المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في الحوض) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٢٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ التَّعَوُّذِ من غَلَبَةِ الرِّجالِ)

- ‌(بَاب التَعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ التَّعَوُّذِ مِن البُخْلِ)

- ‌(بابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ)

- ‌(بابُ التَعَوُّذِ مِنَ المأْثَمِ والمَغْرمِ)

- ‌(بابُ الإسْتِعاذَةِ مِنَ الجُبْنِ والكَسَلِ)

- ‌(بابُ التَعَوُّذِ مِنَ البُخْلِ)

- ‌(بابُ التَّعَوُّذِ مِنْ أرْذَلِ العُمُرِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ بِرَفْعِ الوَباءِ والوَجَعِ)

- ‌(بابُ الِاسْتِعَاذَة من أرذل العُمُرِوِ ومنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا وفِتْنَةِ النَّارِ)

- ‌(بابُ الاسِتْعِاذَةِ مِنْ فِتْنَةِ الغِنَى)

- ‌(بابُ التعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ بِكَثْرَةِ المَالِ مَعَ البَرَكَةِ)

- ‌‌‌(بابُ الدُّعاءِ بِكَثْرَةِ الوَلَدِ مَعَ البَرَكَةِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ بِكَثْرَةِ الوَلَدِ مَعَ البَرَكَةِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ الاسْتِخارَةِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الدعاءِ إذَا عَلَا عَقَبةً)

- ‌(بابُ الدُّعاء إذَا هَبَطَ وادِياً)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ إذَا أرَادَ سَفَراً أوْ رَجعَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ لِلْمُتَزَوِّجِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إِذا أتَى أهْلَهُ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: {ربنرا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا)

- ‌(بابُ تَكْرِير الدُّعاءِ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عَلى المُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ للْمُشْركِينَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ)

- ‌(بابُ قَوْل النبيِّ صلى الله عليه وسلم: يَسْتَجابُ لَنا فِي اليَهُودِ وَلَا يُسْتَجابُ لَهُمْ فِينا)

- ‌(بابُ التَّأمِينِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّهْلِيلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّسْبِيحِ)

- ‌(بَاب فضل ذكر الله عز وجل

- ‌(بابُ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَة إلَاّ بِاللَّه)

- ‌(بابٌ لله عز وجل مِائَةُ اسْمٍ غَيْرَ واحدٍ)

- ‌(بابُ المَوْعِظَةِ ساعَةً بَعْدَ ساعَةٍ)

- ‌(كتاب الرَّقاق)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي الصِّحَّةِ والفَراغِ وأنْ: لَا عَيشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَةِ)

- ‌(بابُ مَثَلِ الدُّنْيا فِي الآخِرَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (كُنْ فِي الدُّنْيا كأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عابِرُ سَبِيلٍ))

- ‌(بابٌ فِي الأمَلِ وطُولِهِ)

- ‌(بابٌ مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أعْذَرَ الله إلَيْهِ فِي العُمُرِ لِقَوْلِهِ: { (35) أَو لم نُعَمِّركُمْ. . مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر وَجَاءَكُم النذير} (فاطر: 73) يَعْنِي: الشَّيْبَ

- ‌(بابُ العَمَلِ الّذِي يُبْتَغِي بِهِ وجْهُ الله تَعَالَى)

- ‌(بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيا والتَّنافُسِ فِيها)

- ‌(بَاب قَول الله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس إِن وعد الله حق فَلَا تغرنكم الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور إِن الشَّيْطَان لكم عَدو فاتخذوه عدوا إِنَّمَا يَدْعُو حزبه ليكونوا من أَصْحَاب السعير} )

- ‌(بَاب ذهَاب الصَّالِحين)

- ‌(بَاب مَا يتقى من فتْنَة المَال)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: هاذا المالُ خَضِرَةٌ حُلوَةٌ)

- ‌(بَاب مَا قدَّمَ مِنْ مالِهِ فَهْوَ لَهُ)

- ‌(بابُ المكْثِرُون هُم المْقِلُّونَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مَا أُحِبُّ أنَّ لِي مِثْلَ أُحدٍ ذَهَباً)

- ‌(بابٌ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الفَقِرْ)

- ‌(بابٌ كَيْف كانَ عَيْشُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصْحابِهِ وتَخَلِّيهِمْ مِنَ الدُّنْيا)

- ‌(بابُ القَصْدِ والمُدَاومَةِ عَلَى العمَلِ)

- ‌(بَاب الرَّجاءِ مَعَ الخَوْفِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عنْ مَحارِمِ الله)

- ‌(بابٌ { (65) وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه} (الطَّلَاق:

- ‌(بابُ مَا يُكْرهُ مِنْ قِيلَ وَقَالَ)

- ‌(بابُ حِفْظِ اللِّسانِ)

- ‌(بابُ البُكاءِ مِنْ خَشْيَةِ الله عز وجل

- ‌(بابُ الخَوْفِ مِنَ الله تَعَالَى)

- ‌(بابُ الانْتِهاءِ عنِ المَعاصِي)

- ‌(بابُ الانْتِهاءِ عنِ المَعاصِي)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً))

- ‌(بابٌ حُجِبَتِ النّارُ بالشَّهَوَاتِ)

- ‌(بابٌ الجَنَّةُ أقرَبُ إِلَى أحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ)

- ‌(بابٌ لِيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أسْفَلَ مِنْهُ وَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُو فَوْقَهُ)

- ‌(بابُ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أوْ بِسَيِّئَةٍ)

- ‌(بابُ مَا يُتَّقى مِنْ مُحَقَّراتِ الذُّنُوبِ)

- ‌(بابٌ الأعْمالُ بِالخَواتِيمِ وَمَا يخافُ مِنْها)

- ‌(بابٌ العُزْلَةُ راحَةٌ مِنْ خُلَاّطِ السُّوءِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الأمانَةِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ والسُّمْعَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جاهَدَ نَفْسَهُ فِي طاعَةِ الله)

- ‌(بابُ التَّواضُعِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (بُعِثْتُ أَنا والسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابٌ مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ الله أحَبَّ الله لِقاءَهُ)

- ‌(بابُ سَكَراتِ المَوْتِ)

- ‌(بابُ نَفْخِ الصُّورِ)

- ‌(بابُ يَقْبِضُ الله الأرْضَ يَوْمَ القِيامَةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الحَشْرُ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل: { (22) إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} (الْحَج:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {أَلا يَظُنُّ أُوْلَائِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (المطففين:

- ‌(بَاب القِصاصِ يَوْمَ القِيامَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ نوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ)

- ‌(بابٌ يَدْخُلُ الجَنَةَ سَبْعُونَ ألْفاً بِغَيْرِ حِسابٍ)

- ‌(بابُ صِفَةِ الجَنَّةِ والنّارِ)

- ‌(بابٌ الصِّراطُ جِسْرُ جَهَنَّمَ)

- ‌(بابٌ فِي الحَوْضِ)

- ‌(كِتابُ القَدَرِ)

- ‌(بابٌ جَفَّ القَلمُ عَلى عِلْمِ الله)

- ‌(بابٌ الله أعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ)

- ‌(بابٌ { (33) وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} (الْأَحْزَاب:

- ‌(بابٌ العَمَلُ بالخَواتِيمِ)

- ‌(بابُ إلقاءِ النذْرِ العَبْدَ إِلَى القَدَر)

- ‌(بابُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاّ بِاللَّه)

- ‌(بابٌ المَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ الله)

- ‌(بابٌ {وَحرَام على قَرْيَة أهلكناها أَنهم لَا يرجعُونَ} (الْأَنْبِيَاء: 59) {إِنَّه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن} (هود: 63) {وَلَا يلدوا إِلَّا فَاجِرًا كفَّارًا} (نوح:

- ‌(بابُ {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} (الْإِسْرَاء:

- ‌(بابٌ تَحاجَّ آدَمُ ومُوسَى عليهما السلام، عِنْدَ الله عز وجل

- ‌(بابٌ لَا مانِعَ لِما أعْطَى الله)

- ‌(بابُ مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّه مِنْ درَكِ الشَّقاءِ وسُوءِ القَضاءِ)

- ‌(بَاب يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه)

- ‌(بابُ {قل لن يصيبنا إِلَّا مَا كتب الله لنا} (التَّوْبَة: 15) قَضَى

- ‌(بابٌ {وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله} (الْأَعْرَاف: 34) {لَو أَن الله هَدَانِي لَكُنْت من الْمُتَّقِينَ} (الزمر:

- ‌(كِتابُ الأيْمانِ والنُّذُور)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ وَلَاكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الَاْيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (وايْمُ الله))

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَتْ يَمِين النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابٌ لَا تَحلِفُوا بِآبائِكُمْ)

- ‌(بابٌ لَا يحْلَفُ بِاللَاّتِ والعُزَّى وَلَا بالطَّواغِيتِ)

- ‌(بابُ مَنْ حَلَفَ عَلى الشَّيْءِ وإنْ لَمْ يُحَلَّفْ)

- ‌(بابُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى مِلَّةٍ الإسْلَام)

- ‌(بابٌ لَا يَقُولُ: مَا شاءَ الله وشِئْتَ، وهَلْ يَقُولُ: أَنا بِاللَّه ثُمَّ بِكَ

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { (6) وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم} (الْأَنْعَام: 901 غَيرهَا)

- ‌(بَاب إِذا قَالَ أشهد بِاللَّه أَو شهِدت بِاللَّه)

- ‌(بابُ عَهْدِ الله عز وجل

- ‌(بابُ الحَلِفِ بِعِزَّةِ الله وصِفاتِهِ وكَلِماتِهِ)

- ‌(بابُ قَوْل الرَّجُلِ: لَعَمْرُ الله)

- ‌(بابٌ { (2) لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي فِي إيمَانكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ وَالله غَفُور حَلِيم} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابٌ إِذا حَنثَ ناسِياً فِي الأيْمانِ)

- ‌(بابُ اليَمِينِ الغَمُوسِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا أولائك لَا خلاق لَهُم فِي الأخرة وَلَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم} (آل عمرَان: 77) وقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة

- ‌(بابُ اليَمِينِ فِيما لَا يَمْلِكُ وَفِي المَعْصِيَةِ وَفِي الغَضَبِ)

- ‌(بابٌ إِذا قَالَ: وَالله لَا أتَكَلُمُ اليَوْمَ، فَصَلَّى أوْ قَرَأ أوْ سَبَّحَ أوْ كَبَّرَ أوْ حَمِدَ أوْ هَلَّلَ، فَهْوَ عَلَى نِيَّتِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ حلَف أنْ لَا يَدْخُلَ عَلى أهْلِهِ شَهْراً وكانَ الشَّهْرُ تِسْعاً وعِشْرِينَ)

- ‌(بابٌ إنْ حَلَفَ أنْ لَا يَشْرَبَ نَبِيذاً فَشَرِبَ طِلاءً أوْ سَكَراً أوْ عَصِيراً لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ، ولَيْسَتْ هاذِهِ بِأنْبِذَةٍ عِنْدَهُ)

- ‌(بابٌ إِذا حَلَفَ أنْ لَا يَأْتَدِمَ فأكَلَ تَمْراً بِخُبْزٍ، وَمَا يَكُونُ مِنَ الأُدْمِ)

- ‌(بابُ النِّيَّةِ فِي الأيْمانِ)

- ‌(بابٌ إِذا أهْدَى مالَهُ عَلى وَجْهِ النَّذْرِ والتَّوْبَةِ)

- ‌(بابٌ إِذا حَرَّمَ طَعامَهُ)

- ‌(بابُ الوَفَاء بالنَّذْرِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ لَا يَفِي بالنَّذْرِ)

- ‌(بابُ النَّذْرِ فِي الطّاعَةِ)

- ‌(بابٌ إِذا نَذَرَ أوْ حَلَفَ أنْ لَا يُكَلَّمَ إنْساناً فِي الجاهِلِيَّةِ ثمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ مَنْ ماتَ وعَلَيْهِ نَذْرٌ)

- ‌(بابُ النَّذْرِ فِيما لَا يَمْلِكُ وَفِي مَعْصِيَةٍ)

- ‌(بابُ مَنْ نَذَرَ أنْ يَصُومَ أيَّاماً فَوَافَقَ النَّحْرَ أوِ الفِطْرَ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَدْخلُ فِي الأيْمانِ والنُّذُور الأرْضُ والغَنَمُ والزُّرُوعُ والأمْتِعَةُ)

- ‌(كتابُ كَفَارَاتِ الأيْمانِ)

- ‌(بَاب وقَوْلِ الله تَعَالَى { (5) فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين} (الْمَائِدَة:

- ‌(بابُ قَوْل الله تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (التَّحْرِيم: 2) مَتَى تَجِبُ الكَفَّارَةُ عَلى الغِنَيِّ والفَقِيرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أعانَ المُعْسِرَ فِي الكَفَّارَةِ)

- ‌(بابٌ يُعْطِي فِي الكَفَّارَةِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ قَرِيباً كَانَ أوْ بَعِيداً)

- ‌(بابُ صاعِ المَدِينَةِ ومُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبَرَكَتِهِ وَمَا تَوَارَثَ أهْلُ المَدِينَةِ مِنْ ذالِكَ قَرْناً بَعْدَ قَرْنٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {أَو تَحْرِير رَقَبَة} (الْمَائِدَة: 98) وأيُّ الرِّقابِ أزْكَى)

- ‌(بابُ عِتْقِ المُدَبَّرِ وأُمِّ الوَلَدِ والمُكاتَبِ فِي الكَفَّارَةِ وعِتْقِ وَلَدِ الزِّنا)

- ‌‌‌(بابٌ إِذا أعْتَقَ عَبْداً بَيْنَهُ وبَيْنَ آخَرَ)

- ‌(بابٌ إِذا أعْتَقَ عَبْداً بَيْنَهُ وبَيْنَ آخَرَ)

- ‌(بابٌ إِذا أعْتَقَ فِي الكَفَّارَةِ لِمَنْ يَكُونُ وَلاؤُهُ

- ‌(بابُ الكَفَّارَة قَبْلَ الحِنْثِ وبَعْدَهُ)

- ‌(كتابُ الفَرَائِضِ)

- ‌(بَاب وقَوْلِهِ تَعَالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلَاِبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ

- ‌(بابُ تَعْلِيمِ الفَرائِضِ)

- ‌(بابُ قَوْل النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنا صَدَقَةٌ))

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَرَكَ مَالا فِلأهْلِهِ))

- ‌(بابُ مِيرَاث الوَلَدِ مِنْ أبِيهِ وأُمِّهِ)

- ‌(بَاب مِيرَاثِ البَناتِ)

- ‌(بابُ مِيرَاثِ ابنِ الابِنِ إذَا لَمْ يَكُنِ ابنٌ)

- ‌(بابُ مِيرَاثِ ابْنَةِ ابنٍ مَعَ ابْنَةٍ)

- ‌(بابُ مِيراثِ الجَدِّ مَعَ الأبِ والإخْوَةِ)

- ‌(بابُ مِيراثِ الزَّوْجِ مَعَ الوَلَدِ وغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مِيراثِ المَرْأةِ والزَّوْجِ مَعَ الوَلَدِ وغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مِيراثِ الأخَوَاتِ مَعَ البَناتِ عَصَبَةٌ)

- ‌(بابُ مِيراثِ الأخَواتِ والإخْوَةِ)

- ‌(بابٌ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلَالَةِ إِن امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا

- ‌(بَاب ابْنَيْ عَمٍّ أحَدُهُما أخٌ لِلأمِّ والآخَرُ زَوْجٌ)

- ‌(بابُ ذَوِي الأرْحامِ)

- ‌(بابُ ميراثِ المُلاعَنَةِ)

- ‌(بابٌ الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ حُرَّةً كانَتْ أوْ أمَةً)

- ‌(بابٌ الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ)

- ‌(بابُ مِيراثِ السَّائِبَةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ تَبَرَّأ مِنْ مَوالِيهِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ مَا يَرِثُ النِّساءُ مِنَ الوَلاءِ)

- ‌(بابُ مَوْلَى القَوْمِ مِنْ أنْفْسِهِمْ، وابنُ الأُخْتِ مِنْهُمْ)

- ‌(بابُ مِيراَثِ الأسِيرِ)

- ‌(بابٌ لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرِ وَلَا الكافِرُ المُسْلِمَ)

- ‌(بابُ مِيرَاثِ العَبْدِ النَّصْرَانِيِّ والمُكاتَبِ النَّصْرَانِيِّ وإثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ)

- ‌(بابُ مَن ادَّعَى أَخا أوِ ابنَ أخِ)

- ‌(بَاب مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أبِيهِ)

- ‌(بابٌ إذَا ادَّعَتِ المَرْأةُ ابْناً)

- ‌(بابُ القائِفِ)

- ‌(كِتابُ الحُدُودِ)

- ‌(بابُ مَا يُحْذَرُ مِنَ الحُدُودِ)

- ‌(بابٌ لَا يُشْرَبُ الخَمْرُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي ضَرْبِ شارِبِ الخَمْر)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ بِضَرْبِ الحَدِّ فِي البَيْتِ)

- ‌(بابُ الضَّربِ بالجَرِيدِ والنِّعالِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شارِبِ الخَمْرِ وإنَّهُ لَيْسَ بِخارجٍ مِنَ المِلَّةِ)

- ‌(بابُ السَّارِقِ حِينَ يَسْرِقُ)

- ‌(بابُ لَعْنِ السَّارِقِ إِذا لَمْ يُسَمَّ)

- ‌(بابٌ الحُدُودُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابٌ ظَهْرُ المُؤْمِنِ حِمًى إلاّ فِي حَدٍّ أوْ حَقٍّ)

- ‌(بابُ إقامَةِ الحُدُودِ والإنتِقامِ لِحُرُماتِ الله)

- ‌(بابُ إقامَةِ الحُدُودِ على الشَّرِيفِ والوضِيعِ)

- ‌(بابُ كَراهِيَةِ الشَّفاعَةِ فِي الحَدِّ إِذا رُفِعَ إِلَى السُّلْطانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} (الْمَائِدَة:

- ‌(بابُ تَوْبَةِ السَّارِقِ)

- ‌(كِتابُ المُحارِبِينَ مِنْ أهْلِ الكُفْرِ والرِّدَّةِ)

- ‌(بابٌ لَمْ يَحْسِمِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المُحارِبِينَ مِنْ أهْلِ الرِّدَّةِ حتَّى هَلَكُوا)

- ‌(بابُ فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الفَواحِشَ)

- ‌(بابُ إثْمِ الزُّناةِ)

- ‌(بابُ رَجْمِ المُحْصَنِ)

- ‌(بابٌ لَا يُرْجَمُ المَجْنُونُ والمَجْنُونَةُ)

- ‌(بابٌ لِلْعاهِرِ الحَجَرُ)

- ‌(بابُ الرَّجْمِ فِي البَلاطِ)

- ‌(بابُ الرَّجْمِ بالمُصَلَّى)

- ‌(بابُ مَنْ أصابَ ذَنْباً دُونَ الحَدِّ فأُخْبَرَ الإمامَ فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التوْبَةِ إِذا جاءَ مُسْتَفْتِياً

الفصل: ‌(باب في الحوض)

والشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ الاحتراق، ويروى بِصِيغَة الْمَعْلُوم وَهُوَ الْأَصَح. قَوْله:(مَاء الْحَيَاة) وَفِي حَدِيث أبي سعيد: (فيلقون فِي نهر الْحَيَاة أَو الحيا) . وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: (فيلقون فِي نهر بأفواه الْجنَّة يُقَال لَهُ: مَاء الْحَيَاة) . والأفواه جمع فوهة على غير قِيَاس. قَوْله: (الْحبَّة) ، بِكَسْر الْحَاء بزر الرياحين، وَقيل: بزور الصَّحرَاء. قَوْله: (فِي حميل السَّيْل) أَي: فِي محموله أَي: فِي الَّذِي يحملهُ السَّيْل من الغثاء، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب صفة الْجنَّة وَالنَّار. قَوْله: (وَيبقى رجل مِنْهُم) فِي رِوَايَة الْكشميهني: (وَكَانَ هَذَا الرجل نباشاً من بني إِسْرَائِيل) . قَوْله: (فَيَقُول: يَا رب) فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد: (أَي رب)، على مَا يَجِيء فِي التَّوْحِيد. قَوْله:(قد قشبني) ، بقاف وشين مُعْجمَة مفتوحتين مخففاً وَرُوِيَ التَّشْدِيد، وَقَالَ الْخطابِيّ: قشب الدُّخان إِذا مَلأ خياشيمه وَأخذ يكظمه. وَقَالَ الْكرْمَانِي: القشب الْإِصَابَة بِكُل مَا يكره ويستقذر. قَوْله: (ذكاؤها) ، كَذَا هُوَ بِالْمدِّ فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر وَغَيره:(ذكاها) ، بِالْقصرِ وَهُوَ الْأَشْهر فِي اللُّغَة، وَقَالَ ابْن القطاع: يُقَال: ذكت النَّار تذكو ذكاً بِالْقصرِ وذكواً بِالضَّمِّ وَتَشْديد الْوَاو أَي: كثر لهبها وَاشْتَدَّ اشتعالها ووهجها. قَوْله: (فاصرف وَجْهي عَن النَّار)، قيل: كَيفَ يَقُول هَذَا القَوْل وَالْحَال أَنه يمر على الصِّرَاط طَالبا الْجنَّة فوجهه إِلَى الْجنَّة؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ قيل: إِنَّه كَانَ يتقلب على الصِّرَاط ظهرا لبطن فَكَأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالة انْتهى إِلَى آخِره فصادف أَن وَجهه كَانَ من قبل النَّار وَلم يقدر على صرفه عَنْهَا بِاخْتِيَارِهِ، فَسَأَلَ الله تَعَالَى فِي ذَلِك.

قلت: الْأَحْسَن أَن يُقَال إِنَّه من قبيل قَوْله تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الْفَاتِحَة: 6) أَي: ثَبت صرف وَجْهي عَن النَّار لِأَنَّهُ لما توجه إِلَى الْجنَّة سَأَلَ الله تَعَالَى أَن يديم عَلَيْهِ صرف وَجهه عَن النَّار لما كَانَ يقاسي مِنْهَا. قَوْله: (فَيصْرف وَجهه عَن النَّار)، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(مَا أغدرك!) فعل التَّعَجُّب من الْغدر وَهُوَ نقض الْعَهْد وَترك الْوَفَاء. قَوْله: (فَإِذا رأى مَا فِيهَا)، فَإِن قلت: كَيفَ رأى مَا فِي الْجنَّة وَالْحَال أَنه لم يدخلهَا وقتئذٍ؟ .

قلت: لِأَن جِدَار الْجنَّة شفاف فَيرى بَاطِنهَا من ظَاهرهَا كَمَا جَاءَ فِي وصف الغرف، وَقيل: المُرَاد من الرُّؤْيَة الْعلم الَّذِي يحصل لَهُ من سطوع رائحتها الطّيبَة وأنوارها المضيئة كَمَا كَانَ يحصل لَهُ من سطوع رَائِحَة النَّار ونفحها وَهُوَ خَارِجهَا. قَوْله: (لَا تجعلني أَشْقَى خلقك) ، المُرَاد بالخلق هُنَا من دخل الْجنَّة، قيل: لَيْسَ هُوَ أَشْقَى الْخلق لِأَنَّهُ مُؤمن خَارج من النَّار. وَأجِيب: بِأَن الأشقى بِمَعْنى الشقي، أَو يخصص الْخلق بالخارجين مِنْهَا. قَوْله:(حَتَّى يضْحك)، قيل: الضحك لَا يَصح على الله. وَأجِيب: بِأَنَّهُ مجَاز عَن الرِّضَا بِهِ. قَوْله: (من كَذَا) أَي: من الْجِنْس الْفُلَانِيّ.

قَوْله: (قَالَ أَبُو هُرَيْرَة) هُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور. قَوْله: (وَذَلِكَ الرجل)، قيل: اسْمه هناد بالنُّون والمهملة، وَقيل: جُهَيْنَة، وَقد وَقع فِي (غرائب مَالك) : للدارقطني من طَرِيق عبد الْملك بن الحكم وَهُوَ رَوَاهُ عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَفعه: (إِن آخر من يدْخل الْجنَّة رجل من جُهَيْنَة يُقَال لَهُ: جُهَيْنَة، فَيَقُول أهل الْجنَّة: عِنْد جُهَيْنَة الْخَبَر الْيَقِين) . وَقيل: وَجه الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَنه يجوز أَن يكون أحدالإسمين لأحد الْمَذْكُورين وَالْآخر للْآخر. قَوْله: (الْأَمَانِي) جمع أُمْنِية. قَوْله: (هَذَا لَك وَمثله مَعَه) ، هَذَا إِشَارَة إِلَى متمناه الَّذِي وقف عَلَيْهِ.

قَوْله: (قَالَ: وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ جَالس) الْقَائِل هُوَ عَطاء بن يزِيد بَينه إِبْرَاهِيم بن سعد فِي رِوَايَته عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَالَ عَطاء بن يزِيد: وَأَبُو سيعد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (هَذَا لَك عشرَة أَمْثَاله) ، وَجه الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَنه يحْتَمل أَن يكون قد أخبر بِالْمثلِ أَو لَا ثمَّ اطلعه الله تَعَالَى بتفضله بِالْعشرَةِ.

35 -

(بابٌ فِي الحَوْضِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر حَوْض النَّبِي صلى الله عليه وسلم، والحوض الَّذِي يجمع فِيهِ المَاء وَيجمع على أحواض وحياض. وَالْأَحَادِيث الَّتِي وَردت فِيهِ كَثِيرَة بِحَيْثُ صَارَت متواترة من جِهَة الْمَعْنى، وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب وَهُوَ الْكَوْثَر على بَاب الْجنَّة يسقى الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُ، وَهُوَ مَخْلُوق الْيَوْم. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي (التَّذْكِرَة) : ذهب صَاحب (الْقُوت) : وَغَيره إِلَى أَن الْحَوْض يكون بعد الصِّرَاط، وَذهب آخَرُونَ إِلَى الْعَكْس، وَالصَّحِيح أَن للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، حوضين: أَحدهمَا فِي الْموقف قبل الصِّرَاط، وَالْآخر دَاخل الْجنَّة، وكل مِنْهُمَا يُسمى: كوثراً، وَفِي بعض النّسخ: كتاب فِي الْحَوْض، وَقَبله الْبَسْمَلَة.

ص: 135

وقَوْلِ الله تَعَالَى: { (108) إنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} (الْكَوْثَر: 1)

وَقَول الله بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: فِي الْحَوْض، الْكَوْثَر فوعل من الْكَثْرَة، وَالْعرب تسمى كل شَيْء كثير فِي الْعدَد أَو الْقدر والخطر: كوثراً، وَعَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة: قيل لعجوز آب ابْنهَا من السّفر: بِمَا آب ابْنك؟ قَالَت: آب بكوثر، يَعْنِي: بِمَال كثير، وَهُوَ اسْم لحوض النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَعَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. فِي ذكر الْكَوْثَر: هُوَ حَوْض ترد عَلَيْهِ أمتِي، وَقد اشْتهر اخْتِصَاص نَبينَا صلى الله عليه وسلم بالحوض، لَكِن أخرج التِّرْمِذِيّ من حَدِيث سَمُرَة رَفعه: أَن لكل نَبِي حوضاً، وَقَالَ اخْتلف فِي وَصله وإرساله وَأَن الْمُرْسل أصح، والمرسل أخرجه ابْن أبي الدُّنْيَا بِسَنَد صَحِيح عَن الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن لكل نَبِي حوضاً وَهُوَ قَائِم على حَوْضه بِيَدِهِ عَصا يَدْعُو من عرف من أمته، أَلا وَإِنَّهُم يتباهون أَيهمْ أَكثر تبعا وَإِنِّي لأرجو أَن أكون أَكْثَرهم تبعا، وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ من وَجه آخر عَن سَمُرَة مَوْصُولا مَرْفُوعا، وَفِي إِسْنَاد لين فَإِن ثَبت فالمختص بنبينا صلى الله عليه وسلم الْكَوْثَر الَّذِي يصب من مَائه فِي حَوْضه فَإِنَّهُ لم ينْقل نَظِيره لغيره، وَقد امتن الله عز وجل عَلَيْهِ بِهِ فِي السُّورَة الْمَذْكُورَة.

وَقد أنكر الْحَوْض الْخَوَارِج وَبَعض الْمُعْتَزلَة، وَمِمَّنْ كَانَ يُنكره عبيد الله بن زِيَاد أحد أُمَرَاء الْعرَاق، وَهَؤُلَاء ضلوا فِي ذَلِك وخرقوا إِجْمَاع السّلف وفارقوا مَذْهَب أَئِمَّة الْخلف.

وَرويت أَحَادِيث الْحَوْض عَن أَكثر من خمسين صحابياً. مِنْهُم: ابْن عمر وَأَبُو سعيد وَسَهل بن سعد وجندب وَأم سَلمَة وَعقبَة بن عَامر وَابْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة وحارثة بن وهب والمستورد وَأَبُو ذَر وثوبان وَأنس وَجَابِر بن سَمُرَة، فَهَؤُلَاءِ أخرج عَنْهُم مُسلم، وَأَبُو بكر الصّديق وَزيد ابْن أَرقم وَأَبُو أُمَامَة وَعبد الله بن زيد وسُويد بن جبلة وَعبد الله الصنَابحِي والبراء بن عَازِب وَأَسْمَاء بنت أبي بكر وَخَوْلَة بنت قيس وَابْن عَبَّاس وَكَعب بن عجْرَة وَبُرَيْدَة وَأَبُو الدَّرْدَاء وَأبي بن كَعْب وَأُسَامَة بن زيد وَحُذَيْفَة بن أسيد وَحَمْزَة بن عبد الْمطلب ولقيط بن عَامر وَزيد بن ثَابت وَالْحسن بن عَليّ وَأَبُو بكرَة وَخَوْلَة بنت حَكِيم، وَحَدِيث أبي بكر عِنْد أَحْمد وَأبي عوَانَة، وَحَدِيث زيد بن أَرقم عِنْد الْبَيْهَقِيّ وَغَيره، وَحَدِيث أبي أُمَامَة عِنْد ابْن حبَان وَغَيره وَحَدِيث عبد الله بن زيد عِنْد البُخَارِيّ، وَحَدِيث سُوَيْد بن جبلة عِنْد أبي زرْعَة الدِّمَشْقِي فِي (مُسْنده) ، وَحَدِيث عبد الله الصنَابحِي عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه، وَحَدِيث الْبَراء بن عَازِب

وَحَدِيث أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد البُخَارِيّ، وَحَدِيث خَوْلَة بنت قيس عِنْد الطَّبَرَانِيّ، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد البُخَارِيّ، وَحَدِيث كَعْب ابْن عجْرَة عِنْد التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ، وَحَدِيث بُرَيْدَة عِنْد ابْن أبي عَاصِم وَأَحَادِيث ابْن أبي بن كَعْب وَمن ذكر مَعَه إِلَى: خَوْلَة بنت حَكِيم، كلهَا عِنْد ابْن أبي عَاصِم، وعرباض بن سَارِيَة عِنْد ابْن حبَان، وَأَبُو مَسْعُود البدري وسلمان الْفَارِسِي وَسمرَة بن جُنْدُب وَعقبَة بن عَمْرو عِنْد الطَّبَرَانِيّ، وخباب بن الْأَرَت عِنْد الْحَاكِم، والنواس بن سمْعَان عِنْد ابْن أبي الدُّنْيَا، وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف عِنْد ابْن مَنْدَه، وَعُثْمَان بن مَظْعُون عِنْد ابْن كثير فِي (نهايته) : ومعاذ بن جبل ولقيط بن صبرَة عِنْد ابْن الْقيم فِي (الْحَاوِي) : وَجَابِر بن عبد الله عِنْد أَحْمد وَالْبَزَّار، وَعمر وعائذ بن عَمْرو وَأَبُو بَرزَة وأخو زيد بن أَرقم وَيُقَال: إِن اسْمه: ثَابت عِنْد أَحْمد.

وَقَالَ عَبْدُ الله بنُ زَيْدٍ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (اصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْنِي عَلى الحَوْضِ) .

عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْمَازِني، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ بِحَدِيث طَوِيل فِي غَزْوَة حنين.

5756 -

حدّثني يَحْيَاى بنُ حَمَّادٍ حدّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ سُليْمانَ عنْ شَقِيقٍ عنْ عَبْدِ الله عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَنا فَرَطُكمْ عَلى الحوْضِ) .

(ح) وحدّثني عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ حدّثنا مُحَمَّدُ بُن جَعْفَرٍ حدّثنا شُعْبَةُ عنِ المُغَيرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وائِلٍ عنْ عَبْدِ الله رضي الله عنه، عَن النبيِّ صلى الله

ص: 136

عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أَنا فَرَطُكُمْ عَلى الحَوْضِ، ولَيُرْفَعَنَّ مَعِي رِجالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي، فأقُولُ: يَا رَبِّ أصْحابي! فَيُقالُ: إنّكَ لَا تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَفِي أَحَادِيث الْبَاب كلهَا ذكر الْحَوْض مَا عدا حَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي رُوِيَ عَنهُ عَطاء بن يسَار على مَا يَجِيء، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، فَلَا يحْتَاج عِنْد ذكرهَا إِلَى ذكر وَجه الْمُطَابقَة.

وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن يحيى بن حَمَّاد الشَّيْبَانِيّ الْبَصْرِيّ عَن أبي عوَانَة الوضاح عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن شَقِيق بن سَلمَة عَن عبد الله بن مَسْعُود. الثَّانِي: عَن عَمْرو بن عَليّ بن بَحر أبي حَفْص الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ الصَّيْرَفِي وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة عَن الْمُغيرَة بن مقسم الضَّبِّيّ عَن أبي وَائِل هُوَ شَقِيق الْمَذْكُور عَن عبد الله.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَغَيره.

قَوْله: (أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض) الفرط بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء الَّذِي يتَقَدَّم الواردين ليصلح لَهُم الْحِيَاض والدلاء وَنَحْوهَا، يُقَال: فرطت الْقَوْم إِذا تقدمتهم لترداد لَهُم المَاء وتهيء لَهُم، وَفِيه بِشَارَة لهَذِهِ الْأمة فهنيئاً لمن كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فرطه.

قَوْله: (ليرفعن) على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: يظهرهم لي حَتَّى أَرَاهُم. قَوْله: (ليختلجن) بِلَفْظ الْمَجْهُول أَيْضا أَي: يعدل بهم عَن الْحَوْض ويجذبون من عِنْدِي، قَالَ الْكرْمَانِي: وهم إِمَّا المرتدون وَإِمَّا العصاة.

تابَعَهُ عاصِمٌ عنْ أبي وائِلٍ وَقَالَ حُصَيْنٌ: عنْ أبي وائِلٍ عنْ حُذَيْفَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

أَي: تَابع سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَاصِم بن أبي النجُود قارىء الْكُوفَة فِي رِوَايَته عَن أبي وَائِل الْمَذْكُور عَن عبد الله بن مَسْعُود، وَوَصله الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي (مُسْنده) : من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عَاصِم. قَوْله: (حُصَيْن) مصغر حصن بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي وَائِل عَن حُذَيْفَة، يَعْنِي: خَالف حُصَيْن سُلَيْمَان الْأَعْمَش وعاصماً، فَقَالَ: عَن أبي وَائِل عَن حُذَيْفَة، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة مُسلم من طَرِيق حُصَيْن.

7756 -

حدّثنا مُسَدَّدٌ حدّثنا يَحْيَاى عنْ عُبَيْدِ الله حدّثني نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(أمامَكُمْ حَوْضٌ كَمَا بَيْنَ جَرْباءَ وأذْرُحَ) .

يحيى هُوَ الْقطَّان. وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.

قَوْله: (أمامكم) بِفَتْح الْهمزَة أَي: قدامكم. قَوْله: (حَوْض) وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ: حَوْضِي، بِزِيَادَة يَاء الْإِضَافَة. قَوْله:(جرباء) بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء وبالباء الْمُوَحدَة مَقْصُورا عِنْد الْجُمْهُور، وَقَالَ عِيَاض: جَاءَ فِي البُخَارِيّ ممدوداً، وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (شرح مُسلم) : الصَّوَاب أَنَّهَا مَقْصُورَة وَذكرهَا البُخَارِيّ وَمُسلم، قَالَ: وَالْمدّ خطأ (وأذرح) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وَضم الرَّاء وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة كَذَا فِي رِوَايَة الْجُمْهُور. قَالَ عِيَاض: وَوَقع فِي رِوَايَة العذري فِي مُسلم بِالْجِيم وَهُوَ وهم، قَالَ الْكرْمَانِي: وهما موضعان. قَالَ: وَفِي (صَحِيح مُسلم) قَالَ عبيد الله: فَسَأَلته يَعْنِي ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَقَالَ: قَرْيَتَانِ بِالشَّام بَينهمَا مسيرَة ثَلَاث لَيَال. انْتهى.

قلت: قَالَ الرشاطي: الجرباء على لفظ تَأْنِيث الأجرب قَرْيَة بِالشَّام، وَقَالَ ابْن وضاح: أذرح بفلسطين، قَالَ الرشاطي: وباذرح بَايع الْحسن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، مُعَاوِيَة وَأَعْطَاهُ مُعَاوِيَة مِائَتي ألف دِرْهَم.

وَهَذَا الْموضع يحْتَاج إِلَى بسط كَلَام لوُقُوع الِاخْتِلَاف الْكثير فِي طول الْحَوْض وَعرضه، وَهنا قَالَ: مَا بَين جرباء وأذرح، وَلم بَين قدر الْمسَافَة بَينهمَا، وَفِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو على مَا يَجِيء حَوْضِي مسيرَة شهر، وَفِي حَدِيث أنس عِنْده أَيْضا: قدر حَوْضِي كَمَا بَين أَيْلَة وَصَنْعَاء من الْيمن، وَفِي حَدِيث حَارِثَة بن وهب عِنْده أَيْضا: كَمَا يبين الْمَدِينَة وَصَنْعَاء، وَفِي حَدِيث جَابر بن سَمُرَة عِنْد مُسلم: بعد مَا بَين طَرفَيْهِ كَمَا بَين صنعاء وأيلة، وَفِي حَيْثُ عقبَة بن عَامر عِنْده أَيْضا: وَإِن عرضه كَمَا بَين أَيْلَة إِلَى الْجحْفَة. وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: مَا بَين عدن وأيلة، وَفِي حَدِيث أبي ذَر: مَا بَين عمان إِلَى أَيْلَة. وَفِي حَدِيث أبي بردة عِنْد ابْن حبَان: مَا يين ناحيتي حَوْضِي كَمَا يبين أَيْلَة وَصَنْعَاء مسيرَة شهر. وَفِي حَدِيث جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَمَا يبين صنعاء إِلَى

ص: 137

الْمَدِينَة، وَفِي حَدِيث ثَوْبَان: مَا بَين عدن وعمان البلقاء، وَعند عبد الرَّزَّاق فِي حَدِيث ثَوْبَان: مَا بَين مَكَّة وأيلة، وَفِي لفظ: مَا بَين مَكَّة وعمان، وَفِي حَدِيث عبد الله بن عمر وَعند أَحْمد: بعْدهَا بَين مَكَّة وأيلة، وَفِي لفظ: مَا بَين مَكَّة وعمان، وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة بن أسيد: مَا بَين صنعاء إِلَى بَصرِي، وَفِي حَدِيث أنس عِنْد أَحْمد: كَمَا بَين مَكَّة وأيلة، أَو: بَين صنعاء وَمَكَّة، وَفِي حَدِيث أبي سعيد عِنْد ابْن أبي شيبَة وَابْن مَاجَه: مَا بَين كعبة إِلَى الْقُدس، وَفِي حَدِيث عتبَة بن عمر وَعند الطَّبَرَانِيّ: كَمَا بَين الْبَيْضَاء إِلَى بَصرِي.

وَقد جمع الْعلمَاء بَين هَذَا الِاخْتِلَاف، فَقَالَ القَاضِي عِيَاض: هَذَا من اخْتِلَاف التقادير لِأَن ذَلِك لم يَقع فِي حَدِيث وَاحِد فيعد اضطراباً من الروَاة، وَإِنَّمَا جَاءَ من أَحَادِيث مُخْتَلفَة عَن غير وَاحِد من الصَّحَابَة سَمِعُوهُ فِي مَوَاطِن مُخْتَلفَة، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يضْرب فِي كل مِنْهَا مثلا لبعد أقطار الْحَوْض وسعته بِمَا سنح لَهُ من الْعبارَة، وَيقرب ذَلِك ببعد مَا بَين الْبِلَاد النائية بَعْضهَا من بعض، لَا على إِرَادَة الْمسَافَة المتحققة. قَالَ: فَبِهَذَا يجمع بَين الْأَلْفَاظ الْمُخْتَلفَة من جِهَة الْمَعْنى. انْتهى. وَقَالَ بَعضهم: وَفِيه نظر من جِهَة أَن ضرب الْمثل وَالتَّقْدِير إِنَّمَا يكون فِيمَا يتقارب، وَإِمَّا هَذَا الِاخْتِلَاف المتباعد الَّذِي يزِيد تَارَة إِلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَينْقص إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا. انْتهى.

قلت: فِي نظره نظر لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه صلى الله عليه وسلم، لما أخبر بِثَلَاثَة أَيَّام كَانَ هَذَا الْمِقْدَار، ثمَّ إِن الله تَعَالَى تفضل عَلَيْهِ باتساعه شَيْئا بعد شَيْء، وَكلما اتَّسع أخبرهُ بِقدر مَا اتَّسع، وكل من روى بِمِقْدَار خلاف مَا رَوَاهُ غَيره بِحَسب ذَلِك، وَبِهَذَا الْوَجْه يحصل الْجَواب الشافي عَن الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور، فَلَا يحْتَاج بعد ذَلِك إِلَى كَلَام طَوِيل غير طائل، كَمَا صدر ذَلِك عَن بَعضهم.

وَأما تَفْسِير الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة فَنَقُول: الأيلة مَدِينَة كَانَت عامرة وَهِي بِطرف بَحر القلزم من طرف الشَّام، وَهِي الْآن خراب يمر بهَا الْحَاج من مصر وغزة وإليها تنْسب الْعقبَة الْمَشْهُورَة عِنْد أهل مصر، بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة نَحْو شهر بسير الأثقال كل يَوْم مرحلة. وإلَاّ فدون ذَلِك. وَصَنْعَاء: ثِنْتَانِ إِحْدَاهمَا: صنعاء الْيمن أعظم مدنها. وَالْأُخْرَى: صنعاء قَرْيَة عل بَاب دمشق من نَاحيَة بَاب الفراديس، قَالَه ياقوت، وَالْأولَى هِيَ المرادة فِي الحَدِيث، فَلذَلِك قيد فِي الحَدِيث: وَصَنْعَاء من الْيمن. والجحفة بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء وَهُوَ مَوضِع بِالْقربِ من رابغ وَهِي من مِيقَات أهل الشَّام ومصر، وَالْيَوْم أهل الشَّام يحرمُونَ من ذِي الحليفة مِيقَات أهل الْمَدِينَة، وعدن مَدِينَة فِي أقْصَى الْيمن على سَاحل بَحر الْهِنْد، وعمان ثِنْتَانِ. الأولى بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الْمِيم وبتخفيفها بلد قريب من البلقاء فلذك قيل عمان البلقاء، وَالْأُخْرَى بِضَم الْعين وَتَخْفِيف الْمِيم بلد على شاطىء الْبَحْر بَين الْبَصْرَة وعدن. والبلقاء: بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون اللَّام بعْدهَا قَاف وبالمد بَلْدَة مَعْرُوفَة من فلسطين، قَالَه بَعضهم.

قلت: البلقاء تمد وتقصر، وَقَالَ الرشاطي: البلقاء من عمل دمشق. وبصري: بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة، قَالَ ياقوت: بلد بِالشَّام وَهِي قَصَبَة حوران من أَعمال دمشق. والبيضاء: بِالْقربِ من الربذَة الْبَلَد الْمَعْرُوف بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، وَقَالَ الرشاطي: الْبَيْضَاء تَأْنِيث الْأَبْيَض، مَوضِع تِلْقَاء حمى الربذَة.

8756 -

حدّثني عَمْرُو بنُ مُحَمدٍ حدّثنا هُشَيْمٌ أخبرنَا أبُو بِشْرٍ وعَطاءُ بنُ السَّائِبِ عنْ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنه، قَالَ: الكَوْثَرُ الخَيرُ الكثيرُ الّذِي أعْطاهُ الله إيَّاهُ.

(انْظُر الحَدِيث 6694) .

أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير الْكَوْثَر فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} (الْكَوْثَر: 1) .

قد مضى هَذَا فِي تَفْسِير سُورَة الْكَوْثَر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن هشيم عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير، وَهنا أخرجه عَن عَمْرو بن مُحَمَّد بن بكير النَّاقِد الْبَغْدَادِيّ وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا يروي عَن هشيم مصغر هشم ابْن بشير بِالتَّصْغِيرِ أَيْضا عَن أبي بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة جَعْفَر بن أبي وحشية واسْمه إِيَاس، وَعَن عَطاء بن السَّائِب الْكُوفِي الْمُحدث الْمَشْهُور من صغَار التَّابِعين صَدُوق اخْتَلَط فِي آخر عمره، وَسَمَاع هشيم مِنْهُ بعد اخْتِلَاطه، فَلذَلِك أخرج لَهُ البُخَارِيّ مَقْرُونا بِأبي بشر وَمَاله غَيره إلَاّ فِي هَذَا الْموضع.

قَوْله: (إِيَّاه) أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

قَالَ أبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ: إنَّ أُناساً يَزْعَمُونَ أنّهُ نَهَرٌ فِي الجَنّةِ؟ فَقَالَ سَعيدٌ: النَّهَرُ الّذِي فِي الجَنة

ص: 138

ِ مِنَ الخَيْرِ الّذي أعْطاهُ الله إيَّاهُ.

أَبُو بشر هُوَ جَعْفَر الْمَذْكُور، وَسَعِيد هُوَ ابْن جُبَير. قَوْله: إِنَّه، أَي: إِن الْكَوْثَر نهر فِي الْجنَّة، قَالَ الْهَرَوِيّ: جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنه أَي: الْكَوْثَر الْقُرْآن والنبوة.

9756 -

حدّثنا سَعيدُ بنُ أبي مَرْيَمَ حدّثنا نافِعُ بنُ عُمَرَ عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله بنُ عَمْروٍ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: قَوْله: (حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، ماؤُهُ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، ورِيحُهُ أطْيَبُ مِنَ المِس، وكِيزانُهُ كَنُجُومِ السَّماءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْها فَلَا يَظْمَأُ أبَداً) .

سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم الجُمَحِي الْمصْرِيّ، وَنَافِع بن عمر الجُمَحِي الْمَكِّيّ، وَابْن أبي مليكَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي مليكَة التَّيْمِيّ الْمَكِّيّ، يروي عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْحَوْض عَن دَاوُد بن عَمْرو عَن نَافِع بِهِ. قَوْله: (حَوْضِي مسيرَة شهر) وَفِي رِوَايَة مُسلم: مسيرَة شهر وزواياه سَوَاء. قَوْله: (مَاؤُهُ أَبيض من اللَّبن) قَالَ الْمَازرِيّ: مُقْتَضى كَلَام النُّحَاة أَن يُقَال: أَشد بَيَاضًا، وَلَا يُقَال: أَبيض من كَذَا، وَمِنْهُم من أجَازه فِي الشّعْر، وَمِنْهُم من أجَاز بقلة، وَيشْهد لَهُ هَذَا الحَدِيث وَغَيره، وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون ذَلِك من تصرف الروَاة، فقد وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر عِنْد مُسلم بِلَفْظ: أَشد بَيَاضًا من اللَّبن. انْتهى.

قلت: القَوْل بِأَن هَذَا جَاءَ من النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أولى من نِسْبَة الروَاة إِلَى الْغَلَط على زعم النُّحَاة، واستشهاده لذَلِك بِرِوَايَة مُسلم لَا يفِيدهُ لِأَنَّهُ لَا مَانع أَن يكون النَّبِي صلى الله عليه وسلم، اسْتعْمل أفعل التَّفْضِيل من اللَّوْن فَيكون حجَّة على النُّحَاة. قَوْله:(وريحه أطيب من الْمسك) وَعند التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عمر: أطيب ريحًا من الْمسك، وَعند ابْن حبَان فِي حَدِيث أبي أُمَامَة: أطيب رَائِحَة، وَزَاد ابْن أبي عَاصِم وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي حَدِيث بُرَيْدَة: وألين من الزّبد، وَزَاد مُسلم فِي حَدِيث أبي ذَر وثوبان: وَأحلى من الْعَسَل، وَزَاد أَحْمد فِي حَدِيث ابْن عَمْرو من حَدِيث ابْن مَسْعُود: وأبرد من الثَّلج، وَعند التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث ابْن عمر: وماؤه أَشد بردا من الثَّلج. قَوْله: (وكيزانه) جمع كوز قَوْله: (كنجوم السَّمَاء) الظَّاهِر أَن التَّشْبِيه فِي الْعدَد، وَيحْتَمل أَن يكون فِي الضياء. وَعند مُسلم من حَدِيث ابْن عمر: فِيهِ أَبَارِيق كنجوم السَّمَاء. قَوْله: (من شرب مِنْهَا) أَي: من الكيزان، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: من شرب مِنْهُ، أَي: من شرب من الْحَوْض. قَوْله: (فَلَا يظمأ أبدا) أَي: فَلَا يعطش أبدا، وَزَاد ابْن أبي عَاصِم فِي حَدِيث أبي ابْن كَعْب: وَمن صرف عَنهُ لم يرو أبدا.

0856 -

حدّثنا سَعيدُ بنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حدّثني ابنُ وَهْبٍ عنْ يُونُسَ قَالَ ابنُ شِهابٍ: حدّثني أنَسُ ابنُ مالِكٍ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أيْلَةَ وصَنْعاءَ منَ اليَمَنِ، وإنَّ فِيهِ مِنَ الأبارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّماءِ) .

سعيد بن عفير هُوَ سعيد بن كثير بن عفير أَبُو عُثْمَان الْمصْرِيّ يروي عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ عَن يُونُس بن يزِيد الأياي.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عليه وسلم، عَن حَرْمَلَة.

قَوْله: (حَدثنِي أنس) هَذَا يرد قَول من قَالَ بِأَن ابْن شهَاب لم يسمعهُ من أنس. قَوْله: (وَصَنْعَاء من الْيمن) احْتَرز بقوله: (من الْيمن) ، عَن صنعاء الَّتِي من الشَّام، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب. قَوْله:(من الأباريق) جمع إبريق، قَالَ الْجَوْهَرِي: الإبريق فَارسي مُعرب، قَوْله:(كعدد نُجُوم السَّمَاء) التَّشْبِيه هُنَا فِي الْعدَد.

1856 -

حدّثنا أبُو الوَليدِ حدّثنا هَمَّامٌ عنْ قَتادَةَ عنْ أنَسٍ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وحدّثنا هدْبَةُ بنُ خالِدٍ حَدثنَا هَمَّامٌ حَدثنَا قَتادَةُ حَدثنَا أنَسُ بنُ مالِكٍ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَما أَنا أسيرُ فِي الجنّةِ إِذا أَنا بِنَهَرَ حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ. قُلْتُ: مَا هاذا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَر

ص: 139

ُ الّذي أعْطاكَ رَبُّكَ، فَإِذا طِينُهُ أوْ طِيبُهُ مِسْكٌ أذْفَرُ) ، شَكَّ هُدْبَةُ.

أَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك. وَهَمَّام هُوَ ابْن يحيى الْأَزْدِيّ.

وَأخرج الحَدِيث من طَرِيقين. الأول: عَن أبي الْوَلِيد عَن همام عَن قَتَادَة عَن أنس. وَالثَّانِي: عَن هدبة بن خَالِد

إِلَى آخِره، وَفِيه صرح بتحديث الزُّهْرِيّ عَن أنس، وَفِي الطَّرِيق الأول بالعنعنة.

قَوْله: (بَيْنَمَا أَنا أَسِير فِي الْجنَّة) كَانَ هَذَا فِي لَيْلَة الْإِسْرَاء، وَصرح بذلك فِي تَفْسِير سُورَة الْكَوْثَر، وَقَالَ الدَّاودِيّ: إِن كَانَ هَذَا أَي قَوْله: (إِذا أَنا بنهر) مَحْفُوظًا، دلّ على أَن الْحَوْض الَّذِي يدْفع عَنهُ أَقوام يَوْم الْقِيَامَة غير النَّهر الَّذِي فِي الْجنَّة، أَو يكون هُوَ الَّذِي يراهم وَهُوَ دَاخل وهم من خَارِجهَا فيناديهم فيصرفون عَنهُ، وَأنكر عَلَيْهِ بَعضهم فَقَالَ: يُغني عَنهُ أَن الْحَوْض الَّذِي هُوَ خَارج الْجنَّة يمد من النَّهر الَّذِي هُوَ دَاخل الْجنَّة، فَلَا إِشْكَال. انْتهى.

قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه يحْتَاج إِلَى دَلِيل أَنه يمد من النَّهر الَّذِي فِي الْجنَّة، ونقول: أحسن من ذَلِك أَن يُقَال: إِن للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، حوضين: أَحدهمَا: فِي الْجنَّة، وَالْآخر يكون يَوْم الْقِيَامَة، وَقد ذكرنَا عَن قريب. قَوْله:(حافتاه) بتَخْفِيف الْفَاء أَي: جابناه وَلَا مُنَافَاة بَين كَونه نَهرا أَو الْحَوْض لِإِمْكَان اجْتِمَاعهمَا. قَوْله: (قباب الدّرّ) ، القباب بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى جمع قبَّة من الْبناء، وَيجمع على قبب أَيْضا، والدر جمع درة وَهِي اللؤلؤة. قَوْله:(المجوف) أَي: الخاوي. قَوْله: (فَإِذا طينه)، بِكَسْر الطَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا نون. قَوْله:(أَو طيبه) بِكَسْر الطَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا بَاء مُوَحدَة، وَالشَّكّ فِيهِ من هدبة شيخ البُخَارِيّ. قَوْله:(اذفر)، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَي: الذكي الرَّائِحَة، وَقَالَ ابْن فَارس: الذفر حِدة الرَّائِحَة الطّيبَة والخبيثة.

2856 -

حدّثنا مُسْلمُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدّثنا وُهَيْبٌ حدّثنا عبْدُ العَزِيزِ عنُ أنَسٍ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيَرِدَنَّ عَليَّ ناسٌ منْ أصْحابي الحَوْضَ حتَّى إذَا عَرَفْتُهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِي، فأقُولُ: أصْحابي {فَيَقُولُ: لَا تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ} ) .

وهيب مصغر وهب بن خَالِد الْبَصْرِيّ. وَعبد الْعَزِيز هُوَ ابْن صُهَيْب أَبُو حَمْزَة الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي المناقب عَن مُحَمَّد بن حَاتِم.

قَوْله: (ليردن) بِاللَّامِ الْمَفْتُوحَة للتَّأْكِيد، ويردن بالنُّون الثَّقِيلَة. قَوْله:(عَليّ)، بتَشْديد الْيَاء (وناس) بِالرَّفْع فَاعل: يردن، وَكلمَة: من، فِي: من أَصْحَابِي، للتبيين والحوض مَنْصُوب بقوله: ليردن. قَوْله: (اختلجوا) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالْجِيم أَي: جذبوا، من الخلج وَهُوَ النزع والجذب. قَوْله:(دوني) أَي: بِالْقربِ مني. قَوْله: (فَأَقُول: أَصْحَابِي) بِالتَّكْبِيرِ فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره: (أصيحابي) بِالتَّصْغِيرِ. قَوْله: (فَيَقُول) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (فَيُقَال) . قَوْله: (مَا أَحْدَثُوا بعْدك!) أَي: من الْمعاصِي الْمُوجبَة الحرمان الشّرْب من الْحَوْض.

3856 -

حدّثنا سَعِيدُ بنُ أبي مَرْيَمَ حدّثا مُحَمد بنُ مُطَرِّفٍ، حدّثني أبُو حازِمٍ عنْ سَهْلِ ابنِ سَعْدٍ: قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (إنِّي فَرَطُكُمْ عَلى الحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ ومَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمأْ أبدا، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أقْوَامٌ أعْرفُهُمْ ويَعْرفُونِي ثمَّ يُحالُ بَيْنِي وبَيْنَهُمْ) .

قَالَ أَبُو حَازِم فسمعني النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش فَقَالَ هَكَذَا سَمِعت من سهل فَقلت نعم فَقَالَ أشهد على أبي سعيد الْخُدْرِيّ لسمعته وَهُوَ يزِيد فِيهَا فَأَقُول إِنَّهُم مني فَيُقَال إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك فَأَقُول سحقا سحقا لمن غير بعدِي وَقَالَ ابْن عَبَّاس سحقا بعدا يُقَال سحيق بعيد وسحقه وأسحقه أبعده) مُحَمَّد بن مطرف بِضَم الْمِيم وَفتح الطَّاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء الْمَكْسُورَة وبالقاف أَبُو غَسَّان اللَّيْثِيّ الْمدنِي نزل عسقلان وَأَبُو حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي سَلمَة بن دِينَار الْأَعْرَج وَسَهل بن سعد بن مَالك السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ قَوْله " إِنِّي فَرَطكُمْ " ويروى أَنا فَرَطكُمْ والفرط بِفتْحَتَيْنِ الَّذِي يتَقَدَّم الواردين ليصلح لَهُم الْحِيَاض وَقد مر عَن قريب قَوْله ويعرفوني ويروى

ص: 140

ويعرفونني على الأَصْل قَوْله " يُحَال " على صِيغَة الْمَجْهُول من حَال بَين الشَّيْئَيْنِ إِذا منع أَحدهمَا من الآخر قَوْله " لسمعته " اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد قَوْله وَهُوَ يزِيد فِيهَا أَي وَالْحَال أَنه يزِيد فِي هَذِه الْمقَالة وَالَّذِي زَاده هُوَ قَوْله فَأَقُول إِلَى قَوْله وَقَالَ ابْن عَبَّاس قَوْله " سحقا " أَي بعدا وَكرر للتَّأْكِيد وَهُوَ نصب على الْمصدر وَهَذَا مشْعر بِأَنَّهُم مرتدون عَن الدّين لِأَنَّهُ يشفع للعصاة ويهتم بأمرهم وَلَا يَقُول لَهُم مثل ذَلِك قَوْله " وَقَالَ ابْن عَبَّاس " أَي عبد الله بن عَبَّاس وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي حَاتِم من رِوَايَة عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ بِلَفْظَة قَوْله يُقَال سحيق أَي بعيد من كَلَام أبي عُبَيْدَة فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} وَمِنْه النَّخْلَة السحوق الطَّوِيلَة قَوْله " سحقه " وأسحقه أبعده ثَبت هَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن معنى سحقه الَّذِي هُوَ ثلاثي وَمعنى أسحقه الَّذِي هُوَ مزِيد فِيهِ بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ أبعده وَهَذَا أَيْضا من كَلَام أبي عُبَيْدَة

5856 -

وَقَالَ أحْمَدُ بنُ شَبِيبِ بنِ سَعِيدٍ الحَبَطِيُّ: حدّثنا أبي عنْ يُونسَ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّهُ كانَ يُحَدِّثُ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ القيامةِ رَهطٌ مِنْ أصْحابي فَيُحَلَّؤْونَ عنِ الحَوْضِ، فأقُولُ: يَا رَبِّ أصْحابي {فَيَقُولُ: إنَّك لَا علْمَ لَكَ بِما أحْدَثُوا بَعْدَكَ إنهُمُ ارْتَدُّوا عَلى أدْبارِهِمُ القَهْقَهرَى) .

هَذَا تَعْلِيق عَن أَحْمد بن شبيب بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى ابْن سعيد الحبطي بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وبالطاء الْمُهْملَة ينْسب إِلَى الحبطات من تَمِيم وَهُوَ الْحَارِث بن عَمْرو بن تَمِيم بن مر، والْحَارث هُوَ الحبط وَولده يُقَال لَهما: الحبطات، وَأحمد هَذَا يروي عَن أَبِيه شبيب بن سعيد عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.

وَوصل هَذَا التَّعْلِيق أَبُو عوَانَة عَن أبي زرْعَة الرَّازِيّ وَأبي الْحسن الْمَيْمُونِيّ قَالَا: حَدثنَا أَحْمد بن شبيب بِهِ.

قَوْله: (يرد عَليّ) بتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (رَهْط) قد مر غير مرّة أَن الرَّهْط من الرِّجَال مَا دون الْعشْرَة، وَقيل: إِلَى الْأَرْبَعين، وَلَا يكون فيهم امْرَأَة، وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَيجمع على أرهط وأرهاط وأراهط، جمع الْجمع. قَوْله:(فيحلؤون)، من التحلثة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام بعْدهَا همزَة مَضْمُومَة على صِيغَة الْمَجْهُول: أَي يمْنَعُونَ ويطردون يُقَال: حلأه عَن المَاء إِذا طرده وَمنعه مِنْهُ، هَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، ويروى:(فيجلون) على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا بِالْجِيم الساكنة وَفتح اللَاّم أَي يصرفون. قَوْله: (على أدبارهم)، ويروى:(على أَعْقَابهم) . قَوْله: (الْقَهْقَرِي) هُوَ الرُّجُوع إِلَى خلف، فَإِذا قلت: رجعت الْقَهْقَرِي فكأنك قلت: رجعت الرُّجُوع الَّذِي يعرف بِهَذَا الِاسْم، لِأَن الْقَهْقَرِي ضرب من الرُّجُوع، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الْقَهْقَرِي مصدر فَيكون مَنْصُوبًا على المصدرية من غير لَفظه كَمَا فِي قَوْلك: قعدت جُلُوسًا.

6856 -

حدّثنا أحْمَدُ بنُ صالِحٍ حدّثنا ابنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي يُونُسُ عنِ ابنِ شِهابٍ عنِ ابنِ المُسَيَّبِ أنَّهُ كانَ يحَدِّثُ عنْ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَرِدُ عَلَيَّ الحَوْضَ رِجالٌ مِنْ أصْحابي فَيُحَلَّوُونَ عنْهُ، فأقُولُ: يَا رَبِّ أصْحابي} فَيَقُولُ: إنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِما. أحْدَثُوا بَعْدَكَ، إنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أدْبارِهِمُ القَهْقَرَى) . (انْظُر الحَدِيث 5856)

أَحْمد بن صَالح أَبُو جَعْفَر الْمصْرِيّ يروي عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، هَذَا هُوَ الحَدِيث الَّذِي مضى، غير أَن فِي ذَاك: قَالَ سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة: وَهنا قَالَ: عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا الِاخْتِلَاف لَا يضر، لِأَن أَبَا هُرَيْرَة دَاخل فيهم، وَلَا يُقَال: إِنَّه رِوَايَة عَن مَجْهُول، لِأَن الصَّحَابَة كلهم عدُول.

ص: 141

وَقَالَ شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ: كانَ أبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَيُجْلَوْنَ وَقَالَ عُقَيْلٌ: فَيُحَلُّؤونَ.

شُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن شعيباً وَعقيل بن خَالِد الْأَيْلِي اخْتلفَا فِي روايتهما عَن الزُّهْرِيّ، فروى شُعَيْب: فيجلون، بِالْجِيم وروى عقيل: فيحلؤون، بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَقد مر ضبطهما وتفسيرهما الْآن.

وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ أبي رافِعٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

الزبيدِيّ بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى زبيد، قَبيلَة. وَمن المنسوبين إِلَيْهَا: مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن عَامر أَبُو الْهُذيْل الشَّامي الْحِمصِي صَاحب الزُّهْرِيّ، يروي عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب الْقرشِي الْهَاشِمِي الْمدنِي الْمَشْهُور بالباقر، عَن عبيد الله بن أبي رَافع مولى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَاسم أبي رَافع أسلم. وَقَالَ الغساني: وَفِي بعض النّسخ عبد الله مكبر وَهُوَ وهم وَفِيه ثَلَاثَة من التَّابِعين وهم: الزُّهْرِيّ وَشَيْخه وَشَيخ شَيْخه، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد من رِوَايَة عبد الله بن سَالم عَنهُ كَذَلِك.

7856 -

حدّثني إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزامِيُّ حَدثنَا مُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحِ حَدثنَا أبي قَالَ: حَدثنِي هِلَالٌ عنْ عَطاءِ بنِ يَسارٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنا أَنا قائِمٌ فإذَا زُمْرَةٌ، حتَّى إذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رجُلٌ مِنْ بَيْنِي وبَيْنِهِمْ، فَقَالَ: هَلُمَّ. فَقُلْتُ: أيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَالله، قُلْتُ: وَمَا شأنُهُمْ؟ قَالَ: إنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلى أدْبارِهِمُ القَهْقَرَي، ثُمَّ إذَا زُمْرَةٌ، حتَّى إذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رجُلٌ مِنْ بَيْنِي وبَيْنِهِمْ فَقَالَ: هَلُمَّ. قُلْتُ: أيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَالله، قُلْتُ: مَا شأنُهُمْ؟ قَالَ: إنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلى أدْبارِهِمُ القَهْقَرِي، فَلا أرَاهُ يخْلُصُ مِنْهُمْ إلاّ مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ.

قيل لَا مُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة على مَا لَا يخفى.

قلت: ذكره عقيب الحَدِيث السَّابِق لمطابقة بَينهمَا من حَيْثُ الْمَعْنى، فالمطابق للمطابق للشَّيْء مُطَابق لذَلِك الشَّيْء.

وَمُحَمّد بن فليح بِضَم الْفَاء يروي عَن أَبِيه فليح بن سُلَيْمَان عَن هِلَال بن عَليّ عَن عَطاء بن يسَار بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالسِّين الْمُهْملَة، وَرِجَال سَنَده كلهم مدنيون.

والْحَدِيث أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو نعيم.

قَوْله: (بَينا أَنا قَائِم) بِالْقَافِ فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بالنُّون بدل الْقَاف، وَالْأول أوجه لِأَن المُرَاد هُوَ قِيَامه على الْحَوْض. وَوجه الأول أَنه رأى فِي الْمَنَام مَا سيقع لَهُ فِي الْآخِرَة. قَوْله:(فَإِذا زمرة) كلمة: إِذا، للمفاجأة، والزمرة الْجَمَاعَة. قَوْله:(خرج رجل) المُرَاد بِهِ الْملك الْمُوكل بِهِ على صُورَة الْإِنْسَان. قَوْله: (هَلُمَّ) خطاب للزمرة. وَمَعْنَاهُ: تَعَالَوْا، وَهُوَ على لُغَة من لَا يَقُول: هلما هلموا هَلُمِّي. قَوْله: (فَقلت) أَيْن؟ الْقَائِل هُوَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَي: تطلبهم إِلَى أَيْن تؤديهم؟ قَالَ: أؤديهم إِلَى النَّار. قَوْله: (وَمَا شَأْنهمْ؟) أَي: وَمَا حَالهم حَتَّى تروح بهم إِلَى النَّار؟ قَالَ: (إِنَّهُم ارْتَدُّوا)

إِلَى آخِره. قَوْله: (فَلَا أرَاهُ) بِضَم الْهمزَة أَي: فَلَا أَظن أَمرهم أَنه (يخلص مِنْهُم إلَاّ مثل همل النعم) بِفَتْح الْهَاء وَالْمِيم وَهُوَ مَا يتْرك مهملاً لَا يتعهد وَلَا يرْعَى حَتَّى يضيع وَيهْلك، أَي: لَا يخلص مِنْهُم من النَّار إلَاّ قَلِيل، وَهَذَا يشْعر بِأَنَّهُم صنفان: كفار وعصاة، وَقَالَ الْخطابِيّ: الهمل يُطلق على الضوال، وَيُقَال: الهمل الْإِبِل بِلَا رَاع مثل النفش إلَاّ أَن النفش لَا يكون إلَاّ لَيْلًا والهمل يكون لَيْلًا وَنَهَارًا، وَيُقَال: إبل هاملة وهمال وهوامل، وتركتها هملاً أَي: سدًى إِذا أرسلتها ترعى لَيْلًا أَو نَهَارا بِلَا راعٍ، وَفِي الْمثل: اخْتَلَط المرعى بالهمل.

ص: 142

8856 -

حدّثني إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ حدّثنا أنَسُ بنُ عِياض عنْ عُبَيْدِ الله عنْ خُبَيْبٍ عنْ حَفْصِ ابنِ عاصِم عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَا بَيْنَ بَيْتِي ومِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجَنة ومِنْبَرِي عَلى حَوْضِي) .

عبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ، وخبيب بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى ابْن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْحَارِث الْأنْصَارِيّ خَال عبيد الله الْمَذْكُور، وَحَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ جد عبيد الله الْمَذْكُور.

والْحَدِيث مضى فِي آخر الصَّلَاة، وَفِي آخر الْحَج عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد. وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.

قَوْله: (ومنبري) قَالُوا: المُرَاد منبره بِعَيْنِه الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَقيل: إِن لَهُ هُنَاكَ منبراً على حَوْضه يَدْعُو النَّاس عَلَيْهِ

إِلَى الْحَوْض. قَوْله: (رَوْضَة) مَعْنَاهَا أَن ذَلِك الْموضع بِعَيْنِه ينْتَقل إِلَى الْجنَّة فَهُوَ حَقِيقَة، أَو أَن الْعِبَادَة فِيهِ تُؤدِّي إِلَى رَوْضَة الْجنَّة، فَهُوَ مجازٌ بِاعْتِبَار الْمَآل، أَي: مآل الْعِبَادَة فِيهِ الْجنَّة، أَو تَشْبِيه أَي: هُوَ كروضة، وسمى تِلْكَ الْبقْعَة الْمُبَارَكَة: رَوْضَة، لِأَن زوار قَبره من الْمَلَائِكَة وَالْإِنْس وَالْجِنّ لم يزَالُوا منكبين فِيهَا على ذكر الله تَعَالَى، وَقَالَ الْخطابِيّ: مَعْنَاهُ تَفْضِيل الْمَدِينَة وَالتَّرْغِيب فِي الْمقَام بهَا والاستكثار من ذكر الله فِي مَسْجِدهَا، وَأَن من لزم الطَّاعَة فِيهِ آلت بِهِ إِلَى رَوْضَة الْجنَّة، وَمن لزم الْعِبَادَة عِنْد الْمِنْبَر سقِِي يَوْم الْقِيَامَة من الْحَوْض.

0956 -

حدّثنا عَمْرُو بنُ خالِدٍ حدّثنا اللّيْثُ عنْ يَزِيدَ عنْ أبي الخَيْرِ عنْ عُقْبَةَ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْماً فَصَلَّى عَلى أهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَلى المِنْبَرِ فَقَالَ:(إنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وإنِّي وَالله لأنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وإنِّي أُعْطِيتُ مَفاتِيحَ خَزَائِنِ الأرْضِ أوْ مَفاتِيحَ الأرْضِ وإنِّي وَالله مَا أخافُ عَلَيْكُمْ أنْ تَشْرِكُوا بَعْدِي، ولَكِنْ أخافُ عَلَيْكُمْ أنْ تَنافَسُوا فِيها) .

عَمْرو بن خَالِد الْجَزرِي بِالْجِيم وَالزَّاي وَالرَّاء، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي حبيب أَبُو ورجاء الْمصْرِيّ وَاسم أبي حبيب سُوَيْد، وَأَبُو الْخَيْر مرْثَد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن عبد الله الْيَزنِي، وَعقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن سعيد بن شُرَحْبِيل، وَفِي الْمَغَازِي عَن قُتَيْبَة وَغَيره. وَأخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة، فَمُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عليه وسلم، والآخران فِي الْجَنَائِز، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مكرراً.

قَوْله: (فصلى على أهل أحد) أَي: دَعَا لَهُم بِدُعَاء صَلَاة الْمَيِّت، قَالَه الْكرْمَانِي، وَقيل: صلى صَلَاة الْمَوْتَى، وَهُوَ ظَاهر الحَدِيث، وَكَانَ ذَلِك بعد مَوْتهمْ بِثمَانِيَة أَعْوَام. قَوْله:(ثمَّ انْصَرف على الْمِنْبَر) ويروى: ثمَّ انْصَرف فَصَعدَ على الْمِنْبَر. قَوْله: (أَو مَفَاتِيح الأَرْض) شكّ من الرَّاوِي وَالْمرَاد: كنوز الأَرْض. قَوْله: (مَا أَخَاف عَلَيْكُم أَن تُشْرِكُوا) قيل: قد وَقع بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ارتداد لبَعض الْأَعْرَاب. وَأجِيب: بِأَن الْخطاب للْجمع فَلَا يُنَافِي ارتداد الْبَعْض. قَوْله: (أَن تنافسوا) أَصله: تتنافسوا، فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ أَي: تراغبوا وَتَنَازَعُوا. قَوْله: (فِيهَا) أَي: فِي الدُّنْيَا. وَفِيه: عدَّة معجزات

ص: 143

لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم.

1956 -

حدّثنا عَلِيُّ بن عبْدِ الله حدّثنا حَرَمِيُّ بنُ عُمارَةَ حدّثا شُعْبَةُ عنْ مَعْبَدِ بنِ خالِدٍ أنّهُ سَمِعَ حارِثَةَ بنَ وَهْب يَقُولُ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وذَكَرَ الحَوْضَ فَقَالَ:(كَمَا بَيْنَ المَدِينَةِ وصَنْعاء) .

وزَادَ ابنُ أبي عَدِيٍّ عنْ شُعْبَةَ عنْ مَعْبَدِ بنِ خالِدٍ عنْ حارِثَةَ سَمِعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: حَوْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعاءَ والمَدِينَةِ، فَقَالَ لهُ المُسْتَوْرِ: ألمْ تَسمَعْهُ قَالَ: الأوَانِي؟ قَالَ: لَا. قَالَ المُسْتَورِدُ: تُرى فِيهِ الآنِيَةُ مِثْلَ الكَوَاكِبِ.

عَليّ بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ، وحرمي بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالرَّاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن عمَارَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم وبالراء، ومعد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن خَالِد القَاضِي الْكُوفِي، وحارثة بن وهب الْخُزَاعِيّ نزل الْكُوفَة وَله أَحَادِيث، وَكَانَ أَخا لِعبيد الله بِالتَّصْغِيرِ ابْن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لأمه.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن مُحَمَّد بن عبد الله وَغَيره.

قَوْله: (وَزَاد ابْن أبي عدي) وَهُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، وَأَبُو عدي جده وَلَا يعرف اسْمه وَهُوَ بَصرِي ثِقَة كثير الحَدِيث.

وَوصل هَذِه الزِّيَادَة مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن بزيع حَدثنَا ابْن أبي عدي عَن شُعْبَة عَن سعيد بن خَالِد عَن حَارِثَة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: حَوْضه مَا بَين صنعاء وَالْمَدينَة، فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرد: آلم تسمعه قَالَ: الْأَوَانِي؟ قَالَ: لَا. قَالَ الْمُسْتَوْرد: ترى فِيهِ الْآنِية.

قَوْله: (قَوْله: حَوْضه)، ويروى:(قَالَ: حَوْضه)، كَمَا فِي رِوَايَة مُسلم. قَوْله:(فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرد) على وزن مستفعل بِكَسْر الْعين ابْن شَدَّاد بن عَمْرو الْقرشِي الفِهري الصَّحَابِيّ بن الصَّحَابِيّ شهد فتح مصر وَسكن الْكُوفَة مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ فِي هَذَا الْموضع، وَحَدِيثه مَرْفُوع، وَإِن لم يُصَرح بِهِ وَيلْزم مِنْهُ رَفعه سياقاً. قَوْله:(ألم تسمعه؟) أَي: ألم تسمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: الْأَوَانِي فِيهِ تكون كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ حَارِثَة: لَا، فَقَالَ الْمُسْتَوْرد: ترى فِيهِ الْآنِية مثل الْكَوَاكِب، أَي: كَثْرَة وضياء، يَعْنِي أَنا سمعته قَالَ ذَلِك.

3956 -

حدّثنا سَعِيدُ بنُ أبي مَرْيَمَ عنْ نافِعِ بنِ عُمَرَ قَالَ: حدّثني ابنُ أبي مُلَيْكَةَ عَن أسْماءَ بِنْتِ أبي بَكْرٍ رضي الله عنهما، قالَتْ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (إنِّي عَلى الحَوْضِ حتَّى أنْظرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ وسَيُؤُخذُ ناسٌ مِنْ دُونِي فأقُولُ: يَا ربِّ {مِنَّي ومِنْ أُمَّتِي} فَيُقالُ: هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ؟ وَالله مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أعْقَابِهِمْ)، فَكانَ ابنُ أبي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنّا نَعُوذُ بِكَ أنْ نَرْجِعَ عَلى أعْقابِنا أوْ نُفْتَنَ عنْ دِيننا. عَلى أعْقابِهِم ينْكِصُونَ يَرْجِعُونَ عَلى العَقِبِ. (الحَدِيث 3956 طرفه فِي: 8407)

ابْن أبي مليكَة عبد الله، مضى عَن قريب.

قَوْله: (حَتَّى أنظر) بِالنّصب أَي: إِلَى أَن أنظر. قَوْله: (من دوني) أَي: بِالْقربِ مني. قَوْله: (وَمن أمتِي) هَذَا يدْفع قَول من حمل النَّاس على غير هَذِه الْأمة. قَوْله: (هَل شَعرت) أَي: هَل علمت. وَقَالَ بَعضهم: فِيهِ: إِشْعَار إِلَى أَنه لم يعرف أشخاصهم بِعَينهَا وَإِن كَانَ قد عرف أَنهم من هَذِه الْأمة. انْتهى.

قلت: فِيهِ نظر لَا يخفى. قَوْله: (مَا عمِلُوا) وَيرى بِمَا عمِلُوا بِزِيَادَة الْبَاء. قَوْله: (مَا برحوا) أَي: مَا زَالُوا. قَوْله: (فَكَانَ ابْن أبي مليكَة يَقُول) مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور. قَوْله: (أَو نفتن) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (على أَعْقَابهم ينكصون) إِلَى آخِره هَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة فِي الْآيَة.

ص: 144