المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب التَّيَمُّم)

- ‌(بابُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاء ولَا تُرَاباً)

- ‌(بابُ التَّيمُّمِ فِي الحَضَرِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الماءَ وَخافَ فَوْتَ الصَّلاة)

- ‌(بَاب المُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا)

- ‌(بابٌ التَّيَمُّمُ لِلْوَجْهِ وَالكفَّيْنِ)

- ‌(بابٌ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ المُسْلِمِ يَكْفِيهِ مِنَ الْماءِ)

- ‌(بَاب إِذَا خافَ الجُنُبُ على نَفْسِهِ المَرَضَ أَوَ المَوْتَ أوْ خَافَ الْعَطَشَ تيمَّم)

- ‌(بابُ التَيَمُّمِ ضَرْبَةً)

- ‌بَاب

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ فُرِضَتِ الصَّلواتُ فِي الإسْراءِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الثِّيَابِ)

- ‌(بابُ عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى القَفَا فِي الصَّلاةِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ فَلْيَجْعَلْ عَلَى عاتِقَيْهِ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ الثَّوْبُ ضَيِّقاً)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي الْجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ)

- ‌(بابُ كرَاهِيَةِ التعرِّي فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِها)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي القَمِيصِ والسَّرَاوِيلِ والتُّبَّانِ والقَبَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يَسْتُرُ مِنَ الْعَوْرَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بغَيْرِ رِدَاءٍ)

- ‌(بابُ مَا يُذْكَرُ فِي الفَخِذِ)

- ‌(بابٌ فِي كَمْ تصَلِّي المَرْأةُ مِنَ الثِّيابِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى فِي ثَوْب لهُ أعْلَامٌ وَنَظَر إِلَى عَلَمِها)

- ‌(بابٌ إنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أوْ تصَاوِيرَ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَمَا يُنْهَى منْ ذَلِكَ

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى فِي فَرُّوجِ حَرِيرٍ ثُمَّ نَزَعَهُ)

- ‌(بابُ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الأحْمَرِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي السُّطُوحِ وَالمِنْبَرِ والخَشَب)

- ‌(بابٌ إذَا أصابَ ثَوْبُ المصَلِّي امْرَأَتَهُ إذَا سَجَدَ)

- ‌(بابُ الصَّلاةِ عَلَى الحَصِيرِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلى الفِرَاشِ)

- ‌(بابٌ السُّجُودِ عَلى الثَّوْبِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي النعالِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي الخِفَافِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُتِم السُّجُودَ)

- ‌(بابٌ يُبْدِي ضَبْعَيْهِ ويُجَافِي فِي السجُودِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)

- ‌(بابُ قِبْلَةِ أهْلِ المَدِينةِ وأهْلِ الشَّأَمِ والمَشْرِقِ لَيْسَ فِي المَشْرِقِ ولَا فِي المَغْرِبِ قِبْلَة)

- ‌(بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى}

- ‌(بابُ التَّوَجُّهِ نَحْوَ القِبْلَةِ حَيْث كانَ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي القِبْلَةِ وَمَنْ لَا يَرَى الإِعادَةَ عَلى منْ سَهَا فَصَلَّى إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ)

- ‌(بابُ حَكِّ البُزَاقِ بِاليَدِ مِنَ المَسْجِدِ)

- ‌(بَاب حَكِّ المُخَاطِ بِالحَصَى مِنَ المَسْجِدِ)

- ‌(بابٌ لَا يَبْصُقْ عنْ يَمِينِهِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ لِيَبْزُقْ عنْ يَسَارِهِ أوْ تحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى)

- ‌(بابُ كَفَّارَةِ البُزَاقِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(حدّثنا آدَمُ قا حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدّثنا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ قَالَ قَالَ النبيُّ (البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وكَفَّارَتُها دَفْنُها)

- ‌(بابُ دَفْنِ النُّخَامَةِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابٌ إِذَا بَدَرَهُ البُزَاقُ فَلْيَأْخُذْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ)

- ‌(بَاب عِظَةِ الإمامِ النَّاسَ فِي إتْمَامِ الصَّلاةِ وذِكْرِ القِبْلَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُقالُ مَسْجِدُ بَنِي فلَانٍ)

- ‌(بابُ الْقِسْمَةِ وتعلْيقِ الْقِنْوِ فِي الْمَسْجِد)

- ‌(بابُ مَنْ دَعا لِطَعَامٍ فى المَسْجِدِ وَمَنْ أجابَ مِنه)

- ‌(بابُ القَضاء واللِّعَانِ فِي المَسْجِدِ بَيْنَ الرِّجال والنِّساء)

- ‌(بابٌ إذَا دَخَلَ بَيْتاً يُصَلِّى حَيْثُ شاءَ أوْ حَيْثُ أمِرَ ولَا يَتَجَسَّسُ)

- ‌(بابُ المَسَاجِدِ فِي البُيُوتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الجَاهِليَّةِ وَيُتَّخَذُ مَكانُهَا مَسَاجِدَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي مَوَاضِعِ الإِبِلِ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَو نارٌ أَو شَيْءٌ مِمَّا يُعْبَد فَأَرَادَ بهِ وَجْهَ الله تَعَالَى)

- ‌(بابُ كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي المَقَابِرِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي مَوَاضِعِ الخَسْفِ وَالعَذَابِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي البِيعَةِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ قوْلِ النَّبيِّ جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً)

- ‌(بابُ نَوْمِ المَرْأةِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ نَوْمِ الرِّجَالِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إذَا قَدِمَ منْ سَفَرٍ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إذَا قَدِمَ منْ سَفَرٍ)

- ‌(بَاب إذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المسْجِدَ فَليرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَن يَجْلِسَ)

- ‌(بابُ الحَدَثِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بُنْيَانِ المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ التَّعَاوُنِ فِي بِنَاءِ المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الأَسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ والصُّنَّاعِ فِي أعْوَادِ المِنْبَرِ وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَنَى مَسْجِداً)

- ‌(بابٌ يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الشِّعْرِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بَاب ذكر البيع وَالشِّرَاء على الْمِنْبَر فِي الْمَسْجِد)

- ‌(بابُ التقاضِي والمُلَازَمَة فيِ المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ كَنْسِ المَسْجِدِ والْتِقَاطِ الخِرَقِ والقَذَى وَالعِيدَانِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ تحْرِيمِ تِجَارَةِ الخَمْرِ فِي المسْجِدِ)

- ‌(بابُ الخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الأَسِيرِ أَو الغَرِيمِ يُرْبَطُ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الإِغْتِسَالِ إِذَا أسْلَمَ وَرَبْطِ الأَسِيرِ أَيْضاً فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الخَيْمَةِ فِي المَسْجِدِ لِلْمَرْضَى وَغَيْرِهِمْ)

- ‌(بابُ إدْخال البَعِيرِ فِي المَسجِدِ لِلْعِلَّةِ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ الخَوْخَةِ وَالمَمَرِّ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ دُخولِ المُشْرِكِ المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الحِلَقِ وَالْجُلُوسِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الاسْتِلْقَاءِ فِي المَسْجِدِ وَمَدِّ الرِّجْلِ)

- ‌(بابُ المَسْجِدِ يَكُونُ فِي الطرِيقِ منْ غَرِ ضَرَرٍ بِالنَّاسِ)

- ‌(بابُ الصلَاةِ فِي مَسْجِدِ السُّوقِ)

- ‌(بَاب تَشْبِيكِ الأصَابِعِ فِي المَسْجِدِ وغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ المَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى طُرُقِ المَدِينَةِ وَالمَوِاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيها النبيُّ)

- ‌(بابٌ سُتْرَةُ الإِمامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بابُ قَدْرِ كِمْ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بابُ الصَلَاةِ إلَى الحَرْبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إِلَى العَنَزَةِ)

- ‌(بابُ السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وغَيْرِها)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إلىَ الاسطُوَانَةِ

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فَي غَيْرِ جَمَاعَةٍ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ والبَعَيرِ والشَّجَرِ والرَّحْلِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إِلَى السَّرِيرِ)

- ‌(بابٌ يِرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ إثْمِ المَارِ بَيْنَ يَدَيِ المصَلِّي)

- ‌(بابُ اسْتِقْبالِ الرَّجُلِ وَهُوَ يُصَلِّي)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ منْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ)

- ‌(بابٌ منْ حَمَلَ جَارِيَةً صَغِيرَةً على عُنقِهِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى إلَى فِرَاشٍ فِيهِ حائِضٌ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ السُّجُودِ لِكَيْ يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المَرْأة تَطْرَحُ عَنِ المُصَلّى شَيْئاً مِنَ الأَذَى)

الفصل: ‌(باب إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)

فَوَجَدته على بَاب الْمَسْجِد، قَالَ: الْآن قدمت؟ قلت: نعم، قَالَ: فَادْخُلْ فصل رَكْعَتَيْنِ. قلت: هَذَا فِي الْحَقِيقَة وَجه التَّرْجَمَة على مَا ذَكرْنَاهُ، وَلكنه اقْتصر على مُجَرّد النَّقْل وَلم يوفِ حق الْكَلَام. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَلَيْسَ فِيهِ مَا بوب عَلَيْهِ هَذَا لِأَن لقَائِل أَن يَقُول: إِن جَابِرا لم يقدم من سفر لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يشْعر بذلك. قلت: هَذَا الْكَلَام عَجِيب، وَكَيف هَذَا والْحَدِيث مُخْتَصر من مطول وَفِيه التَّصْرِيح بقدومه من السّفر؟ وَقد جرت عَادَة البُخَارِيّ فِي مثل هَذَا على الإحالة على أصل الحَدِيث.

ذكر رِجَاله وهم أَرْبَعَة: الأول: خَلاد على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ، مر فِي بَاب من بدا بشقه الْأَيْمن فِي الْغسْل. الثَّانِي: مسعر، بِكَسْر الْمِيم، مر فِي بَاب الْوضُوء بِمد. الثَّالِث: محَارب، بِضَم الْمِيم وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة وبكسر الرَّاء وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة: ابْن دثاء، بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة وبالراء: السدُوسِي، قَاضِي الْكُوفَة. الرَّابِع: جَابر بن عبد االأنصاري.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم كوفيون. وَفِيه: من أَفْرَاد البُخَارِيّ خَلاد بن يحيى.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي سَبْعَة عشر موضعا: هُنَا عَن خَلاد بن يحيى، وَفِي الاستقراض كَذَلِك، وَفِي الْهِبَة عَن ثَابت بن مُحَمَّد، وَفِي الْجِهَاد عَن سُلَيْمَان بن حَرْب، وَفِي الاستقراض عَن أبي الْوَلِيد، وَفِي الْهِبَة عَن بنْدَار عَن غنْدر، وَفِي الشَّفَاعَة فِي وضع الْيَدَيْنِ، وَفِي الشُّرُوط فِي الْجِهَاد فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع، وَفِي النِّكَاح فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَفِي النَّفَقَات والدعوات. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أَحْمد بن جواس وَفِيه وَفِي الْبيُوع عَن عبيد ابْن معَاذ، وَفِي الْبيُوع أَيْضا عَن يحيى بن حبيب. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْبيُوع عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، وَعَن مُحَمَّد بن مَنْصُور، وَمُحَمّد بن عبد ابْن يزِيد، وَفِي السّير عَن عَمْرو بن يزِيد.

ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه قَوْله: (وَهُوَ فِي الْمَسْجِد)، جملَة حَالية. قَوْله:(أرَاهُ)، بِضَم الْهمزَة أَي: أَظن، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى محَارب. وَهَذَا كَلَام مدرج أَعنِي قَوْله:(قَالَ مسعر أرَاهُ قَالَ: ضحى) . قَوْله: (فَقَالَ) أَي: النَّبِي. قَوْله: (وَكَانَ لي عَلَيْهِ دين) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ. (وَكَانَ لَهُ)، أَي: لجَابِر عَلَيْهِ أَي على النَّبِي، وَهَذَا الدّين كَانَ ثمن جمل جَابر، وَقَالَ بَعضهم: فِيهِ الْتِفَات، قلت: الِالْتِفَات لَا يَجِيء إلَاّ فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ لَا مُطلقًا. وَقَالَ النَّوَوِيّ: هَذِه الصَّلَاة مَقْصُودَة للقدوم من السّفر لَا أَنَّهَا تَحِيَّة الْمَسْجِد. وَفِيه: اسْتِحْبَاب قَضَاء الدّين زَائِدا وَهُوَ من بَاب الْمُرُوءَة وَسَيَجِيءُ فَوَائِد هَذَا الحَدِيث فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ اتعالى.

95 -

(بابُ الصَّلَاةِ إذَا قَدِمَ منْ سَفَرٍ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الصَّلَاة إِذا قدم الرجل من سفر، وغالب الْأَبْوَاب فِي هَذَا الْموضع فِيمَا يتَعَلَّق بالمساجد فَلَا يحْتَاج إِلَى زِيَادَة طلب وُجُوه المناسبات، فِيهَا.

وَقَالَ كَعْبُ بنُ مالِكٍ كانَ النبيُّ إِذَا قَدِمَ منْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ فَصَلَّي فيهِ.

هَذَا التَّعْلِيق ذكره البُخَارِيّ مُسْندًا فِي غَزْوَة تَبُوك، وَهُوَ حَدِيث طَوِيل يرويهِ عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد ابْن كَعْب بن مَالك: أَن عبد ابْن كَعْب بن مَالك، وَكَانَ قَائِد كَعْب من بنيه حِين عمي، قَالَ: سَمِعت كَعْب بن مَالك يحدثني تخلف عَن غَزْوَة تَبُوك

الحَدِيث بِطُولِهِ، يَأْتِي إِن شَاءَ اتعالى، وَفِيه:(وَأصْبح رَسُول الله قادماً، وَكَانَ إِذا قدم من سفر بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ جلس للنَّاس) الحَدِيث، ومطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

[344301 ح دّثنا خَلَاّدُ بنُ يَحْيَى قَالَ حدّثنا مِسْعَرٌ قَالَ حدّثنا مُحَارِبُ بنُ دِثارٍ عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أتَيْتُ النبيَّ وهْوَ فِي المَسْجِدِ قَالَ مِسْعَرٌ أَراهُ قَالَ ضُحىً فَقَالَ صَلِّ ركْعَتَين وكانَ لِي علَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَنِي. (الحَدِيث 344 أَطْرَافه فِي: 1081، 7902، 9032، 5832، 4932، 6042، 0742، 3062، 4062، 8172، 1682، 7692، 7803، 9803، 0903، 2504، 9705، 0805، 3425، 4425، 5425، 6425، 7425، 7635، 7836) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن التَّرْجَمَة فِي بَيَان الصَّلَاة عِنْد الْقدوم من السّفر، ومشروعية هَذِه الصَّلَاة أَعم من أَن تكون بِفِعْلِهِ، وَأَن تكون بقوله: فَبين الأول: بِالْحَدِيثِ الْمُعَلق، وَالثَّانِي: بِحَدِيث جَابر هَذَا. وَقَالَ بَعضهم: ذكر حَدِيث جَابر بعد الْمُعَلق ليجمع بَين فعل النَّبِي عليه الصلاة والسلام، وَأمره، فَلَا يظنّ أَن ذَلِك من خَصَائِصه. قلت: قَوْله: فَلَا يظنّ أَن ذَلِك من خَصَائِصه، لَيْسَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ يشْعر أَن كل فعل يصدر مِنْهُ، عليه الصلاة والسلام، يظنّ فِيهِ أَنه من خَصَائِصه، وَلَيْسَ كَذَلِك. فَإِن مَوَاضِع الْخُصُوص لَهَا قَرَائِن تدل على ذَلِك.

وَقَالَ الْكرْمَانِي. فَإِن قلت: مَا وَجه دلَالَته على التَّرْجَمَة؟ قلت: هَذَا الحَدِيث مُخْتَصر من مطول ذكره فِي كتاب الْبيُوع وَغَيره، وَفِيه أَنه قَالَ:(كنت مَعَ النَّبِي، فِي غزَاة وَاشْترى مني جملا بأوقية، ثمَّ قدم رَسُول ا، قبلي وقدمت بِالْغَدَاةِ فَوَجَدته على بَاب الْمَسْجِد، قَالَ: الْآن قدمت؟ قلت: نعم، قَالَ: فَادْخُلْ فصل رَكْعَتَيْنِ. قلت: هَذَا فِي الْحَقِيقَة وَجه التَّرْجَمَة على مَا ذَكرْنَاهُ، وَلكنه اقْتصر على مُجَرّد النَّقْل وَلم يوفِ حق الْكَلَام. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَلَيْسَ فِيهِ مَا بوب عَلَيْهِ هَذَا لِأَن لقَائِل أَن يَقُول: إِن جَابِرا لم يقدم من سفر لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يشْعر بذلك. قلت: هَذَا الْكَلَام عَجِيب، وَكَيف هَذَا والْحَدِيث مُخْتَصر من مطول وَفِيه التَّصْرِيح بقدومه من السّفر؟ وَقد جرت عَادَة البُخَارِيّ فِي مثل هَذَا على الإحالة على أصل الحَدِيث.

ذكر رِجَاله وهم أَرْبَعَة: الأول: خَلاد على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ، مر فِي بَاب من بدا بشقه الْأَيْمن فِي الْغسْل. الثَّانِي: مسعر، بِكَسْر الْمِيم، مر فِي بَاب الْوضُوء بِمد. الثَّالِث: محَارب، بِضَم الْمِيم وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة وبكسر الرَّاء وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة: ابْن دثاء، بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة وبالراء: السدُوسِي، قَاضِي الْكُوفَة. الرَّابِع: جَابر بن عبد االأنصاري.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم كوفيون. وَفِيه: من أَفْرَاد البُخَارِيّ خَلاد بن يحيى.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي سَبْعَة عشر موضعا: هُنَا عَن خَلاد بن يحيى، وَفِي الاستقراض كَذَلِك، وَفِي الْهِبَة عَن ثَابت بن مُحَمَّد، وَفِي الْجِهَاد عَن سُلَيْمَان بن حَرْب، وَفِي الاستقراض عَن أبي الْوَلِيد، وَفِي الْهِبَة عَن بنْدَار عَن غنْدر، وَفِي الشَّفَاعَة فِي وضع الْيَدَيْنِ، وَفِي الشُّرُوط فِي الْجِهَاد فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع، وَفِي النِّكَاح فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَفِي النَّفَقَات والدعوات. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أَحْمد بن جواس وَفِيه وَفِي الْبيُوع عَن عبيد ابْن معَاذ، وَفِي الْبيُوع أَيْضا عَن يحيى بن حبيب. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْبيُوع عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، وَعَن مُحَمَّد بن مَنْصُور، وَمُحَمّد بن عبد ابْن يزِيد، وَفِي السّير عَن عَمْرو بن يزِيد.

ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه قَوْله: (وَهُوَ فِي الْمَسْجِد)، جملَة حَالية. قَوْله:(أرَاهُ)، بِضَم الْهمزَة أَي: أَظن، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى محَارب. وَهَذَا كَلَام مدرج أَعنِي قَوْله:(قَالَ مسعر أرَاهُ قَالَ: ضحى) . قَوْله: (فَقَالَ) أَي: النَّبِي. قَوْله: (وَكَانَ لي عَلَيْهِ دين) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ. (وَكَانَ لَهُ)، أَي: لجَابِر عَلَيْهِ أَي على النَّبِي، وَهَذَا الدّين كَانَ ثمن جمل جَابر، وَقَالَ بَعضهم: فِيهِ الْتِفَات، قلت: الِالْتِفَات لَا يَجِيء إلَاّ فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ لَا مُطلقًا. وَقَالَ النَّوَوِيّ: هَذِه الصَّلَاة مَقْصُودَة للقدوم من السّفر لَا أَنَّهَا تَحِيَّة الْمَسْجِد. وَفِيه: اسْتِحْبَاب قَضَاء الدّين زَائِدا وَهُوَ من بَاب الْمُرُوءَة وَسَيَجِيءُ فَوَائِد هَذَا الحَدِيث فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ اتعالى.

06 -

(بَاب إذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المسْجِدَ فَليرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَن يَجْلِسَ)

أَي: هَذَا بَاب يُقَال فِيهِ: إِذا دخل

الخ، والنسخ مُخْتَلفَة فِيهِ، فَفِي بَعْضهَا مثل مَا ذكرنَا، وَفِي بَعْضهَا: بَاب إِذا دخل الْمَسْجِد فليركع رَكْعَتَيْنِ، وَفِي بَعْضهَا: إِذا دخل الْمَسْجِد فليركع قبل أَن يجلس، وَلما كَانَت كلمة: إِذا، هُنَا بِمَعْنى الشَّرْط دخل فِي جوابها: الْفَاء.

444401 -

ح دّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ عامرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ الزَبَيْرِ عنْ عَمْرِو بنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عنْ أبي قَتَادَةَ السَّلمِيِّ أنَّ رسولَ اللَّهِ قَالَ: إِذا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أنُ يَجْلِسَ. (الحَدِيث 444 طرفه فِي: 3611) .

التَّرْجَمَة وَمتْن الحَدِيث سَوَاء.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عبد ابْن يُوسُف التنيسِي، من أَفْرَاد البُخَارِيّ. الثَّانِي: مَالك بن أنس. الثَّالِث: عَامر بن عبد ابْن الزبير بن الْعَوام الْقرشِي الْمدنِي أَبُو الْحَارِث، بِالْمُثَلثَةِ، كَانَ عَالما عابداً، مر فِي بَاب إِثْم من كذب. الرَّابِع: عَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن سليم، بِضَم السِّين: الزرقي، بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء وبالقاف: الْأنْصَارِيّ الْمدنِي. الْخَامِس: أَبُو قَتَادَة، واسْمه: الْحَارِث، بِالْمُثَلثَةِ: ابْن ربعي، بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وبالعين الْمُهْملَة وبالياء

ص: 201

الْمُشَدّدَة: السّلمِيّ، بِفَتْح السِّين وَاللَّام كليهمَا. وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي (جَامع الْأُصُول) : وَأكْثر أَصْحَاب الحَدِيث يكسرون اللَّام لِأَنَّهُ نِسْبَة إِلَى: سَلمَة، بِكَسْر اللَّام، فَارس رَسُول ا، رُوِيَ لَهُ مائَة وَسَبْعُونَ حَدِيثا، للْبُخَارِيّ ثَلَاثَة عشر، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة أَربع وَخمسين.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن الْإِسْنَاد كُله مدنِي مَا خلا شيخ البُخَارِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره. أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن مكي بن إِبْرَاهِيم. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى والقعنبي وقتيبة، ثَلَاثَتهمْ عَن مَالك بِهِ، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي بِهِ، وَعَن مُسَدّد عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَقَالَ: حسن صَحِيح. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن الْعَبَّاس بن عُثْمَان عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن مَالك، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: رَوَاهُ شيخ يُقَال لَهُ: سعيد بن عِيسَى عَن عبد ابْن إِدْرِيس عَن زَكَرِيَّا عَن عَامر عَن عبد ابْن الزبير عَن أبي قَتَادَة وَلم يُتَابع عَلَيْهِ، وَسَعِيد هَذَا ضَعِيف، وَلَيْسَ هُوَ من حَدِيث زَكَرِيَّا وَلَا من حَدِيث الشّعبِيّ، وَالْمَحْفُوظ قَول مَالك وَمن تَابعه. وَقَالَ سُهَيْل بن أبي صَالح:: عَن عَامر بن عبد ابْن الزبير عَن عَمْرو بن سليم عَن جَابر بن عبد ا، فَوَهم فِي ذكره جَابِرا. وَقَالَ الطوسي فِي (الْأَحْكَام)، وَالتِّرْمِذِيّ فِي (الْجَامِع) : حَدِيث سُهَيْل غير مَحْفُوظ. وَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ: حَدِيث سُهَيْل خطأ. وَقَالَ ابْن مَاجَه: رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن سعيد عَن عَامر عَن أبي قَتَادَة وَهُوَ وهم. وَفِي (صَحِيح ابْن حبَان) : عَن أبي قَتَادَة رَفعه بِزِيَادَة: (قبل أَن يجلس أَو يستخبر) . وَفِي (مُصَنف ابْن أبي شيبَة) زِيَادَة من طَرِيق حَسَنَة: (أعْطوا الْمَسَاجِد حَقّهَا. قيل: يَا رَسُول اوما حَقّهَا؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يجلس) . وَزَاد أَبُو أَحْمد الْجِرْجَانِيّ: (وَإِذا دخل بَيته فَلَا يجلس حَتَّى يرْكَع رَكْعَتَيْنِ، فَإِن اعز وَجل جَاعل لَهُ من ركعتيه فِي بَيته خيرا) . وَقَالَ إِسْنَاده مُنكر، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الإشبيلي: قَالَ البُخَارِيّ: هَذِه الزِّيَادَة لَا أصل لَهَا، وَأنكر ذَلِك ابْن الْقطَّان. وَزعم أَنه لَا يَصح نسبته إِلَيْهِ.

ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: (فليركع) أَي: فَليصل، أطلق الْجُزْء وَأَرَادَ الْكل. فَإِن قلت: الشَّرْط سَبَب للجزاء، فَمَا السَّبَب هَهُنَا؟ أهوَ الرُّكُوع أَو الْأَمر بِالرُّكُوعِ؟ قلت: إِن أُرِيد بِالْأَمر تعلق الْأَمر فَهُوَ الْجَزَاء، وَإِلَّا فالجزاء هُوَ لَازم الْأَمر، وَهُوَ الرُّكُوع، وَالْمرَاد من الرَّكْعَتَيْنِ تَحِيَّة الْمَسْجِد، وَلَا يتَأَدَّى هَذَا بِأَقَلّ من رَكْعَتَيْنِ لِأَن هَذَا الْعدَد لَا مَفْهُوم لأكثره بالِاتِّفَاقِ، وَاخْتلف فِي أَقَله، وَالصَّحِيح اعتبارهما.

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: قَالَ ابْن بطال: اتّفق أَئِمَّة الْفَتْوَى أَنه مَحْمُول على النّدب والإرشاد مَعَ استحبابهم الرُّكُوع لكل من دخل الْمَسْجِد لما رُوِيَ: أَن كبار أَصْحَاب رَسُول الله يدْخلُونَ الْمَسْجِد ثمَّ يخرجُون وَلَا يصلونَ، وَأوجب أهل الظَّاهِر فرضا على كل مُسلم دَاخل فِي وَقت تجوز فِيهِ الصَّلَاة الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَالَ بَعضهم: وَاجِب فِي كل وَقت، لِأَن فعل الْخَيْر لَا يمْنَع مِنْهُ إلَاّ بِدَلِيل معَارض لَهُ. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: من دخل الْمَسْجِد فِي أَوْقَات النَّهْي فَلَيْسَ بداخل فِي أمره بِالرُّكُوعِ عِنْد دُخُوله الْمَسْجِد، وَاسْتدلَّ الطَّحَاوِيّ أَيْضا فِي عدم الْوُجُوب بقوله للَّذي رَآهُ يتخطى: إجلس فقد آذيت، وَلم يَأْمُرهُ بِالصَّلَاةِ. فَقَالَ السفاقسي: وفقهاء الْأَمْصَار حملُوا هَذَا على النّدب لقَوْله للَّذي سَأَلَهُ عَن الصَّلَاة: (هَل على غَيرهَا؟ قَالَ: إلَاّ أَن تطوع) . وَلَو قُلْنَا بوجوبهما لحرم على الْمُحدث الْحَدث الْأَصْغَر دُخُول الْمَسْجِد حَتَّى يتَوَضَّأ، وَلَا قَائِل بِهِ، فَإِذا جَازَ دُخُول الْمَسْجِد على غير وضوء لزم مِنْهُ أَنه لَا يجب عَلَيْهِ سجودها عِنْد دُخُوله، فَإِن قصد دُخُول الْمَسْجِد ليُصَلِّي فِيهِ فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة فَلَا يجوز لَهُ ذَلِك عِنْد الشَّافِعِي. وَقَالَ النَّوَوِيّ: هِيَ سنة بِإِجْمَاع، فَإِن دخل وَقت كَرَاهَة يكره لَهُ أَن يُصَلِّيهمَا فِي قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه، وَحكي ذَلِك أَيْضا عَن الشَّافِعِي، ومذهبه الصَّحِيح أَن لَا كَرَاهَة. وَا أعلم. وَقَالَ عِيَاض: وَظَاهر مَذْهَب مَالك أَنَّهُمَا من النَّوَافِل. وَقيل: من السّنَن، فَإِن دخل مجتازاً فَهَل يُؤمر بهما؟ خفف فِي ذَلِك مَالك، وَعَن بعض أَصْحَاب مَالك: إِن من تكَرر دُخُوله الْمَسْجِد سقطتا عَنهُ، وَاسْتدلَّ بَعضهم بقوله:(قبل أَن يجلس) ، بأه إِذا خَالف وَجلسَ لَا يشرع لَهُ التَّدَارُك، ورد هَذَا بِمَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) من حَدِيث أبي ذَر:(أَنه دخل الْمَسْجِد فَقَالَ لَهُ النَّبِي عليه الصلاة والسلام: أركعت رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: لَا، ثمَّ قَالَ: قُم فَارْكَعْهُمَا) . ترْجم عَلَيْهِ ابْن حبَان بَاب تَحِيَّة

ص: 202