الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صبا الرجل إِذا عشق وَهوى وَقد يُقَال صابىء بِالْهَمْز من صبا يصبو بِغَيْر همز وَأَن الصابئون الَّذين ذكرهم أَبُو الْعَالِيَة فأصله من صَبأ يصبأ صَبأ وصبوأ إِذا خرج عَن دين إِلَى آخر وَهَذِه الطَّائِفَة يسمون الصابئين وَاخْتلف فِي تَفْسِيره فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة هم فرقة من أهل الْكتاب يقرؤن الزبُور وَقد وصل هَذَا التَّعْلِيق ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الرّبيع بن أنس عَنهُ وَعَن مُجَاهِد لَيْسُوا بيهود وَلَا نَصَارَى وَلَا دين لَهُم وَلَا تُؤْكَل ذَبَائِحهم وَلَا تنْكح نِسَاؤُهُم وَكَذَا روى عَن الْحسن وَابْن نجيح وَقَالَ ابْن زيد الصابئون أهل دين من الْأَدْيَان كَانُوا بالجزيرة جَزِيرَة الْموصل يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَيْسَ لَهُم عمل وَلَا كتاب وَلَا نَبِي وَلم يُؤمنُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - وَعَن الْحسن قَالَ أخبر زِيَاد أَن الصابئين يصلونَ إِلَى الْقبْلَة وَيصلونَ الْخمس قَالَ فَأَرَادَ أَن يضع عَلَيْهِم الْجِزْيَة فَأخْبر بعد أَنهم يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة وَعَن قَتَادَة وَأبي جَعْفَر الرَّازِيّ هم قوم يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة وَيصلونَ إِلَى الْقبْلَة ويقرؤن الزبُور وَفِي الْكتاب الزَّاهِر لِابْنِ الْأَنْبَارِي هم قوم من النَّصَارَى قَوْلهم أَلين من قَول النَّصَارَى قَالَ الله تَعَالَى {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} فَيُقَال الَّذين آمنُوا هم المُنَافِقُونَ أظهرُوا الْإِيمَان وأضمروا الْكفْر وَالَّذين هادوا الْيَهُود المغيرون المبدلون وَالنَّصَارَى المقيمون على الْكفْر بِمَا يصفونَ بِهِ عِيسَى عليه الصلاة والسلام من الْمحَال والصابئون الْكفَّار أَيْضا المفارقون للحق وَيُقَال الَّذين آمنُوا الْمُؤْمِنُونَ حَقًا وَالَّذين هادوا الَّذين تَابُوا وَلم يُغيرُوا أَو النَّصَارَى نصار عِيسَى عليه الصلاة والسلام والصابئون الخارجون من الْبَاطِل إِلَى الْحق من آمن بِاللَّه مَعْنَاهُ من دَامَ مِنْهُم على الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى فَلهُ أجره وَفِي كتاب الرشاطي الصابي نسبه إِلَى صابي بن متوشلخ بن خنوخ بن برد بن مهليل بن فتين بن ياش بن شِيث بن آدم عليه الصلاة والسلام وَقَالَ أَبُو الْمعَانِي فِي كِتَابه الْمُنْتَهى هم جنس من أهل الْكتاب يَزْعمُونَ أَنهم من ولد صاب بن إِدْرِيس النَّبِي عليه الصلاة والسلام وَقيل نسبتهم إِلَى الصابىء بن ماري وَكَانَ فِي عصر إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام وَقَالَ النَّسَفِيّ فِي منظومته
(الصابئيات كالكتابيات
…
فِي حكم حل العقد والذكاة)
وَشَرحه أَن أَبَا حنيفَة يَقُول إِنَّهُم يَعْتَقِدُونَ نَبيا وَلَهُم كتاب فَتحل مناكحة نِسَائِهِم وتؤكل ذَبَائِحهم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هم يَعْتَقِدُونَ الْكَوَاكِب فَلَا تحل مناكحة نِسَائِهِم وَلَا تُؤْكَل ذَبَائِحهم
7 -
(بَاب إِذَا خافَ الجُنُبُ على نَفْسِهِ المَرَضَ أَوَ المَوْتَ أوْ خَافَ الْعَطَشَ تيمَّم)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا خَافَ الْجنب: الخ. وَقد ذكر فِيهِ حكم ثَلَاث مسَائِل.
الأولى: إِذا خَافَ الْجنب على نَفسه الْمَرَض يُبَاح لَهُ التَّيَمُّم مَعَ وجود المَاء، وَهل يلْحق بِهِ خوف الزِّيَادَة؟ فِيهِ قَولَانِ للْعُلَمَاء وَالشَّافِعِيّ، وَالأَصَح عِنْده: نعم، وَبِه قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالثَّوْري، وَعَن مَالك رِوَايَة بِالْمَنْعِ، وَقَالَ عَطاء وَالْحسن الْبَصْرِيّ فِي رِوَايَة: لَا يستباح التَّيَمُّم بِالْمرضِ أصلا وَكَرِهَهُ طَاوس، وَإِنَّمَا يجوز لَهُ التَّيَمُّم عِنْد عدم المَاء، وَأما مَعَ وجوده فَلَا، وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد، ذكره فِي (التَّوْضِيح) . وَفِي (شرح الْوَجِيز) : أما مرض يخَاف مِنْهُ زِيَادَة الْعلَّة وبطء الْبُرْء، فقد ذكرُوا فِيهِ ثَلَاث طرق، أظهرها أَن فِي جَوَاز التَّيَمُّم لَهُ قَولَانِ: أَحدهمَا الْمَنْع، وَهُوَ قَول أَحْمد، وأظهرهما الْجَوَاز وَهُوَ قَول الْإِصْطَخْرِي وَعَامة أَصْحَابه، وَهُوَ قَول مَالك وَأبي حنيفَة. وَفِي (الْحِلْية) : وَهُوَ الْأَصَح. وَإِن كَانَ مرض لَا يلْحقهُ بِاسْتِعْمَال المَاء ضَرَر كالصداع والحمى لَا يجوز لَهُ التَّيَمُّم، وَقَالَ دَاوُد: يجوز، ويحكى ذَلِك عَن مَالك، وَعنهُ أَنه لَا يجوز. وَلَو خَافَ من اسْتِعْمَال المَاء شَيْئا فِي الْمحل، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس؛ لَا يجوز لَهُ التَّيَمُّم على مَذْهَب الشَّافِعِي، وَقَالَ غَيره إِن كَانَ الشين كأثر الجدري والجراحة لَيْسَ لَهُم التَّيَمُّم، وَإِن كَانَ يشوه من خلقه ويسود من وَجهه كثيرا فِيهِ قَولَانِ. وَالثَّانِي من الطّرق أَنه: لَا يجوز قطعا، وَالثَّالِث: أَنه يجوز قطعا.
الثَّانِيَة: إِذا خَافَ الْجنب على نَفسه الْمَوْت يجوز لَهُ التَّيَمُّم بِلَا خلاف، وَفِي قاضيخان: الْجنب الصَّحِيح فِي الْمصر إِذا خَافَ الْهَلَاك للبرد جَازَ لَهُ التَّيَمُّم، وَأما الْمُسَافِر، إِذا خَافَ الْهَلَاك من الِاغْتِسَال جَازَ لَهُ التَّيَمُّم بالِاتِّفَاقِ، وَأما الْمُحدث فِي الْمصر فَاخْتَلَفُوا فِيهِ على قَول أبي حنيفَة، فجوزه شيخ الْإِسْلَام، وَلم يجوزه الْحلْوانِي.
الثَّالِثَة: أَنه إِذا خَافَ على نَفسه الْعَطش يجوز لَهُ التَّيَمُّم، وَكَذَا عندنَا إِذا خَافَ على رَفِيقه أَو على حَيَوَان مَعَه نَحْو دَابَّته وكلبه وسنوره وطيره. وَفِي (شرح الْوَجِيز) : لَو خَافَ على نَفسه أَو مَاله من سبع أَو سَارِق فَلهُ التَّيَمُّم، وَلَو احْتَاجَ إِلَى المَاء لعطش فِي الْحَال أَو توقعه فِي الْمَآل، أَو لعطش رَفِيقه أَو لعطش حَيَوَان مُحْتَرم جَازَ لَهُ التَّيَمُّم. وَفِي (الْمُغنِي) لِابْنِ قدامَة؛ أَو كَانَ المَاء عِنْد جمع فساق فخافت الْمَرْأَة على نَفسهَا الزِّنَا جَازَ لَهَا التَّيَمُّم.
قَوْله: (أَو خَافَ الْعَطش) ، غير مقتصر على الْجنب الَّذِي يخَاف الْعَطش، بل الْجنب والمحدث
فِيهِ سَوَاء.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين هَذَا الْبَاب وَالَّذِي قبله وَالَّذِي بعده ظَاهر، لِأَن هَذِه الْأَبْوَاب كلهَا فِي حكم التَّيَمُّم.
وَيُذْكَرُ أنَّ عَمرَو بنَ الْعاصِ أجْنَبَ فِي لَيْلةٍ بارِدَةٍ فَتَيَمَّمَ وَتَلَا {وَلَا تَقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً} (النِّسَاء: 92) فَذُكِرَ للنَّبيّ فَلَمْ يُعَنِّفْهُ.
عَمْرو بن الْعَاصِ القريشي السَّهْمِي أَبُو عبد ا، قدم على النَّبِي فِي سنة ثَمَان قبل الْفَتْح مُسلما، وَهُوَ من زهاد قُرَيْش، ولاه النَّبِي على عمان وَلم يزل عَلَيْهَا حَتَّى قبض النَّبِي، رُوِيَ لَهُ سَبْعَة وَثَلَاثُونَ حَدِيثا، للْبُخَارِيّ ثَلَاثَة، مَاتَ بِمصْر عَاملا عَلَيْهَا سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين على الْمَشْهُور يَوْم الْفطر، صلى عَلَيْهِ ابْنه عبد ا، ثمَّ صلى الْعِيد بِالنَّاسِ. قَوْله:(وَيذكر) ، تَعْلِيق بِصِيغَة التمريض، وَوَصله أَبُو دَاوُد وَقَالَ: حدّثنا ابْن الْمثنى، قَالَ: حدّثنا وهب بن جرير، قَالَ: حدّثنا أبي، قَالَ: سَمِعت يحيى بن أَيُّوب يحدث عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن عمرَان بن أبي أنس عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن عَمْرو بن الْعَاصِ، قَالَ:(احْتَلَمت فِي لَيْلَة بَارِدَة فِي غَزْوَة ذَات السلَاسِل، فَأَشْفَقت إِن اغْتَسَلت أَن أهلك، فَتَيَمَّمت ثمَّ صليت بِأَصْحَابِي الصُّبْح، فَذكرُوا ذَلِك للنَّبِي، فَقَالَ: يَا عَمْرو صليت بِأَصْحَابِك وَأَنت جنب؟ فَأَخْبَرته بِالَّذِي مَنَعَنِي من الِاغْتِسَال، وَقلت: إِنِّي سَمِعت اتعالى يَقُول: {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن اكان بكم رحِيما} (النِّسَاء: 92) فَضَحِك نَبِي اعليه الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَلم يقل شَيْئا) . وَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا. قَوْله:(فِي غَزْوَة ذَات السلَاسِل) ، وَهِي وَرَاء وَادي الْقرى، بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة عشرَة أَيَّام. وَقيل: سميت بهَا لِأَنَّهَا بِأَرْض جذام يُقَال لَهُ السلسل، وَكَانَت فِي جمادي الأولى سنة ثَمَان من الْهِجْرَة. قَوْله:(فَأَشْفَقت) أَي: خفت. قَوْله: (فَلم يعنفه) أَي: لم يعنفه النَّبِي، يَعْنِي لم يُنكر عَلَيْهِ، كَذَا لم يعنفه بالضمير فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره:(فَلم يعنف) ، بِدُونِ الضَّمِير حذف للْعلم بِهِ، وَعدم تعنيفه إِيَّاه دَلِيل الْجَوَاز والتقرير، وَبِه علم عدم إِعَادَة الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا بِالتَّيَمُّمِ فِي هَذِه الْحَالة، وَهُوَ حجَّة على من يَأْمُرهُ بِالْإِعَادَةِ، وَدلّ أَيْضا على جَوَاز التَّيَمُّم لمن يتَوَقَّع من اسْتِعْمَال المَاء الْهَلَاك، سَوَاء كَانَ للبرد أَو لغيره، وَسَوَاء كَانَ فِي السّفر أَو فِي الْحَضَر، وَسَوَاء كَانَ جنبا أَو مُحدثا. وَفِيه دلَالَة على جَوَاز الِاجْتِهَاد فِي عصره.
54311 -
ح دّثنا بِشْرُ بنُ خالِدٍ قالَ حَدَّثَنَا محَمَّدٌ هُوَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَة عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أبي وَائِلٍ قَالَ قالَ أبُو مُوسَى لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ إِذَا لَمْ يَجِدِ المَاءَ لَا يُصَلِّي. قالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ رَخَّصْتُ لَهُمْ فِي هَذَا كانَ إِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمُ البَرْدَ قالَ هَكَذَا يَعْنِي تَيَمَّمَ وَصَلَّى قالَ قُلْتُ فَأيْنَ قَوْلُ عَمَّارٍ لِعُمَرَ قالَ إِنِّي لَمْ أرَ عُمَرَ قَنِعَ بِقَولِ عَمَّارٍ.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (يَعْنِي تيَمّم وَصلى) .
ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة. الأول: بشر بن خَالِد العسكري، أَبُو مُحَمَّد الْفَرَائِضِي، مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: مُحَمَّد بن جَعْفَر الْبَصْرِيّ الملقب بغندر، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وَفتح الدَّال على الْأَشْهر. الثَّالِث: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الرَّابِع: سُلَيْمَان الْمَشْهُور بالأعمش. الْخَامِس: أَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة. السَّادِس: أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ؛ عبد ابْن قيس. السَّابِع: عبد ابْن مَسْعُود، وَالْكل تقدمُوا.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصفة الْجمع مرَّتَيْنِ. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل. وَقَوله: هُوَ غنْدر، لَيْسَ فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ. قَوْله:(عَن شُعْبَة)، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ:(حدّثنا شُعْبَة) . وَفِيه: أَن قَوْله؛ هُوَ غنْدر، من عِنْد البُخَارِيّ وَلَيْسَ هُوَ من لفظ شَيْخه، وَفِيه: إِن الْأَعْمَش ذكر باسمه وشهرته بلقبه، وَقلت: رِوَايَة يذكر فِيهَا كَذَا سُلَيْمَان مُجَردا. وَفِيه: محاورة صحابيين جليلين.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِذا لم يجد المَاء) هَذَا على سَبِيل الِاسْتِفْهَام، وَالسُّؤَال من أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن عبد ابْن مَسْعُود يَعْنِي: إِذا لم يجد الْجنب المَاء لَا يُصَلِّي. وَقَوله: (لم يجد) ، بِصِيغَة الْغَائِب، وَكَذَلِكَ:(لَا يُصَلِّي) بِصِيغَة الْغَائِب، وَهِي رِوَايَة كَرِيمَة. وَفِي رِوَايَة غَيرهَا بِصِيغَة الْخطاب فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَأَبُو مُوسَى يُخَاطب عبد ا، وَكَذَا فِي رِوَايَة الاسماعيلي مَا يدل على هَذَا، وَلَفظه:(فَقَالَ عبد ا: نعم إِذا لم أجد المَاء شهرا لَا أُصَلِّي) . قَوْله: (لَو رخصت)، أَي: قَالَ عبد الأبي مُوسَى: لَو رخصت لَهُم فِي هَذَا، أَي: فِي جَوَاز التَّيَمُّم للْجنب إِذا وجد أحدهم الْبرد، وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ:(إِذا وجد أحدكُم الْبرد) . قَوْله: (قَالَ هَكَذَا) ، فِيهِ
إِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل، ثمَّ فسره بقوله: يَعْنِي تيَمّم وَصلى، وَهُوَ مقول قَول أبي مُوسَى. قَوْله:(قَالَ: قلت) أَي: قَالَ أَبُو مُوسَى: قلت لعبد ا: فَأَيْنَ قَول عمار بن يَاسر لعمر بن الْخطاب؟ وَهُوَ قَوْله: (كُنَّا فِي سفر فأجنبت فتمعكت فِي التُّرَاب فَذكرت لرَسُول الله فَقَالَ: يَكْفِيك الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ) ؟ قَوْله: (قَالَ) أَي: قَالَ ابْن مَسْعُود: إِنِّي لم أرَ عمر بن الْخطاب قنع بقول عمار بن يَاسر، وَإِنَّمَا لم يقنع عمر بقوله لِأَنَّهُ كَانَ حَاضرا مَعَه فِي تِلْكَ السفرة، وَلم يتَذَكَّر الْقِصَّة، فارتاب فِي ذَلِك وَلم يقنع بقوله، وَهَذَا وَقع هَكَذَا مُخْتَصرا فِي رِوَايَة شُعْبَة وَيَأْتِي الْآن فِي رِوَايَة عمر بن حَفْص، ثمَّ فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة أتم وأكمل.
64321 -
ح دّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ قالَ حَدَّثَنَا أبي قالَ حدّثنا الأَعْمَشُ قالَ سَمِعْتُ شَقِيقَ بنَ سَلَمَةَ قالَ كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ وَأبي مُوسَى فَقَالَ لَهُ أبُو مُوسَى أَرَأَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إذَا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ المَاءَ فَقَالَ أبُو مُوسَى فَكَيْفَ تصْنَعُ بِقَوْلِ عَمَّارٍ حِين قالَ لهُ النَّبيُّ كانَ يَكْفِيكَ قالَ ألَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ فَمَا درَى عَبْدُ اللَّهِ مَا يَقُولُ فَقَالَ إِنَّا لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي هَذَا لأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَى أَحَدِهِمْ المَاءُ انْ يَدَعَهُ وَيَتَيَمَّمَ فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ فَإِنَّما كَرِهَ عَبْد اللَّهِ لِهَذَا قالَ نَعَمْ.
وَهَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن عمر بن حَفْص بن غياث عَن أَبِيه عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر وَأبي الْوَقْت: حدّثنا الْأَعْمَش، وَفِيه فَائِدَة تَصْرِيح سَماع الْأَعْمَش من شَقِيق. قَوْله:(أَرَأَيْت) أَي: أَخْبرنِي. قَوْله: (يَا با عبد الرَّحْمَن) أَصله: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، فحذفت الْهمزَة فِيهِ تَخْفِيفًا، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن: كنية عبد ابْن مَسْعُود. قَوْله: (إِذا أجنب) أَي: الرجل: (فَلم يجد المَاء)، ويروى:(إِذا أجنبت فَلم تَجِد) . بتاء الْخطاب فيهمَا. قَوْله: (كَيفَ يصنع؟) بياء الْغَيْبَة، أَي: كَيفَ يصنع الرجل؟ وعَلى رِوَايَة الْخطابِيّ: (كَيفَ تصنع؟) بتاء الْخطاب أَيْضا، وَالرِّوَايَة بالغيبة أشهر وأوجه بِدَلِيل قَوْله:(فَقَالَ عبد الا يُصَلِّي) أَي: لَا يُصَلِّي الرجل الَّذِي لَا يجد المَاء حَتَّى يجد، أَي: إِلَى أَن يجد المَاء. قَوْله: (كَانَ يَكْفِيك) أَي: مسح الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ. قَوْله: (فَدَعْنَا من قَول عمار) أَي: أتركنا، وَكلمَة: دع، أَمر من: يدع، وأمات الْعَرَب ماضيه، وَالْمعْنَى: إقطع نظرك عَن قَول عمار، فَمَا تَقول فِيمَا ورد فِي الْقُرْآن؟ هُوَ قَوْله تَعَالَى:{فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا} (النِّسَاء: 34، والمائدة: 6) وَهُوَ معنى قَوْله: (كَيفَ تصنع بِهَذِهِ الْآيَة) وَهِي قَوْله تَعَالَى: {فَلم تَجدوا} (النِّسَاء: 34، والمائدة: 6) الْآيَة. قَوْله: (فَمَا درى عبد اما يَقُول) أَي: فَلم يعرف عبد اما يَقُول فِي تَوْجِيه الْآيَة على وفْق فتواه، وَلَعَلَّ الْمجْلس مَا كَانَ يَقْتَضِي تَطْوِيل المناظرة، وإلَاّ فَكَانَ لعبد اأن يَقُول: المُرَاد من الْمُلَامسَة فِي الْآيَة تلاقي البشرتين فِيمَا دون الْجِمَاع، وَجعل التَّيَمُّم بَدَلا من الْوضُوء فَقَط، فَلَا يدل على جَوَاز التَّيَمُّم للْجنب. قَوْله:(فِي هَذَا)، أَي: فِي التَّيَمُّم للْجنب. قَوْله: (لَأَوْشَكَ) أَي: قرب وأسرع، وَهَذَا رد على من زعم أَنه لَا يَجِيء من بَاب: يُوشك أوشك مَاضِيا، وَلَا يسْتَعْمل إلَاّ مضارعاً. قَوْله:(إِذا برد) بِفَتْح الْبَاء وَالرَّاء، وَقَالَ الْجَوْهَرِي. بِضَم الرَّاء، وَالْمَشْهُور الْفَتْح، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُلَازمَة بَين الرُّخْصَة فِي تيَمّم الْجنب وَتيَمّم المتبرد، حَتَّى صَحَّ أَن يُقَال: لَو رخصنا لَهُم فِي ذَلِك لَكَانَ إِذا وجد أحدهم الْبرد تيَمّم؟ قلت: الْجِهَة الجامعة بَينهمَا اشتراكهما فِي عدم الْقُدْرَة على اسْتِعْمَال المَاء، لِأَن عدم الْقُدْرَة إِمَّا بفقد المَاء، وَإِمَّا بتعذر الِاسْتِعْمَال. قَوْله:(فَقلت) أَي: قَالَ الْأَعْمَش: قلت لشقيق. قَوْله: (لهَذَا) أَي: لأجل هَذَا الْمَعْنى، وَهُوَ احْتِمَال أَن يتَيَمَّم المتبرد، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْوَاو، لَا تدخل بَين القَوْل ومقوله، فَلم قَالَ: وَإِنَّمَا كره قلت: هُوَ عطف على سَائِر مقولاته الْمقدرَة أَي قلت؛ كَذَا وَكَذَا أَيْضا. انْتهى. قلت: كَأَنَّهُ اعْتمد على نُسْخَة فِيهَا، وَإِنَّمَا بواو الْعَطف، والنسخ الْمَشْهُورَة: فَإِنَّمَا بِالْفَاءِ.
ذكر مَا فِيهِ من الْفَوَائِد: الأولى: فِيهِ جَوَاز الماظرة، وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذِه مناظرة، وَالظَّاهِر مِنْهُمَا يَأْتِي على إهمال حكم الْآيَة، وَأي عذر لمن ترك الْعَمَل بِمَا فِي هَذِه الْآيَة من أجل أَن بعض النَّاس عساه أَن يستعملها على وَجههَا، وَفِي غير جِنْسهَا. وَمَا الْوَجْه فِيمَا ذهب إِلَيْهِ عبد امن إبِْطَال هَذِه الرُّخْصَة مَعَ مَا فِيهِ من إِسْقَاط الصَّلَاة عَمَّن هُوَ مُخَاطب بهَا ومأمور بإقامتها؟ وَأجِيب: عَن هَذَا بِأَن