الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَجْهُول من الْإِضْمَار، يُقَال: ضمر الْفرس، بِالْفَتْح وأضمرته أَنا والضمر، بِضَم الضَّاد وَسُكُون الْمِيم: الهزال، وَكَذَلِكَ الضمور، وتضمير الْفرس أَن يعلف حَتَّى يسمن ثمَّ يردهُ إِلَى الْقُوت، وَذَلِكَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَفِي (النِّهَايَة) : وتضمير الْخَيل هُوَ أَن تظاهر عَلَيْهَا الْعلف حَتَّى تسمن ثمَّ لَا تعلف إلَاّ قوتاً لتخف. وَقيل: تشد عَلَيْهَا سروجاً وتجلل بالأجلة حَتَّى تعرق تحتهَا فَيذْهب رهلها ويشتد لَحمهَا. قَوْله: رهلها، بِفَتْح الرَّاء وَالْهَاء وباللام، من رهل لَحْمه، بِالْكَسْرِ: اضْطربَ واسترخى، قَالَه الْجَوْهَرِي، والمضمر الَّذِي يضمر خيله لغزو أَو سباق، والمضمار الْموضع الَّذِي يضمر فِيهِ الْخَيل، وَتَكون وقتا للأيام الَّتِي يضمر فِيهَا.
قَوْله: (من الحفياء) ، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء وبالياء آخر الْحُرُوف وَالْألف الممدودة، وَقدم بَعضهم الْيَاء على الْفَاء، وَهُوَ اسْم مَوضِع بَينه وَبَين ثنية الْوَدَاع خَمْسَة أَمْيَال أَو سِتَّة أَو سَبْعَة، وثنية الوادع عِنْد الْمَدِينَة سميت بذلك لِأَن الْخَارِج من الْمَدِينَة يمشي مَعَه المودعون إِلَيْهَا، والثنية: لُغَة الطَّرِيقَة إِلَى الْعقبَة، فَاللَّام فِيهِ للْعهد. قَوْله:(وأمدها) الأمد، بِفَتْح الْهمزَة وَفتح الْمِيم: الْغَايَة. قَوْله: (بني زُرَيْق) ، بِضَم الزَّاي الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره قَاف، وَبَنُو زُرَيْق ابْن عَامر حَارِثَة بن غضب بن جشم بن الْخَزْرَج. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَبَنُو زُرَيْق بطن من الْخَوَارِج قلت: تَفْسِيره بِهَذَا هُنَا غلط، وَالصَّحِيح هُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ. قَوْله:(وَأَن عبد ا) ، يجوز أَن يكون مقول عبد اللَّه بن عمر بطرِيق الْحِكَايَة عَن نَفسه باسمه على لفظ الْغَيْبَة، كَمَا تَقول عَن نَفسك: العَبْد فعل كَذَا، وَيجوز ان يكون مقول نَافِع قَوْله:(بهَا) أَي: بِالْخَيْلِ أَو بِهَذِهِ الْمُسَابقَة.
ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: فِيهِ: جَوَاز الْمُسَابقَة بَين الْخُيُول وَجَوَاز تضميرها وتمرينها على الجري، وإعدادها لذَلِك لينْتَفع بهَا عِنْد الْحَاجة فِي الْقِتَال كراً وفراً، وَهَذَا إِجْمَاع، وَعَن الشَّافِعِيَّة أَنَّهَا سنة، وَقيل: مُبَاح، وَكَانَت الْجَاهِلِيَّة يفعلونها فأقرها الْإِسْلَام، وَلَا يخْتَص جَوَازهَا بِالْخَيْلِ، خلافًا لقوم، والْحَدِيث مَحْمُول على مَا إِذا كَانَ بِغَيْر رهان، وَالْفُقَهَاء شرطُوا فِيهَا شُرُوطًا مِنْهَا: جَوَاز الرِّهَان من جَانب وَاحِد، وَمن الْجَانِبَيْنِ قمار إلَاّ بِمُحَلل، وَقد علم فِي مَوْضِعه، وَلَيْسَ فِي الحَدِيث دلَالَة على جَوَاز ذَلِك وَلَا على مَنعه. وَقَالَ ابْن التِّين: إِنَّه سَابق بَين الْخَيل على حلل أَتَتْهُ من الْيمن، فَأعْطى السَّابِق ثَلَاث حلل وَأعْطى الثَّانِي حلتين وَالثَّالِث حلَّة وَالرَّابِع دِينَارا، وَالْخَامِس درهما، وَالسَّادِس فضَّة. وَقَالَ:(بَارك افيك. وَفِي كلكُمْ وَفِي السَّابِق والفسكل) . قلت: الفسكل، بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة بَينهمَا وَفِي آخِره اللَّام: وَهُوَ الَّذِي يَجِيء فِي الجلبة آخر الْخَيل.
وَفِيه: تجويع الْبَهَائِم على وَجه الصّلاح وَلَيْسَ من بَاب التعذيب. وَفِيه: بَيَان الْغَايَة وَمِقْدَار أمدها. وَفِيه: جَوَاز إِضَافَة الْمَسْجِد إِلَى بانيه وَإِلَى مصلَ فِيهِ، كَمَا ذكرنَا، وَكَذَلِكَ تجوز إِضَافَة أَعمال الْبر إِلَى أَرْبَابهَا ونسبتها إِلَيْهِم وَلَيْسَ فِي ذَلِك تَزْكِيَة لَهُم.
24 -
(بابُ الْقِسْمَةِ وتعلْيقِ الْقِنْوِ فِي الْمَسْجِد)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قسْمَة الشَّيْء فِي الْمَسْجِد يَعْنِي: يجوز لِأَنَّهُ فعلهَا كَمَا فِي حَدِيث الْبَاب. قَوْله: (فِي الْمَسْجِد) ، يتَعَلَّق بِالْقِسْمَةِ. (وَتَعْلِيق القنو) عطف على الْقِسْمَة.
والمناسبة بَين هَذِه الْأَبْوَاب ظَاهِرَة لِأَنَّهَا فِي أَحْكَام تتَعَلَّق بِالْمَسْجِدِ.
قَالَ أبُو عَبْدِ اللَّه القِنْوُ العِزْقُ والإِثْنَانِ قِنْوَانِ وَالجمَاعَةُ أيْضاً قُنْوَانٌ مثْلُ صِنْوٍ وصِنْوَانٍ.
أَبُو عبد اللَّه هُوَ: البُخَارِيّ نَفسه، وَفسّر القنو بالعذق، والقنو، بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون النُّون. وَقَالَ ابْن سَيّده: القنو والقنا الكياسة، والقنا بِالْفَتْح لُغَة فِيهِ عَن أبي حنيفَة، وَالْجمع فِي كل ذَلِك أقناء وقنوان وقنيان. وَفِي (الْجَامِع) : فِي القنوان لُغَتَانِ، بِكَسْر الْقَاف وَضمّهَا، وكل الْعَرَب تَقول: قنو وقنو فِي الْوَاحِد. قَوْله: (العذق) بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة: هُوَ كالعنقود للعنب، والعذق، بِفَتْح الْعين: النَّخْلَة. قَوْله: (والاثنان قنوان)، على وزن: فعلان، بِكَسْر الْفَاء، وَكَذَلِكَ الْجمع هَذَا الْوَزْن؟ فَإِن قلت: فَبِأَي شَيْء يفرق بَين التَّثْنِيَة وَالْجمع؟ قلت: بِسُقُوط النُّون فِي التَّثْنِيَة عِنْد الْإِضَافَة وثبوتها فِي الْجمع، وبكسرها فِي التَّثْنِيَة وإعرابها فِي الْجمع. قَوْله:(مثل صنو) يَعْنِي: فِي الحركات والسكنات، وَفِي التَّثْنِيَة وَالْجمع، والصنو هُوَ: النخلتان أَو ثَلَاثَة تخرج من أصل وَاحِدَة، وكل وَاحِد مِنْهُنَّ صنو، والإثنان صنْوَان، بِكَسْر النُّون، الْجمع: صنْوَان بإعرابها، وَالْبُخَارِيّ لم يذكر جمعه لظُهُوره من الأول.
(وَقَالَ إِبْرَاهِيم يَعْنِي ابْن طهْمَان عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس رضي الله عنه قَالَ أُتِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بِمَال من الْبَحْرين فَقَالَ انثروه فِي الْمَسْجِد وَكَانَ أَكثر مَال أُتِي بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - إِلَى الصَّلَاة وَلم يلْتَفت إِلَيْهِ فَلَمَّا قضى الصَّلَاة جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَمَا كَانَ يرى أحدا إِلَّا أعطَاهُ إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاس فَقَالَ يَا رَسُول الله أَعْطِنِي فَإِنِّي فاديت نَفسِي وفاديت عقيلا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - خُذ فَحَثَا فِي ثَوْبه ثمَّ ذهب يقلهُ فَلم يسْتَطع فَقَالَ يَا رَسُول الله مر بَعضهم يرفعهُ إِلَيّ قَالَ لَا قَالَ فارفعه أَنْت عَليّ قَالَ لَا فنثر مِنْهُ ثمَّ ذهب يقلهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله اؤمر بَعضهم يرفعهُ عَليّ قَالَ لَا قَالَ فارفعه أَنْت عَليّ قَالَ لَا فنثر مِنْهُ ثمَّ احتمله فَأَلْقَاهُ على كَاهِله ثمَّ انْطلق فَمَا زَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يتبعهُ بَصَره حَتَّى خَفِي علينا عجبا من حرصه فَمَا قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وثمة مِنْهَا دِرْهَم) هَذَا تَعْلِيق من البُخَارِيّ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ ذكره البُخَارِيّ عَن إِبْرَاهِيم وَهُوَ ابْن طهْمَان فِيمَا أَحسب بِغَيْر إِسْنَاد يَعْنِي تَعْلِيقا وَفِي بعض الرِّوَايَة قَالَ إِبْرَاهِيم بِغَيْر ذكر أَبِيه وَالْأول هُوَ الْأَصَح وطهمان بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء ابْن شُعْبَة الْخُرَاسَانِي أَبُو سعيد مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة بِمَكَّة وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا مُعَلّقا فِي الْجِهَاد وَفِي الْجِزْيَة وَقَالَ الْحَافِظ الْمزي هَكَذَا هُوَ فِي البُخَارِيّ إِبْرَاهِيم غير مَنْسُوب وَذكره أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي وَخلف الوَاسِطِيّ فِي تَرْجَمَة عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عمر بن مُحَمَّد بن بجير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْجِيم وَنسبَة عمر إِلَى جده البجيري فِي صَحِيحه من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس وَقيل أَنه عبد الْعَزِيز بن رفيع وَقد روى أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه حَدِيثا من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن أنس " تسحرُوا فَإِن فِي السّحُور بركَة " وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ حَدِيثا من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن عبيد بن عُمَيْر عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا حَدِيث " لَا يحل دم امرىء مُسلم إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاث " الحَدِيث فَيحْتَمل أَن يكون هَذَا وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا وَالله أعلم أَيهمَا هُوَ وَقَالَ بَعضهم قَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف قيل أَنه عبد الْعَزِيز بن رفيع وَلَيْسَ بِشَيْء (قلت) قَوْله لَيْسَ بِشَيْء رَاجع إِلَى قَوْله صَاحب هَذَا القيل لِأَن الْمزي قَالَ بِالِاحْتِمَالِ كَمَا ذكرنَا ثمَّ إِن هَذَا الْمُعَلق وَصله أَبُو نعيم الْحَافِظ حَدثنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن يزِيد حَدثنَا أَحْمد بن حَفْص بن عبد الله بن رَاشد حَدثنِي أبي حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن عبد الْعَزِيز يَعْنِي ابْن صُهَيْب عَن أنس قَالَ " أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بِمَال من الْبَحْرين " الحَدِيث (فَإِن قلت) التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على شَيْئَيْنِ أَحدهمَا الْقِسْمَة فِي الْمَسْجِد وَالْآخر تَعْلِيق القنو فِيهِ وَلَيْسَ فِي حَدِيث الْبَاب إِلَّا مَا يُطَابق الْجُزْء الأول (قلت) ذكر أَبُو مُحَمَّد بن قُتَيْبَة فِي غَرِيب الحَدِيث تأليفه فِي هَذَا أَنه لما خرج رأى أقناء معلقَة فِي الْمَسْجِد وَكَانَ أَمر بَين كل حَائِط بقنو يعلق فِي الْمَسْجِد ليَأْكُل مِنْهُ من لَا شَيْء لَهُ وَقَالَ ثَابت فِي كتاب الدَّلَائِل وَكَانَ عَلَيْهَا على عَهده صلى الله عليه وسلم َ - معَاذ بن جبل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ انْتهى وَمن عَادَة البُخَارِيّ الإحالة على أصل الحَدِيث وَمَا أشبهه والمناسبة بَينهمَا أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا وضع فِي الْمَسْجِد للأخذ مِنْهُ لَا للادخار وَعدم الْتِفَات النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - إِلَيْهِ اسْتِقْلَالا للدنيا وَمَا فِيهِ فَسقط بِمَا ذكرنَا قَول ابْن بطال فِي عدم ذكر البُخَارِيّ حَدِيثا فِي تَعْلِيق القنو أَنه أغفله وَكَذَلِكَ سقط كَلَام ابْن التِّين أنساه (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - " بِضَم الْهمزَة على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " بِمَال من الْبَحْرين " وَقد تعين المَال فِيمَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة من طَرِيق حميد مُرْسلا أَنه كَانَ مائَة ألف وَأَنه أرسل بِهِ الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ من خراج الْبَحْرين قَالَ
وَهُوَ أول خراج حمل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَقد روى البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي من حَدِيث عمر بن عَوْف " أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - صَالح أهل الْبَحْرين وَأمر عَلَيْهِم الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ وَبعث أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح إِلَيْهِم فَقدم أَبُو عُبَيْدَة بِمَال فَسمِعت الْأَنْصَار بقدومه " الحَدِيث (فَإِن قلت) ذكر الْوَاقِدِيّ فِي الرِّدَّة أَن رَسُول الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ بِالْمَالِ هُوَ الْعَلَاء بن حَارِثَة الثَّقَفِيّ (قلت) يحْتَمل أَنه كَانَ رَفِيق أبي عُبَيْدَة فاختصر فِي رِوَايَة الْوَاقِدِيّ عَلَيْهِ (فَإِن قلت) فِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ " أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ لَهُ لَو جَاءَ مَال الْبَحْرين أَعطيتك " وَفِيه " فَلم يقدم مَال الْبَحْرين حَتَّى مَاتَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - " فَهَذَا معَارض لحَدِيث الْبَاب (قلت) لَا مُعَارضَة لِأَن المُرَاد أَنه لم يقدم فِي السّنة الَّتِي مَاتَ فِيهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّهُ كَانَ مَال خراج أَو جِزْيَة فَكَانَ يقدم من سنة إِلَى سنة وَأما الْبَحْرين فَهُوَ تَثْنِيَة بَحر فِي الأَصْل وَهِي بَلْدَة مَشْهُورَة بَين الْبَصْرَة وعمان وَهِي هجر وَأَهْلهَا عبد الْقَيْس بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أَسد بن ربيعَة بن نزار بن معد بن عدنان وَقَالَ القَاضِي عِيَاض قيل بَينهَا وَبَين الْبَصْرَة أَرْبَعَة وَثَمَانُونَ فرسخا. وَقَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ لما صَالح أَهله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - أَمر عَلَيْهِم الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ وَزعم أَبُو الْفرج فِي تَارِيخه أَنَّهَا رِيبَة وَأَن ساكنيها معظمهم مطحولون وَأنْشد
(وَمن يسكن الْبَحْرين يعظم طحاله
…
ويغبط بِمَا فِي جَوْفه وَهُوَ ساغب)
وَزعم ابْن سعد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - لما انْصَرف من الْجِعِرَّانَة يَعْنِي بعد قسْمَة غَنَائِم حنين أرسل الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ إِلَى الْمُنْذر بن سَاوَى الْعَبْدي وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ يَدعُوهُ إِلَى الْإِسْلَام فَكتب إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بِإِسْلَامِهِ وتصديقه قَوْله " انثروه " أَي صبوه قَوْله " إِلَيْهِ " أَي إِلَى المَال الَّذِي قدم قَوْله " إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاس " وَهُوَ عَم النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - ابْن عبد الْمطلب وَكلمَة إِذْ ظرف فِي الْغَالِب وَالْعَامِل فِيهِ يجوز أَن يكون قَوْله فَجَلَسَ إِلَيْهِ وَيجوز أَن يكون قَوْله يرى قَوْله " فاديت نَفسِي " يَعْنِي يَوْم بدر حَيْثُ أَخذ أَسِيرًا وفاديت من المفاداة يُقَال فاداه يفاديه إِذا أعْطى فداءه وأنقذ نَفسه وَقَالَ فدى وأفدى وفادى ففدى إِذا أعْطى المَال لخلاص غَيره وفادى إِذا افتك الْأَسير بأسير مثله لخلاص نَفسه وأفدى إِذا أعْطى المَال قَوْله " وفاديت عقيلا " بِفَتْح الْعين وَهُوَ ابْن أبي طَالب وَكَانَ هُوَ أَيْضا أسر يَوْم بدر مَعَ عَمه الْعَبَّاس قَوْله " فَحثى " بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة والثاء الْمُثَلَّثَة وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الْعَبَّاس يُقَال حثوت لَهُ إِذا أَعْطيته شَيْئا يَسِيرا قَوْله " فِي ثَوْبه " أَي فِي ثوب الْعَبَّاس قَوْله " يقلهُ " بِضَم الْيَاء من الإقلال وَهُوَ الرّفْع وَالْحمل قَوْله " فَلم يسْتَطع " أَي حمله قَوْله " مر بَعضهم يرفعهُ عَليّ " أَي مر بعض الْحَاضِرين يرفع المَال الَّذِي أَخَذته وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ لم يسْتَطع حمله (فَإِن قلت) مَا وزن مر (قلت) عل لِأَن الْمَحْذُوف مِنْهُ فَاء الْفِعْل لِأَن أَصله اؤمر لِأَنَّهُ من أَمر يَأْمر مَهْمُوز الْفَاء فحذفت همزَة الْكَلِمَة لِاجْتِمَاع المثلين فِي أول الْكَلِمَة الْمُؤَدِّي إِلَى الاستثقال فَبَقيَ أَمر فاستغنى عَن همزَة الْوَصْل لتحرك مَا بعْدهَا فحذفت فَصَارَ مر على وزن عل وَفِي رِوَايَة اؤمر على الأَصْل قَوْله " يرفعهُ " بياء الْمُضَارع وَالضَّمِير الْمُسْتَتر فِيهِ يرجع إِلَى الْبَعْض والبارز إِلَى المَال الَّذِي جثاه الْعَبَّاس فِي ثَوْبه وَيجوز فِيهِ الرّفْع والجزم أما الرّفْع فعلى الِاسْتِئْنَاف وَالتَّقْدِير هُوَ يرفعهُ وَأما الْجَزْم فعلى أَنه جَوَاب الْأَمر ويروى بِرَفْعِهِ بِالْبَاء الْمُوَحدَة (فَإِن قلت) كَيفَ مَا أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بإعانته فِي الرّفْع وَلَا أَعَانَهُ بِنَفسِهِ (قلت) زجرا لَهُ عَن الاستكثار من المَال وَأَن لَا يَأْخُذ إِلَّا قدر حَاجته أَو لينبهه على أَن أحدا لَا يحمل عَن أحد شَيْئا قَوْله " فَأَلْقَاهُ " أَي الْعَبَّاس على كَاهِله والكاهل مَا بَين الْكَتِفَيْنِ قَوْله " يتبعهُ بَصَره " بِضَم الْيَاء من الِاتِّبَاع أَي لم يزل صلى الله عليه وسلم َ - يتبع الْعَبَّاس بَصَره حَتَّى خَفِي عَلَيْهِ وَذَلِكَ تَعَجبا من حرصه وَهُوَ معنى قَوْله عجبا من حرصه وانتصابه على أَنه مفعول مُطلق من قبيل مَا يجب حذف عَامله وَيجوز أَن يكون مَنْصُوبًا على أَنه مفعول لَهُ قَوْله " وثمة " بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة أَي هُنَالك وَقَوله " دِرْهَم " مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله مِنْهَا مقدما وَالْجُمْلَة وَقعت حَالا وَالْمَقْصُود مِنْهُ إِثْبَات الْقيام عِنْد انْتِفَاء الدِّرْهَم إِذْ الْحَال قيد للمنفي لَا للنَّفْي وَالْمَجْمُوع مُنْتَفٍ بِانْتِفَاء الْقَيْد لانْتِفَاء الْمُقَيد وَإِن كَانَ ظَاهره نفي الْقيام حَال ثُبُوت الدِّرْهَم (ذكر مَا يستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام) مِنْهَا أَن الْقِسْمَة إِلَى الإِمَام على قدر اجْتِهَاده. وَمِنْهَا مَا قَالَه ابْن بطال أَن الْعَطاء لأحد الْأَصْنَاف الثَّمَانِية الَّذين ذكرهم الله فِي كِتَابه دون غَيرهم لِأَنَّهُ أعْطى الْعَبَّاس لما شكى إِلَيْهِ من الْغرم وَلم يسوه فِي الْقِسْمَة مَعَ الثَّمَانِية الْأَصْنَاف فَلَو قسم ذَلِك على التَّسَاوِي لما أعْطى الْعَبَّاس بِغَيْر مكيال وَلَا ميزَان وَقَالَ الْكرْمَانِي لَا يَصح هَذَا الْكَلَام لِأَن الثَّمَانِية هِيَ