الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يعلم فِي أَي وَقت من أوقاته فَلَا يُقيد بِشَيْء مِنْهَا. وَقَالَ صَاحب (الْمظهر) : ظَاهر الْإِطْلَاق يشْعر بِأَنَّهُ يحصل هَذَا الْأجر الْمَذْكُور لمن قَالَ ذَلِك مائَة مرّة، سَوَاء قَالَهَا مُتَوَالِيَة أَو مُتَفَرِّقَة فِي مجَالِس، أَو بَعْضهَا أول النَّهَار وَبَعضهَا آخر النَّهَار، لَكِن الْأَفْضَل أَن يَأْتِي بهَا مُتَوَالِيَة فِي أول النَّهَار. قَوْله:(حطت خطاياه) أَي: من حُقُوق الله، لِأَن حُقُوق النَّاس لَا تنحط إِلَّا باسترضاه الْخُصُوم. قَوْله:(مثل زبد الْبَحْر) كِنَايَة عَن الْمُبَالغَة فِي الْكَثْرَة.
6046 -
حدّثنا زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ حَدثنَا ابنُ فُضَيْلٍ عنْ عمارَةَ عنْ أبي زُرْعَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: كَلِمَتانِ خَفِيفَتان على اللِّسانِ ثَقِيلَتانِ فِي المِيزَانِ حَبِيبتَان إِلَى الرَّحْمانِ: سُبْحانَ الله العَظِيمِ، سُبْحانَ الله وبِحَمْدِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَابْن فُضَيْل هُوَ مُحَمَّد بن فُضَيْل بتصغير فضل الضَّبِّيّ، وَعمارَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم ابْن الْقَعْقَاع وَأَبُو زرْعَة بِضَم الزَّاي وَسُكُون الرَّاء وبالعين الْمُهْملَة اسْمه هرم بن عَمْرو بن جرير الْجبلي الْكُوفِي.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور عَن قُتَيْبَة وَفِي التَّوْحِيد آخر الْكتاب عَن أَحْمد بن أشكاب. وَأخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن يُوسُف بن عِيسَى وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن عَليّ بن مُنْذر وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي ثَوَاب التَّسْبِيح عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره.
قَوْله: (كلمتان) أَي: كلامان والكلمة تطلق على الْكَلَام كَمَا يُقَال: كلمة الشَّهَادَة. قَوْله: (خفيفتان) قَالَ الطَّيِّبِيّ: الخفة مستعارة للسهولة شبه سهولة جَرَيَان هَذَا الْكَلَام على اللِّسَان بِمَا يخف على الْحَامِل من بعض المحمولات وَلَا يشق عَلَيْهِ، فَذكر الْمُشبه وَأَرَادَ الْمُشبه بِهِ. قَوْله:(ثقيلتان فِي الْمِيزَان) الثّقل فِيهِ على حَقِيقَته لِأَن الْأَعْمَال تتجسم عِنْد الْمِيزَان وَالْمِيزَان هُوَ الَّذِي يُوزن بِهِ فِي الْقِيَامَة أَعمال الْعباد، وَفِي كيفيته أَقْوَال، وَالأَصَح أَنه جسم محسوس ذُو لِسَان وكفتين، وَالله تَعَالَى يَجْعَل الْأَعْمَال كالأعيان موزونة، أَو يُوزن صحف الْأَعْمَال. قَوْله:(حبيبتان) تَثْنِيَة: حَبِيبَة، بِمَعْنى: محبوبة، يُقَال: حبيب فلَان إِلَى هَذَا الشَّيْء أَي: جعله محبوباً، وَالْمرَاد هُنَا محبوبية قائلهما ومحبة الله للْعَبد إِرَادَة إِيصَال الْخَيْر لَهُ والتكريم قيل لفظ الفعيل بِمَعْنى الْمَفْعُول يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ موصوفه مذكرا فَمَا وَجه لُحُوق عَلامَة التَّأْنِيث وَأجِيب بِأَن التَّسْوِيَة بَينهمَا جَائِزَة لَا وَاجِبَة أَو وُجُوبهَا فِي الْمُفْرد لَا فِي الْمثنى وَقيل إِنَّمَا أنثها لمناسبة الْخَفِيفَة والثقيلة لِأَنَّهُمَا بِمَعْنى الفاعلة لَا المفعولة وَقيل هَذِه التَّاء لنقل اللَّفْظ من الوصفية إِلَى الاسمية قَوْله إِلَى الرَّحْمَن وَإِنَّمَا خصص لفظ الرَّحْمَن من بَين سَائِر الْأَسْمَاء الْحسنى لِأَن الْمَقْصُود من الحَدِيث بَيَان سَعَة رَحْمَة الله تَعَالَى على عباده حَيْثُ يجازي على الْعَمَل الْقَلِيل بالثواب الجزيل قلت يجوز أَن يُقَال اخْتِصَاص ذَلِك لإِقَامَة السجع أَعنِي الفواصل وَهِي من محسنات الْكَلَام على مَا عرف فِي علم البديع وَإِنَّمَا نهى عَن سجع الْكُهَّان لكَونه متضمنا للباطل قَوْله سُبْحَانَ الله قد ذكرنَا أَنه لَازم النصب بإضمار الْفِعْل وَسُبْحَان علم للتسبيح كعثمان علم للرجل وَالْعلم على نَوْعَيْنِ علم شخصي وَعلم جنسي ثمَّ أَنه يكون تَارَة للعين وَتارَة للمعنى فَهَذَا من الْعلم الجنسي الَّذِي للمعنى قيل قَالُوا لفظ سُبْحَانَ وَاجِب الْإِضَافَة فَكيف الْجمع بَين العلمية وَالْإِضَافَة وَأجِيب بِأَنَّهُ يُنكر ثمَّ يُضَاف كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(علا زيدنا يَوْم النقا رَأس زيدكم
…
بأبيض مَاض الشفرتين يمَان)
وَوجه تَكْرِير سُبْحَانَ الله الْإِشْعَار بتنزيهه على الْإِطْلَاق ثمَّ أَن التَّسْبِيح لَيْسَ إِلَّا ملتبسا بِالْحَمْد ليعلم ثُبُوت الْكَمَال لَهُ نفيا وإثباتا جَمِيعًا وَالله سبحانه وتعالى أعلم
(بَاب فضل ذكر الله عز وجل
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل ذكر الله تَعَالَى وَالْمرَاد بِذكر الله هُنَا الْإِتْيَان بالألفاظ الَّتِي ورد التَّرْغِيب فِيهَا والإكثار مِنْهَا وَقد يُطلق ذكر الله وَيُرَاد بِهِ الْمُوَاظبَة على الْعَمَل بِمَا أوجبه الله تَعَالَى أَو ندب إِلَيْهِ كَقِرَاءَة الْقُرْآن وَقِرَاءَة الحَدِيث ومدارسة
الْعلم والتنفل بِالصَّلَاةِ وَقَالَ الرَّازِيّ رحمه الله المُرَاد بِذكر اللِّسَان الْأَلْفَاظ الدَّالَّة على التَّسْبِيح والتحميد والتمجيد وَالذكر بِالْقَلْبِ التفكر فِي أَدِلَّة الذَّات وَالصِّفَات وَفِي أَدِلَّة التكاليف من الْأَمر وَالنَّهْي حَتَّى يطلع على أَحْكَامهَا وَفِي أسرار مخلوقات الله تَعَالَى وَالذكر بالجوارح هُوَ أَن تصير مستغرقة فِي الطَّاعَات
98 -
(حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن بريد بن عبد الله عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مثل الَّذِي يذكر ربه وَالَّذِي لَا يذكر مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن الَّذِي يذكر الله تَعَالَى كالحي بِسَبَب فَضِيلَة الذّكر وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة وبريد بِضَم الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء ابْن عبد الله يروي عَن جده أبي بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة واسْمه عَامر يروي عَن أَبِيه أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ واسْمه عبد الله بن قيس والْحَدِيث أخرجه عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء أَيْضا بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور بِلَفْظ مثل الْبَيْت الَّذِي يذكر الله فِيهِ وَالْبَيْت الَّذِي لَا يذكر الله فِيهِ مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت وَكَذَا وَقع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ وَابْن حبَان وَأبي عوَانَة وَالْبَيْت لَا يُوصف بِالْحَيَاةِ وَالْمَوْت حَقِيقَة وَالَّذِي يُوصف بهما هُوَ السَّاكِن فَيكون هَذَا من قبيل ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا تجوزا من الرَّاوِي قَوْله " وَالَّذِي لَا يذكر الله " وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر ربه أَيْضا وَجه التَّشْبِيه بَين الذاكر والحي الِاعْتِدَاد بِهِ والنفع والنصرة وَنَحْوهَا وَبَين تَارِك الذّكر وَالْمَيِّت التعطيل فِي الظَّاهِر والبطلان فِي الْبَاطِن
99 -
(حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد حَدثنَا جرير عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - إِن لله مَلَائِكَة يطوفون فِي الطّرق يَلْتَمِسُونَ أهل الذّكر فَإِذا وجدوا قوما يذكرُونَ الله تنادوا هلموا إِلَى حَاجَتكُمْ قَالَ فيحفونهم بأجنحتهم إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا قَالَ فيسألهم رَبهم وَهُوَ أعلم مِنْهُم مَا يَقُول عبَادي قَالُوا يَقُولُونَ يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك قَالَ فَيَقُول هَل رأوني قَالَ فَيَقُولُونَ لَا وَالله مَا رأوك قَالَ فَيَقُول وَكَيف لَو رأوني قَالَ يَقُولُونَ لَو رأوك كَانُوا أَشد لَك عبَادَة وَأَشد لَك تمجيدا وَأكْثر لَك تسبيحا قَالَ فَيَقُول فَمَا يَسْأَلُونِي قَالُوا يَسْأَلُونَك الْجنَّة قَالَ يَقُول وَهل رأوها قَالَ يَقُولُونَ لَا وَالله يَا رب مَا رأوها قَالَ فَيَقُول فَكيف لَو أَنهم رأوها قَالَ يَقُولُونَ لَو أَنهم رأوها كَانُوا أَشد عَلَيْهَا حرصا وَأَشد لَهَا طلبا وَأعظم فِيهَا رَغْبَة قَالَ فمم يتعوذون قَالَ يَقُولُونَ من النَّار قَالَ يَقُول وَهل رأوها قَالَ يَقُولُونَ لَا وَالله مَا رأوها قَالَ يَقُول فَكيف لَو رأوها قَالَ يَقُولُونَ لَو رأوها كَانُوا أَشد مِنْهَا فِرَارًا وَأَشد لَهَا مَخَافَة قَالَ فَيَقُول فأشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم قَالَ يَقُول ملك من الْمَلَائِكَة فيهم فلَان لَيْسَ مِنْهُم إِنَّمَا جَاءَ لحَاجَة قَالَ هم الجلساء لَا يشقى بهم جليسهم) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات والْحَدِيث أخرجه مُسلم من طَرِيق سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ " إِن لله مَلَائِكَة سيارة فضلا يَبْتَغُونَ أهل الذّكر " الحَدِيث وَقَالَ عِيَاض فضلا بِسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة قَالَ وَهُوَ الصَّوَاب وَقَالَ فِي الأكمال فضلا بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الضَّاد وَقَالَ ابْن الْأَثِير أَي زِيَادَة عَن الْمَلَائِكَة المرتبين مَعَ الْخَلَائق ويروى بِسُكُون الضَّاد وَبِضَمِّهَا وَقيل السّكُون أَكثر وأصوب وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فضلا بِضَم الْفَاء وَسُكُون الضَّاد جمع فَاضل كنزل جمع نَازل قَوْله يَلْتَمِسُونَ أَي يطْلبُونَ وَعند مُسلم