الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ جُبَير بن مطعم، فِيمَا ذكره أَحْمد، رَحمَه ا: دخلت الْمَسْجِد وَالنَّبِيّ يُصَلِّي الْمغرب، فَقَرَأَ بِالطورِ، فَكَأَنَّمَا صدع قلبِي حِين سَمِعت الْقُرْآن، وَقيل؛ يُمكن أَن يكون ربطه بالسمجد لِأَنَّهُ لم يكن لَهُم مَوضِع يرْبط فِيهِ إلَاّ الْمَسْجِد.
الرَّابِعَة: فِيهِ اغتسال الْكَافِر إِذا أسلم وَذهب الشَّافِعِي إِلَى وُجُوبه على الْكَافِر إِذا أسلم إِن كَانَت عَلَيْهِ جَنَابَة فِي الشّرك، سَوَاء اغْتسل مِنْهَا فِي الشّرك أَو لَا، وَقَالَ بعض أَصْحَابه: إِن كَانَ اغْتسل مِنْهَا أَجزَأَهُ. وإلَاّ وَجب، وَقَالَ بعض أَصْحَابه وَبَعض الْمَالِكِيَّة: لَا غسل عَلَيْهِ وَيسْقط حكم الْجَنَابَة بِالْإِسْلَامِ، كَمَا تسْقط الذُّنُوب. وضعفوا هَذَا بِالْوضُوءِ، وَأَنه يلْزم بِالْإِجْمَاع. هَذَا إِذا كَانَ أجنب فِي الْكفْر، أما إِذا لم يجنب أصلا، ثمَّ أسلم، فالغسل مُسْتَحبّ. وَكَذَا قَالَه مَالك. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن غسل الْكَافِر كَانَ مَشْرُوعا عِنْدهم مَعْرُوفا، وَهَذَا ظَاهر الْبطلَان. وَقَالَ أَيْضا: وَالْمَشْهُور من قَول مَالك أَنه إِنَّمَا يغْتَسل لكَونه جنبا. قَالَ: وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ: إِنَّه يغْتَسل للنظافة، واستحبه ابْن الْقَاسِم، ولمالك قَول: إِنَّه لَا يعرف الْغسْل، رَوَاهُ عَنهُ ابْن وهب وَابْن أبي أويس.
وَقَالَ ابْن بطال: أوجب الإِمَام أَحْمد الْغسْل عَليّ من أسلم. وَقَالَ الشَّافِعِي: أحب أَن يغْتَسل فَإِن لم يكن جنبا أَجزَأَهُ أَن يتَوَضَّأ. وَقَالَ مَالك: إِذا أسلم النَّصْرَانِي فَعَلَيهِ الْغسْل، لأَنهم لَا يتطهرون. فَقيل: مَعْنَاهُ لَا يتطهرون من النَّجَاسَة فِي أبدانهم، لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل عَلَيْهِم التطهر من الْجَنَابَة، وَإِن نووها لعدم الشَّرْع، وَقَالَ: وَلَيْسَ فِي الحَدِيث أَن النَّبِي، أمره بالاغتسال، وَلذَلِك قَالَ مَالك: لم يبلغنَا أَنه، أَمر أحدا أسلم بِالْغسْلِ. قلت: قد مر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي أخرجه ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْبَزَّار، وَفِيه: فَأمره أَن يغْتَسل. وَفِي (تَارِيخ نيسابور) للحام: من حَدِيث عبد ابْن مُحَمَّد بن عقيل: عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: لما أسلمت أَمرنِي النَّبِي بالاغتسال. وَفِي (الْحِلْية) : لأبي نعيم عَن وَاثِلَة، قَالَ:(لما أسلمت قَالَ لي النَّبِي: غتسل بِمَاء وَسدر، واحلق عَنْك شعر الْكفْر) . وَفِي كتاب الْقُرْطُبِيّ: روى عبد الرَّحِيم بن عبيد ابْن عمر عَن أَبِيه عَن نَافِع، عَن ابْن عمر:(أَن رَسُول الله أَمر رجلا أسلم أَن يغْتَسل) . وروى مُسلم ابْن سَالم عَن أبي الْمُغيرَة عَن الْبَراء بن عَازِب. (أَن النَّبِي أَمر رجلا أسلم أَن يغْتَسل بِمَاء وَسدر) .
الْخَامِسَة: أَخذ ابْن الْمُنْذر من هَذَا الحَدِيث جَوَاز دُخُول الْجنب الْمُسلم الْمَسْجِد، وَأَنه أولى من الْمُشرك لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَجس، بِخِلَاف الْمُشرك. [/ِاآ
77 -
(بابُ الخَيْمَةِ فِي المَسْجِدِ لِلْمَرْضَى وَغَيْرِهِمْ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الْخَيْمَة فِي الْمَسْجِد لأجل (المرضى) وَهُوَ: جمع مَرِيض. قَوْله: (وَغَيرهم) أَي: وَغير المرضى.
364321 -
ح دّثنا زَكَرِيَّاءُ بنُ يَحْيَى قَالَ حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ نُمَيْرٍ قَالَ حدّثنا هِشَامٌ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ قالَتْ أصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ فِي الأَكْحَلِ فَضَرَبَ النبيُّ خَيْمَةً فِي المَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ فَلَمْ يَرُعْهُمْ وفِي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ إِلَاّ الدَّمُ يَسِيلُ إلَيْهِمْ فقالُوا يَا أهْلَ الخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْدُو جُرْحُهُ دَمًا فَمَاتَ فِيها. (الحَدِيث 364 أَطْرَافه فِي: 3182، 1093، 7114، 2214) .
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: زَكَرِيَّا بن يحيى بن عمر أَبُو السكن الطَّائِي الْكُوفِي. الثَّانِي: عبد ابْن نمير، بِضَم النُّون وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء، وَقد تقدم. الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة. الْخَامِس: عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل. وَفِيه: أَن زَكَرِيَّا من أَفْرَاد البُخَارِيّ وَيجوز فِيهِ الْمَدّ وَالْقصر. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي ومدني.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ مقطعاً فِي الصَّلَاة، وَفِي الْمَغَازِي، وَفِي الْهِجْرَة عَن زَكَرِيَّا بن يحيى وَفِي الصَّلَاة أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن عبد ابْن نمير بِهِ مُخْتَصرا. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجَنَائِز عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن عبيد ابْن سعيد.
ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: (سعد) هُوَ سعد بن معَاذ أَبُو عَمْرو سيد الْأَوْس، بَدْرِي كَبِير. قَالَ أَبُو نعيم: مَاتَ فِي شَوَّال سنة خمس، وَكَذَا قَالَ ابْن إِسْحَاق، وَنزل فِي جنَازَته سَبْعُونَ ألف ملك مَا وطئوا الأَرْض قبل، واهتز لَهُ عرش الرَّحْمَن، وَفِي رِوَايَة: الْعَرْش فَإِن قلت: مَا وَجه اهتزاز الْعَرْش لَهُ؟ قلت: أُجِيب بأجوبه. الأول: أَنه اهتز استبشاراً بقدوم روحه. الثَّانِي: أَن المُرَاد اهتزاز حَملَة الْعَرْش، وَمن عِنْده من الْمَلَائِكَة. الثَّالِث: أَن المُرَاد بالعرش الَّذِي وضع عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي عِنْد البُخَارِيّ أَن رجلا قَالَ لجَابِر بن عبد ا: إِن الْبَراء بن عَازِب يَقُول: اهتز السرير، فَقَالَ: إِنَّه كَانَ بَين هذَيْن الْحَيَّيْنِ ضغائن. قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَغَيره: يَعْنِي بالحيين: الْأَوْس والخزرج. وَكَانَ سعد من الْأَوْس، والبراء من الْخَزْرَج، وكل مِنْهُم لَا يقر بِفضل صَاحبه عَلَيْهِ. قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَفِيه نظر من حَيْثُ إِن سَعْدا والبراء كل مِنْهُمَا أوسي، وَإِنَّمَا أشكل عَلَيْهِم فِيمَا أرى أَنه رأى فِي نسب الْبَراء بن عَازِب بن الْحَارِث بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حَارِثَة بن الْحَارِث بن الْخَزْرَج، وَسعد بن معَاذ بن النُّعْمَان بن امريء الْقَيْس بن زيد بن عبد الْأَشْهَل بن جشم بن الْحَارِث الأوسي، فَظن أَن الْخَزْرَج الأول هُوَ أَبُو الخزرجيين، فَفرق بَينهمَا، وَإِنَّمَا هُوَ الْخَزْرَج أَبُو الحارثيين الْمَذْكُورين فِي نسبهما، وَهُوَ ابْن عَمْرو بن مَالك بن الْأَوْس بن حَارِثَة، كَذَا ذكر نسبهما بن سعد وَابْن إِسْحَاق وَخَلِيفَة فِي الآخرين.
قَوْله: (يَوْم الخَنْدَق)، وَيُسمى: الْأَحْزَاب، ذكرهَا ابْن سعد فِي ذِي الْقعدَة، ومُوسَى بن عقبَة: فِي شَوَّال سنة أَربع. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: فِي شَوَّال سنة خمس، وَزعم أَبُو عمر وَغَيره: أَن سَعْدا مَاتَ بعد الخَنْدَق بِشَهْر، وَبعد قُرَيْظَة بِليَال. قَوْله:(فِي الأكحل) على وزن: الأفعل، عرق فِي الْيَد، وَيُقَال لَهُ: النِّسَاء فِي الْفَخْذ، وَفِي الظّهْر الْأَبْهَر. قَالَه فِي (الْمُخَصّص) و (الْمُجْمل) وقِي: الأكحل هُوَ عرق الْحَيَاة، ويدعى: نهر الْبدن، وَفِي كل عُضْو مِنْهُ شُعْبَة لَهَا اسْم على حِدة، فَذا قطع فِي الْيَد لم يرق الدَّم. وَفِي (الصِّحَاح) : هُوَ عرق فِي الْيَد يفصد، وَلَا يُقَال عرق الأكحل. قَوْله:(فَضرب النَّبِي خيمة) ، ضرب يسْتَعْمل لمعان كَثِيرَة، وأصل التَّرْكِيب يدل على الْإِيقَاع، وَالْبَاقِي يسْتَعْمل وَيحمل عَلَيْهِ، وَهَهُنَا الْمَعْنى: نصب خيمة وأقامها على أوتاد مَضْرُوبَة فِي الأَرْض، والخيمة؛ بَيت تبنيه الْعَرَب من عيدَان الشّجر، وَالْجمع: خيمات وخيم، مثل: بدرة وَبدر، والخيم: مثل الْخَيْمَة، وَالْجمع: خيام مثل؛ فرخ وفراخ، وَعند أبي نعيم الْأَصْبَهَانِيّ: ضرب لَهُ النَّبِي خباء فِي الْمَسْجِد، والخباء وَاحِد الأخبية من وبر أَو صوف، وَلَا يكون من شعر، وَهُوَ على عمودين أَو ثَلَاثَة وَمَا فَوق ذَلِك، فَهُوَ بَيت.
قَوْله: (فَلم يرعهم)، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة: من الروع، وَهُوَ الْفَزع. يُقَال: رعت فلَانا وروعته فارتاع، أَي: أفزعته، فَفَزعَ. وَقَالَ الْخطابِيّ: الروع إعظامك الشَّيْء وإكباره فترتاع. قَالَ: وَقد يكون من خوف، وَفِي (الْمُحكم) : الروع، والرواع واليروع: الْفَزع، راعني الْأَمر روعا ورووعاً، عَن ابْن الْأَعرَابِي، كَذَلِك حَكَاهُ بِغَيْر همز، وَإِن شِئْت همزَة، وارتاع مِنْهُ وَله وروعته فتروع، وَرجل روع ورائع متروع كِلَاهُمَا على النّسَب، وَالْمعْنَى هَهُنَا؛ فَلم يرعهم أَي: لم يفزعهم إِلَّا الدَّم، وَقَالَ الْخطابِيّ: وَالْمعْنَى أَنهم بَينا هم فِي حَال طمأنينة وَسُكُون حَتَّى أفزعهم رُؤْيَة الدَّم فارتاعوا لَهُ. قَوْله: (وَفِي الْمَسْجِد خيمة من بني غفار) جملَة مُعْتَرضَة بَين الْفِعْل، أَعنِي: لم يرعهم، وَالْفَاعِل أَعنِي: إِلَّا الدَّم. و: بني غفار بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء وَفِي آخِره رَاء، وَبَنُو غفار: من كنَانَة رَهْط أبي ذَر الْغِفَارِيّ، رَضِي اتعالى عَنهُ، وَهَذِه الْخَيْمَة كَانَت لرقية الْأَنْصَارِيَّة. وَقيل: الأسْلَمِيَّة، وَكَانَت تداوي الْجَرْحى وَتحْتَسب بخدمتها من كَانَت بِهِ ضَيْعَة من الْمُسلمين. قَوْله:(من قبلكُمْ) بِكَسْر الْقَاف، أَي: من جهتكم قَوْله: (يغذو)، بالغين والذال المعجمتين أَي: يسيل، وَهُوَ فعل مضارع من غذا الْعرق نَفسه يغذو غدواً وغذواناً، إِذا سَالَ، وكل مَا سَالَ فقد غذا، والغذوان المسرع. وَقَوله:(جرحه)، مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل: يغذو. وَقَوله: (دَمًا)، نصب على التَّمْيِيز. قَوْله:(مِنْهَا) أَي: من الْجراحَة، وَهَذِه رِوَايَة الْكشميهني وَالْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا:(فَمَاتَ فِيهَا)، أَي: فِي الْخَيْمَة أَو فِي الْجراحَة الَّتِي الْجرْح بمعناها، وَكَانَت جراحته فِي الأكحل، رَمَاه رجل من قُرَيْش يُقَال لَهُ: حبَان بن العرفة، وَهُوَ حبَان ابْن أبي قبيس من بني مغيص بن عَامر بن لؤَي، والعرفة هِيَ أم عبد منَاف، وَاسْمهَا: قربَة بنت سعيد بن سعد بن سهم بن عَمْرو بن هصيص، سميت العرفة لطيب رِيحهَا، فِيمَا ذكره الْكَلْبِيّ. وَقَالَ أَبُو عبيد بن سَلام: العرفة هِيَ أم حبَان، وتكنى: أم فَاطِمَة، قَالَ السُّهيْلي: وَهِي جدة خَدِيجَة أم أمهَا هَالة.
ذكر مَا يستنبط من الْأَحْكَام الأول: اسْتدلَّ بِهِ مَالك وَأحمد على أَن النَّجَاسَات لَيست إِزَالَتهَا بِفَرْض، وَلَو كَانَت