الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
0176 -
حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ مَحْبُوبٍ حدّثنا عبْدُ الوَاحِدِ حَدثنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جاءَ رجُلٌ إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ. فَقَالَ: (وَمَا ذاكَ؟) قَالَ: وقَعْتُ بأهْلِي فِي رَمضانَ. قَالَ: (تَجِدُ رَقَبَةً؟) قَالَ: لَا. قَالَ: (هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتتابِعَيْنِ) قَالَ: لَا. قَالَ: (فَتَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟) قَالَ: لَا. قَالَ: فَجاءَ رجَلٌ مِنَ الأنْصارِ بِعَرَقٍ، والعَرَقُ المِكْتَلُ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ:(إذْهَبْ بِهَذا فَتَصَدَّقْ بِهِ) قَالَ: عَلى أحْوَجَ مِنَّا يَا رسُولَ الله؟ والَّذِي بَعثكَ بالحقِّ مَا بَيْنَ لابَتَيْها أهْلُ بَيْتٍ أحْوَجُ مِنَّا، ثُمَّ قَالَ:(اذْهَبْ فأطْعِمْهُ أهْلَكَ) .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة ترْجم لَهُ بالترجمة الْمَذْكُورَة.
وَأخرجه عَن مُحَمَّد بن مَحْبُوب الْبَصْرِيّ عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد الْعَبْدي عَن معمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره.
قَوْله: (مَا بَين لابتيها) تَثْنِيَة: لابة، بتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي الْحرَّة يَعْنِي: بَين طرفِي الْمَدِينَة والحرة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء: أَرض ذَات حِجَارَة سود.
4 -
(بابٌ يُعْطِي فِي الكَفَّارَةِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ قَرِيباً كَانَ أوْ بَعِيداً)
أَي: هَذَا بَاب مترجم بقوله: يُعْطي فِي الْكَفَّارَة. أَي: فِي كَفَّارَة الْيَمين عشرَة مَسَاكِين، كَمَا فِي نَص الْقُرْآن. قَوْله: قَرِيبا أَي: سَوَاء كَانَت الْمَسَاكِين قريبَة أَو بعيدَة، وَإِنَّمَا قَالَ: قَرِيبا أَو بَعيدا بالتذكير إِمَّا بِاعْتِبَار لفظ: مَسَاكِين، فَلذَلِك قَالَ: كَانَ وَلم يقل: كَانَت وَلَا كَانُوا، وَإِمَّا بِاعْتِبَار أَن فعيلاً يَسْتَوِي فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ} (الْأَعْرَاف: 65) قيل: لَا وَجه لذكر الْعشْرَة هُنَا، لِأَنَّهَا فِي كَفَّارَة الْيَمين، وَحَدِيث الْبَاب فِي كَفَّارَة الوقاع، فَلَا يُطَابق الحَدِيث التَّرْجَمَة. وَأجَاب الْمُهلب بِمَا حَاصله: أَن حكم الْعشْرَة مَسَاكِين فِي كَفَّارَة الْيَمين مُبْهمَة من حَيْثُ لم يذكر فِيهِ قريب وَلَا بعيد، وَجَاء فِي كَفَّارَة الوقاع فِي حَدِيث الْبَاب:(أطْعمهُ أهلك) وَهُوَ مُفَسّر، والمفسر يقْضِي على الْمُجْمل، وقاس كَفَّارَة الْيَمين على كَفَّارَة الْجِمَاع فِي إجَازَة الصّرْف على الأقرباء لِأَنَّهُ إِذا جَازَ إِعْطَاء الأقرباء فالبعداء أجوز. انْتهى.
قلت: هَذَا إِنَّمَا يمشي إِذا حمل قَوْله: (أطْعمهُ أهلك) على وَجه الْكَفَّارَة لَا على وَجه الصَّدَقَة، لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يُعْطي الْكَفَّارَة أحدا من أَهله إِذا كَانَ مِمَّن يلْزمه نَفَقَته، وَأما إِذا كَانَ مِمَّن لَا يلْزمه نَفَقَته فَيجوز. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَقيل: لَعَلَّ أَهله كَانُوا عشرَة، وَلَيْسَ بِشَيْء.
1176 -
حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ حدّثنا سفيْانُ عنِ الزُّهرِيِّ عنْ حُمَيْدٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: جاءَ رَجلٌ إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ! قَالَ: (وَمَا شَأْنُكَ؟) قَالَ وَقَعْتُ عَلى امْرَأتِي فِي رَمَضانَ. قَالَ: (هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟) قَالَ: لَا. قَالَ: (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ متتابِعَيْنِ؟) قَالَ: لَا. قَالَ: (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟) قَالَ: لَا أجِدُ، فأُتِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بَعَرِقٍ فِيه تَمْرٌ فَقَالَ:(خذْ هاذا فَتَصَدَّقْ بِهِ) فَقَالَ: أَعلَى أفْقَرَ مِنَّا؟ مَا بَيْنَ لابَتَيْها أفْقَرُ مِنَّا. ثُمَّ قَالَ: (خُذْهُ فأطْعِمْهُ أهْلَكَ) .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة السَّابِق أخرجه عَن عبد الله بن مسلمة القعْنبِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.
5 -
(بابُ صاعِ المَدِينَةِ ومُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبَرَكَتِهِ وَمَا تَوَارَثَ أهْلُ المَدِينَةِ مِنْ ذالِكَ قَرْناً بَعْدَ قَرْنٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان صَاع مَدِينَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَأَشَارَ بذلك إِلَى وجوب الْإِخْرَاج فِي الْوَاجِبَات بِصَاع أهل الْمَدِينَة، لِأَن التشريع وَقع أَولا على ذَلِك حَتَّى زيد فِيهِ فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على مَا يَجِيء. قَوْله: (وَمد
النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَي: وَفِي بَيَان مد النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (وبركته) قَالَ الْكرْمَانِي: أَي بركَة الْمَدّ أَو بركَة كل مِنْهُمَا.
قلت: الْأَحْسَن أَن يُقَال: وبركة النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ دَعَا حَيْثُ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي مكيالهم، وصاعهم ومدهم، وَيَجِيء عَن قريب فِي حَدِيث أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله:(وَمَا توارث أهل الْمَدِينَة) أَي: وَفِي بَيَان مَا توارث أهل الْمَدِينَة قرنا أَي: جيلاً بعد جيل على ذَلِك، وَلم يتَغَيَّر إِلَى زَمَنه، أَلا ترى أَن أَبَا يُوسُف لما اجْتمع مَعَ مَالك فِي الْمَدِينَة فَوَقَعت بَينهمَا المناظرة فِي قدر الصَّاع فَزعم أَبُو يُوسُف أَنه ثَمَانِيَة أَرْطَال، وَقَامَ مَالك وَدخل بَيته وَأخرج صَاعا وَقَالَ: هَذَا صَاع النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو يُوسُف: فَوَجَدته خَمْسَة أَرْطَال وَثلثا، فَرجع أَبُو يُوسُف إِلَى قَول مَالك وَخَالف صَاحِبيهِ فِي هَذَا. وَجَهل مُنَاسبَة ذكر هَذَا الْبَاب بِكِتَاب الْكَفَّارَات هُوَ أَن فِي كَفَّارَة الْيَمين إطْعَام عشرَة أَمْدَاد لعشرة مَسَاكِين، وَكَفَّارَة الوقاع إطْعَام سِتِّينَ مِسْكينا سِتِّينَ مدا بِهِ، وَفِي كَفَّارَة الْحلف إطْعَام ثَلَاثَة آصَع لسِتَّة مَسَاكِين.
2176 -
حدّثنا عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ حدّثنا القاسِمُ بنُ مالِكٍ المُزَنِيُّ حَدثنَا الجُعَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ الصَّاعُ عَلى عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُدًّا وثُلُثاً بِمُدِّكُمُ اليَوْمَ، فَزِيدَ فِيهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ. (انْظُر الحَدِيث 9581 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَالقَاسِم بن مَالك الْمُزنِيّ بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي وبالنون، والجعيد بِضَم الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة، وَيُقَال بِالتَّكْبِيرِ ابْن أَوْس الْكِنْدِيّ الْمدنِي، والسائب بِالسِّين الْمُهْملَة والهمزة بعد الْألف وبالباء الْمُوَحدَة ابْن يزِيد من الزِّيَادَة الْكِنْدِيّ، وَيُقَال: اللَّيْثِيّ، وَيُقَال: الْأَزْدِيّ الْمدنِي، سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الْوَدَاع وَهُوَ ابْن سبع سِنِين، وَيُقَال: ابْن عشر سِنِين، مَاتَ سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
والْحَدِيث مضى فِي الْحَج وَيَأْتِي فِي الِاعْتِصَام. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزَّكَاة عَن عَمْرو بن زُرَارَة.
قَوْله: (بمدكم الْيَوْم) يَعْنِي: حِين حَدثهمْ السَّائِب كَانَ مدهم أَرْبَعَة أَرْطَال فَإِذا زيد عَلَيْهِ ثلثه وَهُوَ رَطْل وَثلث يكون خَمْسَة أَرْطَال وَثلثا، وَهُوَ الصَّاع الْبَغْدَادِيّ، بِدَلِيل أَن مده صلى الله عليه وسلم، رَطْل وَثلث وصاعه أَرْبَعَة أَمْدَاد، وَقَالَ ابْن بطال: أما مَا زيد فِيهِ فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَلَا نعلمهُ، وَإِنَّمَا الحَدِيث يدل على أَن مدهم ثَلَاثَة أَمْدَاد بمده، وَمضى الْكَلَام فِي الطَّهَارَة فِي: بَاب الْوضُوء بِالْمدِّ وَالِاخْتِلَاف فِي الْمَدّ والصاع.
3176 -
حدّثنا مُنْذِرُ بنُ الوَلِيدِ الجارُودِيُّ حدّثنا أبُو قُتَيْبَةَ وهْوَ سَلْمٌ حدّثنا مالِك عنْ نافِعٍ قَالَ: كانَ ابنُ عُمَرَ يُعْطِي زَكاةَ رَمَضانَ بِمُدِّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم المدِّ الأوَّلِ، وَفِي كَفَّارَةٍ اليَمِين بِمُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أبُو قُتَيْبَةَ: قَالَ لَنا مالِكٌ: مُدُّنا أعْظَمُ مِنْ مُدِّكُمْ وَلَا نَرَى الفَضْلَ إلاّ فِي مُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ لِي مالِكٌ: لَوْ جاءَكمْ أمِيرٌ فَضَرَبَ مُدًّا أصْغَرَ مِنْ مُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بِأيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ؟ .
قُلْتُ: كُنَّا نُعْطِي بمُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: أفَلا تَرى أنَّ الأمْرَ إنّما يَعُودُ إِلَى مُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُنْذِر بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل من الْإِنْذَار ابْن الْوَلِيد الجارودي بِالْجِيم، قَالَ الرشاطي: الجارودي فِي عبد الْقَيْس نسب إِلَى الْجَارُود وَهُوَ بشر بن عَمْرو من الجرد، وَأَبُو قُتَيْبَة بِضَم الْقَاف مصغر قُتَيْبَة الرحل واسْمه سلم بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام ابْن قُتَيْبَة الشعيري بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْعين الْمُهْملَة الْخُرَاسَانِي، سكن الْبَصْرَة مَاتَ بعد الْمِائَتَيْنِ أدْركهُ البُخَارِيّ بِالسِّنِّ وَمَات قبل أَن يلقاه، وَهُوَ غير سلم بن قُتَيْبَة الْبَاهِلِيّ ولد أَمِير خُرَاسَان قُتَيْبَة بن مُسلم وَقد ولي هُوَ إمرة الْبَصْرَة وَهُوَ أكبر من الشعيري وَمَات قبله بِأَكْثَرَ من خمسين سنة.
والْحَدِيث من أَفْرَاده، وَهُوَ حَدِيث غَرِيب