الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (وَهِي بَينه وَبَين الْقبْلَة) أَي: وَالْحَال أَن عَائِشَة بَين النَّبِي وَبَين مَوضِع سُجُوده. قَوْله: (اعْتِرَاض الْجِنَازَة) ، كَلَام إضافي مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض، أَي: كاعتراض الْجِنَازَة، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة صفة لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره، وَهِي مُعْتَرضَة بَينه وَبَين الْقبْلَة اعتراضاً كاعتراض الْجِنَازَة. وَالْمرَاد: أَنَّهَا تكون نَائِمَة بَين يَدَيْهِ من جِهَة يَمِينه إِلَى جِهَة شِمَاله، كَمَا تكون الْجِنَازَة بَين يَدي الْمُصَلِّي. والجنازة، بِكَسْر الْجِيم وَهُوَ اخْتِيَار ثَعْلَب فِي (فصيحه)، وَحكى فِي (نوادره) عَن أبي زيد: الْجِنَازَة، مَكْسُورَة الْجِيم وَلَا تفتح، وَكَذَا ذكره أَبُو عَليّ أَحْمد بن جَعْفَر الدينَوَرِي فِي كِتَابه (إصْلَاح الْمنطق)، وَحكى المطرزي عَن الْأَصْمَعِي: الْجِنَازَة والجنازة لُغَتَانِ بِمَعْنى وَاحِد، وَكَذَا قَالَه كرَاع فِي (الْمُنْتَخب) وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْجِنَازَة النعش، والجنازة الْمَيِّت. وَفِي (الصِّحَاح) : الْعَامَّة تَقول: الْجِنَازَة، بِالْفَتْح وَالْمعْنَى: الْمَيِّت على السرير، وَفِي (شرح الفصيح) لِابْنِ عَليّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن المرزوقي: الْجِنَازَة اسْم المتوفي فِي الأَصْل. وَقَالَ بَعضهم، بِفَتْح الْجِيم فِي الْمُتَوفَّى، وَقَالَ الْخَلِيل: الْجِنَازَة بِكَسْر الْجِيم: السرير، يَعْنِي سَرِير الْمَيِّت. وَقَالَ أَبُو جَعْفَر: لَا يُقَال للْمَيت جَنَازَة حَتَّى يكون على نعش، وَلَا يُقَال للنعش جَنَازَة حَتَّى يكون عَلَيْهَا ميت. وَفِي (الْمُحكم) : جنز الشَّيْء يجنزه جنزاً: ستره، وَقَالَ ابْن دُرَيْد عَن قوم: إِن اشتقاق الْجِنَازَة من ذَلِك، قَالَ: وَلَا أَدْرِي مَا صِحَّته، وَقد قيل: هُوَ نبطي.
32 -
(بابٌ السُّجُودِ عَلى الثَّوْبِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان سُجُود الْمُصَلِّي على طرف ثَوْبه مثل كمه وذيله لأجل شدَّة الْحر، وَلَفظ: الْحر، لَيْسَ بِقَيْد، لِأَن حكم الْبرد كَذَلِك. وَإِنَّمَا ذكر مُوَافقَة للفظ الحَدِيث.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة.
وَقَالَ الحَسَنُ كانَ القَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلى العِمَامَةِ وَالقَلَنْسَوَةِ وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ.
مُطَابقَة هَذَا الْأَثر للتَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة إلَاّ بالتعسف، لِأَن التَّرْجَمَة فِي السُّجُود على الثَّوْب، وَهَذَا لَا يُطلق على الْعِمَامَة، وَلَا على القلنسوة، وَلَكِن كَانَ هَذَا الْبَاب والأبواب الثَّلَاثَة الَّتِي قبله فِي السُّجُود على غير وَجه الأَرْض، بل كَانَ على شَيْء هُوَ على الأَرْض، وَهُوَ أَعم من أَن يكون حَصِيرا أَو خمرة أَو فراشا أَو عِمَامَة أَو قلنسوة أَو نَحْو ذَلِك، فبهذه الْحَيْثِيَّة تدخل الْعِمَامَة والقلنسوة فِي الْبَاب؛ وَالْحسن هُوَ: الْبَصْرِيّ، وَأَرَادَ بالقوم الصَّحَابَة، والقلسنوة: غشاء مبطن تلبس على الرَّأْس. قَالَه الْقَزاز فِي (شرح الفصيح) وَعَن ابْن خالويه: الْعَرَب تسمي القلنسوة برنساً. وَفِي (التَّلْخِيص) لأبي هِلَال العسكري: الْبُرْنُس: القلنسوة الواسعة الَّتِي تغطى بهَا العمائم، تستر من الشَّمْس والمطر. وَفِي (الْمُحكم) : هِيَ من ملابس الرؤوس مَعْرُوف. وَقَالَ ابْن هِشَام فِي (شَرحه) : هِيَ الَّتِي تَقول لَهَا الْعَامَّة الشاشية، وَذكر ثَعْلَب فِي (فصيحه) لُغَة أُخْرَى وَهِي: القليسية، بِضَم الْقَاف وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء وَكسر
السِّين وَفتح الْيَاء وَفِي آخِره هاه، وَفِي (الْمُحكم) : وَعِنْدِي أَن قليسية لَيست بلغَة، وَإِنَّمَا هِيَ مصغرة، وَفِي (شرح الْغَرِيب) لِابْنِ سَيّده: وَهِي قلنساة وقلساة، وَجَمعهَا: قلانس وقلاسي وقلنس وقلونس، ثمَّ يجمع على: قلنس، وَفِيه قلب حَيْثُ جعل الْوَاو قبل النُّون، وَعَن يُونُس: أهل الْحجاز يَقُولُونَ: قلنسية، وَتَمِيم يَقُولُونَ: قلنسوة. وَفِي (شرح المرزوقي) : قلنست الشَّيْء إِذا غطيته.
قَوْله: (ويداه فِي كمه)، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين. وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(وَيَديه فِي كمه)، وَجه الأول أَن: يَدَاهُ، كَلَام إضافي مُبْتَدأ، وَقَوله: فِي كمه، خَبره وَالْجُمْلَة حَال، وَالتَّقْدِير: ويدا كل وَاحِد فِي كمه، فلأجل ذَلِك قَالَ: ويداه فِي كمه، وَذَلِكَ لِأَن الْمقَام يَقْتَضِي أَن يُقَال: وأيديهم فِي أكمامهم، وَوجه الثَّانِي: أَن: يَدَيْهِ، مَنْصُوب بِفعل مُقَدّر تَقْدِيره: وَيجْعَل كل وَاحِد يَدَيْهِ فِي كمه، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن الْحسن قَالَ:(إِن أَصْحَاب النَّبِي كَانُوا يَسْجُدُونَ وأيديهم فِي ثِيَابهمْ، وَيسْجد الرجل مِنْهُم على قلنسوته وعمامته) .
وَأخرجه أَيْضا عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه عَن هِشَام بن حسان عَن الْحسن نَحوه. وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن هشيم عَن يُونُس: (عَن الْحسن أَنه كَانَ يسْجد فِي طيلسانه) . وَأخرجه عَن مُحَمَّد بن عدي: (عَن حميد: رَأَيْت الْحسن يلبس أنبجانيا فِي الشتَاء وَيُصلي فِيهِ وَلَا يخرج يَدَيْهِ) . وَكَانَ عبد الرَّحْمَن بن زيد يسْجد على كور عمَامَته، وَكَذَلِكَ الْحسن وَسَعِيد بن الْمسيب وَبكر بن عبد ا، وَمَكْحُول وَالزهْرِيّ وَعبد ابْن أبي أوفى وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد، وَكَانَ عبَادَة بن الصَّامِت وَعلي بن أبي طَالب وَابْن عمر وَأَبُو عُبَيْدَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَابْن سِيرِين وَمَيْمُون بن مهْرَان وَعُرْوَة بن الزبير وَعمر بن عبد الْعَزِيز وجعدة بن هُبَيْرَة يكْرهُونَ السُّجُود على الْعِمَامَة، وَذكر مُحَمَّد بن أسلم الطوسي فِي كِتَابه (تَعْظِيم قدر الصَّلَاة) : عَن خَلاد بن يحيى عَن عبد ابْن المحرز عَن يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة: (أَن النَّبِي سجد على كور عمَامَته) . قَالَ ابْن أسلم: هَذَا سَنَد ضَعِيف.
58315 -
ح دّثنا أبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ قَالَ حدّثنا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ قَالَ حدّثني غالِبٌ القَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أنَس بنِ مالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبيِّ فيضَعُ أحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ منْ شِدَّةِ الحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ. (الحَدِيث 583 طرفاه فِي: 245، 8021) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة، ذكرُوا، و: بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة: ابْن الْمفضل، بِضَم الْمِيم وَفتح الْفَاء وَتَشْديد الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة: الرقاشِي، بِفَتْح الرَّاء: العثماني، كَانَ يُصَلِّي كل يَوْم أَرْبَعمِائَة رَكْعَة. وغالب، بالغين الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام: ابْن خطَّاف، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَبِفَتْحِهَا وَتَشْديد الطَّاء الْمُهْملَة: الْقطَّان، بِالْقَافِ.
ذكر لطائف إِسْنَاده وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي أبي الْوَلِيد، وَفِي بشر وبالإفراد فِي غَالب عِنْد الْأَكْثَرين. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم بصريون. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: حِكَايَة قَول الصَّحَابِيّ عَمَّا يَفْعَله، وَالنَّبِيّ يُشَاهِدهُ وَلَا يُنكره، فَيكون تقريراً مِنْهُ. فَإِن قلت: كَانَ أنس خلف النَّبِي؟ قلت: مَا كَانَ يخفى عَلَيْهِ شَيْء من أَحْوَال من كَانَ خَلفه فِي الصَّلَاة، لِأَنَّهُ قد كَانَ يرى من خَلفه كَمَا يرى من قدامه، فَيكون قَول الصَّحَابِيّ، كُنَّا نَفْعل كَذَا من قبيل الْمَرْفُوع، وَلَا سِيمَا اتّفق الشَّيْخَانِ على تَخْرِيج هَذَا الحَدِيث فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَغَيرهمَا كَذَلِك.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن مُسَدّد، وَعَن مُحَمَّد بن مقَاتل. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن مُحَمَّد عَن ابْن الْمُبَارك، وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: (فَيَضَع أَحَدنَا) جملَة معطوفة على قَوْله: (كُنَّا نصلي) . قَوْله: (طرف ثَوْبه)، كَلَام إضافي مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول: يضع، وَفِي رِوَايَة مُسلم وَأبي دَاوُد:(بسط ثَوْبه فَسجدَ عَلَيْهِ) . وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: (كُنَّا إِذا صلينَا خلف رَسُول الله بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الْحر) . وَعند ابْن أبي شيبَة: (كُنَّا نصلي مَعَ النَّبِي فِي شدَّة الْحر وَالْبرد فَيسْجد على ثَوْبه) .
ذكر مَا يستنبط مِنْهُ احْتج بِهِ أَبُو حنيفَة وَمَالك، وَأحمد وَإِسْحَاق على جَوَاز السُّجُود على الثَّوْب فيشدة الْحر وَالْبرد، وَهُوَ قَول عمر بن الْخطاب، رَضِي اتعالى عَنهُ، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة من حَدِيث إِبْرَاهِيم قَالَ: (صلى