المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   8 - ‌ ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)   أَي: هَذَا كتاب فِي - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب التَّيَمُّم)

- ‌(بابُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاء ولَا تُرَاباً)

- ‌(بابُ التَّيمُّمِ فِي الحَضَرِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الماءَ وَخافَ فَوْتَ الصَّلاة)

- ‌(بَاب المُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا)

- ‌(بابٌ التَّيَمُّمُ لِلْوَجْهِ وَالكفَّيْنِ)

- ‌(بابٌ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ المُسْلِمِ يَكْفِيهِ مِنَ الْماءِ)

- ‌(بَاب إِذَا خافَ الجُنُبُ على نَفْسِهِ المَرَضَ أَوَ المَوْتَ أوْ خَافَ الْعَطَشَ تيمَّم)

- ‌(بابُ التَيَمُّمِ ضَرْبَةً)

- ‌بَاب

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ فُرِضَتِ الصَّلواتُ فِي الإسْراءِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الثِّيَابِ)

- ‌(بابُ عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى القَفَا فِي الصَّلاةِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ فَلْيَجْعَلْ عَلَى عاتِقَيْهِ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ الثَّوْبُ ضَيِّقاً)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي الْجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ)

- ‌(بابُ كرَاهِيَةِ التعرِّي فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِها)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي القَمِيصِ والسَّرَاوِيلِ والتُّبَّانِ والقَبَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يَسْتُرُ مِنَ الْعَوْرَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بغَيْرِ رِدَاءٍ)

- ‌(بابُ مَا يُذْكَرُ فِي الفَخِذِ)

- ‌(بابٌ فِي كَمْ تصَلِّي المَرْأةُ مِنَ الثِّيابِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى فِي ثَوْب لهُ أعْلَامٌ وَنَظَر إِلَى عَلَمِها)

- ‌(بابٌ إنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أوْ تصَاوِيرَ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَمَا يُنْهَى منْ ذَلِكَ

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى فِي فَرُّوجِ حَرِيرٍ ثُمَّ نَزَعَهُ)

- ‌(بابُ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الأحْمَرِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي السُّطُوحِ وَالمِنْبَرِ والخَشَب)

- ‌(بابٌ إذَا أصابَ ثَوْبُ المصَلِّي امْرَأَتَهُ إذَا سَجَدَ)

- ‌(بابُ الصَّلاةِ عَلَى الحَصِيرِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلى الفِرَاشِ)

- ‌(بابٌ السُّجُودِ عَلى الثَّوْبِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي النعالِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي الخِفَافِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُتِم السُّجُودَ)

- ‌(بابٌ يُبْدِي ضَبْعَيْهِ ويُجَافِي فِي السجُودِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)

- ‌(بابُ قِبْلَةِ أهْلِ المَدِينةِ وأهْلِ الشَّأَمِ والمَشْرِقِ لَيْسَ فِي المَشْرِقِ ولَا فِي المَغْرِبِ قِبْلَة)

- ‌(بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى}

- ‌(بابُ التَّوَجُّهِ نَحْوَ القِبْلَةِ حَيْث كانَ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي القِبْلَةِ وَمَنْ لَا يَرَى الإِعادَةَ عَلى منْ سَهَا فَصَلَّى إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ)

- ‌(بابُ حَكِّ البُزَاقِ بِاليَدِ مِنَ المَسْجِدِ)

- ‌(بَاب حَكِّ المُخَاطِ بِالحَصَى مِنَ المَسْجِدِ)

- ‌(بابٌ لَا يَبْصُقْ عنْ يَمِينِهِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ لِيَبْزُقْ عنْ يَسَارِهِ أوْ تحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى)

- ‌(بابُ كَفَّارَةِ البُزَاقِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(حدّثنا آدَمُ قا حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدّثنا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ قَالَ قَالَ النبيُّ (البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وكَفَّارَتُها دَفْنُها)

- ‌(بابُ دَفْنِ النُّخَامَةِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابٌ إِذَا بَدَرَهُ البُزَاقُ فَلْيَأْخُذْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ)

- ‌(بَاب عِظَةِ الإمامِ النَّاسَ فِي إتْمَامِ الصَّلاةِ وذِكْرِ القِبْلَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُقالُ مَسْجِدُ بَنِي فلَانٍ)

- ‌(بابُ الْقِسْمَةِ وتعلْيقِ الْقِنْوِ فِي الْمَسْجِد)

- ‌(بابُ مَنْ دَعا لِطَعَامٍ فى المَسْجِدِ وَمَنْ أجابَ مِنه)

- ‌(بابُ القَضاء واللِّعَانِ فِي المَسْجِدِ بَيْنَ الرِّجال والنِّساء)

- ‌(بابٌ إذَا دَخَلَ بَيْتاً يُصَلِّى حَيْثُ شاءَ أوْ حَيْثُ أمِرَ ولَا يَتَجَسَّسُ)

- ‌(بابُ المَسَاجِدِ فِي البُيُوتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الجَاهِليَّةِ وَيُتَّخَذُ مَكانُهَا مَسَاجِدَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي مَوَاضِعِ الإِبِلِ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَو نارٌ أَو شَيْءٌ مِمَّا يُعْبَد فَأَرَادَ بهِ وَجْهَ الله تَعَالَى)

- ‌(بابُ كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي المَقَابِرِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي مَوَاضِعِ الخَسْفِ وَالعَذَابِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ فِي البِيعَةِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ قوْلِ النَّبيِّ جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً)

- ‌(بابُ نَوْمِ المَرْأةِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ نَوْمِ الرِّجَالِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إذَا قَدِمَ منْ سَفَرٍ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إذَا قَدِمَ منْ سَفَرٍ)

- ‌(بَاب إذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المسْجِدَ فَليرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَن يَجْلِسَ)

- ‌(بابُ الحَدَثِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بُنْيَانِ المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ التَّعَاوُنِ فِي بِنَاءِ المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الأَسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ والصُّنَّاعِ فِي أعْوَادِ المِنْبَرِ وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَنَى مَسْجِداً)

- ‌(بابٌ يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الشِّعْرِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بَاب ذكر البيع وَالشِّرَاء على الْمِنْبَر فِي الْمَسْجِد)

- ‌(بابُ التقاضِي والمُلَازَمَة فيِ المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ كَنْسِ المَسْجِدِ والْتِقَاطِ الخِرَقِ والقَذَى وَالعِيدَانِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ تحْرِيمِ تِجَارَةِ الخَمْرِ فِي المسْجِدِ)

- ‌(بابُ الخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الأَسِيرِ أَو الغَرِيمِ يُرْبَطُ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الإِغْتِسَالِ إِذَا أسْلَمَ وَرَبْطِ الأَسِيرِ أَيْضاً فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الخَيْمَةِ فِي المَسْجِدِ لِلْمَرْضَى وَغَيْرِهِمْ)

- ‌(بابُ إدْخال البَعِيرِ فِي المَسجِدِ لِلْعِلَّةِ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ الخَوْخَةِ وَالمَمَرِّ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ دُخولِ المُشْرِكِ المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الحِلَقِ وَالْجُلُوسِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الاسْتِلْقَاءِ فِي المَسْجِدِ وَمَدِّ الرِّجْلِ)

- ‌(بابُ المَسْجِدِ يَكُونُ فِي الطرِيقِ منْ غَرِ ضَرَرٍ بِالنَّاسِ)

- ‌(بابُ الصلَاةِ فِي مَسْجِدِ السُّوقِ)

- ‌(بَاب تَشْبِيكِ الأصَابِعِ فِي المَسْجِدِ وغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ المَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى طُرُقِ المَدِينَةِ وَالمَوِاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيها النبيُّ)

- ‌(بابٌ سُتْرَةُ الإِمامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بابُ قَدْرِ كِمْ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بابُ الصَلَاةِ إلَى الحَرْبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إِلَى العَنَزَةِ)

- ‌(بابُ السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وغَيْرِها)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إلىَ الاسطُوَانَةِ

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فَي غَيْرِ جَمَاعَةٍ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ والبَعَيرِ والشَّجَرِ والرَّحْلِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ إِلَى السَّرِيرِ)

- ‌(بابٌ يِرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ إثْمِ المَارِ بَيْنَ يَدَيِ المصَلِّي)

- ‌(بابُ اسْتِقْبالِ الرَّجُلِ وَهُوَ يُصَلِّي)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ منْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ)

- ‌(بابٌ منْ حَمَلَ جَارِيَةً صَغِيرَةً على عُنقِهِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى إلَى فِرَاشٍ فِيهِ حائِضٌ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ السُّجُودِ لِكَيْ يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المَرْأة تَطْرَحُ عَنِ المُصَلّى شَيْئاً مِنَ الأَذَى)

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم   8 - ‌ ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)   أَي: هَذَا كتاب فِي

بسم الله الرحمن الرحيم

8 -

(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الصَّلَاة، وارتفع: كتاب، على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف كَمَا قدرناه، وَيجوز أَن يكون مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر، أَي: كتاب الصَّلَاة هَذَا، وَيجوز أَن ينْتَصب على تَقْدِير خُذ كتاب الصَّلَاة، وَقد مضى تَفْسِير الْكتاب مرّة. وَلما فرغ من بَيَان الطَّهَارَة الَّتِي مِنْهَا شُرُوط الصَّلَاة، شرع فِي بَيَان الصَّلَاة الَّتِي هِيَ الْمَشْرُوطَة. فَلذَلِك أَخّرهَا عَن الطهارات، لِأَن شَرط الشَّيْء يسْبقهُ، وَحكمه يعقبه، ثمَّ معنى الصَّلَاة فِي اللُّغَة الْغَالِبَة الدُّعَاء. قَالَ تَعَالَى:{وصل عَلَيْهِم} (:) أَي: ادْع لَهُم. وَفِي الحَدِيث، فِي إِجَابَة الدعْوَة:(وَإِن كَانَ صَائِما فَليصل) أَي: فَليدع لَهُم بِالْخَيرِ وَالْبركَة. وَقيل: هِيَ مُشْتَقَّة من: صليت الْعود على النَّار: إِذا قومته. قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا بَاطِل، لِأَن لَام، الْكَلِمَة فِي: الصَّلَاة: وَاو، بِدَلِيل الصَّلَوَات، وَفِي: صليت: فَكيف يَصح الِاشْتِقَاق مَعَ اخْتِلَاف الْحُرُوف الْأَصْلِيَّة؟

قلت: دَعْوَاهُ بِالْبُطْلَانِ غير صَحِيحَة، لِأَن اشْتِرَاط اتِّفَاق الْحُرُوف الْأَصْلِيَّة فِي الِاشْتِقَاق الصَّغِير دون الْكَبِير والأكبر، فَإِن قلت: لَو كَانَت واوية كَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَال: صلوت، وَلم يقل ذَلِك. قلت: هَذَا لَا يَنْفِي أَن تكون واوية لأَنهم يقلبون: الْوَاو يَاء إِذا وَقعت رَابِعَة. وَقيل؛ الصَّلَاة مُشْتَقَّة من: الصلوين، تَثْنِيَة: الصلا، وَهُوَ مَا عَن يَمِين الذَّنب وشماله، قَالَه الْجَوْهَرِي. قلت: هما العظمان الناتئان عِنْد العجيزة، وَذَلِكَ لِأَن الْمُصَلِّي يُحَرك صلويه فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود. وَقيل: مُشْتَقَّة من الْمصلى، وَهُوَ الْفرس الثَّانِي من خيل السباق، لِأَن رَأسه تلِي صلوي السَّابِق. وَقيل: أَصْلهَا من التَّعْظِيم، وَسميت الْعِبَادَة الْمَخْصُوصَة: صَلَاة، لما فِيهَا من تَعْظِيم الرب. وَقيل: من الرَّحْمَة، وَقيل: من التَّقَرُّب، من قَوْلهم: شَاة مصلية، وَهِي الَّتِي قربت إِلَى النَّار. وَقيل: من اللُّزُوم، قَالَ الزّجاج: يُقَال: صلى واصطلى: إِذا لزم. وَقيل: هِيَ الإقبال على الشَّيْء. وَأنكر غير وَاحِد بعض هَذِه الاشتقاقات لاخْتِلَاف لَام الْكَلِمَة فِي بعض هَذِه الْأَقْوَال، فَلَا يَصح الِاشْتِقَاق مَعَ اخْتِلَاف الْحُرُوف. قلت: قد أجبنا الْآن عَن ذَلِك. وَأما مَعْنَاهَا الشَّرْعِيّ: فَهِيَ عبارَة عَن الْأَركان الْمَعْهُودَة وَالْأَفْعَال الْمَخْصُوصَة.

وَقد ذكر بَعضهم وَجه الْمُنَاسبَة بَين أَبْوَاب كتاب الصَّلَاة، وَهِي تزيد على عشْرين نوعا فِي هَذَا الْموضع، ثمَّ قَالَ: آخر مَا ظهر من مُنَاسبَة تَرْتِيب كتاب الصَّلَاة فِي هَذَا الْجَامِع الصَّحِيح، وَلم يتَعَرَّض أحد من الشُّرَّاح لذَلِك. قلت: نَحن نذْكر وَجه الْمُنَاسبَة بَين كل بَابَيْنِ من هَذِه الْأَبْوَاب بِمَا يفوق ذَلِك على ماذكره، يظْهر ذَلِك عِنْد الْمُقَابلَة، وَذكرهَا فِي موضعهَا أنسب وأوقع فِي الذِّهْن وَأقرب إِلَى الصَّوَاب، وبا التَّوْفِيق.

1 -

(بابُ كَيْفَ فُرِضَتِ الصَّلواتُ فِي الإسْراءِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَيْفيَّة فَرضِيَّة الصَّلَاة فِي لَيْلَة الْإِسْرَاء، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني وَالْمُسْتَمْلِي:(كَيفَ فرضت الصَّلَوَات) ، بِالْجمعِ، وَاخْتلفُوا فِي الْمِعْرَاج والإسراء هَل كَانَا فِي لَيْلَة وَاحِدَة أَو فِي لَيْلَتَيْنِ؟ وَهل كَانَا جَمِيعًا فِي الْيَقَظَة أَو فِي الْمَنَام؟ أَو أَحدهمَا فِي الْيَقَظَة وَالْآخر فِي الْمَنَام؟ فَقيل: إِن الْإِسْرَاء كَانَ مرَّتَيْنِ: مرّة بِرُوحِهِ مناماً، وَمرَّة بِرُوحِهِ وبدنه يقظة. وَمِنْهُم من يَدعِي تعدد الْإِسْرَاء فِي الْيَقَظَة أَيْضا، حَتَّى قَالَ: إِنَّه أَربع إسراآت، وَزعم بَعضهم أَن بَعْضهَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ، ووفق أَبُو شامة فِي رِوَايَات حَدِيث الْإِسْرَاء بِالْجمعِ بالتعدد، فَجعل ثَلَاث إسراآت مرّة من مَكَّة إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَقَط على الْبراق، وَمرَّة من مَكَّة إِلَى السَّمَوَات على الْبراق أَيْضا. وَمرَّة من مَكَّة إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ إِلَى السَّمَوَات. وَجُمْهُور السّلف وَالْخلف على الْإِسْرَاء كَانَ بِبدنِهِ وروحه. وَأما من مَكَّة إِلَى بَيت الْمُقَدّس فبنص الْقُرْآن، وَكَانَ فِي السّنة الثَّانِيَة عشرَة من النُّبُوَّة؛ وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن الزُّهْرِيّ أه أسرِي بِهِ قبل خُرُوجه إِلَى الْمَدِينَة بِسنة، وَعَن السّديّ قبل مهاجرته بِسِتَّة عشر شهرا، فعلى قَوْله يكون الْإِسْرَاء فِي شهر ذِي الْقعدَة، وعَلى قَول الزُّهْرِيّ: يكون فِي ربيع الأول. وَقيل: كَانَ الْإِسْرَاء لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من رَجَب، وَقد اخْتَارَهُ الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ بن سرو الْمَقْدِسِي فِي سيرته، وَمِنْهُم من يزْعم أَنه كَانَ فِي أول لَيْلَة جُمُعَة من شهر رَجَب، وَهِي لَيْلَة الرغائب الَّتِي أحدثت فِيهَا الصَّلَاة الْمَشْهُورَة، وَلَا أصل لَهَا، ثمَّ قيل: كَانَ قبل موت أبي طَالب. وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ أَنه كَانَ بعد مَوته فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة للنبوة،

ص: 39