الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر سيبويه أنه يطرد هذا في الأفعال الثلاثية كلها، وأنه يقال فيها فَعال بمعنى افعل، نحو صَناعِ ونَزالِ، أي اصنع وانزلْ.
قال الزركشي: وهذا إنما يصح لو قال: نعايا أبا رافع، بالنصب.
وقال الكرماني: إنّ (نعا) من أسماء الأفعال، وقد جمع على نحو خطايا شاذا، ويحتمل أن يكون جمع نعيّ أو ناعية.
مسند بريدة بن الحصيب الأسلمي
199 - حديث: "حرمةُ نساءِ المجاهدين على القاعدين كحرمة أمّهاتهم
".
سئل الإمام أبو محمد بن البطليوسي عن لفظة أمهات، جمع ما هي؟ فإن كانت جمع أم، فلأي شيء دخلت الهاء فيها؟ وإن كانت فيها لغة أخرى فجمعت هذا الجمع عليها، فبيّنها متطولاً، لأنّ متوهمًا توهم أن واحدتها أمهة مثل حُمّرة، ودخلها التقليل، فهل ذلك صحيح أم لا؟ وهل هذا الجمع في بني آدم والبهائم أو في أحدها؟ وكذلك أمّ، وإن قيل إن الهاء زائدة، فلم زيدت وقيل لها أُمَّت؟ بيّنه موفقًا مأجورًا.
فأجاب: الذي ذهب إليه جمهور النحويين والعلماء بالتصريف منهم أنّ الهاء في أمهات زائدة، ووزنها عندهم فعلّهات، وأما الواحدة منها فالمشهور أن يقال أمّ وأمّة، ولا يكادون يقولون أمهة، والغالب على أمة بالتأنيث، أن يستعمل في النداء كقولهم: يا أمة لا تفعلي، وتاء التأنيث فيها معاقبة يا الإضافة، لا تجتمع معها، وقد جاءت في الشعر مستقلة في غير النداء، أنشد الطوسي:
تقَبَّلتها عن أمّةٍ لك طالما
…
تُنُوزِعَ في الأسواق عنها خمارُها
وقد حكى اللغويون أمهة بالهاء وأنشدوا:
أمَّهتي خِنْدِفُ وإلياسُ أبي
أي ووزنها عندهم فعلهة، وذهب بعضهم إلى أن الهاء في أمهات وأمهة أصلية، وذكر ابن جني أنه مذهب أبي بكر بن السراج، ووزنها عنده فعّلة، بمنزلة ترّهة وأبّهة، ويقوى ذلك أن صاحب العين حكى: تأمهت أمّا ووزنه تفعّلت. وجمهور النحويين مخالفون لهذا الرأي، ومعتقدون أن أمًّا وأمّاتٍ الأصل وأنّ الهاء زيدت فرقًا بين من يعقل وما لا يعقل، فيقولون فيمن يعقل أمهات، وفي مالا يعقل أمّات، قال الله تعالى:(ما هنّ أمّهاتُهم)، وقال الراعي:
كانت نجائب مُنْذِرٍ ومحرِّق
…
أماتهنّ وطَرْقُهُنَّ فَحيلا
هذا هو الأثر في الاستعمال، وقد جاء عكس ذلك، قال ذو الرمة:
سوى ما أصاب الذئبَ منه وسُرْبَةٌ
…
أطافتْ به من أمهات الجوازِلِ
يعني القطا، وقال جرير:
لقد ولد الأُخَيْطِلَ أمُّ سوءٍ
…
مُقَلَّدَةٌ من الأمّاتِ عارا
وليس في حكاية صاحب العين (تأمهت أمّا) دليل على أن الهاء أصل من وجهين:
أحدهما: أن كتاب العين مطعون عليه، معيب عند كبراء البصريين لا يرونه حجة فيما يتفرد به ولا يوجد في غيره، لأن فيه خطأ كثيرًا الخ
…
والوجه الثاني: أنه لو صح قولهم (تأمهت أمّا) لم يدلّ على أن الهاء أصلية، لأنّا قد وجدنا العرب ربّما صرّفوا من الكلمة المزيد فيها فعلا فحذفوا الزيادة كقولهم في تصريف الفعل من الشمال: شملت الريح، وربما تركوا الزيادة في الفعل على حالها، كقولهم في تصريف الفعل من القلنسوة: تقلنس الرجل، ومن المسكين تمسكن، فتركوا الميم والنون وهما زائدتان، فوزن تقلنس تفعنل، ووزن تمسكن تمفعل، فإذا كان هذا معلومًا من هذا منهم، لم ينل أن يكون تأمهت من هذا الباب، فتكون الهاء زائدة كزيادتها في أمهة، ويكون وزن تأمهت تفعلهت.
فإن قائل قال: أمهة: إن الهاء هي الأصل، ووزنها فعّلة، وتكون أمّ محذوفة منها، فتكون بمنزلة شفة وسعة وعضة.
فالجواب أن هذا يبطل من وجوه: منها أن هذا التوهم لو كان صحيحًا لكانت الميم في أمّ مخففة، ولم تكن مشددة، لان تشديد الميم يوجب أن يكون وزن أمّ فُعْل، لام الفعل منها ميم، ولام الفعل من أمهة على هذا الرأي هاء، يدل هذا على أن أمًّا ليست محذوفة من أمهة، ويشهد بصحة ذلك قول أم بثينة الأشعرية: وما كنت أمًّا، فهذا يدل على أن الميم من أم مضاعفة، ومنها أن حروف الزوائد، والهاء أحدها، إنما سماها النحويون حروف الزوائد، ولم يسمع أنها حروف الحذف، وإن كان منها ما يحذف في بعض المواضع، لأن الأغلب عليها أن تزاد، لا أن تحذف، فنسبت إلى حروف الزيادة التي هي أغلب عليها، وإذا جاء منها حرف يحتمل الزيادة والحذف، لزم أن يحكم عليه بالزيادة التي هي أمّ الباب فيه، حتى يقوم دليل على الحذف الذي هو أقلّ حاليْه. هذا هو محض القياس وطريقه.
ومنها أن الذين تكلموا في الاشتقاق، لا نعلم أحدًا منهم جعل الأم مشتقة من أم، وإن قال بعضهم إنها مشتقة من أمَّ يؤُمُّ، إذا قصد، سميت بذلك لأن ولدها يؤمها ويتبعها.
وقال بعضهم: سميت أمّا لأنها أصل الولد، وأم كل شيء أصله، كما قالوا لمكة أم القرى، وقالوا لفاتحة الكتاب أم القرآن، ويقال فلان أم القوم وأمير القوم، إذا كان مَفْزَعًا لهم، وأصلاً يرجعون إليه ويقسمون به، قال ابن مقبل يمدح عثمان بن عفان رضي الله عنه:
وملجإ مهروئين يُلفي به الحيا
…
إذا جلّفت كحلٌ هو الأم والأبُ
وقد سمّى الله تعالى النارَ أمّ الكافر، لأنها مجمع الكفار ومقرهم فقال:(فأمُّه هاوية)[القارعة: 9] وقال العجاج:
ما عندهم من الكتاب أمُّ
أي أصل يرجعون إليه، فهذا كله يدل أن أصل هذه الكلمة عندهم الأم دون الأمهة.
وأما قولك هل لزيادتها نظير في كلام العرب، فإن الهاء المزيدة نوعان: نوع متفق على زيادته، ونوع مختلف فيه:
فمن المتفق عليه زيادة الهاء في الندبة كقولهم: وازيداه، وفي الإنكار كقولهم لزيدنيه، وفي الوقف كقوله تعالى:(ما أغنى عني مالِيَهْ)[الحاقة: 28].
ومن المواضع المختلف فيها قولهم: هجرع للطويل، وهبلع للكثير الأكل وامرأة