الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن مالك في "توضيحه": استعملت (أو) بمعنى الواو. فإنّ معناه: فما عليك إلاّ نبيّ وصدّيق وشهيد. وكذا قوله في حديث ابن عباس: (كل ما شئت واشرب ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سرفٌ أو مخيلةٌ)، ونظائرهما عند أمن اللبس قول امرئ القيس:
فظلَّ طهاة اللحم من بين منضج
…
صفيف شواء أو قدير معجل
وقوله الآخر:
فقالوا لنا: ثنتان لا بد منهما
…
صدور رماح أشرعت أو سلاسل
وقوله الآخر:
قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم
…
من بين ملجم مهره أو سافع
472 - حديث: "أشهد لسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ شبرًا من الأرض
…
".
قال ابن مالك: العرب تقسم بفعل الشهادة، فتجعل له جوابًا كجواب القسم الصريح. مثل قوله تعالى:(قالوا نشهد إنك لرسول الله)[المنافقون: 1] ثم قال: (اتخذوا أيمانهم جنة)[المنافقون: 2] فسمى ذلك القول يمينًا، ومثله قول سعيد بن زيد:(أشهد لسمعت) فأجرى (أشهد) مجرى (أحلف) وجعل جوابه فعلاً ماضيًا مقرونًا باللام دون (قد).
ومن النحويين من يزعم أن هذا الاستعمال مخصوص بالشعر ويستشهد بقول امرئ القيس:
حلفت لها بالله حلفة فاجر
…
لناموا فما إن من حديث ولا صال
والصحيح جواز استعماله في أفصح الكلام.
ونظير استعماله في هذا الحديث قوله تعالى: (ولئن أرسلنا ريحًا فرأوه مصفرًا لظلوا من بعده يكفرون)[الروم: 51].
ونظيره أيضًا: (فوالله لترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فأناخ).
قوله: (ظلمًا) قال الشيخ أكمل الدين في "شرح المشارق": نصبه على أنه مفعول له، أو حال من الفاعل، أي: من أخذ حال كونه ظالمًا أو صفة لمصدر محذوف أي: أخذًا ظلمًا، والضمير المستتر في (طُوِّقَه) القائم مقام الفاعل يعود إلى (من) والبارز إلى السير.
قوله: (طُوِّقَهُ من سبع أرَضين): سئل أبو القاسم الزجاجي: ما العلة في تحريك (أرضين) ولم يحركوا (خمسين) في العدد؟ فأجاب: العلة في ذلك أن الأرض مؤنثة بلا خلاف، ويقال في تصغيرها: أُرَيْضة، وما كان على ثلاثة أحرف من الأسماء المؤنثة ساكن الوسط مفتوح الأول نحو: صفحة وجفنة وضربة، فإذا جمع السلامة فتح الأوسط منه فقيل: صفحات وجفنات وضربات وأرضات، ثم لما قالوا: أرَضون. فجمعوها بالواو والنون تشبيهًا لها بمائة، وثبة، وعزة وبابها، لأنها مؤنثة، تلا أنها مؤنثة وإن لم تكن مثلها في النقصان، لأنهم قد يشبهون الشيء بالشيء وإن لم يكن مثله في جميع أحواله، حركوا وسطها بالفتح كما يحركونه مع الألف والتاء، لأنه هو الأصل، فقالوا: أرَضون، ففتحوا كما قالت: أرَضات، ففتحوا، لأن ذلك هو الأصل، وهذا داخل عليه.
فأمّا (خمسون) فليس مثل (أرضين) في شيء، لأنه اسم مبني للجمع من لفظ خمسة، ولا واحد له من لفظه ينطق به، وإنما هو بمنزلة ثلاثين من ثلاثة، وأربعين من أربعة، ولم يجمع خمسة في العدد خمسات، ثم يدخل الواو والنون عليها، كما قيل في أرض أرضات، ثم أدخل الواو والنون عليها، فدلت على حركتها.
قال سيبويه: قلت للخليل: لم قالوا: الأهْلون، فأسكنوا الهاء ولم يحركوها كما حركوا أرضين؟ فقال: لأن الأهل مذكر، فأدخلوا الواو والنون فيه على ما يستحقه، ولم يحتج إلى تحريكه إذ ليس بمؤنث يجمع في بعض الأحوال بالألف والتاء، فيحرك لذلك.
قال سيبويه: فقلت له: فلم قالوا: أهَلات، فحركوا حين جمعوا بالألف والتاء، قال المخَبَّلُ السعدي:
وهم أهَلاتٌ حول قيس بن عاصم
…
إذا أدلجوا بالليل يدعون كوثرا