الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال القرطبي: ولن تحصوا: إخبار واعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه، كما اعترض (ولن تفعلوا) بين الشرط والجزاء.
210 - حديث: "إن الله زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زُوِي لي منها
".
قال الطيبي: توهم بعض الناس أنّ (مِنْ) في (منها) للتبعيض، وليس كذلك، بل هي للتفصيل لا تناقض الجملة، ومعناه أن الأرض زويت لي جملتها مرة واحدة، ثم هي تفتح لأمتي جزءًا فجزءًا، حتى يصل ملك أمتي إلى كل أجزائها.
قوله: (وإني سألتُ ربي لأمتي أن لا يهلكوا بسنةٍ عامة، ولا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم".
قال الطيبي: عدوّا من سوى: أي كائنًا من سوى أنفسهم.
وقال ابن مالك في "شرح الكافية": سوى: اسم يستثنى به، ويجر ما يستثنى به بإضافته إليه، ويعرب هو تقديرًا بما يعرب به لفظًا، خلافًا لأكثر البصريين في ادّعاء لزومها النصب على الظرفية، وعدم التصرف، وإنما اخترتُ خلاف ما ذهبوا إليه لأمرين:
أحدهما: إجماع أهل اللغة على أن معنى قول القائل: قاموا سواك، وقاموا
غيرك، واحد، وأنه لا أحد منهم يقول: إنّ (سوى) عبارة عن مكان أو زمان، وما لم يدل على مكان أو زمان فبمعزل عن الظرفية.
والثاني: أنّ من حكم بظرفيتها حكم بلزوم ذلك، وأنها لا تتصرف، والواقع في كلام العرب شعرًا ونثرًا خلاف ذلك: فإنها قد أضيف إليها، وابتدئ بها، وعمل فيها نواسخ الابتداء وغيرها من العوامل اللفظية، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(سألت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوًا من سوى أنفسهم)، وقوله عليه السلام:(ما أنتم في سواكم من الأمم إلاّ كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود). وقول الشاعر:
وكلُّ من ظنَّ أن الموت مخطِئُهُ
…
معلُّلُ بسواء الحقّ مكذوبُ
ومن الإسناد إليها مرفوعة بالابتداء قول الشاعر:
وإذا تباع كريمة أو تشترى
…
فسواك بائعُها وأنتَ المشتري
وقال آخر في رفعها بليس:
لئِنْ تَكُ ليلى ليس بيني وبينها
…
سوى ليلةٍ إني إذًا لصبورُ
وقال آخر في نصبها بإنّ:
وجانِبْ بحال السّلم من شئتَ واعلمنْ
…
بأنَّ سوى سُؤْلاكَ في الحرب أجْنَبُ
وقال آخر في وقوعها فاعلة:
ولم يبقَ سوى العُدْوا
…
نِ دِنَّاهم كما دانوا
وقال آخر في الإضافة إليها:
إنني والذي يحُجُّ له النا
…
سُ بجدْوَى سواك لم أثِقِ
وقال آخر:
يا سحر لا يحلى بعيني أبدًا
…
فؤادُ سواك مُذْ سواكَ بدا
وقوله: (أعطيتك لأمتك) قال الطيبي: اللام فيه هي التي في قوله سابقًا: (سألت ربي لأمتي) أي أعطيت سُؤْلك لدعائك أمتك، والكاف هو المفعول الأول.
وقوله: (أنْ لا يهلكَهم) هو المفعول الثاني كما في قوله: (سألتُ ربي أن لا يهلكَها) هو المفعول الثاني، وجواب لو ما يدل عليه قوله:(وأن لا أسلط)، وحتى: معنى كي، أي لكي يكون بعض أمتك يُهلك بعضًا.
وقال في "النهاية": في الحديث: (سألتُ الله أن لا يهلكَ أمتي بسنة عامة) أي بقحط عام، يعم جميعهم، والباء في (بعامة) زائدة زيادتها في قوله تعالى:(ومن يرد فيه بإلحاد بظلم)[الحج: 25]، ويجوز أن لا تكون زائدة وقد أبدل عامة من سنة بإعادة العامل، تقول: مررت بأخيك بعمرو، ومنه قوله تعالى: (قال الملأ الذين استكبروا من قومه