المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب صفة الجنة والنار) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٢٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ التَّعَوُّذِ من غَلَبَةِ الرِّجالِ)

- ‌(بَاب التَعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ التَّعَوُّذِ مِن البُخْلِ)

- ‌(بابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ)

- ‌(بابُ التَعَوُّذِ مِنَ المأْثَمِ والمَغْرمِ)

- ‌(بابُ الإسْتِعاذَةِ مِنَ الجُبْنِ والكَسَلِ)

- ‌(بابُ التَعَوُّذِ مِنَ البُخْلِ)

- ‌(بابُ التَّعَوُّذِ مِنْ أرْذَلِ العُمُرِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ بِرَفْعِ الوَباءِ والوَجَعِ)

- ‌(بابُ الِاسْتِعَاذَة من أرذل العُمُرِوِ ومنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا وفِتْنَةِ النَّارِ)

- ‌(بابُ الاسِتْعِاذَةِ مِنْ فِتْنَةِ الغِنَى)

- ‌(بابُ التعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ بِكَثْرَةِ المَالِ مَعَ البَرَكَةِ)

- ‌‌‌(بابُ الدُّعاءِ بِكَثْرَةِ الوَلَدِ مَعَ البَرَكَةِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ بِكَثْرَةِ الوَلَدِ مَعَ البَرَكَةِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ الاسْتِخارَةِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الدعاءِ إذَا عَلَا عَقَبةً)

- ‌(بابُ الدُّعاء إذَا هَبَطَ وادِياً)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ إذَا أرَادَ سَفَراً أوْ رَجعَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ لِلْمُتَزَوِّجِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إِذا أتَى أهْلَهُ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: {ربنرا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا)

- ‌(بابُ تَكْرِير الدُّعاءِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عَلى المُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ للْمُشْركِينَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ)

- ‌(بابُ قَوْل النبيِّ صلى الله عليه وسلم: يَسْتَجابُ لَنا فِي اليَهُودِ وَلَا يُسْتَجابُ لَهُمْ فِينا)

- ‌(بابُ التَّأمِينِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّهْلِيلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّسْبِيحِ)

- ‌(بَاب فضل ذكر الله عز وجل

- ‌(بابُ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَة إلَاّ بِاللَّه)

- ‌(بابٌ لله عز وجل مِائَةُ اسْمٍ غَيْرَ واحدٍ)

- ‌(بابُ المَوْعِظَةِ ساعَةً بَعْدَ ساعَةٍ)

- ‌(كتاب الرَّقاق)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي الصِّحَّةِ والفَراغِ وأنْ: لَا عَيشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَةِ)

- ‌(بابُ مَثَلِ الدُّنْيا فِي الآخِرَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (كُنْ فِي الدُّنْيا كأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عابِرُ سَبِيلٍ))

- ‌(بابٌ فِي الأمَلِ وطُولِهِ)

- ‌(بابٌ مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أعْذَرَ الله إلَيْهِ فِي العُمُرِ لِقَوْلِهِ: { (35) أَو لم نُعَمِّركُمْ. . مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر وَجَاءَكُم النذير} (فاطر: 73) يَعْنِي: الشَّيْبَ

- ‌(بابُ العَمَلِ الّذِي يُبْتَغِي بِهِ وجْهُ الله تَعَالَى)

- ‌(بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيا والتَّنافُسِ فِيها)

- ‌(بَاب قَول الله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس إِن وعد الله حق فَلَا تغرنكم الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور إِن الشَّيْطَان لكم عَدو فاتخذوه عدوا إِنَّمَا يَدْعُو حزبه ليكونوا من أَصْحَاب السعير} )

- ‌(بَاب ذهَاب الصَّالِحين)

- ‌(بَاب مَا يتقى من فتْنَة المَال)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: هاذا المالُ خَضِرَةٌ حُلوَةٌ)

- ‌(بَاب مَا قدَّمَ مِنْ مالِهِ فَهْوَ لَهُ)

- ‌(بابُ المكْثِرُون هُم المْقِلُّونَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مَا أُحِبُّ أنَّ لِي مِثْلَ أُحدٍ ذَهَباً)

- ‌(بابٌ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الفَقِرْ)

- ‌(بابٌ كَيْف كانَ عَيْشُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصْحابِهِ وتَخَلِّيهِمْ مِنَ الدُّنْيا)

- ‌(بابُ القَصْدِ والمُدَاومَةِ عَلَى العمَلِ)

- ‌(بَاب الرَّجاءِ مَعَ الخَوْفِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عنْ مَحارِمِ الله)

- ‌(بابٌ { (65) وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه} (الطَّلَاق:

- ‌(بابُ مَا يُكْرهُ مِنْ قِيلَ وَقَالَ)

- ‌(بابُ حِفْظِ اللِّسانِ)

- ‌(بابُ البُكاءِ مِنْ خَشْيَةِ الله عز وجل

- ‌(بابُ الخَوْفِ مِنَ الله تَعَالَى)

- ‌(بابُ الانْتِهاءِ عنِ المَعاصِي)

- ‌(بابُ الانْتِهاءِ عنِ المَعاصِي)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً))

- ‌(بابٌ حُجِبَتِ النّارُ بالشَّهَوَاتِ)

- ‌(بابٌ الجَنَّةُ أقرَبُ إِلَى أحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ)

- ‌(بابٌ لِيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أسْفَلَ مِنْهُ وَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُو فَوْقَهُ)

- ‌(بابُ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أوْ بِسَيِّئَةٍ)

- ‌(بابُ مَا يُتَّقى مِنْ مُحَقَّراتِ الذُّنُوبِ)

- ‌(بابٌ الأعْمالُ بِالخَواتِيمِ وَمَا يخافُ مِنْها)

- ‌(بابٌ العُزْلَةُ راحَةٌ مِنْ خُلَاّطِ السُّوءِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الأمانَةِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ والسُّمْعَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جاهَدَ نَفْسَهُ فِي طاعَةِ الله)

- ‌(بابُ التَّواضُعِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (بُعِثْتُ أَنا والسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابٌ مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ الله أحَبَّ الله لِقاءَهُ)

- ‌(بابُ سَكَراتِ المَوْتِ)

- ‌(بابُ نَفْخِ الصُّورِ)

- ‌(بابُ يَقْبِضُ الله الأرْضَ يَوْمَ القِيامَةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الحَشْرُ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل: { (22) إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} (الْحَج:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {أَلا يَظُنُّ أُوْلَائِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (المطففين:

- ‌(بَاب القِصاصِ يَوْمَ القِيامَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ نوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ)

- ‌(بابٌ يَدْخُلُ الجَنَةَ سَبْعُونَ ألْفاً بِغَيْرِ حِسابٍ)

- ‌(بابُ صِفَةِ الجَنَّةِ والنّارِ)

- ‌(بابٌ الصِّراطُ جِسْرُ جَهَنَّمَ)

- ‌(بابٌ فِي الحَوْضِ)

- ‌(كِتابُ القَدَرِ)

- ‌(بابٌ جَفَّ القَلمُ عَلى عِلْمِ الله)

- ‌(بابٌ الله أعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ)

- ‌(بابٌ { (33) وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} (الْأَحْزَاب:

- ‌(بابٌ العَمَلُ بالخَواتِيمِ)

- ‌(بابُ إلقاءِ النذْرِ العَبْدَ إِلَى القَدَر)

- ‌(بابُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاّ بِاللَّه)

- ‌(بابٌ المَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ الله)

- ‌(بابٌ {وَحرَام على قَرْيَة أهلكناها أَنهم لَا يرجعُونَ} (الْأَنْبِيَاء: 59) {إِنَّه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن} (هود: 63) {وَلَا يلدوا إِلَّا فَاجِرًا كفَّارًا} (نوح:

- ‌(بابُ {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} (الْإِسْرَاء:

- ‌(بابٌ تَحاجَّ آدَمُ ومُوسَى عليهما السلام، عِنْدَ الله عز وجل

- ‌(بابٌ لَا مانِعَ لِما أعْطَى الله)

- ‌(بابُ مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّه مِنْ درَكِ الشَّقاءِ وسُوءِ القَضاءِ)

- ‌(بَاب يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه)

- ‌(بابُ {قل لن يصيبنا إِلَّا مَا كتب الله لنا} (التَّوْبَة: 15) قَضَى

- ‌(بابٌ {وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله} (الْأَعْرَاف: 34) {لَو أَن الله هَدَانِي لَكُنْت من الْمُتَّقِينَ} (الزمر:

- ‌(كِتابُ الأيْمانِ والنُّذُور)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ وَلَاكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الَاْيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (وايْمُ الله))

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَتْ يَمِين النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابٌ لَا تَحلِفُوا بِآبائِكُمْ)

- ‌(بابٌ لَا يحْلَفُ بِاللَاّتِ والعُزَّى وَلَا بالطَّواغِيتِ)

- ‌(بابُ مَنْ حَلَفَ عَلى الشَّيْءِ وإنْ لَمْ يُحَلَّفْ)

- ‌(بابُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى مِلَّةٍ الإسْلَام)

- ‌(بابٌ لَا يَقُولُ: مَا شاءَ الله وشِئْتَ، وهَلْ يَقُولُ: أَنا بِاللَّه ثُمَّ بِكَ

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { (6) وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم} (الْأَنْعَام: 901 غَيرهَا)

- ‌(بَاب إِذا قَالَ أشهد بِاللَّه أَو شهِدت بِاللَّه)

- ‌(بابُ عَهْدِ الله عز وجل

- ‌(بابُ الحَلِفِ بِعِزَّةِ الله وصِفاتِهِ وكَلِماتِهِ)

- ‌(بابُ قَوْل الرَّجُلِ: لَعَمْرُ الله)

- ‌(بابٌ { (2) لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي فِي إيمَانكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ وَالله غَفُور حَلِيم} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابٌ إِذا حَنثَ ناسِياً فِي الأيْمانِ)

- ‌(بابُ اليَمِينِ الغَمُوسِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا أولائك لَا خلاق لَهُم فِي الأخرة وَلَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم} (آل عمرَان: 77) وقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة

- ‌(بابُ اليَمِينِ فِيما لَا يَمْلِكُ وَفِي المَعْصِيَةِ وَفِي الغَضَبِ)

- ‌(بابٌ إِذا قَالَ: وَالله لَا أتَكَلُمُ اليَوْمَ، فَصَلَّى أوْ قَرَأ أوْ سَبَّحَ أوْ كَبَّرَ أوْ حَمِدَ أوْ هَلَّلَ، فَهْوَ عَلَى نِيَّتِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ حلَف أنْ لَا يَدْخُلَ عَلى أهْلِهِ شَهْراً وكانَ الشَّهْرُ تِسْعاً وعِشْرِينَ)

- ‌(بابٌ إنْ حَلَفَ أنْ لَا يَشْرَبَ نَبِيذاً فَشَرِبَ طِلاءً أوْ سَكَراً أوْ عَصِيراً لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ، ولَيْسَتْ هاذِهِ بِأنْبِذَةٍ عِنْدَهُ)

- ‌(بابٌ إِذا حَلَفَ أنْ لَا يَأْتَدِمَ فأكَلَ تَمْراً بِخُبْزٍ، وَمَا يَكُونُ مِنَ الأُدْمِ)

- ‌(بابُ النِّيَّةِ فِي الأيْمانِ)

- ‌(بابٌ إِذا أهْدَى مالَهُ عَلى وَجْهِ النَّذْرِ والتَّوْبَةِ)

- ‌(بابٌ إِذا حَرَّمَ طَعامَهُ)

- ‌(بابُ الوَفَاء بالنَّذْرِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ لَا يَفِي بالنَّذْرِ)

- ‌(بابُ النَّذْرِ فِي الطّاعَةِ)

- ‌(بابٌ إِذا نَذَرَ أوْ حَلَفَ أنْ لَا يُكَلَّمَ إنْساناً فِي الجاهِلِيَّةِ ثمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ مَنْ ماتَ وعَلَيْهِ نَذْرٌ)

- ‌(بابُ النَّذْرِ فِيما لَا يَمْلِكُ وَفِي مَعْصِيَةٍ)

- ‌(بابُ مَنْ نَذَرَ أنْ يَصُومَ أيَّاماً فَوَافَقَ النَّحْرَ أوِ الفِطْرَ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَدْخلُ فِي الأيْمانِ والنُّذُور الأرْضُ والغَنَمُ والزُّرُوعُ والأمْتِعَةُ)

- ‌(كتابُ كَفَارَاتِ الأيْمانِ)

- ‌(بَاب وقَوْلِ الله تَعَالَى { (5) فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين} (الْمَائِدَة:

- ‌(بابُ قَوْل الله تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (التَّحْرِيم: 2) مَتَى تَجِبُ الكَفَّارَةُ عَلى الغِنَيِّ والفَقِيرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أعانَ المُعْسِرَ فِي الكَفَّارَةِ)

- ‌(بابٌ يُعْطِي فِي الكَفَّارَةِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ قَرِيباً كَانَ أوْ بَعِيداً)

- ‌(بابُ صاعِ المَدِينَةِ ومُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبَرَكَتِهِ وَمَا تَوَارَثَ أهْلُ المَدِينَةِ مِنْ ذالِكَ قَرْناً بَعْدَ قَرْنٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {أَو تَحْرِير رَقَبَة} (الْمَائِدَة: 98) وأيُّ الرِّقابِ أزْكَى)

- ‌(بابُ عِتْقِ المُدَبَّرِ وأُمِّ الوَلَدِ والمُكاتَبِ فِي الكَفَّارَةِ وعِتْقِ وَلَدِ الزِّنا)

- ‌‌‌(بابٌ إِذا أعْتَقَ عَبْداً بَيْنَهُ وبَيْنَ آخَرَ)

- ‌(بابٌ إِذا أعْتَقَ عَبْداً بَيْنَهُ وبَيْنَ آخَرَ)

- ‌(بابٌ إِذا أعْتَقَ فِي الكَفَّارَةِ لِمَنْ يَكُونُ وَلاؤُهُ

- ‌(بابُ الكَفَّارَة قَبْلَ الحِنْثِ وبَعْدَهُ)

- ‌(كتابُ الفَرَائِضِ)

- ‌(بَاب وقَوْلِهِ تَعَالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلَاِبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ

- ‌(بابُ تَعْلِيمِ الفَرائِضِ)

- ‌(بابُ قَوْل النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنا صَدَقَةٌ))

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَرَكَ مَالا فِلأهْلِهِ))

- ‌(بابُ مِيرَاث الوَلَدِ مِنْ أبِيهِ وأُمِّهِ)

- ‌(بَاب مِيرَاثِ البَناتِ)

- ‌(بابُ مِيرَاثِ ابنِ الابِنِ إذَا لَمْ يَكُنِ ابنٌ)

- ‌(بابُ مِيرَاثِ ابْنَةِ ابنٍ مَعَ ابْنَةٍ)

- ‌(بابُ مِيراثِ الجَدِّ مَعَ الأبِ والإخْوَةِ)

- ‌(بابُ مِيراثِ الزَّوْجِ مَعَ الوَلَدِ وغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مِيراثِ المَرْأةِ والزَّوْجِ مَعَ الوَلَدِ وغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مِيراثِ الأخَوَاتِ مَعَ البَناتِ عَصَبَةٌ)

- ‌(بابُ مِيراثِ الأخَواتِ والإخْوَةِ)

- ‌(بابٌ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلَالَةِ إِن امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا

- ‌(بَاب ابْنَيْ عَمٍّ أحَدُهُما أخٌ لِلأمِّ والآخَرُ زَوْجٌ)

- ‌(بابُ ذَوِي الأرْحامِ)

- ‌(بابُ ميراثِ المُلاعَنَةِ)

- ‌(بابٌ الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ حُرَّةً كانَتْ أوْ أمَةً)

- ‌(بابٌ الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ)

- ‌(بابُ مِيراثِ السَّائِبَةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ تَبَرَّأ مِنْ مَوالِيهِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ مَا يَرِثُ النِّساءُ مِنَ الوَلاءِ)

- ‌(بابُ مَوْلَى القَوْمِ مِنْ أنْفْسِهِمْ، وابنُ الأُخْتِ مِنْهُمْ)

- ‌(بابُ مِيراَثِ الأسِيرِ)

- ‌(بابٌ لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرِ وَلَا الكافِرُ المُسْلِمَ)

- ‌(بابُ مِيرَاثِ العَبْدِ النَّصْرَانِيِّ والمُكاتَبِ النَّصْرَانِيِّ وإثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ)

- ‌(بابُ مَن ادَّعَى أَخا أوِ ابنَ أخِ)

- ‌(بَاب مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أبِيهِ)

- ‌(بابٌ إذَا ادَّعَتِ المَرْأةُ ابْناً)

- ‌(بابُ القائِفِ)

- ‌(كِتابُ الحُدُودِ)

- ‌(بابُ مَا يُحْذَرُ مِنَ الحُدُودِ)

- ‌(بابٌ لَا يُشْرَبُ الخَمْرُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي ضَرْبِ شارِبِ الخَمْر)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ بِضَرْبِ الحَدِّ فِي البَيْتِ)

- ‌(بابُ الضَّربِ بالجَرِيدِ والنِّعالِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شارِبِ الخَمْرِ وإنَّهُ لَيْسَ بِخارجٍ مِنَ المِلَّةِ)

- ‌(بابُ السَّارِقِ حِينَ يَسْرِقُ)

- ‌(بابُ لَعْنِ السَّارِقِ إِذا لَمْ يُسَمَّ)

- ‌(بابٌ الحُدُودُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابٌ ظَهْرُ المُؤْمِنِ حِمًى إلاّ فِي حَدٍّ أوْ حَقٍّ)

- ‌(بابُ إقامَةِ الحُدُودِ والإنتِقامِ لِحُرُماتِ الله)

- ‌(بابُ إقامَةِ الحُدُودِ على الشَّرِيفِ والوضِيعِ)

- ‌(بابُ كَراهِيَةِ الشَّفاعَةِ فِي الحَدِّ إِذا رُفِعَ إِلَى السُّلْطانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} (الْمَائِدَة:

- ‌(بابُ تَوْبَةِ السَّارِقِ)

- ‌(كِتابُ المُحارِبِينَ مِنْ أهْلِ الكُفْرِ والرِّدَّةِ)

- ‌(بابٌ لَمْ يَحْسِمِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المُحارِبِينَ مِنْ أهْلِ الرِّدَّةِ حتَّى هَلَكُوا)

- ‌(بابُ فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الفَواحِشَ)

- ‌(بابُ إثْمِ الزُّناةِ)

- ‌(بابُ رَجْمِ المُحْصَنِ)

- ‌(بابٌ لَا يُرْجَمُ المَجْنُونُ والمَجْنُونَةُ)

- ‌(بابٌ لِلْعاهِرِ الحَجَرُ)

- ‌(بابُ الرَّجْمِ فِي البَلاطِ)

- ‌(بابُ الرَّجْمِ بالمُصَلَّى)

- ‌(بابُ مَنْ أصابَ ذَنْباً دُونَ الحَدِّ فأُخْبَرَ الإمامَ فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التوْبَةِ إِذا جاءَ مُسْتَفْتِياً

الفصل: ‌(باب صفة الجنة والنار)

وَمَعْنَاهُ: يدْخلُونَ صفا وَاحِدًا، فَيدْخل الْجَمِيع دفْعَة وَاحِدَة، وَإِن لم يحمل على هَذَا الْمَعْنى يلْزم الدّور، وَإِنَّمَا وَصفهم بالأولية والآخرية بِاعْتِبَار الصّفة الَّتِي جازوا فِيهَا على الصِّرَاط. وَفِيه: إِشَارَة إِلَى سَعَة الْبَاب الَّذِي يدْخلُونَ مِنْهُ الْجنَّة. وَقَالَ عِيَاض: يحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله: متماسكين، أَنهم على صفة الْوَقار فَلَا يسابق بَعضهم بَعْضًا بل يكون دُخُولهمْ جَمِيعًا. وَقَالَ النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ أَنهم يدْخلُونَ معترضين صفا وَاحِدًا بَعضهم بِجنب بعض. قَوْله: (ووجوههم على ضوء الْقَمَر) الْوَاو فِيهِ للْحَال.

4456 -

حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدّثنا أبي عنْ صالِحٍ حدّثنا نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وأهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ: يَا أهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، وَيَا أهْلَ الجَنةِ لَا مَوْتَ خُلُودٌ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن فِيهِ ذكر دُخُول الْمُؤمنِينَ الْجنَّة.

وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم يروي عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان الْغِفَارِيّ بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء وبالراء.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي صفة النَّار عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.

قَوْله: (يَا أهل النَّار) أَصله: يَا أهل النَّار، حذفت الْهمزَة تَخْفِيفًا، وَكَذَا قَوْله:(يَا أهل الْجنَّة) قَوْله: (لَا موت) مبْنى على الْفَتْح. قَوْله: (خُلُود) إِمَّا مصدر وَإِمَّا جمع خَالِد، وَالتَّقْدِير: الشَّأْن أَو هَذَا الْحَال خُلُود، أوأنتم خَالدُونَ.

5456 -

حدّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ حدّثنا أبُو الزِّنادِ عَن الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (يُقالُ لأِهْلِ الجَنَّةِ: يَا أهْلَ الجَنّةِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ، ولأِهْلِ النَّار: يَا أهْلَ النّارِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ) .

مُطَابقَة هَذَا للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث السَّابِق. وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَأَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.

قَوْله: (يَا أهل الْجنَّة) لم يثبت فِي رِوَايَة غير الْكشميهني. قَوْله: (لَا موت) زَاد الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته: لَا موت فِيهِ.

15 -

(بابُ صِفَةِ الجَنَّةِ والنّارِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان صفة الْجنَّة وَصفَة النَّار، وَقد وَقع فِي بَدْء الْخلق: بَاب مَا جَاءَ فِي صفة الْجنَّة، وَبَاب صفة النَّار.

وَقَالَ أبُو سَعِيدٍ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (أوَّلُ طَعامٍ يأكُلُهُ أهْلُ الجَنّةِ زِيادَةُ كَبِد حُوتِ) .

أَبُو سعيد هُوَ سعد بن مَالك الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، هَذَا الحَدِيث قد مضى مطولا عَن قريب فِي: بَاب يقبض الله الأَرْض. قَوْله: (كبد حوت) فِي رِوَايَة أبي ذَر: كبد الْحُوت.

عَدْنٌ خُلْدٌ، عَدَنْتُ بأرْضٍ أقَمْتُ، ومِنْهُ المَعدِنُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير عدن فِي قَوْله تَعَالَى: {جنَّات عدن} (التَّوْبَة: 27،) وَفسّر العدن بقوله: خلد، بِضَم الْخَاء وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْخلد دوَام الْبَقَاء، تَقول: خلد الرجل يخلد خلوداً، وأخلده الله إخلاداً، وخلده تخليداً. قَوْله:(عدنت بِأَرْض) : اقمت بِهِ أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن معنى العدن الْإِقَامَة، يُقَال: عدن بِالْبَلَدِ أَقَامَ بِهِ. قَوْله: وَمِنْه الْمَعْدن، أَي: وَمن هَذَا الْبَاب: الْمَعْدن الَّذِي يسْتَخْرج مِنْهُ جَوَاهِر الأَرْض كالذهب وَالْفِضَّة والنحاس وَالْحَدِيد وَغير ذَلِك.

فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ: فِي مَنْبِتِ صِدْقِ

ص: 118

أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير مَعْدن صدق فِي كَلَام النَّاس. بقوله: منبت صدق وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: (فِي مقْعد صدق) كَمَا فِي الْقُرْآن {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مقْعد صدق} (الْقَمَر: 45 55) وَهُوَ الصَّوَاب. قَوْله: {فِي جنَّات} أَي: فِي بساتين قَوْله {ونهر} أَي: وأنهار، وَإِنَّمَا وَحده لأجل رُؤُوس الْآي، وَقَالَ الضَّحَّاك: أَي فِي ضِيَاء وسعة، وَمِنْه النَّهَار. وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: معنى {مقْعد صدق} مجْلِس حق لَا لَغْو فِيهِ وَلَا تأثيم وَهُوَ الْجنَّة.

6456 -

حدّثنا عُثْمانُ بنُ الهَيْثَمِ حَدثنَا عَوْفٌ عنْ أبي رجاءٍ عنْ عِمْرَانَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَوْله: (اطَّلَعْتُ فِي الجَنَةِ فَرَأيْتُ أكْثَرَ أهْلها الفُقَرَاءِ، واطَلَعْتُ فِي النّارِ فَرَأيْت أكْثَرَ أهْلها النِّساء) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن كَون أَكثر أهل الْجنَّة الْفُقَرَاء. وَكَون أَكثر أهل النَّار النِّسَاء، وصف من أَوْصَاف الْجنَّة وَوصف من أَوْصَاف النَّار.

وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن الجهم أَبُو عمر الْمُؤَذّن، وعَوْف هُوَ الْمَشْهُور بالأعرابي، وَأَبُو رَجَاء بِالْجِيم عمرَان العطاردي وَشَيْخه هُوَ عمرَان بن حُصَيْن الصَّحَابِيّ. وَالرِّجَال كلهم بصريون.

والْحَدِيث مضى فِي صفة الْجنَّة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْوَلِيد عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن أبي رَجَاء عَن عمرَان بن حُصَيْن

إِلَى آخِره، وَفِي النِّكَاح عَن عُثْمَان بن الْهَيْثَم عَن عَوْف

إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (إطلعت) بِالتَّشْدِيدِ أَي: أشرفت وَنظرت.

7456 -

حدّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا إسْماعيلُ أخبرنَا سُلَيْمانُ التَّيْمِيُّ عنْ أبي عُثْمانَ عنْ أُسامَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (قُمْتُ عَلى بابِ الجَنَّةِ فكانَ عامَّةُ مَنْ دخلَها المَساكينَ وأصْحابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أنَّ أصْحابَ النّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وقُمْتُ عَلى بابِ النّارِ فإذَا عامّةُ مَنْ دَخَلَها النِّساءُ) . (انْظُر الحَدِيث 6915) .

الْمُطَابقَة فِيهِ مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث السَّابِق. وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية، وَسليمَان التَّيْمِيّ، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مل، وَأُسَامَة هُوَ ابْن زيد بن حَارِثَة الصَّحَابِيّ ابْن الصَّحَابِيّ.

قَوْله: (عَامَّة من دَخلهَا الْمَسَاكِين) وَفِي الحَدِيث السَّابِق: الْفُقَرَاء، فَفِيهِ إِشْعَار بِأَنَّهُ يُطلق أَحدهمَا على الآخر، قَالَه الْكرْمَانِي.

قلت: قد مر الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب الزَّكَاة. قَوْله: (وَأَصْحَاب الْجد) بِفَتْح الْجِيم أَي الْغنى، قَوْله:(محبوسون) يَعْنِي لِلْحسابِ، وَهَذَا الحَدِيث وَالَّذِي قبله لم يذكرَا فِي كثير من النّسخ، وَمَا ثبتا إلَاّ فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن شُيُوخه الثَّلَاثَة.

8456 -

حدّثنا مُعاذُ بنُ أسَدٍ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ عنْ أبِيهِ أنّهُ حدَّثَهُ عنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إذَا صارَ أهْلُ الجَنّةِ إِلَى الجَنَةِ وأهْلُ النّارِ إِلَى النّارِ جِيءَ بالمَوْتِ حتَّى يُجْعلَ بَيْنَ الجنَّةِ والنّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ ثُمَّ يُنادِي مُنادٍ: يَا أهْلَ الجَنَّةِ لَا مَوْتَ، يَا أهْلَ النارِ لَا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أهْلُ الجَنّةِ فَرَحاً إِلَى فَرَحِهِمْ ويَزْدَادُ أهْلُ النّارِ حُزْنَا إِلَى حُزْنِهِمْ) . (انْظُر الحَدِيث 4456) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ازدياد أهل الْجنَّة فَرحا، وازدياد أهل النَّار حزنا، وصف من أوصافهما من حَيْثُ أَنَّهُمَا حاصلان فيهمَا. وَهُوَ وصف الْمحل وَإِرَادَة وصف الْحَال.

ومعاذ بن أَسد أَبُو عبد الله الْمروزِي نزل الْبَصْرَة، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَعمر بن مُحَمَّد يروي عَن أَبِيه مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي صفة أهل الْجنَّة وَالنَّار عَن هَارُون بن سعيد وَغَيره.

قَوْله: (حَتَّى يُجعل بَين الْجنَّة وَالنَّار) فِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: فَيُوقف على السُّور الَّذِي بَين الْجنَّة وَالنَّار. قَوْله: (ثمَّ يذبح) قيل: الْمَوْت عرض كَيفَ يَصح عَلَيْهِ الْمَجِيء وَالذّبْح؟ وَأجِيب: بِأَن الله سبحانه وتعالى يجسده ويجسمه، أَو هُوَ على سَبِيل التَّمْثِيل للإشعار بالخلود، وَنقل الْقُرْطُبِيّ عَن بعض الصُّوفِيَّة: أَن الَّذِي يذبحه يحيى بن زَكَرِيَّا عليهما السلام، بِحَضْرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، إِشَارَة إِلَى دوَام الْحَيَاة، وَقيل: يذبحه جِبْرِيل على بَاب الْجنَّة.

ص: 119

9456 -

حدّثنا مُعاذُ بنُ أسَدٍ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا مالِكُ بنُ أنَسٍ عنْ زَيْدٍ بن أسْلَمَ عنْ عَطاءٍ بنِ يَسارٍ عنْ أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله تبارك وتعالى يَقُولُ لأهْلِ الجَنّةِ: يَا أهْلَ الجَنَةِ {يَقُولُونَ: لَبَيْكَ ربَّنا وسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمُ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وقَدْ أعْطَيْتَنا مَا لَمْ تُعْطِ أحَداً مِنْ خَلْقِكَ؟ فَيَقُولُ: أَنا أُعْطِيكُمْ أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا: يَا ربِّ وأيُّ شيْءٍ أفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رضْوَانِي فَلَا أسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أبَدَاً) .

مُطَابقَة هَذَا للتَّرْجَمَة مثل الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِيمَا قبل. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن يحيى بن سُلَيْمَان. وَأخرجه مُسلم فِي صفة الْجنَّة عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وَغَيره. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن سُوَيْد بن نصر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي النعوت عَن عَمْرو بن يحيى بن الْحَارِث.

قَوْله: (أحل) من الْإِحْلَال بِمَعْنى الْإِنْزَال، أَو بِمَعْنى الْإِيجَاب، يُقَال: أحله الله عَلَيْهِ أَي: أوجبه، وَحل أَمر الله عَلَيْهِ أَي: وَجب.

0556 -

حدّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا مُعاوِيَةُ بنُ عَمْرٍ وَحدثنَا أَبُو إسْحاقَ عنْ حُمَيْدٍ قالَ: سَمِعْتُ أنَساً يَقُولُ: أُصيبَ حارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وهْوَ غُلَامٌ فَجاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقالَتْ: يَا رسولَ الله} قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حارِثَةَ مِنِّي {فإنْ يَكُ فِي الجَنّةِ أصْبِرْ وأحْتَسِبْ، وإنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَرَى مَا أصْنَعُ. فَقَالَ: (ويْحَك} أوَ هَبِلْتِ؟ أوَ جَنّةٌ واحدَةٌ هِيَ؟ إنّها جنانٌ كَثِيرَةٌ، وإنّهُ لَفِي جَنّةِ الفِرْدَوْسِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث. وَمُعَاوِيَة بن عَمْرو بن مهلب الْأَزْدِيّ الْبَغْدَادِيّ، وَأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْفَزارِيّ، وَحميد بن أبي حميد الطَّوِيل.

والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي فِي: بَاب فضل من شهد بَدْرًا بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن.

وحارثة هُوَ ابْن سراقَة بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ لَهُ ولأبويه صُحْبَة، وَأمه هِيَ الرّبيع بِالتَّشْدِيدِ بنت النَّضر عمَّة أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَوْله:(ترى مَا أصنع؟) بإشباع الرَّاء فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: تَرَ مَا أصنع، بِالْجَزْمِ جَوَاب الشَّرْط يَعْنِي: وَإِن لم يكن فِي الْجنَّة صنعت شَيْئا من صنع أهل الْحزن مَشْهُورا يره كل أحد. قَوْله: (وَيحك) كلمة ترحم وَتعطف قَوْله: (أَو هبلت) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام وَالْوَاو للْعَطْف على مُقَدّر بعد الْهمزَة، وهبلت على صِيغَة الْمَجْهُول والمعلوم من هبلته أمه إِذا ثكلته. قَوْله:(أَو جنَّة وَاحِدَة؟) الْكَلَام فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي أَو هبلت؟ قَوْله: (وَإِنَّهَا) أَي: الْجنَّة جنان يَعْنِي أَنْوَاع الْبَسَاتِين. قَوْله: (لفي جنَّة الفردوس) بِاللَّامِ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِدُونِ اللَّام، وَقَالَ الزّجاج: الفردوس من الأودية مَا ينْبت ضروباً من النَّبَات، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي وَغَيره: بُسْتَان فِيهِ كروم وَغَيرهَا، وَيذكر وَيُؤَنث، وَقَالَ الْفراء: هُوَ عَرَبِيّ مُشْتَقّ من الفردسة، وَهِي السعَة، وَقيل: رومي نقلته الْعَرَب، وَقيل: سرياني وَالْمرَاد بِهِ هُنَا هُوَ مَكَان من الْجنَّة هُوَ أفضلهَا.

1556 -

حدّثنا مُعاذُ بنُ أسَدٍ أخبرنَا الفَضْلُ بنُ مُوسَى أخبرنَا الفُضَيْلُ عنْ أبي حازِمٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا بَيْنَ مَنْكِبَي الكافِرِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ لِلرَّاكِبِ المُسْرِعِ) .

مطابقته للجزء الثَّانِي من التَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن كَون مَنْكِبي الْكَافِر هَذَا الْمِقْدَار فِي النَّار نوع وصف من أوصافها بِاعْتِبَار ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال.

وَالْفضل بن مُوسَى هُوَ السينَانِي بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَتَخْفِيف النُّون الأولى وَكسر الثَّانِيَة، وسينان قَرْيَة من قرى مرو، والفضيل مصغر فضل كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين غير مَنْسُوب، وَنسبه ابْن السكن فِي رِوَايَته فَقَالَ: الْفضل بن غَزوَان وَهُوَ الْمُعْتَمد، وَنسبه أَبُو الْحسن الْقَابِسِيّ فِي رِوَايَته عَن أبي زيد الْمروزِي فَقَالَ: الفضيل بن عِيَاض، ورده أَبُو عَليّ الجياني فَقَالَ: لَا رِوَايَة للفضيل بن عِيَاض فِي البُخَارِيّ إِلَّا فِي موضِعين من كتاب

ص: 120

التَّوْحِيد، وَلَا رِوَايَة لَهُ عَن أبي حَازِم رَاوِي هَذَا الحَدِيث وَلَا أدْركهُ، وَأَبُو حَازِم سلمَان الْأَشْجَعِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي صفة النَّار عَن أبي كريب وَغَيره.

قَوْله: (مَنْكِبي الْكَافِر) تَثْنِيَة منْكب بِكَسْر الْكَاف وَهُوَ مُجْتَمع الْعَضُد والكتف، وَفِي رِوَايَة يُوسُف بن عيسيى عَن الْفضل مُوسَى شيخ البُخَارِيّ بِسَنَدِهِ؛ خَمْسَة أَيَّام، وروى أَحْمد من رِوَايَة مُجَاهِد عَن ابْن عمر مَرْفُوعا: يعظم أهل النَّار فِي النَّار حَتَّى إِن بَين شحمة أذن أحدهم إِلَى عَاتِقه مسيرَة سَبْعمِائة عَام، وروى الْبَيْهَقِيّ فِي (الْبَعْث) : من وَجه آخر: عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس: مسيرَة سبعين خَرِيفًا، وروى ابْن الْمُبَارك فِي (الزّهْد) : عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ضرس الْكَافِر يَوْم الْقِيَامَة أعظم من أحد، يعظمون لتمتلىء مِنْهُم وليذيقوا الْعَذَاب، وَلم يُصَرح بِرَفْعِهِ لكنه فِي حكم الْمَرْفُوع لِأَنَّهُ لَا مجَال فِيهِ للرأي، وَفِي مُسلم: عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: غلظ جلده مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام، وَأخرجه الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة بِسَنَد صَحِيح بِلَفْظ: جلد الْكَافِر وكثافة جلده اثْنَان وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعا بِذِرَاع الْجَبَّار. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَرَادَ بِلَفْظ الْجَبَّار التهويل، قَالَ: وَيحْتَمل أَن يُرِيد جباراً من الْجَبَابِرَة، إِشَارَة إِلَى عظم الذِّرَاع، وَقَالَ ابْن حبَان لما أخرجه فِي (صَحِيحه) : بِأَن الْجَبَّار ملك كَانَ بِالْيمن، وروى الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة: وَفَخذه مثل ورقان ومقعده مثل مَا بَين الْمَدِينَة والربذة، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَلَفظه: بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وورقان بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الرَّاء وبالقاف وَالنُّون جبل مَعْرُوف بالحجاز، وَاخْتِلَاف هَذِه الْمَقَادِير مخمول على اخْتِلَاف تَعْذِيب الْكفَّار فِي النَّار. فَإِن قلت: ورد حَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ بِسَنَد جيد: عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: إِن المتكبرين يحشرون يَوْم الْقِيَامَة أَمْثَال الذَّر فِي صور الرِّجَال يساقون إِلَى سجن فِي جَهَنَّم يُقَال لَهُ: بولس.

قلت: هَذَا فِي أول الْأَمر عِنْد الْحَشْر، وَالْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة مَحْمُولَة على مَا بعد الِاسْتِقْرَار فِي النَّار.

2556 -

وَقَالَ إسْحاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ: أخبرنَا المُغِيرَةُ بنُ سَلَمَة حدَّثنا وُهَيْبٌ عنْ أبي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ عنْ رسُولِ الله قَالَ: (إنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَة يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّها مائَةَ عامٍ لَا يَقْطَعُها) .

3556 -

قَالَ أبُو حازِمٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمانَ بنَ أبي عَيَّاش فَقَالَ: حدّثني أَبُو سَعِيدٍ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إنَّ فِي الجَنَةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ الجَوَادَ المُضَمَّرَ السَّرِيعَ مائَةَ عامٍ مَا يَقْطَعُها) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه، والمغيرة بن سَلمَة بِفتْحَتَيْنِ المَخْزُومِي الْبَصْرِيّ، ووهيب مصغر وهب بن خَالِد الْبَصْرِيّ، وَأَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار وَسَهل بن سعد بن ملك الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أَيْضا وَلكنه قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم: وَأخرجه البُخَارِيّ مُعَلّقا.

قَوْله: (لشَجَرَة) اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد. قَوْله: (لَا يقطعهَا) يَعْنِي: لَا يبلغ إِلَى مُنْتَهى أَغْصَانهَا.

قَوْله: (قَالَ أَبُو حَازِم) مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور، والنعمان بن أبي عَيَّاش بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف الْمُشَدّدَة وبالشين الْمُعْجَمَة الزرقي التَّابِعِيّ الْمدنِي الثِّقَة، وَاسم أبي النُّعْمَان: زيد بن الصَّامِت، قتل بِأَرْض حمص سنة أَربع وَسِتِّينَ وَكَانَ عَاملا لِابْنِ الزبير عَلَيْهَا. قَوْله:(حَدثنِي أَبُو سعيد) كَذَا فِي رِوَايَة مُسلم: حَدثنِي، ويروى هُنَا: أَخْبرنِي، أَيْضا وَأَبُو سعيد هُوَ الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

قَوْله: (الْجواد) بِفَتْح الْجِيم وَتَخْفِيف الْوَاو وَهُوَ الْفرس، الْبَين الْجَوْدَة، وَيُقَال: الْجواد للذّكر وَالْأُنْثَى من خيل جِيَاد وأجواد وأجاويد، وَقَالَ ابْن فَارس: الْجواد الْفرس السَّرِيع. قَوْله: (الْمُضمر) بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمِيم من قَوْلهم: ضمر الْخَيل تضميراً إِذا عَلفهَا الْقُوت بعد السّمن، وَكَذَلِكَ أضمرها، قَالَه الْكرْمَانِي. وَقَالَ ابْن فَارس: الْمُضمر من الْخَيل أَن يعلف حَتَّى يسمن ثمَّ يردهُ إِلَى الْقُوت وَذَلِكَ فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَة، وهذ الْمدَّة تسمى: الْمِضْمَار، وَقَالَ الدَّاودِيّ: الْمُضمر هُوَ الَّذِي يدْخل فِي بَيت وَيجْعَل عَلَيْهِ جله ويقل: علفه لينقص من لَحْمه شَيْئا فَيَزْدَاد جريه ويؤمن عَلَيْهِ أَن يُسبق. قَالَ: وَكَانَ للخيل المضمرة على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَبْعَة أَمْيَال فِي السَّبق، وَمَا لم يضمر ميل.

4556 -

حدّثنا قُتَيْبَةُ حَدثنَا عبْدُ العَزِيزِ عنْ أبي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 121

قَالَ: (ليَدْخُلَنَّ الجنةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ ألْفاً) أوْ سَبْعُمائَةٍ ألْفٍ، لَا يَدْرِي أبُو حازِمٍ أيُّهُما قَالَ (مُتَماسِكونَ آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضاً لَا يَدْخُلُ أوَّلُهُمْ حتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ وُجُوهُهُمْ على صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البدْرِ) . (انْظُر الحَدِيث 7423 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي بعض الْأَحَادِيث الْمَاضِيَة وَعبد الْعَزِيز هُوَ ابْن أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار.

والْحَدِيث مضى فِي الْبَاب الَّذِي قبله فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سعيد بن أبي مَرْيَم عَن أبي غَسَّان عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا.

قَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: (لَا يدْخل) فَإِن قلت: كَيفَ يتَصَوَّر هَذَا وَهُوَ مُسْتَلْزم الدّور؟ لِأَن دُخُول الأول مَوْقُوف على دُخُول الآخر وَبِالْعَكْسِ؟ .

قلت: يدْخلُونَ مَعًا صفا وَاحِدًا، وَهُوَ أَيْضا دور معية وَلَا مَحْذُور فِيهِ. فَإِن قلت: فِي بعض الرِّوَايَة: يدْخل، بِدُونِ كلمة: لَا.

قلت: لَا هُوَ مُقَدّر يدل عَلَيْهِ الْمَعْنى أَو حَتَّى بِمَعْنى مَعَ أَو عَن أَو مَعْنَاهُ: اسْتِمْرَار دُخُول أَوَّلهمْ إِلَى دُخُول من هُوَ آخر الْكل.

5556 -

حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَة حَدثنَا عبْدُ العَزِيزِ عنْ أبِيهِ عنْ سَهْلٍ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَوْله: (إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَراءَوْنَ الغُرَفَ فِي الجَنَّةِ كَمَا تَتَراءَوْنَ الكَوْكَبَ فِي السَّماءِ) .

قَالَ أبي: فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمانَ بن أبي عَيَّاشٍ فَقَالَ: أشْهَدُ لَسَمعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يُحَدِّثُ، ويزِيدُ فِيهِ: كَمَا تَراءَوْنَ الكَوْكَبَ الغارِبَ فِي الأفُقِ الشَّرْقِيِّ والغَرْبِيِّ. (انْظُر الحَدِيث 6523) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الْعَزِيز يروي عَن أَبِيه أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار عَن سهل بن سعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

قَوْله: (ليتراءون) أَي: ينظرُونَ وَاللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد. قَوْله: (الغرف) بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء جمع غرفَة. قَوْله: (الْكَوْكَب) فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: الْكَوْكَب الدُّرِّي.

قَوْله: (قَالَ) أَي: قَالَ عبد الْعَزِيز: قَالَ: (أبي) هُوَ أَبُو حَازِم. قَوْله: (أشهد لسمعت) اللَّام جَوَاب قسم مَحْذُوف. قَوْله: (أَبَا سعيد) هُوَ الْخُدْرِيّ. قَوْله: (فِيهِ) أَي: فِي الحَدِيث. قَوْله: (الغارب) فِي رِوَايَة الْكشميهني: الغابر، بِتَقْدِيم الْبَاء الْمُوَحدَة على الرَّاء، والغابر الذَّاهِب وَضَبطه بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف مَهْمُوزَة قبل الرَّاء، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْكَوْكَب فِي الشرق لَيْسَ بغالب فَمَا وَجهه؟ .

قلت: يُرَاد بِهِ لَازمه هُوَ الْبعد وَنَحْوه، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: شبه رُؤْيَة الرَّائِي فِي الْجنَّة صَاحب الغرفة بِرُؤْيَة الرَّائِي الْكَوْكَب المضيء الْبَاقِي فِي جَانب الشرق والغرب فِي الاستضاءة مَعَ الْبعد.

7556 -

حدّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدّثنا غُنْدَرٌ حدّثنا شُعْبَةُ عنْ أبي عِمْرانَ قَالَ: سَمِعْتُ أنَسَ ابنَ مالِكٍ رضي الله عنه، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَوْله: (يَقُولُ الله تَعَالَى لأِهْوَنِ أهْلِ النَّارِ عَذاباً يَوْمَ القِيامَةِ: لَوْ أنَّ لَكَ مَا فِي الأرْضِ مِنْ شيءٍ أكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أرَدْتُ مِنْكَ أهْوَنَ مِنْ هاذَا وأنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ، أنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئاً، فأبَيْتَ إلاّ أنْ تُشْرِكَ بِي) . (انْظُر الحَدِيث 4333 وطرفه) .

مطابقته للجزء الثَّانِي من التَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن فِيهِ نوع صفة للنار بِاعْتِبَار وصف أَهلهَا من قبيل ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال.

وغندر مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَأَبُو عمرَان هُوَ عبد الْملك بن حبيب الْجونِي بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وبالنون الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي خلق آدم عليه السلام. وَأخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن عبيد الله بن معَاذ.

قَوْله: (لأهون) ، اللَّام فِيهِ مَكْسُورَة لَام الْجَرّ، وأهون أَي: أسلم والهمزة فِي: (أَكنت؟) للاستفهام على سَبِيل الاستخبار، وَالْوَاو فِي:(وَأَنت) للْحَال قَوْله: (أَن لَا تشرك بِي شَيْئا) بِفَتْح الْهمزَة بدل من قَوْله: أَهْون من هَذَا، قَوْله:(فأبيت) من الإباء أَي: امْتنعت.

142 -

(حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان حَدثنَا حَمَّاد عَن عَمْرو عَن جَابر رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ يخرج من النَّار بالشفاعة كَأَنَّهُمْ الثعارير قلت وَمَا الثعارير قَالَ الضغابيس وَكَانَ قد سقط فَمه فَقلت لعَمْرو بن دِينَار أَبَا مُحَمَّد سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - يَقُول

ص: 122

يخرج بالشفاعة من النَّار قَالَ نعم) مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا الْآن بِاعْتِبَار ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار وَجَابِر هُوَ ابْن عبد الله وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن أبي الرّبيع قَوْله يخرج من النَّار كَذَا هُوَ بِحَذْف الْفَاعِل فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن السَّرخسِيّ عَن الْفربرِي يخرج قوم وَلَفظ مُسلم أَن الله يخرج قوما من النَّار بالشفاعة قَوْله كَأَنَّهُمْ الثعارير بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَالْعين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء جمع ثعرور على وزن عُصْفُور وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي هُوَ قثاء صغَار وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة مثله وَزَاد وَيُقَال بالشين الْمُعْجَمَة بدل الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكَانَ هَذَا هُوَ السَّبَب فِي قَول الرَّاوِي وَكَانَ عَمْرو ذهب فَمه أَرَادَ أَنه سَقَطت أَسْنَانه فينطق بالثاء الْمُثَلَّثَة وَهِي بالشين الْمُعْجَمَة وَقيل الثعرور ينْبت فِي أصُول الثمام كالقطن ينْبت فِي الرمل ينبسط عَلَيْهِ وَلَا يطول وَقَالَ الْكرْمَانِي هُوَ القثاء الصَّغِير ونبات كالهليون وَقيل هُوَ الأقط الرطب وَأغْرب الْقَابِسِيّ فَقَالَ هُوَ الصدف الَّذِي يخرج من الْبَحْر فِيهِ الْجَوْهَر وَكَأَنَّهُ أَخذه من قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤ وَلَيْسَ بِشَيْء قَوْله قلت وَمَا الثعارير الْقَائِل هُوَ حَمَّاد وَفِي رِوَايَة الْكشميهني مَا الثعارير بِدُونِ الْوَاو وَفِي أَوله قَوْله قَالَ الضغابيس أَي قَالَ عَمْرو بن دِينَار الثعارير الضغابيس جمع ضغبوس بِضَم الضَّاد وَسُكُون الْغَيْن المعجمتين وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره سين مُهْملَة وَقَالَ الْأَصْمَعِي هُوَ نبت فِي أصُول الثمام يشبه الهليون يسلق ثمَّ يُؤْكَل بالزيت والخل وَقيل ينْبت فِي أصُول الشّجر والأذخر يخرج قدر شبر فِي دقة الْأَصَابِع لَا ورق لَهُ وَفِيه حموضة وَفِي غَرِيب الحَدِيث للحربي الضغبوس شَجَرَة على طول الْأصْبع وَيُشبه بِهِ الرجل الضَّعِيف قلت الْغَرَض من التَّشْبِيه بَيَان حَالهم حِين خُرُوجهمْ من النَّار وَفِي الغريبين وَفِي حَدِيث وَلَا بَأْس باجتناء الضغابيس فِي الْحرم قَوْله وَكَانَ قد سقط فَمه الْقَائِل هُوَ حَمَّاد أَرَادَ بِسُقُوط فَمه ذهَاب أَسْنَانه كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن ويروى وَكَانَ ذهب فَمه فَلذَلِك سمي الْأَثْرَم بالثاء الْمُثَلَّثَة إِذْ الثرم سُقُوط الْأَسْنَان وانكسارها قَوْله قلت لعَمْرو بن دِينَار الْقَائِل هُوَ حَمَّاد قَوْله أَبَا مُحَمَّد أَي يَا أَبَا مُحَمَّد وَهُوَ كنية عَمْرو بن دِينَار قَوْله سَمِعت أَي أسمعت وهمزة الِاسْتِفْهَام فِيهِ مقدرَة وَفِي الحَدِيث إِثْبَات الشَّفَاعَة وَإِبْطَال مَذْهَب الْمُعْتَزلَة فِي نفي الشَّفَاعَة وَقَالَ ابْن بطال أنْكرت الْمُعْتَزلَة والخوارج الشَّفَاعَة فِي إِخْرَاج من أَدخل النَّار من المذنبين وتمسكوا بقوله تَعَالَى {فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين} وَغير ذَلِك من الْآيَات وَأجَاب أهل السّنة بِأَنَّهَا فِي الْكفَّار وَجَاءَت الْأَحَادِيث بِإِثْبَات الشَّفَاعَة المحمدية متواترة وَدلّ عَلَيْهَا قَوْله تَعَالَى {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} وَالْجُمْهُور على أَن المُرَاد بِهِ الشَّفَاعَة وَبَالغ الواحدي فَنقل فِيهِ الْإِجْمَاع وَقَالَ الطَّبَرِيّ قَالَ أَكثر أهل التَّأْوِيل الْمقَام الْمَحْمُود هُوَ الَّذِي يقومه النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - ليريحهم من كرب الْموقف وَرُوِيَ أَحَادِيث كَثِيرَة تدل على أَن الْمقَام الْمَحْمُود الشَّفَاعَة عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا وَعَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَعَن أبي مَسْعُود كَذَلِك وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَقَتَادَة وَقَالَ الطَّبَرِيّ أَيْضا قَالَ لَيْث عَن مُجَاهِد فِي قَوْله مقَاما مَحْمُودًا يجلسه مَعَه على عَرْشه ثمَّ أسْندهُ وَبَالغ الواحدي فِي رد هَذَا القَوْل وَنقل النقاش عَن أبي دَاوُد صَاحب السّنَن أَنه قَالَ من أنكر هَذَا فَهُوَ مُتَّهم وَقد جَاءَ عَن ابْن مَسْعُود عِنْد الثَّعْلَبِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس عِنْد أبي الشَّيْخ عَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن مُحَمَّدًا يَوْم الْقِيَامَة على كرْسِي الرب بَين يَدي الرب -

9556 -

حدّثنا هُدْبَةُ بنُ خالِدٍ حدّثنا هَمَّامٌ عنْ قَتادَةَ حدّثنا أنَسُ بنُ مالِكٍ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّار بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْها سفْعٌ فَيَدْخُلُونَ الجَنةَ فَيُسَمِّيهِمْ أهْلُ الجَنَّةِ الجَهَنَّمييِّنَ) .

مطابقته للجزء الثَّانِي من التَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنَّهَا تتصف بِنَوْع صفة حَيْثُ يُقَال لن يخرج مِنْهَا: جهنمي، فينسب إِلَيْهَا.

وَهِشَام هُوَ الدستوَائي. والْحَدِيث يَأْتِي فِي التَّوْحِيد مطولا.

قَوْله: (سفع) بالمهملتين وَالْفَاء حرارة النَّار. قَوْله: (الجهنميين) جمع جهنمي مَنْسُوب إِلَى جَهَنَّم، وروى النَّسَائِيّ من رِوَايَة عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن أنس فَيَقُول لَهُم أهل الْجنَّة: هَؤُلَاءِ الجهنميون، فَيَقُول الله: هَؤُلَاءِ عُتَقَاء

ص: 123

الله. وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي سعيد وَزَاد فِيهِ: فَيدعونَ الله فَيذْهب هَذَا الِاسْم.

0656 -

حدّثنا مُوسى احدّثنا وُهَيْبٌ حدّثنا عَمْرُو بنُ يَحْيَى اعنْ أبِيهِ عنْ أبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَوْله: (إِذا دَخَلَ أهْلُ الجَنّةِ الجَنّةَ وأهْلُ النّار النّارَ يَقُولُ الله: مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إيمانٍ فأخْرِجُوهُ، فَيَخَرُجُونَ قَدِ امْتُحِشوا وعادُوا حُمماً، فَيلْقَوْنَ فِي نَهْرِ الحياةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حمِيل السَّيْلِ. أوْ قَالَ: حَمِيئَةِ السَّيْلِ) وَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (ألَمْ تَرَوْا أنَّها تَنْبُتُ صَفْراءَ مُلْتَوِيَةَ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن النَّار قد تصيّر من دَخلهَا حمماً وتتصف النَّار بذلك.

ومُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل، ووهيب هُوَ ابْن خَالِد، وَعَمْرو بن يحيى يروي عَن أَبِيه يحيى بن عمَارَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم ابْن أبي حسن الْمَازِني عَن أبي سعيد سعد بن مَالك الْخُدْرِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب تفاضل أهل الْإِيمَان، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ

إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، ولنذكر بعض شَيْء لبعد الْمسَافَة.

قَوْله: (قد امتحشوا) على صِيغَة الْمَجْهُول من الامتحاش وَهُوَ الاحتراق، ومادته مِيم وحاء مُهْملَة وشين مُعْجمَة. قَوْله:(حمماً) بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَهُوَ الفحم. قَوْله: (فيلقون) على صِيغَة الْمَجْهُول من الْإِلْقَاء وَهُوَ الرَّمْي. قَوْله: (الْحبَّة) بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَهُوَ بذر البقل والرياحين. قَوْله: (فِي حميل السَّيْل) وَهُوَ غثاؤه وَهُوَ محموله فميل بِمَعْنى مفعول، وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ من طين أَو غثاء فَإِذا كَانَ فِيهِ حَبَّة واستقرت على شط الْوَادي تنْبت فِي يَوْم وَلَيْلَة. قَوْله:(أَو قَالَ) شكّ من الرَّاوِي قَوْله: (حمئة) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وبكسرها وبالهمز هُوَ الطين الْأسود المنتن. وَقَالَ ابْن التِّين: وَالَّذِي روينَاهُ: حمة، بِكَسْر الْحَاء غير مَهْمُوز وَمَعْنَاهُ مثل معنى حميل، ويروى: حمية، بِفَتْح الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء أَي: مُعظم جريه واشتداده. قَوْله: (ملتوية) من الالتواء

وَقَالَ النَّوَوِيّ: لسرعة نباتة يكون ضَعِيفا ولضعفه يكون أصفر ملتوياً، ثمَّ بعد ذَلِك تشتد قوته.

2656 -

حدّثنا عَبْدُ الله بنُ رَجاءٍ حدّثنا إسْرائِيلُ عنْ أبِي إسْحَاقَ عنْ النُّعْمانِ بنِ بَشِيرٍ

ص: 124

قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّارِ عذَابا يَوْمَ القِيامَةِ رَجُلٌ عَلى أخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِماغُهُ كَمَا يَغْلِي المِرْجَلُ والقُمْقُمُ) . (انْظُر الحَدِيث 1656) [/ ح.

هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن عبد الله بن رَجَاء عَن إِسْرَائِيل بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَمْرو السبيعِي. وَإِسْرَائِيل هَذَا يروي عَن جده أبي إِسْحَاق، وَهَذَا السَّنَد أَعلَى من السَّنَد الأول لَكِن أَبَا إِسْحَاق عَن هُنَا وَهُنَاكَ صرح بِالسَّمَاعِ.

قَوْله: (الْمرجل) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْجِيم قدر من نُحَاس، والقمقم بِضَم القافين الْآتِيَة من الزّجاج قَالَه الْكرْمَانِي.

قلت: فِيهِ تَأمل لِأَن الحَدِيث يدل على أَنه إِنَاء يغلي فِيهِ المَاء أَو غَيره. والإناء الزّجاج كَيفَ يغلي فِيهَا المَاء؟ وَقَالَ غَيره: هُوَ إِنَاء ضيق الرَّأْس يسخن فِيهِ المَاء يكون من نُحَاس وَغَيره، وَهُوَ فَارسي، وَقيل: رومي مُعرب، ثمَّ إِن عطف القمقم على الْمرجل بِالْوَاو هُوَ الصَّوَاب، وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: والقمقم بِالْوَاو لَا بِالْبَاء وَأَشَارَ بِهِ إِلَى رِوَايَة من روى: كَمَا يغلي الْمرجل بالقمقم، وعَلى هَذَا فسره الْكرْمَانِي، فَقَالَ: الْبَاء للتعدية، وَوجه التَّشْبِيه هُوَ كَمَا أَن النَّار تغلي الْمرجل الَّذِي فِي رَأسه قمقم تسري الْحَرَارَة إِلَيْهَا وتؤثر فِيهَا، كَذَلِك النَّار تغلي بدن الْإِنْسَان بِحَيْثُ يُؤَدِّي أَثَرهَا إِلَى الدِّمَاغ.

3656 -

حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ حدّثنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرٍ وَعَن خَيْثَمَة عنْ عَدِيِّ بنِ حاتمٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ النَّارَ، فأشاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْها. ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فأشاحَ بِوجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْها، ثُمَّ قَالَ:(اتَّقُوا النَّارَ ولَو بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وتعوذ مِنْهَا) ، وَذَلِكَ أَن من جملَة صِفَات النَّار أَنه يتَعَوَّذ مِنْهَا.

وَعَمْرو هُوَ ابْن مرّة بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء، وخيثمة بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن عبد الرَّحْمَن.

والْحَدِيث مضى مُعَلّقا فِي: بَاب من نُوقِشَ الْحساب عذب، عَن الْأَعْمَش عَن عَمْرو بن عَن خَيْثَمَة عَن عدي بن حَاتِم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (فأشاح) بالشين الْمُعْجَمَة والحاء الْمُهْملَة أَي: صرف وَجهه، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: المشيح الحذر والحاد فِي الْأَمر، وَقيل: الْمقبل إِلَيْك الْمَانِع لما وَرَاء ظَهره، فَيجوز أَن يكون: أشاح، هُنَا أحد هَذِه الْمعَانِي، أَي: حذر النَّار كَأَنَّهُ ينظر إِلَيْهَا، أَو حض على الْإِيصَاء باتقائها، أَو أقبل إِلَيْك من خطابه.

4656 -

حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ حَمْزَةَ حدّثنا ابنُ أبي حازِمٍ والدَّراوَرْدِيُّ عنْ يَزيدَ عنْ عَبْد الله بنِ خَبَّابٍ عنْ أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أنّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أبُو طالبٍ، فَقَالَ:(لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفاعَتَي يَوْمَ القِيامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضاحِ مِنَ نارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِماغِهِ) . (انْظُر الحَدِيث 5883) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فِي ضحضاح من نَار) لِأَنَّهُ وصف من أَوْصَاف النَّار.

وَإِبْرَاهِيم بن حَمْزَة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي أَبُو إِسْحَاق الزبيرِي الْأَسدي، وَابْن أبي حَازِم هُوَ عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار الْأَسْلَمِيّ، والدراوردي أَيْضا اسْمه عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عبيد من رجال مُسلم روى البُخَارِيّ عَن إِبْرَاهِيم عَنهُ مَقْرُونا بِابْن أبي حَازِم وَنسبه إِلَى دراورد فتح الدَّال قَرْيَة من قرى خُرَاسَان، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن عبد الله بن الْهَاد، وَعبد الله بن خباب بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى الْأنْصَارِيّ، وكل هَؤُلَاءِ مدنيون.

والْحَدِيث مضى فِي: بَاب قصَّة أبي طَالب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن اللَّيْث عَن ابْن الْهَاد عَن عبد الله بن خباب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ

إِلَى آخِره. وَأخرجه أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة عَن ابْن أبي حَازِم والدراوردي عَن يزِيد بِهَذَا.

قَوْله: (أَبُو طَالب) هُوَ ابْن عبد الْمطلب وَعم النَّبِي صلى الله عليه وسلم، واسْمه عبد منَاف شَقِيق عبد الله وَالِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَوْله:

ص: 125

(لَعَلَّه تَنْفَعهُ شَفَاعَتِي) قيل: يشكل هَذَا بقوله تَعَالَى: {فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين} (المدثر: 84) ، وَأجِيب بِأَنَّهُ خص فَلذَلِك عدُّوه من خَصَائِص النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقيل: جَزَاء الْكَافِر من الْعَذَاب يَقع على كفره وعَلى مَعَاصيه فَيجوز أَن الله تَعَالَى يضع عَن بعض الْكفَّار بعض جَزَاء مَعَاصيه تطييباً لقلب الشافع لَا ثَوابًا للْكَافِرِ. لِأَن حَسَنَاته صَارَت بِمَوْتِهِ على كفره هباء منثوراً. قَوْله: (فِي ضحضاح) بإعجام الضادين وإهمال الحاءين مَا رقّ من المَاء على وَجه الأَرْض إِلَى نَحْو الْكَعْبَيْنِ فاستعير للنار. قَوْله: (يغلي مِنْهُ أم دماغه) وَأم الدِّمَاغ أَصله وَمَا بِهِ قوامه، وَقيل: الهامة، وَقيل: جلدَة رقيقَة تحيط بالدماغ.

5656 -

حدّثنا مُسَدَّدٌ حدّثنا أبُو عَوانَةَ عنْ قَتادَةَ عَنْ أنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (يَجْمَعُ الله النّاسَ يَوْم القيامَةِ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنا على رَبِّنا حَتَّى يُرِيحنَا مِنْ مَكانِنا؟ فَيَأْتونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أنْتَ الّذِي خَلَقَكَ الله بِيَدِهِ ونَفَخَ فِيكَ منْ رُوحِهِ وأمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ فاشْفَعْ لَنا عِنْدَ رَبِّنا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ ويَقُولُ: ائْتُوا نُوحاً أوَّلَ رَسولِ بَعَثَهُ الله، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُناكُمْ ويَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا إبْراهِيمَ الّذِي اتَّخَذَهُ الله خَلِيلاً، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ: ائْتُو مُوسى الّذِي كَلَّمَهُ الله، فَيَأتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ: ائْتُوا عِيسى فَيأتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم فقد غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأخَّرَ، فَيأتُونِي فأسْتَأْذِنُ عَلى رَبِّي فَإِذا رَأيْتُهُ وقَعْتُ ساجِداً فَيَدَعُنِي مَا شاءَ الله ثُمَّ يُقالُ لِي: ارْفَعْ رَأسَكَ سَلْ تُعْطَهْ، وقُلْ يُسْمَعْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأرْفعُ رَأسِي فأحمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِي ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا ثُمَّ أُخْرِجهُمْ مِنَ النَّارِ وأُدْخِلُهُمُ الجَنّةَ، ثُمَّ أعُودُ فأقَعُ ساجِداً مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ أوِ الرَّابِعَةِ حتّى مَا يَبْقَى فِي النَّارِ إلاّ مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ)، وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: عِنْدَ هاذا، أيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: (ثمَّ أخرجهم من النَّار) بِالْوَجْهِ الَّذِي ذَكرْنَاهُ عِنْد التراجم الْمَاضِيَة.

وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو اسْمه الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي.

والْحَدِيث مضى فِي أول تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة وَلكنه أخرجه عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام عَن قَتَادَة عَن أنس، وَعَن خَليفَة عَن يزِيد بن زُرَيْع، عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مر يَعْنِي حَدِيث الْبَاب فِي بني إِسْرَائِيل.

قلت: الَّذِي مر فِي سُورَة بني إِسْرَائِيل عَن أبي هُرَيْرَة وَلَيْسَ عَن أنس وَهُوَ حَدِيث طَوِيل.

قَوْله: (يجمع الله النَّاس) فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: جمع الله، أَي: فِي العرصات. وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَاضِي: يجمع الله النَّاس الْأَوَّلين والآخرين فِي صَعِيد وَاحِد، وَفِي رِوَايَة هِشَام وَسَعِيد وَهَمَّام: يجمع الْمُؤمنِينَ. قَوْله: (لَو اسْتَشْفَعْنَا) جَزَاؤُهُ مَحْذُوف أَو هُوَ لِلتَّمَنِّي فَلَا يحْتَاج إِلَى جَوَاب، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فيلهمون بذلك، وَفِي رِوَايَة: فَيَهْتَمُّونَ بذلك، وَفِي رِوَايَة همام: حَتَّى يهتموا بذلك. قَوْله: (على رَبنَا فِي) رِوَايَة هِشَام وَسَعِيد: إِلَى رَبنَا، وَضمن: على، هُنَا معنى الِاسْتِعَانَة. أَي: لَو استعنا على رَبنَا. قَوْله: (حَتَّى يُرِيحنَا) بِضَم الْيَاء من الإراحة بالراء والحاء الْمُهْملَة أَي: يخرجنا من الْموقف وأهواله وأحواله ويفصل بَين الْعباد. قَوْله: (فَيَأْتُونَ آدم عليه السلام وَفِي رِوَايَة شَيبَان: فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى يَأْتُوا آدم عليه السلام. قَوْله: (عِنْد رَبنَا) فِي رِوَايَة مُسلم: عِنْد رَبك. قَوْله: (لست هُنَاكُم) أَي: لَيْسَ هَذِه الْمرتبَة، وَقَالَ عِيَاض قَوْله:(لست هُنَاكُم) كِنَايَة عَن أَن مَنْزِلَته دون الْمنزلَة الْمَطْلُوبَة، قَالَه تواضعاً وإكباراً لما يسألونه، قَالَ: وَقد يكون فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا الْمقَام لَيْسَ لي بل لغيري، وَوَقع فِي رِوَايَة معبد بن هِلَال: فَيَقُول: لست لَهَا، وَكَذَا

ص: 126

فِي بَقِيَّة الْمَوَاضِع، وَفِي رِوَايَة حُذَيْفَة: لست بِصَاحِب ذَاك. قَوْله: (وَيذكر خطيئته) زَاد مُسلم الَّتِي أصَاب، وَزَاد همام فِي رِوَايَته أكله من الشَّجَرَة وَقد نهي عَنْهَا، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قد أخرجت بخطيئتي فِي الْجنَّة، وَفِي رِوَايَة أبي نَضرة عَن أبي سعيد: وَإِنِّي أذنبت ذَنبا فأهبطت بِهِ إِلَى الأَرْض، وَفِي رِوَايَة ثَابت عِنْد سعيد بن مَنْصُور: إِنِّي أَخْطَأت وَأَنا فِي الفردوس وَإِن يغْفر لي الْيَوْم حسبي. قَوْله: (أول رَسُول بَعثه الله) قيل: آدم عليه السلام، أول الرُّسُل لَا نوح، وَكَذَا شِيث وَإِدْرِيس وهما قبل نوح عليه السلام. وَأجَاب الْكرْمَانِي بِأَنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ، وَيحْتَمل أَن يُقَال: المُرَاد هُوَ أول رَسُول أنذر قومه الْهَلَاك، أَو أول رَسُول لَهُ قوم. انْتهى.

قلت: فِي كل من الْأَجْوِبَة الثَّلَاثَة نظر أما الأول: فَلِأَن آدم عليه السلام، رَسُول قد أرسل إِلَى أَوْلَاد قابيل وَنزل عَلَيْهِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ صحيفَة أملأها عَلَيْهِ جِبْرِيل عليه السلام، وكتبها بِخَطِّهِ بالسُّرْيَانيَّة وَفرض عَلَيْهِ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة خَمْسُونَ رَكْعَة وَحرم عَلَيْهِ الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَالْبَغي وَالظُّلم والغدر وَالْكذب وَالزِّنَا. وَأما الثَّانِي: فَإِن آدم أَيْضا أنذر أَوْلَاده مِمَّا فِيهِ الْهَلَاك وَأوصى بذلك عِنْد مَوته. وَأما الثَّالِث: فَلِأَن آدم أَيْضا لَهُ قوم. وَعَن ابْن عَبَّاس: إِن آدم عليه السلام، لم يمت حَتَّى بلغ وَلَده وَولد وَلَده أَرْبَعِينَ ألفا فَرَأى فيهم الزِّنَا وَشرب الْخمر وَالْفساد ونهاهم. قَوْله:(وَيذكر خطيئته) أَي: وَيذكر نوح عليه السلام، خطيئته وَهِي دَعوته على قومه بِالْهَلَاكِ، وَقَالَ الْغَزالِيّ فِي (كشف عُلُوم الْآخِرَة) : إِن بَين إتْيَان أهل الْموقف آدم وإتيانهم نوحًا ألف سنة، وَكَذَا بَين كل نَبِي وَنَبِي إِلَى نَبينَا صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ بَعضهم: وَلم أَقف لذَلِك على أصل، وَلَقَد أَكثر فِي هَذَا الْكتاب من إِيرَاد أَحَادِيث لَا أصل لَهَا فَلَا تغتر بِشَيْء مِنْهَا. انْتهى.

قلت: جلالة قدر الْغَزالِيّ يُنَافِي مَا ذكره، وَعدم وُقُوفه لذَلِك على أصل لَا يسْتَلْزم نفي وقُوف غَيره على أصل، وَلم يحط علم هَذَا الْقَائِل بِكُل مَا ورد وَبِكُل مَا نقل حَتَّى يَدعِي هَذِه الدَّعْوَى. قَوْله:(ائْتُوا إِبْرَاهِيم) إِلَى قَوْله: (وَيذكر خطيئته) وَهِي معاريضه الثَّلَاث وَهِي قَوْله: {بل فعله كَبِيرهمْ} (الْأَنْبِيَاء: 36) فِي كسر الْأَصْنَام وَقَوله لامْرَأَته: {أَنا أَخُوك} وَقَوله: {إِنِّي سقيم} (الصافات: 98) وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: لم يكذب إِبْرَاهِيم عليه السلام، إلَاّ ثَلَاث كذبات كلهَا فِي الله قَوْله:{إِنِّي سقيم} وَقَوله: {بل فعله كَبِيرهمْ} (الْأَنْبِيَاء: 36) وَقَوله لسارة (هِيَ أُخْتِي) رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَالْبَزَّار. قَوْله: (أئتوا مُوسَى عليه السلام إِلَى قَوْله: (خطيئته) هِيَ قتل القبطي. قَوْله: (فيأتونه) وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَيَأْتُونَ عِيسَى عليه السلام، وَلم يذكر ذَنبا، وَفِي حَدِيث أبي نَضرة عَن أبي سعيد إِنِّي عبدت من دون الله، وَفِي رِوَايَة ثَابت عِنْد سعيد بن مَنْصُور نَحوه، وَزَاد: وَإِن يغْفر لي الْيَوْم حسبي. قَوْله: (فَيَأْتُوني) وَفِي رِوَايَة النَّضر بن أنس عَن أَبِيه: حَدثنِي نَبِي الله، قَالَ: إِنِّي لقائم انْتظر أمتِي تعبر الصِّرَاط إِذْ جَاءَ عِيسَى فَقَالَ: يَا مُحَمَّد هَذِه الْأَنْبِيَاء قد جاءتك يسْأَلُون لتدعو الله أَن يفرق جَمِيع الْأُمَم حَيْثُ يَشَاء، لغم مَا هم فِيهِ، وَهَذَا يدل على أَن الَّذِي وصف من كَلَام أهل الْموقف كُله يَقع عِنْد نصب الصِّرَاط بعد تساقط الْكفَّار فِي النَّار. قَوْله:(فَأَسْتَأْذِن) وَفِي رِوَايَة هِشَام: فأنطلق حَتَّى أَسْتَأْذن، قَالَ عِيَاض: أَي فِي الشَّفَاعَة، وَفِي رِوَايَة قَتَادَة عَن أنس: آتِي بَاب الْجنَّة فَاسْتَفْتَحَ، فَيُقَال: من هَذَا؟ فَأَقُول مُحَمَّد، فَيُقَال: مرْحَبًا بِمُحَمد. وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان: فآخذ بِحَلقَة الْبَاب وَهِي من ذهب فيقرع الْبَاب فَيُقَال: من هَذَا؟ فَيَقُول: مُحَمَّد، فَيفتح لَهُ حَتَّى يقوم بَين يَدي الله فيستأذن فِي السُّجُود فَيُؤذن لَهُ. قَوْله:(وَقعت سَاجِدا) نصب على الْحَال، وَفِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: فَإِذا رَأَيْت رَبِّي خَرَرْت لَهُ سَاجِدا. قَوْله: (فيدعني) أَي: فِي السُّجُود (مَا شَاءَ الله) وَفِي حَدِيث أبي بكر الصّديق: فيخر سَاجِدا قد قدر جُمُعَة. قَوْله: (ثمَّ يَقُول لي) أَي: ثمَّ يَقُول الله لي، وَفِي رِوَايَة النَّضر بن أنس: فَأوحى الله إِلَى جِبْرِيل عليه السلام، أَن أذهب إِلَى مُحَمَّد فَقل لَهُ: إرفع رَأسك، فعلى هَذَا معنى قَوْله: ثمَّ يَقُول لي على لِسَان جِبْرِيل عليه السلام. قَوْله: (فَيحد لي حدا) أَي: يبين لي فِي كل طور من أطوار الشَّفَاعَة حدا، أَقف عِنْده فَلَا أتعداه مثل أَن يَقُول لي: شفعتك فِيمَن أخل بِالْجَمَاعَة، ثمَّ فِيمَن أخل بِالصَّلَاةِ، ثمَّ فِيمَن شرب الْخمر ثمَّ فِيمَن زنى، وعَلى هَذَا الأسلوب كَذَا حَكَاهُ الطَّيِّبِيّ. قَوْله:(ثمَّ أخرجهم من النَّار) قَالَ الدَّاودِيّ: كَأَن رَاوِي هَذَا الحَدِيث ركب شَيْئا على غير أَصله، وَذَلِكَ فِي أول الحَدِيث ذكر الشَّفَاعَة فِي الإراحة من كرب الْموقف، وَفِي آخِره ذكر الشَّفَاعَة فِي الْإِخْرَاج من النَّار، يَعْنِي ذَلِك إِنَّمَا يكون بعد التَّحَوُّل من الْموقف والمرور على الصِّرَاط وَسُقُوط من يسْقط فِي تِلْكَ الْحَالة فِي النَّار، ثمَّ تقع بعد ذَلِك الشَّفَاعَة فِي الْإِخْرَاج، وَهُوَ إِشْكَال قوي، وَقد أجَاب عَنهُ عِيَاض وَتَبعهُ النَّوَوِيّ وَغَيره: بِأَنَّهُ قد وَقع فِي

ص: 127

حَدِيث حُذَيْفَة المقرون بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة بعد قَوْله: (فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا فَيقوم وَيُؤذن لَهُ)، أَي: فِي الشَّفَاعَة وَيُرْسل الْأَمَانَة وَالرحم فيقومان بجنبي الصِّرَاط يَمِينا وَشمَالًا فيمر أولكم كالبرق

الحَدِيث، قَالَ عِيَاض: فَبِهَذَا يتَّصل الْكَلَام لِأَن الشَّفَاعَة الَّتِي يجاء النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا هِيَ الإراحة من كرب الْموقف، ثمَّ تَجِيء الشَّفَاعَة فِي الْإِخْرَاج من النَّار. قَوْله:(ثمَّ أَعُود) أَي: بعد إِخْرَاج من أخرجهم من النَّار وَإِدْخَال من أدخلهم الْجنَّة. قَوْله: (مثله) أَي: مثل الأول. قَوْله: (فِي الثَّالِثَة) أَي: فِي الْمرة الثَّالِثَة. قَوْله: (أَو الرَّابِعَة) شكّ من الرَّاوِي، وَحَاصِل الْكَلَام أَن الْمرة الأولى الشَّفَاعَة لإراحة أهل الْموقف، وَالثَّانيَِة لإخراجهم من النَّار، وَالثَّالِثَة يَقُول فِيهَا: يَا رب مَا بَقِي إلَاّ من حَبسه الْقُرْآن، وَهَكَذَا هُوَ فِي أَكثر الرِّوَايَات، وَلَكِن وَقع عِنْد أَحْمد من رِوَايَة سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة: ثمَّ أَعُود الرَّابِعَة فَأَقُول: يَا رب مَا بَقِي إلَاّ من حَبسه الْقُرْآن، وَفَسرهُ قَتَادَة بِأَنَّهُ من وَجب عَلَيْهِ الخلود يَعْنِي: من أخبر الْقُرْآن بِأَنَّهُ يخلد فِي النَّار.

6656 -

حدّثنا مُسَدَّدٌ حدّثنا يَحْيَاى عنِ الحَسَنِ بنِ ذَكْوانَ حَدثنَا أبُو رَجاءٍ حدّثنا عِمْرانُ ابنُ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(يَخْرُجُ قَوْمٌ مِن النَّارِ بِشَفاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَدخُلُونَ الجَنةَ يُسَمَّوْنَ الجَهَنَّمِيِّينَ) .

مطابقته للْحَدِيث السَّابِق فِي الشَّفَاعَة، وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَالْحسن بن ذكْوَان بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة أَبُو سَلمَة الْبَصْرِيّ تكلم فِيهِ أَحْمد وَابْن معِين وَغَيرهمَا، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة يحيى الْقطَّان عَنهُ، وَأَبُو رَجَاء عمرَان العطاردي.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنة عَن مُسَدّد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي صفة النَّار، وَابْن مَاجَه فِي الزّهْد جَمِيعًا عَن مُحَمَّد بن بشار.

7656 -

حدّثنا قُتَيْبَةُ حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ جَعْفَرِ عنْ حُمَيْدٍ عنْ أنَسٍ: أنَّ أمَّ حارِثَةَ أتَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وقَدْ هَلَكَ حارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، أصابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ، فقالَتْ: يَا رسولَ الله! قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حارِثَةَ مِنْ قَلْبِي، فإنْ كَانَ فِي الجَنّةِ لَمْ أبْكِ عَلَيْهِ وإلاّ سَوْفَ تَرَى مَا أصْنَعُ. فَقَالَ لَهَا:(هَبِلْتِ؟ أجَنَّةٌ واحِدةٌ هِيَ إنّها جِنانٌ كَثِيرَةٌ؟ وإنّهُ فِي الفِرْدَوُسِ الأعْلَى؟) وَقَالَ: (غَدْوَةٌ فِي سَبِيلٍ الله أوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وَمَا فِيها، ولَقابُ قَوْسِ أحَدِكُمْ أوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الجَنّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وَمَا فِيها، ولَوْ أنَّ امْرَأةً مِنْ نِساءٍ أهْلِ الجَنّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأرْضِ لأضاءَتْ مَا بَيْنَهُما ولَمَلأتْ مَا بَيْنَهُما رِيحاً، ولَنَصِيفُها يَعْنِي: الخمارَ خَيْرٌ مِنَ الدُّنيْا وَمَا فِيها) . (انْظُر الحَدِيث 2972 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث إِلَى قَوْله: (وَإنَّهُ فِي الفردوس الْأَعْلَى) قد مر فِي أَوَائِل الْبَاب من رِوَايَة أبي إِسْحَاق عَن حميد عَن أنس، وَهنا فِيهِ زِيَادَة وَهِي من قَوْله:(وَقَالَ: غدْوَة فِي سَبِيل الله) إِلَى آخر الحَدِيث.

قَوْله: (غرب سهم) بِالْإِضَافَة وَالصّفة، وَسَهْم غرب هُوَ الَّذِي لَا يدْرِي من رمى بِهِ. قَوْله:(وَإنَّهُ فِي الفردوس) ويروى: لفي الفردوس.

قَوْله: (وَلَقَاب قَوس أحدكُم) اللَّام فِيهِ، مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد، والقاب بِالْقَافِ وَالْبَاء الْمُوَحدَة والقيب، بِمَعْنى الْقدر وعينه. وَقَوله:(أَو مَوضِع قدم) أَي: أَو مَوضِع قدم أحدكُم، ويروى: مَوضِع قده، بِكَسْر الْقَاف وَتَشْديد الدَّال أَي: مَوضِع سَوْطه، لِأَنَّهُ يقد أَي: يقطع طولا. وَقيل: مَوضِع قده أَي: شراكه، ويروى: مَوضِع قدمه. قَوْله: (ريحًا) أَي: ريحًا طيبَة، وَفِي رِوَايَة سعيد بن عَامر: لملأت الأَرْض ريح مسك. قَوْله: (وَلنَصِيفهَا) اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد، والنصيف بِفَتْح النُّون وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالفاء: هُوَ الْخمار بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة، وَقد فسره فِي الحَدِيث هَكَذَا، وَهَذَا تَفْسِير من قُتَيْبَة، وَعَن الْأَزْهَرِي: النصيف أَيْضا يُقَال للخادم.

ص: 128

9656 -

حدّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ حَدثنَا أبُو الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَدْخُلُ أحَدٌ الجَنّةَ إلاّ أُرِيَ مَقَعْدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أساءَ لِيَزْدادَ شُكْراً، وَلَا يَدْخُلُ النّارَ أحدٌ إلاّ أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنّةِ لَوْ أحْسَنَ لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً) .

مطابقته لجزئي التَّرْجَمَة من حَيْثُ كَون الْمَقْعَدَيْنِ فيهمَا نوع صفة لَهما.

وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز وَهَذَا الْإِسْنَاد بهؤلاء الرِّجَال قد مر مرَارًا عديدة.

والْحَدِيث وَقع عِنْد ابْن مَاجَه من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة: أَن ذَلِك يَقع عِنْد الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر.

قَوْله: (لَو أَسَاءَ) يَعْنِي: لَو عمل عمل السوء وَصَارَ من أهل جَهَنَّم. قَوْله: (لِيَزْدَادَ شكرا) قيل: الْجنَّة لَيست دَار شكر بل هِيَ دَار جَزَاء. وَأجِيب: بِأَن الشُّكْر لَيْسَ على سَبِيل التَّكْلِيف بل هُوَ على سَبِيل التَّلَذُّذ، أَو المُرَاد لَازمه وَهُوَ الرضى والفرح، لِأَن الشاكر على الشَّيْء راضٍ بِهِ فرحان بذلك. قَوْله:(لَو أحسن) أَي: لَو عمل عملا حسنا وَهُوَ الْإِسْلَام. قَوْله: (ليَكُون عَلَيْهِ حسرة) أَي: زِيَادَة فِي تعذيبه.

0756 -

حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعيدٍ حَدثنَا إسْماعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ عَن عَمْرٍ وعنْ سَعيدِ بنِ أبي سَعِيدٍ المَقْبُريِّ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أنّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله {مَنْ أسْعَدُ النّاسِ بِشَفاعَتِكَ يَوْمَ القِيامَةِ؟ فَقَالَ: (لَقَدْ ظَننْتُ يَا با هُرَيْرَةَ أنْ لَا يَسْألَنِي عنْ هاذا الحَدِيثِ أحَدٌ أوَّلَ مِنْكَ لِمَا رَأيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلى الحَديثِ: أسْعَدُ النّاسِ بِشَفاعَتِي يَوْمَ القِيامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إلاهَ إلاّ الله، خالِصاً مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ) . (انْظُر الحَدِيث 99) .

لَو ذكر هَذَا عقيب حَدِيث أنس الْمَذْكُور كَانَ أنسب على مَا لَا يخفى.

وَعَمْرو هُوَ ابْن أبي عَمْرو مولى الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب الْحِرْص على الحَدِيث، وَمر الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (يَا با هُرَيْرَة) أَصله: يَا أَبَا هُرَيْرَة، حذفت الْألف تَخْفِيفًا. قَوْله:(أَن لَا يسألني) كلمة: أَن، مُخَفّفَة من المثقلة. قَوْله:(أول) بِفَتْح اللَّام حَال وَيجوز رَفعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ أول، وَفِي بعض النّسخ، أولى مِنْك. قَوْله:(لما رَأَيْت اللَّام) فِيهِ مَكْسُورَة وَهِي لَام التَّعْلِيل. قَوْله: (من قبل نَفسه) بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء أَي: من جِهَة نَفسه طَوْعًا ورغبة، وَوَقع فِي رِوَايَة لِأَحْمَد وَابْن حبَان من طَرِيق أُخْرَى عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه، وَفِيه: شَفَاعَتِي لمن شهد أَن لَا إِلَه إلَاّ الله مخلصاً يصدق قلبه لِسَانه وَلسَانه قلبه، وَهَذِه الشَّفَاعَة غير الشَّفَاعَة الْكُبْرَى فِي الإراحة من كرب الْموقف.

1756 -

حدّثنا عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ حَدثنَا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عنْ إبْراهِيمَ عنْ عَبيدَةَ عنْ عَبْدِ الله رضي الله عنه، قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:(إنِّي لأعْلَمُ آخِرَ أهْلِ النَّارِ خُرُوجاً مِنْها، وآخِرَ أهْلِ الجَنَّةِ دُخُولاً، رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْواً فَيَقُولُ الله: إذْهَبْ فاْدخُلِ الجَنَّةَ فيأتيها فَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّها مَلآي، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وجَدْتُها مَلآى} فَيَقُولُ: إذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيأْتِيها فَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّها مَلآى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وجَدْتُها مَلآى. فَيَقُولُ: إذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ فإنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنيْا وعَشَرَةَ أمْثالِها أوْ إنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أمْثالِ الدُّنْيا فَيَقُولُ: تَسْخَرُ مِنِّي أوْ تَضْحَكُ مِنِّي وأنْتَ المَلِكُ؟) فَلَقَدْ رَأيْتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجذُهُ، وكانَ يُقالُ: ذَلِكَ أدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ الْخُرُوج من النَّار وَالدُّخُول فِي الْجنَّة بِاعْتِبَار الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي التراجم الْمَذْكُورَة.

ص: 129

وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَعبيدَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة هُوَ ابْن عَمْرو السَّلمَانِي، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَهَؤُلَاء كلهم كوفيون.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن مُحَمَّد بن خَالِد. وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن عُثْمَان وَإِسْحَاق. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي صفة جَهَنَّم عَن هناد. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الزّهْد عَن عُثْمَان.

قَوْله: (إِنِّي لأعْلم) اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد. قَوْله: (رجل) يَعْنِي هُوَ رجل يخرج من النَّار حبواً بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة، وَهُوَ الْمَشْي على الْيَدَيْنِ أَو الْمَشْي على الاست، يُقَال: حبا الرجل إِذا حبا على يَدَيْهِ وحبا الصَّبِي إِذا مَشى على استه، وَرَأَيْت فِي بعض النّسخ: كبواً، بِفَتْح الْكَاف، وَوَقع فِي مُسلم من رِوَايَة أنس: آخر من يدْخل الْجنَّة رجل فَهُوَ يمشي مرّة ويكبو مرّة وتسفعه النَّار مرّة فَإِذا مَا جاوزها الْتفت إِلَيْهَا فَقَالَ: تبَارك الَّذِي نجاني مِنْك، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأَعْمَش هُنَا: زحفاً. قَوْله: (وَعشرَة أَمْثَالهَا) قيل: عرض الْجنَّة كعرض السَّمَوَات وَالْأَرْض، فَكيف يكون عشرَة أَمْثَال الدُّنْيَا؟ وَأجِيب: بِأَن هَذَا تَمْثِيل، وَإِثْبَات السعَة على قدر فهمنا. قَوْله:(تسخر مني أَو تضحك مني) وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش: أَتسخر بِي؟ وَلم يشك، وَكَذَا فِي مُسلم من رِوَايَة أنس عَن ابْن مَسْعُود: أتستهزيء مني وَأَنت رب الْعَالمين؟ قَوْله: (وَأَنت الْملك) الْوَاو فِيهِ للْحَال وَقَالَ الْمَازرِيّ: هَذَا مُشكل، وَتَفْسِير الضحك بِالرِّضَا لَا يتأتي هُنَا، وَلَكِن لما كَانَت عَادَة المستهزىء أَن يضْحك من الَّذِي اسْتَهْزَأَ بِهِ ذكر مَعَه، وَأما نِسْبَة السخرية إِلَى الله فَهِيَ على سَبِيل الْمُقَابلَة وَإِن لم يذكر فِي الْجَانِب الآخر لفظا لكنه لما عَاهَدَ مرَارًا وغد رَحل فعله مَحل المستهزيء، فَظن أَن فِي قَول الله لَهُ: ادخل الْجنَّة، وتردده إِلَيْهَا وظنه أَنَّهَا ملأى نوعا من السخرية بِهِ جَزَاء على فعله، فَسمى الْجَزَاء على السخرية سخرية، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: أَكْثرُوا فِي تَأْوِيله، وأشبه مَا قيل فِيهِ إِنَّه استخفه الْفَرح وأدهشه، فَقَالَ ذَلِك. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: (تسخر مني) يُقَال: سخر مِنْهُ إِذا استجهله. فَإِن قلت: كَيفَ صَحَّ إِسْنَاده الهزء أَو الضحك إِلَى الله؟ .

قلت: أَمْثَال هَذِه الإطلاقات يُرَاد بهَا لوازمها من الإهانة وَنَحْوهَا.

قلت: فِيهِ تَأمل. قَوْله: (حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه) بجيم وذال مُعْجَمه جمع ناجذ وَهُوَ ضرس الْحلم، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: النواجذ من الْأَسْنَان الضواحك، وَهِي الَّتِي تبدو عِنْد الضحك، وَالْأَشْهر إِنَّهَا أقْصَى الْأَسْنَان، وَالْمرَاد الأول، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب مَبْسُوطا. قَوْله:(وَكَانَ يُقَال ذَلِك) ويروى: ذَاك، قَوْله:(منزلَة) ويروى: منزلا. وَقَالَ الْكرْمَانِي قَوْله: (وَكَانَ يُقَال ذَلِك الرجل هُوَ أقل النَّاس منزلَة فِي الْجنَّة، ثمَّ قَالَ وَهَذَا لَيْسَ من تَتِمَّة كَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بل هُوَ كَلَام الرَّاوِي نقلا عَن الصَّحَابَة أَو أمثالهم من أهل الْعلم، وَقَالَ بَعضهم قَائِل: وَكَانَ، يُقَال: هُوَ الرَّاوِي كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ، وَأما قَائِل الْمقَالة الْمَذْكُورَة فَهُوَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ثَبت ذَلِك فِي أول حَدِيث أبي سعيد عِنْد مُسلم وَلَفظه: أدنى أهل الْجنَّة منزلَة رجل صرف الله وَجهه عَن النَّار

انْتهى.

قلت: كَون هَذِه الْمقَالة فِي حَدِيث أبي سعيد من كَلَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يسْتَلْزم كَونهَا فِي آخر حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود كَذَلِك من كَلَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

2756 -

حدّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا أبُو عَوَانَةَ عنْ عبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ الحارِثِ ابْن نَوْفَلِ عنِ العَبَّاسِ رضي الله عنه أنّهُ قَالَ لِ لنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طالِبٍ بِشَيْءٍ. (انْظُر الحَدِيث 3883 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي بَقِيَّة الحَدِيث لِأَنَّهُ أخرجه مُخْتَصرا بِحَذْف الْجَواب، وَجَوَابه هُوَ قَوْله: فَإِنَّهُ كَانَ يحوطك ويغضب لَك. قَالَ: نعم، هُوَ فِي ضحضاح من نَار، وَلَوْلَا أَنا لَكَانَ فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار. وَقد مر هَذَا فِي كتاب الْأَدَب فِي: بَاب كنية الْمُشرك.

وَأخرجه هُنَاكَ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة، وَهنا أخرجه عَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب، وَالْعَبَّاس هُوَ ابْن عبد الْمطلب وَهُوَ عَم جد عبد الله بن الْحَارِث الرَّاوِي عَنهُ وللحارث بن نَوْفَل ولأبيه صحية، وَيُقَال: إِن لعبد الله رُؤْيَة وَهُوَ الَّذِي كَانَ يلقب ببه، بباءين موحدتين مفتوحتين الثَّانِيَة مُشَدّدَة وَفِي آخرهَا هَاء، وَلم يدر مَا كَانَ مَقْصُود البُخَارِيّ من اخْتِصَار هَذَا الحَدِيث وَحذف جَوَابه، وَذكره هُنَا نَاقِصا، وَقد ذكر فِي هَذَا الْبَاب ثَلَاثَة وَعشْرين حَدِيثا أَكْثَرهَا فِي صفة النَّار. وَالله أعلم.

ص: 130