الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِن الحَدِيث الْمَذْكُور فِي الأَصْل قد اشْتَمَل على ثَلَاثَة أَشْيَاء فَيجوز إِطْلَاق الحَدِيث على كل وَاحِد من الثَّلَاثَة إِذا أفرد، فَقَوْل البُخَارِيّ: بِهَذَا أَي: بِأَصْل الحَدِيث لَا خُصُوص اللَّفْظ المساق انْتهى.
قلت: الِاعْتِرَاض باقٍ على مَا لَا يخفى لِأَن الْإِطْلَاق فِي مَوضِع التَّقْيِيد غير جَائِز. وَقَوله: بِهَذَا، أَي: بِأَصْل الحَدِيث
…
إِلَى آخِره غير سديد لِأَن الْإِشَارَة بِلَفْظ: هَذَا، تكون للحاضر، والحاضر هُوَ اللَّفْظ المساق، وَالْمرَاد من ثَلَاثَة أَشْيَاء ثَلَاثَة أَحَادِيث. الأول: قَوْله صلى الله عليه وسلم: مَا يسرني أَن عِنْدِي مثل أحد هَذَا ذَهَبا. الثَّانِي: حَدِيث: (المكثرين والمقلين) وَالثَّالِث: حَدِيث: (من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة) .
قَالَ أبُو عَبْدِ الله: حَدِيث أبي صالحٍ عنْ أبي الدَّرْداءِ مُرْسَلٌ لَا يَصحُّ، إِنَّمَا أرَدْنا لِلْمَعْرِفَةِ، والصَّحِيحُ حَدِيثُ أبي ذَرٍّ، قِيلَ لأبي عَبْدِ الله: حَدِيثُ عَطاءِ بنِ يَسار عنْ أبي الدَّرْداءِ؟ قَالَ: مُرْسَلٌ أيْضاً لَا يَصِحُّ والصَّحيحُ حَديثُ أبي ذرٍّ. وَقَالَ: اضْرِبُوا عَلى حَدِيثِ أبي الدَّرْدَاءِ هاذا، إِذا ماتَ قَالَ: لَا إلاهَ إلَاّ الله، عِنْدَ المَوْتِ.
هَذَا: أَعنِي، قَالَ أَبُو عبد الله
…
إِلَى آخِره لَا يُوجد فِي كثير من النّسخ. وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ. قَوْله: (حَدِيث أبي صَالح) هُوَ ذكْوَان الزيات عَن أبي الدَّرْدَاء عُوَيْمِر بن مَالك مُرْسل لَا يَصح، وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : فِيهِ نظر من حَيْثُ إِن النَّسَائِيّ رَوَاهُ بِسَنَد صَحِيح على شَرط أبي الْحجَّاج الْقشيرِي، فَقَالَ: حَدثنِي قُتَيْبَة عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن الْحسن بن عبيد الله عَن زيد بن وهب وَعَن عَمْرو بن هِشَام عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن إِسْحَاق عَن عِيسَى بن مَالك عَن زيد، عَن أبي الدَّرْدَاء، قَوْله:(إِنَّمَا أردنَا للمعرفة) أَي: لنعرف أَنه قد روى عَنهُ لَا لِأَنَّهُ يحْتَج بِهِ قَوْله: (قيل لأبي عبد الله هُوَ البُخَارِيّ أَيْضا. قَوْله: حَدِيث عَطاء بن يسَار ضد الْيَمين عَن أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: مُرْسل أَي: هُوَ مُرْسل أَيْضا لَا يَصح. قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : فِيهِ نظر أَيْضا، لِأَن الطَّبَرَانِيّ قد أخرجه بِإِسْنَاد جيد: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب العلاف حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة عَن عَطاء بن يسَار، قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
…
فَذكره قَوْله: هَذَا، أَي: هَذَا الَّذِي رُوِيَ عَن أبي الدَّرْدَاء، وَهُوَ قَوْله:(من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا) فِي حق من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، عِنْد الْمَوْت.
41 -
(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مَا أُحِبُّ أنَّ لِي مِثْلَ أُحدٍ ذَهَباً)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (مَا أحب أَن لي مثل أحد ذَهَبا) وَفِي بعض النّسخ: مَا أحب أَن لي أحدا ذَهَبا. وَفِي بَعْضهَا: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم: مَا يسرني أَن عِنْدِي مثل أحد هَذَا ذَهَبا، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق للفظ حَدِيث الْبَاب.
4446 -
حدّثنا الحَسَنُ بن الرَّبِيعِ حدّثنا أبُو الأحْوَصِ عنِ الأعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ أَبُو ذُرٍّ: كُنْتُ أمْشِي مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَرَّةِ المَدِينَةِ، فاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ فَقَالَ:(يَا أَبَا ذَرٍّ {) قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُول الله} قَالَ: (مَا يَسُرُّنِي أنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هاذا ذَهَباً تَمْضِي عَلَيَّ ثالِثَةٌ وعِنْدِي مِنْه دِينارٌ إلَاّ شَيْئاً أرْصُدُهُ لِدَيْنِ، إلَاّ أنْ أقُولَ بِهِ فِي عِبادِ الله هاكَذا وهاكَذَا وهاكَذا) عنْ يَمِينِهِ وعنْ شِمِالِهِ ومِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ مَشَى فَقَالَ:(إنَّ الأكْثَرِينَ هُمُ الأقَلُّونَ يَوْمَ القِيامَةِ إلَاّ مَنْ قَالَ هاكَذَا وهاكَذَا وهاكَذَا) عنْ يَمِينِهِ وعنْ شِمِالِهِ ومِنْ خَلْفِهِ، (وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)، ثُمَّ قَالَ لِي:(مَكانَكَ لَا تَبْرَحْ حتَّى آتِيَكَ) ثُمَّ انْطَلَقَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ حَتَّى تَواراى. فَسَمِعْتُ صَوْتاً قَدِ ارْتَفَعَ فَتَخَوَّفْتُ أنْ يَكُونَ قَدْ عَرَضَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأرَدْتُ أنْ آتِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ لِي:(لَا تَبْرَحْ حتَّى آتِيكَ) فَلَمْ أبْرَحْ حتَّى أتانِي. قُلْتُ: يَا رسولَ الله! لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتاً تَخَوَّفْتُ، فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ: (وَهَلْ
سَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: (ذَاكَ جِبْرِيلُ أتانِي فَقَالَ: مَنْ ماتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّه شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ. قُلْتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ)
مطابقته للتَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ: (مَا يسرني أَن عِنْدِي مثل أحد ذَهَبا) ظَاهِرَة. وَفِي غير هَذَا اللَّفْظ أَيْضا التطابق مَوْجُود من حَيْثُ الْمَعْنى.
وَالْحسن بن الرّبيع بِفَتْح الرَّاء هُوَ أَبُو عَليّ البوراني بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالرَّاء وبالنون، وَقَالَ الرشاطي: ينْسب إِلَى البواري وَهِي حصر من قصب وَكَانَ لَهُ غلْمَان يصنعونها، وَأَبُو الْأَحْوَص هُوَ سَلام بِالتَّشْدِيدِ ابْن سليم، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان.
والْحَدِيث قد رُوِيَ بِزِيَادَة ونقصان عَن أبي ذرٍ كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب السَّابِق.
قَوْله: (فَاسْتقْبلنَا) بِفَتْح اللَّام و: أحد، بِالرَّفْع فَاعله وَفِي رِوَايَة حَفْص بن غياث: فَاسْتقْبلنَا أحدا بِسُكُون اللَّام وَنصب أحدا، على أَنه مفعول. قَوْله:(مَا يسرني) من سره إِذا فرحه وَالسُّرُور خلاف الْحزن. قَوْله: (أَن عِنْدِي مثل أحد هَذَا ذَهَبا) . قَوْله: (ثَالِثَة) أَي: لَيْلَة ثَالِثَة. قيل: قيد بِالثلَاثِ لِأَنَّهُ لَا يتهيأ تَفْرِيق قدر أحد من الذَّهَب فِي أقل مِنْهَا غَالِبا.
قلت: يُعَكر عَلَيْهِ رِوَايَة حَفْص بن غياث: مَا أحب أَن لي أحدا ذَهَبا يَأْتِي على يَوْم وَلَيْلَة أَو ثَلَاث عِنْدِي مِنْهُ دِينَار. قَالَ بَعضهم: وَالْأولَى أَن يُقَال: الثَّلَاث أقْصَى مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي تَفْرِقَة مثل ذَلِك، والواحدة أقل مَا يُمكن.
قلت: ذكر الْيَوْم أَو الثَّلَاث لَيْسَ بِقَيْد، وَإِنَّمَا هُوَ كِنَايَة عَن سرعَة التَّفْرِيق من غير تَأْخِير وَلَا إبْقَاء شَيْء مِنْهُ. وَفِيه أَيْضا مُبَالغَة لقَوْله:(وَعِنْدِي) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (إلَاّ شَيْئا) اسْتثِْنَاء من دِينَار. قَوْله: (أرصده) بِضَم الْهمزَة أَي أعده وأحفظه، وَعَن الْكسَائي والأصمعي، أرصدت لَهُ أَعدَدْت لَهُ ورصدته ترقبته، وَهَذِه الْجُمْلَة أَعنِي: أرصده، فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا صفة لقَوْله:(شَيْئا) ثمَّ إرصاد الْعين أَعم من أَن يكون لصَاحب دين غَائِب حَتَّى يحضر فَيَأْخذهُ، أَو لأجل وَفَاء دين مُؤَجل حَتَّى يحل فيوفى. قَوْله:(لدين) ويروى لديني، بياء الْإِضَافَة. قَوْله:(إلَاّ أَن أَقُول بِهِ) اسْتثِْنَاء بعد اسْتثِْنَاء، قَالَ الْكرْمَانِي، إلَاّ أَن أَقُول اسْتثِْنَاء من فَاعل يسرني أَي: إلَاّ أَن أصرفه، وَقد ذكرنَا غير مرّة أَن الْعَرَب تسْتَعْمل لفظ القَوْل فِي معانٍ كَثِيرَة. قَوْله:(فِي عباد الله) أَي: بَين عباد الله. كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فادخلي فِي عبَادي} (الْفجْر: 92) أَي: بَين عبَادي. قَوْله: (هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا) قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات وَأَشَارَ بهَا بِيَدِهِ، ثمَّ بَين ذَلِك بقوله:(عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَمن خَلفه) وَهَذَا على سَبِيل الْمُبَالغَة، لِأَن الأَصْل فِي الْعَطِيَّة أَن تكون لمن بَين يَدَيْهِ وَهَذِه جِهَة رَابِعَة من الْجِهَات الْأَرْبَع. وَلم يذكر هَهُنَا، وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة أَحْمد بن ملاعب عَن عمر بن حَفْص بن غياث عَن أَبِيه بِلَفْظ: إلَاّ أَن أَقُول بِهِ فِي عباد الله هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، وأرانا بِيَدِهِ وَذكر فِيهِ الْجِهَات الْأَرْبَع. وَأخرجه أَبُو نعيم من طَرِيق سهل بن بَحر عَن عمر بن حَفْص فاقتصر على ثِنْتَيْنِ. قَوْله:(ثمَّ مَشى) أَي: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (إِن الْأَكْثَرين هم الأقلون) ويروى ألَا إِن الْأَكْثَرين هم المقلون، وَقد مَضَت رِوَايَة أُخْرَى، إِن المكثرين هم المقلون، وَفِي رِوَايَة أَحْمد إِن المكثرين هم الأقلون. قَوْله:(إِلَّا من قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا) وَفِي رِوَايَة ابْن شهَاب. إلَاّ من قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا. قَوْله: (وَقَلِيل مَا هم) كلمة: مَا، زَائِدَة مُؤَكدَة للقلة، وهم، مُبْتَدأ، وَقَلِيل، مقدما خَبره. قَوْله:(مَكَانك) بِالنّصب أَي: إلزم مَكَانك. قَوْله: (لَا تَبْرَح حَتَّى آتبك) تَأْكِيد لما قبله، وَفِي رِوَايَة حَفْص: لَا تَبْرَح يَا أَبَا ذَر حَتَّى أرجع. قَوْله: (ثمَّ انْطلق فِي سَواد اللَّيْل) فِيهِ إِشْعَار بِأَن الْقَمَر قد غَابَ. قَوْله: (حَتَّى توارى) أَي: حَتَّى غَابَ عَن بَصرِي. قَوْله: (فَسمِعت صَوتا) وَفِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة: لفظا وصوتاً. قَوْله قد عرض بهم الْعين وروى فتخوفت أَن يكون أحد عرض للنَّبِي صلى الله عليه وسلم أَي لَهُ سوء قَوْله وَإِن زنى وَإِن سرق تعرض وَقع فِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن رفيع.
قلت: يَا جِبْرَائِيل وَإِن سرق وَإِن زنى؟ قَالَ: نعم، وكررها مرَّتَيْنِ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي ثَلَاثًا.
5446 -
حدّثنا أحْمَدُ بنُ شَبِيبٍ حدّثنا أبي عنْ يُونُسَ.
وَقَالَ الليْثُ: حدّثني يُونُسُ عَن ابْن شهابٍ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله بن عُتْبَةَ قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قَالَ رسولُ الله صلى الله