الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدْرك بِحَدِيث عبد الله، فَسَأَلَ أَصْحَابه بقوله:(مَا حَدثكُمْ أَبُو عبد الرَّحْمَن؟) قَوْله: (فَقَالُوا: كَذَا وَكَذَا) ويروى: قَالُوا، بِدُونِ الْفَاء، وَفِي رِوَايَة جرير: فَحَدَّثنَاهُ يَعْنِي الْأَشْعَث، وبيَّن شُعْبَة فِي رِوَايَته أَن الَّذِي حَدثهُ بِمَا حَدثهمْ بِهِ عبد الله بن مَسْعُود هُوَ أَبُو وَائِل الرَّاوِي شَقِيق بن سَلمَة. فَإِن قلت: قد مر فِي الْأَشْخَاص: قَالَ: فلقيني الْأَشْعَث بن قيس فَقَالَ: مَا حَدثكُمْ عبد الله الْيَوْم؟ .
قلت: كَذَا وَكَذَا.
قلت: لَيْسَ بَين الرِّوَايَتَيْنِ مُنَافَاة لِأَنَّهُ إِنَّمَا أفرده فِي هَذِه الرِّوَايَة لكَونه الْمُجيب. قَوْله: (قَالَ: فِي أنزلت) أَي: قَالَ الْأَشْعَث، فِي أنزلت هَذِه الْآيَة، وَكلمَة: فِي، بِكَسْر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء. قَوْله:(كَانَت لي بِئْر) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني: كَانَت، بالتأنيث، وَفِي رِوَايَة غَيره: كَانَ بالتذكير. قَوْله: (كَانَت لي بِئْر) فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة: أَرض، وَادّعى الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي الشّرْب أَن أَبَا حَمْزَة تفرد بقوله: فِي بِئْر، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فقدوا فقه أَبُو عوَانَة كَمَا ترى، وَكَذَا وَقع عِنْد أَحْمد من رِوَايَة عَاصِم عَن شَقِيق: فِي بِئْر، وَوَقع فِي رِوَايَة جرير عَن مَنْصُور: فِي شَيْء. قَوْله: (ابْن عَم لي) كَذَا وَقع للأكثرين أَن الْخُصُومَة كَانَت فِي بِئْر يدعيها الْأَشْعَث فِي أَرض لخصمه. فَإِن قلت: فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة: كَانَ بيني وَبَين رجل من الْيَهُود أَرض فجحدني.
قلت: المُرَاد أَرض الْبِئْر لَا جَمِيع الأَرْض الَّتِي من جُمْلَتهَا أَرض الْبِئْر، وَلَا مُنَافَاة بَين قَوْله: ابْن عَم لي، وَبَين قَوْله: من الْيَهُود، لِأَن جمَاعَة من أهل الْيمن كَانُوا يهوداً، وَلما غلب يُوسُف ذُو نواس على الْيمن وطرد عَنْهَا الْحَبَشَة فجَاء الْإِسْلَام وهم على ذَلِك، وَقد أخرج الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق الشّعبِيّ عَن الْأَشْعَث قَالَ: خَاصم رجل من المخضرمين رجلا منا يُقَال لَهُ: الخفشيش إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي أَرض لَهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم للمخضرم، جىء بشهودك على حَقك وإلَاّ حلف لَك
…
الحَدِيث، وَهَذَا مُخَالف لسياق مَا فِي الصَّحِيح، فَإِن كَانَ ثَابتا حمل على تعدد الْقَضِيَّة. قَوْله:(بينتك) بِالنّصب أَي: أحضر أَو أطلب بينتك، بِالنّصب ويروى: بِالرَّفْع، أَي: الْمَطْلُوب بينتك. أَو يَمِينه إِن لم تكن لَك بَيِّنَة، وَفِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة: وَقَالَ: أَلَك بَيِّنَة؟ .
قلت: لَا. فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: احْلِف. وَفِي رِوَايَة أبي حَمْزَة: فَقَالَ: أَلَك شُهُود؟ .
قلت: مَا لي شُهُود. قَالَ: فيمينه. وَفِي رِوَايَة وَكِيع عَن مُسلم: أَلَك عَلَيْهِ بَيِّنَة؟ وَفِي رِوَايَة جرير عَن مَنْصُور: شَاهِدَاك أَو يَمِينه. قَوْله: (إِذا يحلف) جَوَاب وَجَزَاء بِنصب يحلف.
81 -
(بابُ اليَمِينِ فِيما لَا يَمْلِكُ وَفِي المَعْصِيَةِ وَفِي الغَضَبِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْيَمين فِيمَا لَا يملكهُ الْحَالِف، وَفِي الْيَمين فِي الْمعْصِيَة وَفِي الْيَمين فِي حَالَة الْغَضَب، فَذكر ثَلَاثَة أَحَادِيث لكل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة حَدِيثا على التَّرْتِيب، يفهم حكم كل وَاحِد من كل وَاحِد من الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة.
8766 -
حدّثني مُحَمَّدُ بنُ العلاءِ حدّثنا أبُو أُسامَةَ عنْ بُرَيْد عنْ أبي بُرْدَةَ عنْ أبي مُوسَى قَالَ: أرْسَلَنِي أصْحابي إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم أسألُهُ الحُمْلَانَ. فَقَالَ: (وَالله لَا أحْمِلُكُمْ عَلى شَيْءٍ) ووافقْتُهُ وهْوَ غَضْبانُ، فلمَّا أتَيْتُهُ قَالَ:(أنْطَلِقْ إِلَى أصْحابِكَ فَقُلْ: إنَّ الله أوْ: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَحْمِلُكُمْ) .
مطابقته للجزء الأول للتَّرْجَمَة وَهُوَ الْيَمين فِيمَا لَا يملك.
وَهَذَا الحَدِيث بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد مر فِي أول: بَاب غَزْوَة تَبُوك فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ أَيْضا عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء عَن أبي أُسَامَة عَن بريد بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن عبد الله بن أبي بردة اسْمه عَامر، وَقيل: الْحَارِث عَن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، وبريد هَذَا يروي عَن جده أبي بردة، وَأَبُو بردة يروي عَن أَبِيه أبي مُوسَى، وَهنا اخْتَصَرَهُ، وَحَاصِل الْكَلَام أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم حلف أَن لَا يحملهم وَلم يكن مَالِكًا لما سَأَلُوهُ فِي ذَلِك الْوَقْت، ثمَّ أرسل بِلَالًا وَرَاء أبي مُوسَى وَأَعْطَاهُ سِتَّة أَبْعِرَة، ثمَّ إِنَّه صلى الله عليه وسلم حذر عَن يَمِينه فَدلَّ هَذَا على انْعِقَاد يَمِينه. وَقَالَ ابْن بطال: وَمِثَال هَذَا أَن يحلف رجل على أَن لَا يهب أَو لَا يتَصَدَّق أَو لَا يعْتق وَهُوَ فِي هَذِه الْحَالة لَا يملك شَيْئا من ذَلِك، ثمَّ حصل لَهُ مَال بعد ذَلِك فوهب أَو تصدق أَو أعتق، فَعِنْدَ جمَاعَة الْفُقَهَاء: تلْزمهُ الْكَفَّارَة كَمَا فعل الشَّارِع بالأشعريين أَنه حلل عَن يَمِينه وأتى بِالَّذِي هُوَ خير، وَلَو حلف أَن لَا يهب أَو لَا يتَصَدَّق مَا دَامَ معدماً وَجعل
الْعَدَم عِلّة لامتناعه من ذَلِك، ثمَّ حصل لَهُ مَال بعد ذَلِك لم يلْزمه عِنْد الْفُقَهَاء كَفَّارَة إِن وهب أَو تصدق، لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَقع يَمِينه على حَالَة الْعَدَم لَا على حَالَة الْوُجُود. وَفِي (التَّوْضِيح) : إِذا حلف الرجل بِعِتْق مَا لَا يملك إِن ملكه فِي الْمُسْتَقْبل؟ فَقَالَ مَالك: إِن عين أحدا أَو قَبيلَة أَو جِنْسا لزمَه الْعتْق، وَإِن قَالَ: كل مَمْلُوك أملكهُ أبدا حر، لم يلْزمه عتق، وَكَذَلِكَ فِي الطَّلَاق إِن عين قَبيلَة أَو بَلْدَة أَو صفة مَا لزمَه الْحِنْث، وَإِن لم يعين لم يلْزمه. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: يلْزمه الطَّلَاق وَالْعِتْق سَوَاء عَم أَو خص. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يلْزمه خص أَو عَم.
قَوْله: (أسأله الحملان) بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وَهُوَ مَا يحمل عَلَيْهِ من الدَّوَابّ فِي الْهِبَة خَاصَّة قَوْله: (وَالله) معترض بَين القَوْل ومقوله. قَوْله: (ووافقته) أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَالْحَال أَنه غَضْبَان، وَجُمْهُور الْفُقَهَاء يلزمون الغاضب الْكَفَّارَة ويجعلون غَضَبه مؤكداً ليمينه، رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: أَن الغضبان يَمِينه لَغْو وَلَا كَفَّارَة فِيهَا. وَرُوِيَ عَن مَسْرُوق وَالشعْبِيّ وَجَمَاعَة: أَن الغضبان لَا يلْزمه شَيْء لإِطْلَاق وَلَا عتاق، وَاحْتَجُّوا بقوله صلى الله عليه وسلم: لَا طَلَاق فِي إغلاق وَلَا عتق قبل ملك. وَفِي حَدِيث الْأَشْعَرِيين رد لهَذِهِ الْمقَالة لِأَن الشَّارِع حلف وَهُوَ غاضب ثمَّ قَالَ: وَالله لَا أَحْلف على يَمِين) الحَدِيث. وَأما حَدِيث: (لَا طَلَاق فِي إغلاق) فَلَيْسَ بِثَابِت وَلَا مِمَّا يُعَارض بِهِ مثل حَدِيث الْأَشْعَرِيين وَنَحْوه.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه واستدركه الْحَاكِم، وَقَالَ: صَحِيح على شَرط مُسلم. أَخْرجُوهُ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: أَظُنهُ فِي الْغَضَب، وَقَالَ غَيره: الإغلاق الْإِكْرَاه وَالْمَحْفُوظ: إغلاق، كَمَا هُوَ لفظ ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم، وَلَفظ أبي دَاوُد: غلاق، وَأما حَدِيث:(لَا عتق قبل ملك)، فَهُوَ من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا:(لَا طَلَاق إلَاّ فِيمَا يملك) رَوَاهُ الْأَرْبَعَة وَالْحَاكِم، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن، وَتَأَول المدنيون والكوفيون الإغلاق على الْإِكْرَاه. قَوْله:(فَلَمَّا أَتَيْته) أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَي: مرّة أُخْرَى بعد ذَلِك.
9766 -
حدّثنا عبْدُ العَزِيزِ إبْرَاهِيمُ عنْ صالِحٍ عنِ ابْن شِهابٍ.
(ح) وحدّثنا الحَجَّاجُ حدّثنا عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ حدّثنا يُونُسُ بنُ يَزِيَد الأيْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ ابنَ الزُّبَيْر وسَعيدَ بنَ المُسَيَّبِ وعَلْقَمَةَ بنَ وقَّاصٍ وعُبَيْدَ الله بنَ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ عنْ حَدِيثٍ عائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ لَها أهْلُ الإفْكِ مَا قالُوا، فَبَرَّأها الله ممَّا قالُوا، كُلٌّ حدّثني طائِفَةً مِن الحَدِيثِ، فأنْزَلَ الله {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك} (النُّور: 11)
العَشْرَ الآياتِ كلَّها فِي بَرَاءَتِي، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وكانَ يُنْفِقُ عَلى مِسْطَحِ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ: وَالله لَا أُنْفِقُ عَلى مِسْطَحِ شَيْئاً أبَداً بَعْدَ الّذِي قَالَ لِعائِشَة، فأنْزَل الله:{وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَو يؤتوا ولي الْقُرْبَى} (النُّور: 22) الْآيَة. قَالَ أبُو بَكْرٍ: بلَى وَالله إنِّي لأُحبُّ أنُ يَغْفِرَ الله لي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفْقَةَ الَّتِي كانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَالله لَا أنْزِعُها عنْهُ أبَداً.
مطابقته للجزء الثَّانِي: للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَالله لَا أنْفق على مسطح شَيْئا أبدا) وَهُوَ مُطَابق لترك الْيَمين فِي الْمعْصِيَة لِأَنَّهُ حلف أَن لَا ينفع مسطحًا أبدا لكَلَامه فِي عَائِشَة، فَكَانَ حَالفا على ترك طَاعَة فنهي عَن الِاسْتِمْرَار على مَا حلف عَلَيْهِ، فَيكون النَّهْي عَن الْحلف على فعل الْمعْصِيَة بطرِيق الأولى.
ثمَّ إِنَّه أخرج هَذِه الْقطعَة من حَدِيث الْإِفْك المطول من طَرِيقين: الأول: عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله الأويسي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن صَالح بن كيسَان عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. وَالثَّانِي: عَن حجاج بن منهال عَن عبد الله بن عمر النميري بِضَم النُّون وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، نِسْبَة إِلَى