الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن أبي مُسلم الْكشِّي، ويوسف بن يَعْقُوب القَاضِي قَالَا: حَدثنَا عَمْرو بن مَرْزُوق حَدثنَا شُعْبَة
…
فَذكره مثل لفظ أبي دَاوُد سَوَاء. قَوْله: وَقَالَ سعيد، يَعْنِي ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن زُرَارَة بن أبي أوفى العامري: كَانَ يؤم الصَّلَاة فَقَرَأَ فِيهَا: {فَإِذا نقر فِي الناقور} (المدثر: 8) فشهق فَمَاتَ سنة ثَلَاث وَتِسْعين، وَهُوَ يروي عَن سعد بن هِشَام الْأنْصَارِيّ ابْن عَم أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قتل بِأَرْض مكران. وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله مُسلم عَن مُحَمَّد بن عبد الله: حَدثنَا خَالِد وَحدثنَا ابْن بشار وَحدثنَا مُحَمَّد بن بكر كِلَاهُمَا عَن سعيد بِهِ.
8056 -
حدّثني مُحَمَّدُ بنُ العَلاءِ حدّثنا أبُو أُسامَةَ عنْ بُرَيْدٍ عنْ أبي بُرْدَةَ عنْ أبي مُوسى اعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أحَبَّ لِقاءَ الله أحَبَّ الله لِقاءَهُ، ومَنْ كَرَهَ لِقاءَ الله كَرِهَ الله لِقاءَهُ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وبريد بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء مصغر برد ابْن عبد الله بن أبي بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء واسْمه الْحَارِث أَو: عَامر يروي بريد عَن جده أبي بردة، وَأَبُو بردة يروي عَن أَبِيه أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات عَن أبي بكر وَغَيره، وَهَذَا مثل حَدِيث عبَادَة غير قَوْله:(فَقَالَت عَائِشَة)
إِلَى آخِره، فَكَأَنَّهُ أوردهُ استظهاراً لصِحَّة الحَدِيث.
9056 -
حدّثنا يحْيَاى بنُ بُكَيْرٍ حدّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلَ عنِ ابنِ شهابٍ أَخْبرنِي سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ وعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ فِي رِجالٍ مِنْ أهْل العِلْمِ أنَّ عائِشَةَ زَوْجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَتْ: كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وهْوَ صَحِيحٌ (إنَّهُ: لَمْ يُقَبَضْ نَبِيٌّ. قَطُّ حتَّى يَرى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرَ) فَلمَّا نُزِلَ بِهِ ورأسُهُ عَلى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ ساعَةً ثُمَّ أفلق فأشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأعْلَى) قُلْتُ: إِذا لَا يَخْتَارُنا، وعَرَفْتُ أنَّهُ الحَدِيثُ الّذِي كَانَ يُحَدِّثُنا بِهِ. قالتْ: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأعْلى) . طابقته للتَّرْجَمَة من جِهَة اخْتِيَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم، لِقَاء الله بعد أَن خير بَين الْمَوْت والحياة فَاخْتَارَ الْمَوْت لمحبته لِقَاء الله تَعَالَى.
والْحَدِيث مضى فِي: بَاب مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ووفاته عَن مُحَمَّد بن بشار عَن غنْدر وَعَن مُسلم عَن شُعْبَة وَعَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ، وَمضى أَيْضا فِي كتاب الدَّعْوَات فِي: بَاب دُعَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم، اللَّهُمَّ الرفيق الْأَعْلَى، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سعيد بن عفير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير فِي رجال من أهل الْعلم أَن عَائِشَة
…
إِلَى آخِره.
قَوْله: (فِي رجال) أَي: فِي جملَة رجال أخر رووا ذَلِك. قَوْله: (وَهُوَ صَحِيح) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (ثمَّ يُخَيّر) على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: بَين حَيَاة الدُّنْيَا وموتها. قَوْله: (فَلَمَّا نزل بِهِ) بِضَم النُّون على صِيغَة الْمَجْهُول يَعْنِي: لما حَضَره الْمَوْت. قَوْله: (وَرَأسه) الْوَاو للْحَال. قَوْله: (غشي عَلَيْهِ) على صِيغَة الْمَجْهُول جَوَاب: لما قَوْله: (فأشخص بَصَره) أَي: رفع قَوْله: (الرفيق) مَنْصُوب بمقدر وَهُوَ نَحْو: أخْتَار أَو أُرِيد، والأعلى صفته وَهُوَ إِشَارَة إِلَى الْمَلَائِكَة أَو إِلَى:{الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين والصدقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ} (النِّسَاء: 96) قَوْله: (لَا يختارنا) بِالنّصب أَي: حِين اخْتَار مرافقة أهل السَّمَاء لَا يَبْغِي أَن يخْتَار مرافقتنا من أهل الأَرْض.
قلت: هَكَذَا أعربه الْكرْمَانِي فَلَا مَانع من أَن يكون مَرْفُوعا لِأَن معنى قَوْله: (إِذا) يَعْنِي: حينذٍ هُوَ لَا يختارنا. قَوْله: (وَعرفت أَنه) أَي: أَن الْأَمر الَّذِي حصل لَهُ هُوَ قَوْله: (الحَدِيث الَّذِي كَانَ يحدثنا بِهِ) وَهُوَ صَحِيح وَهُوَ: قَوْله: (إِنَّه لم يقبض نَبِي قطّ حَتَّى يُخَيّر) . قَوْله: (فَكَانَت تِلْكَ) أَي: تِلْكَ الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ قَوْله: (اللَّهُمَّ الرفيق الْأَعْلَى) وَهِي اسْم: كَانَت. قَوْله: (آخر كلمة) بِالنّصب: خَبَرهَا. قَوْله: (تكلم بهَا النَّبِي) صفتهَا. قَوْله: (قَوْله) مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص. أَي: أَعنِي قَوْله: اللَّهُمَّ الرفيق الْأَعْلَى.
24 -
(بابُ سَكَراتِ المَوْتِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان سَكَرَات الْمَوْت، وَهِي جمع سكرة بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْكَاف وَهِي شدَّة الْمَوْت وغمه وَغَشيتهُ، وَالسكر بِضَم السِّين حَالَة تعرض بَين الْمَرْء وعقله وَهُوَ اسْم والمصدر: سكر بفحتين يسكر سكرا، قَالَ الْجَوْهَرِي: وَقد سكر يسكر سكرا مثل: بطر يبطر بطراً، وَالِاسْم السكر بِالضَّمِّ. انْتهى: وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي الشَّرَاب وَيُطلق فِي الْغَضَب والعشق وَالنُّعَاس والغشي الناشىء عَن الْأَلَم، وَالسكر بِالْفَتْح وَسُكُون الْكَاف مصدر سكرت النَّهر أسكره سكرا إِذا سددته، وَالسكر بِفتْحَتَيْنِ نَبِيذ التَّمْر.
0156 -
حدّثني مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ مَيْمُونٍ حدّثنا عِيسى بنُ يُونُسَ عنْ عُمَرَ بنِ سَعِيد قَالَ: أَخْبرنِي ابنُ أبي مُلَيْكَةَ أنَّ أَبَا عَمْرٍ وذَكْوانَ مَوْلى عائِشَةَ أخْبرَهُ أنَّ عائِشَةَ رضي الله عنها، كانَتْ تَقُولُ: إنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أوْ عُلْبَةٌ فِيها ماءٌ، شَكَّ عُمَرُ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِما وَجْهَهُ ويَقُولُ:(لَا إلاهَ إلَاّ الله إنَّ لِلْمَوْت سَكَراتٍ)، ثُمَّ نَصِبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ:(فِي الرَّقِيقِ الأعْلى) حتَّى قُبِضَ ومالَتْ يَدُهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِن للْمَوْت سَكَرَات) وَعمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن الْمَكِّيّ، وَابْن أبي مليكَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي مليكَة بِضَم الْمِيم واسْمه زُهَيْر التَّيْمِيّ الْأَحول الْمَكِّيّ القَاضِي على عهد ابْن الزبير، وَأَبُو عَمْرو بِالْوَاو ذكْوَان بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة.
والْحَدِيث مُخْتَصر من حَدِيث أخرجه فِي الْمَغَازِي بِهَذَا الْإِسْنَاد الْمَذْكُور بعضه.
قَوْله: (ركوة) بِفَتْح الرَّاء وَهُوَ إِنَاء صَغِير من جلد يشرب فِيهِ المَاء، وَالْجمع ركاء. قَوْله:(أَو علبة) بِضَم الْعين الْمُهْملَة، قَالَ أَبُو عبيد: العلبة من الْخشب والركوة من الْجلد، وَقَالَ العسكري فِي (تلخيصه) : العلبة قدح الْأَعْرَاب يتَّخذ من جلد ويعلق بِجنب الْبَعِير، وَالْجمع علاب. وَفِي (الموعب) : لِابْنِ التياني: العلبة على مِثَال ركوة الْقدح الضخم من جلد الْإِبِل، وَعَن أبي ليلى: العلبة أَسْفَلهَا جلد وأعلاها خشب مدور لَهَا إطار كإطار المنخل والغربال وَتجمع على علب. وَفِي (الْمُحكم) : هِيَ كَهَيئَةِ الْقَصعَة من جلد لَهَا طوق من خشب. قَوْله: (شكّ عمر)، يَعْنِي: عمر بن سعيد الْمَذْكُور، وَفِي بَاب وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم: يشك عمر، بِلَفْظ الْمُضَارع، وَفِي يرواية الْإِسْمَاعِيلِيّ: شكّ ابْن أبي حُسَيْن قَوْله: (يدْخل يَدَيْهِ) من الإدخال، وَيَديه بالتثنية رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره بِالْإِفْرَادِ، وعَلى هَذَا قَوْله:(بهما) بالتثنية أَو بِالْإِفْرَادِ. قَوْله: (فِي الرفيق) أَي: أدخلني فِي جُمْلَتهمْ، أَي: اخْتَرْت الْمَوْت.
وَقَالَ أبُو عَبْدِ الله) ؛ العُلْبَةُ مِنَ الخَشَبِ، والرَّكْوَةُ مِنَ الأدَمِ
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، وَقد فسر العلبة بِمَا فسره أَبُو عبيد كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن. وَهَذَا ثَبت فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده.
98 -
(حَدثنِي صَدَقَة أخبرنَا عَبدة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رجال من الْأَعْرَاب جُفَاة يأْتونَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فيسألونه مَتى السَّاعَة فَكَانَ ينظر إِلَى أَصْغَرهم فَيَقُول إِن يَعش هَذَا لَا يُدْرِكهُ الْهَرم حَتَّى تقوم عَلَيْكُم سَاعَتكُمْ قَالَ هِشَام يَعْنِي مَوْتهمْ) يُمكن أَن يُؤْخَذ وَجه الْمُطَابقَة من قَوْله مَوْتهمْ لِأَن كل موت فِيهِ سكرة وَصدقَة هُوَ ابْن الْفضل الْمروزِي وَعَبدَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة هُوَ ابْن سُلَيْمَان وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا والْحَدِيث من أَفْرَاده وَنَظِيره حَدِيث أنس مضى فِي كتاب الْأَدَب فِي بَاب مَا جَاءَ فِي قَول الرجل وَيلك قَوْله الْأَعْرَاب هم ساكنو الْبَادِيَة من الْعَرَب الَّذين لَا يُقِيمُونَ فِي الْأَمْصَار وَلَا يدْخلُونَهَا إِلَّا لحَاجَة وَالْعرب اسْم لهَذَا الجيل الْمَعْرُوف من النَّاس وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه وَسَوَاء أَقَامَ بالبادية أَو المدن وَالنِّسْبَة إِلَيْهِمَا أَعْرَابِي وعربي وَقَالَ الْجَوْهَرِي
لَيْسَ الْأَعْرَاب جمعا لعرب كَمَا أَن الأنباط جمع لنبط إِنَّمَا الْعَرَب اسْم جنس قَوْله جفاتا بِضَم الْجِيم جمع جَاف من الْجفَاء وَهُوَ الغلظ فِي الطَّبْع لقلَّة مُخَالطَة النَّاس ويروى بِالْحَاء الْمُهْملَة جمع حاف وَهُوَ الَّذِي يمشي بِلَا شَيْء فِي رجلَيْهِ وكلا الْمَعْنيين غَالب على أهل الْبَادِيَة قَوْله ينظر إِلَى أَصْغَرهم وَفِي رِوَايَة مُسلم وَكَانَ ينظر إِلَى أحدث أَسْنَان مِنْهُم قَوْله لَا يُدْرِكهُ مجزوم لِأَنَّهُ جَوَاب الشَّرْط قَوْله " قَالَ هِشَام " يَعْنِي ابْن عُرْوَة رَاوِي الحَدِيث وَهُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور يَعْنِي فسر السَّاعَة بِالْمَوْتِ قَالَ الْكرْمَانِي يُرِيد بساعتهم مَوْتهمْ وانقراض عصرهم إِذْ من مَاتَ فقد قَامَت قِيَامَته وَكَيف وَالْقِيَامَة الْكُبْرَى لَا يعلمهَا إِلَّا الله عز وجل ثمَّ قَالَ فَإِن قلت السُّؤَال عَن الْكُبْرَى وَالْجَوَاب عَن الصُّغْرَى فَلَا مُطَابقَة قلت هُوَ من بَاب أسلوب الْحَكِيم قلت مَعْنَاهُ دعوا السُّؤَال عَن وَقت الْقِيَامَة الْكُبْرَى فَإِنَّهَا لَا يعلمهَا إِلَّا الله عز وجل واسألوا عَن الْوَقْت الَّذِي يَقع فِيهِ انْقِرَاض عصركم فَهُوَ أولى لكم لِأَن معرفتكم إِيَّاه تبعثكم على مُلَازمَة الْعَمَل الصَّالح قبل فَوته لِأَن أحدكُم لَا يدْرِي من الَّذِي يسْبق الآخر وَقيل هُوَ تَمْثِيل لتقريب السَّاعَة لَا يُرَاد بهَا حَقِيقَة قِيَامهَا أَو الْهَرم لَا حد لَهُ أَو علم صلى الله عليه وسلم َ - أَن ذَلِك الْمشَار إِلَيْهِ لَا يعمر وَلَا يعِيش -
2156 -
حدّثنا إسْماعِيلُ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ عَن مَعْبَدِ بنِ كَعْبِ بن مالِكٍ عنْ أبي قَتادَةَ بنِ رِبْعِيّ الأنْصاريِّ أنَّهُ كانَ يُحَدِّثُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنازَةٍ فَقَالَ: (مُسْتَرِيحٌ ومُسْتَراحٌ مِنَهُ) قالُوا: يَا رسولَ الله! مَا المُسْتَرِيحُ والمُسْتَراحُ مِنْهُ؟ قَالَ: (العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيا وأذاها إِلَى رَحْمَةِ الله عز وجل، والعَبْدُ الفاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العبادُ والبِلادُ والشَّجَرُ والدَّوابُ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَخذهَا من قَوْله: (يستريح من نصب الدُّنْيَا) وَمن جملَة النصب: سكرة الْمَوْت.
وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس واسْمه عبد الله الْمدنِي ابْن أُخْت مَالك بن أنس الَّذِي روى عَنهُ، وَمُحَمّد بن عَمْرو بن حلحلة بِفَتْح الحاءين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَإِسْكَان اللَّام الأولى وَلَيْسَ لَهُ عَن معبد غَيره، ومعبد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو قَتَادَة اسْمه الْحَارِث بن ربعي بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْجَنَائِز عَن قُتَيْبَة عَن مَالك بِهِ وَعَن غَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِيهِ عَن قُتَيْبَة.
قَوْله: (مر عَلَيْهِ بِجنَازَة) على صِيغَة (الْمَجْهُول) . قَوْله: (ومستراح) الْوَاو فِيهِ بِمَعْنى: أَو، أَو هِيَ للتقسيم على مَا صرح بِمُقْتَضَاهُ فِي جَوَاب سُؤَالهمْ. قَوْله:(من نصب الدُّنْيَا) النصب التَّعَب وَالْمَشَقَّة. قَوْله: (وأذاها) من عطف الْعَام على الْخَاص، وَقَالَ ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يُرَاد بِالْمُؤمنِ المتقي خَاصَّة، وَيحْتَمل كل مُؤمن، والفاجر يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْكَافِر، وَيحْتَمل أَن يدْخل فِيهِ العَاصِي، أما رَاحَة الْعباد مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ لَهُم من ظلمه، وَأما رَاحَة الْبِلَاد فَلَمَّا كَانَ من غصبهَا ومنعها من حَقّهَا وَصرف مَا يحصل مِنْهَا إِلَى غير أَهله فِي غير وَجهه، وَأما رَاحَة الشّجر فَلَمَّا كَانَ من قلعة إِيَّاهَا بِالْغَصْبِ، أَو من أَخذ ثمره كَذَلِك لَكِن الرَّاحَة هُنَا لصَاحب الشّجر وَإسْنَاد الرَّاحَة إِلَيْهِ مجَاز، وَأما رَاحَة الدَّوَابّ فَلَمَّا كَانَ من اسْتِعْمَالهَا فَوق طاقتها وَالتَّقْصِير فِي أكلهَا وشربها.
3156 -
حدّثنا مُسَدِّدٌ حَدثنَا يحْيَاى عنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيدٍ عنِ محَمَّدِ بنِ عَمْرو بنِ حَلْحَلَةَ حدّثني بنُ كَعْبٍ عَن ابي قَتَادَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مستريح ومستراح مِنْهُ الْمُؤمن يستريح
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان عَن عبد ربه بن سعيد بن قيس الْأنْصَارِيّ كَذَا وَقع هُنَا لأبي ذَر عَن شُيُوخه الثَّلَاثَة فِي رِوَايَة عنْ أبي زيد الْمروزِي، وَوَقع عِنْد مُسلم عَن عبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد. وَقَالَ الغساني: عبد ربه بن سعيد وهم، وَالصَّوَاب الْمَحْفُوظ عبد الله، وَكَذَا روه ابْن السكن عَن الْفربرِي فَقَالَ فِي رِوَايَته: عبد الله بن سعيد هُوَ
ابْن أبي هِنْد، والْحَدِيث مَحْفُوظ لَهُ لَا لعبد ربه.
قَوْله: (حَدثنِي ابْن كَعْب) هُوَ معبد بن كَعْب بن مَالك الْمَذْكُور فِي السَّنَد الأول. قَوْله: (مستريح)
إِلَى آخِره أخرجه مُخْتَصرا هَكَذَا بِدُونِ السُّؤَال وَالْجَوَاب.
4156 -
حدّثنا الحُمَيْدِيُّ حدّثنا سُفْيانُ حَدثنَا عَبْدُ الله بنُ أبي بَكْرِ بنِ عَمْرو بنِ حَزْمٍ سَمِعَ أنَسَ بنَ مالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاثَةٌ فَيَرْجِعُ اثْنانِ ويَبْقى مَعَهُ واحِدٌ، يتبَعُهُ أهْلُهُ ومالُهُ وَعَمله فَيرجع أَهله وَمَاله ويَبْقى عَمَلُهُ) .
تؤخذه مطابقته للتَّرْجَمَة من قَوْله: (يتبع الْمَيِّت) . لِأَن كل ميت يقاسي سكرة الْمَوْت.
والْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى مَنْسُوب إِلَى أحد أجداده حميد مصغر حمد وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَلَيْسَ لشيخه عبد الله بن أبي بكر عَن أنس غير هَذَا الحَدِيث.
وَأخرجه مُسلم فِي الزّهْد عَن يحيى بن يحيى وَزُهَيْر بن حَرْب. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن سُوَيْد بن نصر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرَّقَائِق عَن سُوَيْد بن نصر وَفِي الْجَنَائِز عَن قُتَيْبَة.
قَوْله: (يتبع الْمَيِّت) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين والسرخسي، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي. يتبع الْمَرْء، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني: يتبع الْمُؤمن، وَالْأول هُوَ الْمَحْفُوظ. قيل: التّبعِيَّة فِي بَعْضهَا حَقِيقَة وَفِي بَعْضهَا مجَاز فَكيف جَازَ اسْتِعْمَال لفظ وَاحِد فيهمَا؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ يجوز عِنْد الشَّافِعِيَّة ذَلِك، وَأما عِنْد غَيرهم فَيحمل على عُمُوم الْمجَاز. قَوْله:(يتبعهُ أَهله)
إِلَى آخِره توضيح قَوْله ثَلَاثَة، وَهَذَا يَقع فِي الْأَغْلَب، وَرب ميت لَا يتبعهُ إلَاّ عمله فَقَط. قَوْله:(وَمَاله) مثل رَقِيقه ودوابه على مَا جرت بِهِ عَادَة الْعَرَب. قَوْله: (وَيبقى عمله) وَمعنى بَقَاء عمله أَنه إِن كَانَ صَالحا يَأْتِيهِ فِي صُورَة رجل حسن الْوَجْه حسن الثِّيَاب حسن الرَّائِحَة فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يَسُرك، فَيَقُول: من أَنْت؟ فَيَقُول: أَنا عَمَلك الصَّالح. وَقَالَ فِي الحَدِيث فِي حق الْكَافِر: ويأتيه رجل قَبِيح الْوَجْه فَيَقُول: أَنا عَمَلك الْخَبيث. هَذَا وَقع هَكَذَا فِي حَدِيث الْبَراء بن عَازِب أخرجه أَحْمد وَغَيره.
5156 -
حدّثنا أبُو النُّعْمانِ حَدثنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ نافِعٍ عَن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِذا ماتَ أحَدُكُمْ عُرضَ علَيْهِ مَقْعَدُهُ غُدوَةَ وعَشِيا، إمَّا النَّارُ وإمَّا الجَنَّةُ، فَيُقالُ: هاذا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ) . (انْظُر الحَدِيث 9731 وطرفه) .
تُؤْخَذ مطابقته للتَّرْجَمَة من قَوْله: (إِذا مَاتَ) لِأَن الَّذِي يَمُوت لَا بُد لَهُ من سكرة الْمَوْت.
وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي الْبَصْرِيّ يُقَال لَهُ عَارِم، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (عرض عَلَيْهِ مَقْعَده) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: عرض على مَقْعَده، وَالْأول هُوَ الأَصْل وَالثَّانِي من بَاب الْقلب نَحْو: عرض النَّاقة على الْحَوْض. قَوْله: (غدْوَة وعشياً) أَي: أول النَّهَار وَآخره بِالنِّسْبَةِ إِلَى أهل الدُّنْيَا، وَالَّذِي يعرض على الْمُؤمن مقعدان يراهما جَمِيعًا. وَفَائِدَة الْعرض لِلْمُؤمنِ نوع من الْفَرح وللكافر نوع من الْعَذَاب، وَالْعرض على الرّوح حَقِيقَة وعَلى مَا يتَّصل بِهِ من الْبدن الِاتِّصَال الَّذِي يُمكن بِهِ إِدْرَاك التَّنْعِيم أَو التعذيب. وَقَالَ ابْن بطال حاكياً عَن غَيره: إِن المُرَاد بِالْعرضِ هُنَا الْإِخْبَار بِأَن هَذَا مَوضِع جزائكم على أَعمالكُم عِنْد الله، لِأَن الْعرض لَا يَقع على شَيْء فانٍ، فالعرض الَّذِي يَدُوم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة هُوَ الْعرض الَّذِي على الْأَرْوَاح خَاصَّة، وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَن حمل الْعرض على الْإِخْبَار عدُول عَن الظَّاهِر بِغَيْر مُقْتَضى لذَلِك، فَلَا يجوز الْعُدُول إلَاّ بصارفٍ يصرفهُ عَن الظَّاهِر. انْتهى.
قلت: فِيهِ نظر لِأَن الْأَبدَان تفنى وَالَّذِي يفنى حكمه حكم المعدم وَلَا يتَصَوَّر الْعرض على الْمَعْدُوم. وَقَوله: (عدُول عَن الظَّاهِر بِغَيْر مُقْتَضى، غير مُسلم لِأَن الحكم بِالظَّاهِرِ مُتَعَذر، والصارف عَن الظَّاهِر مَوْجُود وَهُوَ امْتنَاع الْعرض على الْمَعْدُوم، وَقَالَ بَعضهم: يُؤَيّد الْحمل على الظَّاهِر أَن الْخَبَر ورد على الْعُمُوم فِي الْمُؤمن وَالْكَافِر، فَلَو اخْتصَّ الْعرض بِالروحِ لم يكن للشهيد فِي ذَلِك كثير فَائِدَة لِأَن روحه منعمة جزما، كَمَا فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، وَكَذَا روح الْكَافِر معذبة فِي النَّار جزما، فَإِذا حمل على الرّوح الَّتِي لَهَا اتِّصَال بِالْبدنِ ظَهرت فَائِدَة ذَلِك فِي حق الشَّهِيد، وَفِي حق الْكَافِر أَيْضا. انْتهى.
قلت: كَون عُمُوم الْخَبَر يُؤَيّد الْحمل على الظَّاهِر غير مُسلم لما ذكرنَا. ثمَّ تَقْوِيَة ذَلِك بقوله: فَلَو اخْتصَّ