الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ قَالَ لَهَا أهْلُ الإفْكِ مَا قالُوا، فَبَرَأها الله، وكُلٌّ حدّثني طائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ وفِيهِ: فقامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ الله بنِ أُبَيٍّ فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بنِ عُبادَةَ: لَعَمْرُ الله لَنَقْتُلَنَّهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لعمر الله لنقتلنه) والأويسي، نِسْبَة إِلَى أويس مصغر أَوْس بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وبالسين الْمُهْملَة، وَأَوْس هُوَ ابْن سعد بن أبي سرح ينْسب إِلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى بن عَمْرو بن أَوْس شيخ البُخَارِيّ، وَهُوَ مدنِي صَدُوق، قَالَه ابْن أبي حَاتِم، وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، هَؤُلَاءِ هم رجال الطَّرِيق الأول.
وَرِجَال الطَّرِيق الثَّانِي: حجاج على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ ابْن منهال بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون الْأنمَاطِي الْبَصْرِيّ، يروي عَن عبد الله بن عمر النميري بِضَم النُّون وَفتح الْمِيم عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن الزُّهْرِيّ، وَقد مضى الحَدِيث مطولا، فِي مَوَاضِع فِي قَضِيَّة الْإِفْك وَفِي الشَّهَادَات عَن أبي الرّبيع، وَفِي الْمَغَازِي وَفِي التَّفْسِير وَفِي الْأَيْمَان عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله، وَسَيَجِيءُ أَيْضا فِي التَّوْحِيد وَفِي الِاعْتِصَام، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
قَوْله: (فاستعذر) أَي: طلب من يعذرهُ من عبد الله بن أبي ابْن سلول أَي: من ينصفه مِنْهُ. قَوْله: (فَقَامَ أسيد بن حضير) كِلَاهُمَا بِالتَّصْغِيرِ. قَوْله: (لنقتلنه) بِصِيغَة جمع الْمُتَكَلّم، وَاللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد، وَكَذَلِكَ النُّون الْمُشَدّدَة.
41 -
(بابٌ { (2) لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي فِي إيمَانكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ وَالله غَفُور حَلِيم} (الْبَقَرَة:
522)
أَي: هَذَا بَاب مترجم بقوله تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم}
…
الْآيَة كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره {لَا يُؤَاخِذكُم الله} إِلَى قَوْله:{بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} وَهَذِه الْآيَة فِي سُورَة الْبَقَرَة. وَأما الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة فَإِنَّهُ ذكرهَا فِي أول كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور، وَقد مضى هُنَاكَ تَفْسِير اللَّغْو. قَوْله:{بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} أَي: عزمتم وقصدتم وتعمدتم، لِأَن كسب الْقلب الْقَصْد وَالنِّيَّة وَالله غَفُور لِعِبَادِهِ حَلِيم عَنْهُم.
3666 -
حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى حدّثنا يَحْيَاى عنْ هِشامٍ قَالَ: أخْبَرنِي أبي عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ} (الْبَقَرَة: 522) قَالَ: قالَتْ: أُنْزِلَتْ فِي قَوْلِهِ: لَا وَالله، وبَلَى وَالله. (انْظُر الحَدِيث 3164) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. ويحيي هُوَ الْقطَّان، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، وَقَالَ أَبُو عمر: تفرد يحيى بن سعيد بِذكر السَّبَب فِي نزُول الْآيَة الكرمية وَلم يذكرهُ أحد غَيره، قيل: صرح بَعضهم بِرَفْعِهِ عَن عَائِشَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث إِبْرَاهِيم الصَّائِغ عَن عَطاء عَنْهَا: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَغْو الْيَمين هُوَ كَلَام الرجل فِي بَيته: كلا وَالله وبلى وَالله، وَأَشَارَ أَبُو دَاوُد إِلَى أَنه اخْتلف على عَطاء وعَلى إِبْرَاهِيم فِي رَفعه وَوَقفه.
51 -
(بابٌ إِذا حَنثَ ناسِياً فِي الأيْمانِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا حنث الْحَالِف حَال كَونه نَاسِيا وَلم يبين حكمه كعادته فِي الْأَبْوَاب الْمَاضِيَة.
وقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ} (الْأَحْزَاب: 5) وَقَالَ: {لَا تؤاخذني بِمَا نسيت} (الْكَهْف: 37) .
ثُبُوت الْوَاو فِي {وَلَيْسَ} رِوَايَة لقوم، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِدُونِ الْوَاو، أَي: لَيْسَ عَلَيْكُم إِثْم فِيمَا فعلتموه مخطئين، وَلَكِن الْإِثْم فِيمَا تعمدتموه، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا ينسبون زيد بن حَارِثَة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُونَ: زيد بن مُحَمَّد، فنهاهم عَن ذَلِك وَأمرهمْ أَن ينسبوهم
لِآبَائِهِمْ الَّذين ولدوهم وَثمّ قَالَ: {وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ} (الْأَحْزَاب: 5) قبل النَّهْي، وَيُقَال: إِن هَذَا على الْعُمُوم فَيدْخل فِيهِ كل مخطىء، وغرض البُخَارِيّ هَذَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث الْبَاب. قَوْله:{وَقَالَ: لَا تؤاخذني بِمَا نسيت} (الْكَهْف: 37) هَذِه فِي آيَة أُخْرَى فِي سُورَة الْكَهْف يُخَاطب مُوسَى عليه السلام بقوله: لَا تؤاخذني الْخضر عليه السلام، وَذَلِكَ بعد مَا جرى من أَمر السَّفِينَة، وروى ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: كَانَت الأولى من أَمر مُوسَى النسْيَان، وَالثَّانيَِة الْعذر، وَلَو صَبر لقص الله علينا أَكثر مِمَّا قصّ، وَبِهَذَا اسْتدلَّ أَيْضا على أَن النَّاسِي لَا يُؤَاخذ بحنثه فِي يَمِينه. فَإِن قلت: الْخَطَأ نقيض الصَّوَاب، وَالنِّسْيَان خلاف الذّكر، وَلم يذكر فِي التَّرْجَمَة إلَاّ النسْيَان وَلَا تطابقها إلَاّ الْآيَة الثَّانِيَة، وَكَذَلِكَ لَا يُنَاسب التَّرْجَمَة من أَحَادِيث الْبَاب إلَاّ الَّذِي فِيهِ تَصْرِيح بِالنِّسْيَانِ، وَالْآيَة الأول لَا مُطَابقَة لَهَا فِي الذّكر هُنَا، أَلا يرى أَن الدِّيَة تجب فِي الْقَتْل بالْخَطَأ وَإِذا أتلف مَال الْغَيْر خطأ فَإِنَّهُ يغرم؟ .
قلت: إِنَّمَا ذكر الْآيَة الأولى وَأَحَادِيث الْبَاب على الِاخْتِلَاف ليستنبط كل أحد مِنْهَا مَا يُوَافق مذْهبه، وَلِهَذَا لم يذكر الحكم فِي التَّرْجَمَة، وَإِنَّمَا ذكرهَا لِأَنَّهَا أصُول الْأَحْكَام ومواد الاستنباط الَّتِي يصلح أَن يُقَاس عَلَيْهَا، وَوُجُوب الدِّيَة فِي الْخَطَأ وغرامة المَال بإتلافه خطأ من خطاب الْوَضع فتيقظ فَإِنَّهُ مَوضِع دَقِيق.
4666 -
حدّثنا خلَاّدُ بنُ يَحْيَاى حدّثنا مِسْعَرٌ حدّثنا قَتادةُ حَدثنَا زُرارَةُ بنُ أوْفَى عنْ أبي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ: إنَّ الله تَجاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ أوْ حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَها مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أوْ تَكَلَّمْ. (انْظُر الحَدِيث 8252 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الوسوسة من متعلقات عمل الْقلب كالنسيان.
وخلاد بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام السّلمِيّ بِضَم السِّين الْمُهْملَة، ومسعر بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون السِّين وَفتح الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ ابْن كدام بِكَسْر الْكَاف، وزرارة بِضَم الزَّاي وَتَخْفِيف الرَّاء الأولى ابْن أوفى بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وبالفاء العامري قَاضِي الْبَصْرَة.
والْحَدِيث مضى فِي الطَّلَاق عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم وَفِي الْعتاق عَن مُحَمَّد بن عرْعرة، وَذكر الْإِسْمَاعِيلِيّ أَن الْفُرَات بن خَالِد أَدخل بَين زُرَارَة وَبَين أبي هُرَيْرَة فِي هَذَا الْإِسْنَاد رجلا من بني عَامر، وَهُوَ خطأ، فَإِن زُرَارَة من بني عَامر فَكَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ: عَن زُرَارَة رجل من بني عَامر، فَظَنهُ آخر وَلَيْسَ كَذَلِك.
قَوْله: (يرفعهُ) أَي: يرفع أَبُو هُرَيْرَة الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: إِنَّمَا قَالَ: يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ليَكُون أَعم من أَنه سَمعه مِنْهُ أَو من صَحَابِيّ آخر سَمعه مِنْهُ. انْتهى. وَقَالَ بَعضهم: وَلَا اخْتِصَاص لذَلِك بِهَذِهِ الصِّيغَة، بل مثله فِي قَوْله: قَالَ، وَعَن، وَإِنَّمَا يرفع الِاحْتِمَال إِذا قَالَ: سَمِعت أَو نَحوه. قُلْنَا: غَرَض هَذَا الْقَائِل تحريشه على الْكرْمَانِي وإلَاّ فَلَا حَاجَة إِلَى هَذَا الْكَلَام لِأَنَّهُ مَا ادّعى الِاخْتِصَاص، وَلَا قَوْله ذَلِك يُنَافِي غَيره، يعرف بِالتَّأَمُّلِ، وَذكر الْإِسْمَاعِيلِيّ أَن وكيعاً رَوَاهُ عَن مسعر وَلم يرفعهُ، قَالَ: وَالَّذِي رَوَاهُ ثِقَة فَوَجَبَ الْمصير إِلَيْهِ. قَوْله: (تجَاوز لأمتي) وَفِي رِوَايَة هِشَام عَن قَتَادَة: عَن أمتِي، وَهُوَ أوجه. قَوْله:(أَو حدثت بِهِ) وَفِي رِوَايَة هِشَام: عَمَّا وسوست بِهِ وَمَا حدثت بِهِ، من غير تردد، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم. قَوْله:(أَنْفسهَا) بِالنّصب عِنْد الْأَكْثَرين وَعند بَعضهم بِالرَّفْع. قَوْله: (أَو تكلم) ، بِالْجَزْمِ أَرَادَ أَن الْوُجُود الذهْنِي لَا أثر لَهُ وَإِنَّمَا الِاعْتِبَار بالوجود القولي فِي القوليات والعملي فِي العمليات، قيل: لَو أصر على الْعَزْم على الْمعْصِيَة يُعَاقب عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا، وَأجِيب بِأَن ذَلِك لَا يُسمى وَسْوَسَة وَلَا حَدِيث نفس، بل هُوَ نوع من عمل الْقلب.
5666 -
حدّثنا عُثمانُ بُ الهَيْثَمِ أوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ شِهابٍ يَقُولُ: حدّثني عِيسَى بنُ طَلْحَةَ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عَمْرٍ وبن العاصِ حَدَّثَهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، بَيْنَما هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْر إذْ قامَ إلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: كُنْتُ أحْسِبُ يَا رسولَ الله كَذا وكَذا قَبْلَ كَذَا وكَذَا، ثُمَّ قامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رسولَ الله! كُنْتُ أحْسِبُ كَذَا وكَذا لِهَؤلاءِ الثَّلاثِ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:(افْعَلْ وَلَا حَرَجَ لَهُنَّ كُلِّهنَّ يَوْمَئِذٍ)، فَما سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عنْ شَيْءٍ إلَاّ قَالَ:(إفْعَلْ وَلَا حَرَجَ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن البُخَارِيّ ألحق الحسبان بِالنِّسْيَانِ لِأَن كلاًّ مِنْهُمَا من عمل الْقلب.
وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن الجهم أَبُو عمر الْمُؤَذّن الْبَصْرِيّ. قَوْله: (أَو مُحَمَّد عَنهُ) أَي: أَو حَدثنِي مُحَمَّد عَنهُ. أَي: عَن عُثْمَان بن الْهَيْثَم عَن ابْن جريج، وَمُحَمّد هَذَا هُوَ ابْن يحيى الذهلي، وكل وَاحِد من عُثْمَان وَمُحَمّد بن يحيى من شُيُوخ البُخَارِيّ. وَأخرج الْإِسْمَاعِيلِيّ هَذَا الحَدِيث من طَرِيق مُحَمَّد بن يحيى الذهلي عَن عثمن بن الْهَيْثَم بِهِ، وَقد مر نَحْو هَذَا فِي أَوَاخِر كتاب اللبَاس فِي: بَاب الذريرة، حَدثنَا عُثْمَان بن الْهَيْثَم أَو مُحَمَّد عَنهُ عَن ابْن جريج
…
الحَدِيث، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَعِيسَى بن طَلْحَة بن عبيد الله التَّيْمِيّ الْقرشِي.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب الْفتيا وَهُوَ وَاقِف على ظهر الدَّابَّة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (كنت أَحسب كَذَا وَكَذَا قبل كَذَا وَكَذَا)، أَي: كنت أَحسب الطّواف قبل الذّبْح أَو الذّبْح قبل الْحلق. قَوْله: (ثمَّ قَامَ آخر) أَي: رجل آخر. قَوْله: (لهَؤُلَاء الثَّلَاث)، وَهِي: الذّبْح وَالْحلق وَالطّواف. قَوْله: (لَهُنَّ) أَي: قَالَ لأجل هَؤُلَاءِ الثَّلَاث: إفعل وَلَا حرج عَلَيْك فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير.
6666 -
حدّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ حَدثنَا أبُو بَكْرٍ عنْ عَبْدِ العَزِيزِ بنِ رُفَيْعٍ عنْ عَطاءٍ عنِ ابنِ عبَّاسِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رجُلٌ لِلنبيِّ صلى الله عليه وسلم: زُرْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ، قَالَ:(لَا حَرَجَ) قَالَ آخَرُ: حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ، قَالَ:(لَا حَرَجَ) قَالَ آخَرُ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ، قَالَ:(لَا حَرَجَ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة مَعَ أَنه لَيْسَ فِيهِ ذكر الْيَمين هِيَ بَيَان رفع الْقَلَم عَن النَّاسِي والمخطىء وَنَحْوهمَا، وَعدم الْجنَاح فِيهِ وَعدم الْمُؤَاخَذَة، قَالَه الْكرْمَانِي، وَقَالَ أَيْضا: هَذَا الحَدِيث وَمَا بعده من الْأَحَادِيث مناسبتها بِهَذَا الْوَجْه وَفِيه تَأمل.
وَأَبُو بكر هُوَ ابْن عَيَّاش بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة الْقَارِي، وَعبد الْعَزِيز بن رفيع بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالعين الْمُهْملَة أَبُو عبد الله الْأَسدي الْمَكِّيّ سكن الْكُوفَة وَسمع أنس بن مَالك، وَعَن جرير: أَتَى عَلَيْهِ نَيف وَتسْعُونَ سنة وَكَانَ يتَزَوَّج وَلَا يمْكث حَتَّى تَقول الْمَرْأَة: فارقني من كَثْرَة جمَاعه، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْحَج مَعَ شَرحه. قَوْله: (زرت) يَعْنِي: طفت طواف الزِّيَارَة، وَهُوَ طواف الرُّكْن.
7666 -
حدّثني إسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ حَدثنَا أبُو أُسامَةَ حدّثنا عُبيْدُ الله بنُ عُمَرَ عنْ سَعِيدٍ ابنِ أبي سَعِيدٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رَجُلاً دَخَل المَسْجِدَ فَصَلَّى ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي ناحِيَةِ المَسْجِدِ، فَجاءَ فَسَلَمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ:(ارْجِعْ فَصَلِّ فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)، فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ سَلَّمَ فَقَالَ:(وعَلَيْكَ! ارْجِعْ فَصلِّ فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) قَالَ فِي الثّالِثَةِ: فأعْلِمْنِي. قَالَ: (إِذا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فأسْبِغِ الوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ واقْرَأْ بِما تَيَسَّرَ مَعَكَ مِن القُرْآنِ ثمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ راكِعاً ثُمَّ ارْفَعْ رَأسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ قائِماً ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ ساجِداً ثمَّ ارْفَعْ حتَّى تَسْتَوِيّ وتَطْمَئِنَّ جالِساً. ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ ساجِداً ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَسْتَوِيَ قائِماً ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صلاتِكَ كُلِّها) .
قيل: لَا مُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث والترجمة. وَلَيْسَ فِيهِ ذَلِك: يَمِين.
قلت: هَذَا الحَدِيث قد مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب وجوب الْقِرَاءَة للْإِمَام وَالْمَأْمُوم، وَفِيه: وَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أحسن غَيره، فَيدْخل فِي الْبَاب من هَذِه الْحَيْثِيَّة. .
وَأَبُو أُسَامَة هُوَ حَمَّاد بن أُسَامَة، وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ، وَسَعِيد هُوَ المَقْبُري.
وَفِيه: حجَّة قَاطِعَة لأبي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي جَوَاز الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة بِمَا تيَسّر.
8666 -
حدّثنا فَرْوَةُ بنُ أبي المَغْراءِ حدّثنا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ عنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: هُزِمَ المُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ هَزِيمَةً تُعَرَفُ فِيهِمْ، فَصَرَخَ إبْلِيس: أَي عِبادَ الله أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ فاجتَلَدَتْ هِيَ وأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ بنُ اليَمانِ فَإِذا هُوَ بِأبِيهِ فَقَالَ: أبي أبي. قالَتْ: فَوَالله مَا انْحَجَزُوا حتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ الله لكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ: فَوَالله مَا زالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْها بَقِيَّةٌ حتَّى لَقِيَ الله.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يُنكر على الَّذين قتلوا وَالِد حُذَيْفَة لجهلهم، فَجعل الْجَهْل هُنَا كالنسيان، فَبِهَذَا الْوَجْه دخل الحَدِيث فِي الْبَاب مَعَ أَن فِيهِ الْيَمين، وَهُوَ قَول حُذَيْفَة:(فوَاللَّه مَا انحجزوا) .
وفروة بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وبالواو ابْن أبي المغراء بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وبالراء وبالمد أَبُو الْقَاسِم الْكِنْدِيّ الْكُوفِي، وَعلي بن مسْهر على وزن اسْم الْفَاعِل من الإسهار بِالسِّين الْمُهْملَة أَبُو الْحسن الْقرشِي الْكُوفِي، تولى قَضَاء نواحي الْموصل مَاتَ سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة.
والْحَدِيث مضى فِي آخر المناقب فِي: بَاب ذكر حُذَيْفَة بن الْيَمَان، وَفِي غَزْوَة أحد.
قَوْله: (هزم) على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمَاضِي، وَكَذَلِكَ قَوْله:(تعرف) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (أَي عباد الله)، أَي: يَا عباد الله. قَوْله: (أخراكم) قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: يَا عباد الله إحذروا الَّذين من وَرَائِكُمْ واقتلوهم، وَالْخطاب للْمُسلمين، أَرَادَ إِبْلِيس تثبيطهم لِيُقَاتل الْمُسلمُونَ بَعضهم بَعْضًا، فَرَجَعت الطَّائِفَة الْمُتَقَدّمَة قَاصِدين لقِتَال الْأُخْرَى ظانين أَنهم من الْمُشْركين، فتجالد الطائفتان. وَيحْتَمل أَن يكون الْخطاب للْكَافِرِينَ. قَوْله:(أبي أبي)، وَقع مكرراً يَعْنِي: يَا قومِي هَذَا أبي لَا تقتلوه، فَقَتَلُوهُ ظانين أَنه من الْمُشْركين. قَوْله:(مَا انحجزوا) بالزاي أَي: مَا امْتَنعُوا وَمَا انفكوا حَتَّى قَتَلُوهُ، يُقَال: حجزه حجزاً إِذا مَنعه. قَوْله: (مِنْهَا) أَي: من قَتله أَبِيه. قَوْله: (بَقِيَّة) مَرْفُوع بقوله: قَوْله: (مَا زَالَت) . قَالَ الْكرْمَانِي: أَي بَقِيَّة حزن وتحسر من قتل أَبِيه بذلك الْوَجْه.
قلت: هَكَذَا فسره الْكرْمَانِي، على أَن لفظ: بَقِيَّة، مَرْفُوعَة وَهِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: بَقِيَّة خير، بِالْإِضَافَة أَي: اسْتمرّ الْخَيْر فِيهِ. وَقَالَ بَعضهم: وهم الْكرْمَانِي فِي تَفْسِيره وَالصَّوَاب من المُرَاد أَنه حصل لَهُ خير بقوله للْمُسلمين الَّذين قتلوا أَبَاهُ خطأ بقوله: عَفا الله عَنْكُم، وَاسْتمرّ ذَلِك الْخَيْر فِيهِ.
قلت: نِسْبَة الْكرْمَانِي إِلَى الْوَهم وهم، لِأَن الْكرْمَانِي إِنَّمَا فسره على رِوَايَة الْكشميهني على مَا ذَكرْنَاهُ، وَالْأَقْرَب فِيهَا مَا فسره لِأَنَّهُ تحسر غَايَة التحسر على قتل أَبِيه على يَد الْمُسلمين على مَا لَا يخفى.
9666 -
حدّثني يُوسُفُ بنُ مُوسى احدّثنا أبُو أُسامَةَ قَالَ: حدّثني عَوْفٌ عنْ خِلاِسٍ ومُحَمَّدٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أكَلَ نَاسِياً وهْوَ صائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فإنّما أطْعَمَهُ الله وسَقاهُ) . (انْظُر الحَدِيث 3391) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (نَاسِيا) بِمُجَرَّد ذكره من غير قيد بِشَيْء من الْيَمين أَو غَيرهَا.
يُوسُف بن مُوسَى بن رَاشد الْقطَّان الْكُوفِي، سكن بَغْدَاد، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وعَوْف بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وبالفاء وَهُوَ الْمَشْهُور بالأعرابي، وخلاس بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف اللَّام وبالسين الْمُهْملَة ابْن عَمْرو الهجري، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين وَهُوَ عطف على خلاس.
والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الصَّوْم فِي: بَاب الصَّائِم إِذا أكل أَو شرب.
0766 -
حدّثنا آدم بنُ أبي إياسٍ حدّثنا ابنُ أبي ذِئْبٍ عنِ الزُّهْرِيِّ عنِ الأعْرَجِ عنْ عَبْدِ الله بن بُحَيْنَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُوليَيْنِ قَبْلَ أنْ يَجْلِسَ، فَمَضى فِي صلاتِهِ، فَلمَّا قَضَي صَلَاتَهُ انْتَظَر النَّاسُ تَسْلِيمَهُ فَكَبَّرَ وسَجَدَ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ رَفَع رَأْسَهُ ثُمَّ كَبَّرَ وسَجَدَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وسَلَّمَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ ترك الْقعدَة الأولى نَاسِيا. فَيدْخل فِي الْبَاب من هَذِه الْحَيْثِيَّة. وَاسم ابْن أبي ذِئْب مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن أبي ذِئْب واسْمه هِشَام بن سعد، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، وَعبد الله بن بُحَيْنَة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون وَهُوَ اسْم أمه وَأَبوهُ مَالك الْهَاشِمِي.
والْحَدِيث تقدم فِي أَبْوَاب سُجُود السهود فِي آخر كتاب الصَّلَاة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
1766 -
حدّثني إسْحَاقُ بنُ إبْراهِيمَ سَمِعَ عَبْدَ العَزِيزِ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ حدّثنا مَنْصُورٌ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ عَلَقْمَةَ عنِ ابْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه، أنَّ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم صلى بِهِمْ صَلاةَ الظُّهْرِ فَزَادَ، أوْ نَقَصَ مِنْها، قَالَ مَنْصُورٌ: لَا أدْرِي إبْراهِيمُ وَهِمَ أمْ عَلْقَمَةُ، قَالَ: قِيلَ: يَا رسُولَ الله أقَصُرَتِ الصَّلاةُ أمْ نَسِيتَ؟ قَالَ: (وَمَا ذَاكَ؟) قالُوا: صَليْتَ كَذَا وكَذَا، قَالَ: فَسَجدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ:(هاتانِ السَّجْدَتانِ لِمَنْ لَا يَدْرِي زادَ فِي صَلاتِهِ أمْ نَقَصَ، فَيَتَحَرَّى الصَّوابَ فَيتُمَّ مَا بَقِيَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (أم نسيت) وَلَكِن بالتعسف، وَالْأَحْسَن أَن يُقَال: ذكر هَذَا الحَدِيث بطرِيق الاستطراد للْحَدِيث السَّابِق.
وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن رَاهَوَيْه.
قَوْله: (سمع عبد الْعَزِيز) تَقْدِيره أَنه سمع عبد الْعَزِيز، وعادتهم أَنهم يسقطون مثل هَذَا فِي الْخط فِي بعض الأحيان، وَعبد الْعَزِيز هُوَ ابْن عبد الصَّمد الْعمي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم الْبَصْرِيّ.
قلت: الْعمي نَوْعَانِ: الأول: مَنْسُوب إِلَى قَبيلَة عَم من بني تيم وَفِيهِمْ كَثْرَة. وَالثَّانِي: لقب زيد بن الْحوَاري لقب بِهِ لِأَنَّهُ كلما كَانَ يُسأل عَن شَيْء قَالَ: حَتَّى أسأَل عمي. وَأما عبد الْعَزِيز الْمَذْكُور فَالظَّاهِر أَنه مَنْسُوب إِلَى عَم الْقَبِيلَة، وَقد ذكر ابْن مَاكُولَا جمَاعَة ينسبون إِلَى عَم، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وعلقمة هُوَ ابْن قيس.
والْحَدِيث قد مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب التَّوَجُّه نَحْو الْقبْلَة عَن عُثْمَان عَن جرير عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة، قَالَ: قَالَ عبد الله: صلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم
…
قَوْله: (فَزَاد أَو نقص) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (قَالَ مَنْصُور: لَا أَدْرِي إِبْرَاهِيم وهم) أَي: فِي الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان قَوْله: (أم عَلْقَمَة) أَي: أَو وهم عَلْقَمَة، وَهُوَ بِفَتْح الْهَاء. قَالَ الْجَوْهَرِي: ووهمت فِي الْحساب أوهم أَي: غَلطت وسهوت، وهمت فِي الشَّيْء بِالْفَتْح أوهم وهما إِذا ذهب وهمك إِلَيْهِ وَأَنت تُرِيدُ غَيره. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لفظ أقصرت صَرِيح فِي أَنه نقص.
قلت: هَذَا خلط من الرَّاوِي وَجمع بَين الْحَدِيثين، وَقد فرق بَينهمَا على الصَّوَاب فِي كتاب الصَّلَاة قَالَ فِي: بَاب اسْتِقْبَال الْقبْلَة: عَن مَنْصُور عَن إبرايهم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ إِبْرَاهِيم: لَا أَدْرِي زَاد أَو نقص، فَلَمَّا سلم قيل لَهُ يَا رَسُول الله أحدث فِي الصَّلَاة شَيْء؟ قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالُوا: صليت كَذَا
…
إِلَى آخِره. وَقَالَ فِي: بَاب سُجُود السَّهْو، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم انْصَرف من اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أقصرت الصَّلَاة أم نسيت؟ وَيحْتَمل أَن يُجَاب بِأَن المُرَاد من الْقصر لَازمه وَهُوَ التَّغَيُّر، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أغيرت الصَّلَاة عَن وَضعهَا؟ انْتهى.
قلت: فِي رِوَايَة جرير عَن مَنْصُور قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم: لَا أَدْرِي أزاد أَو نقص. فَجزم بِأَن إِبْرَاهِيم هُوَ الَّذِي تردد، وَهَذَا يدل على أَن منصوراً حِين حدثت عبد الْعَزِيز كَانَ متردداً هَل عَلْقَمَة قَالَ ذَلِك أَو إِبْرَاهِيم؟ وَحين حدت جَرِيرًا كَانَ جَازِمًا بإبرهيم. قَوْله:(يتحَرَّى) أَي: يجْتَهد فِي تَحْقِيق الْحق بِأَن يَأْخُذ بِالْأَقَلِّ لَهُ.
2766 -
حدّثنا الحُمَيْدِيُّ حَدثنَا سُفْيانُ حدّثنا عُمرُو بنُ دِينارٍ أَخْبرنِي سعَيدُ بنُ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ ل ابنِ عَبَّاسٍ: فَقَالَ: حدّثنا أُبَيُّ بنُ كَعْب أنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تُؤَاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أمْرى عُسْراً) قَالَ: كانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسى عليه السلام نِسْياناً.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي مُجَرّد ذكر النسْيَان من غير قَيده بِشَيْء.
والْحميدِي عبد الله بن الزبير نسب إِلَى أحد أجداده حميد، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
قَوْله: (قلت لِابْنِ عَبَّاس)، مقوله مَحْذُوف تَقْدِيره: قلت لِابْنِ عَبَّاس: حَدثنَا عَن معنى هَذِه الْآيَة، أَو: حَدثنَا مُطلقًا فَقَالَ: حَدثنَا أبي بن كَعْب أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ
…
إِلَى آخِره، وَقد حذف البُخَارِيّ هُنَا أَكثر الحَدِيث فِي قصَّة مُوسَى مَعَ الْخضر عليهما السلام، وَقد مرت بِهَذَا السَّنَد فِي تَفْسِير سُورَة الْكَهْف، وَمَرَّتْ أَيْضا فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب الْخُرُوج فِي طلب الْعلم.
3766 -
قَالَ أبُو عَبْدِ الله: كَتَبَ إلَيَّ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدّثنا مُعاذُ بنُ مُعاذٍ حدّثنا ابنُ عَوْنٍ عنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ البَراءُ بنُ عازِبٍ: وَكَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ لهُمْ فأمَرَ أهْلَهُ أنْ يَذْبَحُوا قَبْلَ أنْ يَرْجعَ لِيَأكُلَ ضَيْفُهُمْ، فَذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلاةِ، فَذَكَرُوا ذالِكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فأمَرَهُ أنْ يُعِيدَ الذَّبْحَ، فَقَالَ: يَا رسولَ الله عِنْدِي عَناقٌ جَذَعٌ عَنَاقُ لبَنٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ شاتَيْ لَحْمٍ، فَكانَ ابنُ عَوْنٍ يَقِف فِي هَذَا المكانِ عنْ حَديثِ الشّعْبِيِّ. ويُحَدِّثُ عنْ مُحَمَّدِ بنِ سيرِينَ بِمِثْلِ هاذَا الحَدِيث، ويَقِفُ فِي هاذا المَكانِ ويَقُولُ: لَا أدْرِي أبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ غَيْرَهُ أمْ لَا.
رَواهُ أيُّوبَ عنِ ابنِ سِيرينَ عنْ أنَس عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. بو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله: (كتب إِلَيّ) بتَشْديد الْيَاء، وَمُحَمّد بن بشار فَاعل كتب.
وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث بِصِيغَة الْمُكَاتبَة لم يَقع لَهُ إلاّ فِي هَذَا الْموضع. وَقَالَ المحدثون. الْمُكَاتبَة بِأَن يكْتب إِلَيْهِ بِشَيْء من حَدِيثه. قيل: هُوَ كالمناولة المقرونة بِالْإِجَازَةِ فَإِنَّهَا كالسماع عِنْد الْكثير، وَجوز بَعضهم فِيهَا أَن يَقُول: أخبرنَا وَحدثنَا مُطلقًا. وَالْأَحْسَن تَقْيِيده بِالْكِتَابَةِ.
قَوْله: (حَدثنَا معَاذ) هُوَ الْمَكْتُوب لَهُ، ومعاذ بن معَاذ بِضَم الْمِيم فيهمَا، وَابْن عون هُوَ مُحَمَّد بن عون بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وبالنون وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل قَوْله قَالَ قَالَ الْبَراء بن عَازِب أَي قَالَ الشّعبِيّ قَالَ الْبَراء ظَاهر هَذَا يدل على أَن هَذِه الْقِصَّة وَقعت للبراء بن عَازِب، وَلَكِن وَقع فِيمَا تقدم فِي كتاب الْعِيد أَن الْآمِر بِالذبْحِ هُوَ أَبُو بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء ابْن نيار بِكَسْر النُّون وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء، كَذَا رَوَاهُ زبيد عَن الشّعبِيّ عَن الْبَراء، فَذكر الحَدِيث وَفِيه: فَقَامَ أَبُو بردة بن نيار وَقد ذبح، فَقَالَ: إِن عِنْدِي جَذَعَة
…
الحَدِيث. وروى من طَرِيق مطرف عَن الشّعبِيّ عَن الْبَراء فَقَالَ: ضحى خَال لي يُقَال لَهُ: أَبُو بردة، قبل الصَّلَاة، ووفق الْكرْمَانِي هَذَا بقوله: بِأَن أَبَا بردة خَال الْبَراء كَانُوا أهل بَيت وَاحِد، فَتَارَة نسب الْبَراء إِلَى نَفسه وَتارَة إِلَى خَاله. وَقَالَ غَيره: لَوْلَا اتِّحَاد مخرج الحَدِيث والسند من رِوَايَة الشّعبِيّ عَن الْبَراء لَكَانَ يحمل على التَّعَدُّد، وَالِاخْتِلَاف فِيهِ من الروَاة عَن الشّعبِيّ. قَوْله:(قبل أَن يرجع) فِي رِوَايَة السَّرخسِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: قبل أَن يرجعهم، وَالْمرَاد قبل أَن يرجع إِلَيْهِم. قَوْله:(ضيفهم) بِالرَّفْع لِأَنَّهُ فَاعل. (ليَأْكُل) قَوْله: (فَذكرُوا ذَلِك) أَي: ذبحم قبل الصَّلَاة قَوْله: فَأمره أَي: فَأمره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، الْبَراء أَن يُعِيد الذّبْح بِكَسْر الذَّال، وَقَالَ ابْن التِّين: كَذَا روينَاهُ: الذّبْح، بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَا يذبح وبالفتح مصدر ذبحت. قَوْله:(عِنْدِي عنَاق) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَهُوَ الْأُنْثَى من أَوْلَاد الْمعز. قَوْله: (جذع) بِفَتْح الْجِيم والذال الْمُعْجَمَة وَهِي الطاعنة فِي السّنة الثَّانِيَة. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الْجذع من الْإِبِل مَا طعن فِي السّنة الْخَامِسَة وَمن الْبَقر والمعز مَا دخل فِي السّنة الثَّانِيَة، وَقيل: الْبَقر فِي الثَّالِثَة، وَمن الضَّأْن مَا تمت لَهُ سنة. وَقيل: أقل مِنْهَا. وَمِنْهُم من يُخَالف بعض هَذَا التَّقْدِير. قَوْله: (عنَاق لبن) بِالْإِضَافَة وبالرفع لِأَنَّهُ بدل من قَوْله: (عنَاق) وَقَوله: (جذع) بِالرَّفْع صفة لعناق. قَوْله: (خير) خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هِيَ خير من شاتي لحم، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي الْأَضَاحِي. قَوْله:(فَكَانَ ابْن عون) هُوَ مُحَمَّد بن عون الرَّاوِي (يقف فِي هَذَا الْمَكَان عَن حَدِيث الشّعبِيّ) أَي: يتْرك تكملته وَيَقُول: لَا أَدْرِي أبلغت الرُّخْصَة وَهِي قَوْله صلى الله عليه وسلم: ضح بالعناق الَّذِي عنْدك. قَوْله: (غَيره) أَي: غير الْبَراء. وَقد مر فِي الْأَضَاحِي فِي: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم، لأبي بردة: ضح الْجذع