الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أرْذَلِ العُمُرِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا، وأعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي أول الحَدِيث. وغندر هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر.
والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بَاب التَّعَوُّذ من عَذَاب الْقَبْر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن آدم عَن شُعْبَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن مُصعب إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (وَأَعُوذ بك أَن أرد) ويروى عَن السَّرخسِيّ: من أَن أرد، بِزِيَادَة لَفْظَة: من قَوْله: (وَأَعُوذ بك من فتْنَة الدُّنْيَا) قَالَ شُعْبَة: سَأَلت عبد الْملك بن عُمَيْر عَن فتْنَة الدُّنْيَا؟ قَالَ الدَّجَّال: كَذَا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَإِطْلَاق الدُّنْيَا على الدَّجَّال لكَون فتنته أعظم الْفِتَن الكائنة فِي الدُّنْيَا، وَقد ورد ذَلِك صَرِيحًا فِي حَدِيث أبي أُمَامَة رضي الله عنه، قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكر الحَدِيث وَفِيه أَنه: لم تكن فتْنَة فِي الأَرْض مُنْذُ ذَرأ الله ذُرِّيَّة آدم أعظم من فتْنَة الدَّجَّال، أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه.
34 -
(بابُ التَّعَوُّذِ مِنْ أرْذَلِ العُمُرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّعَوُّذ من أرذل الْعُمر وَهُوَ الْهَرم زمَان الخرافة وَحين انتكاس الْأَحْوَال، قَالَ الله تَعَالَى:{ (16) ومنكم من يرد إِلَى أرذل الْعُمر لكيلا يعلم بعد علم شَيْئا} (النَّحْل: 07 وَالْحج: 5) .
أراذِلُنا: أسْقاطُنا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { (11) إِلَّا الَّذين هم أراذلنا} (هود: 72) وَفَسرهُ بقوله: أسقاطنا وَهُوَ جمع سَاقِط وَهُوَ اللَّئِيم فِي حَسبه وَنسبه، ويروى: سقاطنا، بِضَم السِّين وَتَشْديد الْقَاف، وَيُقَال: قوم سقطي وَإِسْقَاط وسقاط.
1736 -
حدّثنا أبُو مَعْمَرٍ حَدثنَا عبْدُ الوَارِثِ عَنْ عبْدِ العَزِيزِ بن صُهَيْبٍ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، رضي الله عنه، قَالَ: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، يَتَعَوَّذُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَرَمِ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ.
قيل: لَيْسَ فِيهِ لفظ التَّرْجَمَة فَلَا مُطَابقَة.
قلت: تُؤْخَذ الْمُطَابقَة من قَوْله: (وَأَعُوذ بك من الْهَرم) لِأَنَّهُ يُفَسر بأرذل الْعُمر، وَقد مر عَن قريب تَفْسِيره هَكَذَا.
وَأَبُو معمر بِفَتْح الميمين اسْمه عبد الله بن عمر والمنقري المقعد، وَعبد الْوَارِث بن سعيد الْبَصْرِيّ والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (يتَعَوَّذ يَقُول) جملتان مَحلهمَا النصب فَالْأولى على أَنَّهَا خبر كَانَ، وَالثَّانيَِة حَال.
44 -
(بابُ الدُّعاءِ بِرَفْعِ الوَباءِ والوَجَعِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء بِرَفْع الوباء والوجع والوباء بِالْمدِّ وَالْقصر فَجمع الْمَقْصُور أوباء وَجمع الْمَمْدُود أوبية وَهُوَ الْمَرَض الْعَام، وَقيل: الْمَوْت الذريع وَأَنه أَعم من الطَّاعُون لِأَن حَقِيقَته مرض عَام ينشأ عَن فَسَاد الْهَوَاء، وَمِنْهُم من قَالَ: الوباء والطاعون مُتَرَادِفَانِ، ورد عَلَيْهِ بَعضهم بِأَن الطَّاعُون لَا يدْخل الْمَدِينَة وَأَن الوباء وَقع بِالْمَدِينَةِ كَمَا فِي حَدِيث العرنيين.
قلت: فِيهِ نظرلأن ابْن الْأَثِير قَالَ: إِنَّه الْمَرَض الْعَام، وَكَذَلِكَ الوباء هُوَ الْمَرَض الْعَام. وَقَوله: الطَّاعُون لَا يدْخل الْمَدِينَة، يحْتَمل أَن يُقَال إِنَّه لَا يدْخل بعد قدوم النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(والوجع) أَي: الدُّعَاء أَيْضا بِرَفْع الوجع، وَهُوَ يُطلق على كل الْأَمْرَاض فَيكون هَذَا الْعَطف من بَاب عطف الْعَام على الْخَاص، لَكِن بِاعْتِبَار أَن منشأ الوباء خَاص وَهُوَ فَسَاد الْهَوَاء بِخِلَاف الوجع فَإِن لَهُ أسباباً شَتَّى وَبِاعْتِبَار أَن الوباء يُطلق على الْمَرَض الْعَام يكون من بَاب عطف الْعَام على الْعَام.
2736 -
حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حَدثنَا سُفْيانُ عنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَت: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنا المَدِينَةَ كَما حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَو أشَدَّ، وانْقُلْ حُمَّاها إِلَى الجُحْفَة، اللَّهُمَّ بارِكْ لَنَا فِي مُدِّنا وصاعِنا.
ذكر الْمُطَابقَة هُنَا بِنَوْع من التعسف وَهُوَ أَنَّهَا تُؤْخَذ من قَول: قَوْله: (وانقل حماها) بِاعْتِبَار أَن تكون الْحمى مَرضا عَاما فَتكون
الْمُطَابقَة للجزء الأول للتَّرْجَمَة. وَقيل: فِي بعض طرق حَدِيث الْبَاب: فقدمنا الْمَدِينَة وَهِي أوبأ أَرض الله.
قلت: فِيهِ بعد لِأَن الْمُطَابقَة لَا تكون إلَاّ بَين التَّرْجَمَة وَحَدِيث الْبَاب بِعَيْنِه وسُفْيَان هُوَ: الثَّوْريّ.
والْحَدِيث مُخْتَصر من حَدِيث أَوله: لما قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة وعك أَبُو بكر وبلال رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَتقدم فِي آخر كتاب الْحَج وَتقدم الْكَلَام فِيهِ: والجحفة بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وبالفاء مِيقَات أهل مصر وَالشَّام فِي الْقَدِيم، والآن أهل الشَّام يحرمُونَ من مِيقَات أهل الْمَدِينَة، وَكَانَ سكانها فِي ذَلِك الْوَقْت يهود. وَفِيه: الدُّعَاء على الْكفَّار بالأمراض والبليات.
قَوْله: (فِي مدنا) أَي: فِيمَا نقدر بِهِ إِذْ بركته مستلزمة لبركته وَالْمرَاد كَثْرَة الأقوات من الثِّمَار والغلات.
3736 -
حدّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ حدّثنا إبراهيمُ بنُ سعَدٍ أخبرنَا ابنُ شِهابٍ عنْ عامرِ بن سَعْدٍ أنَّ أباهُ قَالَ: عادَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فِي حَجةِ الوَداعِ مِنْ شَكْوى أشْفَيْتُ مِنْهُ على المَوْت، فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله {بَلَغَ بِي مَا تَراى مِنَ الوَجَعِ وَأَنا ذُو مالٍ وَلَا يَرِثُنِي إلَاّ ابْنَةٌ لِي واحدَةٌ، أفأتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مالِي؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَبِشَطْرِهِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ كَثِيرٌ، إنكَ أنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أغْنياءَ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَذَرَهُمْ عَالَةَ يَتَكَفَّفُونَ النَّاس، وإنَّكَ لَنْ تُنفِقَ نَفَقَةَ تَبْتَغِي بهَا وَجْهَ الله إلَاّ أجِرْتَ حتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأتِكَ. قُلْتُ: يَا رسولَ الله} أُخَلَّفُ بَعْدَ أصْحابي؟ قَالَ: إنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَملاً تَبْتَغِي بِهِ وجْهَ الله إلَاّ ازْدَدْتَ دَرجةَ وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلْفُ حتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أقْوامٌ ويُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ اللَّهُم أمْضِ لأصْحابي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أعَقابِهِمْ، لاكِنِ البائِسُ سَعْدُ بنُ خَوْلَةَ.
قَالَ سَعْدٌ: رَثَي لهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ أنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ.
قَالَ بَعضهم: هَذَا يتَعَلَّق بالركن الثَّانِي من التَّرْجَمَة وَهُوَ الوجع.
قلت: التَّرْجَمَة الدُّعَاء بِرَفْع الوجع وَلَيْسَ فِي الحَدِيث هَذَا، والمطابقة لَيست مُتَعَلقَة بِمُجَرَّد ذكر الوجع حَتَّى يَقُول هَذَا الْقَائِل مَا قَالَه، وَيُمكن أَن يُؤْخَذ وَجه الْمُطَابقَة هُنَا من قَوْله:(اللَّهُمَّ أمض لِأَصْحَابِي هجرتهم وَلَا تردهم على أَعْقَابهم) ، فَإِن فِيهِ إِشَارَة لسعد بالعافية ليرْجع إِلَى دَار هجرته وَهِي الْمَدِينَة.
وَذكر هَذَا الحَدِيث فِي مَوَاضِع: فِي الْجَنَائِز عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الْوَصَايَا عَن أبي نعيم عَن سُفْيَان، وَفِي الْمَغَازِي عَن أَحْمد بن يُونُس، وَفِي الْهِجْرَة عَن يحيى بن قزعة، وَفِي الطِّبّ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَفِي الْفَرَائِض عَن أبي الْيَمَان، وَهنا أخرجه أَيْضا عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه سعد.
قَوْله: (عادني) أَي: زارني لأجل مرض حصل لي. قَوْله: (من شكوى) أَي: من مرض وَهُوَ غير منصرف. قَوْله: (أشفيت مِنْهُ) أَي: أشرفت مِنْهُ على الْمَوْت ودنوت مِنْهُ وَمرَاده بِهِ الْمُبَالغَة فِي شدَّة مَرضه، ويروى: أشفيت مِنْهَا أَي من الشكوى وَهُوَ الظَّاهِر، وَرِوَايَة: مِنْهُ، بِاعْتِبَار الْمَرَض. قَوْله:(إلَاّ ابْنة لي وَاحِدَة) وَاسْمهَا عَائِشَة. قَوْله: (ذُو مَال) أَي: صَاحب مَال وَكَانَ حصل لَهُ من الفتوحات شَيْء كثير. قَوْله: (فبشطره) أَي: نصفه، وَكثير بالثاء الْمُثَلَّثَة. قَوْله: قَوْله: (أَن تذر) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَي أَن تتْرك، وَقيل: لِأَن تذر. قَوْله: (عَالَة) هُوَ جمع العائل وَهُوَ الْفَقِير. قَوْله: (يَتَكَفَّفُونَ النَّاس) أَي: يمدون أكفهم إِلَى النَّاس بالسؤال. قَوْله: (فِي فِي امْرَأَتك) أَي: فِي فَم امْرَأَتك. قَوْله: (أخلف) يَعْنِي: فِي مَكَّة أبقى بعدهمْ. قَوْله: (لن تخلف) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (فتعمل) بِالنّصب عطف عَلَيْهِ. قَوْله: (ولعلك تخلف حَتَّى ينْتَفع بك أَقوام) فِيهِ إِشَارَة إِلَى طول عمره، وَهُوَ من المعجزات، فَإِنَّهُ عَاشَ حَتَّى فتح الْعرَاق وانتفع بِهِ أَقوام وَأَرَادَ بهم الْمُسلمين. وَقَوله:(ويضر بك) على صِيغَة الْمَجْهُول آخَرُونَ أَي: أَقوام آخَرُونَ، وَأَرَادَ بهم الْمُشْركين، وَقيل: إِن عبيد الله أَمر عمر بن سعد وَلَده على الْجَيْش الَّذين لقوا الْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَتَلُوهُ بِأَرْض كربلا وقصته مَشْهُورَة. قَوْله:(أمض) بِفَتْح الْهمزَة يُقَال: أمضيت الْأَمر أَي: أنفذته أَي: تمم الْهِجْرَة لَهُم وَلَا تنقصها عَلَيْهِم، وَقَالَ الدَّاودِيّ: