الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَجَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وكُونُوا عِبادَ الله إخْواناً) .
مطابقته لأثر عقبَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: (إيَّاكُمْ وَالظَّن) ووهيب مصغر وهب هُوَ ابْن خَالِد الْبَصْرِيّ، يروي عَن عبد الله بن طَاوُوس عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب النِّكَاح فِي: بَاب لَا يخْطب على خطْبَة أَخِيه.
قَوْله: (إيَّاكُمْ وَالظَّن) مَعْنَاهُ: اجتنبوه، قَالَ الْمُهلب: هَذَا الظَّن لَيْسَ هُوَ الِاجْتِهَاد على الظَّن وَإِنَّمَا هُوَ الظَّن الْمنْهِي عَنهُ فِي الْكتاب وَالسّنة وَهُوَ الَّذِي لَا يسْتَند إِلَى أصل. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَالْأَظْهَر أَن المُرَاد بِهِ ظن السوء بِالْمُسْلِمين لَا مَا يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ. قَوْله: (أكذب الحَدِيث) قيل: الْكَذِب لَا يقبل الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان. فَكيف جَاءَ مِنْهُ أفعل التَّفْضِيل؟ وَأجِيب: بِأَن مَعْنَاهُ الظَّن أَكثر كذبا من سَائِر الْأَحَادِيث. قيل: الظَّن لَيْسَ بِحَدِيث. وَأجِيب: بِأَنَّهُ حَدِيث نفساني وَمَعْنَاهُ: الحَدِيث الَّذِي منشؤه الظَّن أَكثر كذبا من غَيره. وَقَالَ الْخطابِيّ أَي: الظَّن منشأ أَكثر الْكَذِب. (وَلَا تجسسوا) بِالْجِيم وَهُوَ مَا تطلبه لغيرك (وَلَا تحسسوا) بِالْحَاء وَهُوَ مَا تطلبه لنَفسك. وَقيل: التَّجَسُّس بِالْجِيم الْبَحْث عَن بواطن الْأُمُور وَأكْثر مَا يُقَال ذَلِك فِي الشَّرّ، وَقيل: بِالْجِيم فِي الْخَيْر وَبِالْحَاءِ فِي الشَّرّ، وَقَالَ الْجرْمِي: مَعْنَاهُمَا وَاحِد وهما تطلب معرفَة الْأَخْبَار. قَوْله: (وَلَا تدابروا) أَي: وَلَا تقاطعوا وَلَا تهاجروا.
3 -
(بابُ قَوْل النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنا صَدَقَةٌ))
: أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (لَا نورث) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَلَو رُوِيَ بِكَسْر الرَّاء على صِيغَة الْمَعْلُوم لَكَانَ لَهُ وَجه لصِحَّة الْمَعْنى.
قلت: وَوجه هَذَا أَن الله عز وجل لما بَعثه إِلَى عباده ووعده على التَّبْلِيغ لدينِهِ والصدع بأَمْره الْجنَّة، وَأمره أَن لَا يَأْخُذ أجرا وَلَا شَيْئا من مَتَاع الدُّنْيَا بقوله:{ (25) قل مَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر} (الْفرْقَان: 75، وص: 68) أَرَادَ صلى الله عليه وسلم أَن لَا ينْسب إِلَيْهِ من مَتَاع الدُّنْيَا شَيْء يكون عِنْد النَّاس فِي معنى الْأجر وَالثمن، فَلم يحل لَهُ شَيْء مِنْهَا، وَمَا وصل إِلَى الْمَرْء وَأَهله فَهُوَ وَاصل إِلَيْهِ فَلذَلِك حرم الْمِيرَاث على أَهله لِئَلَّا يظنّ بِهِ أَنه جمع المَال لوَرثَته، كَمَا حرم عَلَيْهِم الصَّدقَات الْجَارِيَة على يَدَيْهِ فِي الدُّنْيَا لِئَلَّا ينْسب إِلَى مَا تَبرأ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَكَذَلِكَ سَائِر الرُّسُل على مَا عرف فِي مَوْضِعه. قَوْله:(مَا تركنَا صَدَقَة) كلمة: مَا، مَوْصُولَة (تركنَا) صلَة (وَصدقَة) بِالرَّفْع خَبره أعنى: خبر: مَا، وَيجوز أَن يقدر فِيهِ لَفْظَة هُوَ: أَي الَّذِي تَرَكْنَاهُ هُوَ صَدَقَة، وَهُوَ معنى قَوْله: إِن آل مُحَمَّد لَا تحل لَهُم الصَّدَقَة، وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:(أَنا معشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة) فَهَذَا عَام فِي جَمِيع الْأَنْبِيَاء عليهم السلام، وَلَا يُعَارضهُ قَوْله تَعَالَى:{وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} (النَّمْل: 61) لِأَن المُرَاد إِرْث النُّبُوَّة وَالْعلم وَالْحكم، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب} (مَرْيَم: 6) .
5276 -
حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا هِشامٌ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُرْوةَ عنْ عائِشَةَ أنَّ فاطِمَة والعَبَّاسَ عليهما السلام، أتَيا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسانِ مِيرَاثَهُما مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهُما حِينَئِذٍ يَطْلُبان أرْضَيْهِما مِنْ فَدَكٍ وسَهْمَهُما مِنْ خَيْبَرَ. فَقَالَ لَهما أَبُو بكر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يَقُول لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة إِنَّمَا يَأْكُل آل مُحَمَّد من هَذَا المَال قَالَ أَبُو بكر وَالله لَا أدع أمرا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يصنعه فِيهِ إِلَّا صَنعته قَالَ فَهجرَته فَاطِمَة فَلم تكَلمه حَتَّى مَاتَت) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الْيَمَانِيّ قاضيها وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ ابْن رَاشد يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ والْحَدِيث مضى بأتم مِنْهُ فِي بَاب فرض الْخمس وَمضى الْكَلَام فِيهِ قَوْله من فدك بِفَتْح الْفَاء وَالدَّال الْمُهْملَة وبالكاف مَوضِع على مرحلَتَيْنِ من الْمَدِينَة كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - صَالح أَهله على نصف أرضه وَكَانَ خَالِصا لَهُ قَوْله من خَيْبَر كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - فتحهَا عنْوَة وَكَانَ خمسها لَهُ لكنه كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يستأثر بِهِ بل ينْفق حَاصله
على أَهله وعَلى الْمصَالح الْعَامَّة قَوْله من هَذَا المَال أَشَارَ بِهِ إِلَى المَال الَّذِي يحصل من خمس خَيْبَر وَكلمَة من للتَّبْعِيض أَي يَأْكُلُون الْبَعْض من هَذَا المَال مِقْدَار نَفَقَتهم قَوْله " لَا أدع " أَي لَا أترك قَوْله فَهجرَته فَاطِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَي هجرت أَبَا بكر يَعْنِي انقبضت عَن لِقَائِه وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ الهجران الْمحرم من ترك الْكَلَام وَنَحْوه وَهِي مَاتَت قَرِيبا من ذَلِك بِسِتَّة أشهر بل أقل مِنْهَا -
7276 -
حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ أبانَ أخبرنَا ابنُ المُبارَكِ عنْ يُونسَ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُرْوَةَ عَنْ عائِشَةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنا صَدَقَةٌ) . (انْظُر الحَدِيث 434 وطرفه) .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور أخرجه عَن إِسْمَاعِيل بن أبان بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْبَاب الْمُوَحدَة وبالنون أبي إِسْحَاق الْوراق الْأَزْدِيّ الْكُوفِي عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
8276 -
حدّثنا يَحْيَاى بنُ بُكَيْرٍ حدّثنا اللَّيْثُ عنْ عَقِيْلٍ عَن ابنِ شِهابٍ قَالَ: أَخْبرنِي مالِكُ بنُ أوْسِ بنِ الحَدَثانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِي ذِكْراً مِنْ حَدِيثِهِ ذالِك، فانْطَلقْتُ حتَّى دَخَلْتُ عَلَيْه فَسألْتُهُ، فَقَالَ: انْطَلَقْتُ حتَّى أدْخُلَ على عُمَرَ فأتاهُ حاجِبُهُ يَرْفَأُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمانَ وعَبْدِ الرَّحْمانِ والزُّبَيْرِ وسَعْدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فأذِنَ لَهُمْ ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وعَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ عَبَّاسٌ: يَا أميرَ المؤْمِنِينَ {اقْضه بَيْنِي وبيْنَ هاذا. قَالَ: أنْشدُكُمْ بِالله الّذِي بإذْنِهِ تَقُوم السَّماءُ والأرضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنا صَدَقَةُ) يُرِيدُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ، فَقَالَ الرَّهْطُ: قَدْ قَالَ ذالِكَ، فأقْبَلَ عَلى عَلِيٍّ وعَبَّاسٍ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمانِ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ؟ قَالَا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ عُمَرُ: فإنِّي أُحدِّثُكُمْ عنْ هاذا الأمْرِ، إنَّ الله قَدْ كَانَ خَصَّ رسولَهُ صلى الله عليه وسلم فِي هاذا الفَيْءه بِشَيءٍ لَمْ يُعْطِهِ أحَداً غَيْرَهُ، فَقَالَ عز وجل: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله} إِلَى قَوْلِهِ {قدير} (الْحَشْر: 6) فكانَتْ خالصَةَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم وَالله مَا احْتازَها دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَ بِها عَليْكُمْ، لَقَدْ أعْطاكُمُوهُ وبَثَّها فِيكُمْ حتَّى بَقِيَ مِنْها هاذا المالُ، فَكَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ عَلى أهْلِهِ مِنْ هاذا المَال نَفَقَة سَنتِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مالِ الله، فَعَمِلَ بِذَلِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَياتَهُ، أنْشُدُكُمْ بِاللَّه} هَلْ تَعْلَمُون ذالِكَ؟ قالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَليٍّ وعَبَّاسٍ: أنْشدُكُما بِاللَّه! هَلْ تَعْلَمانِ ذالِك؟ قَالَا: نَعمْ. فَتَوفَّى الله نَبِيِّهُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أبُو بَكْر: أَنا وَلِيُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَبَضَها فَعَمِلَ بِما عَمِلَ بِهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ تَوَفَّى الله أَبَا بَكْر، فَقُلْتُ: أَنا وَلِيُّ وَلِيِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَبَضْتُها سَنَتَيْنِ أعْمَلُ فِيهَا مَا عَمِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبُو بَكْرٍ، ثمَّ جِئتُمانِي وكَلِمَتُكُما واحِدٌ وأمْرُكُما جَمِيعٌ، جِئتَنِي تَسْألُنِي نَصِيبَكَ مِن ابنِ أخِيكَ. وأتانِي هاذا يَسْألنِي نَصِيبَ امْرأتِهِ مِنْ أبِيها، فَقُلْتُ: إنْ شِئْتُما دَفَعْتُها إلَيْكُما بِذالِكَ، فَتَلْتَمِسانِ مِنِّي قَضاءً غَيْرَ ذالِكَ فَوَالله الّذِي بإذْنِهِ تَقُومُ السَّماءُ والأرْضُ لَا أقْضِي فِيها قَضاءً غَيْرَ
ذالِكَ حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فإنْ عَجَزْتُما فادْفعاها إلَيَّ فَأَنا أكْفِيكُماها.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة) وَيحيى بن بكير وَهُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة مصغر بكر الْمصْرِيّ، يروي عَن لَيْث بن سعد الْمصْرِيّ عَن عقيل بِضَم الْعين المهلمة ابْن خَالِد الْأَيْلِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان بِفَتْح الْحَاء المهلمة وَالدَّال الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة إِلَى آخِره.
والْحَدِيث مضى فِي: بَاب فرض الْخمس بأطول مِنْهُ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْفَروِي: حَدثنَا مَالك بن أنس عَن ابْن شهَاب عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان وَمُحَمّد بن جُبَير ذكر لي من حَدِيثه ذَلِك إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (من حَدِيثه) أَي: من حَدِيث مَالك ابْن أَوْس. قَوْله: (يرفأ) بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الرَّاء وبالفاء مَهْمُوز وَغير مهموزاً وَهُوَ علم حَاجِب عمر رضي الله عنه. قَوْله: (هَل لَك فِي عُثْمَان؟) يَعْنِي ابْن عَفَّان (وَعبد الرَّحْمَن) يَعْنِي ابْن عَوْف (وَالزُّبَيْر) يَعْنِي: ابْن الْعَوام (وَسعد) يَعْنِي: ابْن أبي وَقاص رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، أَرَادَ: هَل لَك رَغْبَة من دُخُولهمْ عَلَيْك؟ قَوْله: (أنْشدكُمْ الله) بِضَم الشين أَي: أَسأَلكُم بِاللَّه. قَوْله: (يُرِيد نَفسه) وَسَائِر الْأَنْبِيَاء عليهم السلام: فَلذَلِك قَالَ: لَا نورث، بالنُّون. قَوْله:(قَالَ الرَّهْط) أَرَادَ بِهِ الصَّحَابَة الْمَذْكُورين. قَوْله: (وَلم يُعْطه غَيره) حَيْثُ خصص الْفَيْء كُله برَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَقيل: أَي حَيْثُ حلل الْغَنِيمَة لَهُ وَلم تحل لسَائِر الْأَنْبِيَاء عليهم السلام. قَوْله: (فَكَانَت خَالِصَة) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والكشميهني: خَاصَّة. قَوْله: (مَا احتازها) بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي أَي: مَا جمعهَا لنَفسِهِ دونكم. قَوْله: (وَلَا أستأثر) أَي: وَلَا استبد بهَا وَتفرد. قَوْله: (لقد أعطاكموه) أَي: المَال وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لقد أعطاكموها أَي الْخَالِصَة. قَوْله: (وبثها فِيكُم) أَي: نشرها وفرقها عَلَيْكُم. قَوْله: (هَذَا المَال) أَشَارَ بِهِ إِلَى الْمِقْدَار من المَال الَّذِي يطلبان حصتهما مِنْهُ. قَوْله: (مجعل مَال الله) أَي: الْموضع الَّذِي جعل مَال الله فِي جِهَة مصَالح الْمُسلمين. قَوْله: (وكلمتكما وَاحِدَة) أَي: متفقان لَا نزاع بَيْنكُمَا. قَوْله: (بذلك) أَي: بِأَن تعملا فِيهِ كَمَا عمل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعمل أَبُو بكر فِيهَا، فدفعتها، إلَيْكُمَا هَذَا الْوَجْه فاليوم جئتما وتسألان مني قَضَاء غير ذَلِك، وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذِه الْقَضِيَّة مشكلة لِأَنَّهُمَا إِذا كَانَا قد أخذا هَذِه الصَّدَقَة من عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على الشريطة فَمَا الَّذِي بدا لَهما بعد حَتَّى تخاصما؟ وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْجَواب أَنه كَانَ شقّ عَلَيْهِمَا الشّركَة فطلبا أَن تقسم بَينهمَا ليستقل كل مِنْهُمَا بِالتَّدْبِيرِ وَالتَّصَرُّف فِيمَا يصير إِلَيْهِ، فمنعهما عمر الْقِسْمَة لِئَلَّا يجْرِي عَلَيْهَا اسْم الْملك، لِأَن الْقِسْمَة إِنَّمَا تقع فِي الْأَمْلَاك ويتطاول الزَّمَان يظنّ بِهِ الملكية. قَوْله:(فتلتمسان) أَي: فتطلبان. قَوْله: (فوَاللَّه الَّذِي) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فوالذي بِحَذْف الْجَلالَة.
9276 -
حدّثنا إسْماعِيلُ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنْ أبي الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَقْتَسِمُ وَرَثتِي دِيناراً، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسِائِي ومَؤُونَةِ عامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ) . (انْظُر الحَدِيث 6772 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن ابْن هُرْمُز.
والْحَدِيث مضى فِي الْخمس والوصايا عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك.
قَوْله: (لَا يقتسم) وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني: لَا يقسم بِحَذْف التَّاء الْفَوْقِيَّة وَهُوَ بِرَفْع الْمِيم على أَن لَا للنَّفْي. وَقَالَ ابْن التِّين: كَذَلِك قرأته، وَكَذَلِكَ فِي (الْمُوَطَّأ) وَرُوِيَ: لَا يقسم، بِالْجَزْمِ كَأَنَّهُ نَهَاهُم إِن خلف شَيْئا أَن لَا يقسم بعده. فَإِن قلت: يُعَارضهُ مَا تقدم فِي الْوَصَايَا من حَدِيث عَمْرو ابْن الْحَارِث الْخُزَاعِيّ: مَا ترك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دِينَارا وَلَا درهما.
قلت: نَهَاهُم هُنَا عَن الْقِسْمَة على غير قطع بِأَنَّهُ لَا يخلف دِينَارا وَلَا درهما، لِأَنَّهُ يجوز أَن يملك ذَلِك قبل مَوته وَلكنه نَهَاهُم عَن قسمته. وَفِي حَدِيث الْخُزَاعِيّ: الْمَعْنى مَا ترك دِينَارا وَلَا درهما لأجل الْقِسْمَة فيتحد مَعْنَاهُمَا. قَوْله: (لَا يقتسم ورثتي) أَي: لَا يقتسمون بِالْقُوَّةِ لَو كنت مِمَّن يُورث، أَو لَا يقتسمون مَا تركته لجِهَة الْإِرْث، فَلذَلِك أَتَى بِلَفْظ: الْوَرَثَة، وقيدها ليَكُون اللَّفْظ مشعراً بِمَا بِهِ الِاشْتِقَاق، وَهُوَ الْإِرْث، فَظهر أَن الْمَنْفِيّ الاقتسام