الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جنب والغسيل هُوَ حَنْظَلَة بن أبي عَامر الأوسي وَعبد الله من صغَار الصَّحَابَة قتل يَوْم الْحرَّة وَكَانَ الْأَمِير على طَائِفَة الْأَنْصَار يَوْمئِذٍ وحَنْظَلَة اسْتشْهد بِأحد وَهُوَ من كبار الصَّحَابَة وَأَبوهُ أَبُو عَامر يعرف بِالرَّاهِبِ وَهُوَ الَّذِي بني مَسْجِد الضرار بِسَبَبِهِ وَنزل فِيهِ الْقُرْآن وَعبد الرَّحْمَن مَعْدُود من صغَار التَّابِعين وَهَذَا الْإِسْنَاد من أَعلَى مَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ لِأَنَّهُ فِي حكم الثلاثيات وَإِن كَانَ رباعيا كَذَا قَالَه بَعضهم وَلكنه من الرباعيات حَقِيقَة وَقَوله فِي حكم الثلاثيات فِيهِ نظر وعباس بن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ وَسَهل من الصَّحَابَة الْمَشْهُورين والْحَدِيث من أَفْرَاده قَوْله أعطي على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله مَلأ ويروى ملآن قَوْله ثَانِيًا أَي وَاديا ثَانِيًا -
9346 -
حدّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا إبْرَاهيِمُ بنُ سَعْدٍ عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ: أَخْبرنِي أنَسُ بنُ مالِكٍ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَوْ أنَّ لابنِ آدَمَ وادِياً مِنْ ذَهَب أحَبَّ أنْ يَكُونَ لهُ وادِيان، ولَنْ يَمْلأُ فاهُ إلاّ التُّرَابُ ويَتُوبُ الله عَلى مَنْ تابَ) .
عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي الْمَدِينِيّ، وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، كَانَ على قَضَاء بَغْدَاد، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن عبد الله بن الحكم.
قَوْله: (أحب) وَقع كَذَا بِغَيْر اللَّام. قَوْله: (وَلنْ يمْلَأ) ويروي: وَلَا يمْلَأ.
0446 -
وَقَالَ لَنا أبُو الوَلِيدِ: حدّثنا حَمَّادُ بنُ سَلَمَة عنْ ثابِت عنْ أنَسٍ عَن أُبّيٍّ قَالَ: كُنَّا نُرَى هاذَا مِنَ القُرْآنِ حتَّى نَزَلَتْ {أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ} (التكاثر: 1) .
أَبُو الْوَلِيد هُوَ هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، ذهب الْحَافِظ الْمزي إِن هَذَا تَعْلِيق، وَاعْترض عَلَيْهِ بَعضهم، قَالَ: هَذَا صَرِيح فِي الْوَصْل لقَوْله: (وَقَالَ لنا) وَإِن كَانَ التَّصْرِيح بِالتَّحْدِيثِ أَشد اتِّصَالًا. انْتهى.
قلت: الصَّوَاب مَا قَالَه الْمزي، لِأَن فِيهِ حَمَّاد بن سَلمَة وَهُوَ لم يعد فِيمَن، أخرج لَهُ البُخَارِيّ مَوْصُولا وَلَيْسَ هُوَ على شَرطه فِي الِاحْتِجَاج على أَن عِنْد الْبَعْض: قَالَ فلَان، أَو: قَالَ فلَان، للمذاكرة غَالِبا، وَرُبمَا يكون للإجازة أَو للمناولة.
قَوْله: (عَن ثَابت) بِالتَّاءِ الْمُثَلَّثَة فِي أَوله وَهُوَ ابْن أسلم الْبنانِيّ أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ. قَوْله: (عَن أبي) هُوَ أبي بن كَعْب الْأنْصَارِيّ.
وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ.
قَوْله: (كُنَّا نرى) بِضَم النُّون أَي: كُنَّا نظن، وَيجوز فتحهَا من الرَّأْي، أَي: كُنَّا نعتقد. قَوْله: (هَذَا) لم يبين الْمشَار إِلَيْهِ، وَقد بَينه الْإِسْمَاعِيلِيّ حَيْثُ قَالَ فِي رِوَايَته: كُنَّا نرى هَذَا الحَدِيث من الْقُرْآن. لَو أَن لِابْنِ آدم وَاديا من مَال. . الحَدِيث. حَتَّى نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ} (التكاثر: 1) وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل زَاد: إِلَى آخر السُّورَة. قيل: مَا وَجه التَّخْصِيص بِسُورَة التكاثر وَهِي لَيست ناسخة لَهُ، إِذْ لَا مُعَارضَة بَينهمَا؟ وَأجِيب: بِأَن شَرط نسخ الحكم الْمُعَارضَة، وَأما نسخ اللَّفْظ فَلَا يشْتَرط فِيهِ ذَلِك، فمقصوده أَنه لما نزلت السُّورَة الَّتِي هِيَ بِمَعْنَاهُ أعلمنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، بنسخ تِلَاوَته والاكتفاء بِمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ. وَأما مُوَافَقَته لِمَعْنى فَلِأَن بَعضهم فسر زِيَارَة الْمَقَابِر بِالْمَوْتِ يَعْنِي شغلكم التكاثر فِي الْأَمْوَال إِلَى أَن متم. وَقيل: يحْتَمل أَن يُقَال: مَعْنَاهُ كُنَّا نظن أَنه قُرْآن حَتَّى نزلت السُّورَة الَّتِي بِمَعْنَاهُ، فحين المقايسة بَينهمَا عرفنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أَنه لَيْسَ قُرْآنًا. فَلَا يكون من بَاب النّسخ فِي شَيْء. وَالله أعلم. وَقيل: كَانَ قُرْآنًا وَنسخت تِلَاوَته. وَلما نزلت: {آلهاكم التكاثر} واستمرت تلاوتها كَانَت ناسخة لتلاوة ذَلِك، وَمن هَذَا الْقَبِيل مَا رَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ: كُنَّا نأتي النَّبِي صلى الله عليه وسلم، إِذا نزل عَلَيْهِ فيحدثنا، فَقَالَ لنا ذَات يَوْم: أَن الله قَالَ: إِنَّمَا أنزلنَا المَال لإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة، وَلَو كَانَ لِابْنِ آدم وادٍ لأحب أَن يكون لَهُ ثانٍ. . الحَدِيث ظَاهره أَنه صلى الله عليه وسلم أخبر بِهِ عَن الله تَعَالَى بِأَنَّهُ من الْقُرْآن. على أَنه يحْتَمل أَن يكون من الْأَحَادِيث القدسية، فعلى الْوَجْه الأول نسخت تِلَاوَته قطعا، وَإِن كَانَ حكمه مستمراً.
11 -
(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: هاذا المالُ خَضِرَةٌ حُلوَةٌ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ذكر قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم: هَذَا المَال
…
أَشَارَ بِهِ إِلَى المَال الَّذِي يتَصَرَّف فِيهِ النَّاس. قَوْله: خضرَة، التَّاء فِيهِ للْمُبَالَغَة أَو بِاعْتِبَار أَنْوَاع المَال، وَكَذَا الْكَلَام فِي: حلوة.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {زين للنَّاس حب الشَّهَوَات من النِّسَاء والبنين والقناطير المقنطرة من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْخَيْل المسومة والأنعام والحرث ذَلِك مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا} (آل عمرَان: 41) [/ ح.
سيقت هَذِه الْآيَة كلهَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر {زين للنَّاس حب الشَّهَوَات من النِّسَاء والبنين}
…
الْآيَة، وَفِي رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي {حب الشَّهَوَات}
…
الْآيَة وَكَانَت رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ مثل رِوَايَة أبي ذَر. وَزَاد إِلَى قَوْله: {ذَلِك مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا} .
قَوْله: {زين للنَّاس} أَي: فِي هَذِه الدُّنْيَا من أَنْوَاع الملاذ من النِّسَاء، فَبَدَأَ بِهن لِأَن الْفِتْنَة بِهن أَشد لقَوْله صلى الله عليه وسلم فِي (الصَّحِيح) : مَا تركت بعدِي فتْنَة أضرّ على الرِّجَال من النِّسَاء، فَإِذا كَانَ الْقَصْد بِهن الإعفاف وَكَثْرَة الْأَوْلَاد فَهَذَا مَطْلُوب مَرْغُوب فِيهِ مَنْدُوب إِلَيْهِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم:(الدُّنْيَا مَتَاع وَخير متاعها الْمَرْأَة الصَّالِحَة) الحَدِيث، ثمَّ ذكر الْبَنِينَ، فَلَا يَخْلُو حبهم إِمَّا أَن يكون للتفاخر والزينة فَهُوَ دَاخل فِيهَا، وَإِمَّا أَن يكون لتكثير النَّسْل وتكثير أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم. فَهَذَا مَحْمُود ممدوح، كَمَا فِي الحَدِيث:(تزوجوا الْوَدُود الْوَلُود فَإِنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة) . قَوْله: {القناطير المقنطرة} اخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي مِقْدَار القنطار على أَقْوَال: فَقَالَ الضَّحَّاك. المَال الجزيل، وَقيل: ألف دِينَار، وَقيل: ألف ومائتان، وَقيل: اثْنَا عشر ألفا، وَقيل: أَرْبَعُونَ الْفَا، وَقيل: سَبْعُونَ ألفا، وَقيل: ثَمَانُون ألفا. وروى الإِمَام أَحْمد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: القنطار اثْنَا عشر ألف أُوقِيَّة، كل أُوقِيَّة خير مِمَّا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا، وروى ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا أبي حَدثنَا عَارِم عَن حَمَّاد عَن سعيد الْحَرَشِي عَن أبي نصْرَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: القنطار ملْء مسك الثور ذَهَبا، وَرُوِيَ عَن حَمَّاد مَرْفُوعا، وَالْمَوْقُوف أصح، وَعَن سعيد بن جُبَير: القنطار مائَة ألف دِينَار. قَوْله: {المقنطرة} مَبْنِيَّة من لفظ القنطار للتوكيد كَقَوْلِهِم: ألف مؤلفة، وبدرة مبدرة. قَوْله:{وَالْخَيْل المسومة} أَي: المعلمة {والأنعام} الْأزْوَاج الثَّمَانِية. قَوْله: {والحرث} بِمَعْنى الْأَرَاضِي المتخدة للغراس والزراعة، وروى أَحْمد من حَدِيث سُوَيْد بن هُبَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ (خير مَال امرىء مهرَة مأمورة أَو سكَّة مأبورة) . الْمَأْمُورَة الْكَثِيرَة النَّسْل، وَالسِّكَّة النخيل الْمُصْطَفّ، والمأبورة الملقحة. قَوْله:{ذَلِك} أَي: الْمَذْكُور {مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا} أَي: إِنَّمَا هَذِه زهرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا الفانية الزائلة. قَوْله: {وَالله عِنْده حسن المآب} أَي: حسن الْمرجع وَالثَّوَاب.
قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ! إنَّا لَا نَسْتَطِيعُ إلاّ أنْ نَفْرَحَ بِما زَيَّنْتَهُ لنا، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ أنْ أُنْفِقَهُ فِي حَقَّهِ.
أَي: قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة: إِنَّا لَا نستطيع أَي: لَا نقدر إِلَّا أَن نفرح بِمَا زينته لنا، أَي: بِمَا حصل لنا مِمَّا فِي آيَة {زين للنَّاس حب الشَّهَوَات من النِّسَاء} ثمَّ لما رأى أَن فتْنَة المَال والغنى مسلطة على من فَتحه الله عَلَيْهِ لتزيين الله تَعَالَى لَهُ ولشهوات الدُّنْيَا فِي نفوس الْعباد، دَعَا الله تَعَالَى بقوله: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك أَن أنفقهُ فِي حَقه، لِأَن من أَخذ المَال من حَقه وَوَضعه فِي حَقه فقد سلم من فتنته، وَهَذَا الْأَثر وَصله الدَّارَقُطْنِيّ فِي (غرائب مَالك) من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد هُوَ الْأنْصَارِيّ: أَن عمر بن الْخطاب، أُتِي بِمَال من الْمشرق يُقَال لَهُ: نفل كسْرَى، فَأمر بِهِ فصُب وغُطي، ثمَّ دَعَا النَّاس فَاجْتمعُوا، ثمَّ أَمر بِهِ فكُشف عَنهُ فَإِذا هُوَ حلي كثير وجواهر ومتاع، فَبكى عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَحمد الله عز وجل، فَقَالُوا: مَا يبكيك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ هَذِه غَنَائِم غنمها الله لنا ونزعها من أَهلهَا. فَقَالَ: مَا فتح الله من هَذَا على قوم إلَاّ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا حرمتهم، قَالَ: فَحَدثني زيد بن أسلم أَنه بَقِي من ذَلِك المَال مناطق وخواتم، فَرفع فَقَالَ لَهُ عبد الله بن أَرقم: حَتَّى مَتى تحبسه لَا تقسمه؟ قَالَ: بلَى إِذا رَأَيْتنِي فَارغًا فاذني بِهِ، فَلَمَّا رَآهُ فَارغًا بسط شَيْئا فِي حش نَخْلَة ثمَّ جَاءَ بِهِ فِي مكتل فَصَبَّهُ فَكَأَنَّهُ استكثره، ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت قلت: {زين للنَّاس حب الشَّهَوَات}
…
الْآيَة حَتَّى فرغ مِنْهَا، ثمَّ قَالَ: لَا نستطيع ألَاّ أَن نحب مَا زينت لنا، فقني شَره وارزقني أَن أنفقهُ فِي حَقك، فَمَا قَامَ حَتَّى مَا بَقِي مِنْهُ شَيْء، وَهَذَا التَّعْلِيق قد سقط فِي رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي.