الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ رَاوِي الحَدِيث، وَهُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور.
قَوْله: (فَأخْبرنَا) بِفَتْح الرَّاء. قَوْله: (من سمع) فَاعل أخبرنَا، وَقَالَ الْكرْمَانِي: من سمع قيل يشبه أَن يكون ذَلِك هُوَ أَبُو سَلمَة لما صرح باسمه فِي الرِّوَايَات الْأُخَر. قَوْله: (بالمصلى) أَي: مصلى الْجَنَائِز وَهُوَ بَقِيع الْغَرْقَد. قَوْله: (فَلَمَّا أذلقته) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وبالقاف أَي: فَلَمَّا أقلقته وأصابته بحرها. قَوْله: (بِالْحرَّةِ) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء، وَهِي أَرض ذَات حِجَارَة سود. وَالْمَدينَة بَين حرتين.
32 -
(بابٌ لِلْعاهِرِ الحَجَرُ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ للعاهر أَي: للزاني الْحجر أَي: الخيبة والحرمان، وَقيل: الرَّجْم.
7186 -
حدّثنا أبُو الوَلِيدِ حَدثنَا اللَّيثُ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها، قالَتِ: اخْتَصَمَ سَعْدٌ وابنُ زَمْعَةَ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (هُوَ لَكَ يَا عبْدُ بنُ زَمْعَةَ، الوَلَدُ لِلْفِراشِ، واحتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ) زَادَ لَنا قُتَيْبَةَ عنِ اللَّيْثِ: ولِلْعاهِرِ الحَجَرُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك. وَقد أخرجه مُخْتَصرا، وَمضى بِتَمَامِهِ فِي كتاب الْفَرَائِض فِي: بَاب الْوَلَد للْفراش حرَّة كَانَت أَو أمة، أخرجه عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن ابْن شهَاب، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
وَسعد هُوَ ابْن أبي وَقاص، وَابْن زَمعَة: هُوَ عبد بن زَمعَة، وَسَوْدَة: هِيَ بنت زَمعَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَوْله: (زَاد لنا) يَعْنِي: قَالَ البُخَارِيّ زَاد لنا قُتَيْبَة بن سعيد أحد مشايخه عَن اللَّيْث بن سعد بعد قَوْله: قَوْله: (الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر) وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: وزادنا.
42 -
(بابُ الرَّجْمِ فِي البَلاطِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الرَّجْم فِي البلاط، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: بالبلاط وَالْبَاء فِيهِ ظرفية أَيْضا، وَهُوَ بِكَسْر الْبَاء وَفتحهَا وَقد اسْتعْمل فِي مَعَاني كَثِيرَة على مَا نذكرهُ الْآن، لَكِن المُرَاد بِهِ هَهُنَا مَوضِع مَعْرُوف عِنْد: بَاب الْمَسْجِد النَّبَوِيّ، وَكَانَ مفروشاً بالبلاط يدل عَلَيْهِ كَلَام ابْن عمر فِي آخر حَدِيث الْبَاب: وَزعم بعض النَّاس أَن المُرَاد بالبلاط الْحجر الَّذِي يرْجم بِهِ، وَهُوَ مَا يفرش بِهِ الدّور حَتَّى اسْتشْكل ابْن بطال هَذِه التَّرْجَمَة فَقَالَ: البلاط وَغَيره سَوَاء، وَهُوَ بعيد، لِأَن المُرَاد بالبلاط مثل مَا ذَكرْنَاهُ. وَكَذَا قَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ: البلاط مَوضِع بِالْمَدِينَةِ بَين الْمَسْجِد النَّبَوِيّ والسوق، وَقيل: يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ عدم اشْتِرَاط الْحفر للمرجوم لِأَن البلاط لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْحفر، وَهَذَا أَيْضا احْتِمَال بعيد، وَقد ثَبت فِي (صَحِيح مُسلم) أَنه صلى الله عليه وسلم، أَمر فحفرت لماعز بن مَالك حفيرة فرجم فِيهَا، وَقَالَ ياقوت الْحَمَوِيّ فِي (الْمُشْتَرك) : البلاط بِفَتْح أَوله وبكسره قَرْيَة بغوطة دمشق، وبلاط عَوْسَجَة حصن من أَعمال شنتبرية بالأندلس، والبلاط أَيْضا مَدِينَة خربَتْ كَانَت قَصَبَة كورة الحوار من نواحي حلب، والبلاط مَوضِع بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ كَانَ مَجْلِسا للأسرى أَيَّام سيف الدولة بن حمدَان، ذكره أَبُو فراس فِي شعره، وَقَالَ أَيْضا البلاط مَوضِع بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مَوضِع مبلط بِالْحِجَارَةِ بَين مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، والسوق.
9186 -
حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمانَ حدّثنا خالِدُ بنُ مَخْلَد عنْ سلَيْمانَ حدّثني عَبْدُ الله بنُ دِينارٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: أُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِيَهُودِيٍّ ويَهُودِيَّةٍ قَدْ أحْدَثا جَمِيعاً، فَقَالَ لَهُمْ:(مَا تَجِدُونَ فِي كِتابِكُمْ) قالُوا: إنَّ أحْبارَنا أحْدَثُوا تَحْمِيمَ الوَجْهِ والتَّجْبِيَةَ. قَالَ عَبْدُ الله بنُ سَلامٍ: ادْعُهُمْ يَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بالتَّوْرَاةِ، فأُتِيَ بِها فَوَضع أحَدُهُمْ يَدَهُ عَلى آيَةِ الرَّجْمِ وجَعَلَ يَقْرَأُ مَا قَبْلَها وَمَا بَعْدَها، فَقَالَ لهُ ابنُ سَلامٍ: إرْفَعْ يَدَكَ، فَإِذا آيَةُ الرَّجْمِ تَحْتَ يَدِهِ، فأمَرَ بِهِما
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَرُجِما:
قَالَ ابنُ عُمَرَ: فَرُجِما عِنْدَ البَلاطِ، فَرَأيْتُ اليَهُودِيَّ أجْنَأ عَلَيْها.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث وَمُحَمّد بن عُثْمَان شيخ البُخَارِيّ زَاد فِيهِ أَبُو ذَر بن كَرَامَة الْعجلِيّ الْكُوفِي وَهُوَ من أَفْرَاده، وخَالِد بن مخلد بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة بَينهمَا الْقَطوَانِي الْكُوفِي، وَهُوَ أَيْضا أحد مَشَايِخ البخارى روى عَنهُ فِي مَوَاضِع بِلَا وَاسِطَة، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال أَبُو أَيُّوب مولى عبد الله بن أبي عَتيق.
والْحَدِيث رَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة نَافِع أَن عبد الله بن عمر أخبرهُ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أُتِي بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّة قد زَنَيَا، فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَاءَ يهود فَقَالَ: مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة على من زنى؟ قَالُوا: نسود وُجُوههمَا وَنُحَمِّمهُمَا وَنُخَالِف بَين وُجُوههمَا وَيُطَاف بهما، قَالَ: فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ إِن كُنْتُم صَادِقين، فجاؤوا بهَا فقرؤوها حَتَّى إِذا مروا بِآيَة الرَّجْم وضع الْفَتى الَّذِي يقْرَأ يَده على آيَة الرَّجْم وَقَرَأَ مَا بَين يَديهَا وَمَا وَرَاءَهَا، فَقَالَ لَهُ عبد الله بن سَلام، وَهُوَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فَليرْفَعْ يَده، فَرَفعهَا فَإِذا تحتهَا آيَة الرَّجْم، فَأمر بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فرجمهما. قَالَ عبد الله بن عمر: كنت فِيمَن رجمهما فَلَقَد رَأَيْته يَقِيهَا من الْحِجَارَة بِنَفسِهِ، وروى أَبُو دَاوُد من رِوَايَة زيد بن أسلم عَن ابْن عمر: أَتَى نفر من الْيَهُود فدعو رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، إِلَى الأسقف، فَأَتَاهُم فِي بَيت الْمدَارِس فَقَالُوا: إِن رجلا منا زنى بِامْرَأَة، فاحكم بَينهمَا، وَوَضَعُوا لَهُ وسَادَة فَجَلَسَ عَلَيْهَا فَقَالَ: ائْتُونِي بِالتَّوْرَاةِ، فَأتي بهَا فَنزع الوسادة من تَحْتَهُ وَوضع التَّوْرَاة عَلَيْهَا، وَقَالَ: آمَنت بك وبمن أنزلك. ثمَّ قَالَ: ائْتُونِي بأعلمكم، فَأتي بفتى شَاب، ثمَّ ذكر قصَّة الرَّجْم
…
الحَدِيث.
قَوْله: (أُتِي) على صِيغَة الْمَجْهُول من الْإِتْيَان. قَوْله: (بِيَهُودِيٍّ) وَيَهُودِيَّة قَالَ الزّجاج: كَانَا من أهل خَيْبَر وَعَن ابْن الطلاع ذكر البُخَارِيّ أَنهم أهل ذمَّة. قَوْله: (أحدثا) أَي: زَنَيَا من أحدث إِذا زنى، وَيُقَال مَعْنَاهُ: فعلا فعلا فَاحِشا، وَأُرِيد بِهِ الزِّنَا. قَوْله:(إِن أحبارنا) أَي: علماءنا وَهُوَ جمع حبر وَهُوَ الْعَالم الَّذِي يزين الْكَلَام. قَوْله: (أَحْدَثُوا) أَي: ابتكروا، قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ من الإحداث وَهُوَ الإبداء وَهُوَ الْإِظْهَار أَي: أظهرُوا تحميم الْوَجْه وَهُوَ تسجيمه بِالْجِيم أَي: تسويده بالفحم والحمم بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم المخففة، قَالَ ابْن الْأَثِير: هُوَ جمع حمة وَهِي الفحمة. قَوْله: (وَالتَّجْبِيَة) بِالْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة من بَاب تخرجه وَهُوَ الإركاب معكوساً. وَقيل: أَن يحمل الزانيان على حمَار مُخَالفا بَين وُجُوههمَا. قَوْله: (فَأتى بهَا) أَي: بِالتَّوْرَاةِ قَوْله: (فَقَالَ لَهُ ابْن سَلام) هُوَ عبد الله بن سَلام. قَوْله: (أجنأ عَلَيْهَا)، بِالْجِيم يُقَال: أجنا عَلَيْهِ يجنىء إجناء إِذا أكب عَلَيْهِ يَقِيه شَيْئا، وَقَالَ ابْن التِّين: ورويناه هُنَا أجنابالجيم والهمزة وَفِي رِوَايَة فرأيته يجاني عَلَيْهَا من بَاب المفاعلة ويروى بِالْحَاء الْمُهْملَة أحنى عَلَيْهَا أَي اكب عَلَيْهَا وَقَالَ الْخطابِيّ الَّذِي جَاءَ فِي كتاب السّنَن أجنا، يَعْنِي بِالْجِيم، وَالْمَحْفُوظ إِنَّمَا هُوَ أحنى، بِالْحَاء يُقَال: حنا يحنو حنوا، وأحنى يحني أَي: يعْطف ويشفق، قيل: فَهِيَ سبع رِوَايَات كلهَا رَاجِعَة إِلَى الْوِقَايَة.
وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الحكم بَينهم إِذا ترافعوا إِلَيْنَا أواجب ذَلِك علينا أم نَحن فِيهِ مخيرون؟ فَقَالَ جمَاعَة من فُقَهَاء الْحجاز وَالْعراق: إِن الإِمَام أَو الْحَاكِم مُخَيّر إِن شَاءَ حكم بَينهم إِذا تحاكموا بِحكم الْإِسْلَام، وَإِن شَاءَ أعرض عَنْهُم. وَقَالُوا: إِن قَوْله تَعَالَى: {فَإِن جاؤك} محكمَة لم ينسخها شَيْء، وَمِمَّنْ قَالَ بذلك: مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه، وَهُوَ قَول عَطاء وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ، وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما، فِي قَوْله:{فَإِن جاؤك} قَالَ: نزلت فِي بني قُرَيْظَة وَهِي محكمَة. وَقَالَ عَامر وَالنَّخَعِيّ: إِن شَاءَ حكم وَإِن شَاءَ لم يحكم، وَعَن ابْن الْقَاسِم: إِذا تحاكم أهل الذِّمَّة إِلَى حَاكم الْمُسلمين وَرَضي الخصمان بِهِ جَمِيعًا فَلَا يحكم بَينهمَا إلَاّ بِرِضا من أساقفتهما، فَإِن كره ذَلِك أساقفتهم فَلَا يحكم بَينهم، وَكَذَلِكَ إِن رَضِي الأساقفة وَلم يرض الخصمان أَو أَحدهمَا لم يحكم بَينهم. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: مَضَت السّنة أَن يرد أهل الذِّمَّة فِي حُقُوقهم ومعاملاتهم ومواريثهم إِلَى أهل دينهم، إِلَّا أَن يَأْتُوا راغبين فِي حكمنَا فَيحكم بَينهم بِكِتَاب الله عز وجل، وَقَالَ آخَرُونَ: وَاجِب على الْحَاكِم أَن يحكم بَينهم إِذا تحاكموا إِلَيْهِ بِحكم الله تَعَالَى، وَزَعَمُوا أَن قَوْله تَعَالَى:{وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله تَعَالَى} نَاسخ للتَّخْيِير فِي الحكم بَينهم فِي الْآيَة الَّتِي قبل هَذِه، وَرُوِيَ ذَلِك