الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بابُ المرُورِ فِي المَسْجِدِ)
أَي: هَذَا بَاب بَيَان جَوَاز الْمُرُور بِالنَّبلِ فِي الْمَسْجِد إِذا أمسك نصاله. وَفِي هَذِه التَّرْجَمَة نوع قُصُور على مَا لَا يخفى.
254211 -
حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ قَالَ حدّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حدّثنا أبُو بُرْدَةَ بنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ عنْ أبِيهِ عنِ النبيِّ قَالَ مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ منْ مَسَاجِدِنا أوْ أسْواقِنَا بِنَبْلٍ فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِها لَا يَعْقِرْ بَكَفِّهِ مُسْلِماً. (الحَدِيث 254 طرفه فِي: 5707) .
وَجه مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (من مر) ، فَإِنَّهُ صرح فِيهِ بِلَفْظ الْمُرُور، وَجعله شرطا، ورتب عَلَيْهِ الْجَزَاء، وَهُوَ قَوْله:(فليأخذ) ، فَدلَّ هَذَا على جَوَاز الْمُرُور فِي الْمَسْجِد بنبل يَأْخُذ نصاله، وَبِهَذَا يحصل الْجَواب عَن سُؤال الْكرْمَانِي، حَيْثُ قَالَ: فَإِن قلت: مَا وَجه تَخْصِيص هَذَا الحَدِيث يَعْنِي حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ بِهَذَا الْبَاب، وَهُوَ قَوْله: بَاب الْمُرُور فِي الْمَسْجِد، وَتَخْصِيص الحَدِيث السَّابِق يَعْنِي حَدِيث جَابر الْمَذْكُور بِالْبَابِ السَّابِق وَهُوَ قَوْله: بَاب يَأْخُذ بنصول النبل إِذا مر فِي الْمَسْجِد، أَن كلاًّ من الْحَدِيثين يدل على كل من الترجمتين؟ وَتَقْرِير الْجَواب: هُوَ أَنه نظر إِلَى لفظ الرَّسُول حَيْثُ لم يكن فِي الأول لفظ الْمُرُور، فِي لفظ الرَّسُول، وَفِي الثَّانِي ذكره مَقْصُودا بِالْوَجْهِ الَّذِي ذَكرْنَاهُ.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة. الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي، وَقد مر فِي بَاب كتاب الْوَحْي. الثَّانِي: عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، بِكَسْر الزَّاي الْمُعْجَمَة بعْدهَا الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَقد مر فِي بَاب الْجِهَاد من الْإِيمَان. الثَّالِث: أَبُو بردة، بِضَم، الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء، واسْمه: بريد، مصغر برد ضد الْحر: ابْن عبد ا. الرَّابِع: أَبُو بردة الثَّانِي، واسْمه: عَامر، وَهُوَ جد أبي بردة الأول. الْخَامِس: أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ واسْمه: عبد ابْن قيس.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: السماع فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: رِوَايَة الرَّاوِي عَن جده وَهُوَ أَبُو بردة الأول يروي عَن أبي بردة الثَّانِي، وَهُوَ جده، كَأَنَّهُ قَالَ: سَمِعت جدي يروي عَن أَبِيه. وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن أَبِيه الصَّحَابِيّ، وَهُوَ رِوَايَة أبي بردة. الثَّانِي: عَن أَبِيه أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وكوفي.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن عَن أبي كريب عَن أبي أُسَامَة وَأخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن أبي كريب وَأبي عَامر عبد ابْن أبي براد الْأَشْعَرِيّ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن أبي كريب فِي الْجِهَاد. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَدَب عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن أبي أُسَامَة بِهِ.
ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه. قَوْله: (من مر)، كلمة: من، مَوْصُولَة تَضَمَّنت معنى الشَّرْط فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء، وَخَبره هُوَ. قَوْله:(فليأخذ) . قَوْله: (أَو أسواقنا) كلمة؛ أَو، للتنويع من الشَّارِع وَلَيْسَت للشَّكّ من الرَّاوِي. قَوْله:(بنبل) ، الْبَاء، فِيهِ للمصاحبة مَعْنَاهُ: من مر مصاحباً للنبل، وَلَيْسَت: الْبَاء، فِيهِ مثل: الْبَاء فِي قَوْلك: بزيد، فَإِنَّهَا للإلصاق. قَوْله:(على نصالها) ضمنت كلمة الْأَخْذ هُنَا معنى الاستعلاء للْمُبَالَغَة فعديت بعلى، وإلَاّ فَالْوَجْه أَن يعدى الْأَخْذ: بِالْبَاء. قَوْله: (لَا يعقر) أَي: لَا يجرح، وَهُوَ مَرْفُوع، وَيجوز الْجَزْم نظرا إِلَى أَنه جَوَاب الْأَمر. قَوْله:(بكفه) : الْبَاء، فِيهِ تتَعَلَّق بقوله:(فليأخذ) لَا بقوله: (لَا يعقر) فَإِن الْعقر بالكف لَا يتَصَوَّر، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ:(فليأخذ على نصالها بكفه لَا يعقر مُسلما) . وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن يُرَاد مِنْهُ كف النَّفس أَي: لَا يعقر بكفه نَفسه عَن الْأَخْذ أَي: لَا يجرح بِسَبَب تَركه أَخذ النصال مُسلما. قلت: لَا يبعد هَذَا الِاحْتِمَال، وَلَكِن الأول رَاجِح وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة مُسلم من حَدِيث أبي أُسَامَة:(فليمسك على نصالها بكفه أَن يُصِيب أحدا من الْمُسلمين) . وَله من طَرِيق ثَابت عَن أبي بردة: (فليأخذ بنصالها) ثمَّ ليَأْخُذ بنصالها، ثمَّ ليَأْخُذ بنصالها) . [/
بشر
86 -
(بابُ الشِّعْرِ فِي المَسْجِدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الشّعْر فِي الْمَسْجِد، وَفِي بعض النّسخ بَاب إنشاد الشّعْر فِي الْمَسْجِد.
354311 -
ح دّثنا أبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بنُ نافِعٍ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَن الزهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي أبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوفٍ أنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بنَ ثابِتٍ الأَنْصَارِيَّ يَسْتَشْهدُ أَبَا هُرَيْرَةَ أنْشُدُكَ اللَّهَ هلْ سَمِعْتَ النبيَّ يَقُولُ يَا حَسَّانُ أجِبْ عنْ رَسولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ نَعَمْ. (الحَدِيث 354 طرفاه فِي: 2123، 2516) .
مطابقته للتَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة هَهُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ صَرِيحًا أَنه كَانَ فِي الْمَسْجِد، والترجمة هُوَ الشّعْر فِي الْمَسْجِد، وَلَكِن البُخَارِيّ روى هَذَا الحَدِيث فِي كتاب بَدْء الْخلق وَفِيه التَّصْرِيح أَنه كَانَ فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ: حدّثنا عَليّ بن عبد احدّثنا سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب، قَالَ:(مر عمر رَضِي اتعالى عَنهُ، فِي الْمَسْجِد وَحسان ينشد، فلحظ إِلَيْهِ. قَالَ: كنت أنْشد فِيهِ وَفِيه من هُوَ خير مِنْك، ثمَّ الْتفت إِلَى أبي هُرَيْرَة فَقَالَ: أنْشدك با أسمعته، يَقُول: أجب عني، اللَّهُمَّ أيده بِروح الْقُدس؟ قَالَ: نعم) . وهما حَدِيث وَاحِد، وَيُقَال: إِن الشّعْر الْمُشْتَمل على الْحق مَقْبُول بِدَلِيل دُعَاء النَّبِي، لحسان على شعره، فَإِذا كَانَ كَذَلِك لَا يمْنَع فِي الْمَسْجِد كَسَائِر الْكَلَام المقبول، وَمُرَاد البُخَارِيّ من وضع هَذِه التَّرْجَمَة هُوَ الْإِشَارَة إِلَى جَوَاز الشّعْر المقبول فِي الْمَسْجِد، والْحَدِيث يدل على هَذَا بِهَذَا الْوَجْه، فَيَقَع التطابق بَين الحَدِيث والترجمة لَا محَالة.
فَإِن قلت: لم يَصح سَماع أبي سَلمَة وَلَا سَماع سعيد من عمر، وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ لما أنكرهُ عمر على حسان. قلت: الْأَمر كَذَلِك، لَكِن يحمل ذَلِك على أَن سعيداً سمع ذَلِك من أبي هُرَيْرَة بعد، أَو سمع ذَلِك من حسان، أَو وَقع لحسان استشهاد أبي هُرَيْرَة مرّة أُخْرَى، فَحَضَرَ ذَلِك سعيد، وَيُؤَيّد هَذَا سِيَاق حَدِيث الْبَاب، فَإِن فِيهِ: إِن أَبَا سَلمَة سمع حسانا يستشهد أَبَا هُرَيْرَة، وَأَبُو سَلمَة لم يدْرك زمن مُرُور عمر أَيْضا فَإِنَّهُ أَصْغَر من سعيد، فَدلَّ على تعدد الاستشهاد. غَايَة مَا فِي الْبَاب هُنَا أَن يكون سعيد أرسل قصَّة الْمُرُور ثمَّ سمع بعد ذَلِك استشهاد حسان لأبي هُرَيْرَة وَهُوَ مَرْفُوع مَوْصُول بِلَا تردد.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة. الأول: أَبُو الْيَمَان، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: شُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَاسم أبي حَمْزَة: دِينَار الْحِمصِي. الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. الرَّابِع: أَبُو سَلمَة، وَهَؤُلَاء تقدمُوا فِي بَاب كتاب الْوَحْي. الْخَامِس: حسان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن الْحَرَام، ضد الْحَلَال، الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، شَاعِر رَسُول ا، من فحول شعراء الْإِسْلَام والجاهلية، وعاش كل وَاحِد مِنْهُم مائَة وَعشْرين سنة وَقَالَ أَبُو نعيم: لَا يعرف فِي الْعَرَب أَرْبَعَة تَنَاسَلُوا من صلب وَاحِد واتفقت مدد أعمارهم هَذَا الْقدر غَيرهم، وعاش حسان فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ سنة وَفِي الْإِسْلَام كَذَلِك، مَاتَ سنة خمسين بِالْمَدِينَةِ. فَإِن قلت: هُوَ منصرف أَو غير منصرف قلت: إِن كَانَ مشتقاً من: الْحسن، فَهُوَ منصرف، وَإِن كَانَ من: الْحس، فَغير منصرف. فَافْهَم. السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة، وَقد تكَرر ذكره.
فَإِن قلت: هَذَا الحَدِيث يعد من مُسْند حسان أَو من مُسْند أبي هُرَيْرَة؟ قلت: لم يذكر أَبُو مَسْعُود والْحميدِي وَغَيرهمَا أَن لحسان بن ثَابت رِوَايَة فِي هَذَا الحَدِيث، وَلَا ذكرُوا لَهُ حَدِيثا مُسْندًا، وَإِنَّمَا أوردوا هَذَا الحَدِيث فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة، وَخَالف خلف فَذكره فِي مُسْند حسان، وَأَنه روى عَن النَّبِي، هَذَا الحَدِيث، وَذكر فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة أَن البُخَارِيّ أخرجه فِي الصَّلَاة عَن أبي الْيَمَان، وَذكر ابْن عَسَاكِر لحسان حديثين مسندين: أَحدهمَا هَذَا، وَذكر أَنه فِي (سنَن أبي دَاوُد) من طَرِيق سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: وَلَيْسَ فِي حَدِيثه استشهاد حسان بِهِ، وَأَنه فِي النَّسَائِيّ مرّة بالاستشهاد، وَمرَّة من حَدِيث سعيد عَن عمر بِعَدَمِهِ، ثمَّ أوردهُ فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة رَضِي اتعالى عَنهُ، من طَرِيق أبي سَلمَة عَنهُ. وَفِي كتاب (من عَاشَ مائَة وَعشْرين) لِابْنِ مَنْدَه: من حَدِيث عبيد ابْن عبد اعن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: مر عمر رَضِي اتعالى عَنهُ، بِحسان
…
. الحَدِيث، وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: وَسَعِيد لم يَصح سَمَاعه من عمر، وَإِن كَانَ سمع ذَلِك من حسان فمتصل.
ذكر لطائف إِسْنَاده. فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، وَكَذَلِكَ الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: السماع فِي موضِعين. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين حمصي ومدني.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه
البُخَارِيّ أَيْضا فِي بَدْء الْخلق عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَفِي الْأَدَب أَيْضا عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن أَخِيه أبي بكر، وَفِيه أَيْضا عَن أبي الْيَمَان، كَمَا أخرجه هَهُنَا. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن يحيى وَعمر بن مُحَمَّد النَّاقِد، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن عبد ابْن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ عَن أبي الْيَمَان بِهِ، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن رَافع وَعبد بن حميد، ثَلَاثَتهمْ عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بِهِ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي خلف، وَأحمد بن عَبدة، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن أَحْمد بن صَالح عَن عبد الرَّزَّاق بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة، وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن مَنْصُور فرقهما، كِلَاهُمَا عَن مَنْصُور عَن سُفْيَان بِهِ، وَأخرجه أَيْضا عَن خَمْسَة أنفس، وَأخرجه أَيْضا فِي الْقَضَاء عَن مُحَمَّد بن عبد ابْن بزيغ عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن شُعْبَة عَن عدي بن ثَابت عَن الْبَراء بن عَازِب عَن حسان بن ثَابت قَالَ: قَالَ لي رَسُول ا: (أهجهم أَو: هاجهم) ، يَعْنِي الْمُشْركين، (وجبرائيل مَعَك) ، رَوَاهُ سُفْيَان بن حبيب عَن شُعْبَة فَجعله من مُسْند الْبَراء رَضِي اتعالى عَنهُ.
ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه قَوْله: (يستشهد أَبَا هُرَيْرَة) أَي: يطْلب مِنْهُ الشَّهَادَة. ومحلها النصب على الْحَال من حسان، فَإِن قيل: لَا بُد فِي الشَّهَادَة من نِصَاب فَكيف ثَبت غَرَض حسان بِشَهَادَة أبي هُرَيْرَة فَقَط؟ أُجِيب: بِأَن هَذِه رِوَايَة حكم شَرْعِي، ويكتفى فِيهَا عدل وَاحِد. وَأطلق الشَّهَادَة على سَبِيل التَّجَوُّز لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة إِخْبَار، فَيَكْفِي فِيهِ عدل وَاحِد، كَمَا بَين ذَلِك فِي مَوْضِعه. قَوْله:(أنْشدك ا)، بِفَتْح الْهمزَة وَضم الشين: مَعْنَاهُ سَأَلتك با. قَالَ الْجَوْهَرِي: نشدت فلَانا أنْشدهُ نشداً إِذا قلت لَهُ: نشدتك ا، أَي: سَأَلتك با، كَأَنَّك ذكرته، إِيَّاه، فنشد أَي تذكر. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: يُقَال: نشدتك اوأنشدك اوبا، وناشدتك اأي: سَأَلتك وَأَقْسَمت عَلَيْك، ونشدته نشدة ونشداناً ومناشدة، وتعديته إِلَى مفعولين إِمَّا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة دَعَوْت، حَيْثُ قَالُوا: نشدتك اوبا، كَمَا قَالُوا: دَعَوْت زيدا وبزيد، أَو لأَنهم ضمنوه معنى ذكرت. وَأما: أنشدتك با فخطأ.
قَوْله: (أجب عَن رَسُول ا) وَفِي رِوَايَة سعيد: (أجب عني)، وَمعنى الأول: أجب الْكفَّار عَن جِهَة رَسُول ا، وَلَفظ: جِهَة، مُقَدّر، وَيجوز أَن يضمن: أجب معنى: إدفع، وَالْمعْنَى: إدفع عَن رَسُول ا. وَيحْتَمل أَن يكون الأَصْل رِوَايَة سعيد، وَهِي: أجب عني، ثمَّ نقل حسان ذَلِك بِالْمَعْنَى. وَزَاد فِيهِ لَفْظَة؛ رَسُول ا، تَعْظِيمًا لَهُ، وَيحْتَمل أَن تكون تِلْكَ لَفْظَة رَسُول ا، بِعَيْنِه لأجل المهابة وتقوية لداعي الْمَأْمُور، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فَإِذا عزمت فتوكل على ا} (آل عمرَان: 951) وكما يَقُول الْخَلِيفَة: أَمِير الْمُؤمنِينَ يرسم لَك، لِأَن فِيهِ تَعْظِيمًا لَهُ، وتقوية للْمَأْمُور ومهابة بِخِلَاف، قَوْله؛ أَنا أرسم. وَالْمرَاد بالإجابة: الرَّد على الْكفَّار الَّذين هجوا رَسُول ا.
قَوْله: (اللَّهُمَّ أيده) هَذَا دُعَاء من رَسُول ا، لحسان، دَعَا لَهُ بالتأييد، وَهُوَ الْقُوَّة على الْكفَّار. قَوْله:(بِروح الْقُدس) : الْبَاء: فِيهِ تتَعَلَّق بقوله: أيده، وَالْمرَاد: بِروح الْقُدس، هُنَا جِبْرِيل عليه السلام، يدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث الْبَراء بِلَفْظ: وَجِبْرِيل مَعَك. والقدس، بِضَم الْقَاف وَالدَّال بِمَعْنى: الطُّهْر، وَسمي جِبْرِيل بذلك لِأَنَّهُ خلق من الطُّهْر. وَقَالَ كَعْب: الْقُدس الرب، عز وجل، وَمعنى: روح الْقُدس روح ا، وَإِنَّمَا سمي بِالروحِ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِالْبَيَانِ عَن اتعالى فتحيي بِهِ الْأَرْوَاح. وَقيل: معنى الْقُدس الْبركَة، وَمن أَسمَاء اتعالى: القدوس، أَي: الطَّاهِر المنزه عَن الْعُيُوب والنقائص، وَمِنْه الأَرْض المقدسة، وَبَيت الْمُقَدّس، لِأَنَّهُ الْموضع الَّذِي يتقدس فِيهِ، أَي: يتَطَهَّر فِيهِ من الذُّنُوب.
ذكر مَا يستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام الأول: فِيهِ الدّلَالَة على أَن الشّعْر الْحق لَا يحرم فِي الْمَسْجِد، وَالَّذِي يحرم فِيهِ مَا فِيهِ الخناء والزور وَالْكَلَام السَّاقِط، يدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مصححاً من حَدِيث عَائِشَة:(كَانَ رَسُول الله ينصب لحسان منبراً فِي الْمَسْجِد فَيقوم عَلَيْهِ ويهجو الْكفَّار) . فَإِن قلت: روى ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه عَن عبد ابْن سعيد حدّثنا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن ابْن عجلَان عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: (نهى رَسُول الله عَن تناشد الْأَشْعَار فِي الْمَسَاجِد)، وَحسنه الحافظان: الطوسي وَالتِّرْمِذِيّ، وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث صَدَقَة بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن عبد االشعبي عَن زفر بن وثيمة عَن حَكِيم بن حزَام مَرْفُوعا:(نهى النَّبِي أَن يستقاد فِي الْمَسْجِد، وَأَن تنشد فِيهِ الْأَشْعَار، وَأَن تُقَام فِيهِ الْحُدُود) . وروى عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) من حَدِيث ابْن الْمُنْكَدر: عَن أسيد بن عبد الرَّحْمَن: (أَن شَاعِرًا جَاءَ
النَّبِي وَهُوَ فِي الْمَسْجِد، قَالَ: أنْشدك يَا رَسُول ا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: بلَى، فَقَالَ لَهُ النَّبِي: فَاخْرُج من الْمَسْجِد، فَخرج فأنشده فَأعْطَاهُ رَسُول الله ثوبا) . وَقَالَ: هَذَا بدل مَا مدحت بِهِ رَبك. قلت: أما حَدِيث عَمْرو: فَمنهمْ من يَقُول: إِنَّه صحيفَة، حَتَّى قَالَ ابْن حزم: لَا يَصح هَذَا، لَكِن يَقُول: من يصحح نسخته يصحح حَدِيثه. وَأما حَدِيث حَكِيم بن حزَام فَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الأشبيلي: إِنَّه حَدِيث ضَعِيف. وَقَالَ ابْن الْقطَّان: لم يبين أَبُو مُحَمَّد من أمره شَيْئا، وعلته الْجَهْل بِحَال زفر، فَلَا يعرف. قلت: أما زفر فَإِنَّهُ لَيْسَ كَمَا قَالَ، بل حَاله مَعْرُوفَة. قَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ: سَأَلت يحيى عَنهُ، فَقَالَ: ثِقَة، وَذكره ابْن حبَان فِي (كتاب الثِّقَات) ، وَصحح لَهُ الْحَاكِم حَدِيثا عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة. وَأما حَدِيث أسيد فَفِي سَنَده ابْن أبي يحيى شيخ الشَّافِعِي. وَفِيه كَلَام شَدِيد، وَقد جمع ابْن خُزَيْمَة فِي (صَحِيحه) بَين الشّعْر الْجَائِز إنشاده فِي الْمَسْجِد وَبَين الْمَمْنُوع من إنشاده فِيهِ. وَقَالَ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فِي (كتاب الْمَسَاجِد) : نهى عَن تناشد أشعار الْجَاهِلِيَّة والمبطلين فِيهِ، فَأَما أشعار الْإِسْلَام والمحقين فواسع غير مَحْظُور.
وَقد اخْتلف الْعلمَاء أَيْضا فِي جَوَاز إنشاد الشّعْر مُطلقًا، فَقَالَ الشّعبِيّ وعامر بن سعد البَجلِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين وَسَعِيد بن الْمسيب وَالقَاسِم وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَأَبُو عبيد: لَا بَأْس بإنشاد الشّعْر الَّذِي لَيْسَ فِيهِ هجاء، وَلَا نكب عرض أحد من الْمُسلمين، وَلَا فحش. وَقَالَ مَسْرُوق بن الأجدع وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَسَالم بن عبد اولحسن الْبَصْرِيّ وَعَمْرو بن شُعَيْب: تكره رِوَايَة الشّعْر وإنشاده، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث عمر بن الْخطاب عَن رَسُول الله قَالَ:(لِأَن يمتلىء جَوف أحدكُم قَيْحا خير لَهُ من أَن يمتلىء شعرًا) . وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار والطَّحَاوِي، وروى مُسلم عَن سعد بن أبي وَقاص عَن النَّبِي قَالَ:(لِأَن يمتلىء جَوف أحدكُم قَيْحا يرِيه خير من أَن يمتلىء شعرًا) . وَأخرجه ابْن ماجة أَيْضا، وَأخرجه البُخَارِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي نَحْو رِوَايَة ابْن أبي شيبَة، وَأخرجه مُسلم أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة نَحْو رِوَايَته عَن سعد، وَأخرجه أَيْضا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا عَن عَوْف بن مَالك عَن النَّبِي، وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي، وَأجَاب الْأَولونَ عَن هَذَا وَقَالُوا: إِنَّمَا هَذِه الْأَحَادِيث وَردت على خَاص من الشّعْر، وَهُوَ أَن يكون فِيهِ فحش وخناء، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ: المُرَاد بِهِ الشّعْر الَّذِي هجي بِهِ النَّبِي، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الَّذِي فِيهِ عِنْدِي غير ذَلِك، لِأَن مَا هجي بِهِ رَسُول الله لَو كَانَ شطر بَيت لَكَانَ كفرا، وَلَكِن وَجهه عِنْدِي أَن يمتلىء قلبه حَتَّى يغلب عَلَيْهِ فيشغله عَن الْقُرْآن وَالذكر. قيل: فِيمَا قَالَه أَبُو عُبَيْدَة نظر، لِأَن الَّذين هجوا النَّبِي كَانُوا كفَّارًا، وهم فِي حَال هجوهم موصوفون بالْكفْر من غير هجو، غَايَة مَا فِي الْبَاب: قدلازاد كفرهم وطغيانهم بهجوهم، وَالَّذِي قَالَه الشّعبِيّ أوجه. قلت: قَالَ الطَّحَاوِيّ: قَالَ قوم: لَو كَانَ إريد بذلك مَا هجي بِهِ رَسُول الله من الشّعْر لم يكن لذكر الامتلاء معنى، لِأَن قَلِيل ذَلِك وَكَثِيره كفر، وَلَكِن ذكر الامتلاء لَيْسَ فِيمَا دونه. قَالُوا: فَهُوَ عندنَا على الشّعْر الَّذِي يمْلَأ الْجوف فَلَا يكون فِيهِ قُرْآن وَلَا تَسْبِيح وَلَا غَيره، فأ مَا من كَانَ فِي جَوْفه الْقُرْآن وَالشعر مَعَ ذَلِك، فَلَيْسَ مِمَّن امْتَلَأَ جَوْفه شعرًا، فو خَارج من قَول رَسُول ا:(لِأَن يمتلىء جَوف أحدكُم قَيْحا يرِيه خير لَهُ من أَن يمتلىء شعرًا) . وَقَالَ أَبُو عبد الْملك: كَانَ حسان ينشد الشّعْر فِي الْمَسْجِد فِي أول الْإِسْلَام، وَكَذَا لعب الْحَبَش فِيهِ، وَكَانَ الْمُشْركُونَ إِذْ ذَاك يدخلونه، فَلَمَّا كمل الْإِسْلَام زَالَ ذَلِك كُله. قلت: أَشَارَ بذلك إِلَى النّسخ، وَلم يُوَافقهُ أحد على ذَلِك. قَوْله:(قَيْحا) نصب على التَّمْيِيز، وَهُوَ: الصّديق الَّذِي يسيل من الدمل وَالْجرْح، قَوْله:(يرِيه) من الوري، وَهُوَ الدَّاء يُقَال: ورى يوري فَهُوَ موري إِذا أصَاب جَوْفه الدَّاء وَقَالَ الْجَوْهَرِي: وروى الْقَيْح جَوْفه يرِيه ورياً: أكله، وَقَالَ قوم: مَعْنَاهُ حَتَّى يُصِيب ريته. قلت: فِيهِ نظر.
الثَّانِي من الْأَحْكَام: جَوَاز الاستنصار من الْكفَّار. قَالَ الْعلمَاء: يَنْبَغِي أَن لَا يبْدَأ الْمُشْركُونَ بالسب والهجاء مَخَافَة من سبهم الْإِسْلَام وَأَهله، قَالَ تَعَالَى:{وَلَا تسبوا الَّذين يدعونَ من دون افيسبوا اعدواً} (الْأَنْعَام: 801) ولتنزيه أَلْسِنَة الْمُسلمين عَن الْفُحْش، إلَاّ أَن تَدْعُو إِلَى ذَلِك ضَرُورَة كابتدائهم بِهِ، فَكيف إِذا هم أَو نَحوه كَمَا فعله.
الثَّالِث: فِيهِ اسْتِحْبَاب الدُّعَاء لمن قَالَ شعرًا، مثل قصَّة حسان.
الرَّابِع: فِيهِ الدّلَالَة على فَضِيلَة حسان رَضِي اتعالى عَنهُ.
96 -
(بابُ أصْحَابِ الحِرَابِ فِي المَسْجِدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز دُخُول أَصْحَاب الحراب فِي الْمَسْجِد، وَالْمرَاد من أَصْحَاب الحراب هُنَا هم الَّذين يتشاققون بِالسِّلَاحِ كالحراب وَنَحْوهَا للاشتداد وَالْقُوَّة على الْحَرْب مَعَ أَعدَاء الدّين، وَقَالَ الْمُهلب: الْمَسْجِد مَوْضُوع لأمر جمَاعَة الْمُسلمين، وكل مَا كَانَ من الْأَعْمَال الَّتِي تجمع مَنْفَعَة الدّين وَأَهله واللعب بالحراب من تدريب الْجَوَارِح على مَعَاني الحروب فَهُوَ جَائِز فِي الْمَسْجِد وَغَيره، و: الحراب، بِكَسْر الْحَاء: جمع حَرْبَة، كالقصاع: جمع قَصْعَة. والحراب، أَيْضا مصدر من: حَارب يحارب محاربة وحراباً، وَالْمرَاد هُنَا الأول.
454411 -
ح دّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزَّبِيْرِ أنَّ عائِشَةَ قالَتْ لَقَدْ رَأيْتُ رسولَ اللَّهِ يَوْماً عَلَى بابِ حُجْرَتِي والحَبَشةُ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ ورسولُ اللَّهِ يَسْتُرُني بِرِدَائِهِ أنْظُرُ إلَى لَعِبِهِمْ. زَاد إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر حَدثنَا ابْن وهب أَخْبرنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - والحبشة يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " والحبشة يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ "(ذكر رِجَاله) وهم تِسْعَة. الأول عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى أَبُو الْقَاسِم الْقرشِي العامري الْمدنِي. الثَّانِي إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. الثَّالِث صَالح بن كيسَان أَبُو مُحَمَّد مؤدب ولد عمر بن عبد الْعَزِيز. الرَّابِع مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. السَّادِس إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحزَامِي مر فِي كتاب الْعلم وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ. السَّابِع عبد الله بن وهب. الثَّامِن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي. التَّاسِع عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي موضِعين والعنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع وَفِيه أَن عبد الْعَزِيز من أَفْرَاد البُخَارِيّ وَفِيه ثَلَاثَة من التَّابِعين وهم صَالح وَابْن شهَاب وَعُرْوَة وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين مدنِي ومصري وأيلي وَفِيه أَن قَوْله زَاد ابْن الْمُنْذر يحْتَمل التَّعْلِيق قَالَه الْكرْمَانِي (قلت) هُوَ تَعْلِيق بِلَا احْتِمَال وَقد وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق عُثْمَان بن عمر عَن يُونُس وَالَّذِي زَاده هُوَ لفظ " بِحِرَابِهِمْ "(ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي مَنَاقِب قُرَيْش وَأخرجه مُسلم فِي الْعِيدَيْنِ أَيْضا عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح (ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه) قَوْله " لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " أَي وَالله لقد أَبْصرت فهم معنى الْقسم من اللَّام وَلَفْظَة قد اللَّتَان تدلان على التَّأْكِيد وَرَأَيْت بِمَعْنى أَبْصرت فَلذَلِك اقْتصر على مفعول وَاحِد قَوْله " يَوْمًا " نصب على الظّرْف قَوْله " والحبشة يَلْعَبُونَ " جملَة حَالية والحبشة والحبش جنس من السودَان مَشْهُور قَوْله " وَرَسُول الله يسترني " جملَة حَالية أَيْضا وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ بعد نزُول الْحجاب قَوْله " أنظر " أَيْضا جملَة حَالية قَوْله " إِلَى لعبهم " بِفَتْح اللَّام وَكسر الْعين وبكسر اللَّام وَسُكُون الْعين قَوْله " زَاد " فعل مَاض وفاعله ابْن الْمُنْذر وَهُوَ فَاعل قَالَ أَيْضا ومفعوله الَّذِي زيد هُوَ قَوْله " بِحِرَابِهِمْ " كَمَا ذكرنَا (ذكر مَا يستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام) فِيهِ جَوَاز اللّعب بالحراب فِي الْمَسْجِد على الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي أول الْبَاب وَحكى ابْن التِّين عَن أبي الْحسن اللَّخْمِيّ أَن اللّعب بالحراب فِي الْمَسْجِد مَنْسُوخ بِالْقُرْآنِ وَالسّنة أما الْقُرْآن فَقَوله تَعَالَى {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع} وَأما السّنة فِي حَدِيث وَاثِلَة بن الْأَسْقَع الَّذِي أخرجه ابْن ماجة " جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ " ورد بِأَن الحَدِيث ضَعِيف وَلَيْسَ فِيهِ وَلَا فِي الْآيَة تَصْرِيح بِمَا ادَّعَاهُ وَلَا عرف التَّارِيخ حَتَّى يثبت النّسخ. وَفِيه جَوَاز النّظر إِلَى اللّعب الْمُبَاح وَقَالَ الْكرْمَانِي وَقد يُمكن أَن يكون ترك النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - عَائِشَة لتنظر إِلَى لعبهم لتضبط السّنة فِي ذَلِك