الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
228 - حديث: "لا تَدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم لا توافقوا ساعة إجابة
".
قال الطيبي: قوله: (لا توافقوا) نهى الداعي، وعلة النهي أي لا تدعوا أي لا توافقوا ساعة إجابة فتندموا.
قوله: فيستجيبَ: نصب على أنه جواب النهي، من قبيل: لا تدْنُ من الأسد يأكلْك، على مذهب الكسائي. ويحتمل أن يكون مرفوعًا أي: فهو يستجيب.
229 - حديث: "أنّ عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق فقال يا رسول الله ما كدت أنْ أصليَ العصر حتى كادت الشمسُ تغربُ
".
قال ابن مالك: تضمّن هذا الحديث وقوع خبر كاد مقرونا بأن، وهو مما خفي على أكثر النحويين، أعني وقوعه في كلام لا ضرورة فيه، والصحيح جواز وقوعه، إلا إنّ عدم وقوعه مقرونًا بأنْ أكثر وأشهر من وقوعه مقرونًا، ولذلك لم يقع في القرآن إلاّ غير مقرون بأن نحو:(وما كادوا يفعلون)[البقرة: 71]، (لا يكادون يفقهون) [النساء: 78]، (يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار) [النور: 43].
ولا يمنع عدم وقوعه في القرآن مقرونًا بأنْ، من استعماله قياسًا لو لم يرد به
سماع. لأن السبب المانع من اقتران الخبر بأنْ في باب المقاربة هو دلالة الفعل على الشروع نحو طفق وجعل، فإنّ (أنْ) تقتضي الاستقبال، وفعل الشروع يقتضي الحال، فتنافيا، وما لا يدل على الشروع كعسى وأوشك وقرب وكاد، فمقتضاه مستقبل، فاقتران خبره بأنْ يؤكده، فإنها تقتضي الاستقبال، وذلك مطلوب، ومانعه مغلوب.
فإذا انضم إلى هذا التعليل استعمال فصيح، ونقل صحيح كما في الحديث المذكور، وفي قول أنس:(ما كدنا أن نصلَ إلى رحالنا)، وقول بعض الصحابة:(والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج)، وقول جبير بن مطعم:(كاد قلبي أن يطير)، تأكد الدليل ولم يوجد إلى مخالفته سبيل.
وقد اجتمع الوجهان في قول عمر: (ما كدت أن أصلي العصر ..) أي (حتى كادت الشمسُ تغربُ) وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كاد الحسب يغلب القدر، وكاد الفقرُ أن يكون كفرًا)، ومن الشواهد الشعرية في هذه المسألة قول الشاعر:
أبيتم قبول السلم منا فكدتم
…
لدى الحرب أن تغنوا السيوف عن السَّلِّ
وهذا الاستعمال مع كونه في شعر ليس بضرورة، ليتمكن مستعمله من أن يقول: لدى الحرب تغنون السيوف عن السل.
وأنشد سيبويه:
فلم أرَ مثليها خُباسةَ واحدٍ
…
ونهنهتُ نفسي بعد ما كدتُ أَفْعَلهْ
وقال: أراد (بعد ما كدت أن أفعله)، فحذف أنْ، وأبقى عملها، وفي هذا إشعار بالمراد، أي اقتران كاد بأنْ، لأن العامل لا يحذف ويبقى عمله إلاّ إذا اطرد ثبوته. انتهى.
وقال الكمال ابن الأنباري في كتاب "الإنصاف": لا يستعمل (أنْ) مع (كاد) في اختيار، ولذلك لم يأتي في القرآن، ولا في كلام فصيح، فأما الحديث (كاد الفقر أن يكونَ كفرًا)، فإنْ صحَّ، فزيادة (أنْ) من كلام الراوي، لا من كلامه صلى الله عليه وسلم، لأنه أفصح من نطق بالضاد. انتهى.
وفي حديث مسلم في الذي قاتل قتالاً شديدًا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(هو من أهل النار، فكاد بعض المسلمين أنْ يرتابَ):
قال النووي: هكذا في الأصول، فأثبتت أنْ مع كاد، وهو جائز لكنه قليل.
وفي حديث مسلم في بنيان الكعبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(فكان الرجلُ إذا هو أراد أن يدخلها يدَعَونَه يرتقي حتى إذا كاد أن يدخلَها دفعوه فسقط): قال النووي: هكذا في النسخ كلها: كاد الرجل أن يدخلَ، ففيه حجة بجواز دخول أنْ بعد كاد، وقد كثر ذلك، وهي لغة فصيحة، ومن الأشهر عدمه.