الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال، يكلؤنا غير راقدين، فيكون حالاً مقدرة، أي: يكلؤنا فيفضي إلى تيقظنا وقت صلاة الفجر.
مسند جرير بن عبد الله البَجَلي رضي الله عنه
302 - حديث: "لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرِبُ بعضُكم رقابَ بعض
".
قال أبو البقاء: هذا الحديث يرويه المحدّثون غير محقق وفيه كلام يحتاج إلى بسط، وذلك أن قوله: يضرب: إذا رفعته كان موضع الجملة نصبًا لـ (كفارا) فيكون النهي عن كفرهم وضرب بعضهم رقاب بعض فأيهما فعلوا فقد وجد النهي عنه، إلا أنهما إذا اجتمعا كان النهي أشد. وقال بعض العلماء: النهي يكون عن الصفة الثانية، ونظيره قول الرجل لزوجته: إن كلمت رجلاً طويلاً فأنت طالق، فكلمت رجلاً قصيرًا لم تطلق فكذا إذا رجعوا كفارًا ولم يضرب بعضهم رقاب بعض، وهذا القول فيه بعد، وذلك أن الكفر قد عُلِم النهي عنه بدون أن يضرب بعضهم رقاب بعض ويجوز أن يروى: يضربْ، بالجزم على تقدير شرط مضمر، أي: إن ترجعوا كفارًا يضربْ بعضكم رقاب بعض، والنظير هذا الحديث قوله تعالى:(فهبْ لي من لدنك وليًّا يرثُني)[مريم: 5، 6] بالرفع والجزم، إلاّ أن أكثر المحققين من النحويين لا يجيزون الجزم في مثل هذا الحديث لأنه يصير المعنى: أن لا ترجعوا كفارًا يضرب، وهذا ضد المعنى، بل لو
قال: لا ترجعوا بعدي كفارًا تسلموا وتوادوا، كان الجزم مستقيمًا، لأن التقدير: إن لا ترجعوا كفارًا تسلموا، ونظير ذلك قوله: لا تَدْنُ من الأسد تنج أي إن لا تدن، فجعل التباعد منه ليس سببًا في السلامة، فإن قلت: فلم لا يقدر، إن تدن، بغير (لا) قيل: ينبغي أن يكون المقدر من جنس الملفوظ به، وقد ذهب قوم إلى جواز الجزم هنا على هذا التقدير، وعليه يجوز الجزم في هذا الحديث. قيل ليس المراد من هذا الحديث النهي عن الكفر بل النهي عن الاختلاف المؤدي إلى القتل، فعلى هذا يكون يضرب: مرفوعًا، ويكون تفسيرًا للكفر المراد بالحديث، انتهى.
وقال الكرماني: يضرب مرفوع على أنه جملة مستأنفة مبينة بقوله: لا ترجعوا، أو وصف كاشف، إذا الغالب من الكفار ذلك، وكونه مجزومًا بإن جواب النهي ظاهر على مذهب من يجوز: لا تكفر تدخل النار، ورجع هنا مستعمل استعمال صار معنًى وعملاً أي لا تصيروا بعدي كفارًا.
وقال ابن مالك في توضيحه: مما خفي على أكثر النحويين استعمال رجع كصار معنى وعملا، ومنه الحديث: لا ترجعوا بعدي كفارًا، أي لا تصيروا، وقول الشاعر:
قد يرجع المرء بعد المقت ذا مِقَةٍ
…
بالحِلْم فادْرا به بغضاء ذي إحَنِ
ويجوز في ضرب: الرفع والجزم. انتهى.
وقال مُغْلَطاي: من جزم أول على الكفر، ومن رفع لا يجعله متعلقًا بما قبله بل حالاً أو مستأنفًا.
وقال القاضي عياض: الرواية: يضربُ، بالرفع، كذا رواه المتقدمون