الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ يُونُسُ وابنُ مُسافِرِ ويَحْيَاى بنُ سَعِيدٍ: عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عَطاءٍ عنْ بَعْضِ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
يُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَابْن مُسَافر أَبُو خَالِد، وَيُقَال: أَبُو الْوَلِيد التَّمِيمِي الْمصْرِيّ وَالِي مصر لهشام سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة، وعزل عَنْهَا سنة تسع عشرَة وَمِائَة، وَهُوَ مولى اللَّيْث بن سعد، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ النجاري الْمَدِينِيّ قَاضِي الْمَدِينَة، رأى أنس بن مَالك. وَتَعْلِيق يُونُس أخرجه عبد الله بن وهب فِي (جَامعه)، وَتَعْلِيق ابْن مُسَافر أخرجه الذهلي فِي (الزهريات) : من طَرِيق اللَّيْث ابْن سعد عَنهُ. وَتَعْلِيق يحيى أخرجه الذهلي الْمَذْكُور من طَرِيق سُلَيْمَان بن بِلَال عَنهُ. قَوْله: عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ الْكرْمَانِي: لَعَلَّه أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ.
5946 -
حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ حَدثنَا المَاجشُونُ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبي صَعْصَعَة عنْ أبِيهِ عنْ أبي سَعِيدٍ أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (يَأْتِي عَلى النَّاس زَمانٌ خَيْرُ مالِ الرَّجُلِ المُسْلِمِ الغَنَمُ يَتْبَعُ بهَا شَعَفَ الجِبالِ ومَواقِعَ القَطْرِ يَفِرُّ بِدِينهِ منَ الفِتْنَ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ. وَأَبُو نعيم هُوَ الْفضل بن دُكَيْن وَهُوَ الْفضل بن عَمْرو بن حَمَّاد الْأَحول التَّيْمِيّ الْكُوفِي. ودكين لقب. عَمْرو مَاتَ سنة ثَمَان أَو تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ، والماجشون بِكَسْر الْجِيم وَضم الشين الْمُعْجَمَة هُوَ عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة، وَعبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، يروي عَن أَبِيه، وَفِي رِوَايَة يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عبد الرَّحْمَن هَذَا: أَنه سمع أَبَاهُ أخرجه أَحْمد والإسماعيلي وَأَخُوهُ عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن عبد الله انْفَرد البُخَارِيّ بهما وبأبيهما.
والْحَدِيث مضى فِي الْإِيمَان فِي: بَاب من الدّين الْفِرَار من الْفِتَن، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك عَن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (شعف الْجبَال) بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة جمع شعفة، وَهِي رَأس الْجَبَل. قَوْله:(ومواقع الْقطر) يَعْنِي: بطُون الأودية.
وَفِيه: أَن اعتزال النَّاس عِنْد ظُهُور الْفِتَن والهرب عَنْهُم أسلم للدّين من مخالطتهم.
53 -
(بابُ رَفْعِ الأمانَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان رفع الْأَمَانَة من بَين النَّاس. وَالْمرَاد برفعها ذهابها بِحَيْثُ إِن لَا يُوجد الْأمين، وَالْأَمَانَة ضد الْخِيَانَة.
6946 -
حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ سِنانٍ حدّثنا فُلَيْحُ بنُ سُلَيْمانَ حدّثنا هِلالُ بنُ عَلِيٍّ عنْ عَطاءٍ بن يَسارٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِذا ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِر السَّاعَةَ) . قَالَ: كَيْف إضاعَتُها يَا رسولَ الله؟ قَالَ: (إِذا أُسْنِدَ الأمْرُ إِلَى غَيْرِ أهْلِهِ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ) . (انْظُر الحَدِيث 95) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (إِذا ضيعت الْأَمَانَة) وَمُحَمّد بن سِنَان بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون الأولى.
والْحَدِيث قد مضى فِي أول كتاب الْعلم بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قَوْله: (كَيفَ إضاعتها) الْقَائِل بِهَذَا هُوَ الْأَعرَابِي، سَأَلَ: مَتى السَّاعَة؟ لِأَن أول الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة: بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي مجْلِس يحدث الْقَوْم جَاءَ أَعْرَابِي فَقَالَ: مَتى السَّاعَة؟
…
الحَدِيث. قَوْله: (قَالَ: إِذا أسْند) أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (إِذا أسْند الْأَمر إِلَى غير أَهله) وَالْمرَاد من الْأَمر جنس الْأُمُور الَّتِي تتَعَلَّق بِالدّينِ كالخلافة والسلطنة والإمارة وَالْقَضَاء والإفتاء، وَقَالَ الْكرْمَانِي: أسْند الْأَمر، أَي: فوض المناصب إِلَى غير مستحقيها كتفويض الْقَضَاء إِلَى غير الْعَالم بِالْأَحْكَامِ كَمَا هُوَ فِي زَمَاننَا.
قلت: يَا لَيْت أَن يتَوَلَّى الْجَاهِل بِلَا رشوة لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون دينا يستفتي فِيمَا يجهله، فالمصيبة الْعُظْمَى أَن يتَوَلَّى الْجَاهِل بالرشوة، فلعن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش، حَيْثُ قَالَ: لعن الله الراشي
…
إِلَى آخر الحَدِيث، رَوَاهُ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَلَا شكّ أَن من لَعنه الله لَعنه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَأعظم المصائب أَن الديار
المصرية الَّتِي هِيَ كرْسِي الْإِسْلَام لَا يتَوَلَّى فِيهَا الْقُضَاة والحكام وَسَائِر أَصْحَاب المناصب إِلَّا بالرشي والبراطيل، وَلَا يُوجد هَذَا فِي بِلَاد الرّوم وَلَا فِي بِلَاد الْعَجم.
7946 -
حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ أخبرنَا سُفْيانُ حدّثنا الأعْمَشُ عنْ زَيْدِ بن وَهْبٍ حدّثنا حُذَيْفَةُ قَالَ: حدّثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ رَأيْتُ أحَدَهُما، وَأَنا أنْتَظرُ الآخَرَ. حدّثنا: أنَّ الأمانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجالِ ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، وحدّثنا عنْ رَفْعِها، قَالَ:(يَنامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأمانَةُ منْ قَلْبِهِ فَيظلُّ أثَرُها مِثْلَ أثَرِ الوكْتِ، ثُمَّ يَنامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقاى أثَرُها مِثْلَ المَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِراً ولَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبايَعُوَنَ فَلا يَكادُ أحَدٌ يُؤَدِّي الأمانَةَ. فَيُقالُ: إِن فِي بَني فُلانٍ رَجُلاً أمِيناً، ويُقالُ لِلرَّجُلِ: مَا أعْقَلهُ وَمَا أظْرَفَهُ وَمَا أجْلَدَهُ، وَمَا فِي قلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إيمانٍ) ولقدْ أتَى عَلَيَّ زَمانٌ وَمَا أُبالي أيَّكُمْ بايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِماً رَدَّهُ عَلَيَّ الإسْلامُ، وإنْ كَانَ نَصْرانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ ساعِيهِ، فأمَّا اليَوْمَ، فَما كُنْتُ أُبايعُ إلَاّ فُلاناً وفُلاناً.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان.
والْحَدِيث أخرجه أَيْضا عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن أبي بكر وَغَيره. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْفِتَن عَن هناد بن السّري. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن وَكِيع بِهِ.
قَوْله: (حديثين) أَي: فِي بَاب الْأَمَانَة. أَحدهمَا: فِي نزُول الْأَمَانَة. وَالْآخر: فِي رَفعهَا قَوْله: (حَدثنَا) أَي: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَوْله: (فِي جذر قُلُوب الرِّجَال) بِفَتْح الْجِيم: وَكسرهَا وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة، وَهُوَ الأَصْل فِي كل شَيْء. قَالَه أَبُو عبيد، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجذر أصل الْحسب وَالنّسب، وأصل الشَّجَرَة. قَوْله:(ثمَّ علمُوا) أَي: بعد نُزُولهَا فِي قُلُوب الرِّجَال بالفطرة علموها من الْقُرْآن. قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَوَات وَالْأَرْض} (الْأَحْزَاب: 27) الْآيَة. قَالَ ابْن عَبَّاس: هِيَ الْفَرَائِض الَّتِي على الْعباد، وَقيل: هِيَ مَا أمروا بِهِ ونهوا عَنهُ، وَقيل: هِيَ الطَّاعَة، نَقله الواحدي عَن أَكثر الْمُفَسّرين. قَوْله:(ثمَّ علمُوا من السّنة) أَي: سنة النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَحَاصِل الْمَعْنى: أَن الْأَمَانَة كَانَت لَهُم بِحَسب الْفطْرَة وحصلت لَهُم بِالْكَسْبِ أَيْضا، بِسَبَب الشَّرِيعَة. قَوْله:(وَحدثنَا) أَي: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (عَن رَفعهَا) أَي: عَن رفع الْأَمَانَة. قَوْله: (ينَام الرجل) إِلَى آخِره بَيَان رَفعهَا وَهُوَ أَنه (ينَام نومَة فتقبض الْأَمَانَة من قلبه) يَعْنِي: تقبض من قوم ثمَّ من قوم ثمَّ شَيْئا بعد شَيْء فِي وَقت بعد وَقت على قدر فَسَاد الدّين. قَوْله: (فيظل أَثَرهَا) أَي: فَيصير أَثَرهَا. (مثل أثر الوكت) بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْكَاف وبالتاء الْمُثَنَّاة وَهُوَ أثر النَّار وَنَحْوه، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الوكتة الْأَثر فِي الشَّيْء كالنقطة من غير لَونه وَالْجمع وكت، وَمِنْه قيل للبسر: إِذا وَقعت فِيهِ نقطة من الإرطاب وكت، وَمِنْه حَدِيث حُذَيْفَة الْمَذْكُور، وَقَالَ الْجَوْهَرِي فِي فصل الْوَاو من بَاب التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: الوكتة كالنقطة فِي الشَّيْء، يُقَال فِي عينه وكتة، وَضَبطه صَاحب (التَّلْوِيح) بالثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ غلط. قَوْله:(مثل المجل) بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْجِيم وَفتحهَا هُوَ التنفط الَّذِي يحصل فِي الْيَد من الْعَمَل بفأس وَنَحْوه، وَهُوَ مصدر: مجلت يَده تمجل مجلاً، وَيُقَال: هُوَ أَن يكون بَين الْجلد وَاللَّحم مَاء وَكَذَلِكَ الْمجلة، وَهُوَ من بَاب علم يعلم ومصدره مجل بِفتْحَتَيْنِ: وَمن بَاب نصر ينصر ومصدره مجل بِسُكُون الْجِيم ومجول، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ تفتح يشبه الْبِئْر من الْعَمَل. قَوْله: (فنفط) بِكَسْر الْفَاء قَالَ ابْن فَارس: النفط قرح يخرج فِي الْيَد من الْعَمَل وَإِنَّمَا قَالَ: نفط مَعَ أَن الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الرجل وَهُوَ مؤنث، وَذكره بِاعْتِبَار الْعُضْو أَو بِاعْتِبَار لفظ الرجل. قَوْله:(منتبرا) أَي: مرتفعاً، من الانتبار وَهُوَ الِارْتفَاع، وَمِنْه انتبر الْأَمِير: صعد على الْمِنْبَر، وَمِنْه سمي الْمِنْبَر منبراً لارتفاعه، وكل شَيْء ارْتَفع فقد نبره وَقَالَ أَبُو عبيد: منتبراً أَي: متنفطاً. وَحَاصِله أَن الْقلب يَخْلُو عَن الْأَمَانَة بِأَن تَزُول عَنهُ شَيْئا فَشَيْئًا، فَإِذا زَالَ جُزْء مِنْهَا