لهم أذهان صحيحة، يرتفعون بها عن درجة العوام (كقول بعضهم: هم كالحلقة المفرغة، لا يدرى أين طرفاها) أى لتناسب أصولهم وفروعهم فى الشرف الذى يمتنع معه معرفة الطرف والوسط، كما أن الحلقة متناسبة الأجزاء فى الصورة، فوجه الشبه التناسب الذى يمتنع معه التفاوت؛ لكنه فى المشبه فى المعنى، وفى المشبه به فى الصورة، وإنما قيد الحلقة بالمفرغة؛ لأن المضروبة يعلم طرفاها بالابتداء والانتهاء، فكان ذكر الوصف حيث كان وجه الشبه مذكورا، وهو قوله: لا يدرى طرفاها، لأن وجه الشبه هو تناسب الأجزاء، وعدم دراية الطرفين لزم عن التناسب، ولأن عدم دراية طرفى الحلقة، ليس وجها؛ لأن الوجه أمر صادق على الطرفين، وطرفا الحلقة أمر لا يصدق على المشبه إذ لا يصدق على المشبه أن يقال: لا يدرى طرفاها، ولولا ضمير الحلقة المؤنث، الذى لا يمكن عوده على قوله:(هم) لكنت أقول: هو عائد إليهما، فيمكن حينئذ أن يجعل وجه
الشبه؛ لأنه لو قال: هم كالحلقة المفرغة، لا يدرى الطرفان، لصدق ذلك فى المشبه والمشبه به معا.
نعم قد يقال: هب أن وجه الشبه لم يذكر كيف يسمى هذا مجملا، وقد أشير فيه إلى وجه الشبه بذكر هذا الوصف الذى يصير به وجه الشبه ظاهرا، يفهمه أكثر الناس؟
وأيضا: منه: ما لم يذكر فيه وصف أحد الطرفين،
…
ــ
وقوله: (لا يدرى طرفاها) قد يرد عليه أن الحلقة المفرغة ليس لها طرفان، وجوابه أنها سالبة محصلة، لا تستلزم وجود موضوعها، كقوله تعالى: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً (1) وقول الشاعر:
على لا حب لا يهتدى بمناره (2)
فيصدق أن يقال: كل من هذين الطرفين لا يعلم طرفاه، أما فى المشبه؛ فلأن له طرفين غير معلومين، وأما فى المشبه به، فلأنه لا طرف له، ولينظر بعد ذلك فى أن لفظ طرفاه فى هذا المثال جمع فيه بين الحقيقة والمجاز أو لا.
وهذه العبارة ذكر الشيخ عبد القاهر أنها قيلت للحجاج، حين سأل عن بنى المهلب، أيهم أنجد؟ ونسبه الزمخشرى فى سورة الزخرف إلى الأنمارية، قيل: هى فاطمة بنت الحرشب، تصف أبناءها حين سئلت، أيهم أفضل؟ فقالت: عمارة، لا بل فلان، لا بل فلان، ثم قالت: ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل، هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها.
وذكر المبرد فى الكامل نحوه وأولادها ربيع، وعمارة، وقيس، وأنس.
وبقى فى هذا المثال اعتراض، سنذكره قريبا إن شاء الله تعالى.
(قوله: وأيضا منه) أى من التشبيه المجمل (ما لم يذكر فيه وصف أحد الطرفين) أى لم يذكر معه وصف المشبه، ولا وصف المشبه به، كقولنا: زيد كالأسد.
واعلم أن قول المصنف: ما لم يذكر فيه وصف أحد الطرفين، قد ينازع فى دلالته على ما يقصده من أنه لم يذكر فيه وصف المشبه، ولا المشبه به، فيقال: هذا يصدق بأن يذكر فيه وصف أحدهما، فإنك إذا قلت: لم أضرب أحد هذين، قد يصدق بضرب أحدهما، وتقريره أن أحد الرجلين ليس نكرة، فيعم كل واحد منهما عموم النكرة فى
(1) سورة البقرة: 273.
(2)
عجزه * إذا ساقه العود الديافى جرجرا. والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه 66، ولسان العرب 9/ 108 (ديف)، 9/ 165 (سوق)، 9/ 315 (لحف)، وتهذيب اللغة 5/ 70، 13/ 92، 14/ 198، وأساس البلاغة (سوق)، وتاج العروس 23/ 311 (ديف)، 24/ 358 (لحف)، 23/ 472 (سوف)، بلا نسبة فى لسان العرب 15/ 321 (نسا)، ومقاييس اللغة 2/ 318، ومجمل اللغة 2/ 304.
ومنه: ما ذكر فيه وصف المشبّه به وحده، ومنه: ما ذكر فيه وصفهما؛
ــ
النفى، كقوله: لم يقم واحد من الرجلين، فلم يبق له عموم، لكونه معرفة، ولا يمكن أن يدعى عمومه، لأنه اسم جنس، أضيف إلى الرجلين؛ لأن اسم الجنس إنما يعم بالإضافة إذا لم يدل بالمادة على الخصوص، أما إذا دل فلا، كقولك: أكلت بعض الرغيف أو ثلثه، لا يعم الأثلاث والأبعاض، وكذا أحد الشيئين لا يعمهما، ولو سلمنا أن أحدهما يعمهما، فوقوعه بعد النفى كوقوع سائر صيغ العموم، وهى بعد النفى للخصوص؛ لأنها سلب عموم، لا عموم سلب كما سبق، إلا أن يدعى أن أحدا لا يتعرف بالإضافة لمعرفة، ويؤيد ما قلناه، قوله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما (1) المراد منه ما ذكرناه، بدليل قوله: أَوْ كِلاهُما، والشرط كالنفى. وأما قوله صلى الله عليه وسلم:" إنى لست كأحدكم"(2) فالقرينة قامت على إرادة العموم، وبعد أن كتبت هذه السطور، وقفت على كلام الزمخشرى، قال فى قوله تعالى: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (3): إن معناه لا تطع أحدا ثم قال: فإن قلت: ما معنى أو لا تطع أحدهما فهلا جئ بالواو ليكون نهيا عن طاعتهما؟! قلت: لو قيل: ولا تطعهما، لجاز أن يطيع أحدهما وإذا قيل: لا تطع أحدهما، علم أن الناهى عن طاعة أحدهما عن طاعتهما أنهى كما إذا نهى أن يقول لأبويه: أف، علم أنه منهى عن ضربهما انتهى.
وهذا يدل على أن لم أضرب أحدهما، معناه لم أضرب واحدا منهما، وفيه نظر؛ لما سبق. (قوله: ومنه ما ذكر فيه وصف المشبه به وحده) أى: ولم يذكر وصف المشبه، وسكت عن مثاله؛ لأن مثاله سبق عن قريب، وهو قولهم: هم كالحلقة المفرغة، لا يدرى أين طرفاها. ومثله فى الإيضاح بقول النابغة:
فإنّك شمس، والملوك كواكب
…
إذا طلعت، لم يبد منهنّ كوكب (4)
(1) الإسراء: 23.
(2)
أخرجه مسلم فى الأشربة"، باب: إباحة أكل الثوم، (ح 2053)، بلفظ:" كلوا فإنى لست كأحد منكم .... "، ومتفق عليه بلفظ: وإنى لست مثلكم .. ".
(3)
سورة الإنسان: 24.
(4)
البيت من الطويل للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص 28، والإشارات والتنبيهات ص 194.
كقوله [من البسيط]:
صدفت عنه ولم تصدف مواهبه
…
عنّى وعاوده ظنّى فلم يخب
كالغيث إن جئته وافاك ريّقه
…
وإن ترحّلت عنه لجّ فى الطّلب
وإما مفصّل، وهو ما ذكر فيه وجهه؛ كقوله [من المجتث]:
وثغره فى صفاء
…
وأدمعى كاللآلى
ــ
ومنه ما ذكر فيه وصفهما معا، ومثله المصنف بقول أبى تمام:
صدفت عنه، ولم تصدف مواهبه
…
عنّى؛ وعاوده ظنّى فلم يخب
كالغيث إن جئته، وافاك ريقه
…
وإن ترحلت عنه، لج فى الطلب (1)
التقدير: وهو كالغيث، فإن البيت الأول مشتمل على وصف المشبه، والثانى مشتمل على وصف المشبه به، وهو الغيث، كذا قال المصنف، وهو الظاهر.
ويحتمل أن تكون الضمائر فى البيت الثانى عائدة إلى المشبه، ويكون استعمال الريق، وما بعده استعارة، ويروى: يصدف بالياء، ومواهبه مفعول من صدفه صدفا، فهو متعد، ويروى بالتاء من فوق، ومواهبه فاعل من صدف صدوفا وصدفا أيضا - أى: انصرف.
واعلم أن المصنف سكت عن القسم الرابع، وهو ما ذكر فيه وصف المشبه فقط، وكان ينبغى ذكره، والقول بأن ذلك لا يمكن؛ لأن وصف المشبه يقتضى أن يكون وجه الشبه فيه أتم منه فى المشبه به، والحال بالعكس ممنوع؛ لأنا نقول: ذكره فى المشبه لا يستدعى أن يكون فيه أتم، فقد يكون طوى ذكره فى المشبه به؛ لأنه فيه أشهر وأتم.
(قوله: والمفصل) هو قسيم قوله فيما سبق: المجمل (وهو ما ذكر وجهه كقوله:
وثغره فى صفاء
…
وأدمعى كاللآلى)
فوجه التشبيه وهو الصفاء مذكور، وفيه نظر؛ لجواز أن يكون المراد ثغره فى صفائه كأدمعى، ويكون فيه ذكر صفاء الثغر، وصفاء الثغر ليس هو وجه الشبه؛ إنما الصفاء الذى هو أعم من صفاء الثغر، وصفاء اللآلى هو وجه الشبه. ويحتمل أن يكون ثغره مبتدأ، وفى صفاء خبره، ولا تشبيه فيه، لكنه بعيد.
(1) البيت لأبى تمام فى قصيدة مطلعها: أبدت أسى أن رأتنى ..... ديوانه 1/ 113، والإشارات والتنبيهات ص 194.
وقد يتسامح بذكر ما يستتبعه مكانه؛ كقولهم للكلام الفصيح: هو كالعسل فى الحلاوة خ خ؛ فإنّ الجامع فيه لازمها، وهو ميل الطبع.
ــ
(قوله: وقد يتسامح) أى يتسامح المتكلم (بذكر ما يستتبعه) أى ما يستتبع وجه الشبه، ويستلزمه، ومثله المصنف بقولهم للكلام الفصيح: هو كالعسل فى الحلاوة، فإن الجامع فيه لازمها - أى لازم الحلاوة. (وهو ميل الطبع) إليها وليس الجامع الحلاوة؛ لأن الكلام ليس فيه حلاوة حقيقية، بل فيه ما يوجب ميل الطبع إليه، وكأن المصنف يشير إلى أن هذا معدود من قسم ما ذكر فيه الوجه، وإن لم يذكر؛ لأنه ذكر ملزومه فهذا وجه التسامح، لأن المتكلم اكتفى بالملزوم عن اللازم.
قال الخطيبى: المراد قد يتسامح علماء البيان، وبه صرح فى المفتاح، ولعل المراد:
قد يتسامحون فى جعل هذا التشبيه مفصلا مذكور الوجه، وإن كان وجهه ليس مذكورا.
بقى هنا أسئلة:
الأول: أن قولهم: إن الحلاوة ليست وجه الشبه، فيه نظر؛ فإن الحلاوة إن لم تكن موجودة بالحقيقة فى الكلام، فهى موجودة بالتخيل، فهو من الجامع الخيالى، كما تقدم فى السنن والابتداع.
الثانى: أنه أى فرق بين هذا، وبين قولهم: لا يدرى أين طرفاها؟ فإنه ذكر فيه ما يستلزم وصف المشبه، إذ يلزم منه الاستواء الذى هو وجه الشبه فيهما، فلأى شئ جعل ذلك مجملا، وهذا مفصلا؟
الثالث: أن الحلاوة تستلزم الميل إليها، والميل إليها وصف خاص بها، فهو يستلزم وصف المشبه به لا الوجه نفسه، وهو مطلق الميل كما أن طرفى الحلقة إنما يستلزم استواءها، لا استواء المشبه.
(قلت): الظاهر أن المراد بالوصف هو الوصف المعنوى، لا الصناعى، وأن المراد ذكر وصف مع التشبيه، سواء أكان فى جملته أو له به تعلق لفظى، أم لم يكن. ألا ترى أن: لا يدرى أين طرفاها، لا يصلح صفة نحوية؛ لأن الحلقة معرفة، ولا يدرى نكرة، وأن البيت الأول فى قوله: صدفت عنه، ليس له تعلق لفظى بالمشبه، بل هو وصف معنوى له، وأن: إن جئته فى البيت الثانى، لا يصلح صفة للغيث؛ لتنكيره، وبهذا ظهر الجواب عما أورده على ذلك.
وأيضا: إما قريب مبتذل، وهو ما ينتقل من المشبّه إلى المشبّه به من غير تدقيق نظر؛ لظهور وجهه فى بادئ الرأى؛ لكونه أمرا جمليّا؛ فإنّ الجملة أسبق إلى النفس.
أو قليل التفصيل مع غلبة حضور المشبّه به فى الذهن:
ــ
ولا يخفى أيضا من فحوى كلامهم أن المراد بالوصف وصف وقع التشبيه به، أو بلازمه، لا وصف للمشبه، أو
المشبه به لا تعلق له بالتشبيه؛ فلذلك ظهر الموجب لذكر هذا القسم فى قسم المجمل الذى لم يذكر وجهه، ولم يذكر فى قسم ما ذكر وجهه، وهو المفصل؛ لأنه مع ذكر الوجه لا حاجة إلى ذكر الوصف المنبئ عنه، والذى يظهر أن الوصف لأحد الطرفين هو حصته من وجه الشبه، وأن الوجه المذكور ذكر المعنى الكلى الثابت للطرفين.
ص: (وأيضا إما قريب إلى آخره).
(ش): هذا تقسيم ثالث للتشبيه، وهو باعتبار وجه الشبه إما تشبيه قريب أى وهو الممتهن المستعمل للعامة، أو بعيد - أى غريب - مستعمل للخاصة.
(فالقريب ما ينتقل فيه) أى: الذهن (من المشبه إلى المشبه به من غير تدقيق نظر؛ لظهور وجهه فى بادى الرأى) وهو علة لقوله: ينتقل، وذلك الظهور إما أن يكون، لكون وجه الشبه أمرا جمليا، فإن الجملة أسبق إلى النفس والحس، وأظهر عندهما من التفصيل، فإن الشئ يدرك أولا، ثم إذا أمعن النظر، أدرك تفصيله، كما أن إدراك الإنسان من حيث هو شئ ما أو جسم، أو حيوان أسبق إلى الفهم، وأظهر من إدراكه من حيث كل واحد من أجزائه؛ لأن الثانى يشتمل على الأول وزيادة، وكأن مراده بالجملى: إدراك الشئ مجملا، لا مفصلا بمعنى إدراك جنسه، أو صفة صادقة عليه، وعلى غيره، وإما أن يكون ذلك لكون الوجه مفصلا؛ لكونه قليل التفصيل.
(قوله: مع غلبة حضور المشبه به فى الذهن) قال الخطيبى: هو قيد فى نوعى قرب الوجه، أى: إنما يكون قربه، لكونه جمليا مع حضور المشبه به، أو لكونه قليل التفصيل مع حضور المشبه به، ثم قسم حضور المشبه به إلى قسمين: تارة يكون حضوره عند حضور المشبه، لقرب المناسبة بينهما، كتشبيه الجرة الصغيرة بالكوز فى المقدار، والشكل فى قليل التفصيل، وتارة يكون حضور المشبه به فى الذهن غالبا مطلقا أى سواء أكان مع حضور المشبه، أم لا، وحضور الشئ مطلقا يكون لتكرره على الحس.
إما عند حضور المشبّه؛ لقرب المناسبة؛ كتشبيه الجرّة الصغيرة بالكوز، فى المقدار والشكل. أو مطلقا؛ لتكرّره على الحس؛ كالشمس بالمرآة المجلوّة فى الاستدارة والاستنارة؛ لمعارضة كلّ من القرب والتفصيل.
وإما بعيد غريب، وهو بخلافه؛ لعدم الظهور: إما لكثرة التفصيل؛ كقوله:
والشمس كالمرآة،
…
ــ
وينبغى أن يقال: أو على الفكر، والتكرر سبب الإلف. وقال السكاكى: التوفيق بين حكم الإلف، وحكم التكرر أحوج شئ إلى التأمل، يعنى فإن التكرار مكروه؛ لأنه يمل، وجبلت القلوب على معاداة المعادات، والإلف يحتاج إلى التكرار، فلو كان التكرار يورث الكراهة، لكان المألوف أكره شئ عند النفس.
وقد أجيب عنه بأن التكرار المكروه، ما لم يترتب على إعادته فائدة، أما إذا ترتب فإنه غير مكروه، وهو مألوف كالطعام اللذيذ ورؤية المحبوب.
والذى لا فائدة فيه، كتكرار الإخبار بشئ واحد من شخص واحد.
وقال الشيرازى: التكرار الموجب للإلف ما لم يكن للإنسان منه بد، كالأشياء الستة الضرورية المذكورة فى الطب، والذى يوجب الكراهة التكرار فيما للإنسان منه بد. وأورد عليه أن من الضروريات ما ليس مألوفا، ولكن يفعل للضرورة، كالاستفراغات.
ومثل المصنف لما نحن فيه بتشبيه الشمس بالمرآة المجلوة للاستدارة والاستنارة، فإن كل واحد من قرب المناسبة المقتضى لحضور المشبه به فى الذهن عند حضور المشبه ومن التكرار المقتضى لحضوره فى الذهن مطلقا، يعارض التفصيل المقتضى لبعده. يعنى أن التفصيل كان مقتضيا للبعد، فعارضه كل من هذين الأمرين، فيبقى الآخر مرجحا فصار التشبيه قريبا، وقوله: يعارض التفصيل يعنى التفصيل القليل، أما الكثير فلا يعارضه هذان كما سيأتى، ويلوح لك من هذه العلة أن هذا القيد ليس فى الوجه الجملى أيضا، كما زعم الخطيبى، بل فى الوجه القليل التفصيل فقط.
(قوله: وإما بعيد) معطوف على قوله: إما قريب، أى: التشبيه قد يكون بعيدا غريبا، وهو بخلاف ما سبق فيكون القريب، ما يحصل من غير تدقيق نظر، والبعيد ما كان كثير التفصيل، أو قليله، إلا أن المشبه فيه غير غالب الحضور. وقوله:(غريب) مقابل لقوله:
فى القريب مبتذل، والمراد بالغرابة: قلة الاستعمال، وقوله:(لعدم الظهور) علة للبعد، والمراد عدم ظهور الوجه، وقوله:(لكثرة التفصيل) تعليل لعدم الظهور، وهو إشارة إلى النوع الأول. (كقوله: والشمس كالمرآة) يشير إلى قول الشاعر:
أو ندور حضور المشبّه به: إمّا عند حضور المشبّه؛ لبعد المناسبة؛ كما مر. وإمّا مطلقا؛ لكونه وهميّا، أو مركبا خياليّا، أو عقليّا؛ كما مر. أو لقلّة تكرّره (1) على الحس؛ كقوله: والشمس كالمرآة؛ فالغرابة فيه من وجهين (2).
ــ
والشمس كالمرآة فى كفّ الأشل (3)
فإن الوجه فيه كثير التفصيل؛ لما فيه من الإشراق، والاستدارة، والتموج وغير ذلك، بخلاف قولنا: الشمس كالمرآة، من غير أن تقول: فى كف الأشل، فإن التفصيل فيه قليل، فهو مثال للقسم السابق كما تقدم.
(قوله: أو ندور حضور المشبه به) هذا هو النوع الثانى، أى: بأن يكون الوجه قليل التفصيل؛ إلا أن حضور المشبه
به نادر، وفيه نظر؛ ينبغى أن يقول: غير غالب؛ لأن القريب ما كان غالبا، والبعيد بخلافه، وخلاف الغالب أعم من النادر، والكثير الذى لا يغلب والمتوسط. وقوله:(إما عند حضور المشبه) أى إما أن تكون ندرة حضوره عند حضور المشبه (لبعد المناسبة) بين الطرفين (كما مر) فى تشبيه البنفسج بأطراف الكبريت، وإما أن يكون ندور المشبه به مطلقا؛ لكون الوجه وهميا، أو مركبا خياليا، أو مركبا عقليا، وكان ينبغى أن يكتفى بذكر العقلى عن الوهمى، كما صنع حين قسم الوجه إلى عقلى وحسى، ولم يذكر الوهمى إدخالا له فى العقلى.
(قوله: كما مر) أى من الأمثلة، فالوهمى كتشبيه السهام بأنياب أغوال، والخيالى تشبيه الشقيق بأعلام ياقوت، والعقلى كالتشبيه فى قوله تعالى: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً (4) أو تكون الندرة لقلة تكرره على الحس كقوله:
والشّمس كالمرآة فى كفّ الأشل
فربما يقضى الرجل دهره، ولا يرى مرآة فى كف الأشل؛ فالغرابة فى قولنا: كالمرآة فى كف الأشل من جهة ندرة المشبه به، لقلة تكرره على الحس، ومن جهة كثرة التفصيل.
(1) أى المشبه به.
(2)
أحدهما كثرة التفصيل فى وجه الشبه، والثانى قلة التكرر على الحس.
(3)
وعجز البيت:
لما رأيتها بدت فوق الجبل *
البيت من أرجوزة لجبار بن جزء بن ضرار ابن أخى الشماخ، والبيت فى الإشارات والتنبيهات ص 180.
(4)
سورة الجمعة: 5.
والمراد بالتفصيل: أن تنظر فى أكثر من وصف، ويقع على وجوه، أعرفها: أن تأخذ بعضا، وتدع بعضا؛ كما فى قوله (1) [من الطويل]:
حملت ردينيّا كأنّ سنانه
…
سنا لهب لم يختلط بدخان
وأن تعتبر الجميع؛ كما مرّ من تشبيه الثريا. وكلّما كان التركيب من أمور أكثر، كان التشبيه أبعد.
ــ
ص: (والمراد بالتفصيل، أن ينظر فى أكثر من وجه واحد إلى آخره).
(ش): المراد بالتفصيل أن يكون المنظور فيه للتشبيه أكثر من وصف، سواء أكان وصفين، أم ثلاثة، أم أكثر، وسواء أكان ذلك الأكثر لشيء واحد، أم أكثر.
قوله: (ويقع، أى: التفصيل على وجوه) ينبغى أن يقول: على أحد وجوه، أعرفها وجهان: أحدهما: أن يأخذ بعض الأوصاف، ويدع بعضها. كقول امرئ القيس:
حملت ردينيا كأنّ سنانه
…
سنا لهب لم يتّصل بدخان (2)
المراد رمح منسوب إلى امرأة تسمى ردينة، فحصل التفصيل باعتبار أنه لم يأخذ سنا اللهب، بل اعتبره بقيد كونه لم يتصل بدخان على خلاف المعهود، فإن اللهب لا ينفك فى المعهود عن الدخان، فالشاعر فصل وأخذ اللهب منفصلا عن الدخان، واستحضاره اللهب المنفصل عن الدخان، لا يقع فى الخاطر إلا بتدقيق الفكر، وبهذا ظهر أن مراده بأخذ بعض الأوصاف وترك بعض: أن يأخذ الحقيقة، مريدا بعض أوصافها، مشترطا تعريها عن بعض الأوصاف، وهذا أخص من قولنا: ويدع بعضا.
(قوله: وأن يعتبر الجميع) هو الوجه الثانى، أى: يعتبر جميع أوصاف ذلك الشئ كما سبق. وفيه نظر؛ لأن اعتبار جميع الأوصاف لا يمكن، فينبغى أن يقال:
جملة منها، أو يقال: وجميع الأوصاف التى يجتمع منها تركيب فى المعنى.
مثاله: تشبيه الثريا بعنقود ملاحية، فإنه اعتبر فيها سبعة أشياء كما تقدم، وأورد على المصنف أنه ذكر أولا وجوها، ولم يذكر إلا اثنين، وهو غير وارد، كأنه لم
(1) البيت لامرئ القيس وليس فى ديوانه، الإشارات ص 196، ويروى (يتصل) بدلا من (يختلط).
الردينى: الرمح منسوب لامرأة تسمى ردينة اشتهرت بصناعة الرماح.
(2)
البيت لامرئ القيس فى ديوانه ص 170.
وله رواية: جمعت ردينيا كأن سنانه
…
والبليغ: ما كان من هذا الضّرب لغرابته، ولأنّ نيل الشيء بعد طلبه ألذّ
…
ــ
يتصور قسم ثالث؛ لأنه إما أن يراد ترك بعض الأوصاف، أو لا يراد، فهو اعتبار الجميع.
وجوابه: أن بين إرادة طرح البعض وإرادة الجميع واسطة وهو إرادة البعض، مع قطع النظر عن البعض فلا يكون بقيد تركه، ولا بقيد إثباته، وهو أقل تفصيلا من القسمين، فلذلك كانا أعرف منه.
نعم ما ذكره المصنف مخالف لكلام الشيخ عبد القاهر، فإنه عد الأعرف أكثر من ذلك، وكلما كان التركيب، أى: تركيب وجه الشبه من أمور أكثر من غيرها، كان التشبيه أبعد، أى: أبعد عن الذهن، كما فى قوله تعالى: إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا (1) إلى قوله: كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ فإنها عشر جمل، وقع التركيب من مجموعها، بحيث لو سقط منها شئ اختل المقصود من التشبيه، وكأن المصنف أراد بالعشر:(1) أنزلناه. (2) فاختلط. (3) مما يأكل. (4) حتى إذا أخذت. (5) وازينت. (6) وظن.
(7)
أنهم قادرون. (8) أتاها. (9) فجعلناها. (10) كأن لم تغن.
وفيه نظر؛ لأنه إذا اعتبر صورة الجملة، وجعل: أنهم قادرون عليها جملة، مع كونها فى حكم المفرد، فليعد كأن لم تغن جملة، ولم تغن وحده جملة حادية عشرة، إلا أن يفرق بأن: ظن أهلها جملة وحدها، بخلاف: كأن لم تغن بالأمس فإن الجملة الصغرى فيه جزء من الكبرى، وإذا قلنا: إن الوقف على: فاختلط - كما جوزه الزمخشرى - كانت اثنتى عشرة.
(قوله: والبليغ) أى التشبيه البليغ، هو ما كان من هذا الضرب، أى: كثير التفصيل لا غيره.
(قوله: لغرابته) تعليل لكون الغريب بليغا، فإنه لا تدركه إلا الخاصة، ويعلل حسنه وبلاغته أيضا، بأن نيل الشئ بعد طلبه ألذ، وكلما كثرت الأوصاف التى يقع بها التركيب كثر الطلب، ولذلك يقال: الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب. لا يقال: إذا كثر التركيب حصل التعقيد المنافى للبلاغة، كما سبق فى مقدمة الكتاب، لأن المراد بعدم ظهور التشبيه دقته ولطفه وترتيب بعض المعانى على بعض، التعقيد المذموم ما حصل بسبب تركيب الألفاظ، أو اختلال الانتقال من المعنى الأول إلى المعنى الثانى المراد.
(1) سورة يونس: 24.
وقد يتصرف فى القريب بما يجعله غريبا؛ كقوله [من الكامل]:
لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا
…
إلّا بوجه ليس فيه حياء
وقوله [من الكامل]:
عزماته مثل النّجوم ثواقبا
…
لو لم يكن للثّاقبات أفول
ــ
قيل: المراد بالبليغ هنا: ما بلغ القبول من القلوب، وإلا فالبليغ بالاصطلاح هو الكلام، أو المتكلم، والتشبيه: دلالة المتكلم، وليس منهما وفيه نظر؛ لجواز أن تكون الدلالة صفة اللفظ، كما سبق، فيكون التشبيه صفة للكلام البليغ.
وصح تسميته: بليغا ببلاغة موصوفه، وهو الكلام. ثم أشار المصنف إلى أنه قد يحصل الخروج عن الأصل، فيتصرف فى التشبيه القريب، بما يجعله غريبا فيصير بليغا، كقول المتنبى:
لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا
…
إلّا بوجه ليس فيه حياء (1)
يريد أن هذا الوجه الحسن الذى أشار إليه لم تبرز الشمس لمقابلته، إلا ولها وجه ليس فيه حياء؛ لأنها لو استحيت لما برزت فى مقابلته، فتشبيه الوجه بالشمس مشهور مبتذل، وإنما قوله: ليس فيه حياء، جعل هذا التشبيه القريب المشهور غريبا، فصار بليغا.
ولك أن تقول: أين التشبيه هنا، ولا أداة تشبيه ظاهرة، ولا مقدرة؟ وإن أراد التشبيه المعنوى فليس الكلام فيه، وحاصل ما قاله: أن الشمس لا تصل أن تشبه هذا الوجه، فهو تشبيه منفى المشبه فيه هو الشمس، والمشبه به هو الوجه، وتشبيه الشمس بالوجه الحسن ليس مبتذلا، إنما المبتذل عكسه، وهذا ينحل إلى أن يكون كقولنا: هذا الوجه أحسن من الشمس، وقد تقدم الكلام فى كونه تشبيها أولا. ثم ذكر المصنف قسما آخر مما يصير التشبيه القريب به، بعيدا بليغا وهو أن يشبه شئ بشئ بشرط شئ، إما لفظا، أو معنى، وأشار إليه بقوله: وكقوله:
عزماته مثل النّجوم ثواقبا
…
لو لم يكن للثّاقبات أفول (2)
(1) البيت من الكامل لأبى الطيب المتنبى فى ديوانه 1/ 174.
(2)
البيت لرشيد الدين الوطواط فى الإشارات والتنبيهات ص 198، والثواقب: السواطع، والأفول: الغروب.
ويسمّى هذا: التشبيه المشروط
…
ــ
فإن تشبيه العزمات بالثواقب مبتذل، إلا أن تشبيهها بشرط أن لا يكون لها أفول غريب. وحاصل هذا البيت نفى التشبيه بالنسبة إلى مجموع الأوجه، فإن نصفه الأول فى المعنى جواب لو كأنه قال: لو لم يكن للثاقبات أفول لكانت عزماته كالثاقبات، وجواب لو ممتنع فكأنه قال: ليست عزماته كالثاقبات. وفيه نظر؛ لأن المبتذل إثبات تشبيه الآراء بالشهب، أما نفى شبهها للشهب مبالغة فيها فليس مبتذلا، ثم المعنى على أن المراد ليست الثاقبات كالآراء فهو عكس المبتذل، ولا يخفى أن مثل هنا للمماثلة من كل وجه؛ لأنه لو لم تقصد المناسبة من كل وجه يناسب المدح، لكانت عزماته كالنجوم، وإن كان للنجوم أفول لاشتراكهما فى غير ذلك من الأوجه، وتقدمت الإشارة لهذا عند الكلام على الأداة.
(قوله: ويسمى هذا: التشبيه المشروط)؛ لأنه شبه شئ بشئ بشرط شئ آخر فيه، والظاهر أن الغرابة فى هذا من أن المقصود فيه التشبيه بالنجوم من كل وجه ممكن، وقوله:
هذا الوجه أنه إشارة للمثال الثانى لا الأول، وجعله بعض الشارحين إليهما نكلفا لا حاجة له، فإن كلام الإيضاح
كالصريح فى عدم عوده إلى الأول؛ ولأن بيت المتنبى ليس فيه شرط، لا لفظا ولا معنى، ومن التشبيه المشروط فيه قوله:
مها الوحش إلّا أنهنّ أوانس
…
قنا الخطّ إلّا أن تلك ذوابل (1)
وقوله:
يكاد يحكيك صوب الغيث منسكبا
…
لو كان طلق المحيّا يمطر الذّهبا (2)
قال فى الإيضاح: وقد يخرج من الابتذال بالجمع بين عدة تشبيهات، كقوله:
كأنّما يبسم عن لؤلؤ
…
منضّد، أو برد، أو أقاح (3)
وقد تقدم الكلام على ما يرد عليه، ونزيد هنا أن هذه ليست تشبيهات، بل تشبيه بأشياء إن ثبت ذلك كما قالوه، وإلا فالحق أنه تشبيه بأحد أشياء، كما هو مدلول" أو"
(1) البيت لأبى تمام من قصيدة يمدح فيها محمد بن عبد الله الزيات مطلعها:
متى أنت عن ذهيلة الحى ذاهل
…
وقلبك منها مدة الدهر آهل
فى ديوانه 3/ 116، والإشارات والتنبيهات ص 198.
(2)
البيت لبديع الزمان الهمذانى صاحب المقامات.
(3)
سبق تخريجه.